تأملات وحكم

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
191
النقاط
63
300 - تنبؤات العام الجديد
في مستهل كل عام تطالعنا الصحف بطائفة من التنبؤات يقول اصحابها انها تكشف عن الاحداث التي يخبئها العام الجديد بين طياته ونرى الناس يتلهفون على هذه التنبؤات ويطالعونها بشغف اشباعا ً لغريزة حب الاستطلاع وتبديدا ً للمخاوف التي تنتابهم امام المجهول الذي ينتظرهم في عامهم الجديد والغريب ان الناس يزدادون تعلقا ً بها على مر السنين وبالرغم من ان كثير منها لم تثبت الايام صحته . هذا في وقت تجد فيه كثيرين لا يهتمون بما يحمله كتاب الحق الذي بأيديهم من تنبؤات صادقة قد شهدت الاجيال ولا زالت تشهد على صدقها . تأمل تلك النبوة المباركة التي يختتم بها النبي داود مزموره الاشهر ، المزمور 23 : 6 حيث يقول : "إِنَّمَا خَيْرٌ وَرَحْمَةٌ يَتْبَعَانِنِي كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي " نعم صاحب الكنوز التي لا تنفذ يذخر خيرا ً ورحمة ً لكل يوم من ايام السنة لأن مراحمه لا تزول هي جديدة في كل صباح لذلك يرفع موسى رجل الله صلاته قائلا ً " أَشْبِعْنَا بِالْغَدَاةِ مِنْ رَحْمَتِكَ ، فَنَبْتَهِجَ وَنَفْرَحَ كُلَّ أَيَّامِنَا." ( مزمور 90 : 14 ) . ولكن هل يعني هذا ان النبوة تبشر بايام كلها اشراق او طريق مفروش بالورود على الدوام ؟ لو كان الامر كذلك لما تضمنت الرحمة التي لا تفتقدها في الغالب الا في ظلام الايام وطريق الاشواك ولكن إذ تشملنا الرحمة يتبدد الظلام فنسعد حتى في طريق الاشواك وانما عليك انت يتوقف تحقيق هذه النبوة لانها تنتهي بالقول : " وَأَسْكُنُ فِي بَيْتِ الرَّبِّ إِلَى مَدَى الأَيَّامِ." . اذا ً فالنبوة مشروطة بسيرك المستمر مع الرب بل بسيرك معه باستقامة لانه لا يمنع خيرا ً عن السالكين بالكمال . ويؤكد في مناسبة اخرى نبوته للصديقين قائلا ً " قُولُوا لِلصِّدِّيقِ خَيْرٌ! لأَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ ثَمَرَ أَفْعَالِهِمْ ." ( اشعياء 3 : 10 ) . مهما قابل بل رغما ً عن كل ما يقابل لان " كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ " ( رومية 8 : 28 ) .
 
التعديل الأخير:

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
191
النقاط
63
301 - كل شيء في الحياة يتجدد نبات وحيوان وانسان . النبات ينمو ويزهر ويثمر والحيوان يتطور ويتكاثر ويملأ الارض والانسان يستمر ويحيا ويعيش ويمتد بتجديد الرب وبركته . يقول داود النبي " تُرْسِلُ رُوحَكَ فَتُخْلَقُ ، وَتُجَدِّدُ وَجْهَ الأَرْضِ " ( مزمور 104 : 30 ) وكما نحتاج للطعام والشراب لتنمو اجسادنا وتتقوى وتقاوم الامراض هكذا نحتاج الى مائدة كلمة الله لتنمو ارواحنا وتتقوى وتتجدد وتنضج . وكما تشتاق الزهور الى قطرات الندى ترطب اوراقها وتظهر الوانها هكذا تشتاق نفوسنا الى فترات الصلاة ترطب حياتنا وتحفظ حيويتنا . وكما يرسل الله الريح ليقوي جذور الاشجار ويشدد اجنحة الطيور هكذا يسمح الله بالتجارب ليقوي ايماننا ويشدد قلوبنا وارواحنا . بهذا ننمو وننضج بحياتنا الروحية وعلاقتنا بالرب اله خلاصنا . ويقول الرب لك " لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ. لاَ تَتَلَفَّتْ لأَنِّي إِلهُكَ قَدْ أَيَّدْتُكَ وَأَعَنْتُكَ وَعَضَدْتُكَ بِيَمِينِ بِرِّي . ..... لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ الْمُمْسِكُ بِيَمِينِكَ الْقَائِلُ لَكَ : لاَ تَخَفْ. أَنَا أُعِينُكَ. " ( اشعياء 41 : 10 ، 13) . انا اعينك يقول الرب . وعلى مدى علاقتنا بالله وحياتنا معه يجددنا ويقوينا ويعضدنا . الله يحبك محبة ابدية . محبته دائمة ثابتة قوية وهو يريدك في احسن صورة . يريدك ان تتجدد يوما ً بعد يوم . مهما جفت بك الحياة انتظر المطر الذي سيأتيك من السماء . مهما قست عليك التجارب انتظر القوة التي ستحصل عليها منها .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
191
النقاط
63
302 - حين حل الجوع بارض كنعان وعلم يعقوب انه يوجد قمح في مصر ، ارسل اولاده الى مصر ليشتروا قمحا ً ودخلوا الى يوسف وسجدوا له ونظر يوسف الى اخوته وعرفهم ، عرف يوسف اخوته واما هم فلم يعرفوه . وتتوالى الاحداث وتتابع المواقف حتى يعلن يوسف نفسه لاخوته فيعرفونه . المسيح اخ لنا كما يعلن الكتاب المقدس والمسيح يعرفنا جيدا ً ، يعرف اخوته لكن الكثير منا لا يعرفونه والذين يعرفونه يريدون ان يعرفوه اكثر . نريد ان نعرف مشيئته وندرك ارادته ونكتشف خطته لحياتنا . هو يعرفنا جيدا ً ، يعرفنا اكثر مما نعرف نحن انفسنا . يقول داود النبي " يَا رَبُّ ، قَدِ اخْتَبَرْتَنِي وَعَرَفْتَنِي .أَنْتَ عَرَفْتَ جُلُوسِي وَقِيَامِي . فَهِمْتَ فِكْرِي مِنْ بَعِيدٍ....... عَجِيبَةٌ هذِهِ الْمَعْرِفَةُ ، فَوْقِي ارْتَفَعَتْ ، لاَ أَسْتَطِيعُهَا...... لأَنَّكَ أَنْتَ....... نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي ...... رَأَتْ عَيْنَاكَ أَعْضَائِي وَفِي سِفْرِكَ كُلُّهَا كُتِبَتْ يَوْمَ تَصَوَّرَتْ ، إِذْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهَا." ( مزمور 139) . قبل ان نوجد في العالم اوجدنا في فكره وعلمه وقلبه ، عرفنا من البدء . حين كنا بعيدين عنه ، حين انحرفنا واخطأنا اليه وضللنا وعشنا وسط الخنازير . حين كنا اعداء له ، حين رفضناه وانكرناه وتنكرنا له وعاندناه وعصيناه تحرك قلبه بالمحبة والغفران لنا حين ندمنا وتبنا وطلبنا رحمته وعفوه ورضاه . لم ينسى ابدا ً خاصته التي عرفها واختارها واحبها وهي ما تزال في المجهول . وكما يقول بولس الرسول " يَعْلَمُ الرَّبُّ الَّذِينَ هُمْ لَهُ " ( 2 تيموثاوس 2 : 19 ) . يعرفهم جيدا ً ، يعرف خاصته . هو يعرفنا ، يعرف اخوته ، يعرفهم وهم مشوهون بالخطية وهم يحيون وسط الخنازير . هو يعرفك ، هل تعرفه انت . هل تعرف المسيح الاخ البكر الطاهر الاكبر . إن كنت ما تزال غارقا ً في جهلك وعنادك مبتعدا ً عنه لا تعرفه تحيا في الكورة البعيدة ، هو اختارك له قبل تأسيس العالم ، هو يناديك يوفر لك صلاحه ورحمته وغفرانه . السماء جائت الى الارض ، والارض لم تعرفه . جاء الى خاصته وخاصته لم تعرفه " إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ." ( يوحنا 1 : 11 ) .. أما الآن فقد جاء المسيح وهو يطرق باب قلبك ، اسمعه ، ادخله ، اعرفه . حين يدخل حياتك ويحل بقلبك ستراه عن قرب ٍ وتدركه وتعرف مشيئته . ستعرفه كما يعرفك ، ستحبه كما احبك فتحيا فيه كما يحيا فيك . وعندما يصعد بك الى السماء حين تقترب من باب الدخول سيعلن معرفته بك وتنفتح امامك الأبواب فانت لها وهو يعرفك وسيعرّف السماء بك وتكون مع الرب كل حين .
 
التعديل الأخير:

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,099
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
آميــــــــــــــــــــــــن
ميرسى يا أستاذنا للتأمل الرائع
الرب يبارك خدمتكم
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
191
النقاط
63
آميــــــــــــــــــــــــن
ميرسى يا أستاذنا للتأمل الرائع
الرب يبارك خدمتكم
شكرا ABOTARBO
الرب يباركك
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
191
النقاط
63
303 - في البدء كانت الظلمة ، ظلام يلف الارض ، ظلام على وجه الغمر ، لكن الله كان يرى النور ، الله ذاته نور لذلك رأى الله في الظلمة نورا ً . وفي وسط الظلمة " قَالَ اللهُ: لِيَكُنْ نُورٌ، فَكَانَ نُورٌ . وَرَأَى اللهُ النُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ " ( تكوين 1 : 3 ، 4 ) انبثق النور من داخل الظلمة ، خرج النور من قلب الظلام . قال الله ليكن نور فكان نور ٌ ، هو النور والنور يضيء في الظلمة . حين تحتويك الظلمة ، حين يلتف حولك الظلام ، حين يكون كل شيء سواء ، حين لا ترى بصيص ضوء ، حين لا ترى النور ، الله يرى النور ، والتجربة حولك تخفي ضوء الشمس والصعوبات تمنع عنك الرؤيا . يرى الله النور وسط الظلام ، يشرق بوجهه فيشق النور الظلام حولك . في وسط الليل في اعماق الظلمة يبزغ نور الفجر فيمزق ظلام حياتك . ورأى الله النور انه حسن ، الله يريد لنا الحسن ، يريد لنا النور لكننا في جهالتنا نوقع انفسنا في المشاكل ، نبعد عن الله النور فيحل الظلام ونحاول ان نضيء لانفسنا الظلمة وكيف للظلمة ان تكون الا ظلمة . الظلام يلد ظلاما ً ، السواد ينتج سوادا ً ، الليل يبقى ليلا ً حتى ندرك ان الله نور فنسرع اليه فيطرد عنا كل ظلام . في وسط تجربتك وانت لا ترى شعاع نور ، شعاع امل ورجاء ، دقق بنظرك ، التفت اليه ، ادعوه يحل ويأتي اليك بالنور . قد يراك الناس حولك انسانا ً بسيطا ً عاديا ، واحدا ً وسط الجموع ، يقللون من شأنك ، يزدرون بك ، يخفضون قدرك ، لكن الله يرى النور الذي فيك ، نور الايمان به ، يرى الله النور ، يرى الله انه حسن ، الذي يتبع النور يحيا في النور وهذا حسن . الله يضع فيك نوره ، نوره فيك مهما حلت بك التجارب وتراكمت عليك الغيوم . الغيوم الداكنة السوداء لا تخفي نور الله فيك ، ابدا ً لا تخفيه ، والله الذي يرى نوره فيك يحفظه دائما ً ساطعا ً ، منيرا ً ظاهرا ً مبهرا ً . يضعه فيك ويحافظ عليه . انعكاس نوره عليك يبقى ويستمر . يستمر النور فيك ، يبقى ويشع حولك ، يضيء للناس وينير لك الى ان يحل اليوم الذي تعيش النور الخالد نفسه ، اليوم الذي تعاين فيه النور الابدي الذي لا ينتهي ، هناك لا ظلام ، لا آلام ، لا تجارب ولا دموع .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
191
النقاط
63
304 - وانت تستقبل اول اضواء صباح هذا اليوم ماذا كان اول خاطر مر بك ؟ هل تمنيت ان يكون الجو صحوا ً ؟ السماء صافية والشمس رقيقة حانية حولك ؟ هل رجوت ان يكون الطريق ممهدا ً سهلا ً لا زحام لا صراع ولا تسابق او صدام ؟ ام فكرت في العمل الذي ستقوم به والجهد الذي سوف تبذله والعرق الذي ستنزفه ؟ أم عظّمت الله ومجدته وابتهجت روحك به ؟ اهكذا بدأت يومك ؟ .هذه كلمات صدرت من العذراء القديسة مريم ، الام المباركة ، افضل نساء العالمين . لو اقتربنا منها لرأينا وجهها تلفه هالة من النور وهي في زيارتها لاليصابات وسمعناها تقول " تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي " ( لوقا 1 : 46 ، 47 ) . لا اعظم ان نعظّم الرب لنعطي الرب عظمة ً فهو الاعظم ، هو العظيم ، بل نعترف بعظمته بسموه بجلاله ، هو فوق السماوات والارض ونبتهج به ، تبتهج ارواحنا به ، نبتهج به الها وربا ً عظيما ً ومخلّصا ً، كما تغنت العذراء المباركة تعظّم الله وتعلن بهجتها به ، هكذا نغني معظمين اياه معلنين بهجتنا به لانه صانع العظائم . قالت اعظم النساء : " لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ. صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ .أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ . أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ . " ( لوقا 1 : 49 – 53 ) . هو يستحق التعظيم . اعظم ما تستقبل به يومك ، اعظم شيء ٍ هو ان تعظّم الله وتهتف له ، ترفع صوتك بالحمد لله ، ترفع قلبك بالتسبيح باسمه العظيم الكريم . كل ما حولك يعظّم الله ، كل شيء ٍ يمجده ويعلّيه ويسبّح له ويرنّم . السماء فوقك تشدو ، الشمس ترنّم ، الطيور تغرّد ما اعظمك . الاشجار تعزف ، الازهار تنغّم ، كل شيء يغنّي ، ما اعظمك . اترك قلبك يفرح ويبتهج بالرب ، اطلقه يرتفع بهتاف التمجيد . الله العلي ، الله العظيم ، الله الولي ، الله المجيد يستحق التعظيم . كل الامم يأتون ويسجدون امامه ، كل الامم يمجّدون اسمه ، يمجّدونه لانه عظيم ، هو عظيم لانه صانع العجائب هو صانع العجائب هو الله . عظيم هو الرب ، حميد جدا ً ، ليس لعظمته استقصاء " تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي " .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
191
النقاط
63
305 - نحن نعيش في عالم يتقن العمليات الحسابية جدا ً ، التجارة والمحاسبة لها دور كبير به وللوصول الى الدقة وتفادي اي خطأ او خسارة تواترت الوسائل وتعددت . الاقتصاد اصبح يحكم العلاقات بين المؤسسات والشركات والهيئات والافراد وعلى من يريد ان يحيا يأخذ حقه ويعطي الآخرون حقوقهم ، أن يتقن فنون الاقتصاد واول المباديء للاضطراد وتفادي المشاكل ان تأخذ ما لك وتعطي ما عليك بدون زيادة او نقصان وان يكون التعامل بالمثل ، مقابلة الشيء بمثله أُعامَل كما أعامل ، أُحاسَب كما أحاسب وتُنفذ القاعدة المعروفة المألوفة : عين بعين وسن بسن ، العين بالعين والسن بالسن ، ومنذ القديم كانت المحاكم تأخذ بالاعتبار نوع الجريمة ليكون العقاب من نوعها ايضا ً . الشريعة اليهودية مثلا ً تقول : جرح بجرح ، جلدة بجلدة ، حياة بحياة ، يد بيد ، رجل برجل واغلب الشرائع تقول بذلك وقد تضيف اليها بأن تحدد أن الباديء أظلم . وجاء المسيح ليكمل الناموس بقوله " «سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ : عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنّ ٍ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ : لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا. وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ . " ( متى 5 : 38 – 41 ) . مثالية جديدة ليست مألوفة في العالم ولا في اهل العالم يريدك المسيح ان تقيمها . هل تستطيع ؟ هل يمكن ان تحيا هذه المثالية ؟ هل تقدر ، هل تقدر على ذلك المبدأ السامي ؟ ويضيف المسيح " سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ : تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ . وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ : أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ . بَارِكُوا لاَعِنِيكُم ْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ " ( متى 5 : 43 ، 44 ) . وهذه تعاليم جديدة غريبة . لماذا قال المسيح ذلك لتلاميذه ولماذا يقوله لنا ؟ لماذا يقوله لك ؟ المسيح لم يتكلم بمنطق بشري ، كلام المسيح ليس كلاما ً بشريا ً ، كلامه كلام الهي ، منطقه منطق الهي ، نظرته نظرة الهية ، طبيعته طبيعة الهية لأنه هو الله . والمسيح يطلب منا ان نكون شركاء الطبيعة الالهية ، ان نكون مثله . إن تبعناه ، إن آمنا به ، إن أدخلناه حياتنا ، إن كان يحيا فينا نكون مثله فنسير بدل الميل الواحد ميلين ولا نتعامل عين بعين وسن بسن ولا نبغض العدو ونكرهه بل نحبه ونباركه ونحسن اليه ونصلي لأجله . هكذا يريدنا المسيح وهكذا يريدك أن تقابل الشر بالخير وأن تحب العدو وتستطيع ذلك إن شاركته طبيعته الالهية .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
191
النقاط
63
306 - الله يحب العمل والعاملين ، يريدنا ان نعمل ، ويريدنا ان نعمل حسنا ً ، ومن لا يعمل حسنا ً يخطئ . يقول يعقوب الرسول في رسالته 4 : 17 " فَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنًا وَلاَ يَعْمَلُ ، فَذلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ. العمل ليس لعنة ً كما يتصور البعض ، العمل والعرق ليس عقاب ٌ . لم يبدأ عمل الانسان بعد السقوط والخروج من الجنة . نعم حين أخطأ آدم ووقف أمام الله ليتلقى العقاب قال له الله " بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا " ( تكوين 3 : 19 ) . العقاب لم يكن العمل ، العقاب كان في لعنة الارض لتُخرج له شوكا ً وحسكا ً . بعكس ذلك حين كان آدم في الجنة قبل سقوطه في الخطية كان يعمل ، يقول الوحي " وَأَخَذَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا." ( تكوين 2 : 15 ) . يعملها ويحفظها ، لم يكن عاطلا ً ، كان يعمل ولا بد انه كان يعمل مع الله . كان في علاقة وشركة بالله ، كان في علاقة عمل ممتعة مع الله . يقول سليمان الحكيم " اَلْعَامِلُ بِيَدٍ رَخْوَةٍ يَفْتَقِرُ، أَمَّا يَدُ الْمُجْتَهِدِينَ فَتُغْنِي ." ( أمثال 10 : 4 ) . ويقول ايضا ً " مَنْ يَشْتَغِلُ بِحَقْلِهِ يَشْبَعُ خُبْزًا ، أَمَّا تَابعُ الْبَطَّالِينَ فَهُوَ عَدِيمُ الْفَهْمِ ." ( أمثال 12 : 11 ) . العمل في المفهوم المسيحي نعمة وبركة لا تعب وتذمر وعقاب والم . نحن لا نعمل لنأكل فقط فالله قادر ان يقيتنا ويوفر لنا طعامنا ولباسنا . طيور السماء لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع الى مخازن وأبونا السماوي يقوتها وزنابق الحقل لا تتعب ولا تغزل لكن سليمان في كل مجده لم يكن يلبس كواحدة منها ( متى 6 : 26 ، 28 ، 29 ) . ونحن نعمل للرب . يقول بولس الرسول " وَكُلُّ مَا فَعَلْتُمْ ، فَاعْمَلُوا مِنَ الْقَلْبِ ، كَمَا لِلرَّبِّ لَيْسَ لِلنَّاسِ " ( كولوسي 3 : 23 ) . ما نعمله لا نعمله للناس ، نعمله للرب لذلك نعمله ببهجة وامانة وكفائة . ونحافظ على عملنا ونهتم بانجازه ونسعى للنجاح فيه لنرضي الله لا لنرضي الناس . ما اتعس الكسلان واشقاه . الكسل لا يتفق مع خطة الله لنا ولحياتنا . يوجه سليمان الحكيم انظارنا الى النملة لنقتدي بها ويطلب من الكسلان ان يتأملها " اِذْهَبْ إِلَى النَّمْلَةِ أَيُّهَا الْكَسْلاَنُ. تَأَمَّلْ طُرُقَهَا وَكُنْ حَكِيمًا." ( امثال 6 : 6 ) . تعد في الصيف طعامها وتجمع في الحصاد أكلها ويقول " إِلَى مَتَى تَنَامُ أَيُّهَا الْكَسْلاَنُ؟ مَتَى تَنْهَضُ مِنْ نَوْمِكَ؟ " ( أمثال 6 : 9 ) . " قَلِيلُ نَوْمٍ بَعْدُ قَلِيلُ نُعَاسٍ ، وَطَيُّ الْيَدَيْنِ..... فَيَأْتِي فَقْرُكَ كَسَاعٍ وَعَوَزُكَ كَغَاز ٍ ." ( امثال 6 : 10 ، 11 ) . انظر الى العمل الذي وضعه الله لك لتعمله وأفرح به . اشكر الله انك تقوم بعمل كلفك به ولا تعش حياة الكسل فالعمل نعمة ٌ ، العمل بركة ، العمل طاعة ، العمل خدمة . " كُلُّ مَا تَجِدُهُ يَدُكَ لِتَفْعَلَهُ فَافْعَلْهُ بِقُوَّتِكَ " ( جامعة 9 : 10 ) .


 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
191
النقاط
63
307 - كيف استيقظت هذا الصباح ؟ هل نمت نوما ً هادئا ً مريحا ً ؟ هل انتابتك احلام مزعجة ؟ كثيرون يشعرون بالخوف والقلق وهم يذهبون للنوم في فراشهم ليلا ً ، يخشون النوم والاحلام . في الليل وحدنا في الفراش وسط الظلام تنتاب البعض الافكار والهواجس والمخاوف . قد يكون الظلام يخفي لصا ً يعتدي علينا . قد يهاجمنا أرق يقلق مضاجعنا . قد يفاجئنا مرض ٌ أو تعب ٌ يمزق اجسادنا . قد تراودنا احلام مزعجة تطرد سلامنا . عندما ننام نكون في حالة ضعف واسترخاء يجعلانا عرضة لما يخيفنا ويطرد نومنا ، لكن الله يقول لك بلسان سليمان الحكيم " إِذَا اضْطَجَعْتَ فَلاَ تَخَافُ ، بَلْ تَضْطَجعُ وَيَلُذُّ نَوْمُكَ.لاَ تَخْشَى مِنْ خَوْفٍ بَاغِتٍ ، وَلاَ مِنْ خَرَابِ ... " ( امثال 3 : 24 ، 25 ) .ما اجمل هذا الوعد ، لا خوف وقت رقاد ، نوم هادئ واضطجاع لذيذ . هذا ما يعدنا به الله الذي يسهر علينا حين ننام لا ينعس هو ولا ينام ، حتى في المرض عند انحراف الصحة عندما يحتوينا الفراش ويحبسنا فيه وسط طعنات الالم ، وسط انين المعاناة ، وسط صرخات التعب يقول لك الله لا تخف ، نم في فراشك في أمان ، الله حولك ومعك . الملوك والقادة والرؤساء ينامون في قلق برغم الحراس الملتفين حولهم ، يخشون سهما ً يطير نحوهم يقتلهم يخشون رصاصة تنطلق تفتك بهم . أما نحن ، انتَ وانا وانت ِ فحولنا يد الله تحيط بنا تحفظنا وتحمينا . نم مطمئنا ً هادئا ً فالله يسهر عليك ، نم نوما ً لذيذا ً فالله معك ، وحين ينبلج نور الصباح تستيقظ نشطا ً قويا ً في صحة وعافية وحتى لو شاب نومك حلم مزعج ، كابوس ثقيل طرد الهدوء من نفسك فسوف تشرق الشمس ويأتي الفجر فيزيل آثاره ويمحوه من ذاكرتك . في السجن وسط الحراس ، ورجلاه مقيدتان بالسلاسل ويداه مربوطتان كان بطرس نائما ً غارقا ً في نوم ٍ عميق ٍ لذيذ ، حتى حين جاء الملاك وملأ نوره الساطع حجرة سجنه لم يستيقظ كان نومه عميقا ً لذيذا ً واضطر الملاك ليوقظه أن يضرب جنبه حتى يتنبه ( اعمال الرسل 12 ) . في اعماق السجن في غياهب الأسر ، في الظلام ، في القيود ، في انتظار الاعدام ، كان نائما ً نوما ً هادئا ً عميقا ً لذيذا ً . الله نفسه كان يحرسه وهو نائم وأمره الملاك ان يقوم وقام من النوم الهادئ وسقطت السلاسل وتكسرت وتمنطق ولبس نعليه ولبس ردائه وخرج من الابواب التي تفتحت أمامه . هكذا يفعل الله لك يعطيك نوما ً هادئا ً وسط المخاطر ويمد يده إن شاء ويطلقك من كل أسر ويخرجك ويحررك .
 

ميس نبيل

New member
إنضم
9 مايو 2011
المشاركات
3
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
syria ,banias
سلام المسيح الموضوع كتير حلو و يا رب تقوي فينا الإيمان اكتر و اكتر
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
191
النقاط
63
308 - كان شعب الله في حرب وهاجمهم العدو بقوة كبيرة ، خافوا جدا ً وارتعبوا . طلبوا من صموئيل النبي ان يصرخ من اجلهم للرب ، رجوه ان لا يكف عن الصراخ ، وامرهم صموئيل ان ينزعوا الالهة الغريبة من وسطهم ويعدوا قلوبهم للرب وحده ، ونزعوا الالهة الغريبة وعادوا للرب وعبدوه وحده ، تابوا وناحوا وندموا ونزلوا المعركة وبينما الاعداء يهاجمونهم ارعد الرب بصوت عظيم فارتعب العدو وهرب وانقذ الرب الشعب من يدي اعدائه واصعد صموئيل النبي محرقة للرب واخذ صموئيل حجرا ً ونصبه ودعى اسمه حجر المعونة " وَدَعَا اسْمَهُ حَجَرَ الْمَعُونَةِ وَقَالَ: إِلَى هُنَا أَعَانَنَا الرَّبُّ ".( 1 صموئيل 7 : 12 ) .
الرب يعينك ، هو عون لك في كل ايام حياتك ، الى هنا اعانك الرب . انظر حولك كم من بركات حلت بحياتك ، كم من احسانات ، كم من انتصارات . وسط هجوم الاعداء يتقدم اليك وينقذك ، يمد يد العون لك ، مهما كانت سني حياتك عشرون ، ثلاثون ، خمسون سبعون ، الى هنا اعانك الرب . لو كنت في مقتبل العمر وقد اعانك فسوف يعينك ايضا حين يتقدم بك العمر ، في جلوسك ، في قيامك ، في قعودك ، في ترحالك ، في السقوط ، في النجاح ، في كل ذلك يعينك ، في قدرة الحياة وفي جفافها ، في سنوات الشبع وسنوات الجفاف . في كل ذلك يعينك . يعينك اليوم كما اعانك امس وكما سوف يعينك غدا ً . وانت في طريقك اليوم قد تشعر بالاعياء ، قد تعاني التعب والارهاق . قد يكون الطريق امامك طويلا ً ممتدا ً غير واضح لعينيك نهايته طويلا ً شاقا ً . القي نظرة الى الخلف ، الى ما انتهى من الطريق قد يكون اطول واشق ، الى هنا اعانك ، اعانك في كل الطريق خلفك وسوف يعينك في باقي الطريق امامك وحين تقترب ساعة الوصول ، حين تدنو نهاية الطريق ، حين ترى آخر الطريق ، ستراه هناك ينتظرك ، يده ممدودة نحوك ، ذراعه مفتوحة لك ، ينتظرك ، هو بنفسه يدخلك مجده لتتفرس في جمال بيته وتتمتع ببهاء هيكله وتحيا الى الابد معه في نور اعظم من نور الشمس ، في حضرة الرب الى الابد ، وسط الترانيم التي تصدح حولك وسط الهتاف والتهليل والعزف والترتيل ، ستسمع صوت الرب وهو يرحب بك ويده تعينك وتجذبك الى الداخل . الى هنا اعانك الرب والى هناك سوف يعينك ، معونته دائمة . لا تخف إن هاجمك التعب ، هو يعينك . لا تفشل إن حل بك الاعياء ، هو يعينك . ارفع له ترنيمة شكر ، قدم له ذبيحة حمد .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
191
النقاط
63
309 - يوسف الصدّيق الصغير المدلل الرقيق ، أُلقي به في البئر وبيع كعبد ، ومن سيد الى سيد ، ومن موقف الى موقف حتى حلّ بالسجن . يقول داود النبي في مزاميره " بِيعَ يُوسُفُ عَبْدًا . آذَوْا بِالْقَيْدِ رِجْلَيْهِ . فِي الْحَدِيدِ دَخَلَتْ نَفْسُهُ " ( مزمور 105 : 17 ، 18 ) .
اوقات عصيبة صعبة ، اُلقي الذي رأى آباه واخوته في حلم يسجدون له ، مسجّى ً في قاع البئر وسط الطين والوحل والروائح الكريهة القاتلة ، يصرخ وصوته مدفون معه ، يستعطف والقلوب مغلقة عنه ، وترفعه اذرع قاسية مسمومة ، ترفعه وتدفعه الى اغراب مقابل دراهم وينتهي به المطاف في السجن بعد تهمة كاذبة وادعاء ظالم ، وجرحت القيود الحديدية ساقيه ورجليه الرقيقتين ، أدمتهما وآذتهما ، وفي الحديد دخلت نفسه وفي نفسه دخل الحديد ، قسوة والم وحزن ولم يتقهقر ، لم يتخاذل ، لم يستسلم ، تمسك بالهه فاكرمه الله . وجد نعمة عند السجّان فأقامه على السجن ، ثم وجد نعمة عند فرعون فأقامه على مصر ، وجاء وقت الفرج ، حرره الله ، ارسل الملك فحله ، ارسل فرعون وأطلقه ثم أقامه سيدا ً على بيته وسيدا ً على مملكته وسيدا ً على ارض مصر جميعها .
حين تحل بك التجارب ، حين تسقط في بئر موحلة ٍ عفنة ٍ من الآلام . حين تقيد رجليك النوازل حين تجرحك وتؤذيك وتؤلمك ، لا تنهزم ، لا تتقهقر ، لا تسقط ولا تفشل ، لا تيأس ، احتمل بصبر وهدوء وابتسام . ثق ان الله سوف يأتي اليك يرفعك من عمق البئر ويخرجك من قلب السجن ، لو دخلت في الحديد نفسك سوف يجعل نفسك كالحديد قوية صامدة تتحطم على سطحها التجارب تسقط كالامطار حولك وتذوب في الارض تحتك . الله يريد ان يجعل منك انسانا ً حديديا ً تقف في وجه كل المشاكل والمصاعب . الله يريد ان يرى قديسيه جميعا ً كالحديد في القوة والصلابة والصمود . يوسف خرج من السجن ملكا ً ، سيدا ً على كل مصر ، سيدا ً نبيلا ً مهابا ً . وانت سوف تخرج من التجربة منتصرا ً ، سيدا ً على العالم وعلى نفسك . لا تنقبض وسط التجربة ، لا تبتأس وسط الالم ، تمالك نفسك ، لا تخشى وعورة الطريق ، لا تخشى الاحجار ، لا تخف المسالك المقفرة ، لا تخف الظلام . الله يقودك الى ان تصل اليه ، الله يعدّك لتكون قويا ً حديديا ً .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
191
النقاط
63
310 - كان يوحنا المعمدان خشنا ً في مظهره ، كان لباسه من وبر الابل وعلى حقويه منطقة من جلد ، وكان طعامه جرادا ً وعسلا ً بريا ً ، كان شعره أشعثا ً ونظراته حادة وملامحه جادة ، كان كلامه واضحا ً صريحا ً وإنذاره خطيرا ً " يَاأَوْلاَدَ الأَفَاعِي ، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَب الآتِي ؟ " ( متى 3 : 7 ) . وقال للذين يعتمدون منه " قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ ." ( متى 3 : 10 ) . رأوه نبيا ً عظيما ً كبيرا ً لكنه قال : " أنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ " ( يوحنا 1 : 23 ) . " الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي ، ...... الَّذِي لَسْتُ بِمُسْتَحِقّ أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ " ( يوحنا 1 : 27 ) . وجاء المسيح بكل قوته وبكل جلاله ، بكل عظمته ، الله في الجسد ، لكنه كان وديعا ً ومتواضع القلب . هكذا كان المسيح وديعا ً متواضع القلب . المسيح الذي من عند الله خرج والى الله يمضي ." قَامَ عَنِ الْعَشَاءِ ، وَخَلَعَ ثِيَابَهُ ، وَأَخَذَ مِنْشَفَةً وَاتَّزَرَ بِهَا ، وَابْتَدَأَ يَغْسِلُ أَرْجُلَ التَّلاَمِيذِ وَيَمْسَحُهَا بِالْمِنْشَفَةِ " ( يوحنا 13 : 4 ، 5 ) . وقال انا اعطيتكم مثالا ً حتى انا كما صنعت بكم تصنعون انتم ايضا ان يغسل بعضكم ارجل بعض " لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ ، وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ. إِنْ عَلِمْتُمْ هذَا فَطُوبَاكُمْ إِنْ عَمِلْتُمُوهُ. " ( يوحنا 13 : 16 ، 17 ) . هكذا يعلّم المسيح . يقول " تَعَلَّمُوا مِنِّي ، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ " ( متى 11 : 29 ) . واراد المسيح من تلاميذه ان يكونوا متواضعي القلب . ما اخطر القلب المتكبر على المؤمن لأن" قَبْلَ الْكَسْرِ الْكِبْرِيَاءُ " ( امثال 16 : 18 ) . إن ارتفع قلبك وتكبّر ، إن تعاليت وشمخت وتجبرت حالا ً تهوي وبسرعة تسقط وتنكسر فما طار طير وارتفع الا كما طار وقع . الصغير هو الذي يسعى لأن يتكبّر ، الكبير لا يتكبّر بل يضع نفسه . الصغير يرى نفسه صغيرا ً فيقف على اطراف اصابع قدميه ليبدو كبيرا ً ولا تحتمل اصابع قدميه ثَقل جسده فتخور وتتخاذل وتضعف ويعود صغيرا ً . الكبير لا يحتاج ان يشب الى اعلى فهو عال ٍ كبير شامخ مرتفع . يقول بولس الرسول " فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا : الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً للهِ . لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ . وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ . ...... لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ " ( فيلبي 2 : 5 : 10 ) .
احترس من التصاعد الى اعلى ما اراد الله لك . اياك ومحاولة امتطاء السحاب . لا ترفع نفسك ، دع الغير يرفعك ، يعرفك فيرفعك . احذر التكبر والتشامخ والاستعلاء على الآخرين
 
التعديل الأخير:

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
191
النقاط
63
311 - عندما لاح شبح الصليب واقتربت خطوات المسيح من الجلجثة وبعد ان تناول عشائه الاخير مع تلاميذه ، نظر حوله الى تلاميذه ، وجد وجوههم كالحة متعبة ونظراتهم زائغة متحيرة ، رآهم رعية ضائعة وتألم لمرآهم ، رأى الشك يغزوا قلوبهم ، تذكر المكتوب وشاركه معهم . قال لهم " كُلُّكُمْ تَشُكُّونَ فِىَّ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ : أَنِّي أَضْرِبُ الرَّاعِيَ فَتَتَبَدَّدُ خِرَافُ الرَّعِيَّةِ . " ( متى 26 : 31 ) . أنكروا ذلك وتنافسوا في إظهار ولائهم له واستعدادهم للموت معه واخذهم الى ضيعة جثسيماني ، الى البستان حيث الهدوء والخصوصية ودعاهم ان يجلسوا حتى يمضي هو ويصلي واختار ثلاثة منهم ليكونوا معه وبقي الثمانية الآخرون في مؤخرة البستان يستريحون ولا يعملون شيئا ً ، لا بد انهم تحيروا وتعجبوا لماذا أخذهم معه الى البستان ولماذا تركهم عاطلين ؟ كانوا مخلصين في رغبتهم ان يكونوا معه حتى النهاية ، كانوا يرغبون ان يساندوه . أي شيء يستطيعون ان يقدموا له ؟ كانت امامه مهمة صعبة ثقيلة ، كان الصليب أمامه ، كانت خطايا البشر جميعا ً على كتفيه ، كان القبر فاغرا ً فاه . ماذا يستطيعون أن يفعلوا . رأوه يبتعد عنهم بصحبة بطرس ويعقوب ويوحنا ، وماذا يستطيع هؤلاء ان يفعلوا ؟ بطرس كان مستعدا ً ان يموت معه ، هكذا قال ، لكن المسيح قال له عالما ً ما سوف يفعل : ستنكرني ثلاث مرات ( متى 26 : 34 ) . وجد التلاميذ انفسهم عاجزين عن العمل ، قلوبهم ثقيلة وايديهم عاطلة . لماذا ارادهم المسيح بجواره ؟ وهم لم يفعلوا شيئا ً ، لماذا جاء بهم الى هنا ؟ ليكونوا بقربه ، ها هو يحزن ويكتئب ، ها هو يعلن ان نفسه حزينة حتى الموت ( متى 26 : 38 ) لم يكن يحتاج لهم يتحركون و يجاهدون ويسعون ، ليس البستان مكان ذلك . الحركة والجهاد والسعي والعمل في الحقول اما البستان فهو مكان التأمل والصلاة . طلب منهم ان يمكثوا هناك ويسهروا معه . ارادهم ساهرين بجواره وتقدم وخر على وجهه وكان يصلي ، كان يصلي بلجاجة وحرارة وجهاد ، وعاد ليجدهم نياما ً ، لم يستطيعوا السهر ، لم يستطيعوا الصمود والتيقظ ، كانت عيونهم ثقيلة وكانت قلوبهم حزينة وكانت ارادتهم وقوتهم خائرة .
الله لا يريدك دائما ً تجري وتكافح وتعمل بنشاط وحماس ، احيانا ً يريدك هادئا ً ، يريدك ساهرا ً ، يريدك متيقظا ً ساكنا ً ، يريدك صامتا ً ساكنا ً ، اسهر ، صلي ، اصمت امام الله وتأمل ، هكذا يريدك معه وبجواره ساهرا ً ومصليا ً .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
191
النقاط
63
312 - عصرنا عصر السرعة ، كل شيء ٍ يجري ، الناس حولنا تجري ، الأشياء تجري ، الاحداث تجري ، الكل يجري ، الكل يتسابق ، الكل يلهث ، الصدور ترتفع وتنخفض ، القلوب تنبض بعنف . الحياة تفرض على الجميع السرعة ، الارض تدور بسرعة ، الايام تمر بسرعة ، عقارب الساعة تلف بسرعة . ويجد الانسان نفسه وسط ذلك كله يجري بسرعة ، لو تباطأ تدوسه الاقدام ويسبقه الذين يجرون ، ويندفع في عمله يعمل بجد وجهد ، لو وقف ليلتقط انفاسه ، يضيع ويجد نفسه ملقى ً عاطلا ً . في علاقاته باخوته من البشر يتحرك بسرعة ، ما ان يلقي نظره على غيره حتى تتحول نظراته بسرعة ، ما أن يبدأ الحديث بعجل وكلمات قليلة مبتورة حتى يسرع بالابتعاد حتى قبل ان يسمع جواب . وفي السرعة والجري كثيرون لا يعرفون لماذا يجرون والى اين يذهبون ولماذا يتسابقون . قد يمر هذا السؤال في اذهانهم ، لماذا يجرون ، أين يذهبون ؟ لكن السرعة تقتل السؤال ، سيموت قبل ان يولد ، يموت السؤال جنينا ً في ذهن تدور تروسه في دوامة متعجلة ، ويفقد الانسان لذة التمتع بالحياة ، لا يرى الجمال حوله ، لا يتلقى نعمة الله وبركاته في خليقته . ارسل ابراهيم عبده ليبحث عن زوجة لاسحق ابنه في أرض آبائه ، وذهب العبد الى ناحور ، وقف عند البئر التي تستقي منها بنات آرام وصلى للرب ووضع علامة ليستدل على الفتاة التي يريدها الله لاسحق قال : " أَنَّ الْفَتَاةَ الَّتِي أَقُولُ لَهَا : أَمِيلِي جَرَّتَكِ لأَشْرَبَ ، فَتَقُولَ : اشْرَبْ وَأَنَا أَسْقِي جِمَالَكَ أَيْضًا " ، تكون هي المختارة ، وهكذا فعلت رفقة فدخل بيتها وخطبها من اسرتها وأخذها معه عائدا ً الى ارض سيده ، وكان اسحق ينتظر خرج في المساء ليتأمل في الحقل حين هدأ ضوء الشمس ، تأمل في الحقل . في هدوء وضوء النهار ينسحب نحو الأفق ويذوب في الليل والطيور تعود مغردة الى اعشاشها والاشجار ترخي اغصانها وتطوي فروعها والحيوان يزحف نحو بيته يُغمض عينيه وينام وقوافل العاملين بمواشيهم تسير في مواكب العودة الى الراحة بعد يوم عمل شاق ، خرج اسحق يتأمل ، يتأمل السماء وضوء الشمس الذهبي يخبو وأشعة القمر الفضية تظهر ، التقى اسحق برفقة هدية الله له وزوجته التي اختارها له وارسلها مع عبده .
لا تدع السرعة تجرفك معها وتحملك على جناحيها فيذوب نظرك ويتشتت . لا تسمح للجري ان يلهيك عن التأمل الهادئ في الله وفي بركاته لك . اختلي بالله ، اسكن ، اسكت ، اهدأ ، تأمل واسترح في حضرته . عش هدوءا ً رائعا ً مع الله ، وتمتع به .
 
التعديل الأخير:

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,099
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
لا تدع السرعة تجرفك معها وتحملك على جناحيها فيذوب نظرك ويتشتت . لا تسمح للجري ان يلهيك عن التأمل الهادئ في الله وفي بركاته لك . اختلي بالله ، اسكن ، اسكت ، اهدأ ، تأمل واسترح في حضرته . عش هدوءا ً رائعا ً مع الله ، وتمتع به .
مبرسى ربنا يبارك خدمتكم
صلواتكم
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
191
النقاط
63
313 - كلف الله نبيه وعبده ايليا بمهام ٍ كبيرة خلال حكم الملك آخاب والملكة ايزابيل وقام ايليا بكل ما كلفه به الله خير قيام . عاقب الله آخاب فاغلق كوى السماء فلم تمطر ، وبعد ثلاث سنوات كلف الله ايليا ان يذهب ويترائى لآخاب فذهب وترائى له . ثم كانت المناظرة العظيمة على جبل الكرمل ، وقف ايليا امام الشعب وقال : " حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ ؟ إِنْ كَانَ الرَّبُّ هُوَ اللهَ فَاتَّبِعُوهُ ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْلُ فَاتَّبِعُوهُ " ( 1 ملوك 18 : 21 ) . حتى متى تعرجون بين الفرقتين ؟ ثم احضروا ثورين ، ثورا ً لأنبياء البعل الأربعمئة والخمسين يقدمونه ذبيحة لالههم البعل وثورا ً لايليا نبي الله الوحيد ليقدمه ذبيحة للرب . جاء بالحطب والذبيحة بدون نار للذبيحة وقال ايليا لانبياء البعل : قطعوا الثور وضعوه على المذبح والحطب وادعوا باسم الهكم . اطلبوا منه نار تنزل وتأكل الذبيحة وأنا ساقطع الثور واضعه على الحطب وادعو باسم الرب . وأخذ انبياء البعل الثور وقطعوه ووضعوه على الحطب وأخذوا يصرخون لالهتهم من اجل النار ، وعلى مدى نصف النهار صرخوا رفعوا اصواتهم ، مزقوا اجسادهم طالبين نارا ً من الالهة ولم تسمع الالهة طبعا ً ولم تستجب فقام ايليا وقطّع ثوره ورماه على الحطب امام مذبح الرب ووضع الثور عليه ورفع صلاة للرب قائلا ً : ايها الرب اله ابراهيم واسحق ويعقوب ليعلم الشعب انك انت الله استجبني يا رب فنزلت نار الرب واكلت المحرقة والحطب والحجارة والتراب ولحست المياه ورأى الشعب ذلك وقالوا : " الرَّبُّ هُوَ اللهُ! الرَّبُّ هُوَ اللهُ " وأمسكوا بانبياء البعل وقتلهم ايليا ثم جاء مطر عظيم وصعد الملك آخاب في مركبته وجرى آخاب حتى وصل الى يزراعيل وتعب ايليا ، تعب جدا ً أحس بالارهاق ، ألم وتعب في كل جسده ، ارتمى تحت رتمة وارسل الله ملاكه اليه ومسه وقدم له طعاما ً وقال له " قُمْ وَكُلْ ، لأَنَّ الْمَسَافَةَ كَثِيرَةٌ عَلَيْكَ " . في وسط التعب واليأس والاجهاد صرخ جسده بالالم وتمنى ايليا لنفسه الموت ولم يتركه الله . عمل عملا ً جليلا ً ، بذل جهدا ً كبيرا ً فارسل الله له الطعام والراحة . قدم الله له طعاما ً مغذيا ً واعطاه نوما ً مريحا ً منعشا ً ، لم يتركه في تعبه ويأسه . الله لا يترك خرافه متعبين مرهقين يائسين ، يتقدم حالا ً ويعينهم ويقويهم .
حين تشعر بمرض جسدي أو بضعف بدني لا بد ان يتدخل الله ويقدم العون . إن شعرت بقوتك الجسدية تخور سوف تسمع صوت الله : المسافة كثيرة عليك ، لا تخشى التعب هو يطرد التعب ، لا تخف الوهن هو يعضدك .
 
أعلى