ما وراء الحدث

الكرمه الصغيره

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
24 ديسمبر 2012
المشاركات
2,622
مستوى التفاعل
786
النقاط
113
29749972_887713458074774_4989639650843669399_o.jpg

ما وراء الحدث
لعل أصعب ما يمكن أن يصدّقه الإنسان في القرن الحادي والعشرين هو قيامة شخص من بين الأموات ولا سيما بعد وجوده في القبر لمدة ثلاثة أيام. يساورنا الشك عندما نسمع عن شخص شُفي من مرض خبيث، وسرعان ما نسأل عن نوع الدواء الذي تناوله أو عن الطبيب الذي قام بالعلمية وعالجه. فهل يُعقل لشخص أن ينجو من مرض السرطان مثلاً؟
وهل يمكن أن ينطق الأخرس؟
أو أن يبصر الأعمى؟
يا لشقاوة الإنسان الذي تلاشى إيمانه في قدرة الرب وقوته وسلطانه المطلق وأضحى يعتمد على قدرته وإمكانياته وتقدّمه في التكنولوجيا والعلوم والأبحاث. وأصبحت حقيقة قيامة المسيح من الأموات شيئًا فشيئًا حدثًا في الماضي ليس له تأثير أو روابط في حياتنا المعاصرة. إن قيامة المسيح حقيقة كافية وقاطعة لتعطي كل إنسان رجاء، فقد غلب الرب اللحود وقام ظافرًا على عدوّ البشر اللدود منذ سقوط آدم الأول. فارتباط الإنسان بشخص المسيح يوفر له هذه الغلبة والقوة التي تنتصر حتى على آخر عدو له، الموت.

هناك أربعة دلائل نكتشف من خلالها ما وراء حدث القيامة، فقيامة الرب يسوع المسيح:
أولاً:
تثبت صحة أقواله قبل الصلب
لقد تكلم الرب يسوع عن موته ما يقارب الست عشرة مرة قبل حدوثه. بالإضافة إلى ذلك، وفي مناسبات عدة، ألمح إلى قيامته من الأموات جهرًا. وقد طُلب منه مرتين أن يصنع معجزة تدعم تصريحاته الجريئة، وفي كلتا الحالتين، أعلن يسوع بصورة جليلة أن قيامته ستكون في اليوم الثالث كدليل أكيد على حدوثها :
(متى 38:12-40 ويوحنا 19:2-22).
في رحلته الأخيرة إلى أورشليم، تكلم بوضوح مع تلاميذه عن موته وقيامته مع أنهم لم يفهموه :
(متى 17:20-19)،
وكيف لهم أن يفهموه؟
لم تكتمل الصورة عندهم بعد لأن فكرة أن يروا مسيحًا مهزومًا ومصلوبًا كانت مرفوضة بتاتًا. فلو لم يقم المسيح لكانت المسيحية أكبر كذبة عرفها التاريخ.
لقد كانت القيامة أيضًا نقضًا لحكم مجمع السنهدريم (أعلى محكمة يهودية). إن الحكم الذي صدر بحق يسوع الناصري بعد إجماع وإقرار المحكمة بتجديفه على الرب واعتبار نفسه المسيا المنتظر، هو عقوبة الموت طبقًا للقانون اليهودي. ولكن لو أن المسيح قد قام حقًا، فهذا يبطل قرار أعلى محكمة إنسانية - مجمع السنهدريم وبيلاطس البنطي - على يد أعلى سلطة سماوية. وهذا دليل جازم بأن أقوال وأفعال يسوع لم تكن بشرية وشيطانية بل كانت تحركها يد إلهية.
قال رجل الرب جون ستوت:
"لقد أُدين المسيح بسبب التجديف، لكنه تعين ابن إيلوهيم بالقيامة من الأموات. لقد مات بتهمة التحريض وادّعائه بأنه ملك، لكن إيلوهيم جعله ربًّا ومسيحًا. عُلِّق على خشبة الصليب تحت نيران غضب الرب على خطية الإنسان، لكنه أصبح مخلص الخطاة. حمل لعنة البشر التي كانت علينا وليست له".

ثانيًا:
تضمن فعالية وسرّ موته
فهو لم يمت هباءً!
يؤكد كتاب العهد الجديد، أكان في الأناجيل الأربعة أو في الرسائل، أن موت المسيح ليس موت شهيد لأجل قضية نبيلة، لكنه فداءٌ ابتدأه الرب شخصيًا ليدين خطية البشرية جمعاء. كتب بولس الرسول لأهل رومية قائلاً:
"وَلكِنَّ يهوه بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا".
(رومية 8:5)
وقول المسيح أيضًا في متى :
"لأَنَّ هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا".
(متى 28:26 )
فالقيامة إذن كأنها بمثابة الختم الإلهي لعمل المسيح الكفاري على الصليب. كانت آخر كلمات نطق بها يسوع من على الصليب عبارة :
"قد أُكمل"
وهذه الكلمة في الترجمة اليونانية لها عدة معانٍ. ففي الإطار المالي أو المصرفي تعني أن المديونية قد دُفعت، فنستطيع أن نستلخص هنا أن القيامة هي عربون دفع المديونية الإنسانية. إن الحقيقة هي أن موته وقيامته هما عمل واحد متكامل ينتج عنه غفران الخطايا وضمان الحياة الأبدية؛ الرب أصبح إنسانًا ومات لكي يحيا الإنسان ثانية كونه كائنًا مخلوقًا على صورته كشبهه منذ التكوين. ويصور بولس هذا المشهد فيقول في رومية :
"الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا".
(رومية 25:4)
في العالم الروماني القديم، كان الصليب يمثل العار والذلّ. لكنه أصبح أيقونة ورمزًا يعشقه الملايين والبلايين. والجدير بالذكر أن الصليب ليس له معنى دون قيامة المسيح من الأموات وإلا بقي رمزًا مشينًا.

ثالثـًا:
تضمن انتصار الخير على الشر
ليست قيامة المسيح انتصارًا على الموت فحسب لكنه انتصار على الخطية والشر بكل المقاييس أيضًا. هو بعبارة أخرى انتصار على حصون إبليس القوية. فكما تقول الترنيمة:
ما بكَ يا موتُ تُدبِرْ كيفَ ضاعَت سَطوَتُك

أينَ ظِلُكَ الشؤومُ أُعلِنتْ هَزيمَتُك
داسَكَ ابنُ إيلوهيم قهرًا قدْ أزيلَت شوكَتُك

لو نظرنا نظرة تاريخية سريعة إلى انتصار قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية حين غزوا شواطئ نورماندي، لوجدنا أنه لم يكن ذلك اليوم هو يوم انتصار قوات الحلفاء على الألمان، لكنه ضمن هزيمة الجيش الألماني في المراحل الأخيرة من الحرب. وهذه صورة تعكس ما حدث فجر أحد القيامة حيث قام المسيح منتصرًا غالبًا وداهمًا عقر الردى فمهّد طريق الغلبة والنصرة والمجد. وبحسب حياة المسيح الكاملة على الأرض، وموته النيابي على الصليب، وقيامته المجيدة من الأموات، صار له الحق أن يدين الجنس البشري بالمقياس الإلهي. دوّن سفر الأعمال عظة بولس في أثينا ذاكرًا القيامة كمرجع ليوم الدين فقال :
"لأَنَّهُ أَقَامَ يَوْمًا هُوَ فِيهِ مُزْمِعٌ أَنْ يَدِينَ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ، بِرَجُل قَدْ عَيَّنَهُ، مُقَدِّمًا لِلْجَمِيعِ إِيمَانًا إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ."
(لأعمال 31:17)
قال أحد كبار اللاهوتيين المعاصرين كارل هنري هذه العبارة الرائعة:
"إن قيامة يسوع المسيح عبر منتصف تاريخ البشرية، قدّمت نظرة عامة أو عرضًا مسبقًا لنهاية العالم ومجيء الأزمنة الأخيرة. إن يسوع المُقام قد أُظهر مُسبقًا كديان الجنس البشري".

رابعًا:
تضمن لنا نصرة نهاية المطاف
من أحد تقاليد الشعب القديم في بداية كل موسم حصاد هي أن يقدّموا أول غلاتهم للرب في الهيكل. هذا التقليد عُرف بالباكورة. وهذه الصورة متصلة بشكل جذري بمشهد القيامة، حيث أن القيامة هيَّأت الطريق لحصاد عظيم لا بد أن يأتي. إن القيامة ليست مجرد حدث قام به يسوع المسيح، بل هي اختبار يجب أن نعيشه في حياتنا عمليًا. كتب بولس في 1كورنثوس :
"وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ فِي رُتْبَتِهِ:
الْمَسِيحُ بَاكُورَةٌ، ثُمَّ الَّذِينَ لِلْمَسِيحِ فِي مَجِيئِهِ".

(1كورنثوس 23:15 )
لأن هؤلاء الذين يضعون ثقتهم في المسيح سيملكون ويرثون مع المسيح. عندما نقترب من الرب سنختبر قوة القيامة. كل مسافة عظيمة ستقصر، والظلال ستختفي، والشركة تكتمل، والفرح يعمّ وسنشارك الرب في الأمجاد العتيدة في الأبدية إن كنا قد قمنا معه واتحدنا به.

وفي نهاية الحديث، عزيزي القارئ،
مهما كانت ديانتك وعقيدتك، هناك حقيقة مطلقة تدعى :
" الْقَبْرَ الْفَارِغِ ".
فهذا القبر المستعار لمدة ثلاثة أيام ما زال يصرخ ليومنا هذا شاهدًا على قيامة المسيح الحي الذي لم يطوِه الموت بل أباد :
"بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ، وَيُعْتِقَ أُولئِكَ الَّذِينَ­ خَوْفًا مِنَ الْمَوْتِ­ كَانُوا جَمِيعًا كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ الْعُبُودِيَّةِ".
(العبرانيين 2: 14-15)
فوهبنا صوتًا لنشهد، وألسنة لتهتف:
"أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتكِ يا هاوية؟"
فشكرنا ليهوه الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح. آمين
{فارس أبو فرحة}
* * *
أشكرك أحبك كثيراً...
بركة الرب لكل قارئ .. آمين .
وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين

يسوع يحبك ...
 
أعلى