العدل الإلهي

إنضم
21 مارس 2008
المشاركات
7,800
مستوى التفاعل
770
النقاط
113
الإقامة
عائدٌ من القبر
ما هو العدل الإلهي
وهل العدل الإلهي مطبق علي الارض علي جميع البشرية من ادم الي نهاية العالم
ام هو في السماء فقط
 

عابد يهوه

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
10 ديسمبر 2008
المشاركات
1,283
مستوى التفاعل
157
النقاط
63
بمناسبة العدل الالهي .. هناك ملايين البشر الذين تم اذلالهم وقهرهم وظلموا على الارض وهم لا يؤمنون بالمسيح ومن لا يؤمن بالمسيح مصيره الهلاك فكيف سياخذون حقهم في الاخره ويتحقق العدل الالهي اذ هم مصيرهم الجحيم لعدم ايمانهم ؟

هل فقدوا حقهم في الدنيا وفقدوا حقهم في الاخره ؟!
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,645
مستوى التفاعل
3,556
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور

مقدمة:
لو حاولنا أن نفهم عدل الله من خلال عدل البشر لاستحال علينا فهمه.
ولو تكلمنا عن محبة الله من خلال مفهومنا للمحبة البشرية الساقطة لاستحال علينا أيضا فهمها...
هذا كلام أقوله من خلال خبرتي الشخصية و ليس نقلا عن أحد، لأني أشعر بكل كياني بعظمة محبة الله للبشر أجمع.

من هذا المنطلق أقول أفكاري أن العدل الإلهي يكمن في محبته، و كلاهما -محبته و عدله- يصعب على العقل البشري الساقط و البعيد عن نعمة الرب أن يَسبر غورهما.

محبة الله للإنسان و عدله صورتان لعملة واحدة أُشبهها بالديمقراطية التي يتكلم عنها البشر و يطمحون في تحقيقها دون الوصول اليها بالشكل الكامل. مثلاً:

بلد يتمتع بالديموقراطية، حيث فيه الحرية متاحة للجميع، و محبة الحكومة لكل الأفراد مُمَثلة في فرص التعليم و الرعاية الصحية من أجل الحياة بكرامة للجميع بدون شرط. و مع ذلك لم تختفِ الجريمة كلياً فيه، و لا زلنا نرى المدمنين على المخدرات ينامون في شوارعها، والكسالى يهربون من التعليم و يريدون الكسب غير المشروع من غير تعب، فهل نلوم الحكومة، أم نلوم أفراد هذا المجتمع الذين أساؤوا استعمال حريتهم؟

هذا هو حالنا مع الله. نلومه على أخطائنا و زلاتنا و جرائمنا و القتل الذي يحصد أبرياء، سواء بسبب الحروب البغيضة عن الرب، أو الحسد عن الأفراد، و نلومه أيضا على ضحايا حوادث السير الناتجة عن اهمال السواقين أو المشاة، وغيرها و غيرها. كل هذا، و لا نلوم أنفسنا على اساءتنا للحرية التي وهبها لنا الله. هذه الحرية التي تمثل الديموقراطية الحقة. [بنطري]
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,645
مستوى التفاعل
3,556
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
وهل العدل الإلهي مطبق علي الارض علي جميع البشرية من ادم الي نهاية العالم
ام هو في السماء فقط

شخصياً، لا أفصل أو أُميز بين السماء والأرض، لأني أرى أن السماء و الأرض و كلما يُرى و ما لا يُرى هو ملكوت الله و عدله على الكل و على الجميع.

عدل الله أُعلِنَ لنا في الكتاب المقدس في سفر التكوين عندما أحب الله الإنسان الأول و من أجله خلق كل شيء و جعله سلطانا على كل المخلوقات. عامله برِفعة ممتازة إذ ميزه بإرادة حرة. ماذا فعل الإنسان بهذه المكانة الرفيعة و امتيازاتها؟ اساء استعمالها و خسر بسبب إساءة استعمال حريته كل المزايا التي كان متمتعاً بها، و على رأسها العيش مع خالقه بدون وجود الموت، و كانت النتيجة الانفصال عن الخالق مصدر الحياة، و بالتالي لحقه الشقاء و الموت.

و لأن عدل الله يكمن في محبته، كما قلت في مشاركتي السابقة، نرى أن محبته لم تتوقف عند سقوط الإنسان بل استمرت في وعده له (وعد الله للإنسان) بالخلاص. هذا الوعد الذي تم بالمسيح في ملئ الزمان... جاء المسيح و مشى بيننا و كلمنا عن الملكوت و أعلنها بكل وضوح أنه نور العالم و أنه الطريق و الحق و الحياة، و أن لا وصول الى الآب إلا بالابن، و أن من يؤمن به يخلص و من لا يؤمن لا يخلص. مات من أجلنا لكي يغلب الموت بالنيابة عنا فصار الموت لنا معبراً للحياة الأبدية. يا لها من محبة لا تُدرك.... و مع كل ذلك ظل الله كما هو بدون تغيير في محبته التي لا تفرض نفسها، إذ نسمع المسيح يقول: "من أراد أن يتبعني فلينكر نفسه ويتبعني"
... "من أراد" - يعني مش غصب عنكم... يا لها من محبة! لم يفرض علينا قبولنا له، كما أنه لم يفرض على الإنسان الأول طاعته بعدم الأكل من "شجرة معرفة الخير و الشر"، و لكن في كلا الحالتين و في منتهى العدل الإلهي، بَيَّنَ الرب للإنسان نتيجة أو عاقبة الاختيار.

كل ما يحدث، إذن، على الأرض من إساءة الى بعضنا البعض هو منا و ليس من الله المحب العادل. كما أن كل عمل صالح نقوم به تجاه بعضنا البعض هو بسبب استعمال حريتنا للعيش و العمل وفقاً لوصاياه في المحبة. فتصور لو العالم كله أحب عملاً بوصية الله.

 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,645
مستوى التفاعل
3,556
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
بمناسبة العدل الالهي .. هناك ملايين البشر الذين تم اذلالهم وقهرهم وظلموا على الارض وهم لا يؤمنون بالمسيح ومن لا يؤمن بالمسيح مصيره الهلاك فكيف سياخذون حقهم في الاخره ويتحقق العدل الالهي اذ هم مصيرهم الجحيم لعدم ايمانهم ؟

هل فقدوا حقهم في الدنيا وفقدوا حقهم في الاخره ؟!


هل تعتقد أننا نحن البشر أكثر محبة و عدلاً لهؤلاء الملايين من البشر.

الأولى بنا أن نشغل بالنا بمصيرنا لأننا مسؤولين عنه. في أيدينا ربح الملكوت أو خسارته. و لندع مصير هؤلاء للرب المحب للبشر و العادل في أحكامه.
 
إنضم
21 مارس 2008
المشاركات
7,800
مستوى التفاعل
770
النقاط
113
الإقامة
عائدٌ من القبر
امي العزيزة أمة
انا اتسائل علي شخص يولد معوق
او شخص يولد في مدينه كلها ظلم كسدوم
او شخص يقتل بدون اي ذنب
شخص يولد غني ولا أمراض
شخص يولد بوذي او آخر
كل هذا والإنسان حر مع العدل كيف؟
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,645
مستوى التفاعل
3,556
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
ممكن ارد على كل اسئلتك بقصة مختلفة تخليك تقول: فعلا الرب عادل. بس مش دلؤتي بسبب ان الوقت عندي متأخر ليلا.

أعطيك نفس النصيحة اللي دايما نعطيها للسائلين عن المسيحية بجد... وجه سؤالك مباشرة الى الرب، و من كل قلبك... وشوف.
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,645
مستوى التفاعل
3,556
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
الغالي اوريجانوس.

ليس صدفة، بل ترتيب رباني، أن أرى مقالا، عن العدل الإلهي، قد نزل قبل ساعات قليلة فقط في صفحة الفيسبوك : "كلمات من نور لخلاص نفسك", يسرني أن أنقله اليك لعلك تجد فيه من التوضيح ما غاب في ردودي السابقة.

بداية المقال:

ما هو مفهوم العدل الإلهي في الفكر الأرثوذكسي؟
مفهوم العدل الإلهي عميق جداً, وشرحه يختلف جذرياً ما بين الشرق والغرب. فاللاهوت الغربي يُعلّم أن عدل الله هو عقابه ودينونته, بينما اللاهوت الأرثوذكسي يرى أن عدله هو صلاحه ومحبته.

حين نسمع كلمة العدل الإلهي, يتبادر إلى ذهننا فوراً العقوبة أو الدينونة. لأننا نربط العدل الإلهي بالعدل البشري الأرضي. فكما نعلم فإن العدل الأرضي يعني عين بعين وسن بسن. كل من يرتكب مخالفة يُعاقب عليها. هذا مفهوم العدل لدينا, ومن يرتكب مخالفة ولا يُعاقب نقول "ليس هناك عدل بأن لا يُعاقب مثل هذا".

لذلك يرى كثيرون من المُتأثرين بفكر أغسطينوس وأنسلموس وغيرهم من روّاد الفكر الغربي، أن العدالة الإلهيه هي الدينونة والعقاب، مشبّهين إياها بالمفهوم الأرضي. مما قادهم للخروج بنظرية "العدل والرحمة" في شرحهم لعقيدة الفداء قائلين: "كان يجب أن يُصلب المسيح لكي يُصالح عدل الله مع رحمته". فالعدل يُريد العقوبة, والرحمة تريد الغفران. فهذه المعضلة في الله لا تُحل إلّا بالصليب! وكأنّ الله إذا رحم الانسان تكون عدالته قد انتقصت, أو إذا طبّق عدله في الانسان تكون رحمته قد انتقصت. فأتى المسيح وصُلب ليحل هذه المعضلة!

لكن إذا نظرنا إلى الكتاب المقدس وتعليم الآباء القديسيين نرى لعدل الله مفهوماً آخراً غير ذلك الذي للعدل البشري. وأطرح بعض الأمثلة:

١- يقول داوود: "عَلَيْكَ يَا رَبُّ تَوَكَّلْتُ. لاَ تَدَعْنِي أَخْزَى مَدَى الدَّهْرِ. بِعَدْلِكَ نَجِّنِي" (مز١:٣١-٢). لم يقل "بعدلك عاقبني" بل "بعدلك نجّني", وهو بعد ذلك يصرخ "عِنْدَ كُلِّ أَعْدَائِي صِرْتُ عَارًا.. نَجِّنِي مِنْ يَدِ أَعْدَائِي.. خَلِّصْنِي بِرَحْمَتِكَ" (مز١١:٣١-١٦). فهل حدث تصادم بين عدل الله ورحمته؟ الجواب بكل تأكيد لا.
"بِعَدْلِكَ تُخْرِجُ مِنَ الضِّيقْ نَفْسِي، وَبِرَحْمَتِكَ تَسْتَأْصِلُ أَعْدَائِي" (مز١١:١٤٣-١٢).

نرى هنا بوضوح أن الله يرفع الضيق عن المسكين من أجل أمانته وعدله دون أن يدخل في صراع داخلي مع صفاته الإلهية.

٢- عدل الراعي الصالح, وهو أحد أناشيد الخلاص في (حز٧:٣٤-١٦) "إِنَّ غَنَمِي صَارَتْ غَنِيمَةً .. مَأْكَلاً لِكُلِّ وَحْشِ الْحَقْلِ .. ولكن الراعي الصالح الله سوف يسترد القطيع ويأت بها إلى المراعي الخضراء, ولذلك يقول الله: "أَرْعَى غَنَمِي وَأُرْبِضُهَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. وَأَطْلُبُ الضَّالَّ، وَأَسْتَرِدُّ الْمَطْرُودَ، وَأَجْبِرُ الْكَسِيرَ، وَأَعْصِبُ الْجَرِيحَ، وَأُبِيدُ السَّمِينَ وَالْقَوِيَّ، وَأَرْعَاهَا بِعَدْل" (حز١٥:٣٤-١٦). هذا هو عدل الخلاص.

٣- أيضاً العدل يكتشفه الإنسان عندما يحفظ وصايا الله, يقول المزمور: "عَلِّمْنِي يَا رَبُّ طَرِيقَ فَرَائِضِكَ... هأَنَذَا قَدِ اشْتَهَيْتُ وَصَايَاكَ. بِعَدْلِكَ أَحْيِنِي" (مز٣٣:١١٩-٤٠). لم يقل بعدلك عاقبني.
٤- عدل يستجيب صلاة المتضايق وهو في مزمور١:١٤٣-١١ولكن لاحظ تداخل العدل مع الأمانة: "يَا رَبُّ، اسْمَعْ صَلاَتِي، وَأَصْغِ إِلَى تَضَرُّعَاتِي. بِأَمَانَتِكَ اسْتَجِبْ لِي، بِعَدْلِكَ" (مز١:١٤٣), ثم "بِعَدْلِكَ تُخْرِجُ مِنَ الضِّيقْ نَفْسِي" (مز١١:١٤٣).

٥- وعندما يحتمي الإنسان بعدل الله نفسه يجد الرحمة والأمانة, لأن الله كما يقول اشعياء "يَقْضِي بِالْعَدْلِ لِلْمَسَاكِينِ" (إش٤:١١).

٦- الرب يسوع المسيح والعدل الإلهي:

• مثل أصحاب الساعة الحادية عشر (مت١:٢٠-١٦) :
في هذا المثل يعطي صاحب الحقل لكل العاملين أجرة واحدة, مهما كانت مدة خدمتهم في الحقل. هل هذا عدل؟! ولكن يحاوره الإنسان, بحسب عدله البشري, في شخص أحد العاملين, الذي لم يستسغ عدالة صاحب الكرم, لأنها لا تتفق مع عدالة البشر "هؤُلاَءِ الآخِرُونَ عَمِلُوا سَاعَةً وَاحِدَةً، وَقَدْ سَاوَيْتَهُمْ بِنَا نَحْنُ الَّذِينَ احْتَمَلْنَا ثِقَلَ النَّهَارِ وَالْحَرَّ! فَأجَابَ وَقَالَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ: يَا صَاحِبُ، مَا ظَلَمْتُكَ! أَمَا اتَّفَقْتَ مَعِي عَلَى دِينَارٍ؟ فَخُذِ الَّذِي لَكَ وَاذْهَبْ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَ هذَا الأَخِيرَ مِثْلَكَ. أَوَ مَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَفْعَلَ مَا أُرِيدُ بِمَا لِي؟ أَمْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةٌ لأَنِّي أَنَا صَالِحٌ؟ (مت١٢:٢٠-١٥). يظهر جلياً من هذا المثل أن عدالة الله هي صلاحه, وعطاءه للكل بحسب غناه. ولكن عدل البشر لا يدرك في الصلاح عدلاً! وذلك لأن الصلاح يهز ذات الإنسان ويطالبه بالبذل المماثل.

• المغفرة المجانية (مت١٨):
في حديث مع بطرس والتلاميذ سأل بطرس: "يَارَبُّ، كَمْ مَرَّةً يُخْطِئُ إِلَيَّ أَخِي وَأَنَا أَغْفِرُ لَهُ؟ هَلْ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ؟» قَالَ لَهُ يَسُوعُ:«لاَ أَقُولُ لَكَ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ، بَلْ إِلَى سَبْعِينَ مَرَّةً سَبْعَ مَرَّاتٍ. لِذلِكَ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا مَلِكًا أَرَادَ أَنْ يُحَاسِبَ عَبِيدَهُ ... فَتَحَنَّنَ سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ وَأَطْلَقَهُ، وَتَرَكَ لَهُ الدَّيْنَ. (مت٢١:١٨-٢٧).

والسؤال الموجّه إلى القارىء, أين العدل في قول الرب لبطرس؟! هل هذا عدل أن أسامح أخي سبعين مرة سبع مرات؟! فبحسب عادة البشر السبع مرات تزيد وتكفي, بل هي ضد فكرة العدل, الذي لا يرى ولا يفهم إلا نظام العين بالعين والسن بالسن!!
لذلك نمثّل العدل البشري بإمرأة معصوبة العينين وفي يَدِها ميزان "عمياء"!! كما هو موضّح بالصورة.

فهل الله الذي يطالبني بالمغفرة المجانية لكل من يسيئون إليّ, هل هو عادل؟! بالطبع نعم, وعدله هو صلاحه وبِرّه! لذلك فموازين الله وعدله ورحمته لا يمكن وضعها في نطاق القالب البشري, فأفكاره ليست كأفكارنا.

وهناك الكثير من تعاليم وأمثلة الرب يسوع له المجد تُرينا عدالة الله أي صلاحه وبرّه، كمَثلِ الإبن الضال, إذ يقدم الأب لإبنه عدلاً من نوع آخر رغم أنه قد أخذ كل نصيبه, ونرى أن الأب لم يقبل مشورة الإبن الأكبر الذي رفض أن يكرّم أخاه (وهذا يمثل العدل الأرضي), كما نذكر مغفرة الرب على الصليب لصالبيه دون المطالبة بقصاصهم, رغم أن العدل الأرضي يطالب بعقوبة من قتلوا شخصاً باراً لا إثم فيه, والأمثلة من هذا النوع تطول.

٧- أبونا إبراهيم والعدل الإلهي:
أهم ما يوضّح فهمنا للعدل الإلهي, هو حوار أبونا إبراهيم مع الله حول سدوم وعمورة (تكوين١٨), فنرى أن الله قد قرّر هلاك سدوم وعمورة .. وإبراهيم يسأل "أَفَتُهْلِكُ الْبَارَّ مَعَ الأَثِيمِ؟". ويقول إبراهيم: "عَسَى أَنْ يَكُونَ خَمْسُونَ بَارًّا فِي الْمَدِينَةِ. أَفَتُهْلِكُ الْمَكَانَ وَلاَ تَصْفَحُ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ الْخَمْسِينَ بَارًّا الَّذِينَ فِيهِ؟". ويسأل إبراهيم: "حَاشَا لَكَ أَنْ تَفْعَلَ مِثْلَ هذَا الأَمْرِ، أَنْ تُمِيتَ الْبَارَّ مَعَ الأَثِيمِ، فَيَكُونُ الْبَارُّ كَالأَثِيمِ. حَاشَا لَكَ! أَدَيَّانُ كُلِّ الأَرْضِ لاَ يَصْنَعُ عَدْلاً؟" وكان جواب الله: "إِنْ وَجَدْتُ فِي سَدُومَ خَمْسِينَ بَارًّا فِي الْمَدِينَةِ، فَإِنِّي أَصْفَحُ عَنِ الْمَكَانِ كُلِّهِ مِنْ أَجْلِهِمْ" (تك٢٦:١٨). ونزل الرقم من خمسين إلى عشرة, والله يقول إنّه لن يُهلك المكان إذا وجد عشرة.

العدل الإنساني يفترض دائماً أن يغادر هؤلاء الخمسون باراً المدينة, وأن يُعاقب الباقي, لا أن يتم خلاص المدينة بسبب وجود خمسين أو عشرة من الأبرار. أي عدلٍ هذا الذي يطالب به إبراهيم الذي يصفح فيه الله عن الأثيم من أجل البار؟ وأي عدلٍ هذا الذي يجعل خلاص المكان متوقّفاً على وجود عشرة من الأبرار؟ إنّه ليس العدل الأرضي الذي لا يعرف بالمرة العفو عن الأكثرية بسبب الأقلّية الصالحة. فالعدل الأرضي يعفو فقط عن البريء, وهذا ما يفترضه الناس في العدل. أمّا أن يعفو عن المذنب من أجل البريء, فهذا مستحيل. وهنا قضية الأرقام ليست هي القضية الجوهرية, وإنما المبدأ نفسه. فهل يملك العدل الأرضي أن يعفو عن إنسان مجرم من أجل إنسان بريء؟ هل توجد هذه القاعدة في أي قانون أرضي عرفته البشرية منذ أيام حمورابي ملك بابل - أول مشرّع في التاريخ البشري - إلى أيّامنا؟ بالتأكيد العدل الإلهي يختلف كلّياً عن العدل الأرضي.

٨- القديس بولس والعدل الإلهي:
إن الرسول بولس الكلي الحكمة يشرح لنا بوضوح العدل الإلهي, إذ هو مغاير تماماً للعدل الأرضي البشري, وقبل عرض قول الرسول بولس, نطرح السؤال التالي: ماذا لو كان عدل الله مثل عدل الإنسان؟

بالتأكيد النتيجة ستكون استحالة الخلاص بالمرة. وإذا كان من الصعب أن يموت إنسان من أجل إنسان بار - هذا فعلاً مستحيل - فكم يكون أكثر إستحالة أن يموت إنسانٌ بارٌ من أجل إنسانٍ خاطىء ؟! هذا ما يؤكد الرسول الإلهي استحالته في الواقع الإنساني. ولكن هذا هو عدل الله الذي من خلاله حقّق خلاص الإنسانية من الخطية. "فَإِنَّهُ بِالْجَهْدِ يَمُوتُ أَحَدٌ لأَجْلِ بَارّ. رُبَّمَا لأَجْلِ الصَّالِحِ يَجْسُرُ أَحَدٌ أَيْضًا أَنْ يَمُوتَ. وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا" (رو٧:٥-٨).

وكذلك يوضّح القديس بولس, العدل والمعاملة الحسنة, فيقول: "قَدِّمُوا لِلْعَبِيدِ الْعَدْلَ وَالْمُسَاوَاةَ، عَالِمِينَ أَنَّ لَكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا سَيِّدًا فِي السَّمَاوَاتِ" (كو١:٤). وعندما يقف العبد مع السيد على قدم المساواة, هل هذا عدل عرفه القانون الروماني السائد في زمان الرسول؟ الجواب بكل يقين لا.

وممّا ورد نرى المفهوم الأرثوذكسي للعدل الإلهي, فالله بعدله يخلّص ويحامي وينجّي ويُحيي, أما العدل الأرضي فهو عين بعين وسن بسن وعقاب المِثل بالمثِل إلخ.

لذلك حين بذل الآب إبنه ليفدي البشرية، لم يقدّمه ليُصالح عدله مع رحمته. بل ليس من العدل أن يترك الانسان خليقته للموت الابدي بسبب خطيئة انسان واحد (آدم). بل العدل الإلهي استوجب ان يُخلّص الله الانسان ويسترجعه لأحضانه ليُشركه في مجده.
د. علاء عيد

نهاية المقال


خلاصة القول: العدل الإلهي هو في محبة الله و بره.
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
اعتقد أن هذا الموضوع يكمل الفكرة لأنه بيشرح الغضب الإلهي، أضغط على اللنك التالي وسبق وتحاورنا فيه قبل كده، بس مش عارف انت شوفت الرد على أسئلتك والا لأ؛ للدخول أضغط على العنوان التالي:

الغضب الإلهي وتقويم النفس - خبرة نمو وتربية النفس التي سمعت الدعوة الإلهية واستجابت بالإيمان


 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,062
مستوى التفاعل
1,031
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل
امي العزيزة أمة
انا اتسائل علي شخص يولد معوق
او شخص يولد في مدينه كلها ظلم كسدوم
او شخص يقتل بدون اي ذنب
شخص يولد غني ولا أمراض
شخص يولد بوذي او آخر
كل هذا والإنسان حر مع العدل كيف؟


لو أن شخصا سقط من الطابق العاشر ـ أو ألقاه أحدهم ـ فهوى حتى ارتطم أخيرا بالأرض وبالطبع تحطم جسده ومات على الفور. في هذه الحالة مَن هو المسئول عن موته؟ لديك 3 اختيارات:
1- الشخص نفسه (أو هذا الآخر الذي ألقاه من الطابق العاشر).
2- قانون الجاذبية، لأن الجاذبية هي التي سحبته بهذه السرعة نحو الأرض.
3- الله ذاتـه، لأن الله هو الذي خلق أو أنشأ ظاهرة الجاذبية نفسها أولا.

على مَن تقع المسئولية والاتهام؟ إجابتنا جميعا هي الأولى بالطبع. نحن لا نقول أبدا أن هذا الشخص كان "ضحية قانون الجاذبية" مثلا، كما أننا أيضا لا نشعر بالغضب أو الحنق أو حتى الحيرة لأن الله "أراد" موت هذا الشخص أو "سمح" بذلك! نحن لا نفكر أبدا على هذا النحو. الاختياران الثاني والثالث كلاهما لا يخطر حتى على بالنا أمام حدث كهذا.

أما لو أن طفلا أصابه مرض كالسرطان مثلا وسحقته آلامه ثم في النهاية مات، فهنا بالعكس: أول ما نفكر فيه هو الله وكيف أراد / سمح بذلك ولماذا؟ ما ذنب هذا الطفل البريء؟ أين العدل؟

ولكن ما الفرق بين الحالتين إذا كان كلا الشخصان تألم وكلاهما مات في النهاية؟

الفرق هو أننا في الحالة الأولى نفهم ظاهرة الجاذبية ونعرف قانونها. إنها حتى "بديهية" بالنسبة لنا! نحن بالتالي لا نوجه هنا أي لوم إلى الله أو حتى نستدعيه إلى هذا التحقيق كي نوجه أي سؤال إليه. أما في الحالة الثانية ـ حالة السرطان ـ فنحن بالعكس لا نفهم الظاهرة ولا نعرف أسبابها ولا نفقه أي قانون لها. نحن في جهل تام أمام هذا الحدث، وهذا الجهل بالتالي هو ما يجعلنا ننكص، نرتد كالأطفال إلى "أبينا" الكبير، "ضابط الكل" الذي لا يحدث شيء في الكون إلا بـ"إرادته" أو على الأقل "سماحه". هكذا نشير بأصابع الاتهام إلى الله، يسحقنا السؤال ويعصرنا الألم فنصب نار غضبنا عليه، نعثر أمام هول المأساة وقد يكفر حتى بعضنا تماما. نحن ـ في أحسن الأحوال ـ نلتمس العزاء عبر إيماننا ويقيننا أنه الإله "البار" لا شك، "المُحب" رغم كل شيء، صاحب المشيئة "الصالحة" قطعا والتي هي "للخير" دائما، إلى غير ذلك من أفكار قد تخفف بالفعل من ألم الفاجعة لكنها لا تجيب السؤال الأساسي: لماذا ضرب وحش السرطان بمخالبه في جسد هذا الطفل البريء؟


قضيتك هنا بالتالي ـ قضية العدل الإلهي ـ لا تتعلق حقا بالعدل الإلهي! لا تتعلق بدور الله ومسئوليته أو حتى "حكمته" وقصده وكيف تكون هذه المأساة أو تلك "للخير" حقا كما نفول دائما! قضيتك بالأحرى هي ببساطة جهل الإنسان بالعلل والأسباب وراء هذا الذي يحدث في حياته أو من حوله ولا يجد له تفسيرا! إن عجزنا عن الفهم هو ما يدفعنا إلى مساءلة الإله وإلى وضعه في قفص الاتهام، بصفته "المسئول الأكبر"، أو "المدير الأعظم"، بينما لو كانت لدينا المعرفة والفهم ـ كما في حالة الجاذبية مثلا ـ ما فكرنا مجرد تفكير في دوره أو مسئوليته سبحانه عما يحدث!

هذه إذاً هي الخطوة الأولى نحو الإجابة على سؤالك: فهم المشكلة نفسها أولا وصياغتها على نحو صحيح هو أول وأهم خطوة في سبيل حلها.

أما الخطوة الثانية ـ باختصار ـ فهي أن تدرك أن هناك قوانين بالفعل تحكم الحياة كلها. هذا السرطان مثلا لا يضرب الإنسان هكذا اعتباطا! الحرائق والكوارث لا تحدث عشوائيا! البراكين والزلازل وكل مصائب البشر عموما لا تأتي جزافا. كل هذا يحدث يوميا، ولكن ليس لأن إلها ما في السماء يريد اختبار البشر مثلا، أو لأن شيطانا ما في الجحيم يرغب في اللهو معهم قليلا! إنما يحدث كل هذا لأن القدير سبحانه ـ ضابط الكل حقا ـ وضع للكون قوانين تحكمه جميعا، وهي قوانين في غاية الإحكام، نافذة سارية دائما لا محاباة فيها لأي شخص، كما أنه لا انتقام فيها من أي شخص أيضا.*



انا اتسائل علي شخص يولد معوق
او شخص يولد في مدينه كلها ظلم كسدوم
او شخص يقتل بدون اي ذنب
شخص يولد غني ولا أمراض
شخص يولد بوذي او آخر


وعليه نعم هناك سبب وراء هذا الذي يولد معاقا! هناك سبب وراء هذا الذي يولد في مدينة غارقة في الظلم أو الفقر أو الجريمة! هناك سبب وراء المقتول بلا ذنب، أو المريض بلا جريرة، أو السجين بلا جريمة! هناك سبب وراء كل شيء دون استثناء، بل لا تنتقل حتى ذرة تراب واحدة من موضعها إلا وكان وراء ذلك سبب!

أما إذا سألت «ما هو السبب؟» فهذا سؤال آخر وحديث آخر. قضيتك هنا هي "العدل الإلهي" كما تسميها، وهذه كما رأينا ـ في أسوأ الأحوال ـ "قضية معلّقة" حتى نصل أولا إلى العلة والسبب. هذا هو هدفي من كل هذه المشاركة: ليس من حقنا أبدا بل ليس حتى منطقيا ـ أخي الحبيب ـ اتهام الله أو حتى مجرد الشك في العدل الإلهي، صراحة أو ضمنا، ما لم نعرف أولا أسباب الله وعلله ومقاصده!

لأجل هذا فأنت ونحن جميعا في النهاية أمام طريقين لا ثالث لهما:إمــا أن تعرف (وتعترف) بحدودك وقصور معرفتك فتتضع وتسكن وتؤمن إيمانا غيبيا كاملا بالعدل بل بكمال العدل والإحكام الإلهي المطلق، بأن هناك قطعا سبب وراء كل شيء وعلة وراء جميع ما يحدث مهما تعارض ظاهريا مع العدل أو حتى المنطق... وإمــا أن تدخل إلى "العقل الإلهي" ذاته كي تعرف كل هذه الأسباب التي تحيّرك وكي ينكشف لك ـ بنور الله ونعمته ـ كيف تشكلت حياتك وأقدارك، أنت وأيضا كل مَن حولك!

فهل هذا الدخول إلى العقل الإلهي مستطاع؟ بالطبع مستطاع، بمشيئته ونعمته كل شيء مستطاع. بل هذا الدخول إلى العقل الإلهي هو في الحقيقة دخول إلى السيد ذاته، شمس البر نفسه الكلمة الخالق، المسيح «المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم»!

لا تسأل من ثم كثيرا ولا تتحير. اطلبوا أولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تُزاد لكم!

_____________________

* هيمنة القوانين وسيادتها ـ من ناحية أخرى ـ ليست "مُلزمة" لله أو "مُحددة" لمشيئته. هذا أيضا فهم خاطئ لمعنى "القانون" نفسه، حتى لو كان قانونا علميا. إذا قلنا مثلا إن «الأشياء المعلقة في الفراغ تسقط إلى الأرض بحكم قانون الجاذبية» فهذا تعبير شائع ولكنه غير صحيح. التعبير الصحيح بالأحرى يقول إن «قانون الجاذبية هو الوصف الدقيق لما يحدث عندما نترك الأشياء معلقة في الفراغ»! هذا فرق بسيط في الصياغة لكنه هائل في المعنى. لماذا؟ لأن قوانين الكون لا تحكم شيئا ولا سلطة لها أبدا في ذاتها، وإنما كل القوانين دون اسئتثناء هي فقط الوصف الدقيق لما يحدث، أي هي فقط الوصف الدقيق لـ"المشيئة الإلهية"! القوانين من ثم تتبع المشيئة، وليست المشيئة هي التي تتبع القوانين!

(من هنا فالمعجزات والآيات لا زالت قائمة رغم وجود القانون! ذلك أن المشيئة / المعجزة هي الأصل، والقانون تابع لها، وليس العكس كما يحاول الحمقى أصحاب النظرة المادية إقناعنا دائما)!


 
أعلى