الجيل الديجيتال والحياة الكنسية
لنيافة الأنبا رافائيل
يعرف جميعنا أننا نخدم جيلاً له خصائص تُميزه .. وقد تتمايز الأجيال في بعض خصائصها، ولكن هذا الجيل بالذات قد أُعطي مساحة كبيرة للتميز بسبب التطور المُذهل في إمكانيات الحياة اليومية من خلال التطور التكنولوجي ومجالات الاتصالات وثورة المعلومات .. حتى إنه يجوز فعلاً أن يقال إنه "الجيل الرقمي".
صار كل شيء تقريبًا من خلال النت والكومبيوتر والأجهزة الكومبيوترية، وأصبحت طريقة ومنهج الشباب في الفكر والتعامل والتعلّم مرتبطة بالطرق الكومبيوترية .. حتى إنه سيجيء اليوم - إن لم يكن قد جاء بالفعل - الذي فيه سيحسب أي شخص لا يعرف التعامل بهذا المنهج أنه "أميُّ"، وستوجد فجوة كبيرة جدًا بين هذا الجيل الرقمي وبين أي أب أو أم أو خادم أو كاهن لا يتقن استخدام التكنولوجيا المعلوماتية.
لذلك علينا - نحن الخدام - أن نعي حجم هذا التحدي، ونعد أنفسنا لخدمة جيلنا بأمانة وكفاءة .. ويجب أن نفكر بإيجابية:
w ما هي نتائج وآثار التفكير بالمنهج الديجيتال على حياتنا الكنسية وعلاقتنا بالمسيح إلهنا؟
w وكيف نُطوّع هذا التقدّم التكنولوجي الهائل لخدمة السيد المسيح، ونشر الإيمان، وشرح الإنجيل والعقيدة الأرثوذكسية؟
? خصائص عصرية يجب مراعاتها:
(1) السرعة:
نتيجة السرعة الفائقة التي يعمل بها الكومبيوتر والنت .. اعتاد الشباب على هذه السرعة، وأصبح كل شيء بطيء مُملاً لهم. لذلك:
w يجب مراعاة ذلك في عبادتنا الليتورجيا وفى طريقة التعليم الكنسي.
w ويجب أن تُؤدى ليتورجيتنا بطريقة نشطة لا بسرعة مُخلّة بجمال موسيقاها أو معناها، ولا ببطء ممل يفقدها جاذبيتها وينفر الشباب منها.
(2) الحركة:
نتيجة المكوث كثيرًا أمام الشاشات سواء الكومبيوتر أو التليفزيون .. اعتاد الشباب على الحركة السريعة. لذلك:
w يجب التدرب على تقديم المواضيع الروحية والكنسية والتعليمية بطرق الـdata show وكذلك نصوص الصلوات الليتورجية في القداس والتسبحة والتماجيد والبصخة ... وغيره مصحوبة بالصور المُعبِّرة التي تساعد على التركيز والفهم والروحانية.
w ويجب أن نفكر في الخولاجي والأجبية والإبصلمودية الديجيتال، مع عرض هذه النصوص على شاشات ضخمة أثناء الممارسة الكنسية للمتابعة والتركيز بدون ملل أو تشتت.
(3) التفاعلية:
معظم البرامج التليفزيونية والكومبيوترية الجاذبة للشباب تعتمد على مقدار تفاعلهم معها. فالشاب يتفاعل مع البرنامج التليفزيوني عن طريق الاتصال بالتليفون، والتدخل في الحوار وإبداء الرأي .. ومع الكومبيوتر عن طريق الحوارات (chatting)، والدخول في المنتديات الفكرية، والاستغراق في الألعاب التي فيها يلاعب الكومبيوتر نفسه وقد يفوز عليه.
كل هذا أعطى للشباب طبيعة حب التفاعل والمشاركة والحوار .. الأمر الذي يجب أن نفكر فيه بجدية في مناهج التعليم الكنسي وفي الممارسة الليتورجية.
(4) التجديد:
دأبت شركات إنتاج التكنولوجيا على إغراق الأسواق بالمنتجات، ثم تدخل تحديثات وتحسينات على منتجاتها، فيتبارى الشباب في شراء أحدث الموديلات من أجهزة الموبايل والكومبيوتر وما إليه. وهذا أيضًا أعطى الشباب صفة "محبة التجديد والتغيير السريع"، ويصير ما هو مُبهر اليوم (عادي) غدًا.. مطلوب منَّا أيضًا أن نجدد في طريقة خدمتنا وشرحنا وأن نشرك الشباب في تحديث وسائل الخدمة.
(5) منابر جديدة للخدمة:
القنوات الفضائية والـ (web sites) ورسائل المحمول والـ (e-mails) والـ (face book) وغيره .. يمكن أن تستخدم في التعليم والافتقاد والإعلان وتسليم الألحان والدراسة عن بُعد، خاصة: درس الكتاب، ودروس العقيدة واللاهوت، والإجابة عن أسئلة الناس، وتبادل النصوص الليتورجية المنتجة بالـ (multimedia)، وكذلك دروس التربية الكنسية واجتماعات الشباب ومهرجان الكرازة.
(6) يجب التنويه على أن رؤية القداس في الـ (TV) لا تغني عن حضوره في الكنيسة والتمتع بشركة المؤمنين .. إلاَّ في حالة المرضى الملازمين للفراش والناس الموجودين في بلاد لا يوجد بها كنائس قبطية أرثوذكسية.
(7) نحتاج تكوين مجموعات من الشباب يتابعون كل ما هو جديد في المجالات الحديثة، ويحولونه إلى وسائل قابلة للتنفيذ في الخدمة الكنسية، فنجاري عصرنا ونخدم بما يفهمه ويهواه شبابنا.
