الخطيئة

إنضم
21 مارس 2008
المشاركات
7,800
مستوى التفاعل
770
النقاط
113
الإقامة
عائدٌ من القبر
الخطيئة

عندما يوصي الأب ولده بأن لا يقدم على عمل يضر بصحته، وإذا أقدم الولد على هذا العمل، يكون قد خالف والده، ولكنه يكون في الدرجة الأولى أضر بصحته. فالأب لا يفرض على ابنه فروضاً لكي يقيده بها ويضايقه، إنما يملي عليه الوصية لكي يحفظ صحته الغالية عليه – ولأنه أعلم من الابن في أمر صحته.

هكذا أمر الخطيئة فعندما يوصينا الله الآب بأن لا نقتل ولا نسرق ولا نزني هو لا يريد أن يفرض علينا فروضاً يقيدنا بها ويضايقنا، إنما يريد أن يحفظنا من الشرير – لأنه، المجد لأسمه، أعلم منا في أمر خيرنا.


وعندما يخالف الابن وصية أبيه، فيتضرر بصحته ويمرض ويتألم ، لا يجازيه أبوه فوق الشر شراً، إنما يكون جزاؤه المرض نفسه والألم نفسه الذي أصابه...هكذا أمر الخطيئة، فعندما نخالف الله في وصاياه، فنتضرر ونفسد ونتعذب، لا يجازينا الله فوق الشر شراً، إنما يكون جزاؤنا الفساد نفسه والعذاب نفسه الذي تولانا من أمر الخطيئة ونكون قد أجدنا لأنفسنا بأنفسنا شيئاً من جهنم.


غير أنه لما يخالف الابن وصية أبيه، لا يعود يفكر بصحته وبغاية الوصية، إنما يذكر الوصية كوصية، كأن لا غاية من ورائها، ويتساءل هل أخالفها وكيف أخالفها ولماذا لا أخالفها؟ فيذكر المخالفة وينسى صحته. وهكذا أمر الخطيئة. فعندما نخطئ إلى الله أبينا، لا نعود نفكر بالسلام الذي أراده الله لنا من وراء وصيته، إنما نذكر الوصية كوصية، كأن لا غاية لها ولا معنى فنتساءل هل نخالفها وكيف نخالفها ولماذا لا نخالفها؟ والمخالفة هنا سموها خطيئة، فنذكر الخطيئة وننسى سلامنا وحياتنا.


وهكذا فقد اتخذت فكرة الخطيئة هذه الأهمية في تفكيرنا، وغدونا إذا ذكرنا عملاً ما لنعمله، نفكر هل هو خطيئة أم لا، وربما لا يكون خطيئة حتى نفعله ، كأن الخطيئة مقياس العالم واصله وأساسه، وكأن لا شيء هنالك فوق الخطيئة و لا مقياس ولا أساس أثبت منها وأتم وأكثر دواماً.


لا أبداً، الخطيئة ليست أساساً. فقبل خطيئة آدم لم يكن الإنسان يعرف الخطيئة، إنما كان يعيش مع إلهه بسلام. ولولا خطيئة آدم، لما عرفنا الخطيئة. فالخطيئة جاءت عرضاً،"صدفة" إذا أمكن القول، لأن الله تعالى لم يخلق الإنسان للخطيئة. الخطيئة بالنسبة للحياة مثل " بين هلالين" في جملة تامة المعنى بحد ذاتها.. وقد افتتح هذه "البين هلالين" آدم بخطيئته الأولى، خطيئة العصيان والابتعاد عن الله. لكن الله تعالى أراد منذ ذلك الحين أن يعيد الإنسان إليه ويختتم " البين الهلالين"، وقد اختتما فعلاً لمن يريد من البشر (من أراد أن يتبعني) بنزول السيد المسيح على الأرض، الذي علمنا وفدانا وأعطانا نعمة نتخطى بها الخطيئة.


فالخطيئة إذن ما هي إلا شيء طارئ عرضي، شيء مؤقت يزول، شيء ثانوي ليس له أهمية أصلية ولا وجود أصلي، فلا نبنين حياتنا ونظرتنا إلى المسيحية على فكرة الخطيئة، فكرة خاطئة سلبية، فكرة القيد والضغط والعقوبة، في حين أن الله محبة ورحمة وفداء.


عن نشرة "الكلمة" التي تصدرها كنيسة رؤساء الملائكة بالقاهرة - الظاهر
 

حبو اعدائكم

حبو...
عضو مبارك
إنضم
9 أكتوبر 2011
المشاركات
14,191
مستوى التفاعل
4,782
النقاط
113
الإقامة
مصر
اشكرك على النقل و المجهود
اشكرك على الموضوع الرب يباركك
 
أعلى