تُستخدم في المنسوجات الذكية والهندسة الحيوية.. مواد يمكن أن تتذكر وتغير شكلها

paul iraqe

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
3 يناير 2014
المشاركات
15,606
مستوى التفاعل
1,314
النقاط
113
الإقامة
IRAQ-BAGHDAD
الكيراتين-1.png


ورقة كيراتين مطوية على شكل نجمة أوريغامي معقدة كشكل دائم (يورك أليرت)



كما نعلم أن الماء عدو الشعر المفرود بشق الأنفس بالحرارة، سيرتد مرة أخرى إلى شعر مجعد في نفس اللحظة التي يلامس فيها الماء.
لماذا؟ لأن الشعر يحتفظ بذاكرة الشكل، وتسمح خصائصه المادية بتغيير شكله استجابة لمحفزات معينة كالحرارة، ويعود في النهاية لشكله الأصلي استجابة لمحفزات أخرى مثل الماء.
ماذا لو كانت المواد الأخرى، وخاصة المنسوجات، لديها هذا النوع من ذاكرة الشكل؟ تخيل قميصا بفتحات تبريد تُفتح عند تعرضها للرطوبة وتُغلق عندما تجف، أو مقاس ثابت من الملابس لكنه يتمدد أو ينكمش وفقا لقياسات الشخص المتغيرة؟
هذا ما يتخيله العلماء ويعملون بشكل جدي على تطويره. ومؤخرا، طور باحثون في كلية هارفارد جون إيه بولسون للهندسة والعلوم التطبيقية ( Harvard John A. Paulson School of Engineering and Applied Sciences ) مادة يمكن طباعتها في أي شكل ثلاثي الأبعاد وبرمجتها مسبقا بذاكرة ذات شكل عكسي.
تتكون هذه المادة من الكيراتين، وهو بروتين ليفي يوجد في الشعر والأظافر والقشور، ومن عائلة البروتينات الليفية الصلبة عديمة الذوبان في الماء، ونُشر البحث في دورية "نيتشر ماتريالز" Nature Materials بتاريخ 31 أغسطس/آب الماضي.



الكيراتين

تدخل مادة الكيراتين بشكل أساسي في تكوين الشعر والصوف والأظافر والمخالب والجلد والحوافر والقرون، ولا يضاهيها في الصلابة من بين المواد الحيوية الأخرى سوى الكيتين وهي مادة حيوية تشكل الهيكل الصلب الذي يغطي أجسام الحشرات والعديد من مفصليات الأرجل وبعض الحيوانات.
استخرج الباحثون الكيراتين من بقايا صوف "أغورا" (Agora wool) المستخدم في صناعة المنسوجات، وبذلك يمكن أن يساعد البحث الجديد في الجهود الأوسع لتقليل الهدر في صناعة الأزياء، وهي واحدة من أكبر الملوثات على هذا الكوكب.
وقال كيت باركر، أستاذ الهندسة الحيوية والفيزياء التطبيقية في كلية هارفارد جون إيه بولسون للهندسة والعلوم التطبيقية، وكبير مؤلفي البحث في بيان صحفي نشر على موقع الكلية "الآثار المترتبة على استدامة الموارد الطبيعية واضحة".
وأضاف "باستخدام بروتين الكيراتين المعاد تدويره، يمكننا أن نفعل نفس القدر، أو أكثر، مما تم القيام به عن طريق جز الحيوانات حتى الآن، وبذلك نحد من التأثير البيئي للمنسوجات وصناعة الأزياء".


[YOUTUBE]ngmQwnR79Fs&feature=emb_title[/YOUTUBE]



مفتاح القدرات

بالفعل، يقوم المصممون -مثل ستيلا مكارثي، حاليا- بإعادة تصور لكيفية استخدام الصناعة لمثل هذه المواد. وقال لوكا سيرا، زميل ما بعد الدكتوراه في كلية هارفارد جون إيه بولسون والمؤلف الأول للدراسة في البيان الصحفي ذاته "إن مفتاح قدرات الكيراتين على تغيير شكله هو هيكله الهرمي".
وأضاف "يتم ترتيب سلسلة واحدة من الكيراتين في هيكل يشبه الزنبرك يُعرف باسم لولب ألفا (alpha helix أو α-helix) وهو بروتين ثانوي البنية في الخلايا الحية شكله لولبي".
تلتف اثنتان من سلاسل الكيراتين هذه معا لتشكيل بنية تُعرف باسم الملف الملفوف، ويتم تجميع العديد من هذه الملفات الملفوفة في خيوط أولية وفي النهاية تجدل إلى ألياف كبيرة".
وعندما يتم شد الألياف أو تعريضها لمحفز معين، تنفصل الهياكل الشبيهة بالزنبرك، وتعيد الروابط ترتيبها لتشكيل صفائح "بيتا" مستقرة. وتظل الألياف في هذا الوضع حتى يتم تشغيلها للعودة إلى شكلها الأصلي.
وتابع سيرا "إن تنظيم لولب ألفا والروابط الكيميائية الضامة يمنح المادة قوة وذاكرة الشكل".
الكيراتين-2.jpg


قام الباحثون بلف الورقة على هيئة أنبوب ضيق يوضع في الماء ليعود لشكله الأصلي (يورك أليرت)


إثبات العملية

لإثبات هذه العملية، قام الباحثون بطباعة أوراق ثلاثية الأبعاد من الكيراتين في مجموعة متنوعة من الأشكال، ثم قاموا ببرمجة الشكل الدائم للمادة (الشكل النهائي الذي ستعود إليه في النهاية) باستخدام محلول بيروكسيد الهيدروجين وفوسفات أحادي الصوديوم.
وبمجرد ضبط ذاكرة الشكل، يمكن إعادة برمجة الورقة وتكوينها في أشكال جديدة. على سبيل المثال، تم طي ورقة من الكيراتين على شكل نجمة أوريغامي معقدة كشكل دائم، وبمجرد ضبط الذاكرة، غمر الباحثون النجمة في الماء، حيث تكشفت وأصبحت مرنة. ثم قاموا بلف الورقة على هيئة أنبوب ضيق بمجرد جفافها، ولعكس العملية، أعادوا الأنبوب إلى الماء، حيث عادت للتشكل إلي نجمة أوريغامي بنفس هيئة الشكل الأصلي.
وعاد سيرا ليقول "هذه العملية مكونة من خطوتين للطباعة ثلاثية الأبعاد للمادة، تم ضبط أشكالها الدائمة لتسمح بتصنيع أشكال معقدة حقا بسمات هيكلية تصل إلى مستوى الميكرون.. وهذا يجعل المادة مناسبة لمجموعة واسعة من التطبيقات من المنسوجات إلى هندسة الأنسجة".
وبدوره قال باركر "لقد أظهرنا أنه لا يمكننا إعادة تدوير الصوف فحسب، بل بناء أشياء من الصوف المعاد تدويره الذي لم نتخيله من قبل". وأضاف "نحن نواصل إعادة تخيل المنسوجات باستخدام الجزيئات البيولوجية كركائز هندسية كما لم يتم استخدامها من قبل".
 
أعلى