فيلم تاج السريان عن حياة البطريرك ساويرس الانطاكى

oesi no

GOGOƸ̵̡Ӝ̵̨̄&#4
مشرف سابق
إنضم
29 مارس 2006
المشاركات
16,962
مستوى التفاعل
1,990
النقاط
113
11058208_798364483586447_1779597949936083617_n.jpg

هو أروع وأنضج فيلم مسيحى رأيته حتى الآن! .. لأول مرة أشاهد فيلم مسيحى يهتم بقضية إيمانية هامة فى مرحلة تاريخية خطيرة ومضطربة من تاريخ الكنيسة .. ويعرضها بمثل هذا العمق .. فهو ليس مجرد فيلم بسيط يحكى عن فضائل ومعجزات أحد القديسين وأنتهى الأمر .. حتى المعجزات والرؤى يعرضها الفيلم بصورة منطقية هى الأقرب لما ذكر فى سيرة القديس .. وبعيداً عن أى طرح ساذج أو مفتعل .. وتخلو الحوارات فى الفيلم من أى إكليشيهات مكررة أو عبارات إنشائية ركيكة .. ولا يظهر معظم الأشرار فى الفيلم بتلك الطريقة النمطية الهزلية التى تم إستهلاكها فى كثير من الأفلام من قبل .. وحتى الأبرار والقديسين رأيت فيهم ذلك الضعف الإنسانى الطبيعى الذى لا ينفى عنهم قداستهم ولا ينكر قوتهم وجهادهم

الفيلم لا يناقش سيرة القديس ساويرس الأنطاكى بقدر ما هو مهتم بتسجيل دوره وجهاده لحفظ الإيمان المستقيم فى زمن صعب .. وفى عصر هبت فيه الأعاصير القوية التى أثارها أتباع نسطور على أنطاكية بعد مجمع خلقيدونية .. فى محاولة منهم للقضاء بشكل نهائى على الأمانة الأرثوذكسية فيها وفى كل الكراسى الرسولية .. وكانوا يدعون فى تصلف وكبرياء أن الحق فى جانبهم .. وهنا جاء القديس ساويرس البطل ليدحض تجاديف المبتدعين التى تسببت فى قلق وانزعاج للكنيسة

هو فيلم عقيدى بالدرجة الأولى .. ويحمل رؤية عميقة منحازة بوضوح لإيمان الكنيسة المستقيم .. ولكنه مع ذلك لا يغفل الجانب الروحى أبداً .. ويتحدث بالتفصيل عن حيل الهراطقة ومداهنتهم .. ويكشف أساليبهم المراوغة والملتوية فى نشر أفكارهم المبتدعة بين صفوف الشعب ورهبان الأديرة ورتب الإكليروس .. من خلال الفيلم نتعرف على معنى وقيمة تعاليم الكنيسة التى يجب أن نكون أمناء عليها .. وعن حتمية الإيمان المستقيم للخلاص .. ويشرح لنا طريق الخلاص الذى يبدأ بالمعمودية

الفيلم أيضاً رائع جداً من الناحية الفنية .. ويقدم لنا متعة بصرية من خلال صورة مبهرة ومختلفة .. وإختيار موفق لكل اللقطات وزوايا التصوير .. وديكورات بديعة فى المشاهد الداخلية .. ومواقع تصوير مناسبة فى المشاهد الخارجية.. وموسيقى تصويرية ساحرة تم توظيفها بشكل رائع .. ومهارة عالية فى الأداء التمثيلى فى معظم مشاهد الفيلم .. ودقة فى المونتاج .. وحرفية عالية فى الإخراج

عندما رأيت البرومو الدعائى للفيلم أعجبت به .. ولكنى شعرت بالقلق .. فقد خشيت أن يظهر فى الفيلم كل الأحداث التى مرت على القديس ساويرس من مناظرات ولقاءات ومعجزات ورؤى بشكل قد يجعلها حمل ثقيل على مغزى وهدف الفيلم الأساسى .. ولكنى رأيت أن الكاتب والمخرج أختار بعناية الأحداث التى سيرويها .. ورتبها فى مشاهد متتابعة تمضى بشكل سلس يزيد من التشويق لمتابعة أحداث الفيلم حتى نهايته

كنت أتسائل أيضا كيف سيعبر لنا الفيلم عن فترات ومواقف كثيرة فى سيرة القديس ساويرس .. مثل الفترة التى درس فيها علوم اللغة والبيان والمحاماة قبل عماده .. فترة رهبنته ونموه الروحى .. الرؤيا التي رآها الأب رومانوس عن دور القديس ساويرس فى مواجهة أعداء الكنيسة .. والمناظرات اللاهوتية الصعبة بين القديس ساويرس والهراطقة فى القسطنطينية .. فهذة الحوارات اللاهوتية المعقدة كانت كفيلة وحدها بأن تجعل الفيلم مملاً وثقيلاً على ذهن المشاهد البسيط .. وتمنيت قبل المشاهدة أن تكون الحوارات بسيطة فى طريقة العرض والتقديم .. وفى نفس الوقت لا تفقد عمقها ولا يأتى التبسيط على حساب المعنى اللاهوتى أو على حساب دقة التعبير .. وعندما شاهدت الفيلم وجدت ما كنت أتمناه وأكثر! .. فقد قام الفيلم بشرح العقائد اللاهوتية بشكل مميز وإبداعى .. ومع تصاعد الأحداث فى الفيلم خشيت أن ينحدر مستوى الفيلم مع نهايته .. ولكن لم يخذلنى صناع الفيلم! .. وكان الإتقان هو سمة الفيلم بكل مراحله وحتى نهايته

فى مقدمة الفيلم تم ذكر أنه قد تم تصويره فى عهد مثلث الطوبى المتنيح البابا شنودة الثالث .. وبصلوات قداسة البابا تواضروس الثانى .. وقد قدم الفيلم نيافة الأنبا رافائيل وأشاد به وبالقائمين عليه ووصفه بالعمل الفنى الرائع .. وتحدث عن أهمية القديس ساويرس الأنطاكى فى الكنيسة القبطية لدرجة أنها تذكر أسمه فى مجمع القديسين فى القداس الإلهى بعد أسم القديس مارمرقص الرسول مباشرة

تحية صادقة من القلب لكل القائمين على هذا العمل من فنانين وفنيين .. ومن قام بإنتاج الفيلم والإنفاق عليه ليظهر بهذة الصورة .. وبالطبع تحية خاصة لكاتب ومخرج الفيلم .. وبالحق أن كل من أشترك فى هذا الفيلم قام بخدمة حقيقية ل"كنيسة الله الحى عامود الحق وقاعدته" (1تيموثاوس 3: 15)

وكم نتمنى المزيد من مثل هذة الأفلام .. الجادة فى مضمونها .. العميقة فى طرحها .. المبهرة فى صورتها .. الأمينة على تعليم الكنيسة وعلى "الإيمان المسلم مرة للقديسين" (يهوذا 1: 3)

ومن المهم أن يحرص جميع الشعب .. وخاصة الشباب .. والخدام منهم بالأخص .. على شراء هذا الفيلم ومشاهدته .. والتأمل فيه .. والاقتداء بسيرة وإيمان ومنهج حياة هذا المجاهد العظيم .. القديس الأنبا ساويرس الأنطاكى .. بركة صلاته وشفاعته تكون معنا. آمين

[YOUTUBE]0bKU3YiVboc[/YOUTUBE]
 
أعلى