ما هو الذهن؟ (2)

الكرمه الصغيره

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
24 ديسمبر 2012
المشاركات
2,622
مستوى التفاعل
786
النقاط
113
24297363_832512326928221_2059383956273618647_o.jpg

ما هو الذهن؟ (2)
في المرة السابقة عرّفنا ما هو الذهن ورأينا ما فعلته الخطية في :

( ما هو الذهن؟ (1))
ونستكمل حديثنا لنرى:


خصائص ذهن الإنسان الطبيعي
إن ذهن الإنسان الطبيعي يبالغ جدًا في تقييمه لحلاوة الخطية،
ويغيّب عنه مرارة نتائجها، كما يُقال عن الخمر مثلاً:
«..حِينَ تُظْهِرُ حِبَابَهَا فِي الْكَأْسِ وَسَاغَتْ مُرَقْرِقَةً. (منظر وطعم جذّاب). فِي الآخِرِ تَلْسَعُ كَالْحَيَّةِ وَتَلْدَغُ كَالأُفْعُوانِ.»
(أمثال 31:23-32)
وهذا ما حدث مع حواء حين أكلت من الشجرة، ومع يهوذا حين أسلم المسيح.
حلاوة الخطية هذه تجعل الذهن أعمى عن أن يرى نور الإعلان الإلهي وروعة

إِنْجِيلِ الْمَسِيحِ .
لا يقبل أمور الرب ولا يفهمها، بل قد يعتبرها جهالة :
« ..الإِنْسَانَ الطَّبِيعِيَّ لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ إِلوهيم لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ، وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ..»
(1كورنثوس 14:2)
لا يستحسن إبقاء الرب في دائرة تفكيره :
« وَكَمَا لَمْ يَسْتَحْسِنُوا أَنْ يُبْقُوا إِلوهيم فِي مَعْرِفَتِهِمْ، ...»
(رومية 28:1)
فحتى إذا جاء الرب إلى ذهنهم، هذا يجعل ضمائرهم تبكِّتهم فيستبعدونه سريعًا.
مهما اتسعت دائرة تفكير الإنسان الطبيعي، وأحسن استخدام ذهنه، واتخذ من الحكمة البشرية منهجًا، واخترع وأبدع؛ فهذا لن يؤدّي به إلا لمزيد من الشعور بالفراغ والخواء:
«..بِبُطْلِ ذِهْنِهِمْ،»
(أفسس 17:4)
وهذا ما اختبره سليمان بعدما استخدم كل ما أُعطيَ له من عقل وحكمة بطريقة بشرية تحت الشمس وفي النهاية قرَّر:
«لأَنَّ فِي كَثْرَةِ الْحِكْمَةِ كَثْرَةُ الْغَمِّ، وَالَّذِي يَزِيدُ عِلْمًا يَزِيدُ حُزْنًا.»
(جامعة 18:1)
وإذا استخدم ذهنه في الدين، فسيكون منهج تفكيره ما يتصوّره هو أنه صحيح، ويفرح وينتفخ به :
«..مُنْتَفِخًا بَاطِلاً مِنْ قِبَلِ ذِهْنِهِ الْجَسَدِيِّ،»
(كولوسي 18:2)
وهذا ما نراه في مثل الفريسي والعشار :
(أنظر لوقا 9:18-14).

ونراه أيضًا في جميع المفاهيم الدينية عند المتدينين في كل مكان. وهو أبعد ما يكون عن فكر الرب ، بل هو نتاج العقل البشري والذهن الجسدي.
هو ذهن فاسد:
يقلب الأوضاع، ويقاوم أمور الرب، ويستنتج عكسها.
«..أُنَاسٌ فَاسِدَةٌ أَذْهَانُهُمْ،..»
(2تيموثاوس 8:3)
هو ذهن متنجِّس:
كثيرون من غير المؤمنين يتمحور كل تفكيرهم حول ما يشبع شهواتهم فيفكِّرون دائمًا بطريقة نجسة ويحوّلون كل شيء للرَّجاسة.
«..قَدْ تَنَجَّسَ ذِهْنُهُمْ أَيْضًا..»
(تيطس 15:1)

العقل ومسؤولية الإنسان
هل كل هذا يعني أن ذهن الإنسان الطبيعي عاجز ومستعبد، ولا يستطيع أن يفكر في الرب وفي أموره بطريقة صحيحة، أو يقدّر خطورة تجاهله للرب ؟
وبالتالي هل يجعل عجزه منه إنسانًا غير مسؤول؟
نقرأ في الكتاب أن الإنسان :
«..مُسْتَعْبَدِينَ لِشَهَوَاتٍ وَلَذَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ،..»
(تيطس 3:3)
وأيضًا هو مستعبد للخطية :
«..كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ.»
(يوحنا 34:8)
أي، إنه عاجز، لا يستطيع التخلص من الخطية والشهوات حتى لو أراد. مع أنه ذهنيًا يعلم، ويستطيع أن يفكِّر، ويعرف أن الخطية لها نتائج مدمرة، وأنه يحتاج إلى المخلّص الذي يفكّ قيوده. ولكن بسبب سيطرة الشهوات والحماقة والجهل وسوء استخدام الذهن (وليس عبودية الذهن)، يستمر في طريقه ولا يطلب المعونة؛ لا يوجد في الكتاب المقدس ما يسمَّى بـ "الذهن المستعبد"، أي العاجـز عـن التفكير والتقـدير والمعرفة والقرار.
وعندما يستسلم الذهن للرغبات الداخلية لخدمة صاحبه، عندئذ سوف يكون إراديًّا منهج تفكيره الدائم مكرَّس لخدمة الملذات والطموحات واستبعاد الرب :
«فَيَقُولُونَ ليَهْوَهْ: ابْعُدْ عَنَّا، وَبِمَعْرِفَةِ طُرُقِكَ لاَ نُسَرُّ.»
(أيوب 14:21)
لكن الكتاب المقدس يعلّمنا أن الذهن إذا عمل بحيادية في طاقته، يمكنه أن يستنتج الأمور الصحيحة الخاصة بعلاقة الإنسان بالرب، فحتى في الأوساط الوثنية يمكن للذهن أن يقرِّر أن هناك إله خالق.
«إِذْ مَعْرِفَةُ إِلوهيم ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ،...(في متناول أفكارهم) ...لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا إِلوهيم (أن هناك إله).»
(رومية 19:1-21)
وإذا لم يُفعل ذلك فالسبب ليس لأن ذهنه عاجز، بل لأنه لا يريد ذلك. فهو لا يريد أي عائق أمام ذهنه يحول دون إشباع شهواته. كما أن الرب امتدح أحد الكتبة الذي جاء إليه وسأله بحيادية:
«أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟»
(متى 22: 36)
وسمع إجابة الرب، ثم ردّ عليه أيضًا بعقل حيادي، عندئذ قال الرب له:
«فَلَمَّا رَآهُ يَسُوعُ أَنَّهُ أَجَابَ بِعَقْل، قَالَ لَهُ:
«لَسْتَ بَعِيدًا عَنْ مَلَكُوتِ إِلوهيم».
(مرقس 34:12)
وذلك لأنه استخدم عقله استخدامًا صحيحًا، فأجاب بعقل.
وكثيرون الآن يقفون ولو للحظات أمام الحقائق الأبدية الصحيحة عندما تُعلَن لهم - إذا فكّروا فيها بجدية - لكن بسبب غلاظة قلوبهم، سرعان ما يصرفون أذهانهم عنها، ويعودون بأفكارهم الخاضعة لرغباتهم.
نستخلص من كل هذا، نستنتج أن الإنسان مسؤول أمام الرب، مهما حاول الشيطان أن يعمي ذهنه، فهو يستطيع أن يفكِّر ويستنتج ويتخذ القرار. ليس مطلوب منه قوة للتنفيذ، لأنه لا يستطيع وعاجز عن التنفيذ؛ لكن مطلوب منه القرار - وليد التفكير الصحيح - وعندئذ يعطيه الرب الإمكانيات.
يتبع في العدد القادم .. أن يتأنى الرب في المجيء
فكن مستعدا
{د.عصام عزت}
* * *
أشكرك أحبك كثيراً...
بركة الرب لكل قارئ .. آمين .
وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين

يسوع يحبك ...

 
التعديل الأخير:
أعلى