لا ينبغي أن ندَّعي أننا خُطاة بحجة التواضع ولا ينبغي أن نرشد أحد بدون موهبة الله

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0


+ حينما نقترب من الله كطبيب لا نذهب كأبرار مُدَّعين المرض، لأن من يدَّعي المرض بحجة التواضع، فهو كاذب ولن يُشفيه الطبيب، ولن ينفعه أي دواء مهما ما كان قوي للغاية.
++ فلو تخيلنا أن شخصٌ ما ذهب للطبيب وادَّعى المرض، فبالتالي أن أعطى الطبيب لهُ أي دواء مهما ما كانت قوته وفاعليته، فأنه لن يُفيد في تلك الحالة بشيء، بل سيكون له ضرر عظيم قد يتلف أعضاء جسده.
+++ وبالطبع، بلا أدنى شك، أن الطبيب الماهر يعرف كيف يُميز بين المريض الحقيقي من المُدَّعي، لذلك يصرفه من عيادته ولا يقدم له شيئاً، لكن الغير متخصص ولا البارع في عمله لا يستطيع أن يكتشف الحقيقة من الادعاء الكاذب، لذلك لا يستطيع خُدَّام كثيرين أن يعطوا الإرشاد الصحيح والسليم للنفوس، لأن ليس لهم موهبة الله ولا يعرفون المدَّعي من المريض الحقيقي، ولا نوع المرض ولا ما يتناسب معه من علاج، فيعطون أدوية خاطئة بلا تمييز، فعوض من أن يتم شفاء النفس تزداد سوء؛ فيا إما تُصاب بكبرياء القلب فتتحطم بالتمام، يا إما تزداد خطية وتتفاقم الحالة وتزداد سوء وعزلة عن الطبيب الحقيقي الذي للنفس، يا إما تتوهم بالشفاء وهي ما زالت تحت المرض ولكنها خُدعت بالكلام المعسول، أو خُدعت كُلياً بسبب توجيهها – من غير الموهوبين بقيادة النفوس – للدخول في حقل الخدمة والنطق بكلام الله الصالح، وبذلك توهمت أنها شُفيت بالتمام، مع أن الخطية ما زالت مدفونة فيها وتعمل على عطب ثمارها الصالحة فتخرج كل أعمالها مشوهة لا تُمجد الله في شيء، ولا تستطيع أن تتحسس موضعها فيه.
++++ فلو تخيلنا إنسان ورث قريبه الطبيب وفُتحت أمامه عيادته ووجد بها غرفة خاصة مملوءة من الأدوية والمراجع والكتب الطبية المتخصصة، وبكونه غير متخصص وغير فاهم ولا مُدرك وليس لهُ أدنى خبرة، فأنه يتخذ مكان الطبيب ويجلس على كرسيه ويبدأ في تشخيص الحالات التي تأتي إليه غير مُميزاً أنواع الأمراض المتشابهة ولا طبيعة الأجسام وتقبلها لأنواع العلاجات التي تتناسب معها، ويبدأ في وصف العلاج لكل مريض يأتي إليه ويُعطيه من الأدوية حسب ما يرى من أنها قادرة على شفائه وبالجرعات التي يراها تتناسب مع الحالة التي يُعالجها، مع أنها في الواقع العملي غير مناسبة على الإطلاق، وبذلك دون أن يدري قد حكم على كل من يأتيه بتفاقم مرضه حتى الموت، إذ قد ساعد على ازدياد الأمراض وتوسيع دائرة نشاطها، بل وقد تصير الأدوية نفسها غير نافعه، بل قد تكون سماً قاتلاً للمريض مع أن لها – في واقعها – القدرة على الشفاء.
+++ وهكذا هو الحال لكل خادم ليس له موهبة إرشاد النفوس بالروح القدس، فأنه يُعطي علاج روحي من الكتاب المقدس القادر على شفاء النفس، والنفس التي تخضع لعلاجه تتفاقم حالتها وتصير لحالٍ أسوأ، لأنه أن لم يُعطى العلاج الروحي الصحيح والمناسب حسب نعمة الله وتوجيه طبيب النفس الأعظم بإلهام الروح الذي نطق الأنبياء به ودونوا كلمة الحق، فمع كون (الكتاب المقدس) فيه القدرة على الشفاء فقد يصير سم قاتل للنفس لأنه لم يُعطى حسب قصد الله، بل حسب فكر الإنسان المُقنع ورأيه الشخصي حسب ما تعلَّم من الناس والكُتب، لأنه يهبط من مستوى كلمة الله إلى مستوى سمو الكلام حسب حكمة الناس لا الله.
+ وَأَنَا لَمَّا أَتَيْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَتَيْتُ لَيْسَ بِسُمُوِّ الْكَلاَمِ أَوِ الْحِكْمَةِ مُنَادِياً لَكُمْ بِشَهَادَةِ اللهِ؛ وَكَلاَمِي وَكِرَازَتِي لَمْ يَكُونَا بِكَلاَمِ الْحِكْمَةِ الإِنْسَانِيَّةِ الْمُقْنِعِ بَلْ بِبُرْهَانِ الرُّوحِ وَ الْقُوَّةِ، لِكَيْ لاَ يَكُونَ إِيمَانُكُمْ بِحِكْمَةِ النَّاسِ بَلْ بِقُوَّةِ اللهِ؛ وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ الْعَالَمِ بَلِ الرُّوحَ الَّذِي مِنَ اللهِ لِنَعْرِفَ الأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللهِ، الَّتِي نَتَكَلَّمُ بِهَا أَيْضاً لاَ بِأَقْوَالٍ تُعَلِّمُهَا حِكْمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ بَلْ بِمَا يُعَلِّمُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ قَارِنِينَ الرُّوحِيَّاتِ بِالرُّوحِيَّاتِ، وَلَكِنَّ الإِنْسَانَ الطَّبِيعِيَّ لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُحْكَمُ فِيهِ رُوحِيّاً، وَأَمَّا الرُّوحِيُّ فَيَحْكُمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ لاَ يُحْكَمُ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ، لأَنَّهُ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ فَيُعَلِّمَهُ؟ وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ. (أنظر 1كورنثوس 2: 1، 4، 5، 12 – 16)
_________
* عن كتاب التوبة ربيع الإنسان وتجديده المستمر صفحة 14، 15 (سوف يتم رفعه قريباً على صفحة الكلمة المغروسة ووضعه في المنتدى أيضاً، بعد مراجعته وضبطه)
 
أعلى