حان الوقت لنتعرف على مسيح الشارع ..!!

white.angel

فيلسوفه مسيحيه
عضو مبارك
إنضم
6 يوليو 2010
المشاركات
3,777
مستوى التفاعل
1,303
النقاط
0
حان الوقت لنتعرف على مسيح الشارع ..!!

jesus-christ-sermon-mount.jpg


فلنبدأ رسالة الميلاد الجديد لهذا العام بأُنشودة بولس الرسول،
اللاهوتية في مبناها، الإنسانية في معناها، ذات الشموخ الذي يمتدُّ
بمعرفتنا للمسيح، ليرسو بها على قواعد جديدة عالية إلهية وإنسانية معاً،
ممتدة حتى السماء وفي الأرض كلها، ولا حدود لامتدادها.


بولس الرسول يتجاوز هنا، في وصفه للمسيح،
كل معرفتنا التقليدية وألفاظنا المألوفة التي طالما تغنينا بها
عن المسيح المولود في بيت لحم. كلمات الرسول هنا لازمة
لنا هنا وفي هذه المناسبة لتهز أساسات التفكير المنطقي،
ولتوقظ وعي الإنسان المسيحي،

حتى يتعرَّف أكثر على مسيحه المولود في بيت لحم، مسيح العالم كله!!
الرسالة إلى كولوسي الأصحاح الأول من عدد 15 - 20(2):
15 - «هو صورة الله الذي لا يُرَى،
المولود قبل الخلائق كلها(3).
16 - ففيه خُلق كل شيء:
مما في السموات ومما على الأرض، ما يُرى وما لا يُرى.
أأصحاب عروش كانوا أم سيادات أم رئاسات أم سلاطين(4)،
كل شيء خُلق به وله(5).
17 - كان قبل كل شيء وبه قوام كل شيء(6)،
18 - وهو أيضاً رأس الجسد أي الكنيسة.
الذي هو البداءة وبكر القيامة من الأموات(7)،
لتكون له الأولوية في كل شيء.
19 - فقد شاء الله أن يحلَّ به الملء كله(8)،
20 - وبه شاء أن يُصالح كل موجود(9)،
سواء في الأرض أو في السموات،
فهو الذي حقَّق السلام بدمه على الصليب».
أفيقوا، أيها السامعون، نحن هنا أمام أب البشرية كلها ورأسها الجديد،
آدم الثاني الذي لا بداية أيام له ولا نهاية، الذي تحت أبوَّته ينضوي
آدم الأول وينحني مع كل ذريته، وكل الخلائق تستقي
من حنان أبوَّته حتى نهاية الدهور.


لقد حان الوقت أن نتعرَّف على مسيح العالم كله.
كلنا عرفنا مسيح الأسرة الملتئمة حول أب تقي وأُم تقية،
كلنا عرفنا مسيح الجمعية ومسيح الكنيسة المجتمعة حول كاهن صالح.

وقد حان الوقت أن نعرف مسيح الشارع، مسيح الناس،
الناس كل الناس، الذين عرفوه والذين لم يعرفوه،
مسيح الأشرار والأبرار، الصالحين والطالحين،
في كل مدينة وقرية، في كل شعب وأُمة، في كل أنحاء العالم،
مسيح العالم كله.


المسيح أكبر من ركن الصلاة في البيت، المسيح أكبر
من صالة الجمعية وصحن الكنيسة والكنائس كلها.
المسيح لا يَرضَى بأقل من العالم كله.
-
المسيح رفض أن يبقى سجين أسرة:
«مَنْ هي أُمي ومَنْ هُم إخوتي، ثم مدَّ يده نحو تلاميذه
وقال ها أُمي وإخوتي، لأن مَنْ يصنع مشيئة أبي الذي في السموات،
هو أخي وأُختي وأُمي» (مت 12: 49،48).

-
المسيح رفض أن يكون سجين تلاميذه، وحِكراً على تابعيه ومريديه:
«يا معلِّم رأينا واحداً يُخرج الشياطين باسمك فمنعناه،
لأنه ليس يتبع معنا. فقال له يسوع: لا تمنعوه،
لأن مَنْ ليس علينا فهو معنا» (لو 9: 49).

-
المسيح رفض أن يكون سجين مبادئ وأفكار وآراء وأسماء:
«كل واحد منكم يقول أنا لبولس وأنا لأبُلُّوس وأنا لصفا
وأنا للمسيح. هل انقسم المسيح؟ ألعلَّ بولس صُلب لأجلكم؟
أم باسم بولس اعتمدتم؟» (1كو 1: 13،12)

-
المسيح رفض أن يبقى سجين أماكن ومقدَّسات:
«آباؤنا سجدوا في هذا الجبل، وأنتم تقولون إنَّ في أُورشليم
الموضع الذي ينبغي أن يُسجَد فيه. قال لها يسوع: يا امرأة،
صدِّقيني إنه تأتي ساعةٌ، لا في هذا الجبل، ولا في أُورشليم تسجدون للآب...
الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق»
(يو 4: 20-23).

-
المسيح رفض أن يبقى سجين شيعة أو طائفة،
كما أوضحه في مَثَل السامري الصالح (لو 10: 30-36).

-
المسيح رفض أن يبقى سجين وطن أو شعب أو تخوم بلاد أو أجناس أو لون:
«وتكونون لي شهوداً في أُورشليم وفي كل اليهودية
والسامرة وإلى أقصى الأرض... اذهبوا وتلْمِذوا جميع الأُمم!!»

(أع 1: 8؛ مت 28: 19)

فالآن وقد عرفنا مسيح بيت لحم، مسيح اليهودية وأورشليم،
فهل آن الأوان أن نعرف مسيح بلاد الدنيا كلها؟

المسيح الكامل، مسيح جميع الأُمم بلا استثناء ولا تمييز

ولا تحيُّز بين شيعة وأخرى، أو طائفة وأخرى، أو شعب
أو تخوم أو أجناس أو ألوان؟
«حيث ليس يهودي ولا يوناني (اختلاف الأجناس)،
ختان وغرلة (اختلاف طقوس)، بربري وسكيثيٌّ (اختلاف ثقافة وحضارة)،
ليس عبدٌ ولا حرٌّ (اختلاف اجتماعي وطبقي)،
ليس ذكر وأنثى (اختلاف جنسي)، بل المسيح الكل وفي الكل»
(غل 3: 29،28؛ كو 3: 11).


مسيح العالم كله وُلِدَ من أجل العالم كله، لأنه أحب العالم كله،
ومن أجل كل العالم سُفكَ دمه،

«وهو كفَّارة ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كل العالم أيضاً»
(1يو 2: 2).
فدمه لا يمكن أن يساوي أقل من العالم كله.

فلماذا نحصر حب المسيح ونكتمه، ونحكم أنه لا يكفي إلا لنا ولمن يتبعنا فقط؟

لماذا نحتكر دم المسيح لأنفسنا فقط، ونمنعه عن الآخرين الذين لا يتبعوننا
وكأننا اشتريناه بتقوانا أو بمبادئنا وحكمتنا؟


لماذا نرى خطايانا تُغسل في دم المسيح مجاناً وبسهولة،
وننكر على الآخرين باعتداد وعناد هذا الاغتسال والتطهير؟


مع أن المسيح لم يجعلنا قوَّامين على شرف دمه ولا نحن أكثر من مغتسلين،
والدم قيل عنه بصراحة شديدة ووضوح كافٍ إنه كفَّارة
«ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا
كل العالم أيضاً» (1يو 2: 2)!!

لقد عرفنا مسيح المعتَبَرين أنهم «بنو الملكوت»
المدعوُّون الرسميون لعشاء المسيح وفَعَلة الساعة الأُولى من الصباح،
وعرفنا مسيح ”الكاتشيزم“ والنصوص والقوانين والحدود الموضوعة.


فهل آن الأوان أن نعرف أيضاً مسيح جهلة العالم والمتجاهَلين
من شعوب الأرض والتائهين في شوارع الدنيا والأزقَّة وليس لهم
من حدود أو قيود، وليس مَنْ يذكرهم أو يردهم؟


هل آن الأوان أن نعرف مسيح الماديين والملحدين
والمستهترين من شباب الدنيا الذين لما لم يجدوا مسيحهم
في كنيسة أو في أب صالح أو قدوة طيبة، المسيح الطيب الذي يحيا
لهم وبينهم ويحمل خطيتهم؛ أخذوا يبحثون في الطبيعة أو في الغريزة
أو المخدر علَّهم يجدون سلامهم المفقود؟!


هل آن الأوان أن نعرف مسيح هؤلاء وأولئك،
المسيح المتألِّم المرفوض والمهان، التائه في شوارع المدينة وأزقتها:

«اُخرج عاجلاً إلى شوارع المدينة وأزقَّتها وأَدْخِل إلى
هنا المساكين والجُدع والعُرج والعُمي» (لو 14: 21)؟


مسيح المرفوضين بمقتضى القوانين، والأنظمة، والتشريعات،
والمعتبرين أنهم خارج الحدود وخارج السياجات:

«اُخرج إلى الطرق والسياجات وألزمهم بالدخول حتى يمتلئ بيتي»
(لو 14: 23).


مسيح العشَّارين والزواني:
«العشَّارون والزواني يسبقونكم إلى ملكوت الله» (مت 21: 31).

مسيح الأشرار والصالحين:
«فاذهبوا إلى مفارق الطرق وكل مَنْ وجدتموه فادعوه إلى العُرس.
فخرج أولئك العبيد إلى الطرق، وجمعوا كل الذين وجدوهم
أشراراً
وصالحين. فامتلأ العُرس من المتكئين» (مت 22: 10،9).


مسيح الخطاة:
«إنه دخل ليبيت عند رجل خاطئ» (لو 19: 7).

هل آن الأوان أن نئن على بقية أعضاء المسيح المُهانة المفضوحة
في أنحاء العالم كله، التي عرَّتها الخطيئة، وعرَّاها الظلم،
وعرَّاها العقل البشري؛ فتبرَّأت منها الكنيسة، مع أنها جزء
من الكنيسة لأنها رسالتها، رضيت أو لم ترضَ، فهي جزء
من المسيح لا يمكن أن يستحي به أو يتخلَّى عنه،
لأنها جزء من آلامه ومن صليبه ومن مجده!!


هل آن الأوان أن نستكمل معرفتنا بشكل المسيح الحقيقي
الذي يجمع كل هذه البشرية في نفسه وبالأخص هذا الجزء منه،
القبيح في نظرنا، المستهتر والنجس والشنيع في أعيننا،
الذي به وبالرغم من وجوده يبقى المسيح جميلاً كما هو،
طاهراً كما هو، قدُّوساً بلا عيب!


ألم يُصلب من أجل الكل؟
ألم«يحمل خطايانا في جسده» (1بط 2: 24)
على الخشبة؟

ألم يغسل العالم كله بدمه لما تخضَّب به جسده، وجسده نحن والبشرية كلها؟
«ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا» (رو 5: 8).

فالصليب سابق لوجودنا، سابق لإيماننا، والدم الذي سُفك ثمناً
لفداء الجميع قد دُفع كله مقدَّماً قبل أن يُدركه أحد وقبل أن يُطالب به إنسان!!


فالآن إن كنا نؤمن بالمسيح الكامل، مسيح العالم كله،
آدم الثاني، أبي البشرية الجديدة الذي تبنَّى طبيعة الإنسان عامةً،
لتكون له خاصة فوُلِدَ بها، ليُعلن فيها نفسه، وذُبح بها ليُقدِّسها
ويُقدِّمها ذبيحة للآب، فصارت بواسطته خليقة جديدة، متبنَّاة،
مصالَحة ومقبولة أمام الآب، وصار هو بها مسيح العالم كله،
مسيح الطبيعة البشرية قاطبة الذي

«شاء الله أن يحلَّ به الملء كله، وبه شاء أن يُصالح كل موجود»
(كو 1: 20،19).


إن كنا نؤمن به كذلك ونؤمن أننا به متحدون،
فقد أصبحنا مسئولين بمقتضى إيماننا هذا عن وحدة الطبيعة البشرية
التي في المسيح بكل شعوبها وأجناسها ولغاتها وأديانها وعقائدها
وطوائفها، مسئولين عن وحدتها داخل قلبنا، داخل شعورنا وإيماننا وثقتنا،
داخل وجودنا وكياننا المسيحي.

هذا إن كنا حقّاً في المسيح، والمسيح فينا.

نحن لا يهمنا موقف هؤلاء الناس من المسيح،
ولكن الذي يهمنا هو موقف المسيح منهم،

لأن مثله تماماً ينبغي أن نكون نحن أيضاً، لأننا به متحدون!!


فالمسيح مصلوب من أجل كل إنسان، وبالتالي من أجل العالم كله،
ونحن ”مصلوبون مع المسيح“،
ينبغي أن نكون كذلك مصلوبين معه من أجل كل إنسان
مهما كان موقفه من المسيح ومنَّا، وبالتالي من أجل العالم كله!


المسيح مات بيد جماعة أظهروا نحوه عداوة قاتلة
وأبغضوه حتى الموت، ولكن المسيح لم يُبغضهم لأنهم جزء منه.
لذلك فرح أن يموت عنهم ليفديهم ويفدي العالم كله من الموت
ومن لعنة العداوة والبغضة القاتلة!!

هذه كانت ولا تزال أعلى درجة في مفهوم المحبة العملية نحو العالم،
وأعظم وسيلة لجمع البشرية المتفرقة إلى واحد.


موت المسيح بيد أعداء له راضياً ومن أجلهم كان
ذروة الكرازة بمحبة الله، لأن بموته امتصَّ سم العداوة
وغسل خطية العالم. والآن كرازتنا للعالم ستبقى عاجزة وغير
ذات قوة إلى اللحظة التي فيها نقبل أن نموت ويُسفك دمنا مع دم المسيح،
لا عن أحبائنا بل عن أعدائنا والغرباء عنا وعن عقيدتنا،
وعن كل الذين يبغضوننا وكل العالم.


وبذلك نشترك مع المسيح مجدداً في الموت عن العالم كل يوم،
لقتل العداوة وكسر شوكة الخطية وجمع المتفرقين إلى واحد

«من أجلك (ومعك) نُمات كل النهار. قد حُسبنا مثل غنم للذبح»
(رو 8: 36)!


هذه هي ذروة الكرازة بمسيح العالم كله،
لوحدة شعوب العالم وأجناسه. وهذه هي رسالة المسيحية
الأُولى والعُظمى في العالم:
أن نموت من أجل العالم بلا تمييز بين إنسان وإنسان.

هذه هي الرسالة التي ظلت متعطِّلة ومحبوسة
في إطارات حديدية من الأنانية والطائفية والعنصرية
والتعصُّب للأجناس والأديان والعقائد.


كل سنة كنا نعيِّد لميلاد المسيح، ولكنه كان حتى الآن مسيح الأسرة،
مسيح العقيدة المنحصرة في ذاتها، مسيح الفضلاء والأتقياء،
مسيح ذوي البشرة البيضاء.

فهل آن الأوان، يا إخوة، أن نُعيِّد لميلاد مسيح كل العالم؟
مسيح كل عشيرة تُسمَّى على الأرض وفي السماء،
من كل أُمة ولسان وبشرة سوداء وصفراء وحمراء؟

مسيح كل مَنْ يُنادي باسم الرب ولو لم يعرفه؟
مسيح مساكين الأرض الذين لا يعرفون شمالهم من يمينهم؟
مسيح خراف العالم الضالة والمشرَّدين شباناً وشابات،؟
مسيح الخطاة والعشَّارين والزواني وكل الجالسين في الظلمة
وظلال الموت يترقَّبون إشراق نور الخلاص ؟؟


فهذا هو المسيح الحقيقي الذي وُلِدَ في بيت لحم، وصُلب فوق الجلجثة،
مسيح العالم كله.


الاب متى المسكين
(يناير 1970)
 
التعديل الأخير:

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
موضوع في صميم احتياجنا في هذه الأيام فعلاً
نعمة ربنا يسوع تفيض داخلك سلام ومسرة آمين
 

white.angel

فيلسوفه مسيحيه
عضو مبارك
إنضم
6 يوليو 2010
المشاركات
3,777
مستوى التفاعل
1,303
النقاط
0
موضوع في صميم احتياجنا في هذه الأيام فعلاً
نعمة ربنا يسوع تفيض داخلك سلام ومسرة آمين
شكراً لمرورك الرائع اخى العزيز
وميرسى للتقييم :)

 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
شكراً لمرورك الرائع اخى العزيز
وميرسى للتقييم :)


ده كان المفروض يحصل من زمااااااااااان
وانا اللي آسف لأني مش شوفت الموضوع قبلاً إلا لما دخلت على [ مواضيع بدون مشاركات ]
وهذا الموضوع أسعدني جداً لأن الكل يحتاجه فعلاً، وآه لو كل واحد فهمه وأدركه وعاشه !!!!
ومرسي لشخصك الحلو على هذا الموضوع الأكثر من رائع والمستحق كل تقييم
 
أعلى