لقداسة البابا شنودة الثالث

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus


أنت عضو في جسد المسيح، من لحمه وعِظامه




إن الكنيسة هي جسد المسيح، والمسيح رأسها. ونحن -جماعة المؤمنين- هم الكنيسة. إذن فنحن جسد المسيح (أف 4: 11). بل إننا "أعضاء جسمه، من لحمه ومن عظامه" كما يقول الرسول (أف 5: 30)

كل عضو فيك، هو عضو المسيح. ولذلك ففي كلام الرسول عن خطية الزنى قال "ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح. أفآخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء زانية؟! حاشا.." (1 كو 6: 15). فكيف نخطئ ونحن جسد المسيح؟! كيف نخطئ إلي الرب الذي يعتبرنا كشخصه تمامًا، كل ما يمسنا يمسه..؟! أليس أنه عندما عاتب شاول الطرسوسي، لم يقل "لماذا تضطهد المؤمنين". وإنما قال له "لماذا تضطهدني" (أع 9: 4)، لأنه يعتبرنا كشخصه تمامًا وعندما يطوِّب الرحماء في اليوم الأخير، سوف لا يقول لهم: أنتم أطعمتم الجياع وسقيتم العطاش، وإنما سيقول لهم "كنت جوعانًا فأطعمتموني، وعطشانًا فسقيتموني" (مت 25: 35). إلهنا هذا المحب، الذي يعتبرنا كشخصه تمامًا، كيف يمكن أن نخطئ إليه، ونجرح قلبه الحساس الحنون؟! إن الشخص الخاطئ، إنما يقطع ذاته المسيح، لأن جسد المسيح مقدس كله.. وعضويتنا في جسد المسيح يوضحها قوله "أنا هو الكرمة، وأنتم الأغصان" (يو 15: 5)، فعصارة الكرمة تصعد وتسري إلي الأغصان فتمنحها الحياة.. وكل غصن في الكرمة تكون له صورة الكرمة، وله ثمر الكرمة، وله طبيعة الكرمة، فهم صورة مصغره من الكرمة نفسها، وهو والكرمة شيء واحد. فهل أنت غصن حقيقي في هذه الكرمة الإلهية؟ وهل أنت تصنع ثمرًا يليق بغصن حي؟ إن المفروض في أغصان الكرمة أن تعطي ثمارًا تماثلها، أن تثمر عنبًا يفرح الرب به ويشرب من نتاجه جديدًا في ملكوته الآب (مت 26: 29). ماذا تظنه كان يقصد عندما قال للمرأة السامرية "أعيني لأشرب" (يو 4: 7). أتراه كان يريد منها ماءًا، أم كان يريد أن يشربها هي، كان عطشانًا إلي نفسها ليضمها إلي ملكوته. كان يريد أن يشرب من نتاج الكرمة، من عصيره الذي سكبه في قلب تلك المرأة.. فهل تسري فيك عصارة الكرمة أيها الأخ المبارك؟ هل تتمشي عصارتها في كل عروقك، وتجعلك تورق وتثمر عنبًا أم شوكًا؟ فإن كنت تعطي شوكًا، فلست إذن عضوًا في الكرمة. ويقينًا أن العصارة التي تسري فيك ليست هي من الكرمة.. اعلم إذن أن الغضب الذي لا يصنع ثمارًا، لا ينفع ولا يصلح بل يقطع ويلقي في النار (يو15: 6).. وإذا قطع، لا يصبح بعد عضوًا في الكرمة.. لقد انتهي أمره!! إن الإنسان السائر في الخطية، هو غصن معاند، قد رفض عصارة الكرمة، رفض أن تسري في عروقه، فجف وسقط، أو قطع وألقي في النار. أما الصالح، فهو علي العكس يفتح شرايينه جيدًا لكي تدخل فيها عصارة الكرمة، وبهذا ينتج ثمرًا فينقيه السيد الرب ليأتي بثمرًا أكثر..

ما هو نتائج الكرمة الذي تريد أن تشربه منا يا رب؟ هو تمركم، أريد أن تغذي بثماركم، بثمر الروح فيكم (غل5: 22). هذا الثمر هو عمل الله فيكم. هو نتجه تمشي عصارتي في عروقكم. من أجل هذا إن تذكرتم علي الدوام أنكم أغصان في كرمتي، وأعضاء في جسدي، فليس فقط سوف لا تخطئون، وغنما بالأكثر سوف تثمرون، وأفرح بثمركم. هل عرفت يا أخي مقدارك العظيم، أنت لست فقط عضوًا في جسد المسيح إنما أيضاَ: أنت الذي تتناول جسد الرب ودمه..
من
كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus

أحفظك حيثما تذهب، وأردك إلي هذه الأرض



أحفظك حيثما تذهب، وأردك إلي هذه الأرض (تك 28: 15).



ألقيت هذه المحاضرة في الكاتدرائية الكبرى بالقاهرة مساء الجمعة 3 / 6 / 1977.



أريد أن أقرأ لكم عبارة قالها الرب لأبينا يعقوب أبي الآباء ونأخذها مجالًا لتأملنا.. قال له الرب:

"وها أنا معك، وأحفظك حيثما تذهب". "وأردك إلي هذه الأرض".

"لأني لا أتركك، حتى أفعل ما كلمتك به" (تك 28: 15)


من حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus

فرح.. وفرح
البابا شنوده الثالث


هناك فرح تافه بأمور العالم الزائلة، ومتعها..

ومثلها فرح سليمان بكل تعبه الذي تعبه تحت الشمس (جا 3)، ومثلها فرح يونان باليقطينة بينما لم يفرح بخلاص نينوى. ومن هذا النوع فرح الابن الكبير بقوله لأبيه "وقط لم تعطني جديا لأفرح مع أصدقائي" (لو 15: 29)..

ومن الفرح الزائف، فرح بعض الناس بالمواهب:

كما فرح التلاميذ بإخراج الشياطين، فقال لهم الرب "لا تفرحوا بهذا، أن الشياطين تخضع لكم، بل افرحوا بالحري أن أسمائكم قد كتبت في ملكوت الله ".

ولعل أسوأ أنواع الفرح، الفرح بالألم:

وعن هذا قال الرسول "المحبة لا تفرح بالإثم" (1 كو 13)، كمن يفرح بضياع الناس وخسارتهم. وقد قال سليمان الحكيم "لا تفرح بسقوط عدوك" (ام 24: 17). وهذا الفرح الرديء يسمونه (الشماتة).

أما الفرح المقدس، فهو من ثمار الروح (غل 5: 23).

لقد فرح التلاميذ لما رأوا الرب، وفرح المجوس لما رأوا النجم، وفرح الصديقون بثمار تعبهم المقدس "الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج".

وشرح لنا الكتاب الفرح بالخلاص، والفرح بالبشارة:

وهكذا قال الملاك للرعاة "ها أنا أبشركم بفرح عظيم، انه ولد لكم مخلص.." (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). وعن فرح الخلاص قال المرتل "امنحني بهجة خلاصك" (مز 50). وقال الأب "كان ينبغي أن نفرح ونسر لأن أخاك هذا كان ميتا فعاش" (لو 15: 32).

والفرح بتوبة التائب يكون في السماء والأرض:

فحينما وجد الراعي الصالح خروفه الضال "حمله على منكبيه فرحًا"، وقال أيضًا "يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب " (لو 15: 6، 7). وقد فرحت الأرملة بوجود درهمها الضائع ودعت جميع جيرانها ليفرحوا معها.

ونحن نفرح أيضًا بجميع وسائط النعمة..

"فرحت بشهاداتك"، "فرحت بالقائلين لي إلى بيت الرب نذهب" (مز 22: 1)، " مجارى الأنهار تفرح مدينة الله"..

بل الصديقون يفرحون أيضًا بالتجارب (يع1) وبالتأديب:

"احسبوه كل فرح يا أخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة"، "لذلك اسر بالضيقات، بالضرورات".

ولعل أعظم فرح، هو فرح الملكوت:

"ادخل إلى فرح سيدك، هذا هو الفرح الحقيقي. فيه نفرح بالرب، وبلقياه وعشرته، وإن كنا لم نصل بعد إلى الملكوت، فإننا نفرح بانتظاره، بالرجاء". "فرحين في الرجاء" كما قال الرسول (رو 12).
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
البابا شنوده الثالث

اذكر يا رب اجتماعاتنا، باركها



ليست اجتماعاتنا هي التي نجتمع فيها مع بعضنا البعض، إنما التي نجتمع فيها مع الله، وحينما نجتمع مع بعضنا البعض، يكون الله في وسطنا حسب وعده الصادق: "حيثما اجتمع اثنان وثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم" (مت18: 20). تماعات الروحية في كنيسة القديس تكلاهيمانوت، الاسكندرية

اجتمع الله مع آدم وحواء في الجنة، فكانت أول كنيسة. واجتمع مع نوح وأسرته في الفلك، وكان في وسطهم. وكذلك كان في وسط الثلاثة فتية في أتون النار. واجتمع الرب مع موسى فوق الجبل، وكان اجتماعًا مباركًا، أضاء فيه وجه موسى بالنور لأنه اقترب من النور الحقيقي.

وفى العهد الجديد، كان الرب يجتمع مع تلاميذه، في أي مكان: على الجبل، في بيت حيث شفى المفلوج، وفي البرية حيث بارك الخمس خبزات، أو بين الحقول، وفي جلسة خاصة على بئر يعقوب، وفي بيت مريم ومرثا (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).

ومن أجمل الصور التي قدمها لنا سفر الرؤيا: الرب في وسط المنائر السبع، في وسط كنيسته.

إنها صورة الله في وسط شعبه، وفي يده اليمنى ملائكة الكنائس.

سبقها الرب باجتماعه مع تلاميذه أربعين يوما بعد القيامة "يحدثهم عن الأمور المختصة بملكوت الله". ودعاهم إلى ذلك الاجتماع بقوله للمجدلية: "اذهبي إلى أخوتي وقولي لهم أن يمضوا إلى الجليل هناك يرونني"..

إن مجرد رؤيته يمكن أن تكون هدفا في ذاتها: إذ قال لهم قبلا "أراكم فتفرح قلوبكم. ولا يستطيع أحد أن ينزع فرحكم".

ونحن نجتمع مع الله في بيته، لذلك نفرح بالذهاب إلى بيت الرب، كما فرح المرتل قائلًا: "فرحت بالقائلين لي إلى بيت الرب نذهب" (مز121).

وكان الله يجتمع مع الناس في البيوت:

وكان أول البيوت التي صارت كنائس، بيت مارمرقس (اع12: 12)، وفي عليته حل الروح القدس، وتعلم قديسنا مارمرقس مثالية الاجتماعيات، وعلمنا إياها.
 
أعلى