قلوب مكسورة .. ؟

الكرمه الصغيره

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
24 ديسمبر 2012
المشاركات
2,622
مستوى التفاعل
786
النقاط
113
23800079_828168970695890_4858587323369688599_o.jpg

لماذا يسمح الرب بأن تُكسر بعض القلوب؟
هذه الدنيا التي نعيش فيها هي دنيا الألم، دنيا لا تكتمل فيها السعادة للبشر، ولا تتم فيها الأفراح لإنسان!
وكثيرون من الذين يعيشون بيننا بوجوه ضاحكة يحملون داخل صدورهم قلوبًا محطمة... وقد تحطمت هذه القلوب لأن أملها في الحياة قد خاب بموت عزيز، أو فقدان حبيب، أو ضياع ثروة، أو انهيار آمال، أو تهدّم صحة.

ويقف المرء بإزاء القلوب المنكسرة المحطمة، أحد موقفين:
فإما أن يقول مع العائشين بعقولهم المجردة:
إن يَهْوَهْ قد خلق العالم ثم تركه للصدفة تعبث بمصائر الناس، فتسعد من تشاء وتشقى من تشاء،
أو أن يقول أصحاب القلوب المؤمنة:
إن يَهْوَهْ يسمح بأن تُكسر بعض القلوب لغرض جليل نبيل، ولمصلحة أصحاب هذه القلوب المحطمة!
وهناك عدة آيات من الكلمة المقدسة تعزّي أصحاب القلوب المكسورة.
ففي مزمور 51 يقول المرنم :
"ذَبَائِحُ الرَّبَّ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ. الْقَلْبُ الْمُنْكَسِرُ وَالْمُنْسَحِقُ يَا إلوهيم لاَ تَحْتَقِرُهُ."
وفي إشعياء يقول :
"رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَعْصِبَ مُنْكَسِرِي الْقَلْبِ،"
(إشعياء 1:61)
وفي سفر حزقيال نجد الكلمات:
"وَأَطْلُبُ الضَّالَّ، وَأَسْتَرِدُّ الْمَطْرُودَ، وَأَجْبِرُ الْكَسِيرَ، وَأَعْصِبُ الْجَرِيحَ،.. "
(حزقيال 16:34)
ونحن إذ نتعزّى بكلمة الرب، نعود فنسأل:
لماذا يسمح الرب بأن تُكسر بعض القلوب؟
الرب يسمح بكسر بعض القلوب،

-1-
لبركة أصحابها
هذا يعقوب، يظل رجلًا مخادعًا، يعيش بحسب ذكائه البشري وقتًا طويلاً، بينما كان الرب يريد أن يصوغ منه إنسانًا آخر، شخصًا جديرًا بأن يحمل اسمه، فكيف السبيل لصياغة هذا الرجل من جديد؟
إننا نراه وقد عاد من عند خاله لابان، رجلاً غنيًا، يملك مئات من الأغنام، والجمال، والأبقار، وها هو يذكر خدعته لأخيه عيسو، وفي عمق ضيقته، وخوفه من أن يعتدي عليه عيسو ويقتله يلجأ إلى الرب ويرفع إليه هذه الصلاة:
"يَا إِلهَ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَإِلهَ أَبِي إِسْحَاقَ،...صَغِيرٌ أَنَا عَنْ جَمِيعِ أَلْطَافِكَ وَجَمِيعِ الأَمَانَةِ الَّتِي صَنَعْتَ إِلَى عَبْدِكَ. فَإِنِّي بِعَصَايَ عَبَرْتُ هذَا الأُرْدُنَّ، وَالآنَ قَدْ صِرْتُ جَيْشَيْنِ. نَجِّنِي مِنْ يَدِ أَخِي، مِنْ يَدِ عِيسُوَ، لأَنِّي خَائِفٌ مِنْهُ أَنْ يَأْتِيَ وَيَضْرِبَنِي الأُمَّ مَعَ الْبَنِينَ."
(تكوين9:32-11)
وهنا يأتي الله ليعقوب في وحدته، ويبدأ في الصراع معه، فيلجأ يعقوب في صراعه مع الرب إلى قوته البدنية التي يعتمد عليها، وإرادته العاصية التي في حاجة إلى التسليم، وفي كل هذا الصراع يأبى يعقوب أن يسلّم للرب، وعندئذ كان لا بدّ من أن يكسر الرب حقّ فخذ يعقوب في مصارعته معه. أجل، تحطم يعقوب، وشعر أنه فقد قوته الإنسانية، لكنه بعد ذلك تمسّك بالرب وقال له:
"..لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي"
(التكوين 32: 26)
فغيّر الرب اسمه إيذانًا بمنحه حياة أفضل. لقد كان خلع حقّ فخذه سبب بركته، ومرات يخلع الرب قلوبنا، أو أسس صحتنا، أو ماليتنا، لكي يباركنا ويجعل منا أمراء في ملكوته.
فهل سمح الرب بأن يحطم قلبك؟
اشكره لأنه يريد بركتك.

-2-
لتفيح منها رائحة الشهادة
يوجد فرق كبير بين آلام الأبرار والأشرار، فالأشرار يتألمون بغير عزاء، والأبرار يتألمون وأنوار الرجاء تشرق حولهم. والشهادة اللامعة هي شهادة الشخص الذي يتألم وهو صابر، مسلم لإرادة الرب بفرح وسرور.
بينما كان المسيح في بيت عنيا، جاءت مريم بقارورة طيب ناردين خالص كثير الثمن، فكسرت القارورة وسكبته على رأسه. فامتلأ البيت من رائحة الطيب :
(اقرأ مرقس 3:14-9 ويوحنا 2:12-7).

ولقد كان كسر القارورة هو السبب الذي جعل الرائحة تفوح في أرجاء البيت. ونحن نقرأ في سفر النشيد :
"مَا دَامَ الْمَلِكُ فِي مَجْلِسِهِ أَفَاحَ نَارِدِينِي رَائِحَتَهُ."
(نشيد الأنشاد 1: 12)
ونقرأ في رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس:
"لأَنَّنَا رَائِحَةُ الْمَسِيحِ الذَّكِيَّةِ للهِ، فِي الَّذِينَ يَخْلُصُونَ وَفِي الَّذِينَ يَهْلِكُونَ."
(2كورنثوس 2: 15)
فكيف يمكن أن تفوح هذه الرائحة إن لم تنكسر هذه القارورة عند قدمَي يسوع وينسكب الطيب عليهما؟
لقد كانت مريم تنفق ثمن هذا الناردين على الخطية قبل أن تعرف الرب، كانت تتعطر للعالم والخطية، ولكنها الآن وضعت الرب يسوع على عرش قلبها فكان لا بد أن تعطيه ما كانت تقدمه للعالم. فالعالم ليس أفضل من يسوع. وكم من أناس خلصهم المسيح من التدخين، والخمر والملاهي، والنجاسات، ومع ذلك فهم لا يعطون له سوى النفايات. إن قارورة حياتهم تحتاج أن تتكسر لتفوح رائحة المسيح الذكية منها؛ رائحة الشهادة القوية، والتضحية المباركة. فالشهادة الحقيقية تتطلَّب الألم والكسر. إن في قدرة أي واحد أن يتكلم عن أي نبي في أي جزء من الأرض دون أن يضار أو يصاب بسوء. لكن الكلام عن المسيح المخلص الحنون يثير عواصف الاضطهاد، وأحيانًا يكسر قلوب الذين يعلنون جمال هذا المخلص العجيب.

-3-
للتأديب
يكتب الرسول للكورنثيين قائلاً:
" مِنْ أَجْلِ هذَا فِيكُمْ كَثِيرُونَ ضُعَفَاءُ وَمَرْضَى، وَكَثِيرُونَ يَرْقُدُونَ. لأَنَّنَا لَوْ كُنَّا حَكَمْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا لَمَا حُكِمَ عَلَيْنَا، وَلكِنْ إِذْ قَدْ حُكِمَ عَلَيْنَا، نُؤَدَّبُ مِنَ الرَّبِّ لِكَيْ لاَ نُدَانَ مَعَ الْعَالَمِ."
(كورنثوس 11: 30-32)
هذا تكسير للتأديب، تكسير بالضعف، والمرض والحزن، حتى لا نُدان مع العالم. وما أجمل العصا التي تهذبنا وتنقينا وتصلح ما بنا من عيوب لتنقذنا من الدينونة المقبلة.

-4-
لفداء الآخرين
ورب المجد خير دليل على هذا. لقد كُسر قلبه على الصليب حتى قال:
"الْعَارُ قَدْ كَسَرَ قَلْبِي..."
(مزمور 20:69)
وانكسار القلب ليس مجرد اصطلاح لغوي، فقد استطاع طبيب إنجليزي يُدعى روبرت بمبريدج أن يقوم بتجربة عملية لم يكن يقصدها، فلقد ظل أبوه يدير متجرًا للخردوات وممارسة أعمال البريد بإذن الحكومة حتى أغسطس سنة 1936 حين أنشأت إدارة البريد مكتبًا رسميًا وطالبته بأن يكفّ عن مزاولة الأعمال التي كانت تجيزها له. فتأثّر الرجل حتى أنه مات بعد أسبوع. وقال ابنه إنه مات لانكسار قلبه، وطالب بتشريح الجثة، ولشدّ ما كانت الدهشة حين ظهر بجزء من قلبه الميت تشقّقًا حديث العهد رغم أنه لم يشكُ قط من قلبه وقد عزا الدكتور بمبريدج هذا التشقق إلى التأثير الناتج عن الانفعال والحزن والتفكير، وهكذا أثبت العِلم أن انكسار القلب ليس مجرّد كلمات لغوية. إن يسوع قد انكسر قلبه على الصليب لأجل فدائنا، وكم من أم انكسر قلبها لأجل خاطر أولادها، وكم من زوجة تحطم قلبها في سبيل زوجها. إن الرب يسمح بكسر بعض القلوب لينال الآخرون الفداء والخلاص.

-5-
لإشباع الآخرين
فلولا أن تحطم قلب بولس بلهيب السماء لما وصلت الرسالة إلى أوربا وآسيا. اسمعه وهو يردد:
"إِنَّ لِي حُزْنًا عَظِيمًا وَوَجَعًا فِي قَلْبِي لاَ يَنْقَطِعُ.
فَإِنِّي كُنْتُ أَوَدُّ لَوْ أَكُونُ أَنَا نَفْسِي مَحْرُومًا مِنَ الْمَسِيحِ لأَجْلِ إِخْوَتِي أَنْسِبَائِي حَسَبَ الْجَسَدِ،"

(رومية 9: 2)
إن وجع قلبه وحزنه دفعانه لإشباع الآخرين بشخص الرب يسوع المسيح...

فما زال أمناء الرب تنكسر قلوبهم حزناً وتحترق ليضيئوا للآخرين نور المسيح .
فهل حياتك تحترق لإنارة الذين في الظلام؟
كلمة أخيرة أوجهها لكل نفس منكسرة:
إن ذبائح الرب هي الروح المنكسرة، والقلب المنكسر والمنسحق لا يحتقره يَهْوَهْ. ويسوع المسيح ربنا قد جاء ليبشر المساكين وليعصب المنكسري القلوب، وليعطيهم تعويضًا عن آلامهم، أجل يعطيهم جمالاً عوضًا عن الرماد، ودهن فرح عوضًا عن النوح، ورداء تسبيح عوضًا عن الروح اليائسة. فيا صاحب القلب المحطم، ارتمِ على ذراعَي يسوع مريح التعابى، وجابر القلوب؟
* * *
أشكرك أحبك كثيراً...
بركة الرب لكل قارئ .. آمين .
وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين

يسوع يحبك ...
 
أعلى