القلب الحنون والقلب القاسى

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,199
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
للبابا شنودة الثالث

القلب الحنون



القلب القاسي، باستمرار يحطم ويهدم. وقسوته لا تشفق، ولا ترحم. إنه نار تأكل كل شيء، حتى نفسها..

أما القلب الحنون العطوف، فإنه يفيض رقة وإشفاقًا على كل أحد، حتى الذين لا يستحقون، وحتى على أعدائه..

وحنو الإنسان على غيره، قد يشمل الكائنات جميعًا.. فيحنو على العصفور المسكين، وعلى الفراشة الهائمة، وعلى الزهرة الذابلة.. بل قد يحنو على الوحش المفترس، مثل القديس الذي رأى أسدًا يئن من شوكة في قدمه، فانحني وأراحه منها..

وقد يكون الحنو في نواح مادية أو جسدية، وقد يكون في نواح نفسية أو روحية.

وخلاصة الأمر أن القلب المملوء حنانًا، يفيض بهذا الحنان في كل المجالات، وعلى الكل. فيشفق على الفقير المحتاج، وعلى المريض المتألم، كما يشفق على البائس والمتعب نفسيًا، وعلى الساقط في الخطية المحتاج إلى من يأخذ بيده ليقيمه.

والحنان ليس مجرد عاطفة في القلب، وإنما تتحول فيه العاطفة إلى عمل جاد من أجل إراحة الغير.

إن الحنان النظري هو حنان قاصر، حنان ناقص، يحتاج إلى إثبات وجوده بالعمل. ولهذا قال القديس يوحنا الحبيب: "يا أخوتي، لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق".
إن القلب الحنون يمكنه أن يكسب الناس. أما القلب القاسي فينفرهم.

الناس يحتاجون إلى من يعطف عليهم، إلى من يأخذ بيدهم، إلى من يشجع الضعيف، ويقيم الساقط، ويفهم ظروف الناس واحتياجاتهم. وتكون له روح الخدمة فيخدم الكل، ويساعد الكل، ويعين الكل، ولا يحتقر ضعفات أحد.. كما قال الكتاب: "شددوا الركب المخلعة، وقوموا الأيدي المسترخية"..

وقيل عن السيد المسيح إنه كان: "لا يخاصم ولا يصيح، ولا يسمع أحد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفئ".. هذه الفتيلة المدخنة ربما تهب ريح فتشعلها، فتضئ مرة أخرى..

و كان حنوه يشمل الروح والجسد معًا. وهكذا قيل عنه في الإنجيل المقدس إنه: "كان يجول يصنع خيرًا".. كان يشفق على الأرواح الساقطة فيقيمها بالتوبة، ويشفق على الأجساد المريضة فيشفيها.. "يطوف المدن والقرى: يكرز ببشارة الملكوت، ويشفى كل مرض وكل ضعف في الشعب".

أحضروا إليه مرة امرأة خاطئة قد ضبطت في ذات الفعل، وانتظروا منه أن يحكم برجمها حسبما تقضى الشريعة ما هو فقال لهم: من منكم بلا خطية، فليرمها بأول حجر". وانصرف المطالبون برجمها لأنهم أيضًا خطاة. واطمأنت المرأة. فنظر إليها السيد المسيح وقال لها: وأنا أيضًا لا أدينك.. أذهبي بسلام. ولا تعودي تخطئي أيضًا".. هذا هو الحنو الذي يكسب القلب، ويقوده إلى التوبة.. فليتنا نحنو على الخطاة، لكي نكسبهم إلى الله.

إن الله يحنو علينا، حتى ونحن في عمق خطايانا. ومن دلائل حنوه أنه يستر ولا يكشف.

كم من أناس قد غطسوا في الشر حتى غطاهم، وما يزال الله يستر.. لم يكشفهم، ولم يفضحهم، ولم يعلن خطاياهم للناس.. لأنهم ربما لو انكشفوا لضاعوا، وانسد أمامهم الطريق إلى التوبة بعد فقدهم لثقة الناس.

إن القلب الحنون يستر خطايا الناس. لا يتحدث عنها، ولا يشهر بها، ولا يقسو في الحكم عليها.. بل قد يجد لهم عذرًا، أو يخفف من المسئولية الواقعة عليهم.. وأن قابلهم لا يفقد توقيره لهم، معطيًا إياهم فرصة للرجوع.. بل قد يضحى بنفسه من أجلهم، ويتحمل المسئولية عوضًا عنهم إن استطاع.

قال القديس يوحنا ذهبي الفم: "إن لم تستطع أن تمنع من يتكلم على أخيه بالسوء، فعلى الأقل لا تتكلم أنت".

"وأن لم تستطع أن تحمل خطايا الناس، وتنسبها إلى نفسك لكي تبررهم، فعلى الأقل لا تستذنبهم وتنشر خطاياهم".
أن القلب الحنون يعيش في مشاعر الناس. يتصور نفسه في مكانهم، ولا يجرح أحدًا ويبرهن على نقاوة قلبه بعطفه على الكل..
وهو يعرف أن الطبيعة البشرية حافلة بالضعفات..
و إن أقوى الناس ربما تكون في حياته ثغرات..
و قد يسقط، إن اشتدت الحرب عليه، وأن تخلت عنه النعمة الحافظة..
لذلك ينظر إلى الناس في حنو، في قيامهم وفي سقوطهم أيضًا.
كان القديس يوحنا القصير إن سمع عن أحد أنه سقط، يبكى. فإن سئل في ذلك يقول: (معنى هذا أن الشيطان نشيط. وإن كان قد أسقط أخي اليوم، فقد يسقطني أنا غدًا..). وهكذا -في أتضاع- لم يضع هذا القديس نفسه في مرتبة أسمى من غيره. وبكل حنو نظر إلى سقطة غيره، ونسبها إلى عمل الشيطان، لا إلى فساد طبع ذلك الأخ.
وبهذا كان أقوى المرشدين الروحيين هم الذين يفهمون النفس البشرية، ولا يقسون عليها في ضعفاتها.
إن القلب الحنون لا يعامل الناس بالعدل المطلق مجردًا، إنما يخلط بعدله كثيرًا من الرحمة. ولا يجعل عدله عدلًا جافًا حرفيًا يطبق فيه النصوص، بل أيضًا يقدر الظروف المحيطة، سواء كانت عوامل نفسية أو تربوية أو عوامل اجتماعية.
أما الذي يصب اللعنات على كل مخطئ، دون أن يقدر ظروفه أو يفحص حاله، فإنه قلب لا يرحم..
القلب الحنون لا يحكم على أحد بسرعة.. بل يعطى كل أحد فرصة للدفاع عن نفسه، ولتوضيح موقفه..
و هو أيضًا لا يكثر اللوم والتوبيخ، وإن وبخ، فإنما يكون ذلك بعطف وليس بقسوة. وقد يقدم لتوبيخه بكلمة تقدير أو كلمة حب، حتى يكون التوبيخ مقبولًا. وأن احتاج الأمر منه إلى حزم وشدة وعنف، فقد يفعل ذلك مضطرًا. ولكنه في مناسبة أخرى يصلح الموقف، ويعالج بالحنو نفسية ذلك المخطئ.
والقلب الحنون لا يخجل أحدًا، ولا يحرج أحدًا. وقد يشير إلى الخطأ من بعيد، بألفاظ هادئة. وربما بطريق غير مباشر، وربما في السر وليس في أسماع الناس.
أما الذي يرجم الناس بالحجارة، فعليه أن يتروى، لئلا يكون بيته من زجاج. وليعلم أن كل الفضائل بدون المحبة ليست شيئًا. والمحبة تتأنى وتترفق. والحكمة هي أن نكسب الناس بالحنو، وأن لا نخسر الناس بالقسوة.
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,199
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus


القلب القاسي




القلب القاسي | من أقوال الأنبا مرقس الناسك في

"باب الحديد الذي يؤدى إلى المدينة" أع 1:12، هو القلب القاسي. فإن تألم الإنسان (تاب) وندم، يُفتح الباب بناء على رغبته، كما ُفتح لبطرس.
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,199
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
البابا شنودة الثالث

صفات القلب القاسي



القلب القاسي – من جهة تعامله مع اله – يعيش في جو من اللامبالاة. كلمة الله لا تترك تأثيرها في قلبه. بل كما حدث مع أهل سادوم، لما كلمهم لوط وحذرهم من غضب الله" كان كمازح في أعين أصهاره" (تك19: 14).. كلمة الله بالنسبة إلى قلوب القساة مثل بذار وقع على صخر.

القاسي القلب، ليس فقط لا يتأثر بكلام الروح، بل قد يسخر ويتهكم، ويرفض السماع!

ويرفض المجال الذي تقال فيه كلمة الله وذلك إذا تقسي قلب إنسان من جهة الله، يبعد عن الكنيسة والاجتماعات، ويبعد عن الكتاب المقدس وعن الصلاة، وعن كل الممارسات الروحية. ولا تعود هذه الأمور تؤثر فيه كما كانت قبلًا..

تصبح وصايا الله ثقيلة عليه، بينما الثقل هو في قلبه..
قلبه قاس لا يتأثر بأي دافع روحي لا يتأثر بحنان الله، ولا بإنذاراته وعقوباته. ولا يتأثر بالحوادث ولا بالأحداث، لا بالمرض ولا بالموت أحبائه ولا تؤثر فيه صلاة ولا كلمة روحية. وإحسانات الله يقابلها بنكران للجميل أو ينسبها إلى أسباب بشرية وينطبق عليه قول الرب:

"بسطت يدي طول النهار إلى شعب معاند ومقاوم" (رو10: 21).

وهكذا فإن قساوة القلب تقود إلى العناد والمقاومة. وربما شخص مخطئ تشرح له خطأة لمدة ساعات طويلة، وكأنك لم تقل شيئًا هو مصر على موقفه، يرفض أن يعترف بالخطأ. القلب صخري لا يستجيب..

ما أصعب أن تتخلى النعمة عن مثل هذا الشخص، كما قال الرب: "فلسمتهم إلى قساوة قلوبهم، ليسلكوا في مؤامرات أنفسهم" (مز81: 12).

أو كما قيل: "أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض ليفعلوا" (رو1: 28) لذلك أسلمهم الله إلى أهوان الهوان (رو1: 26).

وهكذا إذا استمرت قساوة القلب، تكون خطيرة جدًا، لأنها تقود إلى التخلي من جانب الله، والضياع من جهة الإنسان..

الإنسان الحساس دموعه قريبه. أما القاسي، فيندر أن تبتل عيناه.

مهما كانت الأسباب.. لأن الدموع دليل على رقة الشعور، والقاسي لا رقة في مشاعره، سواء في تعامله مع الله أو مع الناس..

بل على العكس، تقوده قساوة القلب إلى الحدة وإلى الغضب.

فالقاسي تشتغل مشاعره ضد الآخرين بسرعة، ويحتد، ويثور، ويهدد وينذر ولا يحتمل أن يمسه أحد بكلمة. . وفي نفس الوقت لا يراعي مشاعر الآخرين بجرح غيره بسهولة وفي لا مبالاة. ولا مانع من أن يهين غيره ولا يشتمه. ولا يتأثر من جهة وقع الألفاظ عليه..

وهنا يجمع القاسي القلب بين أمرين متناقصين: فيكون حساسًا جدًا من جهة المعاملة التي يعامله بها الناس ولا إحساس من جهة وقع معاملته على الآخرين.

فهو إذا وبخ غيره بحق أو بغير حق يكون كثير التوبيخ وعميقة. وإذا غضب على أحد، يكون طويل الغضب وعنيفة.

في قسوته لا يحتمل أحدًا، ويريد أن يحتمله الكل، فلا يثورون لثورته بل يتقبلونها في شعور بالاستحقاق لما ينالهم منه:

على كل، القسوة منفرة، ومن يستسلم لحروب القسوة، يخسر الناس ويفشل في حياته الاجتماعية...

لذلك احترسوا جميعًا من قساوة القلب" وكونوا لطفاء بعضكم نحو بعض" (أف4: 32) وتذكروا أنه من ثمار الروح: "وداعة ولطف أناة" (غل5: 22).

ومن ثمارها أيضًا المحبة والسلام..

مادام الأمر هكذا، فلنعرف ما هي أسباب قساوة القلب لكي نتفاداها.
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,199
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
لقداسة البابا شنودة الثالث

موقف المسيح من القسوة



كان يشفق على الزناة والخطاة، ويقبل دموع التائبين منهم، ويعاملهم بكل حنان، مثلما دافع عن المرأة الخاطئة التي ضبطت في ذات الفعل (يو8: 7).

ولكنه في نفس الوقت، ما كان يقبل القساة مطلقًا، بل كان يوبخهم بشدة.

لقد وبخ الكتبة والفريسيين المتشددين في الدين، لأنهم كانوا في تعليمهم" يحزمون أحمالًا ثقيلة عسرة الحمل، ويضعونها على أكتاف الناس، وهم لا يريدون أن يحركوها بأصبعهم" (مت23: 4). ولذلك قال لهم: "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون، لأنكم تغلقون ملكوت السموات قدام الناس فلا تدخلون أنتم، ولا تدعون الداخلين يدخلون " (مت23: 13).

إن القسوة كثيرًا ما تكون مظهرًا أو نتيجة لكبرياء القلب. لذلك كان الرب أيضًا ضد المتكبرين. بل يقول الكتاب: "الرب يقاوم المستكبرين" (1بط5: 5 ؛ يع4: 6).

وهكذا يدعو الله دائمًا إلى الحنان والعطف. ويحذر القساة من أنهم سوف يلاقون نفس المعاملة، ويعاملون بنفس الأسلوب. فيقول لهم: "بالكيل الذي به تكيلون يكال لكم ويزاد" ويقول لهم أيضًا: "بالدينونة التي بها تدينون تدانون" (مت7: 1، 2).

فليحترس القساة إذن، وليخافوا على أنفسهم من قساوة أنفسهم.

إن القساوة حرب شيطانية. ومن يتصف بها يشابه الشيطان في صفاته. لأن القسوة ليست من صفات الله، بل الله رحيم باستمرار، شفوق على الكل..

وليست القسوة مكروهة من الله فقط، بل أيضًا من الأبرار أصحاب القلوب الرقيقة. وهكذا نري أن يعقوب أبًا الآباء يوبخ قسوة أبنيه شمعون ولاوى، فيقول عنهما:

" ملعون غضبهما فإنه شديد، وسخطهما فإنه قاس" (تك49: 7).

إن القلب الطيب قريب من الله. إنه مثل عجينة لينه في يد الله، يشكلها مثلما يشاء، بعكس الأشرار الذين لهم قلوب صخرية صلبة قاسية، لا تخضع لعمل الله فيها ولا تستجيب ولا تشكل... ولذلك يحذرنا الرسول من هذه القسوة فيقول:

"إن سمعتم صوته، فلا تقسو قلوبكم" (عب3: 8، 15 ؛ عب4: 7).

إن الله ينظر إلى الخطية باستمرار على اعتبار أنها قساوة قلب، لأن القلوب الحساسة لا تعاند الله مطلقًا، ولا تغلق أبوابها في وجهه. إنها حساسة لصوت الله ولدعوته، سريعة الاستجابة له. تتأثر جدًا بمعاملات الله وبعمل نعمته. وإن بعدت عنه نحن إلى الرجوع بسرعة.
أقل حادثة تؤثر فيها. وكل كلمة من الله تذيب قلبها وتعيده إليه.

وعكس ذلك كان فرعون في قساوة قلبه، إذ كان لا يلين مطلقًا ولا يتوب مهما كانت الضربات شديدة..!

القلب القاسي إذن: توبته ليست سهلة، وتأثره بوسائط النعمة ضئيل جدًا ووقتي وسريع الزوال، بل قد لا يتأثر على الإطلاق..! وهذا يجعلنا ندرس موضوعًا هامًا وهو: صفات القلب القاسي.
 

كلدانية

مشرف
مشرف
إنضم
1 نوفمبر 2010
المشاركات
64,040
مستوى التفاعل
5,411
النقاط
113
القلب الحنون مهما حاول ان يكون قاسي
الا انه سوف يرجع الى أصله مهما قست عليه بعض الظروف
وجعل قلبه قاسي ولكن بالنهاية

القلب الابيض يبقى كما هو مهما طال
موضوع مميز وخاصة للبابا شنودة كله حكم وعبر
تسلم لمجهودك الرااائع اخي النهيسي سلام الرب معك


 

candy shop

مشرفة منتدى الاسرة
مشرف
إنضم
29 يناير 2007
المشاركات
50,803
مستوى التفاعل
2,012
النقاط
113
موضوع رائع لمثلث الرحمات البابا شنوده
شكرااا لمجهودك المميز اخى النهيسى
ربنا يبارك خدمتك الجميله
 
أعلى