وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد،ولا الابن، إلا الآب. الاب متي المسكين شرح اثناسيوس

إنضم
3 يوليو 2007
المشاركات
3,632
مستوى التفاعل
295
النقاط
83
الإقامة
في اورشاليم السماوية
arton1729.jpg


هل الابن لا يعلم اليوم والساعة شرح القديس اثناسيوس

أمَّا من جهة القدرة على المعرفة المطلقة بالكليات بحسب طبيعة الابن، فمعلوم يقينًا أن كل ما يعمله الآب يعمله الابن، فجوهر الطبيعة واحد في الآب والابن؛ إنما الذي حجز المعرفة عن الابن هي مشيئة الابن نفسه في التخلي، أو الإخلاء، الذي استخدمه ليظهر في الهيئة كإنسان لتكميل الطاعة حتى الموت أولاً؛ وبالتالي ليستطيع أن يقول عن حق إنه لا يعلم تلك الساعة!! أي بخصوص أعمال ما بعد الفداء، أي فيما يخص الدينونة، في حين أنه كان عالمًا تمامًا بساعة موته على الصليب «قد أتت الساعة ليتمجَّد ابن الإنسان» (يو 23: 12). وهكذا يظهر تمامًا أن معرفة الابن كانت تُستمد من الآب في حدود الرسالة الموضوعة أمامه، وإلاَّ يستحيل فهم طاعة الابن للآب.

نظرة أثناسيوس – من جهة بشرية المسيح – نحو معرفة اليوم والساعة الأخيرة، (بخصوص ما جاء في إنجيل مرقس 32:13، لوقا 52:2):

وهي النصوص التي اعتمد عليها الأريوسيون في تدعيم ادعائهم أن المسيح كابن الله وكلمته، وحتى من جهة لاهوته، كان يجهل تحديد ميعاد اليوم الأخير وبالتالي التاريخ المستقبلي.
وكان رد أثناسيوس في حديثه الثالث ضد الأريوسيين الذي استغرق اثني عشر فصلاً متصلاً([1])، والذي كان محور الدفاع فيه أن ما جاء في الإنجيل بهذا الخصوص لم يكن عائداً على”اللوغس“ كلمة الله في ذاته كابن الله، فهذا افتراء! ولكن كان منصبًا على الابن المتجسِّد في حالة تجسُّده كابن الإنسان.


ويمكن تلخيص ما جاء في هذا الدفاع في النقاط الآتية([2]):

1 – قول الرب: «وأمَّا ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلاَّ الآب»، لم يذكر الروح القدس؛ فإذا كان الروح القدس يعلم باليوم والساعة، فالابن يعلم بهما باعتباره ”الكلمة“، لأن الروح القدس يأخذ مما للمسيح.

2 – إذا كان الابن يعرف الآب، فحتمًا يعرف كل ما يعرفه الآب.

3 – إذا كان الابن له كل ما للآب، فحتمًا يعرف اليوم والساعة.

4 – الذي خلق كل الأشياء، يعلم متى تنتهي، والذي كان يعلم علامات ما قبل اليوم والساعة بدقة، لم تكن تُخفى عليه الساعة نفسها (إلاَّ بإرادته وحده).

5 – المسيح كان يعلم ولكن ليس بصفته ابن البشر (متى 42:24)، فكان هنا يتكلَّم بشريًا.

6 – المسيح قال إنه لا يعلم، لأن في ذلك منفعتنا، حتى نكف عن حب استطلاع المواعيد، كما جاء في سفر الأعمال 7:1.

7 – كما كان يتقدَّم في القامة والحكمة عند الله والناس، كذلك كان اللاهوت يُستعلن فيه أكثر فأكثر بتقدم الزمن.

ولقد احتدم الجدل اللاهوتي حول هذا الموضوع عند الآباء بعد أثناسيوس، ولكن ظل معظم الآباء اللاهوتيين على رأي أثناسيوس. لكن يلزمنا هنا أن نوضِّح رأينا في الخلفية اللاهوتية الدقيقة، التي كان يتحرَّك فكر أثناسيوس في إطارها، فالجهل باليوم أو المعرفة به لم تكن متصلة بمفهوم طبيعته، لأن اللاهوت والناسوت في المسيح لم يعتريهما افتراق لا لحظة ولا طرفة عين، في كل ما يختص بشخصه وفكره وقوله وعمله ومعرفته؛ ولكن الذي كان يتغيَّر وينمو هو ما يختص برسالته.

فرسالة التجسُّد التي تختص بالفداء وتنتهي عنده، ليس لها أن تتداخل في رسالة الدينونة، وهذا أوضحه الرب بقوله: «إن ابن الإنسان لم يأتِ ليدين العالم بل ليخلِّص العالم»، مع أنه في موضع آخر قال إن الدينونة أُعطيت للابن: «لأن الآب لا يدين أحدًا بل قد أعطى كل الدينونة للابن» (يو 22:5)، وهنا يتضح أن للخلاص زمنًا وعملاً وحدودًا، وأن للدينونة زمنًا وعملاً وحدودًا، وأن الابن – كما أُرسل للفداء – سيُرسَل للدينونة، وكلا الإرساليتين من الآب. فالابن، وهو في حال عمل الفداء، له أن يقول -عن حق- بمقتضى التدبير إن يوم الدينونة والساعة الأخيرة ليست حالئذ في دائرة عمله، أي لم يُعطَ بعد عملها -من الآب- وبالتالي ميعادها.

لأن المسيح أوضح جدًّا في مواضع سابقة، أنه لا يعمل إلاَّ كما يريه الآب، وكما يعلِّمه الآب، وكما يقول له الآب، ومن نفسه هو لا يعمل شيئاً! «الحق الحق أقول لكم لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئًا إلاَّ ما ينظر الآب يعمل. لأن مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك» (يو 19:5). وهذا من صميم مفهوم الإخلاء، حتى يكمل كل حدود الطاعة حتى الموت على الصليب.

وهكذا يتضح تمامًا أن المسيح بقوله إن”الابن“ لا يعلم ذلك اليوم ولا تلك الساعة إلاَّ الآب، إنما يتمشَّى تمامًا مع رسالة الابن وهو لم يكمل بعد رسالة الفداء على الصليب.

ويمكن تلخيص نظرية أثناسيوس من نحو هذه القضية في جملة عقائدية مختصرة وبديعة نضعها هكذا:

إن المسيح، إذا شاء، يعلم كما يعلم الله، وإذا شاء، يجهل كما يجهل الإنسان!! أو أنه كان يعلم كالله ويجهل كإنسان إنما حسب ضرورة الفداء، لأنه لمَّا تجسَّد لم يفقد شيئًا مما هو له كإله، ولا أخلَّ بما هو للإنسان. فلمَّا قال: «إن الابن لا يعلم هذا اليوم ولا تلك الساعة»، أثبت كمال ما هو لتجسُّده في حدود رسالة الفداء التي تنتهي عند ساعة الصليب، وليس عند ساعة الدينونة، ولكن جهله بساعة الدينونة باعتباره الذبيحة التي تتهيَّأ للموت على الصليب، يزيد من عظمة إخلائه لذاته، وهو كإله أُعطي كل الدينونة.

ولا يغيب عن بالنا قط، ونحن في هذا المضمار، أنَّ من دوافع التجسُّد الأصيلة قبول الجهالة التي للإنسان: «مولوداً من امرأة تحت الناموس»، حتى يستطيع أن يكمِّل الناموس، أي أن اتجاه التجسُّد هو إلى التواضع والتنازل إلى كل ما هو للإنسان، وليس التطلُّع إلى التفوُّق والامتياز الذي”للكلمة“، بالرغم من أنه استخدم هذا التفوُّق والامتياز الإلهي الذي للكلمة، الذي هو لاهوته، عند الضرورة في لحظات المصادرة أو لإثبات شخصيته والإعلان عن رسالته.

ويكرِّر أثناسيوس أنه في كل تصرُّف من هذا القبيل أو ذاك، إنما كان الدافع الوحيد هو: [من أجل منفعتنا]([3]) أو كما يضعها أثناسيوس في صيغتها اللاهوتية دائمًا هكذا: [من أجل التدبير]، قاصدًا تكميل العمل الخلاصي الذي تجسَّد من أجله. فكما أن المسيح تجسَّد من أجل التدبير Economia، كذلك فإن جهله لليوم وللساعة الأخيرة هو من أجل التدبير سواء بسواء، لأن على قياس وغاية التجسُّد يتحتَّم فهم كل عمل وقول وتصرُّف أتاه المسيح، وكل تدبير هو -من جهة- يقوم على حجب اللاهوت في محدودية الناسوت، ومن جهة أخرى يقوم على استعلانه اللاهوت من داخل محدودية الناسوت، ولكن كلاًّ في موضعه، بحسب حدود دور الرسالة التي جاء يكمِّلها في طاعة الآب

المرجع

الأب متي المسكين – حياة أثناسيوس الرسول – القسم اللاهوتي – الفصل السادس – النظرة للمسيح كإنسان

Athanas., Discourse II. 6.

Athanas., Discourse III, 42-53.

N.P.N.F. Series II, vol. VI, p. 416
 

مصلوب لاجلي

Member
عضو
إنضم
28 أغسطس 2008
المشاركات
196
مستوى التفاعل
21
النقاط
18
الإقامة
أسكن تحت ظل جناحيه
سلام للجميع,,

لدي وجهة نظر أخرى اخ غريغوريوس :

مع امتلاك السيد المسيح طبيعة بشرية و طبيعة الهية و اتحادهما دون اختلاط او امتزاج فهو :
1- كابن الله : حتما يعرف كل شئ .
2- كابن الانسان : بما ان الرب يسوع ممتلئ من الروح القدس من بطن امه, فالروح القدس كان يعلن له آنيا ما يريد ان يقوله سواء كان ذلك كلام مستقبل او نبوات او معرفة. كما قال داود مرة " رُوحُ الرَّبِّ تَكَلَّمَ بِي وَكَلِمَتُهُ عَلَى لِسَانِي.. أو استفانوس عندما كان يحاج اليهود, ماذا يقول الكتاب عنه :" وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُقَاوِمُوا الْحِكْمَةَ وَالرُّوحَ الَّذِي كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهِ" . أو مثلما قال السيد المسيح لتلاميذه :بَلْ مَهْمَا أُعْطِيتُمْ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَبِذلِكَ تَكَلَّمُوا. لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلِ الرُّوحُ الْقُدُسُ " لذلك عندما ساله التلاميذ عن الساعة, و اذا بالروح القدس " يمنع" هذه المعرفة عن "ابن الانسان" و لا يعلنها له انيا حتى يتمكن السيد المسيح ان يقول انه لا يعلم متى.


كل المودة,,
 
إنضم
3 يوليو 2007
المشاركات
3,632
مستوى التفاعل
295
النقاط
83
الإقامة
في اورشاليم السماوية
هي نفس وجهة النظر بس بطريقة تانية قصد اثناسيوس ببساطة انو حل الموضوع في كان ينموا ممكن اعبر انا باسلوبي واقول ايضاً
المسيح هو الله المتجسد انسان كامل واله كامل .طبيعة واحده من طبيعتين .يقول الكتاب فيه يحل ملئ اللاهوت جسديا كولوسي 2 : 9 .وهنا نتسائل هل افرغ اللاهوت كل معرفته في عقل يسوع الانسان ؟ بالطبع لا والا لما كان يسوع مشابهاً لنا مجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية عبرانين 4 : 15 . فهو اخذ جسد مثلنا تماما .فبالتالي لم يكن كل المعرفة معلنه في عقل يسوع الانسان .ملحوظة نحن لا نفصل بين الناسوت واللاهوت بل نوضح الامر .ولذلك قال الكتاب وأما يسوع فكان يتقدم فى الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس انجيل لوقا 2 : 52 وهذه الاية هي اجابة سؤال علم الساعة فكما قال اثناسيوس ان التقدم في الحكمة هو من اللاهوت نفسه .للجسد البشري فاللاهوت مذخر فيه كل حكمة ومعرفة . فكان يسوع يظهر حكمته مع نمو قامته تدريجياً بحسب اختباره لاحوال البشر وايضاً استعلان اللاهوت امور هامه للناسوت لاعلانها لنا .ولم يكتسب الناسوت فيما يختص بالامور الالهية امراً خارجاً عن اللاهوت .ولكن من الامور البشرية اكتسب الناسوت من البيئة المحيطة مثل اكتساب اللغة او بعض الاشياء التي استعملها يسوع في امثاله من الدرهم المفقود او الكراميين او غيره .فالحكمة في الناسوت مستقاه من اللاهوت المذخر فيه كل الحكم لم يحتاج يسوع لاكتسابها بالتعلم . لذلك لم يستعلن اللاهوت الامر للناسوت وذلك لان هناك اخلاء ولم يفرغ اللاهوت ولم يمتزج ولم يحدث تبديل في الناسوت .فتكلم يسوع كانسان لا يعلم كما جاء عن الطبيعة الواحده اعمال 20 :28 كنيسة الله اقتناها بدمه فلا فاخبرنا يسوع عدم استعلان اللاهوت للناسوت هذا الامر للاخبار لانه لم يكون في مصلحة الانسان .وهذا ما اكده يسوع حينما قال انه سياتي كلص .
ولذلك الاجابة المختصره بما اان اللاهوت لم يفرغ معرفته داخل عقل انسان وهذا الامر لا يمكن ان يحدث بالتالي من حيث انسانية يسوع لم يكن هناك اعلان للاخبار عنه لكن من حيث اللاهوت هو يعلم كل شئ واللاهوت متحد بالناسوت بلا تغيير ولا تبديل ولا تحويل .طبيعة واحده من طبيعتين .
شكرا لمرورك
 
أعلى