القديس ساويرس الأنطاكى

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
القديس الأنبا ساويرس بطريرك أنطاكية

الإيمان المستقيم:


حينما يذكر اسم القديس الأنبا ساويرس بطريرك إنطاكية يُذكر اهتمامه باستقامة الإيمان وتآلفه مع كنيسة الإسكندرية. عرف بالصلابة والرسوخ في الإيمان وقوة الحجة. كانت الصلة وطيدة بين البطريرك الأنطاكي والبطريرك السكندري البابا تيموثاوس في القرن السادس بخصوص دفاعهما عن الإيمان المستقيم والتمسك بعبارة القديس كيرلس السكندري الخاصة بالطبيعة الواحدة للكلمة المتجسد وتمييزها عن الطبيعة الواحدة التي نادى بها أوطيخا منكر ناسوت المسيح. أصر الاثنان على رفض مجمع خلقيدونية المنعقد في 451م، وصار تقليد بين الكنيستين أن يخاطب البطريركان الأنطاكي والسكندري بما يقر الإيمان المستقيم وكانت الكنيستان تذكر اسم البطريرك الآخر بعد بطريركها في أوشية الآباء.
تذكره الكنيسة القبطية في المجمع بعد القديس مرقس الرسول وتضمه مع الأبطال المجاهدين القديسين أثناسيوس وكيرلس الكبير وديسقورس. ولأهميته وُجدت مخطوطات ومراجع كثيرة أثيوبية وسريانية ويونانية ولاتينية وقبطية وإنجليزية وفرنسية وعربية. وقد أورد المتنيح الشماس يوسف حبيب قائمة بأسماء أهم المخطوطات وناشريها في مذكراته "تاريخ كنسي" عن محاضراته بالكلية الأكليريكية واللاهوتية بالإسكندرية عام 1974م. والمعتمد في تسجيله لسيرته رئيسيًا على المخطوطة الأثيوبية في المتحف البريطاني القسم الشرقي رقم 773 وعلى ميمر رقم 299 بدير السريان، مع رجوعه إلى بعض النصوص الأخرى.



نشأته:


وُلد في سوزوبوليس من أعمال بيسيدية بآسيا الصغرى حوالي عام 459م. وحدث أن أنبا ساويرس الكبير أسقف مجمع كنيسة أفسس أُختطف عقله وغاب حسه مقدار ساعة. قال أنه سمع صوتًا يقول: "قصبة مرضوضة لا يقصف، فتيلة مدخنة لا يطفئ (إش42: 3). إن ساويرس
سيثبت أركان الإيمان المسيحي، ويثبت صخرة الأرثوذكسية بكلامه الحق، لكنه سيقاسي تعبًا عظيمًا، ويرد كثيرين عن الضلال". إذ صار شابًا أرسلته والدته الأرملة ليكمل هو وأخواه اللذان يكبرانه دراسته في العلوم والفلسفة واللغة بالإسكندرية ثم انطلق إلى بيروت يدرس العلوم القانونية. هناك كان موضع إعجاب كل زملائه من أجل صلابة طبعه وجده في الدراسة وذكائه، ففاق الجميع بمعرفته وانطلاقه وتعمقه في دراساته. وتوقع الجميع ما سيكون عليه من عظم شأنه. يذكر عنه زميل له يدعى زكريا كان يقيم في الإسكندرية: [أثناء دراسته في الإسكندرية كان زملاؤه معجبين لصفاء روح ساويرس ولمحبته للعلم، وكيف كان في عمقٍ يتعلم ويتفوق بلياقة واجتهاد ومواظبة، وفي دراسة قوانين العلماء القدامى كان يحاول أن يقلد أسلوبهم البراق، ولم يكن يشغل تفكيره شيء غير هذا، ولا يتعزى بشيءٍ آخر مما كان يتعزى به عادة الشبان، فكان يكرس ذاته للدراسة، ويبتعد من أجل حماسه لها عن الاهتمام بالأمور الباطلة. أبدى ساويرس اهتمامات بمقالات الفيلسوف ليبانيوس الذي كان معجبًا به، وكذا أعمال القدماء وأقوال القديسين باسيليوس وغريغوريوس الأسقفين الشهيرين وغيرهما وكنا ننصحه أن يُقبل إلى العماد حتى يصل عن طريق البيان الذي كان له إلى حكمة هؤلاء وفلسفتهم... فلما تعلم ساويرس أن يعرف كتبهم شُغف بها بالكلية وسمع وهو يمدح الخطابات الموجهة من باسيليوس إلى ليبيانوس وردود ليبيانوس، وكان يفرد ما اكتسبه إلى خطابات القديس باسيليوس. وكان نتيجة ذلك أنه عكف ساويرس منذ ذلك الوقت على قراءة كتب تأملاته.] قيل أن أحد المؤمنين بالإسكندرية يدعى ميناس اتسم بطهارة سيرته وقوة إيمانه وكرم طبعه ومحبته للعفة والفقراء لما رأى ساويرس تعجب وقال لهم: "سيتألق نوره بين الأساقفة وسيروي الناس مياه المعرفة مثل العظيم يوحنا ذهبي الفم بطريرك القسطنطينية". في بيروت التقى زكريا به في بيروت ومضى به إلى كنيسة القيامة لكي يصلي ثم ذهب إلى كنيسة والدة الإله بالقرب من الميناء. وإذ انتهى من صلاته اقترب منه ساويرس وبمرحٍ قال له: "إن الله قد أرسلك إلى هذه المدينة بسببي. قل لي أذن كيف أخلص؟" تحدث معه صديقه خلال الكتاب المقدس وما علمه الآباء القديسون. سأله ساويرس إن كان لديه كتب باسيليوس الكبير وغريغوريوس والحكماء الآخرين. فأجابه بأنه أحضر الكثير من مؤلفاتهم. صلّيا معًا ثم تحدث معه عن محبة الله الفائقة وسقوط الإنسان وعمل الله الخلاصي.


عماده:


عكف على قراءة كتب القديسين باسيليوس وغريغوريوس خاصة عن العماد وعدم تأجيله. كان لزكريا صديق يدعى أفاجيروس (أوغريس) يؤنب زكريا بشدة على تأخر ساويرس على العماد. أخيرًا انطلق الثلاثة إلى كنيسة لاونديوس في طرابلس الشام حيث نال سرّ العماد وكان أفاجيروس إشبينًا له، تم ذلك على يد كاهن يدعى ساويرس. قيل أنه وهو في طريقه للعماد التقى به متوحد يدعى أليشع أسرع إليه وهو يقول: "يا ساويرس افرح، افرح، يا بطريرك يا رئيس الأساقفة..." كما قيل ظهر القديس لاونديوس الشهيد قائمًا مثل أمير جبار وكانت منطقته مرصّعة بالجواهر، وإذ خافوا طمأنهم القديس واختفى عن أعينهم. أثناء العماد ظهرت يد نازلة على رأسه وسمع الحاضرون صوتًا يقول: "مستحق مستحق مستحق"، فتعجب الكل لما حدث.



رهبنته:


بعد عماده تقدم في الروحيات جدًا، فكان يصوم كل يوم، ويقضي أغلب الليل في الكنيسة. انطلق إلى بلده بعد دراسته للقانون واشتغل بالمحاماة زمانًا. ثم قرر أن يمضي إلى أورشليم لزيارة الأماكن المقدسة، وهناك شعر بشوقه للتكريس للخدمة، وأن يستبدل ثوب المحاماة بثوب الرهبنة. قيل أنه إذ كان يقرأ في كتب الفلسفة ظهر له الشهيد لاونديوس وقال له: "حسبك هذه القراءة. . هلم اتبعني لكي تتعمق في دراسة قوانين الله التي يقرأها الآباء حتى أيام نياحتهم. انهض يا ساويرس، وأعد نفسك للعمل الجَدّي في الكنيسة، وأُسلك في الرهبنة لكي تعرف الجهاد بقوة، وتحمل ترس الإيمان الذي به تقدر أن تطفئ جميع سهام الشرير الملتهبة..." وقيل أن أحد المتوحدين الساكن خارج المدينة رآه في حلم يمسك "كوريكًا" ينظف نافورة مملوءة طينًا ونتنًا. وإذ جاء إليه القديس لكي يصلي عرفه وقال للذين معه: "هذا سيكون عظيمًا بين الحكماء، شهيدًا بين الأساقفة..." عكف على قراءة الكتاب المقدس بلا انقطاع، وصار يتعمق في دراسة الكتاب المقدس وفي كتب الآباء القديسين. ثم انطلق إلى دير الشهيد لاونديوس بفلسطين بالقرب من طرابلس الشام سنة 488م. هناك انضم إليه بعض أصدقائه ممن كانوا يتعلمون معه الفلسفة.



توحده:


التهب قلبه بالشوق نحو حياة الوحدة فترك الدير وذهب إلى صحاري إيلوتيروبليس يصحبه أثناسيوس من الرُها. كرس وقته للعبادة والدراسة وإذ أتعب جسده بالصوم والسهر مرض، لكن مرضه لم يطفئ شعلة غيرته. في دير القديس رومانيوس إذ هزل جسده جدًا وانتابته الأمراض مضى إلى دير القديس رومانيوس. استقبله رئيس الدير ويدعى رومانيوس بحفاوة وقال له: "الذي أنت عبد له أظهر لي عملك وعلمك في هذه الليلة ومقدار كرامتك".



رؤية رومانيوس:

رأى كأن صحراء مملوءة شوكًا وحسكًا وإذا بامرأة جميلة تجري الدموع من عينيها على خدّيها وصدرها، وكانت ثيابها مهلهلة وممزقة وهي حزينة. سمع من يقول لرفيقه: "هوذا يأتي ساويرس ليقتلع الشوك من هذه الأرض ويقدس كرمًا لرب الصباؤوت" ثم خاطب المرأة: "لا تخافي أيتها المدينة إنطاكية، هوذا يأتي ساويرس رجل مستقيم ويبني على أساس المجامع المقدسة".



اهتمامه بالعمل اليدوي:


كان القديس ساويرس بالرغم من مرضه يعمل باجتهاد حسب طاقته وكان يحث الرهبان على العمل اليدوي. بسبب مرضه الشديد كان رئيس الدير رومانيوس ينصحه بأن يخفف من نسكه ويهتم بجسده لكي يمارس الفضائل، فأقنعه بذلك.



رؤيا راهب بالدير:


رأى أحد الآباء الرهبان المباركين وهو قائم ليصلي ملاك الرب يقول له: "انظر إلى هذه الأرض وتأمل ساحة الدير". عندئذ تطلع فرأى رجلين يسيران نحو ساويرس لا يقدر أحد أن ينطق بكرامتهما وإشراق وجهيهما، صارا يتحدثان مع ساويرس ويعلنان له سرّ الإيمان الأرثوذكسي. سأل راهب الملاك عن هذين الحكيمين اللذين يخاطبان ساويرس وهو منصت لهما فأجابه بأن أحدهما هو باسيليوس الكبير والآخر غريغوريوس الناطق بالإلهيات، وأنهما يرشدانه إلى قواعد الإيمان لأنه سيكون حارسًا للإيمان المستقيم يرعى شعبًا عظيمًا في إنطاكية وفي المسكونة كلها.

ذاع صيت ساويرس في الشرق والغرب وجاء كثير من الكهنة والرهبان يسألونه في تفسير الكتاب المقدس والعقيدة.



دير بالقرب من غزة:

بعدما استقر زمانًا طويلاً في دير الشهيد رومانيوس اشتاق إلى الهدوء الذي كان ينشده، وإذ كان قد ورث عن والديه ثروة كبيرة (كان والده عضوًا في مجلس الشيوخ بالمدينة) أخذ نصيبه ووزع جزءً منه على الفقراء: وشيّد بالباقي ديرًا بجهة مايوما قرب غزة. اجتذب كثيرين للحياة الرهبانية: وجاء كثيرون ينتفعون بكلمات النعمة الموهوبة له.



اهتمامه باستقامة الإيمان:

بعث إليه يوليانوس الهرطوقي رسالة يقول فيها أنه لم يره منذ كان مقيمًا معه في Tiberias، وأنه يلزمه أن يرجع إلى عقله ولا يتدخل في العقيدة والدفاع عنها لئلا يجلب متاعب للرهبان. أما ساويرس فبعث إليه بالرد مبينًا له خطأه، وأنه يغير على الإيمان المستقيم. وإذا أعلن آخر يدعى Kelibselimos أنه يحارب الروح القدس رد عليه ساويرس وافحمه. ضل راهب يدعى ديونيسيوس الفيلسوف عن الإيمان المستقيم، وإذ خشي أن يتلقي بساويرس هرب من الدير. وعلى بعد ميل ظهر له ملاك الرب وحثه على العودة إلى الدير والالتقاء مع ساويرس، وبالفعل عاد ورجع عن طريقه.



قطع مقدونيوس واتباعه:



اتصل مقدونيوس أسقف القسطنطينية برهبان الأديرة يعلم بينهم بأن الذي صلب هو يسوع الإنسان، الذي لم يقدر أن يخلص نفسه، ورفض القول "أيها المصلوب ارحمنا" مما أثار انقسامًا في الشعب. بناء على دعوة الإمبراطور انطلق الراهب ساويرس وأفحم مقدونيوس. وانعقد مجمع الأساقفة في حضور القديس ساويرس وحكموا بقطع مقدونيوس ونفيه، وكان ذلك عام 511م سيامته بطريركًا إذ عاد القديس إلى ديره اجتمع الأساقفة الشرقيون وطلبوا من بطريرك إنطاكية فلافيان أن يترك هرطقته وإذ رفض أقالوه. أقر الجميع من أساقفة ورهبان وشعب بصوت واحد: "إن ساويرس هو الذي يجلس على الكرسي..." وافق الإمبراطور على هذا الاختيار، وحاول القديس الهروب لكنه تحت الضغط ذهب إلى إنطاكية حيث ارتجت المدينة كلها متهللة. لدى وصوله ألقى عظة مليئة بالمعرفة اللاهوتية كشف فيها عن تعاليم نسطور الغريبة والإيمان المستقيم، واعتذر لهم عن قبوله البطريركية لكن الكل صرخ بأن الله يدينه إن هرب وترك النفوس تهلك. فتمت رسامته عام 512م. قيل أن رائحة طيب كانت تفوح أثناء سيامته في كل موضع، علامة فرح السمائيين بذلك.



اهتمامه بالترنيم:

كأب نزل إلى أبنائه الصغار ليضع لهم ترانيم بسيطة، وكان يؤلف الألحان وينغمها. بهذا أحل الترانيم المقدسة عوض الأغاني المعثرة. قيل أنه في أيامه كانت الميادين العامة تشبه كنائس إذ كان صوت الترنيم والتسابيح المقدسة يسمع فيها عِوض الأغاني العابثة.



أعماله الرعوية:

لم يعرف القديس ساويرس الراحة بل كان يجول يصنع خيرًا كسيده، كما كانت الجماهير تأتي إليه لتنتفع بتعاليمه. كان يحث الكهنة على الاهتمام بالرعية. ووجّه رسائل كثيرة للإكليروس والشعب يثبتهم على الإيمان المستقيم وتعاليم المجامع المسكونية الثلاثة التي حرّمت آريوس ونسطور ومقدونيوس، كما رفض مجمع خلقيدونية ورسالة لاون. عقد مجمعًا في إنطاكية سنة 513م يشجب فيه مجمع خلقيدونية وطومس لاون، وآخر عام 514م في صور لذات الهدف.



تبادل الرسائل مع الإسكندرية:


تبادل الرسائل مع البابا يوحنا الثاني السكندري (507-517) بشأن تأكيد الإيمان بالطبيعة الواحدة ورفض مجمع خلقيدونية. ولما جلس البابا ديسقوروس الثاني على الكرسي المرقسي بعث برسالة إلى الأنبا ساويرس، وبعث الأنبا ساويرس إليه برسالة يعزيه في نياحة البابا يوحنا الثاني، ويؤكد وحدتهما في الإيمان.



اضطهاد يوستينوس له (518-527م):


توفى انسطاسيوس التقي عام 518م، وتولى لملك بعده يوستينوس، أحد قادة الحرس الإمبراطوري، واصدر أمرًا بالاعتراف بمجمع خلقيدونية، وخيّر الأساقفة بالقول بالطبيعتين للسيد المسيح أو الطرد، فأقصى 32 أسقفًا عن كراسيهم منهم فيلوكسينوس أسقف منيج وبولس الرهاوي، كما طرد الرهبان الرافضين ذلك من أديرتهم. شدد الإمبراطور الأمر ضد القديس ساويرس باعتباره الرأس وناله ضيق شديد. هرب إلى مصر عام 518م وبقى فيها زهاء عشرين عامًا (518-538م)، خلالها رجع إلى القسطنطينية في الفترة من 534 إلى 536م. استخدم يوستينوس كل وسائل التعذيب لإلزام الأساقفة إلى قبول قرارات خلقيدونية. كمثال نفي القديس فيلوكسينوس إلى غنغرة، وأمر بحبسه في بيت أوقد فيه بالنار وسدّت منافذه فمات مخنوقًا. لازم عصر يوستينوس كوارث طبيعية كثيرة منها زلزال في عين زربة، وطوفان غرّق الرُها، وصاعقة في بعلبك أحرقت هيكلها، وجفاف في فلسطين دام مدة طويلة. وفي 526م حدث زلزال ضخم بإنطاكية دمّر بيوتها ومبانيها العمومية وكنائسها وكان عدد ضحاياه حوالي 50 ألفًا من السكان، كان من بينهم الأسقف أفراسيوس (521-526م) الذي مات تحت الأنقاض.



اضطهاد جوستانيوس الأول له (527-565م):


حذا حذو سلفه، فظل القديس ساويرس في مصر عدا مدة قصيرة وهي من 534 إلى 536م لحضور المجمع الذي انعقد في القسطنطينية. كان القديس في مصر مهتمًا بشعبه خلال الرسائل المتبادلة. كان يكتب رسائله إلى القديسة أنستاسية، ويرد على رسائلها كما ورد في المخطوطات السريانية واليونانية.



الإمبراطورة ثيؤدورا:


كان جوستيانوس الأول يعتبر نفسه رئيسًا للدولة والكنيسة، له حق التفسير والتطبيق دون الرجوع إلى آباء الكنيسة. كان ينفذ قوانينه بكل صرامة، فيقطع الأساقفة ويعين من يشاء ويدعو إلى المجامع، ويعدل قراراتها أو يلغيها. غير أن الإمبراطورة ثيؤدورا (527?548م) كانت تخفف من ثورته في الاضطهاد. كانت تتميز بالشجاعة وكانت تهتم بالقضايا العامة لاسيما الدينية، كما كانت تؤمن بوحدة طبيعة السيد المسيح، وتدافع عنها ضد زوجها. وكان لها دورها الفعال من إفلات القديس ساويرس من تعقب الإمبراطور له. وقد سبق لنا الحديث عنها (الإمبراطورة ثيؤدورا الأولى) تحت حرف "ث" بموقع الأنبا تكلاهيمانوت.



القديس ساويرس في القسطنطينية:

في سنة 534م على الأرجح، مضى القديس ساويرس إلى القسطنطينية وظل بها حتى عام 536م. فقد أمر جوستينيانوس الأول بعقد مجمع في القسطنطينية لإلزام الأرثوذكس بقبول مذهب الخلقيدونيين، ودعا إليه جميع رؤساء الكنائس، فحضر كليسوس أسقف روما وأبوليناريوس الذي صار البطريرك السكندري الملكي فيما بعد وأوطيخوس بطريرك القسطنطينية والأساقفة الذين يتبعوهم. وقد حتم الإمبراطور على حضور البابا تيموثاوس السكندري والأنبا ساويرس الأنطاكي. أما الأول فكان يعلم غرض الإمبراطور السيئ فلم يقبل الدعوة واستمر يدير رعاية شعبه فتعرض لشدائد عظيمة. روى الأب أثناسيوس بأن الأنبا ساويرس أخذ معه بعض الأساقفة العلماء وانطلق سرًا إلى عسقلان بفلسطين، وكان معه الأب أثناسيوس ودخلا الدير الذي بناه القديس بطرس. هناك ظهر له ملاك الرب وسأله أن يذهب إلى القسطنطينية ويعترف بالإيمان المستقيم. انطلق ومن معه إلى البحر فوجدوا سفينة قاصدة القسطنطينية، وانطلقوا هناك إلى فيرونيا التي كانت من القصر الملكي. بعد يومين ظهر القديس أمام الإمبراطور الذي قال له: "هل أنت ساويرس الذي يحتقر كنائس الله؟" أجابه القديس: "لا لست أنا لكنك أنت الذي تركت الإيمان المستقيم" ثم أردف قائلاً: "أين إيمان قسطنطين الملك وعقيدة الملك زينون وأناستاسيوس الملك؟ أما أنت فقد تركت إيمان أولئك وقبلت هرطقة نسطوريوس ومجمع خلقيدونية وسببت اضطرابًا للعالم" تعجب الملك والضباط من حوار الأب ساويرس ومن حكمته وثباته في الإيمان وتحيّر الملك في أمره.

استمر القديس ساويرس سنة يُعد نفسه للجهاد وبعد نياحة البطريرك القديس تيموثاوس سنة 535م، عندما التأم مجمع القسطنطينية عام 536م جرى حوار عنيف بينه وبين الإمبراطور، فاغتاظ الإمبراطور وأمر بالقبض عليه وقطع لسانه. قيل أن أحد ضباط الملك كان ماكرًا وشريرًا أشار على الملك بالقضاء على القديس ساويرس بحكم الموت قائلاً بأنه الأفضل أن يموت ليكون سلام في الكنيسة. إذ علمت الإمبراطورة ثيؤدورا ذلك أوعزت إليه أن يهرب، أما هو فلم يقبل أولاً وقال أنه مستعد أن يموت في سبيل الإيمان المستقيم. تحت إلحاح الإمبراطورة والمحبين له ترك القسطنطينية وهرب إلى مصر عام 536م. أرسل الإمبراطور خيلاً ورجالاً لتعقبه فأسدل الله حجابًا على أبصارهم ولم يروه مع أنه كان قريبًا منهم. ظل في ديار مصر حتى نهاية حياته، وكان لشدة تواضعه يجول متنكرًا من مكان إلى آخر، ومن دير إلى دير في شكل راهب بسيط وأجرى الله على يديه آيات وعجائب كثيرة.



عجائب الله معه:


ورد في المخطوطات الخاصة بسيرته بعض الآيات والعجائب التي صنعها الله على يديه نذكر منها:

1. صلاته وسقوط المطر: حلّ جفاف ببلاد المشرق وصارت مجاعة شديدة، فذهب القديس أكلوديوس ومعه جماعة من المؤمنين إلى قلاية الأب ساويرس، وطلبوا بإلحاح أن يصلي لكي يرسل الله مطرًا حتى لا يهلك الناس والبهائم. بكى بكاءً عظيمًا وصلى إلى الله مع جماعة الأخوة، فانفتحت أبواب السماء وانهمر المطر. فلما رأوا ذلك مجدوا الله قائلين أن الله أقام لنا نبيًا عظيمًا. يقول الكاتب: "حقًا إني أصمت وأتحير، لقد كان وجهه يضيء مثل شعاع الشمس من أجل طهارته، وكان عجيب المنظر لامتلائه من نعمة الروح القدس".

2. شفاء ابرص: أصيب القس ثيؤدورس بالبرص في يديه حتى ما كان يقدر أن يدخل الكنيسة. إذ سمع القس عن المعجزات التي يصنعها الله على يدي القديس ساويرس ذهب إليه. طلب منه القديس ألا يشارك النساطرة هرطقتهم. ثم طلب منه أن يستحم من ماء البئر، ففعل ذلك وشُفي. فرجع كثيرون عن النسطورية لما رأوا ذلك.

3. شفاء مريضة: في تجواله بمصر متخفيًا ذهب إلى مدينة أوسيم مركز إمبابة فاستقبله رجل تقي محب لإضافة الغرباء كان يعمل في النسيج، ينفق على أسرته ويوزّع ما يتبقى على الفقراء والمحتاجين. وكانت امرأة ابنه تشكو من آلام شديدة في أمعائها، ولم يقدر أحد من الأطباء أن يشفيها. صلى عليها القديس وشفاها الرب، فتعجب أهل البيت ومجدوا الله.

4. ماء البئر المالح يصير عذبًا: دخل القديس دير القديس مقاريوس متخفيًا، فعرفه راهب قادم من الصعيد يدعى مقاريوس. قدّم له الإكرام وطلب منه أن يصلي على البئر لأن ماءها مالحًا. أجابه القديس ساويرس أن صلاته هو قادرة على ذلك، وإذ أصرّ الشيخ الراهب أخذ القديس مقاريوس قليل من الماء الذي في الصينية بعد غسلها بعد القداس الإلهي وسكبه في البئر فصار الماء حلوًا بأمر الله.

5. تكريم الله له: إذ عبر القديس على كنيسة السيدة العذراء التي تُعرف بالمعلقة وكان الكاهن يصلي على المذبح. وإذ رفع الأبروسفارين لم يجد الصينية ولا الكأس فبكى كثيرًا وبكى الحاضرون حين قال الكاهن: "لست أدري إن كان هذا من أجل خطيتي أم خطيتكم!" ظهر له الملاك وأعلمه بأنه رفع القرابين في حضرة البطريرك أشار إليه في إحدى زوايا الكنيسة. جاء إليه الكاهن وأدخلوه بكرامة إلى الهيكل وصعد القس إلى الهيكل فوجد الصينية والكأس كما كان أولاً.



نياحته:

انطلق القديس إلى مدينة سخا وأقام عند حاكمها دوريتاس المحب لله. افتقد الرب القديس بمرضٍ فرأى قبل نياحته كأن قومًا بمنظرٍ باهرٍ قد حضروا إليه. إنهم القديسون الذين سبقوه، الذين كان يردد كلماتهم المقدسة ويتذكر تعاليمهم. كان القديس راقدًا على فراشه ونصحوه أن يأخذ حمامًا، ولما أضجعوه على الأرض كان جسمه شبه ميت ولم يقوَ على الجلوس. ولما رفعوه عن الحجر الذي كان مضجعًا عليه وجدوا علامة لا تمحى. وقد تمتع كثيرون بالشفاء بلمسهم هذا الحجر. أدرك الحاضرون أن وقت انحلاله قد حضر فسألوه ألا يتركهم، أما هو فقال لهم: "لقد انتهى عملي وإني مستعد للرحيل منذ زمن طويل. وكنت أفكر فيه في كل وقت. وعن قريب تلحقون بي، ونتحد سريعًا معًا في المسيح ونفرح إلى الأبد..." إذ نطق بهذا فاضت روحه وجاء البطاركة والأنبياء والمعلّمون الحكماء، خاصة معلّمو الكنيسة يستقبلونه، وكان متهللاً معهم. كان ذلك في الرابع عشر من أمشير عام 538م.

بعد موته انبعث من جسمه عطر زكي، كان يفوح منه حتى في حياته حتى كان يعتقد البعض أنه كان يتعطر بالبرفير.



دفنه:

بعد نياحته أرسله دوروثاؤس مع قوم في مركب إلى دير الزجاج غرب الإسكندرية وأمرهم أن لا يدخلوا الخليج بل يسيروا في البحيرة حتى يصلوا إلى الساحل، ولما وصلوا بحري قرطسا قليلاً واتجهوا نحو الغرب لم يجدوا ماءً يكفي لسير مركبهم فحاروا وقلقوا. ولكن الله المحب حفظ جسد هذا القديس من أعدائه وأظهر آية بأن جعل المركب تسير في ماءٍ قليل مقدارٍ ستة أميال حتى وصلوا إلى حيث الساحل. ومن هناك حملوه إلى دير الزجاج ووضعوه في المكان الذي بناه له الأرخن دوروثاؤس، وصار بذلك فرح عظيم في مدينة الإسكندرية. وقد أجرى الله آيات وعجائب كثيرة من جسده وعظَّم القديس بعد مماته أكثر من حياته. كتب عنه الأب يوحنا رئيس دير أفتونيا ما ترجمته: "ذهب إلى الصحراء التي أحبها وتنبأ أن نهاية حياته وشيكة وسينتهي كل شيء بالنسبة له، ستنتهي الحياة والجهاد معًا، وكموسى بطريقة ما سمع من يقول له: اصعد إلى الجبل ومت هناك، لأنه عند قمة الجبل الروحي تتم نهاية كل حياة في الفضيلة". كما ذكر الأب يوحنا رئيس الدير لرجل الله دوماديوس معجزة حدثت عند دفن القديس ساويرس. فقد لاحظوا أن القبر المُعد له غير مناسب لطوله، بل كان أقصر منه بكثير. فاحتار الكل واقترح البعض أن يثنوا رجليه. وقال البعض أن في ذلك إهانة. لكنهم شعروا كأن قوة إلهية تدفع الجسم، فنزل الجسم دون أن يُثنى ولو قليلاً. كما يقول الأب "ترى هل صغر الجسم أم كبر القبر؟! الله وحده صانع هذه المعجزة فهو يكرم الذين يكرمونه حتى بعد الموت". يوجه كاتب السيرة حديثه إلى رجل الله دوماديوس قائلاً: "اقتطفت بطريقة ما وردة في حديقة أو عنقودًا جميلاً من كرمة وقدمتها إليك وإلى القراء لكي أكون لك مرضيًا".



أعياده:

في 2 بابة تذكار مجيئه إلى مصر. في 14 أمشير تذكار نياحته. في 10 كيهك تذكار نقل جثمانه إلى دير الزجاج.

 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
مقالات
عن أماكن اللهو ومداومة التناول من الأسرار المقدسة
لللقديس ساويرس البطريرك الأنطاكي
دونها يوسف حبيب، مليكة حبيب يوسف


1- عن الذين يذهبون للمسرح بعد الصلاة



أن رؤية المسرحيات الهزلية مضادة للناموس. يجب أن نتقى بأعمال التوبة الغضب القائم ونشترك فى الأسرار المقدسة مرات كثيرة.
مرة أخرى أتقدم بينما تقصرنى تمام المقدرة عن الكلام أو التعليم، وفيهما نفع جزيل. أرانى فى ظلمة أدركتها سحابة الهموم المادية التى تربط الكنيسة المقدسة غير المادية بطريقة غير لائقة. فبعض الأشخاص يحملونها أحمالاً غريبة لا علاقة لها بالخدمة الدينية. أفلا يضار رجال الدين بإثارة الأضطرابات الخارجية داخل الكنيسة؟ إنى عن إضطرار أشعر أنى مدفوع عنوة بهذه الضرورة الحاضرة، فمثلى مثل إنسان يحترق فى النار. نعم أنى مُجْبَر، ليس عن اختيار.

ما هو العجب إذا كنت وأنا أبرز من نفسى قروحاً عديدة لا تحصى، أتحمل هذا الآلم ولا أستطيع إلى السكوت سبيلا؟ أن أرميا النبي الذى تكرس من بطن أمه، يرى أن شعبه يستهزئون بأقواله بدلاً من أن يحزنوا، وما كانوا يشعرون أو يرتجفون خشية الغضب الذى كان يتهددهم. كاد النبي يركن إلى الصمت، لكنه اشتعل واحترق قلبه واضطر إلى الكلام. لذلك كان يقول: «لأنى كلما تكلمت صرخت. ناديت ظلم واغتصاب. لأن كلمة يا رب صارت لى للعار وللسخرة طول النهار. فقلت لا أذكره ولا انطق بعد بأسمه. فكان فى قلبى كنار محرقة محصورة فى عظامى فمللت من الأمساك ولم أستطيع» (إر 20: 8-9).

كفى بذلك مثالاً. أن عقدة لسانى ليست محكمة، تأتى زوبعة الحوادث، ويسرد الإضطراب عند الذين يحاربون الكلمة المستقيمة. ولو إنى أفكر مثل أرميا، فإنه بالنسبة لى أيضاً كانت كلمة الرب باباً للإهانة والإستهزاء، وروادنى القول ضرورة، كما قال النبي: «لا أذكره ولا انطق بأسمه» (إر 20: 9). إنى أصلى لكى يوضع على شفتاى باب فأضطر إلى الصمت الكامل، وإلا فإن الضحك والإستهزاء الظاهر على كلمات الرب لن يدعانى اعظ عن الصلوات فى الكنيسة. والدموع، والأعتراف بالخطايا، والصوم، وبالإختصار وضع الأمور فى نصابها وهو مترتب على التوبة، بسبب ما هذه تهددنا عن كتب وتراه فوق رؤوسنا، وأن سماعه مرعب.



2- سباق الخيول



أتذهبون إذاً، أو بالحرى كثيرون منكم، -لأنه لا يجب أن أتهمكم جميعكم ـ لمشاهدة سباق الخيل وإلى أماكن التهريج ومسارح الترف وتقولون بأنكم ما انقطعتم عن الصلوات وعن الإجتماعات في الكنيسة وأنتم تشتركون فى مشاهدة المسرحيات؟ ألا سمعت بولس الرسول الذى كتب إلى أهل كورنثوس: «لا تقدرون أن تشربوا كأس الرب وكأس شياطين، لا تقدرون أن تشتركوا فى مائدة الرب وفى مائدة شياطين» (1كو 10: 21) ألم يقل الحكيم حسناً جداً: «واحد يبنى وواحد يهدم فماذا ينتفعان بذلك غير التعب. واحد يصلى وواحد يلعن فصوت أيهما يسمع السيد؟! مُنْ يغتسل من الميت ثم يمسه ماذا انتفع من غسله؟! هكذا الإنسان الصائم عن خطاياه ثم يعود يفعلها ترى من يسمع صلاته وماذا ينفعه صيامه؟!" (حكمة يشوع 31: 23-26).

هذا حال الذين يتصرفون ضد الناموس وهم ممتلئون شراً. يتصرفون أنهم يشتركون فى المائدة المقدسة، وهم يأكلون ويشربون ويفعلون ما يحلو لهم. ويشهد الكتاب المقدس عن أمثال هؤلاء الناس قائلاً: «لأنهم يطعمون خبز الشر ويشربون خمر الظلم» أم 4: 71.

ربما يقول: وأى شر فى النظر إلى سباق الخيل؟

أنه شر مستطير وإنى آت بالرد صراحة. أولاً: أن كل عرض قصد به الولاء لآحد الالهة الذين يسمون بأسم كاذب، ويقام تكريماً له فلنبتون Neptune عرض الخيول، ومرقور Mercure عرض المصارعين الذين يحاربون وحدهم ، ولارتيميس Artémis عرض المصارعين الذين يحاربون الحيوانات، ولباكوس Bacchus الروايات المسرحية. كيف يرتضى الله مسرة الشياطين؟ كيف تركض نحو هذه المناظر التى انكرناها وفقاً للأحكام حينما انخرطنا فى خدمة المسيح؟

لنشترك فى أعمال الطاعة له، ونكون مستعدين لنستحق العماد الإلهى الخلاصى. هذه المناظر هى فى الواقع من أعمال الشيطان، وتكريم لأعياده التى جحدناها.



3- الرفق بالحيوان




ثانياً: حتى إذا قلت: «أن المسرحيات ليس الغرض منها تكريم الشياطين، لكن لأجل سرورنا». فإننا نغضب الخالق إذا كنا نستعمل الحيوانات غير العاقلة بطريقة مضادة لوصاياه. لقد خلق كل حيوان منها لكى يكمل احتياجاتنا فى العالم، وليس لأجل نشوة زائدة وغير نافعة. فالحصان قد أعطى للناس حتى يستطيع من يمتطيه أن يتم تنقلاته بسرعة، فيخرجون ضد المحاربين الذين يأتون إليهم. أنه عون لهم يساعدهم فى الحرب ضد الآعداء. هذا أيضاً ما قاله ذلك الذى كان يكلم أيوب وسط الزوبعة والسحاب. «فأجاب الرب أيوب من العاصفة وقال..» (أى 38: 1) «هل أنت تعطى الفرس قوته وتكسو عنقه عرقاً. أتوثبه كجرادة. نفخ منخره مرعب. يبحث فى الوادى وينفر ببأس. يخرج للقاء الأسلحة. يضحك على الخوف ولا يرتاع ولا يرجع عن السيف. عليه تصل السهام وسنان الرمح والمزارق. فى وثبه ورجزه يلتهم الأرض ولا يؤمن أنه صوت البوق. عند نفج البوق يقول هه ومن بعيد يستروح القتال صياح القواد والهتاف» (أى 93: 19-25).

ومكتوب أيضاً فى الأمثال: «الفرس معد ليوم الحرب. أما النصرة فمن الرب» (أم 21: 31).

جعل هذا الحيوان من أجل خدمة حياة الإنسان وليس لكى تهلكه بأن تجعله يدور حول السيرك سبع مرات، وأنت تخرج العربة تلو العربة، ويسحق رجليه بسرعة العجلات؛ ولا لكى تتهلل وتصفق حينما يسقط سقطة بائسة مؤسفة. ليس هذا ما يأمرك به ويملك إياه الكتاب الإلهى، بل العكس. حينما يفعل هكذا، تنطق عليك الكلمات المكتوبة الدالة على القسوة والظلم القاتلة: «الصديق يراعى نفس بهيمته. أما مراحم الأشرار فقاسية» (أم 12: 10).

أن قول بولس الرسول: «ألعل الله تهمه الثيران» (1كو 9: 9). له معنى آخر وفعلاً حينما كان يكلم أهل كورنثوس كان يقول أنه يلزم: «أن الدين ينادون بالإنجيل من الإنجيل يعيشون» 1؛ و 9: 41، «من تجند قط بنفقة نفسه. ومن يغرس كرماً ومن ثمره لا يأكل. لعلى أتكلم بهذا كإنسان أم ليس الناموس أيضاً يقول هكذا. فإنه مكتوب فى ناموس موسى لا تكم ثوراً دارساً. ألعل الله تهمه الثيران» 1كو 9: 7-9.

هكذا إذاً تضمنته الوصية القانونية التى تأمر بألا نكم ثوراً دارِساً. . وما جعل الله الناموس لمجرد العدل نحو الثيران. أى مكروه إذن وما يضيرنا لو نستبدل حلبة السباق بالخدمة الخاصة بها بعناية ولا نسرف فى الأهتمام بملء بطونها فى غير مناسبة.

أنه بهذه الوصية يعملنا أنه من العدل أن الذين يعملون يتغذون من نتاج تعبهم. لذلك يضيف بعد ذلك: «أم يقول مطلقاً من أجلنا. أنه من أجلنا مكتوب لأنه ينبغى للحراث أن يحرث على رجاء وللدارس على الرجاء أن يكون شريكاً فى رجائه» (1كو 9: 10).



4- عناية الله بالحيوانات



من الواضح جداً أن الله يعتنى بكل شئ ويهتم بكل شئ ويحب كل شئ يقول داود النبى فى المزامير: «تفتح يدك فتشبع كل حى رضاً» (مز 145: 16). ويقول الحكيم أيضاً: «وترحم الكل لأنك قادر على الكل وتعرض عن خطايا الناس متوخياً التوبة» (حكمة 11: 24). وكتب أيضاً: «رحمة الإنسان على قريبه وأما رحمة الرب فهى على كل ذى جسد» (حكمة يشوع 18: 13).

ليس لأن بعض أنواع الحيوانات قد أعطيت للناس لكى يقتلوها ويأكلوها، لا يلزمنا أن نعاملها برفق فى حياتها، ونشفق عليها، ولا نجعل من تعب الجياد وإنهاكها وموتها تجارة باطلة، لأجل لذة أو لعبة شيطانية. وعلينا نحن الذين يجب علينا أن نقتدى بالله أن نكون رحماء. «فكونوا رحماء كما أن أباكم أيضاً رحيم» لو 6: 36.

أن عرض الجياد عن طريق التفنن فى المشاهدة الماكرة من الشيطان يمارس فيه هذا التنافس الذى يشبه السحر وضرب من ضروب القتل القاسية غير القانونية يقوم بها المحترفون اللذن يظهرون أنفسهم شجعاناً ضد الصغير الضعيف. هذه المناظر يمكن أن تغضب الله جداً . أنها تستحق رعوداً وبروقاً ملتهبة. حتى إذا كان اللعب لا تشوبه مثل هذه الأشياء، فإننا نحكم حسب ثماه. «لأن من الثمر تعرف الشجرة» مت 12: 23. هذا قرار المسيح الرب الصادق. ولكن ما هى ثمار معارك الجياد هذه؟ أنها خلافات وتجديف، معارك وإضطراب، ضجيج وهجمات بقذف الحجارة، حرب بين المواطنين، حريق وقتال. . ولطالما سقط الأبرياء من المشاهدين فى إحدى الخطايا. إما أن يصرخ، أو يتشاجر، أو يجدف، أو يترك نفسه يستبد به الغضب بما لحقه من الأهانة. فأى عقاب يكون لذلك؟ عندما يحيد الإنسان عن الله ويبتعد عنه، هل هناك من عقاب أشد؟

وأسمع بخصوص الضوضاء التى تعتبر أقل الأشياء الأخرى: «وقال الرب أن صراخ سدوم وعمورة قد كثر وخطيتهم قد عظمت جداً» تك 18: 21. هذا يكفى لكى يبين عاقبة الضوضاء يقول الرب أيضاً بواسطة النبى أشعياء: «أن كرم رب الجنود هو بيت إسرائيل وغرس لذته رجال يهوذا. فأنتظر حقاً فإذا سفك دم وعدلاً فإذا صراخ» أش 5: 7.

أن الصراخ موضوع الأتهام. وهل يستحق التشاجر المديح؟ ليس هذا أبداً.أنظر كيف يضعها الله، بواسطة حزقيال النبى، موضوع اللوم الكبير حينما يقول: «لكن بيت إسرائيل لا يشاء أن يسمع لك. لأنهم لا يشاؤون أن يسمعوا لى. لأن كل بيت إسرائيل صلاب الجباه وقساة القلوب» حز 3: 7.

ربما تقاتل لماذا تحب المشاجرة من العصيان وقساوة القلب. أن بولس الرسول يضع كل هذه الرذائل معاً كأنها من طبيعتها أن تحزن وتغضب الروح القدس. وهو يكتب فعلاً: «ولا تحزنوا روح الله القدوس الذى به ختمتم ليوم الفداء. ليرفع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب وصياح وتجديف مع كل خبث» أف 4: 30-31.

لماذا إذاً نذهب إلى عرض سباق الخيول؟ إننا نفعل ذلك لكى تحملنا كل هذه الرذائل أشبه شئ بتيار فاسد وسط بحيرة، ولا نذهب لكى تصلى لله فى هدوء أن يغفر لنا خطايانا. ننشغل بأمور العالم ونحرف ضد إرادتنا إلى الضوضاء أو إلى كلمة التجديف أو إلى الغضب.


تابع

 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
5- المسرحيات الهزلية والتمثيل الهابط



لكن إذا سمحتم، لنفحص المسارح والأماكن المخصصة للعرض، وسترى أنها ضارة ومفسدة، وليست كما يحسبونها موضوع لهو ومرح. إنى أترك جانباً الفرقة الموسيقية، والرقص الجماعى الصاخب الذى يسئ إلى رجولة الرجال، وتلك الأغانى التى تعلم الميوعة، وتحل قوة الروح، وتزرع فيها سعير الأهواء، فتطوقها حتى تنوء تحت عبء المجرن والملذات. وماذا تقول عن المشاهدين للتمثيل الهزلى ومنهم المستهزئون؟ يثيرون سخط الله وغضبه، نضحك لدى رؤيتنا رجلاً يصفع آخر قد خلقه الله، ونفخ فى وجهه نفخة الحياة، وقد شرفه كلمة المتأنس لأجلنا أيضاً، حينما قام من الأموات ونفخ فى وجه تلاميذه قائلاً: «اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ» (إنجيل يوحنا 20: 22)؛ وأن من كان موضع تكريم كثير يضرب ويهان ويزدرى به.

نعتقد أن ذلك يثير شيئاً كثيراً من الرهبة والرعب حتى عند القوات السمائية. ثم قل لى، اتضحك على الأشياء التى يجب أن تبكى منها وتنتحب عليها؟

أين الأتحاد المكرم، أيصبح موضع مزاح؟ أين المجتمع العفيف؟ أنه مثل الزانى تسحقه السخرية (والشفقة). فهل تكون أعضاء الجسد وانجاب الأطفال وبقاء جنسنا موضع استهزاء بطريقة مشينة كريهة؟ فأين السر الملئ بالحياة والطهارة؟

أحترم شكلك الذى خلقه الله أيها الإنسان، أحترم شكلك الذى خلقه الله الأحترام كله. احترم الخليقة الثانية الإلهية التى من أجلها شاركك كلمة الله بأتخاذه جسداً من العذراء. لماذا تضحك من ذاتك، مثل أولئك المجانين الذين يمزقون أجسادهم ويأكلون لحمهم بدون شعور؟

لماذا إذاً تنوح لدى سماع أخبار الجرائم وتود لو هلك المخطئ جزاءاً وفاقاً لما أرتكبه من زور، وتحزن وأنت ترى مطلع الشمس. إنى أخالك تظن أن كل شئ قد أنقلب رأساً على عقب ...

أنك تكتب ضد الزانى حكماً بالسجن وتقرر أن الموت عقاب خفيف له ... لكن حينما تشاهد المسرحيات الفاسدة فى مسارح اللهو الممقوت، فإنك تنفجر ضاحكاً، وتظهر شعورك لاهياً وتزعم أن العرض باعث للسرور والمرح.



6- المسارح الماجنة



بأي عين سوف تنظر إلى زوجتك حينما تدخل البيت؟ كيف تطالبها بالطاهرة وأنت تشاهد الفسق الظاهر في تلك العروض الماجنة غير اللائقة. لقد جمعت العديد من الأهواء، وغذيت عقلك بصور الرذائل وهي مثل النار المحرقة. ربما يقول قائل: "ماذا أعمل ومسرح الألعاب مفتوح يناديني لمشاهدة العرض".


لو كان مغلقاً ما لزم السؤال. انه بذلك تكون الضرورة أوجبت عدم الذهاب وليست الإرادة. وبما أن المسرح مفتوح، فمر أمامه راكضاً بثبات وحزم، ودع اللاهيين لا تزرهم وان كانوا وقوفاً على قدم الاستعداد. اظهر أن كل هذا باطل وليس له منفعة. فإذا كانوا يعدون المسرح ويجهزونه ويجذبونه من يأخذون مكانهم فيه يحميه ويخدعونهم، لا يكفي عذراً. أن من يسرق الملابس يستطيع أن يقول أيضاً أنه رأى الملابس والذهب وكان مجرباً بالإغراء مخدوعاً. ومن ينظر نظرة الشهوة دون حذر، يعتذر بجمال النساء. أبذلك نعتبره غير مذنب؟ ولكننا لا نجهل أن من يبتعد بثبات عن الإغراء ما استطاع إلى ذلك سبيلاً يستحق الاكليل ومجازاة النصر لأنه يمارس الفضيلة. فاهرب إذن بكل قوتك من مشاهدة العروض التي فيها اختناق الروح. انها هوة الشيطان بما يزينه من المكر ويدبره من الخسارة التي نتحملها دون أن نشعر. وان فيها الهلاك المؤكد بسهولة.

إذا كان أحد يجرك إلى ذلك، فجره في اتجاه مضاد إلى الكنيسة قائلاً له كلمة الكتاب المقدس هذه: "لا تمل يمنه ولا يسره. باعد رجلك عن الشر" (أم4: 27). اظهر له بفيض الكلام الفرق بين الطريقين، مبيناً نهاية كل منهما. ادحض الميل إلى اللهو القصير المدى، أن حالته فانية. اجعل فيه المخافة، صف له محكمة المسيح القادمة. وقده إلى رجاء الحياة الأبدية السعيدة المعدة للصديقين. واحطه بعنايتك، لا تجعله يخسر خلاصه. من تراه يقاوم كثيراً في الجهاد، ويجتهد أن يكسب بمكر أو بعنف يحاول أن يجرك إلى الرزيلة، حينئذ ألجأ إلى الزجر وأرفض بعض الصداقة أو بعض الصحبة الشريرة، أسرع بالهرب من الشرير. تذكر المشرع الروحاني الذي يأمرك بأن تغضب وليس أن تخطئ هكذا غضب فينحاس، وعندما ضرب الزناة وطعنهم بحربته، حينئذ توقفت الآفة.

"فلما رأى ذلك فينحاس بن ألعازار بن هرون الكاهن قام من وسط الجماعة وأخذ رمحاً بيده ودخل وراء الرجل الإسرائيلي إلى القبة وطعن كليهما الرجل الإسرائيلي والمرأة في بطنها فامتنع الوباء عن بني إسرائيل" (عد 25: 7- 8).

هكذا غضب موسى أكثر الناس وداعة واتضاعاً، ضد الذين كانوا يتعدون وصايا الله، بينما كان يتحمل بوداعة وتواضع إهاناته الشخصية. حينما قامت عليه عائلة داثان وأبيرام وجميع عائلة قورح بطريقة مهينة بسبب الحسد، سقط رئيس مشرعي الشعب على وجهه على الأرض أمامهم، وهو يرجو شاتميه ألا يعرضوا أنفسهم للغضب الآتي من فوق. ولما استمروا في عصيانهم وكبريائهم، أرسلوا في النهاية إلى جهنم (عد 16: 24) الخ.

يجب علينا أن نتحمل باتضاع وبنزعة فلسفية الإهانات والظلم الذي يصيبنا، أما تلك التي تكون موجهة ضد الله وضد مجده فيجب علينا أن نكون متيقظين لمحاربتها بأقسى ما يمكن. لذلك قال أحد الأنبياء: ليصبح الإنسان محارباً شجاعاً.. أن التواضع والوداعة في غير فهم هما من خواص الخراف وليس من خواص العقلاء. لذلك وجد الغضب في نفوسنا، لكي يحثنا نحو الشجاعة، لنستعمله ضد ميوعة الأهواء، ونجاهد به من أجل نواميس الله ومن أجل الحق أيضاً.




7- التوبة والخير والبُعد عن أفعال الرذيلة



لكني لا أعرف لماذا أراني بعد العظة التي ألقيتها عليكم في الكنيسة، وكنت أتوقع أن آراكم تفعلون أعمالاً حسنة، لا أزال عن وسائل تجنب الشر، متحدثاً عن الفضيلة والرزيلة. أننا نحتاج أن نمارس الأعمال الحسنة كثيراً لكي تنجو من ذلك الغضب العتيد الذي يتخذ طريقه الآن إلى مدن أخرى. لم يبتعد بعد عن مدينة الإسكندرية ولا يزال يلتهم الناس الاصحاء، انه يزداد وينتشر. لتعودوا إلى التوبة فتمقتون ليس فقط المسارح، بل الكباريهات ومتاجر الخمور، ومحال اللحوم النيئة والمطبوخة والأطعمة الفاخرة من كل نوع. وفي الحداد تتغذون فقط بالخبز والخضروات اليابسة، لا تفعلون شيئاً آخر سوى أن تتضرعوا إلى الله كل الأيام بصلوات حارة.

لنتمسك إذاً بهذه الضراعة لكي تظهر التوبة عن طيب خاطر، وعلاوة على منفعة تجنب الغضب، ننال الثواب المجزي ونتجنب الغضب الآتي، ولا اتجاه نحو الخير إلا وله ثوابه. ان كنا عرضه لمثل هذه الأهوال نصيبنا، فماذا نحن فاعلون لكي نهرب منها؟ قبل أن تقع تلك الأهوال فلنعكف ساهرين في حكمة. فإنه إذا كنا بهذا التأديب والمخافة لا نتوب، أفلا نكون جهلاء وغرباء عن الله، ونسلم للهلاك الكامل، ونسقط في الجب العميق؟ هذا نجده بديهياً في قول أرميا النبي، فهو يقول: "تأدبي يا أورشليم لئلا تجفوك نفسي لئلا اجعلك خراباً أرضاً غير مسكونة" (أر 6: 8).

اني في رعب وارتجاف أتوقف عند هذه الكلمات: ناطقاً بصوت عال بهذه الآية من كتب بولس الرسول: "فإذا حسبما لنا فرصة فلنعمل الخير للجميع ولا سيما لأهل الإيمان" غل6: 10. اننا في حاجة شديدة لكثير من بعد النظر. اننا نتوقع صدمة الشياطين ضدنا، لنتقوى بجدار المعونة الإلهية التي هي مخافة الله. "ملاك الرب حال حول خائفيه وينجيهم" مز34: 7.

ان ملاكاً واحداً حافظاً حولك لهو بمثابة قوة جيش كبير، فهو يقوم مقام جمع من العسكر. وهناك أيضاً ملاك حارس موكل يحفظ كل من يخاف الرب. لذلك حينما نتكلم عن أناس ذوي عفة نقول: (في سفر عمال الرسل ص 12) الملاك حينما قرع بطرس على باب البيت وكان مقبوضاً عليه وموضوعاً في السجن بأمر هيرودس، قال الناس في الداخل للفتاة التي كانت تنبئ بحضوره وهم غير مصدقين وفي حيرة: أنه ملاكه. وما العجب في ذلك؟ إن لكل طفل صغير ملاكه الحارس المعين الخاص به. ويقول الرب في الإنجيل: "انظروا لا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار لأني أقول لكم إن ملائكتهم في السموات" مت18: 10 وليس وجه الله مرئياً كيف نرى الكائن غير المرئي؟ لكنها عادة الكتاب المقدس أن يدعو العمل الذي يعمله الله لأجلنا وجهاً. هكذا قال المرتل: "وجهك يا رب اطلب، لا تحجب وجهك عني" (مز27: 8- 9). "أضئ بوجهك على عبدك" مز31: 16، إذاً الملائكة ينظرون أي يتأملون في أعمال الله وعنايته بالأطفال الصغار، فيحفظونهم بسهرهم بعناية ويقظة.



افهمن إذاً أيتها النساء، أي ضرر لهؤلاء الأطفال الصغار تتسببنَ فيه حينما ترسلهم إلى المسارح؟ أنتن تحرمن من تحبينهم من المعونة والحفظ الملائكي، وتعدونهم لنصيبهم خسارة الخبيث. هذا من أعمال الأعداء وليس شأن الأمهات. لنركض إذن كلنا إلى الكنيسة، الشبان والشيوخ، والرجال والنساء، الجميع من كل نوع حتى بذلك نجعل حفظ الملائكة لنا غير مضطرب، وبالأخص باشتراكنا في الأسرار المقدسة التي تتطهر بمقدرتها وتتقوى. حينئذ يبقى الملائكة قريبين ليس فقط لأجل حفظنا، بل إكراماً لسيدهم، ويكونون ثابتين ومواظبين على حفظ أرواحنا وأجسادنا مثل مساكن ملائكية يسكن فيها ملك الملوك.



8- الابتعاد عن التناول بحجة الخطية



لا يقل لي أحد: "أني أخشى التناول من الأسرار المقدسة وأفرز نفسي عنها. أن بولس الرسول يستوقفني فعلاً حينما يقول: لأن الذي يأكل ويشرب بدون إستحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب" 1كو11: 29 ولهذا السبب أتقرب بحذر مرة أو مرتين في السنة من المائدة الرهيبة".

قل لي "أهذا تعتبره مانعاً أن يقول بولس الرسول بأن تطهر نفسك كل يوم فتتمتع بهذا الطعام الخالد الذي يجب ألا تأكل وتشرب منه بدون إستحقاق؟ إذا كانوا يذكرونك حينما تذهب لمقابلة ملك بأنه يجب عليك أن تدخل بطريقة لائقة وبمظهر متواضع، فاننا لا نقول انهم بذلك يبعدونك عن مسكن الملوك" بل بالحري انهم يشجعونك على الدخول والتمتع بالكرامة بتقدمك بطريقة لائقة.

وأيضاً حينما تتقرب مرة واحدة في السنة، فأنك لا تتطهر مقدماً لطول السنة، بطريقة لائقة بهذا اليوم الذي فيه تريد أن تتقرب. وإن لم يكن الأمر كذلك فما معنى تفكيرك الخاطئ؟

فانك حينما تكون قد جمعت دنس شهور عديدة وكومت الخطايا، فأنك بالأحرى تتقرب بطريقة غير لائقة. لأن من يتقرب باستمرار، يعرف انه مستعد تماماً لكي يتقدم أمام ملك الملوك ويحييه ويقبله في داخله. . فهو يتجنب خطايا كثيرة بكل قوته وكل مقدرته. أما أنت بعد أن تحدد مرة واحدة تتناول فيها ثم تتمتع بعد ذلك، فانك تواجه مهله طويلة، وفي اطمئنان بدون خوف تأتي ما تستمرؤه حتى ذلك اليوم، فلا يكون مدخلاً لملك الملوك، إذ يجد مسكنك مغلقاً.

يجب علينا إذن أن نتطهر على قدر الإمكان ونتقدم باستمرار من الطاهر وحده. أن الشمس تراها العيون السليمة، لكن هذا ليس عاصماً لمن كان نظرهم ضعيفاً، بل هم يحتقرون علاج أنفسهم ويحرمون كلية من ضياء أشعتها.



9- الاشتراك في الذبيحة المُحيية





ألا تعرف أن هذه الذبيحة الروحانية غير الدموية كانت ترمز إليها الذبيحة التي كانت تتم قديماً بواسطة الدم، حينما كانوا كل صباح وكل مساء يقدمونها تكفيراً عن الخطايا؟ فيجب أ، نعرف أنه لا يوجد سوى ذبيحة واحدة هي ذاتها التي كانت حسب الناموس تقدم في الصباح وفي بدء معرفة الله، وهي حسب الإنجيل قد ذبحت حتى نهاية العالم بطريقة روحية أكثر كمالاً. وكانت تدعى أيضاً ذبيحة دائمة بدون انقطاع؟

لو حذا الناس حذوك فتقدموا مرة واحدة في السنة، لكانت الذبيحة بلا تقدمة، ولانقطعت صفة الاستمرار، الكفارة تتوقف، والمذبح يظل بدون خدمة. من يحمل خطية العالم الذي يحتاج إلى التطهير في كل وقت؟ ترى في كم من الأمور غير المقبولة كنا نسقط لو أطعنا ما تمليه عليه خواطرنا الداخلية بدلاً من أن نطيع الناموس.

إذن فلنشغل أنفسنا بالأعمال الحسنة بكل الوسائل، ونشترك في الذبيحة المحيية. لأنه لا يمكن لأحد أن يؤمن ولا يشترك فيها.

من يريد أن يحيا الحياة الحقيقية لا يستطيع أن يحيا بدون أن يستنشق الهواء. فإننا نحن الذين آمنا بالمسيح نحيا به ونتحرك. "فإن كنا قد متنا مع المسيح نؤمن اننا سنحيا أيضاً معه" رو6: 8" لأننا إن عشنا فللرب نعيش وإن متنا فللرب نموت. فإن عشنا وإن متنا فللرب نحن" رو14: 8. له المجد الدائم إلى الأبد آمين.
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
صور
القديس الأنبا ساويرس بطريرك أنطاكية

63594241al8.jpg


sawiros.gif


036.jpg


باب الرموز (النبوات)
بدير السريان
يرجع تاريخ الباب إلي عام 913 ــ 914 م
ويحكي مراحل تاريخ المسيحية بالرموز من أعلي ألي أسفل

أيقونات تشمل السيد المسيح والسيدة العذراء
وعن يمينها مارمرقس والبابا ديسقورس (يمثلان الكنيسة القبطية)
وعن يسارهما مار أغناطيوس والقديس ساويرس الأنطاكي (الكنيسة السريانية)
وهي تعبر عن العلاقه القوية وألإيمان الواحد
والجهاد المشترك بين الكنيستين.

صلبان كبيرة متامثله الشكل ومتداخلة ومحاطة بدوائر
تمثل العصر المسيحي ألأولحيث ترابط الكنيسة وانتشارها

ستة صلبان محاطين بالدوائر
يمثلون ستة مراكز قوي مسيحية في ذلك الوقت
أورشليم ــ أنطاكيه (سوريه) ــ ألقسطنطينيه (أسطنبول) ــ أفسس ــ روما ــ ألأسكندريه



 

Maran+atha

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
2 سبتمبر 2012
المشاركات
1,906
مستوى التفاعل
464
النقاط
83
الإقامة
فى قلب المسيح
شكرا كثير للموضوع الأكثر من رائع
اخى الحبيب والمميز النهيسى

بركة صلوات وشفاعات القديس ساويرس
تكون معنا كلنا آمين،
ولربنا المجد دائما للأبد آمين.

ربنا يباركك ويعوض تعب محبتك ويكون معك دائما
فيحافظ عليك ويفرح قلبك ويحقق كل امنياتك للأبد آمين.
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
شكرا كثير للموضوع الأكثر من رائع
اخى الحبيب والمميز النهيسى

بركة صلوات وشفاعات القديس ساويرس
تكون معنا كلنا آمين،
ولربنا المجد دائما للأبد آمين.

ربنا يباركك ويعوض تعب محبتك ويكون معك دائما
فيحافظ عليك ويفرح قلبك ويحقق كل امنياتك للأبد آمين.



شكرا جدا لذوقك ومحبتك ومرورك الكريم
 
أعلى