حرية حتى الحريق

ebtisam

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
17 أكتوبر 2005
المشاركات
6
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
لم أكن أعلم إطلاقاً وأنا أدخل هذا المكان لأول مرة في حياتي لشراء ما أحتاجه، أنني سأشاهد كل هذه الأحداث المثيرة النادرة في كل ما رأيته طوال عمري. كانت الساعة 9.20 من ليلة الخميس 14/8/1997م، وكان المكان يزدحم عن آخره ويفيض .. كيف لا وقد كان هذا المكان هو الحرية مول ذو الطوابق السبعة في قلب مصر الجديدة أحد أحياء القاهرة الكبيرة. لا مكان لقدم، السلالم الكهربائية تكاد أن تترنح من الازدحام، فالغد هو الجمعة، أي عطلة، بالإضافة إلى أن دخول المدارس والجامعات على الأبواب. كان غالبية من رأيتهم في العشرينات من عمرهم أو في سن المراهقة .. ها هم يضحكون، يمرحون، يسخرون .. يد تدخن أو تأكل الأيس كريم، والأخرى تُشير، الغالبية منهم يقصدون الطابق الثاني والثالث. فجأة حل الظلام الدامس؛ لقد انقطع التيار الكهربائي .. رن جرس إنذار الحريق .. فسمعتهم بجانبي على السلم يضحكون ويرسلون الصفير. قال واحد: فرصة؛ إنها ليلة رأس سنة أخرى في شهر أغسطس .. سمعت صيحات .. همسات .. ضحكات بينما كان جرس إنذار الحريق يعلو ..
تمنيت الهروب ولكن كيف ولا يوجد شعاع واحد من الضوء .. استرشدت بمسند السلم، وجاهدت لأعبر الحواجز البشرية التي كانت تتلاطم كأمواج غير مرتبة داخل الظلام .. وكانت ألسنة النيران قد بدأت تعلو في الطابق الأول، وبخلاص الله لي عبرت، وفي أقل من دقيقتين كنت خارج الباب، ولم أصب بأذى، غير أن الدخان حول يديّ، ووجهي وملابسي إلى اللون الأسود أو الرمادي الداكن.كنت تقريباً من أوائل الهاربين من هذا الجحيم. الكل في الشوارع المحيطة يجري. أُغلقت أبواب جميع المحلات المحيطة. الكل يتساءل، أو يصرخ، أو يضحك إن كان من المخمورين أو المُخدرين.وفي دقائق أخرى صار المكان حول المبنى مسرح عمليات. آلاف من البشر حول المبنى، البعض للاستطلاع، والأكثرية يصرخون على ذويهم بالداخل. وما إن بدأ المحجوزين في الداخل في كسر زجاج المبنى حتى قفزت منها ألسنة اللهيب وغيومها السوداء. فإن الدخان المضغوط في الداخل كان يخنق الكل حتى النيران نفسها، وعندما كُسر الزجاج أعطى فرصة للنيران لإعادة ترتيب نفسها.وفي غيوم اللهب كانت صرخات من يحتضرون بالداخل تعانق في رثاء وأسى ومرار صرخات من بالخارج، والكل يختنق بالدخان الذي كان يتمايل في كبرياء حول النار عند كل مرة يُحطم الزجاج والكيان والحياة .. فاللهيب يعلو حتى فوق الدور السابع.لا أنسى ما قاله لي شاب سوري نجى بجانبي ونحن في الخارج إذ قال لي: هل تشتم معي رائحة عظام من بالداخل ؟ كم هي رائحة كريهة.استمر الحال حتى الرابعة فجراً، وحسب الإحصائيات الرسمية أصيب واحترق ومات أكثر من 270، منهم رجال إطفاء.وفي الدور السابع حيث سينمتا الحرية مول 1،2؛ قال واحد ممن أُنقذوا بأعجوبة، كنا نشاهد فيلماً وكان البطل يحارب ثعباناً رهيباً، فأظلمت الدنيا، وظننا أنها خدعة سينمائية جديدة. ضحكنا ولكن تحول الضحك سريعاً إلى بكاء حينما انقلب الفيلم في الحال إلى حقيقة مُرة، حتى لم يبق مقعد خشبي واحد إلا وصار رماداً واحترق. حتى حديد المقاعد فقد تحول إلى وهج شديد الاحمرار.لقد كانت الطفلة ماريا طارق عياد التي كانت في رفقة أمها أصغر من ماتوا، كما أصيب مايكل (5 سنوات)، وسارة (8 سنوات)، أبناء خالتها. بينما لفظ العريس الخطيب أخر أنفاسه بين يدي خطيبته. لقد كان الأمر مريع، لدرجة أنني لم أستطع أن أكتب هذه المقالة طوال الستة شهور الماضية من تأثري بما رأيت. سألت نفسي بعدها لماذا يحدث هذا في المرة الوحيدة التي دخلت فيها هذا المكان ؟ الإجابة: إنها إرادة الله. ولكن بلا شك، ما حدث غرس في داخلي بعمق أكثر إدراكي لزيف هذا العالم وحريته، مشترياته ومغرياته، لذاته وشهواته، نزهاته ورحلاته .. الكل يتحول ويتغير في لحظات .. حتى فيلم السينما صار حقيقة !! لقد كان الأمر رهيباً حتى أن المكان سُمي بعد ذلك في الصحف الحرية موت.
صديقي .. صديقتي: هل تعرف المعنى الحقيقي للحرية. إن الحرية ليست هي أن ألقي بنفسي في قلب الرذيلة أو المخدرات أو النجاسة أو في أحضان الشر .. إن هذه هي العبودية بعينها؛ هي الحرية موت التي ستحترق لذاتها بينما تبقى سلاسلها أكبر وأثقل، فتصير عبداً للشهوات أو الإدمان أو .. أو .. ثم، وللأسف، تحترق أنت معها «إذ يصعد دخان عذابهم إلى أبد الآبدين» (رؤيا 11:14).إن الحرية الحقيقية هي في المسيح، الذي قال في إشارة لقدرته «إن حرركم المسيح فبالحقيقة تكونون أحراراً» (يوحنا 36:8) إنه يحررك لأنه رُبط لأجلك في مشهد الصليب (يوحنا 12:18)، بل سُمر عليه (مزمور 16:22).نعم، بل احترق لأجلي ولأجلك على الصليب. اسمعه يصرخ: «صار قلبي كالشمع قد ذاب في وسط أحشائي»، فهل تهرب إلى المسيح من لهيب وحطام هذا العالم والجحيم ؟ قبل أن تحترق الأرض والمصنوعات التي فيها (2 بطرس 10:3).
صلاة:يا من حُرقت على الصليب بدلاً مني .. استلم قيادة حياتي الآن لتنقذني وتحررني من العالم وقيوده، وتغسلني بدماك لأسير معك إلى السماء.. آمين.
لماذا ارتعب الجبّار
يندر أن يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية من لم يسمع عن الكاتب الأمريكي الشهير (أرنست هيمنجواي) (1899 - 1961)، الذي، حسب رأي الكثيرين، كان يمتلك كل مقومات النجاح. فبالإضافة إلى شهرته الذائعة الصيت كأديب وكاتب قصصي متميز، كان جسمه رياضي قوي مكنه من الحصول على جوائز في عدة مسابقات رياضية، هذا بالإضافة إلى خبرته الطويلة في صيد الأسماك والحيوانات والطيور، وفنون الإبحار. وقد نجا بأعجوبة من الموت عدة مرات، من ضمنها تحطم طائرته، ولكنه كان ينسب ذلك دائماً إلى مهارته وقوامه الرياضي.وقد تميز في أسلوبه الروائي بأنه كان دائماً يجعل أبطال قصصه، رجالاً أو نساء، أقوياء يداعبون الموت ويسخرون منه وينتصرون عليه، وكأنهم من مصارعي الثيران الذين يقتلون الثور بوضع السهم في قلبه، وبانتصارهم على الموت كانوا يشعرون بالنشوى في أخطر العواصف والأنواء.
وقد صار هيمنجواي من أغنى أغنياء أمريكا، حتى أصبح يمتلك مقاطعة في أجمل مكان في كل الولايات الأمريكية. كان هيمنجواي يعتقد أنه يمكنه الحصول على كل ما يتمناه على الأرض، ولذلك لم يكن يحترم أي قوانين أخلاقية، ولم يلُمه عشاقه على ذلك.كانت المفاجأة في عام 1961 حين أخبره الطبيب بأنه مُصاب بالسرطان، وعندها جاءت الفرصة ليثبت بصدق وبصورة واقعية مدى شجاعته أمام الموت. وتساءلت الجماهير: تُرى ماذا سيفعل هيمنجواي أمام المرض والموت ؟ كيف سيتصرف هذا الجبار الذي هاجمته الأفكار وتلاطمت في قلبه كأمواج البحار ؟ هل تعرف ما الذي حدث مع ذاك الجبّار، الذي لم يكن يعطي لله في حياته أي اعتبار. لقد فارقته كل شجاعة وانهار .. وصارت دنياه ظلمة بلا نهار .. صحراء دون أنهار .. يأس ومرار، وخريف دون ثمار .. حتى أنه لم يجد بديلاً أفضل من الانتحار. وبتأثير الشيطان أخذ الجبار القرار، ووجه مسدسه إلى رأسه وأطلق النار، ليواجه مصير كل الأشرار: الهاوية وعذاب النار، بيده هو لا بيد الأقدار .. هذا ما فعله الجبار .. يا للخزي والعار: أين القصص والبطولة ؟ أين الأشعار ؟ حقاً إنها مجرد شعار أو أشعار تبخرت أمام خوف الموت كالبخار.
صديقي القارئ .. صديقتي القارئة: سأذكرك بجبار آخر شهير ارتعب أمام الموت. إنه الفيلسوف الفرنسي المُلحد فولتير (1694 - 1778). وقد قرأ فولتير، وهو بعد شاب صغير، قصيدة تعظم الإلحاد، وتستهزئ بالإيمان بالمسيح وبعمله على الصليب وبالكتاب المقدس؛ وكان لهذه القصيدة الآثمة تأثير ممتد المفعول طوال حياة فولتير، بل وظهر تأثيرها أيضاً في كتاباته الفلسفية، فصار فولتير واحد من أشهر الآلات التي استخدمها الشيطان، وما زال. ولكن هل تعرف كيف واجه فولتير الموت ؟ يحكي التاريخ أنه في لحظاته الأخيرة ؟ صرخ صرخات مُدوية سُمعت من على بُعد، كان يقول: «ما أرهب الموت .. إنني مرتعب. لا .. لا .. لا أريد أن أموت. الموت .. العذاب» وذهب بعدها بلحظات إلى العذاب الأبدي.
عزيزي .. عزيزتي: الموت مُرعب لأي إنسان طبيعي. والكتاب المقدس يصف الموت بأوصاف تُظهر رُعب البشر منه، من ضمن هذه الأوصاف:
1-حربة الموت (أيوب 18:33).
2-أشراك الموت (مزمور 5:18).
3-خدور الموت (أمثال 27:7).
4-حبال الموت (مزمور 3:116).
5-شوكة الموت (1 كورنثوس 56:15).
6-قوة الموت (نشيد الأنشاد 6:8).
7-أهوال الموت (مزمور 4:55).
8-أبواب الموت (أيوب 17:38).
9-عداوة الموت (1 كورنثوس 26:15).
10-خوف الموت (عبرانيين 15:2).
11-ألم الموت (عبرانيين 9:2).
12-أوجاع الموت (أعمال 24:2).
لكن بمجيء المسيح وموته انتهت مشكلة الموت إلى الأبد بالنسبة للمسيحي الحقيقي. لقد قال الرب لمرثا: «أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات فسيحيا، وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد» (يوحنا 25:11،26). فالرب يسوع بموته:1-أباد من له سلطان الموت: «فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضاً فيهما، لكي يُبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس، ويعتق أولئك الذين، خوفاً من الموت، كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية» (عبرانيين 14:2،15).2-أبطل الموت: «مخلصنا يسوع المسيح، الذي أبطل الموت وأنار لنا الحياة والخلود بواسطة الإنجيل» (2 تيموثاوس 10:1).3-نقض أوجاع الموت: «يسوع الناصري .. الذي أقامه الله ناقضاً أوجاع الموت إذ لم يكن ممكناً أن يُمسك منه» (أعمال 22:2،24).4-كسر شوكة الموت: «ابتُلع الموت إلى غلبة. أين شوكتك يا موت ؟ أين غلبتك يا هاوية ؟ أما شوكة الموت فهي الخطية .. ولكن شكراً لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح» (1 كورنثوس 54:15-57).
5-صار الموت نوماً أو رقاداً: «الراقدون بيسوع» (1 تسالونيكي 14:4)، «لعازر حبيبنا قد نام .. وكان يسوع يقول عن موته وهم ظنوا أنه يقول عن رقاد النوم» (يوحنا 11:11،13).6-صار الموت ربح وشهوة: «لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح .. لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جداً» (فيلبي 21:1،23).7-المسيحي لا ينتظر الموت: بل مجيء الرب حيث لا يرى الموت «هوذا سر أقوله لكم: لا نرقد كلنا، ولكن كلنا نتغير» (1 كورنثوس 51:15). «فإننا نحن الذين في الخيمة نئن مُثقلين، إذ لسنا نريد أن نخلعها بل أن نلبس فوقها، لكي يُبتلع المائت من الحياة» (2 كورنثوس 4:5).فهل تأتي الآن إلى الرب يسوع مصلياً هذه الصلاة، فبحق لا تخاف من الموت
صلاة:أقبلك يا من بالموت أبطلت الموت .. أتبعك وأسير خلفك، فلن أخاف من الموت وأشراكه، لأنك قد دُست أشواكه، فلن تُرعبني شباكه، ولمجيئك قلبي تلتهب أشواقه. آمين
 

Maya

Hebrew Christian
عضو مبارك
إنضم
2 ديسمبر 2005
المشاركات
1,243
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
Jerusalem - Israel
أختي الحبيبة ebtisam

تحية محبة مسيحية صادقة ...
أصلي أن تكوني في صحة جيدة وتعيشين السعادة في نور الرب يسوع المسيح وأتمنى لك عودة سريعة إلينا في المنتدى ، و أنا أعرف وواثقة أنك تواجهين ظروفك الصعبة بالشجاعة والقوة والتصميم كما تعودت منك ، أشكرك على هذه القصة والتأمل الأكثر من رائع لأنه تضمن الحديث عن مفاهيم مهمة جداً وترتبط حياتنا بها مباشرة ، خاصة مفهوم الحرية مع يسوع ، وأيضاً معنى الموت وما تحمله هذه الكلمة من رعب وخوف للملحد البعيد عن نور الرب ، وما تحمله من معانٍ بالمقابل للإنسان المؤمن الواثق بوعد الرب ...

أشكرك مجدداً على مشاركتك و أتمنى لك عودة سريعة ...

سلام المسيح يكون في قلبك دايماً ...
 

blackguitar

غريبا عشت فالدنيا
عضو مبارك
إنضم
30 ديسمبر 2005
المشاركات
3,082
مستوى التفاعل
38
النقاط
0
الاخت العزيزة ابتسام
انا فعلا امتلىء اسفا لانى قرات هذه القصه متاخرا لكننى كنت لم اشترك فى هذا المنتدى بعد
ولكنى فعلا اعجبت كثيرا بهذه القصه الدراميه التى كشفت لى الكثير من جمال الحياه الزائف
وتاملاتك الرهيبه التى قد جعلتنى اعجز عن التعبير بسبب قوتها وواقعيتها واحساسها الرائع
اشكرك بشدة لاجل هذا الموضوع الدسم القوى المثير الذى قليلا ما نجده
الرب يباركك ويساعدك ويبعد عنك اى ضيقه
 
أعلى