الله والظروف

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
191
النقاط
63
جاء في الانجيل المقدس :
وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا، رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَوْتَهَا مِنَ الْجَمْعِ وَقَالَتْ لَهُ: «طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذِي حَمَلَكَ وَالثَّدْيَيْنِ اللَّذَيْنِ رَضِعْتَهُمَا». أَمَّا هُوَ فَقَالَ: «بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ». ( لوقا 11 : 27 - 28 )

تمر على حياتنا لحظات كثيرة غير منطقية، الا اننا نادرًا ما نتمسّك بها. إذ نحاول التمسّك بما نفهمه فلا نخلط الامور على انفسنا. ولكن، نعرف ان مثل هذه اللحظات حقيقية وقد اختبرنا العديد منها. لحظات شعورك بأن الله قريب منك بالرغم من ابتعاد واقع الحياة عن مقاصدك وهجر الآخرين. لحظات تعرف فيها انك تملك كل شيء، لكن هناك شيء مفقود لا تستطيع ادراكه او التعبير عنه او وصفه. لحظات تشعر فيها انك فوق قمة جبل ولكنك في وادي في نفس الوقت؛ او تكون فعلًا في وادي لكنك تشعر انك مكتفي وعلى قمة جبل... ما هذه اللحظات؟ ولماذا تحدث؟ هو سؤال مهم، لأنه عندما يهدأ ضجيج الحياة فهذا هو السؤال الذي يبرز.
كثيرًا ما يقيس الانسان وضعه على اساس ظروفه. فالظروف بالنسبة لنا هي المرآة التي نرى بها حقيقتنا. فإن كانت الظروف جيدة، فنحن مكتفون، والعكس. لكن في الواقع ان هذه هي مرآة مزيفة لأنها لا تنقل لنا صورة حقيقية. فنحن اكثر من مجرد جسد ونفس لكي نقيس حالتنا بناءً على الظروف. كثيرين (ولعلّك منهم) هم من تحججوا بالله لتغيير ظروف حياتهم، سواء كسفر، او ارتباط، او عمل...الخ ومع ان الانسان مدعو لحياة جيّدة، إلا ان وهم الظروف ليس هو كل المقياس. ففي اللحظات التي كنت تشعر وكأنك في قعر المحيط، كان صوت الرجاء في داخلك ينادي بقوة أن لا تيأس. وفي اللحظات التي امتلكت فيها الكون سقطت، لأنك فقدت نفسك. وفي لحظات الحٌب الشديد جٌرحت، وفي لحظات الجُرح الشديد تداويت. فالله الذي كان له دور العامل الصامت وراء الكواليس هو العنصر المفقود في تفكيرك. هذا العنصر لا يعتمد على الظروف، ولا على الاوقات ولا على الخبرات ولا على العلاقات. فاتصل به: لحظة الضعف من اجل القوة، ولحظة القوة من اجل الحكمة، ولحظة الحكمة من اجل المحبة والخير. واستبدل المرآة، لا تكُن الظروف، وانما موقعك في الحياة وهدفك وما تعمل لأجله - هذه هي الصورة التي يجب ان تقارن نفسك وفقها، ساعيًا بصورة جانبية الى تحسين الظروف.


25299206_1747157005358585_1639800809851603056_n.jpg
 
أعلى