صوت صارخ
New member
لم أكن أظن أننى سأكتب يوما ما أختباراتى مع الرب يسوع, لكن هناك ................فى داخلى.... أحساس بأنى يجب أن اسرد تلك الأختبارات, لا لشيئ إلا لأقدم المجد لمن له وحده كل الإكرام والمجد, كما أن هناك ديون ينبغى سدادها, على الأقل بإعلان مراحم الرب التى شملتنى طوال فترة غربتى عنه بالأرض.
كما هو معلوم أننى سأبلغ الحادية والستين من العمر بعد أيام قليلة, وهناك أحساس بدنو نهاية الرحلة, فالغروب صار قريب, واحاسيس قرب النهاية أحاسيس غريبة, من الصعب وصفها, فهى تتأرجح بين الفرح والحزن, الخوف والإطمئنان, مع حروب لا تنتهى وتزداد ضراوة مع الأيام, ومساندات ونعم إلهية لا حد لها
لقد حاولت كثيرا أن أعبر عن ما أشعر به, فلم يسعفنى ذهنى ولم تعيننى أفكارى, لكنى أردت أن اقص خبرات مع الأب السماوى, لأسعد بتذكرها, ولأجد فيها ملاذ من أضطراب مشاعر قرب الرحيل
حبانى الرب بذكاء غير عادى, وبقلب سريع النزف, أقل شيئ يجرحه ويجعله يدمى, مرهف الإحساس, أحببت الشعر, وخاصة شعر أدباء المهجر, لما فيه من مشاعر أكثر من كونه يعتمد على التراكيب اللفظية
علاقتى بالرب علاقة غير ثابته, أحيانا فى القمة, وأحيانا فى الحضيض, ويا له من خجل يعترينى عندما أتذكر فترات الحضيض تلك
أذكر حلم رأيته وأنا طفل صغير, لم أتعدى الخامسة من العمر, حلمت إنى ألهو على سطوح بيتنا, وفجاة أنفتحت كوة فى السماء, وظهرت بعض الملائكة الأطفال, كما نراهم فى الأيقونات, وكانوا يدعوننى للصعود إليهم, فخشيت وجريت نازلا من السطوح, ثم أستيقظت, قد يكون حلم طفولى عادى, لكنه لا يبرح ذاكرتى
أجتزت فترة تعليمي بتفوق, دخلت إحدى كليات القمة, وتخرجت لأشغل مركزا مرموقا ومتمتعا بتفوق غير عادى فى مجال عملى, ثقتى فى الرب طوال فترة تعليمي كانت رائعة
أتذكر فى إحدى السنوات الجامعية وفى ليلة الأمتحان فى مادة من أصعب المواد, أن حدثت ظروف لأخى الأكبر تطلبت أن أسهر بجوارة حتى الثانية صباحا, وطارت كل المعلومات من رأسى, فوقفت أمام الرب بكل ثقة قائلا: لم يكن أمامى إلا أن افعل ما فعلت, فماذا كنت سأفعل غير ذلك, هل ستتخلى عنى؟ بالطبع لن تفعل, ونمت ساعتان وذهبت للأمتحان وأنا فى سلام كامل, وأمام لجنة الأمتحان كان زملائى يكادوا يلتهمون ما بأيديهم من مذكرات لمراجعة ما يمكنهم مراجعته, أما أنا فلم أفتح ورقة واحدة وسلام كامل يملأنى, ودخلت الأمتحان وأمسكت بقلمى وبدأت أجيب عن الإمتحان بالكامل وبكل مهارة وسهوله, وكنت أول من أنهى الأمتحان ........................ وكنت الوحيد فى الدفعة الذى حصل على تقدير جيد جدا فى تلك المادة......
موقف لا أنساه طيلة حياتى وتعلمت منه أن أفعل ما يجب فعله للأخرين دون خوف من النتائج
أتذكر أمر أخر, لكن هذه المرة كان أثناء تأدية الخدمة العسكرية, كنت جندى فى سلاح المدرعات بعد حرب 73, وكان قائد الكتيبه يكره أمران فى حياته, المؤهلات العليا والمسيحيين, وكنت أحمل الصفتان بكل فخر, فحلت على رأسى أبشع معامله يتخيلها إنسان, وبسبب تلك المعاملة أصبت بشلل هستيرى فى قدماى بعد أنتهاء أجازة عيد القيامة, 48 ساعة, فحملنى أخى فى سيارة وذهب بى إلى الكتيبة, على أساس أن يعود بى بعد الحصول على أورنيك عيادة, فما كان من قائد الكتيبة أنه وضعنى فى سجن الكتيبة وطرد أخى .......
فى الصباح أخذنى الصول أحمد ووضعنى فى خيمة الإتصالات مقابل الرشاوى التى كنت ارشيه بها لأحصل على أدنى مرتبة ممكن أن يُعامل بها إنسان, كان شغلى الوحيد هو أمى, كنت متأكد أنها ممكن أن تموت خوفا علىّ, ولم يكن أمامى من سبيل لأطمئنها عنى, فنظرت للسماء ملتمسا معونة, وكان هذا يكفى كى تتحرك مراحم الرب لتنظر لضعفى
كان لدينا فى الكتيبة مركز اتصلات مع قيادة اللواء وباقى الكتائب, وبحكم خدمتى فى الكتيبة فقد كنت أعرف باقى جنود الأتصالات بقيادة اللواء, وكانت كلها أتصالات ميدانية داخل حدود لواء المشاة الذى كانت كتيبتنا جزء منه, وكان عندما يريد قائد الكتيبة محادثة القاهرة كنا نتصل بقيادة اللواء والتى تأخذ الرقم المطلوب وترسله لقيادة الفرقة, ومنها لقيادة الجيش الثانى الميدانى وكانت المكالمة تأتى فى خلال ثلاث أيام, هكذا كان الحال
وجلست أمام السويتش أنظر للسماء طالبا معونة, ودق جرس السويتش, وكان الطالب هو جندى سويتش قيادة اللواء, وبعد التحيات والسلامات سألنى سؤال غريب, سألنى إن كان هناك أى أحد يريد أى رقم بالقاهرة, فأن الخط المباشر لقيادة الجيش الثانى معه, فقلت له: نعم, اريد رقم ................, فلم يدعنى أكمل, بل قال ضاحكا معاك الحرارة أطلب من عندك .......
لم أصدق نفسي, وكانت هناك مشكلة أخرى, نحن ليس لدينا تليفون بالمنزل ........ وليس لنا أقارب لديهم تليفون, وأقرب جار لديه تليفون يبعد عنا مسيرة ربع ساعة فى الشارع الذى يلى شارعنا.... فقلت فى نفسي سأتصل بهم وأطلب منهم أن يذهبوا إلى أمى ليطمئنوها, وكان هذا أقصى ما أتمناه ...............
طلبت الرقم ............... فمن الذى قام الرد ........................ أنها أمى بنفسها ...........
ما أعظمك يا إلهى ...................... ما أحن قلبك القدوس
لك كل المجد والإكرام
يتبع
كما هو معلوم أننى سأبلغ الحادية والستين من العمر بعد أيام قليلة, وهناك أحساس بدنو نهاية الرحلة, فالغروب صار قريب, واحاسيس قرب النهاية أحاسيس غريبة, من الصعب وصفها, فهى تتأرجح بين الفرح والحزن, الخوف والإطمئنان, مع حروب لا تنتهى وتزداد ضراوة مع الأيام, ومساندات ونعم إلهية لا حد لها
لقد حاولت كثيرا أن أعبر عن ما أشعر به, فلم يسعفنى ذهنى ولم تعيننى أفكارى, لكنى أردت أن اقص خبرات مع الأب السماوى, لأسعد بتذكرها, ولأجد فيها ملاذ من أضطراب مشاعر قرب الرحيل
حبانى الرب بذكاء غير عادى, وبقلب سريع النزف, أقل شيئ يجرحه ويجعله يدمى, مرهف الإحساس, أحببت الشعر, وخاصة شعر أدباء المهجر, لما فيه من مشاعر أكثر من كونه يعتمد على التراكيب اللفظية
علاقتى بالرب علاقة غير ثابته, أحيانا فى القمة, وأحيانا فى الحضيض, ويا له من خجل يعترينى عندما أتذكر فترات الحضيض تلك
أذكر حلم رأيته وأنا طفل صغير, لم أتعدى الخامسة من العمر, حلمت إنى ألهو على سطوح بيتنا, وفجاة أنفتحت كوة فى السماء, وظهرت بعض الملائكة الأطفال, كما نراهم فى الأيقونات, وكانوا يدعوننى للصعود إليهم, فخشيت وجريت نازلا من السطوح, ثم أستيقظت, قد يكون حلم طفولى عادى, لكنه لا يبرح ذاكرتى
أجتزت فترة تعليمي بتفوق, دخلت إحدى كليات القمة, وتخرجت لأشغل مركزا مرموقا ومتمتعا بتفوق غير عادى فى مجال عملى, ثقتى فى الرب طوال فترة تعليمي كانت رائعة
أتذكر فى إحدى السنوات الجامعية وفى ليلة الأمتحان فى مادة من أصعب المواد, أن حدثت ظروف لأخى الأكبر تطلبت أن أسهر بجوارة حتى الثانية صباحا, وطارت كل المعلومات من رأسى, فوقفت أمام الرب بكل ثقة قائلا: لم يكن أمامى إلا أن افعل ما فعلت, فماذا كنت سأفعل غير ذلك, هل ستتخلى عنى؟ بالطبع لن تفعل, ونمت ساعتان وذهبت للأمتحان وأنا فى سلام كامل, وأمام لجنة الأمتحان كان زملائى يكادوا يلتهمون ما بأيديهم من مذكرات لمراجعة ما يمكنهم مراجعته, أما أنا فلم أفتح ورقة واحدة وسلام كامل يملأنى, ودخلت الأمتحان وأمسكت بقلمى وبدأت أجيب عن الإمتحان بالكامل وبكل مهارة وسهوله, وكنت أول من أنهى الأمتحان ........................ وكنت الوحيد فى الدفعة الذى حصل على تقدير جيد جدا فى تلك المادة......
موقف لا أنساه طيلة حياتى وتعلمت منه أن أفعل ما يجب فعله للأخرين دون خوف من النتائج
أتذكر أمر أخر, لكن هذه المرة كان أثناء تأدية الخدمة العسكرية, كنت جندى فى سلاح المدرعات بعد حرب 73, وكان قائد الكتيبه يكره أمران فى حياته, المؤهلات العليا والمسيحيين, وكنت أحمل الصفتان بكل فخر, فحلت على رأسى أبشع معامله يتخيلها إنسان, وبسبب تلك المعاملة أصبت بشلل هستيرى فى قدماى بعد أنتهاء أجازة عيد القيامة, 48 ساعة, فحملنى أخى فى سيارة وذهب بى إلى الكتيبة, على أساس أن يعود بى بعد الحصول على أورنيك عيادة, فما كان من قائد الكتيبة أنه وضعنى فى سجن الكتيبة وطرد أخى .......
فى الصباح أخذنى الصول أحمد ووضعنى فى خيمة الإتصالات مقابل الرشاوى التى كنت ارشيه بها لأحصل على أدنى مرتبة ممكن أن يُعامل بها إنسان, كان شغلى الوحيد هو أمى, كنت متأكد أنها ممكن أن تموت خوفا علىّ, ولم يكن أمامى من سبيل لأطمئنها عنى, فنظرت للسماء ملتمسا معونة, وكان هذا يكفى كى تتحرك مراحم الرب لتنظر لضعفى
كان لدينا فى الكتيبة مركز اتصلات مع قيادة اللواء وباقى الكتائب, وبحكم خدمتى فى الكتيبة فقد كنت أعرف باقى جنود الأتصالات بقيادة اللواء, وكانت كلها أتصالات ميدانية داخل حدود لواء المشاة الذى كانت كتيبتنا جزء منه, وكان عندما يريد قائد الكتيبة محادثة القاهرة كنا نتصل بقيادة اللواء والتى تأخذ الرقم المطلوب وترسله لقيادة الفرقة, ومنها لقيادة الجيش الثانى الميدانى وكانت المكالمة تأتى فى خلال ثلاث أيام, هكذا كان الحال
وجلست أمام السويتش أنظر للسماء طالبا معونة, ودق جرس السويتش, وكان الطالب هو جندى سويتش قيادة اللواء, وبعد التحيات والسلامات سألنى سؤال غريب, سألنى إن كان هناك أى أحد يريد أى رقم بالقاهرة, فأن الخط المباشر لقيادة الجيش الثانى معه, فقلت له: نعم, اريد رقم ................, فلم يدعنى أكمل, بل قال ضاحكا معاك الحرارة أطلب من عندك .......
لم أصدق نفسي, وكانت هناك مشكلة أخرى, نحن ليس لدينا تليفون بالمنزل ........ وليس لنا أقارب لديهم تليفون, وأقرب جار لديه تليفون يبعد عنا مسيرة ربع ساعة فى الشارع الذى يلى شارعنا.... فقلت فى نفسي سأتصل بهم وأطلب منهم أن يذهبوا إلى أمى ليطمئنوها, وكان هذا أقصى ما أتمناه ...............
طلبت الرقم ............... فمن الذى قام الرد ........................ أنها أمى بنفسها ...........
ما أعظمك يا إلهى ...................... ما أحن قلبك القدوس
لك كل المجد والإكرام
يتبع
التعديل الأخير: