نظرة علمية بحتة في توثيق الاناجيل الاربعة

myname2010

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
30 مايو 2007
المشاركات
56
مستوى التفاعل
10
النقاط
0
+
نظرة علمية بحتة في توثيق الاناجيل الاربعة​

انجيل متي

(أولاً) شخصية كاتب انجيل متى:
وهناك نوعين من الأدلة يمكن النظر اليها إذا أردنا التوصل إلى نتيجة حول صاحب الإنجيل الأول:
(1) الأدلة الخارجية.
(2) الادله الداخلية.

(1) الادلة الخارجية:
لقد كانت عناوين اسفار العهد الجديد ليست جزءا من النسخة الاصلية التي كتبت بيد صاحب السفر (autograph) ولكن أضيفت في وقت لاحق على أساس التقاليد. ومع ذلك، فإن التقليد في هذه الحالة هو شائع وعام وقوي جدا حيث ان كل المخطوطات التي تحتوي على نص الانجيل الاول تنسبه الى القديس متى .

بعض العلماء تشير إلى أن هذا اللقب "حسب متى" (κατὰ Μαθθαίον) قد أضيف في وقت مبكر حوالي عام 125م . وفي الحقيقة أن كل نقش لهذا الإنجيل يؤكد ان القديس متى كان المؤلف للانجيل الاول إلى جانب حقيقة أنه لا يوجد كاتب اخر ينسب نفسه للسفر مما يجعل التقليد قوية جدا.

شهادات آباء الكنيسة:
أ. بابياس:
أقرب اشارة الى ان القديس متى كتب شيء من بابياس (papias): "بدلا من [الكتابة باللغة اليونانية]، رتب متى الاقوال باللهجة العبرية، وكل رجل ترجمها كلما كان قادرا." وهنا توجد بعض النقاط فيما أشار إليه بابياس وقد يكون من المفيد، في هذا المكان، توضيح ذلك:
(1) "الاقوال" (τὰ λογία) = إنجيل متى باللغة العبرية [ثم ترجم الي اليونانية]
(2) بابياس لا يتحدث عن اللغة العبرية، لكنه يستخدم لفظ ( διαλέκτος) والتي تعني "الطريقة الأدبية".اي ان القديس متى كتب انجيله باليونانية ولكن بالاسلوب والطريقة الخاصة التي يفهمها العبرانيون وبالتالي فان القديس متى رتب الانجيل متوافق مع النظرة اليهودية المسيحية. [لاحظ عدد اقتباسات القديس متى من العهد القديم].

ب. ايريناوس:
بعد بابياس، كتب القديس إيريناوس: "كتب متى أيضا الإنجيل بين العبرانيين في لهجتهم الخاصة بهم، في حين أن بطرس وبولس كانا يكرزان بالبشارة في روما وتأسيس الكنيسة".

ومن الواضح أن إيريناوس حصل على هذه المعلومة من بابياس ويضيف نقطتين هنا:
(1) كان الشعب المستمع لانجيل متى من اليهود (أو اليهود المسيحيين).
(2) في وقت كتابة انجيل متى كان اثناء وجود بطرس وبولس في روما.

ج. اوريجانوس:
وفي وقت لاحق، قال أوريجانوس أن القديس متى كتب الإنجيل باللغة العبرية اصلا. وهنا اوريجانوس لا يضيف شيئا إلى ما قاله بابياس، اما بعد أوريجانوس، يوسابيوس، جيروم، وأوغسطين وغيرهم فقد اكدوا نسب الانجيل الاول للقديس متى.

اخيرا ان شهادة الادلة الخارجية المبكرة عامة وشائعة جدا من حيث ان القديس متى كتب شيئا يختص بحياة الرب يسوع المسيح.

د. الاقتباسات من انجيل متى:
وأضافة الى هذه الشهادة الصريحة نجد الاقتباسات من إنجيل متى في كتابات الآباء الاولين. وقد اقتبس من انجيل متى في وقت مبكر من 110 م في كتابات القديس اغناطيوس مع وجود تدفق مستمر من الاستشهادات الآبائية بعد ذلك. وعليه فقد تم التعامل مع انجيل متى كمصدر قانوني وموثق لحياة الرب يسوع المسيح.

لماذا القديس متى؟!!
وينبغي أن يضاف تعليق واحد نهائي حول الأدلة الخارجية حيث انه لا يوجد سبب واضح يفسر لماذا القديس متى بالذات وليس اي رسول أخر ينسب له نص الإنجيل الأول. في الواقع، لم يكن فقط القديس متى بأي حال من الأحوال أبرز الرسل، كما انه ايضا لا يبدو كفء في ان يكتب إلى اليهود والمسيحيين،وذلك في ضوء مهنته السابقة.

ألا يمكن أن يكون القديس اندراوس او القديس فيليبس أو بارثولوماوس من المرشحين الاكثر احتمالا؟؟ ما هو مثير للإعجاب بالذات هو أن القديس متى ومتى وحده هوالشخص الوحيد المنسوب له كتابة الإنجيل الأول.

(2) الادلة الداخلية:
وفيما يلي سبعة نقاط من الادله الداخلية التي تشيرالى ان :
أولا: الكاتب كان يهوديا
ثانيا: أنه القديس متى.

أ. الالمام بتاريخ وجغرافية الامة اليهودية:
ان الكاتب على دراية بجغرافيا المكان (راجع متى 2: 23) والعادات اليهودية (راجع متى 1: 18-19) والتاريخ اليهودي (حيث يسمي هيرودس أنتيباس "رئيس ربع" بدلا من "الملك"). انه يعرض اهتمام بالغ بشريعة العهد القديم (راجع متى 5: 17-20) ويضع التركيز على الارساليات التبشيرية للأمة اليهودية كما في متلا الاصحاح العاشر. ... ان الدليل قوي جدا على ان الكتب يهودي معاصر للاحداث.

ب. التلميحات السامية في اللغة:
هناك عدد من آلاثار السامية في إنجيل متى، ومنها الاستخدام المكثف (τότε) حبث وجد 89 مرة بالمقارنة مع انجيل مرقس (6) ولوقا (15)، والتي ترجع الى اصول عبرية (אז) كما ان هناك استخدام للجمع الغير محدد (راجع متى 1: 23, 7: 16) ويفهم من ذلك أن الكاتب كان يهودي وان مصادره سامية وهي جزء لا يتجزأ من نسيج إنجيله.

ج. اقتباسات العهد القديم:
وأشار العالم جاندري (Gundry) باقتدارالكاتب في كيفية استخدم نص العهد القديم خصوصا في صيغة الاقتباسات. على الرغم من أن هناك العديد من استشهادات العهد القديم تتوافق مع الترجمة السبعينية الا ان صفاته التمهيدية الخاصة (التي لا توجد في أي من مرقس أو لوقا) تبدو ترجمة حرة للنص العبري وإذا كان الأمر كذلك، فان مؤلف على الأرجح هو يهودي . وعلاوة على ذلك، فانه يدل على المام كبير بالتفسير اليهودي المعاصر للاحداث .

د. الهجوم على الفريسيين:
انجيل متى يهاجم الفريسيين وقادة اليهود الاخرين اكثر من انجيل مرقس او لوقا فارن (متى 3: 7, 16: 6 , 11, 12 والاصحاح 23) وربما يرجع السبب في ذلك هو مدى قساوة هؤلاء الفريسيين للعشارين (جامعي الضرائب) حيث ينعتوهم بالخطاة والوثنيين.


هـ. الاستخدام المتكرر للارقام:
ان استخدام الكاتب المتكرر للأرقام يبدو طبيعي وذلك في ضوء مهنة الكاتب "عشار" (جامع ضرائب). وهو يقسم الفقرات إلى:
- ثلاثة أجزاء كما في : سلسلة الأنساب وثلاثيات المعجزات في (الاصحاحات 8-9).
- خمسة أجزاء: خمس عظات كبيرة للرب يسوع، مع نفس الصيغة الختامية كما في (متى 7: 28 , 11: 1, 13: 53, 19: 1, 26: 1)
- ستة تصويبات على إساءة استخدام شريعة العهد القديم (في الاصحاح 5)
- سبعة ويلات والأمثال (الاصحاح 13)

و. التنويه الي المال:
وهناك حجة أكثر ثقلا وهي إشارة الكاتب المتكررة إلى المال. في الواقع أكثر من الاناجيل الأخرى. فهو يستخدم مصطلحات نقدية فريدة مثل "الدراهم" في متى 17: 24 و"الاستار" في متى 17: 25 و"الوزنات" في متى 18: 24 والاصحاح 25 والكاتب وحده يتحدث عن "الذهب والفضة".

كما ان انجيل متى يحتوي على اثنين من الأمثال الوحيدة على الوزنات ويستخدم مصطلحات جامع الضرائب مثل "الديون" كما في متى 6: 12 "ما علينا" بينما بالنص الموازي في انجيل لوقا يقرأ "خطايانا" ومصطلح "الصيارفة" في متى 25: 27.والنتيجة الاكثر معقولية لهذا هو أن الكاتب كان على دراية تامة بالمال.

ز. دعوة لاوي:
كل من انجيل مرقس 2: 14 وانجيل لوقا 5: 27-28 يتحدثان عن دعوة "لاوي" بينما انجيل متى 9: 9 يدعوه "متى". وقوائم اسماء الرسل يشيرون اليه باعتباره "متى" (متى 10, مرقس 3, لوقا 6, اعمال 1) والملاحظ هنا ان انجيل متى هو الوحيد الذي يدعوه بالعشار في قائمة اسماء الرسل. وهنا يبدو ان الكاتب يظهر تواضعاً.

وعلى الاقل هنا نجد ان انجيل متى هو الانجيل الوحيد الذي يعرف شخصية العشار (جامع الضرائب) الذي دعاه الرب يسوع متى الرسول. ان السبب الاكثر منطقية هنا هو ان الكاتب يعرف شخصيته.

واجمالا فانه اذا اخذت جميع اعتبارات الدليل الداخلي السابقة فانها توجد انطباع تراكمي يجعل كاتب انجيل متى يهودي فلسطيني وثنائي اللغة وعلى راية تامة بمصطلحات المال ويعرف نفسه بالانجيل. وهكذا فان الدليل الداخلي يدعم الدليل الخارجي الذي يؤكد ان الكاتب هو القديس متى.


(ثانياً) تاريخ تدوين انجيل متى:
هناك عدة عوامل تحدد تاريخ كتابة انجيل متى ومن اهمها:
(1) شخصية الكاتب
(2) الاناجيل الازائية
(3) تاريخ اعمال الرسل
(4) نبوة خراب اورشليم
(5) فئة الصدوقيون

(1) شخصية الكاتب:
في الواقع نحن لا نعرف زمان موت القديس متى او كم عاش من السنين؟ اقصى ما يمكن ان نصل اليه في هذه النقطة ان تاريخ تدوين انجيل متى كان بالقرن الاول الميلادي وليس بعد ذلك كما هو مؤكد من اقتباس القديس اغناطيوس وفي الديداكية والراعي لهرماس.


(2) الاناجيل الازائية:
في حلنا للمشكلة الازائية نجد ان متى ولوقا قد استخدما انجيل مرقس بشكل مستقل. والارجح هنا ان القديس متى لم يكن على علم بما كتبه القديس لوقا والعكس صحيح. لذلك ربما يكون قد كتب انجيل متى ولوقا في نفس الوقت تقريبا. واذا كان انجيل لوقا بؤرخ فيما بين 61-62م. فان انجيل متى في جميع الاحتمالات يجب ان يؤرخ بالمثل.

إذا أخذنا في الاعتبار قيمة الشهادة الآبائية فيما يتعلق بانجيل متى ومرقس (خاصة من بابياس وإيريناوس)، فتوجد ثلاثة استنتاجات لا بد من الانتباه لها:
(1) القديس متى كتب انجيل متى.
(2) القديس مرقس كتب إنجيله خلال فترة حياة بطرس.
(3) القديس متى كتب إنجيله عندما كانا بطرس وبولس في روما (حسب إيريناوس).

وعلى افتراض أولوية انجيل متى فان القديس مرقس يكون قد اعتمد على متى ولوقا وليس على بطرس ولكن على افتراض أولوية انجيل مرقس يكون كل شيء مناسب:
1. القديس مرقس كتب انجيله ربما في وقت ما في خمسينات القرن الاول (وفي وقت ما خلال حياة بطرس).
2. استخدم القديس متى إنجيل مرقس كإطار لكتابة انجيله.
3. كتب متى إنجيله في ستينات القرن الاول (المرة الوحيدة عندما كان كل من بطرس وبولس في روما معا).

(3) تاريخ اعمال الرسل:
ان تاريخ اعمال الرسل يشير الى تاريخ انجيل لوقا وانجيل مرقس اكثر من انجيل متى. لكن يكفي ان نقول هنا انه لو كان تاريخ اعمال الرسل يرجع لعام 62م. وليس بعد ذلك فان انجيل لوقا ومرقس لابد ان يسبقا هذا التاريخ (حسب فرضية أولوية انجيل مرقس).

ولان متى لم يكن يعلم بانجيل لوقا فانه من المعقول ان نستنتج ان متى كتب انجيله في نفس وقت انجيل لوقا (حيث انه كلما تأخر انجيل متى تقل عدم معرفة متى بانجيل لوقا).

(4) نبوة خراب اورشليم:
ان نبوة الرب يسوع بخراب الهيكل وتدمير اورشليم في متى الاصحاح 24 تجعل تاريخ انجيل متى قبل عام 70م.

(5) فئة الصدوقيون:
اخيرا هناك مشاعر مضادة للصدوقيون تتخلل انجيل متى حيث "يسجل متى المزيد من التحذيرات ضد الصدوقيون اكثر من جميع اسفار العهد الجديد مجتمعة.
ولم تعد طائفة الصدوقيون مركزا للسلطة بعد عام 70م."
"يا اولاد الافاعي" (متى 3: 7) [معمودية يوحنا]
"تحرزوا من خمير الفريسيين والصدوقيين" (متى 16: 6) [تعليم الصدوقيون]
"تضلون اذ لا تعرفون الكتب" (متى 22: 29) [قيامة الاموات]

وفي الواقع فان هذا الشعور المضاد للصدوقيون يصعب جدا توضيحه اذا كان قد تم تدمير الهيكل وانمحى تاثير الصدوقيون. فقط اعطاء تاريخ كتابة انجيل متى قبل سنة 70م. يعزز ويبرر ذلك.

ونختم بالنقاط التالية:
1. القديس متى اعتمد على انجيل مرقس وعليه لا يمكن ان يؤرخ قبل خمسينات القرن الاول.
2. اذا كان تأريخ لوقا سنة 62م. فان متى ربما كتب فيما بين (60-65)م.
3. كتب القديس متى انجيله قبل اندلاع التمرد اليهودي اواخر 67م. حيث يناشد القارئ بالفرار من اورشليم.

لذلك فان افضل ترجيح لتأريخ انجيل متى في اوائل ستينات القرن الاول. وهذا ما اكده ايريناوس بان متى اتم عمله عندما كان كل من بطرس وبولس في روما فيما بين (60-64)م.

(ثالثاً) مكان ووجهة تدوين انجيل متى:
يكاد يكون من المؤكد ان إنجيل متى كتب في فلسطين أو سوريا، وجمهور علماء العهد الجديد يتفقون مع هذا الرأي. كذلك، كانت وجهة انجيل متى هى نفس مكانها الأصلي.
أسباب اختيار سورية/فلسطين هي على النحو التالي:

1. أقرب الاقتباسات من انجيل متى هي للقديس اغناطيوس، أسقف أنطاكية في سوريا، مما يعني أنه كان معروفا في تلك المنطقة من الازمنة المبكرة.
2. بيان بابياس ان القديس متى كتب بلسان عبري يبدو انه يقتضي هذا.
3. على الرغم من انجيل متى كتب باللغة اليونانية الا ان هذا لا ينفي الاصل الفلسطيني/السوري للانجيل حيث كانت فلسطين ثنائية اللغة في القرن الاول الميلادي.

ومع ذلك، إذا كنا نرى بيان بابياس يجب أن يكون هناك سبب لماذا كان واحدا في الآرامية والآخر باللغة اليونانية. التفسير الأكثر منطقية هو أن انجيل متى كتب بلغتين الأول بالعبري للشعب اليهودي بفلسطين والآخر باليونانية في سوريا.

4. ان طبيعة انجيل متى اليهودية تعطي سببا قوياً لمكان التدوين فلسطين/سورية كما يؤكد ان الانجيل موجه للشعب اليهودي (حيث ان القديس متى يعتمد على معرفة القارئ للتقاليد اليهودية مثل الاشارة الى:
i. "القبور المبيضة" في متى 23: 27,
ii. "اهداب الثوب" في متى 9: 20,
iii. "قربان المذبح" في متى 5: 23.

وباختصار نجد ان الاعتبارات المذكورة أعلاه تشير الى أن فلسطين هى مركز تدوين انجيل متى وأن سوريا كانت وجهة الإنجيل النهائية.



-
-
-
اعداد: lll athenagoras lll
مايو 2016
-
-
 

myname2010

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
30 مايو 2007
المشاركات
56
مستوى التفاعل
10
النقاط
0
-
-
-
يتبع
-
-
انجيل مرقس


(أولاً) شخصية كاتب انجيل مرقس:
وهناك نوعين من الأدلة يمكن النظر اليها إذا أردنا التوصل إلى نتيجة حول صاحب الإنجيل الثاني:
(1) الأدلة الخارجية.
(2) الادله الداخلية.

(1) الادلة الخارجية:
كما هو الحال مع إنجيل متى، لا توجد مخطوطات لنص انجيل مرقس تؤكد ان الكاتب أي شخص آخر غير القديس مرقس . كما هو الحال مع انجيل متى فهذا يعتبر إثبات نسبة الانجيل للقديس مرقس.


شهادات اباء الكنيسة الاوائل:
يقول العالم جوثري ان الشهادة المسيحية المبكرة قوية جدا ومن وقت مبكر بأن القديس مرقس هو كاتب هذا الإنجيل وقد استشهد بذلك بابياس، إيريناوس، وقانون المخطوطة الموراتورية وكليمندس الاسكندري وترتليان ، اوريجانوس، وجيروم. وعلاوة على ذلك، فان هذه الشهادة عامة في ربط هذا الإنجيل مع بطرس.على سبيل المثال، كتب بابياس ما يلي:

بابياس:
"وقال الشيخ (يوحنا): صار مرقس مترجماً لبطرس كلما تذكر (بطرس) كتب (مرقس) بدقة كل ما قاله او فعله الرب وان كان بغير ترتيب. كونه لم يسمع الرب ولا تبعه لكنه جاء لاحقاً حيث قال (الشيخ) مشيراً لبطرس الذي تعلم كلما دعت الحاجة. لكنه لم يكن يعلم وفقاً لترتيب اقوال الرب. لذلك لم يخطئ مرقس عندما كتب ما تذكره. حيث حدد هدفاً واحداً ان لا يترك شيئاً مما سمعه والا يشوه اي من كلمات بطرس"


ما هو جدير بالملاحظة حول هذه الشهادة الخارجية هى أن القديس مرقس كان لاعبا رئيسيا في العهد الجديد. ومن المشكوك فيه، بالتالي، أن اسمه تم اختياره من فراغ. وعلاوة على ذلك، امتناع اباء الكنيسة عن القول أن هذا هو إنجيل بطرس.

(2) الادلة الداخلية:
أ. اتصل يوحنا مرقس بالقديس بطرس في الفترة ليست متأخراً عن منتصف اربعينات القرن الاول الميلادي (قارن اعمال الرسل 12: 12). ان الكنيسة المبكرة قد ترددت على منزل والدته مما يدلل على ان القديس مرقس قد قبل تعاليم بطرس عن يسوع الناصري.

ليس هذا فقط لكن اعمال الرسل المح الى ان بطرس والكنيسة الاولى قد قضت وقتاً في منزل مرقس. لذلك احتمال ان الكنيسة المبكرة اجتمعت هناك من منتصف ثلاثينات القرن الاول الميلادي وما بعد.

ب. بعد انضمام بولس وبرنابا في اول رحلة تبشيرية (اعمال الرسل 13: 4) نجد ان مرقس قد عاد الى اورشليم قبل اتمام الرحلة (اعمال 13: 13). وربما استقر في اورشليم حتى انعثاد مجمع اورشليم الذي بت في وضع مسيحي الامم. ثم ذهب الى انطاكية حيث رافقه برنابا الى قبرص (اعمال الرسل 15: 37-39). مما يعني انه اقتبل المزيد من تعاليم بطرس.

ج. يصمت اعمال الرسل عن علاقة بطرس ومرقس بعد هذه المرحلة الا انه بالطبع هناك احتمال تواصل بينهما حيث انهما كانا على اتصال بمدينة اورشليم وانطاكية.

د. ان بولس ارسل مرقس من روما الى كنيسة كولوسي والى فليمون في الفترة (60-62)م. وبالتالي اذا كان بطرس في روما خلال تلك الفترة فان القديس مرقس بالتأكيد كان علبى اتصال بالقديس بطرس.

هـ. وفي (تيموثاوس الثانية 4: 11) نجد ان القديس بولس ارشد تيموثاوس ليجلب مرقس معه من افسس الى روما حوالي عام 62م. مما يعني فرصة اخرى لتقابل بطرس ومرقس بروما.

و. مرقس مع بطرس مرة اخرى في روما حوالي عام 65م. (بطرس الاولى 5: 13). وهنا نحصل على انطباع مؤكد بان مرقس عاد لروما بناء على طلب بولس واستمر هناك عنما كتب بطرس الرسول رسالته الاولى.

وبالاضافة الى ما سبق فان حقيقة ان بطرس يدعو مرقس "ابني" (بطرس الاولى 5: 13) يوضح الى اي مدى كانت العلاقة بين بطرس ومرقس.

واجمالا نجد ان القديس مرقس كان على علاقة وثيقة بالقديس بطرس استمرت الى ما لا يقل عن عشرة او عشرين سنة قبل ان يكتب مرقس انجيله. كما انه في ذات الوقت كان على علاقة مقربة ومستمرة بالقديس بولس وبرنابا. هذه الرابطة المزدوجة وضعت القديس مرقس في موقف فريد من نوعه من اجل كتابة انجيله للامم وذلك بدافع من ارسالية بولس واستنادا على تعاليم بطرس.


وفي الختام لا يوجد سبب للشك في ان يوحنا مرقس رفيق بطرس وبولس كتب الانجيل الذي يحمل اسم مرقس. الدليل الخارجي من المخطوطات وشهادة اباء الكنيسة الاولين هى بالاجماع والادلة الداخلية تأكد صحة ذلك.

(ثانياً) تاريخ تدوين انجيل مرقس:
ان تحديد تاريخ كتابة انجيل مرقس يرتبط بادلة خارجية واخرى داخلية.

(1) الادلة الخارجية:
* ليست فقط ادلة اباء الكنيسة تدعم شخصية كاتب انجيل مرقس ولكن ايضاً تربط بين مرقس وبطرس. وبابياس هو اول من اشار الى هذا الارتباط ومن المهم ان نلاجظ بعض مميزات بيان بابياس:
1. قال بابياس انه تلقى معلوماته من "الشيخ". الشخص الوحيد الذي دعى "الشيخ" بصيغة المفرد هو القديس يوحنا
2. قال بابياس ايضاً ان مرقس سجل كافة تعاليم بطرس بينما كان بطرس لا يزال على قيد الحياة.

* كليمندس الاسكندري يؤكد بيان بابياس بان القديس مرقس هو كاتب انجيله اثناء حياة بطرس لكنه يضيف ان مرقس كتب انجيله للمسيحين في روما. وهذا يوحي بان كليمندس اقتبس بعض معلوماته من بابياس لكنه ايضاً اقتبس من مصادر اخرى. لذلك تعتبر شهادة كليمندس الاسكندري شهادة مستقلة بشأن ما كتب القديس مرقس.

• ايريناوس قال انه بعد موت بطرس وبولس كتب لنا مرقس الرسول تسليم بطرس" . بالرغم من ان غالبية العلماء يعتقدون ان ايريناوس كان صحيحاً بخصوص انجيل مرقس كونه كتب بعد موت بطرس وبولس الا انهم يرفضون شهادته بخصوص انجيل متى كونه كتب اثناء حياة بطرس وبولس.


ويمكن تلخص الدليل الخارجي المبكر على النحو التالي:
1. هناك شهادة عامة بان مرقس حصل على مادته للإنجيل من بطرس.
2. هناك أدلة متضاربة حول زمن جمع هذا الإنجيل، سواء قبل أو بعد وفاة بطرس.



وهنا يقول دانيال والاس بانه يمكن تلخيص الادلة الخارجية بان مرقس كتب انجيله بينما كان بطرس لا يزال حياً وقبل كتابة انجيل متى اعتماداً على المشكلة الازائية .

(2) الدليل الداخلي:
هناك عدة مسارات للنظر بشان تأريخ تدوين انجيل مرقس. في بعض النواحي خارج انجيل مرقس ولكن من خلال العهد الجديد (راجع انجيل متى والمشكلة الازائية).

i. حلنا للمشكلة الازائية يكمن في ان انجيل مرقس يجب ان يؤرخ قبل انجيل متى ولوقا. وذلك لان متى ولوقا اعتمدا على انجيل مرقس في كتابة انجيليهما.
ii. يعتقد غالبية الباحثين باولوية انجيل مرقس وانه كتب مع بداية التمرد اليهودي. لذلك فاذا تم تأريخ انجيل متى ولوقا قبل عام 66م. فان انجيل مرقس لابد ان يسبقهم ببعض الوقت. وكما يقول جوثري (Guthrie) فان مفتاح اللغز في عبارة "رجسة الخراب" (مرقس 13: 14) حيث يصف الحدث بشيء من الغموض حتى انه من المعقول ان نقول بان النبوة قيلت قبل الاحداث الفعلية .
iii. واخيرا كما يقول العالم "لان" (Lane) فان انجيل مرقس لابد له من سبب فعال مثل اضطهاد نيرون كما يرى هو وغالبية العلماء.

وخلاصة القول فان انجيل مرقس يجب ان يؤرخ بمنتصف خمسينات القرن الاول وقبل انجيل لوقا والذي يؤرخ بدوره ليس متأخراً عن عام 62م.

(ثالثاً) مكان ووجهة تدوين انجيل مرقس:
وهناك أدلة قوية على أن القديس مرقس كتب انجيله للمسيحيين غير اليهود (الامم) الذين يعيشون في روما . في جميع الاحتمالات، فان القديس مرقس قد عاش هناك. ليس فقط الدليل الخارجي قوي ولكن الادله الداخلية أيضا كما في التالي:
(1) القديس مرقس يفسر العادات اليهودية (راجع مرقس 7: 3-4).
(2) القديس مرقس يترجم التعبيرات الآرامية إلى اليونانية (راجع مرقس 3: 17, 5: 41, 10: 46).
(3) القديس مرقس يترجم التعبيرات اليونانية الى اللاتينية على سبيل المثال:

(مرقس 12: 42) يشير إلى اثنين من النقود النحاسية "فلسي الارملة" (lepta) وهي عملة منتشرة في فلسطين ويساويان "ربع" وهي عملة لاتينية = (quadrans) لم تكن متداولة في الشرق !!.

ايضاً (مرقس 15: 16) "القصر" وهو دار الولاية (πραιτώριον) وهى مصطلح لاتيني = (praetorium).
-
-
-
 

myname2010

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
30 مايو 2007
المشاركات
56
مستوى التفاعل
10
النقاط
0
-
-
-
يتبع ...
-

انجيل لوقا/أعمال الرسل

(أولاً) شخصية كاتب انجيل لوقا:
وهناك نوعين من الأدلة يمكن النظر اليها إذا أردنا التوصل إلى نتيجة حول صاحب الإنجيل الثالث/اعمال الرسل:
(1) الأدلة الخارجية.
(2) الادله الداخلية.

(1) الادلة الخارجية:
كما هو الحال في الانجيلين متى ومرقس نجد انه لا توجد مخطوطات للانجيل الثالث التي تحتوي نص لوقا/اعمال الرسل تؤكد نسبة النص لاي شخص آخر غير القديس لوقا.

التأكيد على نسبة الانجيل الثالث للقديس لوقا موجود في كتب المهرطق مركيون وفي كتابات ايريناوس , كليمندس الاسكندري, واوريجانوس, ترتليان, يوسابيوس والقديس جيروم.

هذه الشهادات لا تثبت نسبة الانجيل للقديس لوقا ولكن تنسب سفر اعمال الرسل ايضاً للقديس لوقا.

وهكذا فان الادلة الخارجية مبكرة وتتميز بالاجماع على حد سواء . وكما هو الحال مع انجيل مرقس وبالرغم من هذا الاجماع نجد ان لوقا ايضا لم يكن من التلاميذ الاثنى عشر.


دليل آخر هام للغاية هنا هو المخطوطة البيزية (D=Cantabrigiensis) وتتميز هذه المخطوطة بميل لاهوتي نادر في انجيل لوقا وسفر اعمال الرسل فقط!! دون بقية الاناجيل.

ولان المخطوطة تضم الاربعة اناجيل واعمال الرسل فلا يمكن ان تعزو هذه الظاهرة لناسخ المخطوطة والا كانت ستظهر في باقي الاناجيل الاخرى ولا يمكن ان تنسب للقديس لوقا نفسه كون المخطوطة (D) من النص الغربي (Western text) الذي يعد ثانوياً بالنسبة لمخطوطات النص الاسكندري (Alexandrian) .

وبالتالي فان هذا الميل اللاهوتي يرجح نسبته لناسخ مبكر نسخ انجيل لوقا وسفر اعمال الرسل فقط في كتاب واحد!! والملفت للنظر هنا ان الاناجيل الاربعة كانت تنسخ معاً في المخطوطات القديمة منذ منتصف القرن الثاني الميلادي تقريبا ً.

وهنا يمكننا ان نخلص الى ان اباء الكنيسة الاولين كانوا يعتبرون انجيل لوقا واعمال الرسل كتابين لمؤلف واحد!!


(2) الادلة الداخلية:
وهناك ثلاث فئات من الأدلة الداخلية التي تثبت بالأدلة الخارجية:
i. وحدة كاتب انجيل لوقا وأعمال الرسل.
ii. الكاتب كان رفيقا للقديس بولس.
iii. الأدلة غير المباشرة.

1. وحدة كاتب انجيل لوقا واعمال الرسل:
هناك خمسة حجج يستخدمها جوثري لإظهار التحرير مشترك للسفرين:
(1) السفرين موجهين لنفس الرجل = ثيوفيلوس.
(2) اعمال الرسل يشير إلى انجيل لوقا.
(3) يحتوي السفرين على أوجه التشابه القوية في اللغة والاسلوب.
(4) كلاهما يحتوي على اهتمامات مشتركة.
(5) أعمال الرسل يستكمل انجيل لوقا بشكل طبيعي.

يمكننا ان نستنتج بكل أمان ان الديل الداخلي قوي جدا لربط السفرين كعمل لرجل واحد وهو الاستنتاج الذي يشكك فيه عدد قليل من العلماء.

وبالإضافة إلى ما سبق هناك حجة سادسة يمكن استخدامها:
*هناك فقرات متوازية ملحوظة في تركيب ومحتوى انجيل لوقا وأعمال الرسل.
لنأخذ مثالا واحدا: ليس فقط رحلة الرب يسوع إلى أورشليم بالمقارنة مع القديس بولس، ولكن أيضا الأحداث التي تمت عندما وصل كلاهما المدينة ومن امثلة ذلك :
1. الرب يسوع (انجيل لوقا) والقديس بولس (اعمال الرسل) استقبلهما الشعب اثناء دخول المدينة (لوقا 19: 37, اعمال 21: 17).
2. كلاهما دخل الهيكل (لوقا 19: 45, اعمال 21: 26).
3. لم يؤمن الصدوقيون بالقيامة في الموقفين (لوقا 20: 27, اعمال 23: 6).
4. كلاهما كسر الخبز (لوقا 22: 19, اعمال 20: 11)
5. تم القبض عليهما (لوقا 22: 54, اعمال 21: 30)
6. كلاهما ضرب ولطم اثناء المحاكمة (لوقا 22: 64, اعمال 23: 2)

ان استنتاج تالبرت (Talbert) "استنتاج لا يقاوم" حيث يعتبر هذا النمط التركيبي في التوافق بين انجيل لوقا وأعمال الرسل في المحتوى والتسلسل في العديد من النقاط يرجع الى ان محرر النصين شخص واحد (القديس لوقا)".

2. يثبت أن محرر السفرين مرافقاً للقديس بولس:
الفقرات التي تتضمن كلمة "نحن" في سفر أعمال الرسل (16: 10-17؛ 20: 5-15؛ 21: 1-18؛ 27: 1-28: 16)، تشير الى مصاحبة لوقا الانجيلي للقديس بولس. ومن امثلة ذلك:
(1) الانضمام الأول مع بولس في فيلبي [وفي ترواس].
(2) ظهوره من جديد اثناء عودة بولس إلى فيلبي.
(3) رافق الرسول في رحلته نحو اورشليم وبقاءه مع فيليبس في قيصرية.
(4) القديس لوقا يرافق بولس الرسول في رحلته لروما وحضر غرق السفينة معه.
كما انه لا يمكن ان يكون احد هؤلاء المذكورين في هذه الفقرة (سيلاس، تيموثاوس، سوباتر، ارستارخوس، سكوندس، غايوس، تيخيكس، تروفيموس).



3. الادلة غير المباشرة:
هناك أربع فئات رئيسية من الأدلة غير المباشرة التي تدعم تحرير القديس لوقا لانجيله واعمال الرسل:
أولا: في رسائل بولس اثناء سجنه هناك عدد من الذين كانوا مع بولس بينما كان في السجن الروماني. وهناك دليل واضح أن كاتب "لوقا-أعمال" كان واحدا منهم.

ثانيا: لم يذكر اسم لوقا في أي من رسائل الرحلات الثانية والثالثة (تسالونيكي، غلاطية كورنثوس ورومية) ولكن لأن أيا منها لم يكتب خلال الفترة التي تغطيها الفقرة "نحن" فان ذلك يؤكد صحة التقليد.

ثالثا: وفقا لنص (كولوسي 4: 10, فليمون 24) نجد ان لوقا ومرقس كانا على اتصال وثيق مع بعضها البعض. على افتراض الأولوية انجيل مرقس للمشكلة الازائية فهذا يفسر كيف وصل لوقا الى إنجيل مرقس. ولكن هناك ايضاً سفر أعمال الرسل يحمل طابع مرقسي في الاصحاحات الأولى.

رابعا: كولوسي 4: 14 يدعو لوقا "الطبيب الحبيب".
في عام 1882 كتب هوبارت "اللغة الطبية في انجيل القديس لوقا" حيث قال أن متى ومرقس استخداما مصطلحات يومية شائعة بينما لوقا استخدم المصطلحات الطبية في معجزات شفاء الرب يسوع.

وعلاوة على ذلك، عندما نقارن بين (مرقس 5: 26, مع لوقا 8: 43) أن القديس مرقس ركز على حالة المرأة "بل صارت الى اردأ" بينما لوقا يركز على فشل الاطباء "لم تقدر ان تشفى من احد".

وباختصار، فإن الأدلة الداخلية بالتأكيد في صالح نسبة الانجيل والاعمال للقديس لوقا.
واذا كان لوقا قد كتب الإنجيل الذي يحمل اسمه، ما الذي نعرفه عنه؟
الاول: انه كان على الأرجح من غير اليهود (اممي) حيث ذكر بشكل منفصل عن "رجال الختان" في (كولوسي 4: 19).

الثاني: وربما كان من ترواس حيث ظهر لفظ "نحن" في سفر أعمال الرسل
وتقول "المقدمة ضد مركيون" لانجيل لوقا (بالمخطوطات اللاتينية) تضيف بعض المعلومات الهامة:
(1) كان لوقا مواطن من أنطاكية (Antioch) .
(2) انه كتب الإنجيل في أخائية (Achaea).
(3) لم يتزوج قط.
(4) وتوفي في عمر 84 في بوتية (Boetia).


ثانياً: تاريخ كتابة انجيل لوقا:
وهناك عدد من العوامل والافتراضات تؤثر في تحديد تاريخ كتابة انجيل لوقا.
ومن بين أهمها:
1. محرر الانجيل.
2. حل لمشكلة الاناجيل الازائية.
3. نبوة خراب الهيكل
4. تاريخ سفر اعمال الرسل.
على الرغم من ان معظم العلماء يؤرخونه فيما بين 80-90، الا ان استنتاجنا هو أنه يجب أن يؤرخ في وقت مبكر .

1. اذا كان القديس لوقا هو محرر انجيله فلا يمكن ان يؤرخ الانجيل في وقت متأخر جدا. حيث كان القديس لوقا شخص بالغ عندما انضم للقديس بولس الرسول في رحلته التبشيرية الثانية، وانه كان على الأرجح 30-50 سنة عندما كتب الانجيل.

2. في حلنا لمشكلة الاناجيل الازائية نجد ان لوقا ومتى استخدما بشكل مستقل انجيل مرقس. والأرجح أن القديس متى لم يكن على علم بانجيل لوقا، ولم يكن القديس لوقا على علم بانجيل متى.
إذا كان الأمر كذلك، فان كلاهما ربما كتبا في نفس الوقت تقريبا.
وإذا كان انجيل القديس متى يؤرخ فيما بين 60-65 م، ثم لوقا في جميع الاحتمالات يجب أن يؤرخ بالمثل.

3. طبقا لنبوة الرب يسوع عن خراب الهيكل وتدمير مدينة اورشليم فيمكن تحديد موعد تحقيق النبوة (قبل عام 70م) بانجيل لوقا (كما كان الحال بالنسبة لانجيل متى ومرقس).

4. تاريخ سفر اعمال الرسل هو بطبيعة الحال اقوى دليل في تأريخ انجيل لوقا حيث يجب أن يسبق تأريخ كتابة انجيل لوقا سفر اعمال الرسل. فان انجيل لوقا كتب ليس بعد 62م.

في الوقت نفسه يجب أن نسأل كم في الوقت سبق انجيل لوقا سفر الأعمال؟؟!. في رأينا كتب السفران متزامنين عملياً لأنهما بلا شك قد كتبا على اللفائف (scrolls) . وعادة، كانت أطول اللفائف المستخدمة في النسخ حوالي خمسة وثلاثين قدما.

 وبالمناسبة، فهناك احتمال كبير أن انجيل مرقس كان مكتوباً على لفافة مما يبطل فكرة أن نهاية إنجيله فقدت بطريقة ما. بل كان القديس مرقس يقصد نهاية انجيله عند حد العدد 16: 8
[سيكون من المستحيل فقدان الفقرة (مرقس 16: 9-20) حيث ان نهاية الانجيل ستكون محفوظة في اخر اللفافة]

واذا كان انجيل لوقا وأعمال الرسل يأخدا اكثر من خمسة وعشرين قدما كل منهما على حدة وبالتالي لا يمكن على الإطلاق كتابتهما على لفافة واحد!!.

هذه الحقيقة، إلى جانب الادلة الداخلية المتصلة بين السفرين تشير بقوة إلى أنهما كانا يقران عملياً كوثيقة واحدة كتبت في نفس الوقت تقريبا، وتحمل نفس الهدف.

في الختام، فان النقاط التالية يمكن أن تكون:
1. يعتمد لوقا على انجيل مرقس وبالتالي لا يجب أن يؤرخ في وقت سابق خمسينات القرن الاول الميلادي. حيث ان انجيل مرقس يحدد بداية المدى المرجح لكتابة انجيل لوقا.

2. لوقا لم يعرف ما عمله متى، ولا متى عرف ما عمله لوقا. وإذا كان انجيل متى يؤرخ فيما بين 60-65، فان انجيل لوقا ربما كتب في نفس الإطار الزمني.

3. انجيل لوقا كتب قبل بدء التمرد اليهودي حيث يتضمن الانجيل نبوة غير متحققة بعد.

4. إذا كان سفر اعمال الرسل يؤرخ 62 م، فان انجيل لوقا يجب يسبق ذلك التاريخ
على الرغم من ان كلاهما كانا نصفين من نفس العمل واستنتاجنا هو أن انجيل لوقا كتب قبل نهاية السجن الاول للقديس بولس فيما بين 61-62 م.

(ثالثاً) مكان ووجهة تدوين انجيل لوقا:
ان إنجيل لوقا معنون لشخص واحد ثيوفيلوس. ويسمى "العزيز" (κράτιστε) وهو مصطلح عادة ما يشير إلى مسؤول حكومي، أو على الأقل رتبة اجتماعية عالية.

ومن المحتمل ان يكون اسمه بشكل رمزي ("حبيب الله"، أو "المحبوب من الله")، كما لو كان المرسل اليه الحقيقي يحتاج إلى أن يكون مخفي لسبب ما.

وبما أن هذا الاسم كان مشهوداُ له الى ما يقرب من ثلاثة قرون قبل كتابة انجيل لوقا، فإنه قد يكون اسمه الحقيقي.
إذا كان ثيوفيلوس مسؤول الروماني، فانه بالتأكيد من غير اليهود (اممي) ومحتويات هذا الإنجيل، وكذلك اعمال الرسل يحملان شهادة بليغة من القراء غير اليهود. وفي أعمال الرسل، نجد ثيوفيلوس ليس فقط مسؤول الروماني لكنه ايضاً كان في روما.

على الرغم من أن )لوقا-أعمال( موجه إلى ثيوفيلوس، الا أن القديس لوقا ربما كان يقصد أن يكون هذا العمل منشوراً لجمهور أوسع نطاقا من رجل واحد. ان مقدمة كلا من الإنجيل وأعمال الرسل يحاكي كثير من مقدمات المؤرخين القدماء مما يوضح جليلاً انه يريد نشر هذه الأعمال. وهناك احتمال ان القديس لوقا كان يقصد الوثنيين الرومان.

في الواقع من الصعب تحديد إذا كان ثيوفيلوس مؤمنا أم لا!

واللفظ المفتاح هنا هو معنى كلمة (κατηχήθης) والتي تعني "علمت به" او "ابلغت عنه" اي تعلمته شفاهةً وهي من الاصل (κατηχέω) في [لوقا 1: 4]. ويمكن أن يشير هذا اللفظ إلى التعليم المسيحي راجع (أعمال الرسل 18: 25, غلاطية 6: 6)

ومن خلال فهمنا لهدف سفر اعمال الرسل نجد ان القديس لوقا يعد رسالة موجزة عن جلسة المحاكمة المقبلة للقديس بولس. فكان لوقا يريد مسؤولاً رومانياً متعاطفاً ويبدو انه اراد ان يشير الى أصول المسيحية.

-
-
-
 

myname2010

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
30 مايو 2007
المشاركات
56
مستوى التفاعل
10
النقاط
0
-
-
-

انجيل يوحنا

(أولاً) شخصية كاتب انجيل يوحنا:
وهناك نوعين من الأدلة يمكن النظر اليها إذا أردنا التوصل إلى نتيجة حول صاحب الإنجيل الرابع:
(1) الأدلة الخارجية.
(2) الادله الداخلية.

(1) الادلة الخارجية:
كما هو الحال مع الأناجيل الثلاثة نجد انه لا توجد مخطوطة واحدة تحتوي على نص انجيل يوحنا وتنسبه لشخص آخر غير القديس يوحنا . وهذا دليل ينسب الانجيل للقديس يوحنا وله سند متصل غير منقطع في وقت مبكر من الربع الأول من القرن الثاني.

في الواقع، إنجيل يوحنا فريد من نوعه بين الانجيليين وذلك لوجود برديات (Papyri) في وقت مبكر تحتوي نص انجيل يوحنا ومنها البرديتان (P66, P75) وتؤرخ بالقرن الثاني الميلادي و تشهد على نسبة الانجيل الرابع للقديس يوحنا. وبما أن هاتين المخطوطتين لا ترتبطان ارتباطا وثيقا ببعضها البعض، مما يعني أن لهما مصدر مشترك يسبقهما بما لا يقل عن ثلاثة أو أربعة أجيال من النسخ.

وعلاوة على ذلك، نجد ان المخطوطة "الفاتيكانية" (B=Vaticanus) والبردية (P75) ترتبطان ارتباطا وثيقا ولكن لا تعتبر البردية (P75) مخطوطة سلف (ancestor) بالنسبة للفاتيكانية وعليه فهذه الشهادة تشير الى مصدر نصي يسبق البردية (P75) بجيلين على الاقل!!

كل هذا يعني أنه من منذ بداية القرن الثاني، والإنجيل الرابع قد ارتبط بقوة بالقديس يوحنا الرسول.

شهادة اباء الكنيسة:
توجد شهادة القديس ايريناوس من انجيل يوحنا في القرن الثاني الميلادي. ويشير يوسابيوس الى أن إيريناوس تلقى معلوماته من القديس بوليكاربوس الذي بدوره حصل عليها من الرسل مباشرة.

جميع اباء الكنيسة بعد ايريناوس لم يشككوا في نسبة الانجيل الرابع للقديس يوحنا. كما ان قوائم الآباء وتشمل ترتليان، وكليمندس الاسكندري، واوريجانوس، وغيرهم تنسب الانجيل الرابع للقديس يوحنا.

ايضاً القائمة الموراتورية تشير ان القديس يوحنا قد كلف بكتابة انجيله بعد ان قبل القديس اندراوس رؤيا بذلك. وأخيرا، نجد ان المقدمة ضد مركيون تؤكد نسبة يوحنا لانجيله.

واضافة الى ما سبق نجد ان البردية (P52) وهى اقدم قصاصة لاي نص من العهد الجديد تحتوي على (يوحنا 18: 31-33, 37-38) وتؤرخ ببداية القرن الثاني الميلادي وايضاً البردية ايجرتون2 (Egerton2) ,وتؤرخ في نفس الوقت تقريبا، وهى معتمدة في نصها على كل من انجيل يوحنا والاناجيل الثلاثة (الازائية).

كما نجد أن التلميحات الآبائية المبكرة وأوائل البرديات توضح وفي وقت مبكر جداً استخدام انجيل يوحنا على نطاق واسع، وهي تعتبر شهادة ضمنية إلى قبول انجيل يوحنا من جانب الكنيسة. وحقيقة لا نجد في اي وقت من الاوقات هذا الإنجيل يحما اسم آخر غير القديس يوحنا.

واجمالا فإن الدليل الخارجي قوي جدا ينسب القديس يوحنا لانجيله كونه منتشراً على نطاق واسع وفي وقت مبكر.


(2) الدليل الداخلي:
يدرس مجموعتين من الادله الداخلية:
(1) الادلة الشهيرة للعالم وستكوت "البراهين المباشرة".
(2) الادلة غير المباشرة الأخرى التي تدعم نسبة الانجيل الرابع للقديس يوحنا.

البراهين المباشرة:
(1) الكاتب اليهودي:
يقتبس الكاتب من حين لآخر من النص العبري للعهد القديم مثل:
(يوحنا 12: 40 = اشعياء 6: 10)
(يوحنا 13: 18 = مزمور 41: 9)
(يوحنا 19: 37 = زكريا 12: 10)

وايضاً كان الكاتب على بينة بالأعياد اليهودية مثل عيد الفصح (يوحنا 2: 13, 6: 4, 11: 55) وعيد المظال (7: 37) وعيد التجديد "الحانوكا" (يوحنا 10: 22) وانه على بينة بالعادات اليهودية مثل ترتيب الأواني المياه (الاصحاح الثاني) وعادات الدفن (يوحنا 11: 38-44).

(2) الكاتب اليهودي من فلسطين:
كان يعلم الكاتب جيدا ببئر يعقوب في (يوحنا 4: 11) ويميز بين بيت عنيا وبيت عنيا عبر الأردن. باختصار نجد ان الكاتب مطلع بطوبوغرافية فلسطين (topography).

(3) الكاتب شاهد عيان مما كتبه:
قال الكاتب انه عاين مجد المسيح في (يوحنا 1: 14) وقد استخدام الفعل "راينا" (θεάομαι) التي تحمل دائما معنى "الفحص البدني" في العهد الجديد راجع قاموس (BAGD) ايضاً هناك اشارة الى انسحاب يهوذا في الليل (يوحنا 13: 16) واشارة اخرى الى وقت الساعة السادسة (يوحنا 4: 6) وما إلى ذلك.

(4) الكاتب هو احد الرسل:
لديه معرفة وثيقة ما حدث بين التلاميذ راجع حادثة عرس قانا الجليل والحوار مع السامرية ومعجزة مشي المسيح على البحر (يوحنا 2: 11, 4: 27, 6: 19) ... الخ

(5) الكاتب هو القديس يوحنا الرسول:
الكاتب منضبط جدا في ذكر أسماء الشخصيات في الانجيل. واذا كان كذلك فالسؤال اذن فلماذا حذف اسم يوحنا؟ "التلميذ الذي كان يحبه يسوع" إلا إذا كان هو نفسه يوحنا!!

وعلاوة على ذلك نجد يوحنا بن زكريا قد اتخذ لقب "المعمدان" في جميع الاناجيل الازائية كما في (متى 3: 1, 11: 11-12, 14: 2, 8, 16: 14, 17: 13, مرقس 6: 14, 24, 25, 8: 28, لوقا 7: 20, 28, 33, 9: 19)

بينما يذكر كاتب الانجيل الرابع اسم يوحنا المعمدان مجرداً "يوحنا" فقط بدون لقبه (يوحنا 1: 6) مما يعني أنه إذا كان ظهر اسم الكاتب في اثناء سرد نص الانجيل فانه بالقطع سيكون هو الكاتب نفسه ويجب أن يعطيه لقباً مميزاً مثل "التلميذ الحبيب" والا فهذا من شأنه أن يؤدي الى الارتباك.

الدليل غير المباشر:
بالاضافة الى البراهين المباشرة التي ذكرها العالم وستكوت (Westcott) فهناك الأدلة العرضية غير المباشرة ومنها:

(1) يستخدم الكاتب زمن المضارع السردي او التاريخي (historical or narrative present) أكثر من الإناجيل الأخرى (161 مرة) وهذه الطريقة اشارة الى حيويه التصوير. ينبغي أن نلاحظ استخدامه خاصة في الاصحاح الرابع وهذا يشير إلى ذكريات حية عن شاهد عيان.

(2) في قصة المولود اعمى وختام انجيل يوحنا (يوحنا 19: 35, 21: 24-25) نجد ان القراءة الطبيعية للنص تشير إلى أن احد شهود العيان كتب انجيل يوحنا.

(3) يظهر "التلميذ الحبيب" مع بطرس في عدة مناسبات منها: نجده ضمن مجموعة من سبعة في (يوحنا 21: 2) (بطرس, توما، نثنائيل، وابنا زبدي واثنان آخران) وهنا لابد انه احدا هؤلاء الأربعة تلاميذ الاخيرين الذين لم تعطى لهم اسماء ولان التلميذ يوحنا لم يظهر بالاسم في هذا الإنجيل (على الرغم من أنه ذكر عشرين مرة في الاناجيل الازائية).

وهنا يوجد احتمالين: إما أن كاتب هذا العمل لم يكن على علم تما بالقديس يوحنا الرسول وهو احتمال يبدو بعيد تماما. او انه هو شخصياً كان التلميذ يوحنا!!.

(4) وبعيداً عن تقليد الاناجيل الازائية فان حقيقة أن أكثر من 90٪ من مواد انجيل يوحنا فريدة من نوعها إلى جانب القبول المبكر من قبل الكنيسة، بالاضافة الى حقيقة أن انجيل يوحنا كان مستخدماً على نطاق واسع في الاوساط الغنوسية في وقت مبكر و لم تتخلى عنه الكنيسة الأرثوذكسية فهذا يدعم بشكل قاطع تماما أن الجميع اعترف بنسبة الانجيل الرابع للقديس يوحنا الرسول..

واجمالا فهناك العديد من الادلة الممتازة (الخارجية والداخلية) لقبول الإنجيل الرابع بأنه تم تحرير القديس يوحنا الرسول.

(ثانياً) تاريخ كتابة انجيل يوحنا:
يؤرخ معظم العلماء هذا الإنجيل فيما بين (90-100)م. ويمكن تلخيص الادلة المؤيدة لهذا التأريخ كما يلي:

(1) عادة يؤرخ الاباء الرسولين هذا الانجيل بعد الاناجيل الازائية الثلاثة (متى, مرقس, لوقا).

(2) الإشارة إلى اليهود على أنهم اعداء الرب يسوع يشير الى تاريخ متأخر أي الوقت الذي كان فيه اليهود صاروا أعداء للكنيسة.

(3) وبافتراض أن يوحنا استخدم الاناجيل الازائية الثلاثة (متى, مرقس, لوقا) وبافتراض أن لوقا ومتى حررا في عام 80 ميلادية فان انجيل يوحنا يجب أن يؤرخ في وقت لا يسبق عام 90م.

(4) عدم الإشارة إلى نبوءة تدمير الهيكل وخراب اورشليم فهذا يعطي تاريخ بعد عام 70م.

(5) اللاهوت المستخدم في انجيل يوحنا متقدم للغاية، وخاصة في علم الكرستولوجي (Christology) وهذا يفترض ان الانجيل الرابع لا يمكن ان يكون مكتوباً في ستينات القرن الاول الميلادي.

(6) الفكر الغنوسي الناشئ الذي حاربه القديس يوحنا في رسالته الاولى يقدم تأريخ يرجح بأواخر القرن الأول.

(7) الموضوع "معمودية الماء" في يوحنا 3، "العشاء الرباني" في يوحنا 6 تشير إلى تاريخ متأخر.

(8) في انجيل يوحنا (9: 22) قصة "الرجل الأعمى" الذي طرد من المجمع اليهودي هو إشارة ضمنية إلى طرد اليهود للمسيحيين، وهو الذي لم يحدث قبل عام 80م.

هذه الادلة الثمانية تعتبر ذات وزن كبير وقوية جدا وتؤيد التأريخ المتاخر لتحرير انجيل القديس يوحنا فيما بين عامي (90-100) ميلادي.

(ثالثاً) مكان ووجهة كتابة انجيل يوحنا:
هناك شهادة خارجية في وقت مبكر تضع انتشار هذا الإنجيل في أفسس
(كما في إيريناوس والمقدمة ضد مرقيون).

وهناك أيضا بعض الشهادات إلى أن يوحنا الرسول عاش بها السنوات الأخيرة من حياته في أفسس وهو الامر الأكثر قبولا.

وإذا كان أفسس هو مكان كتابة انجيل يوحنا فيطرح سؤالان:
(1) هل كان يوحنا في أفسس عندما تم نشر هذا الإنجيل؟؟ أم لا.
(2) ما هي بنية المتلقين؟

ويقول العالم دانيال والاس: "في رأينا أن القديس يوحنا قد انتهى من الجزء الأكبر من إنجيله بينما في فلسطين مضيفا الاصحاح الاخير وربما بعض اللمسات الاخيرة وما تبقى من العمل عند وصوله إلى أفسس" .

ان المتلقين لهذا الانجيل هم غير اليهود "الامم" إلى حد كبير. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال الإشارة إلى "اليهود" بأنهم أعداء للمسيح.

فضلا عن العديد من التفسيرات والتأويلات والتعليقات الجانبية التي من شأنها أن تكون غير ضرورية إذا كان الجمهور اليهودي.
راجع على سبيل المثال (يوحنا 1: 38, 41, 42, 5: 2)
-
-
انتهى
-
-
 
أعلى