التبني - العطية العُظمى، غاية التجسد الإلهي

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0


التبني - العطية العُظمى، غاية التجسد الإلهي

وأما كل الذين قبلوه:
أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنين باسمه،
أنظروا أية محبة أعطانا الآب حتى نُدعى أولاد الله

(يوحنا 1: 12؛ 1يوحنا 3: 1)

(موضوع مسلسل عن التبني العطية العظمى التي لنا)
(سيتم وضع كل يوم جزء وعند انتهاء الموضوع سيتم فتحه للتعليقات)
هذا الموضوع
موضوع مهم للغاية بدونه لن نفهم طبيعة حياتنا المسيحية الأصيلة لذلك أردت أن نغوص فيه معاً حسب الإنجيل لكي نستوعب سر حياتنا المسيحية لنعيش كما يحق لإنجيل المسيح، إنجيل خلاصنا، وسوف يتم وضعه على أجزاء وحينما يتم الانتهاء منه سيتم وضعه بشكل كتاب بصيغة PDF طالباً من الله أن يعطي نعمة للجميع لكي ينتبهوا لعمله الصالح وتبنى حياتهم بناء سليم حسب قصده آمين.
__________________
[FONT=&quot](أولاً) تمهيــــــــــــــــــــد
[FONT=&quot](أ) مبادرة محبة الله
[FONT=&quot]الإنسان في البدء خُلق بالاحتضان الإلهي مُحاطاً بالحضرة الإلهية، لأن في البدء أخذ الله تراباً من الأرض بطريقة ما ونفخ فيها من أنفاسه فصار الإنسان نفساً حية (تكوين 2: 7) مغروساً فيها ملامح إلهية خاصة لأنه خُلق على صورة الله كشبهه (تكوين 1: 26، 27)، وبهذه الطريقة صار وضعه الطبيعي أنه يحيا بنسمه الله أمام عينيه وفي مواجهة مستمرة معه، أي أن حياته كلها صارت في رحب المجال الإلهي المتسع، لأن راحته في السكنى مع الله والحضور الدائم أمامه، لأن هذا هو جوه الخاص الذي يحيا فيه طبيعياً، فلقاء الإنسان مع الله هو مجال راحته الحقيقي وفرحه الدائم الذي يُنشئ فيه كل لذة ويمده بالقوة الداخلية وبالتالي ينعكس عليه خارجياً، ولذلك فأن الإنسان في تلك الحالة يقال انه مكتسي بالنور ويحيا في حالة خاصة من المجد. [/FONT]
[FONT=&quot]فالإنسان منذ بدء تكوينه[/FONT]
[FONT=&quot] يحيا في بساطة القلب الطاهر النقي المتطلع دائماً نحو خالقه الحبيب الذي فيه راحته، لأن أعظم شيء عند الإنسان هو لقاؤه بالله والحياة في محضره الخاص، لذلك يقول المرنم عن وعي وإدراك لمشيئة الله في خلق الإنسان: ارجعي يا نفسي إلى راحتك لأن الرب قد أحسن إليكِ (مزمور 116: 7)[/FONT]
[FONT=&quot]وحينما كسر العلاقة بالسقوط [/FONT]
[FONT=&quot]إذ طعن نفسه بطاعة مشورة الحية القديمة أي إبليس، انجرح جرح عميق غير قابل للشفاء، لأنه خرج خارج الحضور الإلهي الذي كان جوه المُميز الذي يحيا فيه، فصار متغرباً عن بيته ومكانه الطبيعي، فلم يعد من أهل بيت الله، فخسر شبه الله ولم يعد مثاله، وبذلك فقد حريته الحقيقية، والخليقة أيضاً – بالتالي – فقدته رأساً لها فتزعزعت وصارت تنبت شوكاً وحسكاً نتيجة اللعنة بسبب الموت الذي دخل إلى العالم بحسد إبليس، ولذلك ظل الإنسان في اضطراب عظيم وعدم سلام، ليس لهُ راحة داخلية مهما ما توفر له كل سبل الراحة من ناحية الجسد.[/FONT]
[FONT=&quot]ولكن الله حسب طبيعة محبته العظيمة - الذي أعلنها في الكتاب المقدس [/FONT]
[FONT=&quot]من المستحيل أن يتخلى عمن وضع فيه صورته لأنه ارتاح من أعماله حينما أكمل الخليقة ووضع على رأسها الإنسان محل سروره، لأن الله اختار الإنسان ليكون هيكل راحته الخاص، لذلك حينما سقط الإنسان لم يفقد تلك الصورة المخلوق عليها بالتمام، بل صار مفتقراً للجو الإلهي الذي كان يعيش فيه، الصورة فقط طُمست ملامحها وتشوهت لكنها ولَّدت حنين قوي ذات سلطان يخرج أنين قلب صارخ إلى الله [أنقذني من جسد هذا الموت]، أما من جهة المثال فقد ضاع بالسقوط، ولم يعد الإنسان يمثل الله وسط الخليقة ولذلك تمردت عليه ولم تعد تخضع لهُ بسبب تشوية وطمس ملامح السلطان الإلهي الذي كان مغروساً فيه [أنظر تكوين 1: 26 – 30]، لأن الإنسان صار كالهيكل الخرب المدنس، أو كالأطلال لمدينة عظيمة، فهي لم تباد بالتمام، إنما خربت وتحتاج إعادة بناء ليعود إليها مجدها الأول:
[/FONT]
+ اِسْمَعِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَأَصْغِي أَيَّتُهَا الأَرْضُ لأَنَّ الرَّبَّ يَتَكَلَّمُ:
«رَبَّيْتُ بَنِينَ وَنَشَّأْتُهُمْ أَمَّا هُمْ فَعَصُوا عَلَيَّ، اَلثَّوْرُ يَعْرِفُ قَانِيهِ وَالْحِمَارُ مِعْلَفَ صَاحِبِهِ أَمَّا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَعْرِفُ. شَعْبِي لاَ يَفْهَمُ». وَيْلٌ لِلأُمَّةِ الْخَاطِئَةِ الشَّعْبِ الثَّقِيلِ الإِثْمِ نَسْلِ فَاعِلِي الشرّ، أَوْلاَدِ مُفْسِدِينَ، تَرَكُوا الرَّبَّ، اسْتَهَانُوا بِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ، ارْتَدُّوا إِلَى وَرَاءٍ. عَلَى مَ تُضْرَبُونَ بَعْدُ؟ تَزْدَادُونَ زَيَغَاناً، كُلُّ الرَّأْسِ مَرِيضٌ وَكُلُّ الْقَلْبِ سَقِيمٌ. مِنْ أَسْفَلِ الْقَدَمِ إِلَى الرَّأْسِ لَيْسَ فِيهِ صِحَّةٌ، بَلْ جُرْحٌ وَأَحْبَاطٌ وَضَرْبَةٌ طَرِيَّةٌ لَمْ تُعْصَرْ وَلَمْ تُعْصَبْ وَلَمْ تُلَيَّنْ بِالزَّيْتِ. بِلاَدُكُمْ خَرِبَةٌ. مُدُنُكُمْ مُحْرَقَةٌ بِالنَّارِ. أَرْضُكُمْ تَأْكُلُهَا غُرَبَاءُ قُدَّامَكُمْ وَهِيَ خَرِبَةٌ كَانْقِلاَبِ الْغُرَبَاءِ.[FONT=&quot] (إشعياء 1: 1 – 7)، وصار صراخ الإنسان العميق عبر الدهور: [قم يا رب إلى راحتك انت وتابوت عزك – مزمور 132: 8].[/FONT]
فبسبب محبة الله العظيمة افتقد البشرية
التي صارت قاصرة برحمته عن طريق الآباء (إبراهيم واسحق ويعقوب) والأنبياء الذين مهدوا الطريق للطبيب العظيم الابن الوحيد، ربنا وإلهنا كلنا شخص ربنا يسوع المسيح، الذي أتى في ملء الزمان حسب التدبير آخذاً صورة عبد طائعاً الآب حتى الموت موت الصليب لكي بجراحه يُشفينا، وبموته يقتل موتنا وبقيامته يُقيمنا خليقة جديدة فيه، لكي نصير أبناء لله لنعود نحيا في الجو الإلهي بضمان تجسده وختم دمه الذي يطهرنا من كل خطية، لنقف أمام الآب في بره (بر المسيح) الخاص لنقول بروح الابن الوحيد "أبا أيها الآب"، لأن الله لم يرد أن يشفينا من جرحنا العظيم عن أي طريق آخر سوى تجسد الابن الوحيد، فالابن تجسد وتأنس وشابهنا في كل شيء ما عدا الخطية وحدها، بغرض أن ننال التبني الذي هو العلاج الحقيقي للبشرية:
لما كنا قاصرين كنا مستعبدين تحت أركان العالم. ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة، مولوداً تحت الناموس، ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني. ثم بما إنكم أبناء أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخاً يا أبا الآب. إذاً لست بعد عبداً بل ابناً، وان كنت ابناً فوارث لله بالمسيح. (غلاطية 4: 3 – 7)
[FONT=&quot]فمفتاح حريتنا هو الخروج [/FONT]
[FONT=&quot]من حالة القاصر الذي يحيا تحت سلطان الناموس المؤدب والمربي بغرض أن يُسلمنا للمسيح لنحيا ببر الإيمان [إذاً قد كان الناموس مؤدبنا إلى المسيح لكي نتبرر بالإيمان – غلاطية 3: 24]، لأن الإنسان القاصر لا يستطيع أن يرث أبيه، لا بد من أن يبلغ السن القانوني ليصير وارثاً متمتعاً بكامل حقوقه، لأن القاصر ما زال تحت وصاية للتربية والتقويم، فنحن كنا قبل المسيح تحت وصاية الناموس، لكن حينما اتى الابن الوحيد في ملء الزمان ابطلت الوصاية طبيعياً ودخلنا في حالة النضوج، فلم نعد تحت وصاية الناموس بل برّ الإيمان بيسوع المسيح، وبذلك صرنا أبناء، وحياتنا التي نحياها الآن، نحياها في الحضور الإلهي، أي أن جونا هو الجو الإلهي، وذلك تم بالطبع بضمان التبني في المسيح، إذ قد صار لنا الوعد العظيم: [وهذا هو الوعد الذي وعدنا هو به الحياة الأبدية: الحق، الحق، أقول لكم، من يؤمن بي فله حياة أبدية؛ لا تخف أيها القطيع الصغير لأن آباكم قد سُرَّ أن يُعطيكم الملكوت؛ لأن الآب نفسه يحبكم لأنكم قد أحببتموني وآمنتم إني من عند الله خرجت] (يوحنا 6: 47؛ 1يوحنا 2: 25؛ لوقا 12: 32؛ يوحنا 16: 27)[/FONT]
[FONT=&quot]وعلى أساس هذا الوعد الذي لنا منه [/FONT]
[FONT=&quot]صرنا أبناء في المسيح فضمنا أن ننال معهُ كل شيء: [لأن الذين سبق فعرفهم، سبق فعينهم، ليكونوا مشابهين صورة ابنه، ليكون هو بكراً بين إخوة كثيرين. والذين سبق فعينهم، فهؤلاء دعاهم أيضاً، والذين دعاهم فهؤلاء بررهم أيضاً، والذين بررهم فهؤلاء مجدهم أيضاً. فماذا نقول لهذا: ان كان الله معنا فمن علينا. الذي لم يشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين كيف لا يهبنا أيضاً معهُ كل شيء] (رومية 8: 29 – 32)[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
 
التعديل الأخير:

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[FONT=&quot][FONT=&quot]تابع (أولاً) تمهيــــــــــــــــــــد
[/FONT]
[FONT=&quot](ب) العطية العُظمى
[/FONT]
[FONT=&quot]"أنظروا أية محبة أعطانا الآب حتى نُدعى أولاد الله" (1يوحنا 3: 1)​
[FONT=&quot]الحياة المسيحية المُعاشه، في واقعها الاختباري، ليست هي الأعمال الدينية المقدمة من عبادة منظمة بغرض إرضاء الله[/FONT][FONT=&quot] رغم ضرورتها لأنها تعبر عن موقف النفس من الله[/FONT][FONT=&quot]، ولا هي الشكل النسكي التقشفي للدلالة على القداسة والتقوى، ولا الأعمال الإعجازية التي تفوق الطبيعة لأنها تُقدَّم فقط لغير المؤمنين حتى يؤمنوا بالله الحي، ولا حتى الدراسات اللاهوتية العميقة، ولا هي عمق البحث في التاريخ المسيحي ومعرفة الألفاظ الكنسية ومجامعها، فبالرغم من ضرورة هذه الأمور لمن نال موهبة التعليم، لكن الحياة المسيحية في أساس جوهرها الحي والأصيل هو [التبني]، أي أن يصير الإنسان ابناً وليس عبداً تحت وصاية، أي أن كل تصرفات الإنسان المسيحي وأعماله نابعة من قاعدة [التبني]، لأن آدم في البداية كان طفلاً ولم يثبت في الطاعة ولم يحفظ الصورة التي خُلق عليها، إذ بطياشة القاصرين تقبل مشورة المرأة المخدوعة من الحية ولم يوجهها للوصية لأنه أراد أن يختبر ما هو مجهول وغريب مخالفاً وصية خالقه، فعاش بعد ذلك بعيداً عن الحضرة الإلهية وليست له الدالة الأولى لكي يدخل لمحضره الخاص، وبعد ذلك الإنسانية كلها عاشت في حالة من القصور وأعطاهم الله (بصفته أباً للخليقة بشكل عام) الناموس بسبب كثرة التعديات، فصار الكل تحت وصاية الناموس، وأصبح الجميع غير قادر على الدخول للحضرة الإلهية لأن ليس له الدالة الكافية التي تجعله يقف أمام الله ليطلب منه شيئاً يختص بالسموات ولا بالحياة أمامه في الكمال والقداسة، وبالتالي لا يستطيع أن يأخذ من مجده ويحيا كـ [إنسان الله] حسب وضعه الطبيعي، لأنه صار عبداً مقيداً بضعفه وذهنه منطفئ تحيط به الظلمة من كل جانب، يحيا تحت سلطان أعمال الجسد الميتة.[/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]فمثلاً لا يستطيع إنسان أن يقرع باب منزل [/FONT]
[FONT=&quot]ليدخل ويجلس فيه بدالة ويحيا وسط أسرة لا تعرفه، لأنه غريب، وليس له أي حق في أي مطلب، غير فقط أن يكون مجرد ضيف ويقدم إليه كل ما يخص الضيف، طبعاً يتم ذلك في حالة ترحيب أهل البيت بقدومه وأدخلوه لأنهم وجدوا فيه بعضاً من الصدق والأمانة، لكنه – مع ذلك الترحيب والقبول – ليس لهُ أي حق أن يتعايش معهم ويطالب بأي حق من حقوق أهل البيت، وبالتالي ليس له حق الميراث مع الأبناء، هكذا أيضاً كل من لم يدخل في سرّ التبني ليصير رعية مع القديسين وأهل بيت الله، فليس له دالة حقيقية عند الله، لذلك لا ينبغي أن نتعجب حينما نسمع من الناس عن عدم شعورهم بأنهم قريبين من الله وشكواهم بأن صلواتهم غير مستجابة، ولا حتى نتعجب من أنهم غير واعين ولا عارفين ما هي مشيئة الله، كما نرى أيضاً أن بعضاً من الناس لا يعرفون هل سيدخلون الملكوت أم لن يدخلوا، لأن نظرهم موجه على أعمالهم، وبالتالي يتساءلون هل الله سيقبلهم أم سيرفضهم كعبيد، لأن القلب لا يوجد فيه اليقين الكافي بأن له الوعد وحق الدخول للأقداس، وطبعاً هذا الأمر لا يأتي بالكلام ومجرد التصديق كما يفعل البعض ويقولوا بالفم أنهم أبناء لله ولهم حق الدخول للأقداس، لأن هذا مجرد كلام خارج من الشفتين، غير نابع من شهادة الروح القدس في القلب، والحياة الواقعية العملية نفسها بتأكد أنه ليس ابناً لله، بل ما زال قاصراً تحت وصاية الناموس. [/FONT]
[FONT=&quot]+ إذاً أن كنتم قد متم مع المسيح عن أركان العالم [/FONT]
[FONT=&quot]فلماذا كأنكم عائشون في العالم تفرض عليكم فرائض: لا تمس ولا تذق ولا تجس، التي هي جميعها للفناء في الاستعمال حسب وصايا وتعاليم الناس. التي لها حكاية حكمة بعبادة نافلة وتواضع وقهر الجسد ليس بقيمة ما من جهة إشباع البشرية، لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله. (كولوسي 2: 20 – 23؛ رومية 8: 14)[/FONT]
[FONT=&quot]لكن ما هي غاية الناموس الحقيقية: [/FONT]
[FONT=&quot]لأن غاية الناموس هي المسيح للبرّ لكل من يؤمن (رومية 10: 4)، فالناموس عمله أنه يؤدبنا مثل القاصر الذي يحتاج أن يتعلَّم إلى أن يبلغ للمعرفة الكاملة ويصير مسئولاً حتى يؤهل لاستلام الميراث الذي لهُ من أبيه، لذلك فأن عمل الناموس هو أن يهيئنا ويقومنا ليُسلمنا للمسيح، لأننا كنا قاصرين، تحت وصاية، وذلك لكي نتعقل ونتعلم ونعرف أن ليس لنا علاج أو رجاء سوى المسيح الرب وحده، وبكونه ابناً للآب بالطبيعة جعلنا أبناء فيه لأنه ألبسنا ذاته في معموديتنا حينما لبينا دعوة التوبة وعدنا إليه وآمنا أنه ابناً وحيداً لله الآب، الذي أتى في ملء الزمان حسب التدبير ليتمم مشيئة الآب من جهة أنه يجعلنا أبناء على نحو شخصي، لكي لا نصير غرباء ونزلاً بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله (أفسس 2: 19)، وبذلك يكون لنا دالة أكيدة أمام الله.[/FONT]
[FONT=&quot]انتبه جداً عزيزي القارئ وافتح قلبك وذهنك [/FONT]
[FONT=&quot]وانظر لقول الرب إلهنا، لأن فيه كنز عظيم كثيرين غفلوا عنه ولم يهتموا به وبالتالي لم يعوه ولم يدركوه، لأنهم لا يدركون عِظم العطية الثمينة التي لنا، وبسبب عدم معرفة ما لنا من الله ضللنا عن الإنجيل ولم نفهمه في إطاره السليم، لأن كثيرين دخلوا للإنجيل بالفحص العقلي أو بوضعه في مقابل شبهات للرد عليها بدون روح الإنجيل نفسه وعطية الله للبشرية، كما أن مسيحيين كثيرين صارت لهم طلبات كثيرة يطلبونها من الله في صلواتهم، وأغلبها لا يُستجاب لأنهم لا يطلبون ما يتوافق مع عطية الله الغنية جداً، وليس لهم الدالة القوية التي بها ينالون منه كل شيء يطلبونه.[/FONT]
[FONT=&quot]فما الذي يقوله الرب عن العطية الإلهية التي تُعطى من الآب السماوي والتي هي أساس الإنجيل؟[/FONT]
[FONT=&quot]+ فأن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تُعطوا أولادكم عطايا جيدة، فكم بالحري الآب الذي من السماء يُعطي الروح القدس للذين يسألونه (لوقا 11: 13)[/FONT]
[FONT=&quot]وما هذا الروح الذي يُعطيه، أو الروح الذي نأخذه؟[/FONT]
[FONT=&quot]+ ثم بما إنكم أبناء، أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخاً يا أبا الآب؛ إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب (غلاطية 4: 6؛ رومية 8: 15)[/FONT]
[FONT=&quot]يا إخوتي، أن القاعدة الأساسية للإنجيل وشرحه، [/FONT]
[FONT=&quot]بل وقاعدة السلوك المسيحي كله، بل والوقفة للصلاة بدالة واستجابتها الأكيدة، هذا كله يأتي وينطلق من سرّ عظيم اسمه [التبني]، فالتبني عطية إلهية ثمينة جداً، نحصل عليها بالاتحاد السري بشخص المسيح ابن الله الوحيد: وأما كل الذين قبلوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنين باسمه (يوحنا 1: 12)[/FONT]
[/FONT]
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
علينا أن نُلاحظ أن الإنجيل تميز بإظهار شخصية يسوع المسيح الفريدة من ناحية طبيعته: [إله متجسد]، أي إظهار أنه ابن الله اللوغوس المتجسد، أي أن ابن الله صار ابناً للإنسان لأنه ولد من امرأة حسب التدبير – في ملء الزمان – مثل باقي الناس، مع انه في الأساس ابن الله طبيعياً (وحيد الجنس من هذه الناحية الأصيلة): والكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد (مونوجينيس μονογενής) من الآب (يوحنا 1: 14)، أي أن المسيح الرب حسب طبيعته فأنه وحيد الجنس أي وحيد من نوعه، منفرد من جهة علاقته بالله الآب ولا يوجد له (من جهة هذه العلاقة) مثيل في المُطلق، لأنها علاقة فريدة خاصة قائمة في جوهر، فعلاقة الابن بالآب من جهة الجوهر هو نور من نور إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق مساوي للآب في الجوهر، بمعنى أنه منفرد بالبنوة الطبيعية مثل ولادة النور من النور باستمرار بلا توقف بشكل نعجز عن وصفه، مع انه موجود في الطبيعة بمثال الشمس التي هي نور تلد نور دائم بلا توقف، ولكن بالطبع هذا مجرد تشبيه هزيل لنفهم الصورة الغير مدركة في كمالها، بكونها علاقة خاصة في الثالوث القدوس يصعب شرحها جداً بدون إعلان الروح القدس في القلب.
(حسب طبيعته الإلهية المُميزة بصفته مونوجينيس μονογενής وحيد الجنس منفرد بعلاقته الجوهرية مع الآب) فأن الإنجيل لا يُستخدم كلمه "ابن υἱός" إلاَّ للمسيح الرب وحده كابن لله بالطبيعة بشكل خاص للغاية منفرد بنوعه، لذلك في افتتاحية إنجيل مرقس يقول [بدء إنجيل εὐαγγελίου يسوع المسيح ابن الله Υἱοῦ Θεοῦ – مرقس 1: 1]، ولكن بالنسبة لكل الذين قبلوه في قلوبهم مؤمنين به إلهاً متجسداً استخدم كلمة (أولاد الله τέκνα Θεοῦ) والمعنى = المنحدر من أصل معين أو الحفيد من غير الأصول، وتأتي بمعنى أهل البيت المستوطنين فيه، وتأتي أيضاً بمعنى [ولد] أو [ابناً من ضمن أبناء]، فهو لم يستخدم كلمة (ابن منفرد أو مميز كوحيد الجنس، الذي لا يوجد شبيهاً لهُ من جهة العلاقة الطبيعية)، بل استخدم كلمة أولاد الله بالجمع وليس بالانفراد من الناحية الفريدة الطبيعية، مع أن الاختصاص هنا اختصاص منفرد لأنه يخص الله وحده، لأن كل الذين يقبلون الابن يصيرون أولاد لله وحده بشكل منفرد من جهة ابوته، يعني لن يوجد أب غيره لأولاده في المسيح، لذلك مكتوب:
اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضاً يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ؛ لأَنَّ الْخَلِيقَةَ نَفْسَهَا أَيْضاً سَتُعْتَقُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ إِلَى حُرِّيَّةِ مَجْدِ أَوْلاَدِ اللهِ؛ أَيْ لَيْسَ أَوْلاَدُ الْجَسَدِ هُمْ أَوْلاَدَ اللهِ، بَلْ أَوْلاَدُ الْمَوْعِدِ يُحْسَبُونَ نَسْلاً؛ أُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ هَذَا لاَ يَعْرِفُنَا الْعَالَمُ، لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ؛ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلَكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ؛ بِهَذَا أَوْلاَدُ اللهِ ظَاهِرُونَ وَأَوْلاَدُ إِبْلِيسَ. كُلُّ مَنْ لاَ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ، وَكَذَا مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ؛ بِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نُحِبُّ أَوْلاَدَ اللهِ: إِذَا أَحْبَبْنَا اللهَ وَحَفِظْنَا وَصَايَاهُ. (يوحنا 1: 12؛ رومية 8: 16، 21؛ رومية 9: 8؛ 1يوحنا 3: 1، 2، 10؛ 5: 2)
بصفتنا مسيحيين لنا علاقة مع الله إذ أنه: [بالابن الوحيد نلنا العلاقة مع الآب وبهذه العلاقة صرنا ننتمي إليه، وذلك بتجسد الكلمة ودخوله في شركة معنا – القديس إيريناؤس ضد الهرطقات 3: 18: 7]، وبذلك صارت علاقتنا مع الله وطيدة مثبتة بالولادة السماوية، إذ صار لنا ميلاداً جديداً روحياً، أي مولودين (ليس بحسب الجسد) من الله بالماء والروح، أي بختم الحياة الأبدية لميلاد جديد في المسيح الرب من السماء.
ما هو وضعنا كأبناء لله حسب التدبير، لكي يُظهر لنا أن التبني ليس مجرد لقب يُعطى لنا بكوننا صرنا مسيحيين فلُقبنا به كلقب شرفي مثل ضيف الشرف في الأفلام والمسلسلات والحفلات التكريمية، بل هو في الحقيقة رتبة حقيقية تُقام على أساس [شركة طبيعة]، لأن المسيح الرب غرس نفسه في طبعنا الإنساني باتحاد غير قابل للافتراق، أي أنه اشترك في اللحم والدم وصار على شكلنا لكي يجعلنا على شكله، أي انه اشترك في طبعنا الإنساني، أو عجن طبيعتنا بطبعه لكي يُشركنا في طبعه بصورة ما أو على نحوٍ ما (ليس بالمساواة)، أي انه صار ابناً للإنسان لكي يصير كل ابن إنسان – الذي يؤمن به – ابناً لله بالتعيين (وهذا هو التبني).
فأن المسيح الرب هو الشجرة الأصيلة التي طُعمنا فيها حسب مسرة الآب نفسه، وذلك بصفته (وهو ابن الله طبيعياً) الكرمة الحقيقية ونحن صرنا أغصاناً مُطعمة فيه، فنحن – في ذواتنا – لسنا أفرع نبتت أو توالدت أو خرجت طبيعياً أو من ذاتها بحسب النمو الطبيعي، لأنه ليس لنا أي شركة في الجوهر، أو في جذر الكرمة إطلاقاً، أي أننا لسنا أبناء من أنفسنا ولا طبيعياُ، بل نحن قائمين على أساس تعيين، أو تطعيم، إذ أن الله بنفسه هو الذي عين كل واحد فينا ابناً لهُ بيسوع المسيح، وكل واحد آمن بهذا التدبير واعتمد على اسم يسوع صار غصناً حياً مطعماً في الكرمة الحقيقية، لذلك فنحن لسنا الكرمة بل أغصان مطعمة في الكرمة وقائمة على جذرها الطبيعي الأصيل، لذلك مكتوب: [إذ سبق "فعيننا (هوَّ بشخصه)" للتبني بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة مشيئته؛ كما أن قدرته الإلهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضيلة. اللذين بهما قد وهب لنا المواعيد العظمى والثمينة لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الالهية هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة] (أفسس 1: 5؛ 2بطرس 1: 3 – 4)
كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ. أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ. اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ كَذَلِكَ أَنْتُمْ أَيْضاً إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ. أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هَذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئاً. إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجاً كَالْغُصْنِ فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي النَّارِ فَيَحْتَرِقُ. إِنْ ثَبَتُّمْ فِيَّ وَثَبَتَ كلاَمِي فِيكُمْ تَطْلُبُونَ مَا تُرِيدُونَ فَيَكُونُ لَكُمْ. بِهَذَا يَتَمَجَّدُ أَبِي أَنْ تَأْتُوا بِثَمَرٍ كَثِيرٍ فَتَكُونُونَ تلاَمِيذِي. كَمَا أَحَبَّنِي الآبُ كَذَلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي. إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ تَثْبُتُونَ فِي مَحَبَّتِي كَمَا أَنِّي أَنَا قَدْ حَفِظْتُ وَصَايَا أَبِي وَأَثْبُتُ فِي مَحَبَّتِهِ. كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ. هَذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاًكَمَا أَحْبَبْتُكُمْ. لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ. أَنْتُمْ أَحِبَّائِي إِنْ فَعَلْتُمْ مَا أُوصِيكُمْ بِهِ. لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيداً لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ لَكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي؛ والعبد لا يبقى في البيت إلى الأبد أما الابن فيبقى إلى الأبد. (يوحنا 15: 1 – 15؛ 8: 35)
لأننا أن لم ننال يمين الشركة مع الله بواسطة الابن، أي بغرس حياته فينا فلن نخلص، لأن فيه الحياة والحياة نور الناس، وهو الذي قال: [أنا هو القيامة والحياة؛ أنا حي فأنتم ستحيون]، كما قال في حديثه مع الآب: [أنا فيهم وأنت فيَّ]، وهذا كله يُسمى تجديد الطبيعة، لأن طبعنا الساقط صار ميتاً عن الله، ولكي تعود لنا الحياة لا بد من أن ندخل في شركة الله المُحيية عن طريق غرس الحياة الإلهية فينا بواسطة الابن الوحيد، لكي نصير أبناء لله لنا ميراث الحياة الأبدية لا بأي سبب آخر أو واسطة أخرى سوى بالتجسد الإلهي.
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
وعلينا هنا أن نقف وقفة بين العهدين،
لنعي الفرق الواضح والجوهري ما بين بَنَوية شعب إسرائيل لله، وبنوية شعب المسيح لله الآب، فالأولى اُعطيت بالميراث الجسدي لشعب محدد في أرض معينه، وقد انتزعت منه لأنه لم يستطع أن يثبت في دعوته، وأما الثانية – أي بنوتنا لله في العهد الجديد – بالميلاد الروحاني (من فوق) في المسيح يسوع لأرض الموعد: سماء جديدة وأرض جديدة لا يوجد فيها موت ولا حزن ولا ألم، أورشليم السماوية، هي دعوة مثبتة بختم دم حمل الله رافع خطية العالم، قائمة على أساس راسخ هو [التبني]، وذلك أن ثبتنا بنويتنا بتمسكنا بالمسيح الرب وعشنا حسب الدعوة التي دُعينا إليها بكل تواضع قلب وإيمان راسخ حتى النهاية، لأن الذي وعد هو أمين.
[FONT=&quot]لذلك من الأهمية أعود أؤكد على إن هذه العطية العظمى والثمينة جداً، ليست مجرد علاقة مجازية أو حالة تشريف أدبي،

[FONT=&quot]ولا هي علاقة عابرة تحكمها المشيئة البشرية أو العواطف الإنسانية المتغيرة أو صلة الأجساد، لأن الذين ولدوا من فوق، لم يوُلِدوا من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل (يوحنا 1: 13) بحسب مشيئة الناس وقصدهم، بل ولدوا من الله حسب التدبير؛ فالبنوة لله ليس لها أية صلة بالخليقة البشرية حسب ميلاد الجسد الطبيعي، بل هو ميلاد خليقة جديدة أخرى للإنسان من فوق [FONT=&quot]"المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح" (يوحنا 3: 6)
[FONT=&quot]، وبهذه الولادة يصير الإنسان أبناً حقيقياً لله في المسيح يسوع، والله يصير أباً عظيماً للإنسان في المسيح.[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]إذاً الولادة الجديدة هي ولادة من الله: [/FONT]
[FONT=&quot]"وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنين باسمه. الذين وُلِدوا، ليس من دمٍ، ولا من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل، بل من الله" (يو1: 12و13)[/FONT]
[FONT=&quot]وبهذا التبني – الذي حسب مشيئة الله وتدبيره – ندخل في علاقة حقيقية واقعية مع الله تدركنا في صميم طبيعتنا، لأنها صارت مغروسة وضاربه بجذورها فينا، وبنوتنا لله لا تتم بمعزل عن بنوة المسيح ابن الله الحي، بل هي نتيجة طبيعية وتلقائية بسبب تجسد ابن الله واتحاده بجسم بشريتنا، ولذلك نجد القديس يوحنا الرسول يلحق الآية السابقة الذي تكلم فيها عن الذين ولِدوا من الله، بالآية الآتية وجعلها متلاصقة معها: "والكلمة صار جسداً وحل بيننا (فينا)" (يوحنا 1: 14)، لأن ابن الله الكلمة لما اتخذ جسداً، صار كواحدٍ منا: "إذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضاً كذلك فيهما.. من ثَمَّ كان ينبغي أن يُشبه إخوته في كل شيء" (عبرانيين 2: 14و17)، حتى نصير أبناء لنا حق الدخول للأقداس حيثما هو جالس، لأنه دخل كسابق من أجلنا بجسم بشريتنا الذي اتخذه إلى الأبد بالاتحاد الوثيق: "وأقامنا معهُ وأجلسنا معهُ في السماوات في المسيح يسوع" (أفسس 2: 6)[/FONT]
[FONT=&quot]+ والتبني الذي هو نتيجة طبيعية لتجسد اللوغوس، [/FONT]
[FONT=&quot]ينقله إلينا الروح القدس الذي يأخذ ما للمسيح ويُعطينا. كما أن عطية التبني تقوى فينا وتنمو بالتناول الخبز الحي النازل من عند أبي الأنوار شخص المسيح الرب لكي نثبت فيه، كما تثبت الأغصان في الكرمة وتتقوى، فينتقل إليها عُصارة الكرمة لتُغذيها حتى تكاد تكون هي والكرمة شيئاً واحداً: [/FONT][FONT=&quot]"وأما من التصق بالرب فهو روح واحد" (1كورنثوس 6: 17)[/FONT]
[FONT=&quot]وباختصار القول: [/FONT]
[FONT=&quot]إن الولادة من فوق أي من الله، أي التبني في المسيح، هي عقيدة راسخة في وجدان الكنيسة، وهي ظاهرة بوضوح شديد في إنجيل القديس يوحنا الرسول وعند جميع الآباء القديسين، لا كمعلومة إنما كقوة حياة نعيشها منذ يوم ولادتنا الجديدة من فوق: "[FONT=&quot]وكأطفال مولودين الآن اشتهوا اللبن العقلي العديم الغش لكي تنموا به[/FONT][FONT=&quot]" [/FONT][FONT=&quot](1بطرس 2: 2)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]ولنصغي لكلمة الله ونفهم ونستوعب سرّ بنوتنا في المسيح يسوع:[/FONT]
[FONT=&quot]1[FONT=&quot] – وأما هذه فقد كُتبت (الإنجيل) لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة (ميلاداً جديداً) باسمه؛ [/FONT][FONT=&quot]كتبت هذا إليكم [/FONT][FONT=&quot]أ[/FONT][FONT=&quot]نتم المؤمنين باسم ابن الله لكي تعلموا أن لكم حياة أبدية ولكي تؤمنوا باسم ابن الله[/FONT][FONT=&quot]؛ [/FONT][FONT=&quot]ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق، ونحن في الحق، في ابنه يسوع المسيح، هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية " (يوحنا 20: 31؛ 1يوحنا 5: 13، 20)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]2[FONT=&quot] – [/FONT][FONT=&quot]كل من يؤمن أن يسوع هو المسيح فقد ولد من الله، وكل من يحب الوالد يحب المولود منه أيضاً؛[/FONT][FONT=&quot]بهذا نعرف إننا نحب أولاد الله إذا أحببنا الله وحفظنا وصاياه، فان هذه هي محبة الله أن نحفظ وصاياه ووصاياه ليست ثقيلة[/FONT][FONT=&quot]. (1يوحنا 5: 1 – 3)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]3[FONT=&quot] – أنظروا أية محبة أعطانا الله حتى نُدعى أولاد الله؛ أيها الأحباء؛ نحن أولاد الله (1يوحنا 3: 1و2) [/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]4[FONT=&quot] – أيها الأحباء لنحب بعضنا بعضاً، لأن المحبة هي من الله وكل من يحب فقد وُلِدَ من الله، ويعرف الله (1يوحنا 4: 7)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]5[FONT=&quot] – إن علمتم أنه بار هو، فاعلموا أن كل من يصنع البرّ مولود منه (1يوحنا 2: 29) [/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]6[FONT=&quot] – نعلم أن كل من وُلِدَ من الله لا يُخطئ (يتعدى)، بل المولود من الله يحفظ نفسه، والشرير لا يمسه (1يوحنا 5: 18)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]7[FONT=&quot] – كل من هو مولود من الله لا يفعل الخطية، لأن زرعه (زرع الله) يثبت فيه، ولا يستطيع أن يُخطئ لأنه مولود من الله. (1يوحنا 3: 9)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]8 [FONT=&quot]- [/FONT][FONT=&quot]ل[/FONT][FONT=&quot]أ[/FONT][FONT=&quot]ن كل من ولد من الله يغلب العالم، وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم إيماننا، من هو الذي يغلب العالم إلا الذي يؤمن أن يسوع هو ابن الله.[/FONT][FONT=&quot] (1يوحنا5: 4 – 5)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]عموماً الذي يؤمن بأن يسوع هو المسيح [/FONT]
[FONT=&quot]فهو قد قَبِلَ أن يكون أبناً لله في الابن الوحيد، فيصير أبناً لله في المسيح يسوع: [FONT=&quot]من يؤمن بابن الله فعنده الشهادة في نفسه، من لا يصدق الله فقد جعله كاذبا لأنه لم يؤمن بالشهادة التي قد شهد بها الله عن ابنه[/FONT][FONT=&quot]، [/FONT][FONT=&quot]وهذه هي الشهادة أن الله أعطانا حياة أبدية وهذه الحياة هي في ابنه[/FONT][FONT=&quot]، [/FONT][FONT=&quot]من له الابن فله الحياة ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة [/FONT][FONT=&quot](1يوحنا 5: 10 [/FONT][FONT=&quot]–[/FONT][FONT=&quot] 12)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]ولنا أن نلاحظ وندقق جداً، [/FONT]
[FONT=&quot]فالسبب الأساسي الذي على أساسه نصير أولاداً لله، لا يعتمد على شيء حسنٌ فينا، أو على قدراتنا الخاصة أو شطارتنا ولا حتى جهادنا ولا أمانتنا الشخصية ولو انها مطلوبة أكيد، ولكن تعتمد على أساس إلحاح محبة الله لنا، وهو مضمون الآية (رقم 3): أنظروا أية محبة أعطانا الله حتى نُدعى أولاد الله؛ هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكيلا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية. (يوحنا 3: 16)[/FONT]
[FONT=&quot]فباختصار وبكلمة واحدة تحمل روح الإنجيل كله وفكر آباء الكنيسة[/FONT]
[FONT=&quot] الذين عاشوا كما يحق لإنجيل ربنا يسوع: [نحن أبناء لله الآب في الابن الوحيد – ابن الله صار ابناً للإنسان، حتى يصير ابن الإنسان ابناً لله] [/FONT]
[FONT=&quot]وهُنا نضع قول القديس أغسطينوس في الصدارة: [فطالما نحن هو، ونحن من المسيح، بل ونحن المسيح (أعضاء جسده)، فلا بُدَّ أن يكون أبوه أباً لنا نحن أيضاً، وذلك بفعل الروح عينه الذي به قد ولد الابن الوحيد بيننا] (عن تفسير إنجيل يوحنا ص 108، عظة 133: 8، عظة 144، تفسير مزمور 54، تفسير مزمور 26، وتفسير يوحنا 21: 8، عظة 71: 28)[/FONT]
[FONT=&quot]وطبعاً لنا أن نفهم قول القديس أغسطينوس على ضوء كلمات القديس بولس الرسول: "[FONT=&quot]لأننا أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه[/FONT][FONT=&quot]" [/FONT][FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot]أفسس[/FONT][FONT=&quot] 5: 30)[/FONT][/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[FONT=&quot]2 – مقدمـــــــــــــــــــــة
[FONT=&quot]التبني –
[FONT=&quot]adoption as sons
[FONT=&quot][
[FONT=&quot]sonship – full rights of sons[/FONT][FONT=&quot]][/FONT]
[FONT=&quot]بنوَّه – الحقوق الكاملة للأبناء[/FONT]
[FONT=&quot]أولاً: معنى كلمة التبني على مستوى العهدين لفظاً وتطبيقاً[/FONT]

[/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]أساس تعبير [التبني] اشتق من كلمة [ابن]،
[/FONT]

[FONT=&quot]ولو عدنا للكتاب المقدس لأصل المعنى وارتباطه بعمل الله واختياره ودعوته سنجد في إشعياء النبي يقول [ربيت بنين [FONT=&quot]בָּנִים֙
[FONT=&quot] (وتنطق [/FONT][FONT=&quot]bā·nîm) = [/FONT][FONT=&quot]children[/FONT][FONT=&quot] وأصل الكلمة [/FONT][FONT=&quot]בֵּן[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]ben[/FONT][FONT=&quot]) = ابن]، وهذا التعبير – في العهد القديم – دائماً ما يُعبر عن الانتساب لله بشكل خاص كاختيار متميز، لذلك نجد رسالة الله لفرعون على فم موسى النبي يقول: [يقول الرب: إسرائيل ابني البكر] [/FONT][FONT=&quot]אָמַ֣ר יְהוָ֔ה[/FONT][FONT=&quot]בְּנִ֥י בְכֹרִ֖י יִשְׂרָאֵֽל[/FONT][FONT=&quot] (البكر [/FONT][FONT=&quot]πρωτότοκός[/FONT][FONT=&quot]בְכֹרִ֖י[/FONT][FONT=&quot]) = [يقول يهوه: إسرائيل ابني البكر (بكري أنا "يهوه")].[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]طبعاً المعنى هنا ليس بهذا الشكل البسيط لأنه عميق للغاية وشرحه يطول جداً [/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]ويحتاج موضوع منفرد بذاته، لكن عموماً بإيجاز يلزمنا أن نعرف أن الشعب هنا شعب الوعد والبركة [والبركة تُعطى للبكر]، فهم أبناء الوعد المُعطى لإبراهيم، فهم من نسل إبراهيم أبناء الموعد، فهم أبناء يعقوب ابن اسحق الآتي من ساره (بن الحرة)، لهم الميراث، ميراث إبراهيم: [لأن كلمة الموعد هي هذه: أنا آتي نحو هذا الوقت ويكون لسارة ابن – رومية 9: 9]؛ [فإذا كلام الرب إليه (لإبراهيم) قائلاً: لا يرثك هذا، بل الذي يخرج من أحشائك هو يرثك؛ فقالت (سارة) لإبراهيم اطرد هذه الجارية وابنها، لأن ابن هذه الجارية لا يرث مع ابني اسحق؛ لكن ماذا يقول الكتاب: أطرد الجارية وابنها لأنه لا يرث ابن الجارية مع ابن الحرة] (تكوين 15: 4؛ 21: 10؛ غلاطية 4: 30)
[FONT=&quot]فالشعب هو شعب إسرائيل، وتعبير إسرائيل: [/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]هو اسم خاص مُميز لأنه مُقدّس، وهو يعتبر – بالدرجة الأولى – البركة الخاصة المُعطاة ليعقوب: [فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ. وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ. وَقَالَ: "أَطْلِقْنِي لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ". فَقَالَ: "لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي". فَسَأَلَهُ: "مَا اسْمُكَ؟" فَقَالَ: "يَعْقُوبُ". فَقَالَ: "لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ [إِسْرَائِيلَ] لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدِرْتَ". وَسَأَلَهُ يَعْقُوبُ: "أَخْبِرْنِي بِاسْمِكَ". فَقَالَ: "لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي؟" وَبَارَكَهُ هُنَاكَ. فَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ "فَنِيئِيلَ" قَائِلاً: "لأَنِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْهاً لِوَجْهٍ وَنُجِّيَتْ نَفْسِي" – تكوين 32: 24 – 30]
[FONT=&quot] فإسرائيل اسم شعب العهد [/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot][وأما أنت يا إسرائيل، عبدي يا يعقوب، الذي اخترته، نسل إبراهيم خليلي – إشعياء 41: 8]. وهذا الشعب يكوّن "جماعة إسرائيل [FONT=&quot]עֲדַ֤ת
[FONT=&quot]יִשְׂרָאֵל֙[/FONT][FONT=&quot]" (خروج 12: 3 و6)، وبهذه الصفة توجه له مخاطبات التثنية (اسمع يا إسرائيل)، فالله قد ارتبط بنوع ما بإسرائيل بمقتضى الاختيار والعهد القائم على وعد: فهو يهوه إله إسرائيل [[/FONT][FONT=&quot]יְהוָה֙[/FONT][FONT=&quot] אֱלֹהֵ֣י[/FONT][FONT=&quot] יִשְׂרָאֵ֔ל[/FONT][FONT=&quot]] (خروج 5: 1) وسنجد هذا التعبير [إله إسرائيل [/FONT][FONT=&quot]אֱלֹהֵ֣י[/FONT][FONT=&quot] יִשְׂרָאֵ֔ל[/FONT][FONT=&quot]] منتشر بكثرة على صفحات العهد القديم مثل: تكوين 33: 20؛ خروج 5: 1؛ 34: 23؛ إشعياء 17: 6، إرميا 7: 3، حزقيال 8: 4؛ الخ..[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]فإسرائيل من جهة الاختصاص فهو الابن البكر الذي يخص الله،[/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]له البركة والوعد بصفته نسل مقدس وأمه مختاره أبيها إبراهيم وقد نالت بركة يعقوب، لأن يعقوب جاهد مع الله الجهاد الحسن وامسك به فنال البركة، وعلى إسرائيل كابن بكر خاص بالله، أن يعيش في جهاد يعقوب لتثبيت البركة، لذلك دائماً نلاحظ حينما يخاطب الله الشعب ليوضح لهم السلوك بمقتضى الدعوة التي دعاهم بها كأبناء إبراهيم واسحق ويعقوب يقول: [اسمع يا إسرائيل]، موضحاً أن هذه هي البركة: [البركة إذا سمعتم لوصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها اليوم – تثنية 11: 27]
[FONT=&quot]أما بالنسبة لتعبير التبني في اللغة اليونانية [/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]يأتي بـلفظة [FONT=&quot]υἱοθεσία
[FONT=&quot] – [/FONT][FONT=&quot]huiothesia[/FONT][FONT=&quot]، والمعنى في العهد الجديد ([/FONT][FONT=&quot]adoption, as a son into the divine family[/FONT][FONT=&quot]) أي تبني الإنسان لله في المسيح (أي إنسان – مهما من كان هوَّ – يؤمن بالمسيح مهما ما كان جنسه أو عرقه أو شخصيته أو طفل أو طفلة أو شيخ أو امرأة.. الخ) ووضعه في موضع الأبناء في العائلة الإلهية بغرض أن يكون: [رعية مع القديسين وأهل بيت الله – أفسس 2: 19] [/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]عموماً المعنى العام للتبني هو [/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]اتخاذ شخص [ليس ابناً طبيعياً بحسب صلة الرحم] ليوضع في مكانة الابن، وعموماً الكلمة تُشير إلى الإجراء القانوني المتبع، الذي يستطيع به أي إنسان أن يلحق أبناً بعائلته الشخصية، ويخلع عليه قانونياً كل حقوق وامتيازات الابن، بالرغم أنه ليس ابناً طبيعياً له، بل وليس من عشيرته أو من قومه الأقربين وأحياناً يكون من مكان أو وطن آخر، بل هو متبني وبالتالي صار لهُ حقوق الأبن الشرعي مساوياً لهُ في كل شيء بلا استثناء بصفته ابناً حقيقياً.

[FONT=&quot]وقد جرت العادة عند الأقدمين، ولا تزال إلى الآن، أن يتبنّوا أولاداً لأنفسهم. فيتمتع هؤلاء البنون بجميع الحقوق البنوية من وراثة وغيرها كأنهم أبناء حقيقيون: [ولما كبر الولد جاءت به إلى ابنة فرعون فصار لها ابنا؛ بالإيمان موسى لما كبر أبى أن يُدعى ابن ابنة فرعون] (خروج 2: 10؛ عبرانيين 11: 24). [/FONT]
[FONT=&quot]وكانت المرأة قديماً، [/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]إذا لم يكن لها ولد تُعطي جاريتها زوجة لبعلها، فإذا ولد له منها بنون، تبنتّهم سيدة الجارية وحسبتهم بنين لها كما صنعت سارة وراحيل. وإذا حدث أن رجلاً لم يكن له إلاّ ابنة وحيدة فقد يكون منه أن يعطيها زوجة لعبد معتوق، ويتبنّى أولادها ليرثوه ويحيوا اسمه بعد موته. والتبنّي أمر مشهور عند الرومانيين واليونانيين. وقد سنّ لهم حكامهم شرائع مخصصة.
[FONT=&quot]وهذه الكلمة عموماً (التبني)، [/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]لا تُذكر في العهد القديم إلا نادراً جداً وفي مواضع قاصرة ومحددة وتعتبر غريبة على شعب إسرائيل ودخيله، فلا يوجد في العهد القديم أية قواعد قانونية خاصة بالتبني، رغم وجود تعبيرات توحي بها وتُظهرها مثل: "أنا أكون له أباً وهو يكون لي ابناً" (2صموئيل 7: 14)، أو "واتخذكم لي شعباً" (خروج 6: 7)، لكن تعبير التبني لا تظهر بوضوح إلا في العهد الجديد، وعلى الأخص في رسائل القديس بولس الرسول، وتُذكر في: [غلاطية 4: 5؛ رومية 8: 15 و23؛ رومية 9: 4؛ أفسس 1: 5].
[FONT=&quot]فالعهد القديم قائم على الحفاظ على [/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]تسلسل الأنسال – حسب الجسد – من إبراهيم واسحق ويعقوب (إسرائيل)، على أساس أن الوعد قائم من إبراهيم ليكون أب لجمهور كثير، فشعب إسرائيل يعتبر ابناً لإبراهيم بالدرجة الأولى [أنتم ابناء الأنبياء والعهد الذي عاهد به الله آباءنا قائلاً لإبراهيم وبنسلك تتبارك جميع قبائل الأرض[FONT=&quot]أعمال 3: 25]، أما عن الانضمام لشعب إسرائيل وتهود الأمم كان لهُ شروطه الخاصة وكانوا يُسموا [اليهود الدخلاء] وهي تعتبر صورة مصغرة لفكرة التبني، إذ نجد أن التلمود يُطلق على المتهودين حديثاً مصطلح: [الأطفال المولودين حديثاً]، لأن الأممي المنضم لليهودية حينما يوفي شروط انضمامه ويُختتن، يُلحق باسمه الجديد في ناهيته ابناً لإبراهيم، يعني مثلاً يُقال: [سارة بنت إبراهيم أبينا]، أو [اسحق ابن إبراهيم أبينا] لذلك نجد في كتاب [مجموع الشرع اليهودي] يقول: [استُخدم لقب "بن إبراهيم" أو "بنت إبراهيم" ليعيش المتهود كما يحق لابن إبراهيم أو بنت إبراهيم]؛ وهذا يجعلنا نفهم كلام الرب لليهود الذين آمنوا به: أجابوا وقالوا له أبونا هو إبراهيم، قال لهم يسوع لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم (يوحنا 8: 39). ولذلك نجد أن القديس بولس الرسول وضح أن التميز ليس تميز حسب الجسد بل حسب الروح، لذلك قال في رسالة رومية:
لأَنَّ الْيَهُودِيَّ فِي الظَّاهِرِ لَيْسَ هُوَ يَهُودِيّاً وَلاَ الْخِتَانُ الَّذِي فِي الظَّاهِرِ فِي اللَّحْمِ خِتَاناً. بَلِ الْيَهُودِيُّ فِي الْخَفَاءِ هُوَ الْيَهُودِيُّ وَخِتَانُ الْقَلْبِ بِالرُّوحِ لاَ بِالْكِتَابِ هُوَ الْخِتَانُ الَّذِي مَدْحُهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ بَلْ مِنَ اللهِ (رومية 2: 28، 29)[/FONT]
[FONT=&quot]عموماً لكي نفهم المعنى على مستوى العهدين [/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]من الناحية التطبيقية لا بد من أن نضع آية إنجيل يوحنا في مقابل كلام بولس الرسول في رسالة غلاطية ورسالة رومية:

[FONT=&quot]+ الله واحد هو الذي سيبرر الختان (اليهود) بالإيمان والغرلة (الأمم) بالإيمان: [كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِياً إِلَى الْعَالَمِ. كَانَ فِي الْعَالَمِ وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ. إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ بَلْ مِنَ اللَّهِ]. (رومية 2: 30؛ يوحنا 1: 9 – 13)[/FONT]

[FONT=&quot]+ وَلَكِنْ قَبْلَمَا جَاءَ الإِيمَانُ كُنَّا مَحْرُوسِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، مُغْلَقاً عَلَيْنَا إِلَى الإِيمَانِ الْعَتِيدِ أَنْ يُعْلَنَ. إِذاً قَدْ كَانَ النَّامُوسُ مُؤَدِّبَنَا إِلَى الْمَسِيحِ، لِكَيْ نَتَبَرَّرَ بِالإِيمَانِ. وَلَكِنْ بَعْدَ مَا جَاءَ الإِيمَانُ لَسْنَا بَعْدُ تَحْتَ مُؤَدِّبٍ. لأَنَّكُمْ جَمِيعاً أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ. لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ. لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعاً وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. فَإِنْ كُنْتُمْ لِلْمَسِيحِ فَأَنْتُمْ إِذاً نَسْلُ إِبْرَاهِيمَ، وَحَسَبَ الْمَوْعِدِ وَرَثَةٌ. (غلاطية 3: 23 – 29)[/FONT]

[FONT=&quot]+ فَمَاذَا نَقُولُ إِنَّ أَبَانَا إِبْرَاهِيمَ قَدْ وَجَدَ حَسَبَ الْجَسَدِ؟ لأَنَّهُ إِنْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ قَدْ تَبَرَّرَ بِالأَعْمَالِ فَلَهُ فَخْرٌ وَلَكِنْ لَيْسَ لَدَى اللهِ. لأَنَّهُ مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ؟ «فَآمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللَّهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرّاً». أَمَّا الَّذِي يَعْمَلُ فَلاَ تُحْسَبُ لَهُ الأُجْرَةُ عَلَى سَبِيلِ نِعْمَةٍ بَلْ عَلَى سَبِيلِ دَيْنٍ. وَأَمَّا الَّذِي لاَ يَعْمَلُ وَلَكِنْ يُؤْمِنُ بِالَّذِي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ فَإِيمَانُهُ يُحْسَبُ لَهُ بِرّاً. كَمَا يَقُولُ دَاوُدُ أَيْضاً فِي تَطْوِيبِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَحْسِبُ لَهُ اللهُ بِرّاً بِدُونِ أَعْمَالٍ: «طُوبَى لِلَّذِينَ غُفِرَتْ آثَامُهُمْ وَسُتِرَتْ خَطَايَاهُمْ. طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لاَ يَحْسِبُ لَهُ الرَّبُّ خَطِيَّةً». أَفَهَذَا التَّطْوِيبُ هُوَ عَلَى الْخِتَانِ فَقَطْ أَمْ عَلَى الْغُرْلَةِ أَيْضاً؟ لأَنَّنَا نَقُولُ إِنَّهُ حُسِبَ لإِبْرَاهِيمَ الإِيمَانُ بِرّاً. فَكَيْفَ حُسِبَ؟ أَوَهُوَ فِي الْخِتَانِ أَمْ فِي الْغُرْلَةِ؟ لَيْسَ فِي الْخِتَانِ بَلْ فِي الْغُرْلَةِ (قبل أن يعرف الختان)! وَأَخَذَ عَلاَمَةَ الْخِتَانِ خَتْماً لِبِرِّ الإِيمَانِ الَّذِي كَانَ فِي الْغُرْلَةِ لِيَكُونَ أَباً لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ وَهُمْ فِي الْغُرْلَةِ كَيْ يُحْسَبَ لَهُمْ أَيْضاً الْبِرُّ. وَأَباً لِلْخِتَانِ لِلَّذِينَ لَيْسُوا مِنَ الْخِتَانِ فَقَطْ بَلْ أَيْضاً يَسْلُكُونَ فِي خُطُواتِ إِيمَانِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي كَانَ وَهُوَ فِي الْغُرْلَةِ. فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالنَّامُوسِ كَانَ الْوَعْدُ لإِبْرَاهِيمَ أَوْ لِنَسْلِهِ أَنْ يَكُونَ وَارِثاً لِلْعَالَمِ بَلْ بِبِرِّ الإِيمَانِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الَّذِينَ مِنَ النَّامُوسِ هُمْ وَرَثَةً فَقَدْ تَعَطَّلَ الإِيمَانُ وَبَطَلَ الْوَعْدُ! لأَنَّ النَّامُوسَ يُنْشِئُ غَضَباً إِذْ حَيْثُ لَيْسَ نَامُوسٌ لَيْسَ أَيْضاً تَعَدٍّ. لِهَذَا هُوَ مِنَ الإِيمَانِ كَيْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ النِّعْمَةِ لِيَكُونَ الْوَعْدُ وَطِيداً لِجَمِيعِ النَّسْلِ. لَيْسَ لِمَنْ هُوَ مِنَ النَّامُوسِ فَقَطْ بَلْ أَيْضاً لِمَنْ هُوَ مِنْ إِيمَانِ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي هُوَ أَبٌ لِجَمِيعِنَا. كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «إِنِّي قَدْ جَعَلْتُكَ أَباً لأمَمٍ كَثِيرَةٍ». أَمَامَ اللهِ الَّذِي آمَنَ بِهِ الَّذِي يُحْيِي الْمَوْتَى وَيَدْعُو الأَشْيَاءَ غَيْرَ الْمَوْجُودَةِ كَأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ. فَهُوَ عَلَى خِلاَفِ الرَّجَاءِ آمَنَ عَلَى الرَّجَاءِ لِكَيْ يَصِيرَ أَباً لأمَمٍ كَثِيرَةٍ كَمَا قِيلَ: «هَكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ». وَإِذْ لَمْ يَكُنْ ضَعِيفاً فِي الإِيمَانِ لَمْ يَعْتَبِرْ جَسَدَهُ وَهُوَ قَدْ صَارَ مُمَاتاً إِذْ كَانَ ابْنَ نَحْوِ مِئَةِ سَنَةٍ وَلاَ مُمَاتِيَّةَ مُسْتَوْدَعِ سَارَةَ. وَلاَ بِعَدَمِ إِيمَانٍ ارْتَابَ فِي وَعْدِ اللهِ بَلْ تَقَوَّى بِالإِيمَانِ مُعْطِياً مَجْداً لِلَّهِ. وَتَيَقَّنَ أَنَّ مَا وَعَدَ بِهِ هُوَ قَادِرٌ أَنْ يَفْعَلَهُ أَيْضاً. لِذَلِكَ أَيْضاً حُسِبَ لَهُ بِرّاً. وَلَكِنْ لَمْ يُكْتَبْ مِنْ أَجْلِهِ وَحْدَهُ أَنَّهُ حُسِبَ لَهُ. بَلْ مِنْ أَجْلِنَا نَحْنُ أَيْضاً الَّذِينَ سَيُحْسَبُ لَنَا الَّذِينَ نُؤْمِنُ بِمَنْ أَقَامَ يَسُوعَ رَبَّنَا مِنَ الأَمْوَاتِ. الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا (رومية 4: 1 – 25)[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[FONT=&quot]ثانياً: الفكرة القانونية العامة
[FONT=&quot]

[FONT=&quot][سوف نذكر التبني – باختصار شديد – من خلال العهد القديم وعادات الشعوب لنميز ما بين المفهوم القانوني وعادات الشعوب، وبين العهد الجديد وما شرحه القديس بولس الرسول، لأننا لن نفهم ما كتبه القديس بولس وفي ذهننا لبس ما بين التبني على مستوى الجسد وعادات الشعوب وما بين بنوتنا الحقيقية في المسيح يسوع[FONT=&quot]، لأن الأولى تنتمي للجسد وتُقام على أساس العاطفة الإنسانية الطبيعية بحسب الغريزة وإشباع حاجات البشر، أما الثانية فهي بنوة بالروح[/FONT][FONT=&quot] حسب رحمة محبة الله المتسعة جداً والثابتة الغير متقلبة ولا متغيرة][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]عموماً كانت هذه العادة [التبني] شائعة بين اليونانيين والرومانيين، وغيرهم من الشعوب قديماً، ولكنها لا تُذكر إطلاقاً في الشريعة اليهودية:[/FONT]
[FONT=&quot]1 – التبني في العهد القديم
[/FONT]
[FONT=&quot]نقرأ في العهد القديم عن ثلاثة حالات من التبني:​
[FONT=&quot]الحالة الأولى موسى، [/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]وقد تبنته ابنة فرعون "ولما كبر الولد جاءت به إلى ابنة فرعون فصار لها ابناً [تبنته]" (خروج 2: 10)[/FONT]
[FONT=&quot]والحالة الثانية جنوبث، [/FONT]
[FONT=&quot]وقد تبنته خالته تحفنيس زوجة فرعون مصر "فولدت لهُ أخت تحفنيس جنوبث ابنهُ وفطمته تحفنيس في وسط بيت فرعون. وكان جنوبث في بيت فرعون بين بني فرعون" (1ملوك 11: 20)[/FONT]
[FONT=&quot]والحالة الثالثة أستير،[/FONT]
[FONT=&quot]وقد تبناها مردخاي "وكان مربياً لهدسه أي أستير بنت عمه، لأنه لم يكن لها أب ولا أم [مات أبوها وأمها فتبناها مردخاي].. أستير ابنة أبيحايل عم مردخاي الذي اتخذها لنفسه ابنة " (أستير 2: 7 و15)[/FONT]

[FONT=&quot]ونُلاحظ بالنسبة لهذه الحالات الثلاث، أنها لم تحدث في فلسطين، بل في خارجها، وبالتحديد في مصر وفارس، حيث كان التبني أمراً شائعاً في تلك المناطق. والتبني يصدر دائماً عن الأب المتبني (الذي يريد التبني)، فهو من يتخذ المبادرة على الدوام. وقد يكون الدافع لهذا هو الاحتياج العاطفي والنفسي، أي ملء الفراغ العاطفي لعدم وجود ذرية تُشبع العواطف الأبوية والمفاهيم الدينية، وأيضاً لحفظ اسم العائلة واستمرارها وامتدادها المستقبلي، أو للرغبة في ممارسة السلطة الأبوية للإشباع النفسي العاطفي.[/FONT]
[FONT=&quot]2 – التبني في عادات الشعوب باختصار
[/FONT]
[FONT=&quot]كانت إجراءات وشروط التبني تختلف من شعب لآخر ومن زمن لزمن، حسب عاداته وتقاليده وديانته، فقد كان التبني عند الأمم الشرقية يمكن أن يمتد إلى العبيد أو الأسرى [كما في حالة موسى]، وبالتبني ينالون حريتهم ويحصلون على الحقوق الكاملة التي للأبناء والأحرار؛ أما عند اليونان والرومان، فكان التبني قاصراً على المواطنين الأحرار، إلا في بعض الحالات الاستثنائية فقط.[/FONT]
[FONT=&quot]1 – عند اليونان:[FONT=&quot] [/FONT][/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]كان ممكناً للإنسان في أثناء حياته أو في وصية تُنفَذ بعد وفاته، أن يتبنى أي مواطن ذكر، فيصبح في مكانة الابن له كل حقوقه الكاملة في كل شيء، ولكن بشرط أن يقبل الابن المتبني القيام بكل الالتزامات القانونية والواجبات الدينية التي يلتزم بها الابن الطبيعي لأبيه.

[FONT=&quot]2 – عند الرومان:[FONT=&quot] [/FONT][/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]نلاحظ أن سلطة الأب عند الرومان سلطوية عاتية، فكان الأب يُمارس على ابنه سلطة شبيهة بالسلطة التي يُمارسها السيد على عبده، وقد أضفى هذا صورة غريبة على عملية التبني لتظهر بشكل مرض نفسي يظهر فيه حب التسلط على الأضعف، وكانت إجراءات التبني شبيهة بما كان يُجرى عند اليونانيين، وعلى وجه التحديد: كان التبني إجراء به ينتقل الابن من سلطة أبيه الحقيقي إلى سلطة أبيه بالتبني، وكأنها عملية بيع افتراضية للابن يُصبح بها خاضعاً تماماً لسلطة الأب الذي تبناه.

[FONT=&quot]وكانت الإجراءات تتم بأن يقوم الوالد ببيع ولده للأب الجديد ثلاثة مرات، بعدها يَمْثُل الوالد الجديد أمام القاضي ويُعلن أن هذا الولد صار أبناً له، وهكذا يصبح هذا الابن هو الوريث الشرعي لأبيه بالتبني.[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[FONT=&quot]ثالثاً: التبني في رسائل القديس بولس الرسول
[FONT=&quot]1 – تمهيــــــد
[FONT=&quot]بالطبع وبلا أدنى شك كان القديس بولس الرسول عارفاً بالعادات الرومانية كشخص حاصل على الجنسية الرومانية [فلما مدوه للسياط قال بولس لقائد المئة الواقف أيجوز لكم أن تجلدوا إنساناً رومانياً غير مقضي (محكوماً) عليه (أعمال 22: 25)]، كما أنه سواء في موطنه في طرسوس المدينة الكبيرة، أو في رحلاته العديدة، قد عرف عادات الشعوب والمناطق الأخرى بخلاف معرفته بالتقليد اليهودي بسبب يهوديته وتعليمه على يد غمالائيل [أَنَا رَجُلٌ يَهُودِيٌّ وُلِدْتُ فِي طَرْسُوسَ كِيلِيكِيَّةَ، وَلَكِنْ رَبَيْتُ فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ مُؤَدَّباً عِنْدَ رِجْلَيْ غَمَالاَئِيلَ عَلَى تَحْقِيقِ النَّامُوسِ الأَبَوِيِّ. وَكُنْتُ غَيُوراً لِلَّهِ كَمَا أَنْتُمْ جَمِيعُكُمُ الْيَوْمَ (أعمال 22: 3)]
[FONT=&quot] وهو يستخدم فكرة التبني ليس في حرفها القانوني [/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]كما كانت عند الرومان أو عند باقي الشعوب، فمن الخطأ الفادح بل والخطر الشديد الذهاب بكلمات القديس بولس عن التبني إلى حدود بعيدة من التفاصيل لتشتمل على الفكر الحضاري عند الشعوب المختلفة، أو حتى فكر اليوم عن التبني سواء بقبوله أو رفضه قانونياً حسب قانون الدول المختلفة، كما لا يصح – أيضاً – أن نطبقه من الجهة الحرفية القانونية أو الفكرية أو حتى الفلسفية ولا النفسية ولا حتى من جهة علم المشورة أو غيره من العلوم المختلفة، لأن هناك اختلاف بارز وجوهري بين التبني عند الشعوب وفي الفكر الفلسفي أو حتى من جهة حقوق الإنسان وعلم النفس والتبني عند الله، كما رأيناها في المقدمة والفكرة القانونية العامة، لأن القديس بولس يستخدم كلمة التبني ليُبين أن الله – بإعلان نعمته في المحبوب يسوع ابنه بالطبيعة والحق – أتى بالناس إلى علاقة الأبناء الحقيقيين ومنحهم اختبار وتذوق علاقة الأبناء في الابن الوحيد له بالطبيعة، ولذلك نجد أن الرسول أضفى على كلمة التبني معاني لاهوتية روحية متسعة ليوضح علاقتنا الجديدة بالله (حسب التدبير) في يسوع المسيح ابنه الحقيقي والوحيد.
[FONT=&quot]لذلك علينا الآن (لكي نفهم الموضوع فهماً كاملاً صحيحاً) أن نُدرك [/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]أنه من المستحيل معرفة الأبوة إلا من خلال البنوة، ولا معرفة البنوة إلا من خلال الأبوة، أي أننا لن نتذوق أبوة الله (عملياً في حياتنا الشخصية) إلا في بنوة الابن الوحيد، كما أننا لن نستطيع أن ندخل في سرّ التبني بالتذوق والاختبار إلا من خلال أبوة الله الآب في المسيح يسوع، وهذا ما ينبغي أن نضعه في ذهننا حينما ندخل في كتابات بولس الرسول عن التبني، لأن هذا محور حديث الرسول كله في كتاباته الملهمة بالروح حسب ما تذوقه وعاشه فعلياً، لذلك ركز أيضاً على الروح القدس روح التبني في المسيح لأنه هو الذي يأخذ من المسيح الرب ويُعطينا، لأن به فقط نستطيع أن نخاطب الله الآب أباً لنا في المسيح ونقول: [أبا أيها الآب].
[FONT=&quot]لذلك علينا أن نركز في الآيات التالية [/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]ونضعها في أذهاننا مع التركيز على الأبوة والبنوة التي تظهر في الإنجيل كإعلان عن طبيعة الله وانعكاسها العملي علينا من جهة التطبيق والحياة بروح الشركة الروح القدس، ولندقق في كلمات المسيح إلهنا الحي عن معرفته ومعرفة الآب، لأن الآب يُعرف من خلال الابن والابن من خلال الآب بالروح القدس، فأبوة الله تظهر في بنوة الابن كاستعلان بالروح القدس لكل قلب يُريد أن يعرف الله بالصدق والحق: وَالْتَفَتَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي. وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ مَنْ هُوَ الاِبْنُ إِلاَّ الآبُ وَلاَ مَنْ هُوَ الآبُ إِلاَّ الاِبْنُ وَمَنْ أَرَادَ الاِبْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ» (لوقا 10: 22)
[FONT=&quot][لا يقدر أحد أن يُقبل إليَّ أن لم يجتذبه الآب الذي أرسلني وأنا أُقيمه في اليوم الأخير. الروح هو الذي يُحيي أما الجسد فلا يُفيد شيئاً، الكلام الذي أُكلمكم به هو روح وحياة. ولكن منكم قوم لا يؤمنون –لأن يسوع من البدء علم من هم الذين لا يؤمنون ومن هو الذي يسلمه – فقال لهذا قلت لكم أنه لا يقدر أحد أن يأتي إليَّ أن لم يعط من أبي. من هذا الوقت رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه] (يوحنا 6: 44، 63 – 66)[/FONT]
[قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي. لَوْ كُنْتُمْ قَدْ عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُمْ أَبِي أَيْضاً. وَمِنَ الآنَ تَعْرِفُونَهُ وَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ». قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ: «يَا سَيِّدُ أَرِنَا الآبَ وَكَفَانَا». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا مَعَكُمْ زَمَاناً هَذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ! اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ أَرِنَا الآبَ؟ أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟ الْكلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ. صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ وَإِلاَّ فَصَدِّقُونِي لِسَبَبِ الأَعْمَالِ نَفْسِهَا. اَلْحَقَّ، الْحَقَّ، أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَالأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا يَعْمَلُهَا هُوَ أَيْضاً وَيَعْمَلُ أَعْظَمَ مِنْهَا لأَنِّي مَاضٍ إِلَى أَبِي. وَمَهْمَا سَأَلْتُمْ بِاسْمِي (انا ابن الله) فَذَلِكَ أَفْعَلُهُ لِيَتَمَجَّدَ الآبُ بِالاِبْنِ. إِنْ سَأَلْتُمْ شَيْئاً بِاسْمِي فَإِنِّي أَفْعَلُهُ. «إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ. وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ. رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ. لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ. بَعْدَ قَلِيلٍ لاَ يَرَانِي الْعَالَمُ أَيْضاً وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَرَوْنَنِي. إِنِّي أَنَا حَيٌّ فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ. فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا فِي أَبِي وَأَنْتُمْ فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي وَأَنَا أُحِبُّهُ وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي». قَالَ لَهُ يَهُوذَا لَيْسَ الإِسْخَرْيُوطِيَّ: «يَا سَيِّدُ مَاذَا حَدَثَ حَتَّى إِنَّكَ مُزْمِعٌ أَنْ تُظْهِرَ ذَاتَكَ لَنَا وَلَيْسَ لِلْعَالَمِ؟». أَجَابَ يَسُوعُ: «إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كلاَمِي وَيُحِبُّهُ أَبِي وَإِلَيْهِ نَأْتِي وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً. اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ يَحْفَظُ كلاَمِي. وَالْكلاَمُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي. بِهَذَا كَلَّمْتُكُمْ وَأَنَا عِنْدَكُمْ. وَأَمَّا الْمُعَزِّي الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ] (يوحنا 14: 6 – 26)
[فقال لهم متى صليتم فقولوا أبانا الذي في السماوات، ليتقدس اسمك، لِيَأْتِ ملكوتك، لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض؛ اسْأَلُوا تُعْطَوْا. اطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ. فَمَنْ مِنْكُمْ وَهُوَ أَبٌ يَسْأَلُهُ ابْنُهُ خُبْزاً أَفَيُعْطِيهِ حَجَراً؟ أَوْ سَمَكَةً أَفَيُعْطِيهِ حَيَّةً بَدَلَ السَّمَكَةِ؟ أَوْ إِذَا سَأَلَهُ بَيْضَةً أَفَيُعْطِيهِ عَقْرَباً؟ فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الآبُ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ يُعْطِي الرُّوحَ الْقُدُسَ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ؛ إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف، بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب] (لوقا 11: 2، 9 – 13؛ رومية 8: 15)
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[FONT=&quot]2 – التبني في رسالة غلاطية
[FONT=&quot]في الرسالة إلى غلاطية نجد أن هناك مقابلة هامة للغاية وضعها الرسول ما بين التبني والحرية، وبين القاصر (أو العبودية) والناموس؛ لذلك نجد الرسول يركز على الحرية التي يتمتع بها الذين يعيشون لله بالإيمان كأبناء خاضعين (بالروح) لسلطان ناموس روح الحياة في المسيح يسوع الكاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق، وذلك في مقابل الذين يخضعون (بالجسد) للطقوس والفرائض الناموسية حسب الكهنوت اللاوي القائم على رتبة هارون، لأن هناك فرق عظيم ما بين الابن الناضج والابن القاصر؛ فالقاصر مثل العبد: يتوجب عليه الطاعة الكاملة لسيده لأنها فرضاً لازماً عليه من أجل تأديبه، ونلاحظ أن الطاعة هنا مُلزمة وليس فيها حُرية، وهذا وضع طبيعي للعبد الذي ليس لهُ سلطاناً على إرادته الخاصة لأنها ملك آخر ينبغي أن يخضع لهُ، فالقاصر تحت التأديب والتقويم، الذي لا يتمتع بكامل حريته فأنه لا يستطيع أن يستلم ميراثه لأنه ما زال قاصراً تحت مؤدب.

[FONT=&quot]أما الابن الراشد أو الناضج الكامل في البيت [/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]هو الذي يُطيع أبيه ويخضع لهُ بسبب رابطة المحبة القوية التي بينهما المبني عليها الحرية، لأن الابن لا تُسلب منه حُريته، كما أن خضوعه لأبيه ليس خضوع القاصر الطائش الذي لا يملك إرادته الكاملة لأنه ما زال قاصراً غير مُدركاً لوضعه، بل الوضع الطبيعي للابن البالغ هو وضع علاقة أسرية كاملة في الحقوق والواجبات، لذلك يقول الرسول: [فاثبتوا إذاً في الحرية التي حررنا المسيح بها، ولا ترتبكوا أيضاً بنير عبودية] (غلاطية 5: 1)

[FONT=&quot]عموماً القديس بولس الرسول في رسالة غلاطية، [/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]يُظهر لنا حالة الحرية التي حررنا بها الابن الوحيد إذ قد نقلنا من العبودية وحالة القصور (التي كانت بسبب الخطية والمَذَلَّة التي تعمل فينا بسبب الضعف) للبنوة والحرية الدائمة، كما أنه مقابل ذلك يُظهر الفرق بين الناموس كمؤدب ومربي وبين النعمة الكاملة، كفرق بين عهدين كما قال القديس يوحنا الرسول: [الناموس بموسى أُعطى، أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا] (يوحنا 1: 17)

[FONT=&quot]وعلينا أن نُدرك أن ليس معنى ذلك أن نحتقر الناموس [/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]أو نقلل من شأنه أو دوره العظيم في حياة الإنسانية، فالناموس لهُ هيبته وسلطانه ولهُ ضرورته، والعيب لم يكن فيه أبداً، بل في الإنسانية الساقطة، فالناموس [مُقدس والوصية مقدسة وعادلة وصالحة؛ فإننا نعلم أن الناموس روحي، وأما أنا (كإنسان) فجسدي مبيع تحت الخطية؛ فإن كُنت أفعل ما لستُ أُريده فإني أُصادق الناموس أنه حسن؛ فإني أُسر بناموس الله بحسب الإنسان الباطن] (رومية 7: 12، 14، 16، 22)

[FONT=&quot]فالناموس كان لهُ غرض مُحدد وُضِعَ من أجله [/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]لزمن مُعين محدود لتأديب الشعب، لكن حينما ظهر ابن الله الحي في الجسد في ملء الزمان حسب التدبير، انتهى زمان التأديب الناموسي في الجسد، وبدأ الزمان الجديد بالروح، فكان لزاماً على الناموس أن ينسحب لأنه تم رفع العجز الذي كان بسبب السقوط، ليبدأ عصر التجديد والحياة في المسيح يسوع حيث الكمال وعمل الروح القدس في النفس داخلياً، لأن المسيح الرب جاء خصيصاً لمعالجة خطية الإنسان وإبطال مفعولها الذي هو الموت [لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا (رومية 6: 23)[FONT=&quot]] لأنه بالموت داس الموت، وعبر بنا للمجد لأنه قام وجلس عن يمين العظمة في الأعالي بجسم بشريتنا.
[/FONT]
ولذلك نستطيع أن نلاحظ في رسالة غلاطية الفرق العظيم
[/FONT]
ما بين الإنسان وهو تحت الناموس كحارس ومؤدب بسبب حالة عدم النضوج الروحي، كالابن القاصر الذي كان تحت وكيل مؤدب، وبين الإنسان البالغ الكامل بسبب الفداء، الإنسان الذي آمن بالمسيح فصار لائقاً ليستلم الميراث ويعيش في الحرية الحقيقية لأول مرة، لذلك يقول الرسول: [ولكن قبلما جاء الإيمان كنا محروسين تحت الناموس، مُغلقاً علينا إلى الإيمان العتيد أن يُعلن. إذاً قد كان الناموس مؤدبنا إلى المسيح لكي نتبرر بالإيمان. ولكن بعدما جاء الإيمان لسنا بعد تحت مؤدب. لأنكم جميعاً أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع] (غلاطية 3: 23 – 26)

+ وإنما أقول ما دام الوارث قاصراً لا يفرق شيئاً عن العبد مع كونه صاحب الجميع. بل هو تحت أوصياء ووكلاء إلى الوقت المؤجل من أبيه. هكذا نحن أيضاً لما كنا قاصرين كنا مستعبدين تحت أركان العالم. ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة مولوداً تحت الناموس. ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني. ثم بما انكم أبناء أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخاً يا أبا الآب. إذاً لستُ بعد عبداً بل ابناً وان كنت ابناً فوارث لله بالمسيح. (غلاطية 4: 1 – 7)
فالناموس يُمثل الوصي على الولد القاصر
حتى لا يمد يده على الميراث قبل أن يتفتح وعيه ويصل لحالة الإدراك الكافي لمعنى الوراثة وقيمتها الحقيقية، والوصي هنا وظيفته حماية وحراسة ممتلكات القاصر، فهو لا يأتمنه عليها بالرغم من أنه صاحبها الحقيقي، إلى أن يأتي الوقت المُعين الذي يصير فيه لائقاً لاستلام ميراثه كاملاً ليتصرف فيه، لذلك يظل محجوزاً عليه ممنوعاً من الحرية إلى أن يأتي الوقت، فمع انه من البداية ابناً لكنه يعيش كالعبد تحت وصاية.
فالإنسان منذ بداية الخلق ووضعه الطبيعي أنه يصير ابناً
يحيا ويعيش في الجو الإلهي في كامل الحرية، لكن لما سقط وتملكت الخطية فسد واحتاج لمؤدب لأنه صار قاصراً لا يستطيع ان يفهم ما لله ولا يقدر على أن يحمل الميراث السماوي المجيد، لأنه كالجاهل الذي لا يستطيع ان يتحمل مسئولية معيشته كابن، بل يحيا بحماقة العبد الذي لا يعرف قيمة الأشياء، وهذا باختصار معنى كلام الرسول عن الوارث القاصر الذي لا يفرق شيئاً عن العبد.
فالناموس هنا هو الوصي القانوني
بأحكام وصاياه إلى الوقت المعين سابقاً حسب التدبير، فهو يُمثل الوكيل بتعاليمه المتعددة، والله هو من وضعه بسبب التعديات [فلماذا الناموس؟ قد زيد بسبب التعديات إلى أن يأتي النسل الذي قد وعد له مرتباً بملائكة في يد وسيط (غلاطية 3: 19)]، وذلك لكي يعد الإنسان القاصر لتقبل وصايا الإنجيل لاستخدامها ميراث حرية، فالناموس هو مؤدب ومقوم ومُصحح للإنسان البدائي بالدرجة الأولى، من جهة إيقاظ الضمير وكشف طبيعة الخطية المرعبة ويُظهر عنصر التمرد في الإنسان [لكي تصير الخطية خاطئة جداً بالوصية (رومية 7: 13)] فيبدأ يصرخ لله من كل قلبه [ويحي أنا الإنسان الشقي من يُنقذني من جسد هذا الموت (رومية 7: 24)] وبذلك يصل بالإنسان لحالة البلوغ (أي ملء الزمان) ليدخل في الحياة الجديدة ويعيش في السماويات حسب قصد الله منذ البدء.
فلما جاء ملء الزمان،
أي انتهاء زمان الإنسان القاصر تحت الناموس المؤدب، الذي كان زمان سلطان الخطية والشقاء واللعنة، وأتت أيام (مجيء) ابن الإنسان (لوقا 17: 26) إذ أن الله في ملء الزمان أرسل ابنه مولوداً من امرأة تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني، أي أن أيام الخلاص والبرّ والمصالحة والحياة الجديدة أتت، التي هي (حسب التدبير) أيام انفتاح السماء على الإنسان لينال ناموس روح الحياة الجديدة في المسيح يسوع ليحيا مولوداً من فوق ابناً لله في الابن الوحيد، ليكون وجوده على الأرض للعبور وليس للاستيطان، لأن وطنه حيث المسيح جالس عن يمين العظمة في الأعالي: فأن سيرتنا نحن هي في السماوات، التي منها أيضاً ننتظر مُخلصاً هو الرب يسوع المسيح(فيلبي 3: 20)
[/FONT]
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[FONT=&quot]مقارنة سريعة بين العهدين على ضوء رسالة غلاطية
[FONT=&quot](الناموس و
[FONT=&quot]ال[/FONT][FONT=&quot]نعمة؛ العبودية والتبني)[/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]أن أردنا أن نضع مقارنة سريعة بين العهدين، من جهة الناموس والنعمة، فهذه المقارنة لن تخرج عن أنها مقارنة بين الناقص بسبب ضعف البشرية، وبين الكامل بسبب عمل المسيح الخلاصي، بموته الفدائي والكفاري: [قد أُكمل] (يوحنا 19: 30)، وهذا هو سرّ النعمة وعملها العميق.[/FONT]
فكل ما كان ناقصاً بسبب عجز الإنسان الساقط،
أكمله المسيح الرب في نفسه (حسب التدبير) ثم أعطاه لنا مجاناً، وهذه هي النعمة المُعطاة لنا، لأن في المسيح يسوع منتهى كمال الناموس، حتى أصبح الناموس نفسه بلا قيمة بدون شخص المسيح، لأن الانحصار في الناموس وتتميمه بالجهد الإنساني الضعيف بسبب الجسد المتسلطة عليه الخطية يورط الإنسان في الموت، لأن بولس الرسول نفسه قبل لقاءه مع شخص المسيح كان متعمقاً في الناموس، وبسبب غيرته [وكنت أتقدم في الديانة اليهودية على كثيرين من أترابي في جنسي إذ كنت أوفر غيرة في تقليدات آبائي (غلاطية 1: 14)] تورط في جريمة خطيرة وهي القتل الذي حرَّمهُ الناموس [لا تقتل؛ ابتعد عن كلام الكذب ولا تقتل البريء والبار لأني لا أُبرر المذنب (خروج 20: 13؛ تثنية 5: 17؛ خروج 23: 7)]، فأتاه صوت المسيح الرب من السماء قائلاً: أنا يسوع الذي انت تضطهده (أعمال 9: 5)، فأيقظ ضميره الذي لم يستطع الناموس أن يوقظه، لذلك فأن الناموس بدون شخص المسيح يورط الإنسان في الموت ويُثبت دينونته بسبب إنسانيته الساقطة (التي تُسمى حسب الإنجيل بالإنسان القديم أو العتيق):
[FONT=&quot][لأنه لو أُعطى ناموس قادر أن يُحيي، لكان بالحقيقة البرّ بالناموس، لكن الكتاب قد أغلق ([FONT=&quot]συγκλείω shut in[/FONT][FONT=&quot]) (لازم بيتا؛ منحصر حبيس؛ اغلاق؛ انغلق؛ أوصد؛ أوصد حجز) على الكل تحت الخطية ليعطي الموعد من إيمان يسوع المسيح للذين يؤمنون؛ لأن الله أغلق على الجميع معاً في العصيان لكي يرحم الجميع (غلاطية 3: 21، 22؛ رومية 11: 32)][/FONT][/FONT]
لذلك فأن الناموس واسطة لكشف وفضح البرّ الناقص للإنسان:
أنه ليس بار، ولا واحد (رومية 3: 10)، فمهما ما أدى الإنسان من تقدمات كفاريه أو أعمال صالحة [أما الفريسي فوقف يصلي في نفسه هكذا "اللهم أنا أشكرك إني لستُ مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشار، أصوم مرتين في الاسبوع وأُعشر كل ما اقتنيه" (لوقا 18: 11، 12)]، فأن الناموس يفضح أقل تقصير ويُظهر عيوب النفس ونقص هذه الأعمال أمام الله [أنا الله القدير سرّ أمامي وكن كاملاً؛ لأن من حفظ كل الناموس وإنما عثر في واحدة فقد صار مُجرماً في الكل. (تكوين 17: 1؛ يعقوب 2: 10)]
[FONT=&quot]عموماً فأن المقارنة بين الناموس والنعمة [/FONT]
[FONT=&quot]في حقيقتها مقارنة بين الجسد والروح، وبالطبع لا بُدَّ من أن نعلم يقيناً، أن الناموس روحي، وهو يعبَّر بوضوح عن فكر الله، ونقص الناموس لا يأتي أبداً بسبب موسى الذي استلمه من الله وسلمه للشعب، وبالطبع أيضاً ليس بسبب الله الذي أعطاه – حاشا – فالمسيح الرب يقول بوضوح: [ما جئت لأنقض بل لأُكمل (الكمال)، فأني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل (يتم حسب التدبير)] (متى 5: 17 و18)[/FONT]
[FONT=&quot]فما هو نوع النقص وسببه على وجه التحديد: [/FONT]
[FONT=&quot]النقص بسبب الذين أُعطى لهم، وليس في الناموس ذاته كوصية إلهيه، لأن من يسمع لوصية الله ويخضع لها بكل قلبه ويُطيعها يحيا بها إلى الأبد لأن فيها سرّ الحياة وقوة الأبدية، والمسيح إلهنا يوضح هذا النقص في رده على سؤال الفريسيين: [فتقدم الفريسيون وسألوه: هل يحق للرجل أن يُطلَّق امرأته [ليجربوه] فأجاب وقال لهم: بماذا أوصاكم موسى؟ فقالوا: موسى أذن أن يُكتب كتاب طلاق فتُطلَّق. فأجاب يسوع وقال لهم: من أجل قساوة قلوبكم كُتبت لكم هذه الوصية. ولكن من بدء الخليقة ذكراً وأُنثى خلقهما الله، من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته، ويكون الاثنين جسداً واحداً. إذاً ليسا بعد اثنين بل جسد واحد. فالذي جمعهُ الله لا يفرقه إنسان] (مرقس 10: 2 – 9)[/FONT]
[FONT=&quot]إذاً النقص هنا وعدم الكمال والعيب كله في الإنسان نفسه، [/FONT]
[FONT=&quot]لأنه قاصر على أن يعيش وصية الله في كمالها حسب القصد من الخلق الأول، لأنه خاضع لسلطان الجسد الذي لا يقدر أن يحيا بالروح، بسبب السقوط، لذلك فأنه لا يستطيع أن يُرضي الله أبداً: لأن اهتمام الجسد هو عداوة لله، إذ ليس هو خاضعاً لناموس الله، لأنه أيضاً لا يستطيع، فالذين هم في الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله (رومية 8: 7، 8)، وذلك: لأني لست أعرف ما أنا أفعله إذ لست أفعل ما أُريده بل ما أُبغضه فإياه أفعل. فأن كنت أفعل ما لستُ أُريده فأني أُصادق الناموس أنه حسن. فالآن لست بعد أفعل ذلك أنا (بحريتي) بل الخطية الساكنة فيَّ (التي استعبدتني). فاني أعلم أنه ليس ساكن فيَّ، أي في جسدي، شيءٌ صالح، لأن الإرادة حاضرة عندي وأما أن أفعل الحُسنى فلستُ أجد. لأني لستُ أفعل الصالح الذي أُريده بل الشرّ الذي لست أُريده فإياه أفعل. فأن كنت ما لست أُريده إياه أفعل فلستُ بعد أفعلهُ أنا بل الخطية الساكنة في. إذاً أجد الناموس لي حينما أُريد أن أفعل الحُسنى أن الشرّ حاضر عندي. فإني أُسر بناموس الله بحسب الإنسان الباطن. ولكني أرى ناموساً أخر في أعضائي يُحارب ناموس ذهني ويسبيني إلى ناموس الخطية الكائن في أعضائي. (رومية 7: 15 – 23)[/FONT]
[FONT=&quot]وبعد أن تعرفنا على سبب النقص بإيجاز، [/FONT]
[FONT=&quot]علينا الآن أن نُغير نظرتنا للعهد القديم وننظر إليه بشكل أعمق حسب قصد الله وتدبيره الحسن، لأن من بدء الوعد لإبراهيم – قبل الناموس – وتأكيده بعد ذلك لإسحاق ويعقوب، ومن بعدهما إعطاء الناموس لموسى، فأننا نجد ملامح التبني كانت ظاهرة في كل هذا، لأننا نجد أن القديس بولس في رسالة رومية يُظهر قوة التبني الموجود ملامحه في والوعد والناموس نفسه، إذ يعود إلى علاقة العهد بين الله وإسرائيل ويقول: [الذين هم إسرائيليون ولهم التبني والمجد والعهود والاشتراع والعبادة والمواعيد] (رومية 9: 4)[/FONT]

[FONT=&quot]أما في رسالته إلى غلاطية فإنه يوضح التباين التاريخي بالمقابلة بين:[/FONT]
[FONT=&quot](1) من يريدون أن يعيشوا تحت سيادة الناموس (الذي زيد) وعبادته (النافلة) [/FONT]
[FONT=&quot]بحسب الجسد التي هي شبه السماويات وظلّها، والتي في ظل هذا العهد كانت الخطية مالكه على قلب الإنسان وسائدة على الجسد بسلطان الموت، وقد ألغت قوة الناموس ومسخت روحانياته وجعلته غير صالح، رغم قوة صلاحه العظيم: [لأن الخطية وهي متخذة فرصة بالوصية، خدعتني بها وقتلتني، إذاً الناموس مقدس والوصية مقدسة وعادلة وصالحة. فهل صار لي الصالح موتاً – حاشا – بل الخطية، لكي تظهر الخطية مُنشأة لي بالصالح موتاً، لكي تصير الخطية خاطئة جداً] (رومية 7: 11 – 13)[/FONT]
[FONT=&quot](2) وبين الذين يريدون أن يعيشوا بالإيمان في عهد النعمة الذي رُفع فيه سلطان الخطية [/FONT]
[FONT=&quot]بذبيحة ربنا يسوع على الصليب، وعهد ختان الروح بخلع جسم الخطايا وشفاء القلب بالروح: [FONT=&quot][وبه أيضاً ختنتم ختاناً غير مصنوع بيد بخلع جسم خطايا البشرية بختان المسيح] (كولوسي 2: 11)[/FONT][FONT=&quot]، والذي جعل فيه الوصية والعبادة بالروح والحق، وجعل سيرتنا في السماويات عينها التي جاء منها، وهي طبيعة الله وحياته التي جاء ليُخبَّر بها: [[/FONT][FONT=&quot]ولكن تأتي ساعة وهي الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له][/FONT][FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot]يوحنا[/FONT][FONT=&quot] 4: 23)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]فالخطية التي ألغت قوة الناموس في قلب الإنسان [/FONT]
[FONT=&quot]وأثمرت فيه موتاً، هي التي ألغاها المسيح يسوع في عهد النعمة وقتلها في جسده[FONT=&quot]: إذاً لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع، السالكين ليس حسب الجسد [تحت الناموس وحراسته] بل حسب الروح [تحت النعمة وحراستها]، لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت. لأن ما كان الناموس عاجزاً عنه في ما كان [الإنسان] ضعيفاً بالجسد[/FONT][FONT=&quot] (لأن الناموس قد زيد بسبب التعديات[/FONT][FONT=&quot]، لأن القانون يتم وضعه بسبب انحراف الإنسان عن الطريق السوي السليم)، فالله إذ أرسله أبنه (ونحن بعد خطاة) في شبه جسد الخطية [أي بدون خطية إذ ليس لها سلطان عليه] ولأجل الخطية [التي عطَّلَت عمل الناموس في الإنسان]، دان (= دينونة) الخطية في الجسد [بالصليب]، لكي يتم حكم الناموس فينا [الذي هو الموت (لأن القانون يحكم بالموت على من يُخطئ)، لأننا في المسيح أخذنا صك براءة باسمه ومختوم بدمه المسفوك] نحن السالكين ليس حسب الجسد [المُعطل لوصية الله] بل حسب الروح [بالإنجيل الذي هو بشارة العهد الجديد والخلاص من الخطية المتسلطة بالموت بالمسيح ونوال حياته فينا بالتبني – ناموس روح الحياة]؛ (وذلك) إن كنا قد صرنا مُتحدين معهُ بشبه موته نصير أيضاً بقيامته عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صُلب معهُ، ليبطل جسد الخطية.. فإن كنا قد مُتنا مع المسيح نؤمن أننا سنحيا معهُ أيضاً. (رومية 8: 1 – 4؛ 6: 5، 6، 8)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]وباختصار شديد وملخص لعمل المسيح الرب هنا [/FONT]
[FONT=&quot]يقول القديس بولس ببراعة شرح دقيق للغاية واختصار وإيجاز: [ولكن حين ظهر لُطف "مُخلصنا الله" وإحسانه، لا بأعمال في برّ عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته خلصنا "بغسل الميلاد الثاني"، "وتجديد الروح القدس"، الذي سكبه بغنى علينا "يسوع المسيح مخلصنا"] (تيطس 3: 4، 6)[/FONT]
[FONT=&quot]وهنا يظهر قوة الخلاص بالميلاد الثاني والتجديد المستمر [/FONT]
[FONT=&quot][ولبستم (الإنسان) الجديد الذي يتجدد[FONT=&quot]للمعرفة حسب صورة خالقه (كولوسي 3: 10)]، أي الخليقة الجديدة في المسيح يسوع التي لها شهادة الروح القدس، الذي يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله في الابن الوحيد، لأن الخليقة الجديدة لا تحتاج قانون يحكمها من الخارج، لأن النبوة تقول: [/FONT]بَلْ هَذَا هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي أَقْطَعُهُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ يَقُولُ الرَّبُّ: أَجْعَلُ شَرِيعَتِي فِي دَاخِلِهِمْ وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ وَأَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْباً [لأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَتْ نِعْمَةُ اللهِ الْمُخَلِّصَةُ لِجَمِيعِ النَّاسِ، مُعَلِّمَةً إِيَّانَا أَنْ نُنْكِرَ الْفُجُورَ وَالشَّهَوَاتِ الْعَالَمِيَّةَ، وَنَعِيشَ بِالتَّعَقُّلِ وَالْبِرِّ وَالتَّقْوَى فِي الْعَالَمِ الْحَاضِر، مُنْتَظِرِينَ الرَّجَاءَ الْمُبَارَكَ وَظُهُورَ مَجْدِ اللهِ الْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يَفْدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَيُطَهِّرَ لِنَفْسِهِ شَعْباً خَاصّاً غَيُوراً فِي أَعْمَالٍ حَسَنَةٍ] (إرميا 31: 33؛ تيطس 2: 14)[/FONT]
[/FONT]
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[FONT=&quot]من رتبة العبيد لرتبة الأبناء
[FONT=&quot](ملخص مفهوم التبني في العهد الجديد على ضوء رسالة غلاطية)
الإنسان في البداية سقط من رتبته الأولى،
فهبط من مستوى حرية المجد النوراني الذي كان لهُ في الفردوس على مستوى رؤية الله والتمتع بالحضرة الإلهية، لمستوى العبودية تحت سلطان الظلمة وعدم القدرة على رؤية نور وجه الله الحي [وَقَالَ (الله لموسى): «لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي لأَنَّ الْإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ» خروج 33: 20]، لذلك قَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ:
«إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تلاَمِيذِي. وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ». أَجَابُوهُ: «إِنَّنَا ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ وَلَمْ نُسْتَعْبَدْ لأَحَدٍ قَطُّ. كَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: إِنَّكُمْ تَصِيرُونَ أَحْرَاراً؟». أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ، الْحَقَّ، أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ. وَالْعَبْدُ لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ إِلَى الأَبَدِ أَمَّا الاِبْنُ فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ. فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الاِبْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَاراً. أَنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ أَبِيكُمْ». فَقَالُوا لَهُ: «إِنَّنَا لَمْ نُولَدْ مِنْ زِناً. لَنَا أَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ». فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كَانَ اللَّهُ أَبَاكُمْ لَكُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لأَنِّي خَرَجْتُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ وَأَتَيْتُ. لأَنِّي لَمْ آتِ مِنْ نَفْسِي بَلْ ذَاكَ أَرْسَلَنِي. لِمَاذَا لاَ تَفْهَمُونَ كلاَمِي؟ لأَنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَسْمَعُوا قَوْلِي. أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ. (يوحنا 8: 31 – 36؛ 41 – 44)
ومن هُنا يظهر معنى التبني الحقيقي من الناحية الواقعية العملية، أي من جهة الفعل والعمل، لأن التبني ليس نقلة فكرية، وبالتالي ليس نظرية فلسفية ولا موضوع بحثي لدغدغة مشاعر الإنسان وإثارته عاطفياً، بل قوة فعل إلهي سماوي ضارب بجذوره في أعماق النفس من الداخل، لأن أن كنا نؤمن بالابن الوحيد إيماناً حقيقياً، فإيماننا هذا يُمتحن بفعله في حياتنا على المستوى الشخصي، لأن حياتنا تُظهر إيماننا، لأن هنا في هذا الموقف الرب كشف إيمان اليهود به، بأنه إيمان شكلي ظاهري مزور ليس بذات قيمة لأنه لم ينقلهم من مرتبة العبيد لمرتبة الأبناء من الناحية العملية، لأن هذا الإيمان ليس فيه حرية أبناء الله الحي، بل إيمان عبيد تحت قيد وسلطان الظلمة [وَهَذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً – يوحنا 3: 19]، لذلك لم يفهموا كلام الرب عن الحرية: [لِمَاذَا لاَ تَفْهَمُونَ كلاَمِي؟ لأَنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَسْمَعُوا قَوْلِي. (والسبب) أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا]
وهنا يتضح جداً أمامنا الفرق العظيم ما بين العبد والابن: [مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ. وَالْعَبْدُ لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ إِلَى الأَبَدِ، أَمَّا الاِبْنُ فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ].
فمن الواضح جداً أن التبني الحقيقي = الحرية [فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الاِبْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَاراً]، والحرية هنا = الخروج من تحت سلطان الظلمة والدخول في سلطان النور الحقيقي الآتي إلى العالم:
[فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ. هَذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللَّهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ. وَالنُّورُ يُضِيءُ (shines يُشرق، يشع، يتلألأ، يتألق – جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبال فاران وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم – تثنية 33: 2) فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ (لم تُدركه، لم تعرفه، لم تفهمه = لِمَاذَا لاَ تَفْهَمُونَ كلاَمِي؟). كَانَ إِنْسَانٌ مُرْسَلٌ مِنَ اللَّهِ اسْمُهُ يُوحَنَّا. هَذَا جَاءَ لِلشَّهَادَةِ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ لِكَيْ يُؤْمِنَ الْكُلُّ بِوَاسِطَتِهِ. لَمْ يَكُنْ هُوَ النُّورَ، بَلْ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ. كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِياً إِلَى الْعَالَمِ. كَانَ فِي الْعَالَمِ، وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ. إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ بَلْ مِنَ اللَّهِ.] (يوحنا 1: 1 – 13)
فمن يحيا في سقوطه، ويفعل الخطية كمنهج حياته المستمر والدائم، فأنه يحيا حياة الإثم والتعدي [ولكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين – متى 24: 12]، إذ أن قلبه مرتبط بالعالم الساقط تحت سلطان عبودية الخطية، وبذلك يثبت أنه ما زال عبداً ولم ينتقل بعد إلى مرتبة البنوة، لذلك يقول القديس يوحنا الرسول في رسالته الأولى:
+ وَهَذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَنُخْبِرُكُمْ بِهِ: إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ. إِنْ قُلْنَا إِنَّ لَنَا شَرِكَةً مَعَهُ وَسَلَكْنَا فِي الظُّلْمَةِ، نَكْذِبُ وَلَسْنَا نَعْمَلُ الْحَقَّ. وَبِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا قَدْ عَرَفْنَاهُ: إِنْ حَفِظْنَا وَصَايَاهُ. مَنْ قَالَ قَدْ عَرَفْتُهُ وَهُوَ لاَ يَحْفَظُ وَصَايَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ وَلَيْسَ الْحَقُّ فِيهِ. وَأَمَّا مَنْ حَفِظَ كَلِمَتَهُ، فَحَقّاً فِي هَذَا قَدْ تَكَمَّلَتْ مَحَبَّةُ اللهِ. بِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا فِيهِ:/ "مَنْ قَالَ إِنَّهُ ثَابِتٌ فِيهِ، يَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هَكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أَيْضاً (إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تلاَمِيذِي)". وَالآنَ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، اثْبُتُوا فِيهِ، حَتَّى إِذَا أُظْهِرَ يَكُونُ لَنَا ثِقَةٌ، وَلاَ نَخْجَلُ مِنْهُ فِي مَجِيئِهِ. إِنْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ بَارٌّ هُوَ، فَاعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ مَنْ يَصْنَعُ الْبِرَّ مَوْلُودٌ مِنْهُ، كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ (كمنهج يحيا به) يَفْعَلُ التَّعَدِّيَ أَيْضاً. وَالْخَطِيَّةُ هِيَ التَّعَدِّي. وَتَعْلَمُونَ أَنَّ ذَاكَ أُظْهِرَ لِكَيْ يَرْفَعَ خَطَايَانَا، وَلَيْسَ فِيهِ خَطِيَّةٌ. كُلُّ مَنْ يَثْبُتُ فِيهِ لاَ يُخْطِئُ. كُلُّ مَنْ يُخْطِئُ لَمْ يُبْصِرْهُ وَلاَ عَرَفَهُ. أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ. مَنْ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَهُوَ بَارٌّ، كَمَا أَنَّ ذَاكَ بَارٌّ. مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ (يعيش بها كمنهج حياته الخاص) فَهُوَ مِنْ إِبْلِيسَ، لأَنَّ إِبْلِيسَ مِنَ الْبَدْءِ يُخْطِئُ. لأَجْلِ هَذَا أُظْهِرَ ابْنُ اللهِ لِكَيْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ إِبْلِيسَ. كُلُّ مَنْ هُوَ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ لاَ يَفْعَلُ خَطِيَّةً، لأَنَّ زَرْعَهُ يَثْبُتُ فِيهِ، وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخْطِئَ لأَنَّهُ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ. بِهَذَا أَوْلاَدُ اللهِ ظَاهِرُونَ وَأَوْلاَدُ إِبْلِيسَ. كُلُّ مَنْ لاَ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ، وَكَذَا مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ. لأَنَّ هَذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً. لَيْسَ كَمَا كَانَ قَايِينُ مِنَ الشِّرِّيرِ وَذَبَحَ أَخَاهُ. وَلِمَاذَا ذَبَحَهُ؟ لأَنَّ أَعْمَالَهُ كَانَتْ شِرِّيرَةً، وَأَعْمَالَ أَخِيهِ بَارَّةٌ. [أنا عالم انكم ذرية إبراهيم لكنكم تطلبون أن تقتلوني لأن كلامي لا موضع له فيكم، ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله هذا لم يعمله إبراهيم؛ أليس موسى قد أعطاكم الناموس، وليس أحد منكم يعمل الناموس، لماذا تطلبون أن تقتلوني – يوحنا 8: 37، 40؛ 7: 19] (1يوحنا 1: 5، 6؛ 2: 3 – 6، 28، 29؛ 3: 4 – 12)
فمن يحيا حياة الإثم والتعدي كمنهج لحياته محباً للشهوة (بالطبع هذا يختلف عن الضعف العادي لأي إنسان تعثر في الطريق، بل الكلام هنا عن منهج الحياة نفسه) فهو عبد ومن أب هو إبليس وشهوات أبيه يُريد أن يفعل، ولن يستطيع أن يقبل المسيح رباً ومخلصاً بل سيرفضه أو على الأقل لن يكترث به ولن يهتم بخلاص نفسه، ومن كان عبداً لإبليس لن يستطيع من ذاته أن يتحرر من سلطانه حتى لو أراد بكل طاقته وقوته، لذلك فهو يحتاج من هو أقوى منه ليفكه من الأسر ويعتقه، ويعطيه الحرية الكاملة، ولا سبيل على وجه الإطلاق إلى الحرية إلا بواسطة الابن الوحيد، ابن الله الحي، لأنه الوحيد من له سلطان الحياة والموت والقادر على أن يعتق المأسورين.
أن كنت بإصبع الله أُخرج الشياطين فقد أقبل عليكم ملكوت الله. حينما يحفظ القوي داره متسلحاً تكون أمواله في أمان. ولكن متى جاء من هو أقوى منه فأنه يغلبه وينزع سلاحه الكامل الذي اتكل عليه ويوزع غنائمه؛ روح السيد الرب عليَّ لأن الرب مسحني لأُبشر المساكين، أرسلني لأعصب منكسري القلب، لأُنادي للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق؛ جميع عظامي تقول يا رب من مثلك: المنقذ المسكين ممن هو أقوى منه، والفقير والبائس من سالبه؛ لأن الرب فدى يعقوب وفكه من يد الذي هو أقوى منه. (لوقا 11: 20 – 22؛ إشعياء 61: 1؛ مزمور 35: 10؛ إرميا 31: 11)
فواضح هنا قوة سلطان الابن الوحيد كمُخلِّص الذي أظهر مشيئة الآب من جهة القصد الأزلي والتدبير، لأن القصد كله هو أن يدخل الإنسان بالشركة في ميراث الابن الوحيد، ومن هنا نُدرك معنى التجسد كخبرة في حياتنا الشخصية على مستوى الإيمان الحي العامل بالمحبة، لذلك كانت طلبة الرسول وصلاته من أجل المؤمنين هي: مستنيرة عيون أذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين (أفسس 1: 18)
لذلك ينبغي أن نعلم علم اليقين،
بأن الخطية خاطئة جداً، تستعبدنا ولا ترحمنا أبداً، ولا نستطيع الفكاك منها أن ملكت علينا، ومشكلتها ليس في مجرد ارتكابها، بل فيما تصنعه في داخلنا من تشويه وتفقدنا هدف الحياة الإيجابي وهو الحياة مع الله كأبناء في الابن الوحيد، ونتيجة الاستمرار فيها هو الموت المحتوم، لأن خطورتها تكمن في قساوة القلب وتحجره، لأنها تُصيب الإنسان بشلل روحي لا شفاء منه، أن تمسك بها للنهاية [أن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون – لوقا 13: 3]، لذك وضع الرسول هذه المقابلات لكي نستوعب مشكلة الخطية الحقيقية، وأظهر اتجاهين للطاعة لا ثالث لهما، إما للخطية أو للمسيح الرب، فالإنسان حسب ما يُطيع يكون له، أي أن الثمرة التي يحصل عليها هي ثمرة طاعته الشخصية:
[ألستم تعلمون أن الذي تقدمون ذواتكم له عبيداً للطاعة، أنتم عبيد للذي تطيعونه (أنتم عبيد لمن تقدمون له الطاعة): إما للخطية للموت أو للطاعة للبر؛ لأنكم لما كنتم عبيد الخطية كنتم أحراراً من البرّ. فأي ثمر كان لكم حينئذ من الأمور التي تستحون بها الآن، لأن نهاية تلك الأمور هي الموت] (رومية 6: 16، 20، 21)
[فشكراً لله أنكم كنتم عبيداً للخطية ولكنكم أطعتم من القلب صورة التعليم التي تسلمتموها. وإذ أُعتقتم من الخطية صرتم عبيداً للبرّ، وأما الآن إذ أُعتقتم من الخطية وصرتم عبيداً لله فلكم ثمركم للقداسة والنهاية حياة أبدية. لأن أجرة الخطية هي موت وأما هبة الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا] (رومية 6: 17، 18، 22، 23)
وهذه المقابلة تُظهر حالتين، حالة الطاعة للخطية وثمرتها الموت، وحالة العتق من الخطية، أي الخروج من عبودية الخطية للحرية والدخول في عبودية أُخرى فيها هبة الله حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا.
فبعدما كان الإنسان يفعل الخطية الضاغطة عليه من كل جانب،
والمحركة فيه كل شهوات جسده، لأنها متسلطة على أعضاؤه [أرى ناموساً آخر في أعضائي يُحارب ناموس ذهني ويسبيني إلىناموس الخطية الكائن في أعضائي – رومية 7: 23]، أصبح يفعل الحق: وأما من يفعل الحق فيُقبل إلى النور لكي تظهر أعماله أنها بالله معمولة (يوحنا 3: 21)، وفعل الحق هنا يختص بالمفهوم العبري بالأخلاق واستقامتها حسب الوصية الإلهية المقدسة، وكذلك كل ما هو صيته حسن ونافع:
أَخِيراً أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هَذِهِ افْتَكِرُوا (فيلبي 4: 8)
ومما سبق نستطيع الآن أن نفهم ونستوعب
كلام الرسول عن الحرية والتبني في رسالة غلاطية، لأنها مرتبطة بالقداسة في السيرة الحسنة حسب وصية المسيح الرب، لذلك نختتم هذا الجزء بكلام الرسول في هذه الرسالة المعزية لكل إنسان دخل في سر حياة التبني:
فَاثْبُتُوا إِذاً فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضاً بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ. فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا دُعِيتُمْ لِلْحُرِّيَّةِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ. غَيْرَ أَنَّهُ لاَ تُصَيِّرُوا الْحُرِّيَّةَ فُرْصَةً لِلْجَسَدِ، بَلْ بِالْمَحَبَّةِ اخْدِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً. وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ. لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهَذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ. وَلَكِنْ إِذَا انْقَدْتُمْ بِالرُّوحِ فَلَسْتُمْ تَحْتَ النَّامُوسِ. وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ: الَّتِي هِيَ زِنىً، عَهَارَةٌ، نَجَاسَةٌ، دَعَارَةٌ، عِبَادَةُ الأَوْثَانِ، سِحْرٌ، عَدَاوَةٌ، خِصَامٌ، غَيْرَةٌ، سَخَطٌ، تَحَزُّبٌ، شِقَاقٌ، بِدْعَةٌ. حَسَدٌ، قَتْلٌ، سُكْرٌ، بَطَرٌ، وَأَمْثَالُ هَذِهِ الَّتِي أَسْبِقُ فَأَقُولُ لَكُمْ عَنْهَا كَمَا سَبَقْتُ فَقُلْتُ أَيْضاً: إِنَّ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هَذِهِ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ. وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ، فَرَحٌ، سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ، لُطْفٌ، صَلاَحٌ، إِيمَانٌ، وَدَاعَةٌ، تَعَفُّفٌ. ضِدَّ أَمْثَالِ هَذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ. وَلَكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ. إِنْ كُنَّا نَعِيشُ بِالرُّوحِ فَلْنَسْلُكْ أَيْضاً بِحَسَبِ الرُّوحِ. (غلاطية 5: 1، 13، 16 – 25)
[/FONT]
[/FONT]
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
أعلى