من وحي القيامة

الكرمه الصغيره

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
24 ديسمبر 2012
المشاركات
2,622
مستوى التفاعل
786
النقاط
113
29355187_888162068029913_4465598162821965258_o.jpg

من وحي القيامة
إن قيامة المسيح هي الحقيقة الأساسية في المسيحية. فهي في أهميتها تفوق ولادته الإعجازية، وهي في الوقت نفسه متوِّجة لحقيقة صلبه، فهي برهان قبول ذبيحته الفدائية، وهي علامة ختم كفارته عنا، وهي عيد ميلاد المسيحية.
فلولا قيامة المسيح، لأضحى شخصه في نظر التاريخ نسيًا منسيًّا... ولدُفنت المسيحية مع المسيح في قبره، ومات الرجاء في قلوب أتباعه، وأمست الكرازة بالإنجيل خرافة تاريخية!
من أجل هذا، اهتمّ رسل المسيح بعد قيامته بالكرازة بهذه القيامة أكثر مما اهتموا بأية ناحية من نواحي حياة المسيح، ويشهد بذلك سفر أعمال الرسل سواء في كرازة بطرس أو في كرازة بولس.

لولا قيامة المسيح
لولا قيامة المسيح لما آمن به تلاميذه... لأنهم بعد موته، وقبل قيامته أرادوا أن ينصرفوا إلى صيد السمك ليستأنفوا حياتهم الأولى. وكذلك بعد قيامته عزموا أيضًا أن ينصرفوا إلى الصيد، ليستأنفوا حياتهم الأولى.
لكنهم حين امتلأوا بروحه الأقدس، غمرت الشجاعة قلوبهم، فجالوا يبشرون بالمسيح والقيامة، أكثر مما بشروا بميلاده أو بأعماله أو بأقواله.
لولا قيامة المسيح لما آمن به بولس الرسول خاتمة رسله الأطهار القديسين. فقد كان بولس يعتقد أن المسيا المنتظر لم يأتِ بعد، فانصرف إلى اضطهاد تلاميذ المسيح وأتباعه، إلى أن ظهر له المسيح في طريق دمشق، فسقط على الأرض - ويقول العارفون باللغة اليونانية، أن الكلمة الأصلية تعني أن بولس سقط عن جواده، وهو حقًا سقط عن جواد كبريائه، فصار مرتعدًا متحيّرًا حين سمع الصوت من العلاء يناديه:
«شَاوُلُ، شَاوُلُ! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟»
(لقد كان شاول عنيداً وقاسياً ضد أتباع المسيح فقد كان يضطهدهم بقوة في كل مكان كانوا فيه وظناً منه أن بعد صلب المسيح خلا الجو له، فقد حلا له، أن يقضي على البقية الباقية من أتباع الناصري المصلوب ، وحتى الذين هربوا الى سوريا كان يطاردهم . ولكن حقيقة قيامة المسيح قد أسقطت شاول عن كبرياء جواده الذي كان به يلاحق أتباع المسيح ، وبعد هذا السقوط قال وهو مرتعد ومتحيّر: )
«يَا رَبُّ، مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ؟».
(أعمال 9: 6)
لولا قيامة المسيح لمات الرجاء في قلوب المتعلقين بشخصه العزيز المجيد، كما ظهر من كلام تلميذَي عمواس:
"كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ".
لكن بعد قيامته المجيدة الظافرة، وُلد الرجاء في قلوب أتباعه ومريديه، وترعرع، ونضج حتى أضحى حقيقة واضحة، وسرى من قلوبهم هذا الرجاء إلى قلوب جميع المؤمنين به على مرّ الأجيال والدهور، حتى أمسى حقًا يقينيًّا، به يعيشون، ويموتون، وعلى شفاههم ابتسامة، وعلى ألسنتهم أبهج الترنيمات وأعذبها. وبه يدفنون موتاهم على رجاء اللقاء بهم في حضرة المسيح عند مجيئه المبارك السعيد.

قيامة المسيح
فقيامة المسيح قد أُظهرت في كمال شخصيته المجيدة المباركة، كما قال بولس الرسول:
"وَتَعَيَّنَ ابْنَ إيلوهيم بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ، بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ"
(رومية 4:1).
وقيامة المسيح قد بثّت فينا - نحن المؤمنين به - قوة روحية بها نحيا حياة الظفر والانتصار، كما قيل لأهل كولوسي:
" فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ. اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِ. مَتَى أُظْهِرَ الْمَسِيحُ حَيَاتُنَا، فَحِينَئِذٍ تُظْهَرُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ فِي الْمَجْدِ."
(كولوسي 1:3-4).
وقيامة المسيح قد خلقت إنجيل المسيحية، لأن بولس - بعد تجديده - كان يكرز بيسوع والقيامة. فلما سمعه الوثنيون يعظ عن "خرستوس أنستاسيس" ظنوه يعظ عن إلهين أولهما "خرستوس" (أي يسوع) وثانيهما "أنستاسيس"
(القيامة). فقالوا إنه يعظنا عن آلهة غريبة :
(أعمال 17)
وقيامة المسيح قد هيّأت لنا حياة البِشر والابتهاج، معتقدين في أعماق نفوسنا، أن يوم "الجمعة الحزينة" ليس آخر أيام المسيح على الأرض. وإلا صارت النصرة حليفة الظلام وأعوان الشرور، بل اختُتمت حياته الطاهرة على الأرض بيوم الأحد المجيد - الذي قام فيه من القبر ناقضًا أوجاع الموت.
إن قيامة المسيح قد أهدت إلينا يومًا جديدًا لم يكن معروفًا لدينا من قبل، هو اليوم الأول في الأسبوع - يوم الأحد - وهو أقوى حجة تاريخية تشهر على مسامع جميع الأجيال شهادة حية ناطقة، لا يرقى إليها الشك :
"أن المسيح بالحقيقة قام".
إن قيامة المسيح تحمل بين جوانحها، نبوة بقيامة الحق، وهدم الباطل، وتنادي بقيامة الضمائر ويقظتها قبل يوم الدينونة الرهيبة.
آبانا القدوس أعنا جميعنا لأنحيا معك وبين يديك حياة القداسة وحياة حية مقامة تليق بمجدك أنت يا رب يسوع .. آمين .
{د.إبراهيم سعيد}
* * *
أشكرك أحبك كثيراً...
بركة الرب لكل قارئ .. آمين .
وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين

يسوع يحبك ...
 
أعلى