تاريخ الصيدلة في بلاد الرافدين

كلدانية

مشرف
مشرف
إنضم
1 نوفمبر 2010
المشاركات
64,067
مستوى التفاعل
5,425
النقاط
113
580

اشتهرت حضارات وادي الرافدين بالعلوم الطبية، حيث يعتبر الصيادلة العراقيون أول من اشتغل في تحضير الأدوية والعقاقير، فضلا عن الأدوية المركبة الجديدة.
كما أنهم أول من قاموا بإعداد وتأليف دستور للأدوية، وظلوا يعتمدون عليه في البيمارستانات ودكاكين الصيدلة، كذلك هم أول من أنشأ حوانيت للصيدلة، ومن الشواهد على ذلك أسماء العقاقير التي أخذتها الحضارة الغربية عنهم، ولا تزال عندهم بأسمائها العربية والفارسية والهندية.

ولذلك فلا عجب أن يصبح الطب مدينا لصيادلة حضارة وادي الرافدين بفن الصيدلة، ومنها الكثير من المستحضرات التي لا تزال تستعمل كالأشربة واللعوق واللزقات والمراهم والمياه المقطرة. وفي نفس الوقت مدين للعراق مهد الحضارات بعقاقير كالتمر الهندي والقرمز والكافور والكحول.
الحضارة السومرية
لقد توّلى طبيب سومري مجهول الاسم، نهاية الألف الثالث قبل الميلاد، جمع وتدوين أغلى وصفاته الطبية في أول دستور للأدوية (فارماكوبيا) في العالم، لغرض فائدة طلبته وزملائه، وهيأ لذلك لوحا من الطين قياسه 9.5X 15.9 سم ونقش عليه بالخط المسماري اثنتي عشرة وصفة طبية من الأدوية المفضّلة لديه، حيث تعتبر هذه الوثيقة الطينية أقدم كتاب موجز في الطب معروف لدى الإنسان.

وقد بقي مطمورا في آثار نفّر طوال أكثر من أربعة آلاف سنة حتى عثرت عليه بعثة التنقيب الأميركية، وجاءت به إلى متحف الجامعة في فيلادلفيا.
واعتمدت تلك الوصفات على المصادر النباتية والحيوانية والمعدنية في تهيئة وتحضير العقاقير الطبية، وكان من بين المعدنيات المفضلة لديه ملح الطعام وكلوريد البوتاسيوم.
ومن المملكة الحيوانية استعمل اللبن وجلد الحيّات وصدف السلحفاة، وأما من عالم النبات فقد استخدم الثّاء والآس والزعتر وغيرها كثير، كما ساهمت مجموعة الأشجار مثل الصفصاف والكمثرى والتين والتمر، حيث استخدمت موادها من البذور والفروع والصموغ لتحضير الأدوية.
والأدوية التي ذكرت في الوصفات الطبية في اللوح الطيني كانت على شكلين إما بهيئة مراهم أو مقطرات تستعمل خارجيا أو داخليا بشكل سوائل.
وكانت الطريقة المألوفة لتحضير المراهم هي أن يسحق عقار واحد أو أكثر ثم يخلط المسحوق في نوع من النقوع المسمى كوشما، ويضاف إليه زيت الشجر الاعتيادي وزيت شجر الأرز.
وفي إحدى الوصفات كان مسحوق طين النهر هو أكثر العقاقير المستعملة في الوصفة العلاجية.
وقد استعملت طريقة أخرى أكثر تعقيدا، وهي التقطير لتحضير الأدوية، ولذلك ذكرت معها الإرشادات في كيفية استعمالها للتداوي.
كما أنّ هناك طريقة أخرى لإعداد الدواء، وذلك بإضافة المواد الطبية إلى الماء المغلي والأملاح، ثم تفصل المواد العضوية بطريقة الترشيح بالرغم من عدم ذكرها نصا.
وتتم معالجة الجزء المريض من الجسم بالدواء المقطر أو الرش أو الغسل، ويعقب ذلك دلكه بالزيت ثمّ يوضع عليه الدواء المطلوب إن كان واحدا أو أكثر.
ويستفاد مما ورد بأن طرق تركيب الأدوية ودساتيرها في العهد السومري قد بلغت مرحلة متقدمة من التطور، كما عبّرت عن معرفة واسعة بالطرق الكيميائية لتحضير الأدوية، حيث ذكرت في عدد منها الإرشادات بلزوم تنقية المواد الغريبة الداخلة في الدواء قبل السحق.
الطبيب السومري قد أخفى قصدا تفاصيل المقادير ربما حفظا لأسراره، ومن أن يمنع استخدامها أحد من غير أهل المهنة وأنه من المستطاع معرفة مقاديرها أثناء التجربة عند تحضير الأدوية
"
وغفلت تلك الوصفات الطبية تعيين المقادير المراد استعمالها في تركيب العقاقير الطبية، ولربما يعود السبب إلى أنّ الطبيب السومري قد أخفى قصدا تفاصيل المقادير حفظا لأسراره، من أن يمنع استخدامها أحد من غير أهل المهن الطبية، وأنه من المستطاع معرفة مقاديرها أثناء التجربة عند تحضير الأدوية.

كذلك لم تنص تلك الوصفات على تسمية الأمراض التي وضعت من أجلها، ولذلك كان من الصعب الحكم على نتائجها.
الحضارة البابلية
لقد تطورت المفاهيم العلمية أثناء العصر البابلي، حيث عثر علماء الآثار على عدد كبير من الوثائق الطبية وهي منقوشة على ألواح طينية ومكتوبة بالحروف المسمارية.

وقد اشتملت هذه الوثائق على ثلاثة أقسام من البيانات:
الأولى: قوائم من الأعشاب الطبية، وتحتوي هذه المجموعة على نصوص ذات شأن كبير في دراسة الطب البابلي، وهي مرتّبة على ثلاثة أعمدة، في الأول اسم العشب، والثاني اسم المريض الذي يعالج بهذا العشب، والثالث طريقة استعماله. والملاحظة المهمة في هذا النص هي أنّ الأمراض كانت من الناحية الفسيولوجية السريرية وليست ظاهرة سحرية.
الثانية: مجموعة من الوصفات العلاجية المختلفة، مرتبّة حسب الجزء المريض من الجسم، وهي أيضا مرتبة على ثلاثة أقسام أساسية:
•سرد أعراض المرض وأحيانا تشخيصه.
•الأدوية التي يجب استعمالها وطريقة تحضيرها وإعطائها للمريض.


المصدر : منظمة المجتمع العلمي العربي
 
أعلى