يوحنا السلمي

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,644
مستوى التفاعل
3,556
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
يوحنا السينائي نسبة إلى سيناء وسمي السلمي لأنه ألّف كتاب "سلم الفضائل". حداثته مجهولة سوى أن لقب العلاّمة الذي لقب به وهو على قيد الحياة يفترض تحصيلاً ثقافياً واسعاً، وجل ما يعرف عنه يُقتبس من كتاباته. في السادسة عشرة من عمره تتلمذ لأحد شيوخ دير جبل سيناء، أي دير القديسة كاترين، وفي سن العشرين من عمره اعتزل في الصحراء متوحداً. قضى أربعين سنةً في خلوته مجاهداً جهاد التوبة والصلاة ومختبراً فنون الحرب اللامنظورة وحلاوة مناجاة الله. وكان في خلوته يستقبل من يأتونه للاسترشاد من رهبان وعلمانيين، ويزور المرضى المتوحدين متفقداً كما نعرف من كتابه. ثم انتخب رئيساً لدير جبل سيناء، ولا يعرف بالضبط مقدار الزمن الذي تولّى فيه القديس يوحنا رئاسة دير جبل سيناء ولكنه استقال من الرئاسة ليعود إلى خلوته قبل وفاته. عاش حوالي خمس وسبعين سنةً وتوفي سنة 600 أو قبلها بقليل. طلب إليه الأب يوحنا رئيس دير رايثو أن يكتب إرشادات للرهبان، فوضع كتاباً اسمه "السلم" سمي فيما بعد سلم السماء أو درجات الفضائل أو السلم المقدسة.
تسمية السلم مستوحاة من رؤيا يعقوب (تكوين 28: 12-13)، هذا ويستشف من كتابه أنه كان ذا شخصية قوية حرّة لقد شاهد وسمع في حياته أموراً كثيرة فيرويها ويقيّمها تقيّماً شخصياً غير آبه بمخالفته للآراء السائدة أحياناً، ويبدو جليّاً أنه مطّلع كلّ الإطلاع على أحوال الناس العائشين في وسط العالم وعلى آرائهم وعاداتهم ونفسيتهم وأنه يعرف النفس البشرية معرفة عميقة ويحللها تحليلاً دقيقاً جديراً بعلماء النفس اليوم وهو مستعد دائماً للإقرار بضعفه مما يجعله من المعلّمين الروحانيين الأكثر إنسانية. رتّب القديس يوحنا في كتابه ثلاثين درجة إشارة إلى سني يسوع الثلاثين قبل ظهوره للعالم وترمز السلّم بصورة عامة إلى مسيرة الكمال باعتبارها صعوداً روحياً نحو الله و إلى صليب المسيح باعتباره الطريق الوحيد الذي يجمع بين الأرض والسماء فإن كتاب السلّم يعدّ أيضاً كتاباً فريداً من نوعه نظراً لشخصية مؤلفه القوية وسعة معرفته وعمق خبرته الروحية وطريقته في البحث متصفاً ومتميزاً بالانسجام والغنى معا. الكتاب نافع لكل مسيحي يبتغي طريق الكمال، ضمّنه القديس يوحنا السلمي خبرته، فقد شاهد وسمع في حياته أموراً كثيرة، يرويها ويقيمها تقييماً شخصياً غير آبه بمخالفته الآراء السائدة أحياناً. رتّب القديس يوحنا السلمي في كتابه ثلاثين درجة يرتقيها طالب الكمال مجاهداً من الزهد بالعالم إلى الاتحاد بالله مروراً بمحاربة الأهواء واكتساب الفضائل: الصبر والوداعة والتواضع.
تعيّد له الكنيسة البيزنطية في الثلاثين من آذار وفي الأحد الرابع من الصوم الكبير.




أيقونة السلم الى الله
و هي من وحي كتاب "السلم" للقديس يوحنا​
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,644
مستوى التفاعل
3,556
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
نسخة ثانية عن حياة القديسة يوحنا السلمي

نسخة ثانية عن حياة القديسة يوحنا السلمي

ميلادُهُ:
ولد يوحنا، كما يبدو، في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي.

ترهبُهُ:
بعد أن بلغ يوحنا السادسة عشر، وتلقّى من العلم قدراً وتفتّح ذهنه، مجّ مفاتن حياة البطلان، حبّاً بالله، وطلب جبل سيناء. حيثُ تكثرُ المناسك والأديرة الرهبانية.
ومنذ أن دخل حلبة الصراع الرهباني، تخلّى عن كلّ ثقة بالنفس وسلك في أتّضاع القلب مسلّماً ذاته، في الجسد والروح، إلى شيخ اسمه مرتيريوس، وشرع بلا همّ أرضي يرتقي سلّم الفضائل. همُّه الأوحد أضحى أن يتخلّى عن مشيئته الخاصة.

تنسُّكُهُ:
أمضى يوحنا، تسعة عشر عاماً سالكاً بالطاعة، محفوظاً بصلاة أبيه الروحي. فلمَّا رقد معلّمه في الرّب قرّر مواصلة ارتقائه في الوحد.
بعدما ترسّخ في الاتضاع، عبر العزلة الكاملة حتى لا يُوجَد محروماً ولا للحظة من عذوبة الله. حتى في هذا الأمر لم يعتمد على رأيه الذاتي بل على نصيحة شيخ آخر قدّيس، يُدعى جاورجيوس، أطلعه على نمط الحياة الخاصة بالهدوئيين. وقد اختار يوحنا، لذلك، موضعاً معزولاً يُعرف بـ "تولا" على بعد خمسة أميال من الدير الكبير.
a32785ed32c2befd6f9cb92b316089e1.jpg
لازم يوحنا المكان أربعين سنة مشتعلاً بحب الله المتنامي في قلبه أبداً لم يشغله خلالها شيء غير الصلاة المتواترة ويقظة القلب كمثل ملاك بالجسد.

كان يحدث له أحياناً أن يُخطف في الروح وسط الأجواق الملائكية دون أن يعرف ما إذا كان، ساعة ذاك، في الجسد أو خارج الجسد. وبحرّية بالغة كان يطلب من الله أن يلقّنه أسرار اللاهوت. ولما كان يخرج من أتون الصلاة كان يشعر بالنقاوة تارةً، كما لو خرج لتوّه من النار، وتارةً أخرى يلتمع ضياءً.

رئيساً لدير سيناء:
لما أكمل قدّيسنا سنواته الأربعين مقيماً في البرّية كموسى آخر، اختير رئيساً لدير سيناء. فكان راعياً ممتازاً وطبيباً حاذقاً ومعلّماً حاذقاً يحمل في نفسه الكتاب الذي وضعه الله فيه حتى لم يعد في حاجة إلى كتب أخرى يُلقّن رهبانه بواسطتها علم العلوم وفنّ الفنون.

صيت دير سيناء ذاع لنمط حياة رهبانه، الذي وضعه لهم رئيسهم الفاضل. هذا ما جعل من الدير منارةً لكل الرهبان والحجاج الذين راحوا يأتونه من كُلِّ حدبٍ وصوب.

مؤلّفاته:
لمَّا ذاع صيتُ الحياة الرهبانية ونمطها في دير سيناء، بفضل حكمة ودراية القدّيس يوحنا، كَتَبَ يوحنا رئيس دير رايثو، إلى قدّيسنا يطلب منه أن يكتب، بصورة واضحة ومنظّمة ومقتضبة، ما هو ضروري لنوال مقتبلي الحياة الملائكية الخلاص.



على هذا انبرى يوحنا يُحرِّر ألواح الناموس الروحي، فكان ثمرة جهده كتاب "السلَّم إلى الله" الذي أضحى في الأدب النسكي، مرجعاً كلاسيكيّاً أساسيّاً في أصول الحياة الروحيّة، على مدى الأجيال.

فكرة الكتاب تقوم على أن "الوصول إلى الكمال الروحي" ويستدعي "التدرّج في الفضائل" كمن يصعد "السلّم" وكلّ درجة فضيلة، وهو مستوحى من رؤيا يعقوب في العهد القديم (تكوين 28 : 12-13).

أمّا الشيطان فيقوم بمحاربتنا عبر أفكار شريرة لإسقاطنا عن سلم الله إلى الهاوية ( وهذه هي التجارب).

وقد عدّد القدّيس تلك الفضائل (الدرجات) ، وجعلها ٣٠ درجة، وهي توافق عدد سنوات الرّب يسوع المسيح على الأرض قبل بدء رسالته التي دامت ثلاث سنوات بعدها، أي صُلب بعمر ال ٣٣ سنة.

أولى هذه الدرجات "الزهد" ونذكر من أهم الدرجات الأخرى :
الدرجة الرابعة : الطاعة ، السادسة : ذكر الموت ، ال ١١ : الصمت ، ال 12 : في التغلب على الكذب ، ال٢١: في التغلّب على الجبن العديم الرجولة ، ال ٢٥ : في التواضع ، ال ٢٦ : في التمييز ال٢٩ : اللاهوى ... وأهمها الثلاثون: ويجعلها "ثالوثاً" : "الإيمان والرجاء والمحبة" .

وتشدد الكنيسة في هذا الأحد من الصوم على التحلي "بالفضائل" المذكورة ، وتشبه مسيرة الصوم نحو القيامة المبتغاة والتجارب التي نتعرض لها ، بسلّم الفضائل هذا.
رُقادُهُ:
بعد سنين الجهاد المضني، لبلوغ حياة القداسة،عيّن القدّيس يوحنا أخيه جاورجيوس رئيساً للدير بعد أن شعر بدنوِّ أجله. وهكذا أسلم روحه مودعاً إياها بين يدي الأب السماوي، لتنعمَ بالبركة والمحبَّة السماوية حيثُ السلام الذي لا بديل عنه، مهما علا شأن البديل.

زمن رقاده غير معروف، لكنّه على الأرجح ما بين القرن السادس والنصف الأوّل من القرن السابع للميلاد.
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,644
مستوى التفاعل
3,556
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
من كتاب السلم: الدرجة الثالثة والعشرين - عن الكبرياء

الكبرياء جحود لله، صنع الشياطين، ازدراء للناس، أم للادانة، ابن للمدائح، علامة للعقم، ابتعاد عن معونة الله، نذير بضلالة العقل، نصير للسقطات، علة للعصبية، ينبوع للغضب، وليّ لقساوة القلب، جهل بالحنوّ، محاسب مُرّ، قاض ظالم، خصم لله، وأصل للتجديف.
حيثما حلت سقطة فهناك سبق وسكن الكبرياء، لأن حضور الكبرياء ينبئ بحلول السقطة … فان كان ملاك قد سقط من السماء لكبرياءه فقط دون أي هوي آخر، فلننظر لعلنا نستطيع الصعود الي السماء بالتواضع فقط دون أية فضيلة أخري، فإن التكبر اتلاف لمكاسبنا واتعابنا.
عاتب شيخ أحد الأخوة علي تكبره معاتبة روحية، فأجاب الأخ: "اغفر لي يا أبي فاني لست متكبراً" ، فقال به الشيخ كليّ الحكمة: "يا ولدي، أي برهان تعطينا علي تكبرك أوضح من قولك: "لست متكبراً".".
من الخزي أن يفتخر الانسان بمحاسن غيره، ولكنه منتهي الجنون أن يتباهي بمواهب الله فيه، ان أردت أن تفتخر فافتخر بما حققته قبل أن تولد، لأن ما حققته بعد ولادتك قد وهبك الله اياه كما سبق ووهبك الولادة نفسها، وكل الفضائل التي صرت فيها حكيماً بغير عقلك هي وحدها التي حقاً لك، لأن العقل قد وهبك الله اياه، بالمثل كافة المحاربات التي خضتها بدون جسدك هي وحدها التي تمت بهمتك أنت، لأن جسدك ليس لك بل هو خلقة الله.
لا تطمئن الي ذاتك ومصيرك قبل صدور الحكم الأخير عليك، ولا تتشامخ وأنت من الأرض، لأن كثيرين قد أهبطوا وقد كانوا في السماء.
ان الغرور ينشأ من نسيان الزلات، لأن ذكر الزلات يؤدي الي الاتضاع، فالكبرياء طامة كبري لنفس فقيرة تتوهم الغني ! فتكون في الظلام وتتخيل النور، إن الكبرياء النجس لا يمنعنا من التقدم فقط، بل يسقطنا أيضاً من علو الفضائل، لأن المتكبر لا يحتاج الي شيطان لاسقاطه، لأنه قد صار شيطاناً وعدواً لذاته. فكما ان الظلام غريب عن النور، فان المتكبر غريب عن الفضيلة. ففي قلوب المتكبرين تنشأ أقوال التجديف بينما في نفوس المتضعين تأملات سماوية.
"عن الدرجة الثالثة والعشرين من السلم إلى الله"
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
شكراً يا أمي العزيزة لتعبك في الموضوع ووضعه هنا
نعمة ربنا يسوع تغمر قلبك سلام وفرح دائم لا يزول
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,644
مستوى التفاعل
3,556
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
أعلى