شفت اللي حصل للزناجرة؟
بقلم : نبيل شرف الدين .
ـ شفت اللي حصل لاصحابك "الزناجرة" - السودانيون - ؟
- يا عم بلاش قرف .. هيه المشرحة كانت ناقصة قتلى، دحنا ارتحنا من الوباء ده، يللا عقبال ما يرحلوا الصعايدة كمان بالمرة .
هذه مجرد جملة من حوار عنصري بغيض سمعته بين شاب "روش طحن"، وبائع بإحدى مطاعم الوجبات الجاهزة بحي "المهندسين"، بالقرب من موقع المجزرة التي ارتكبها أشاوس الأمن المصري بحق اللاجئين السودانيين الذين أتضح بجلاء ألا بواكي لهم، فحكومة الخرطوم مارست النخاسة بحق مواطنيها، منذ اللحظات الأولى للجريمة حين خرج مستشار الرئيس السوداني محجوب فضل، قائلاً إنه من حق الحكومة المصرية أن تعيد النظام وتفرض هيبتها كما هو حق كل سلطة في السيادة على أرضها، وأنه من حقها فضّ الاعتصام"، وتصريح كهذا كفيل بمحاكمة قائله في أي بلد متحضر، خاصة حين يصل عدد القتلى إلى 26 إنساناً، ناهيك عن عشرات المصابين، وعلى يد قوات نظامية وليس في حرب أهلية، ومهما كانت المبررات والبيانات، فلا يوجد ثمة منطق يمكن أن يبرر سفك دماء الأبرياء .
لا جديد تحت الشمس .. ولا القمر
الأمن المصري تصرف كعادته، ووفق خبراته "الأمن مركزية" الكلاسيكية، وتراثه المملوكي العثمانلي، وبدا أن الغُشم المتعجرف منهج أبدي لا يتغير، و"الغُشم" تعبير من درر العامية المصرية البليغة، يعني افتقاد الحصافة، وتدني القدرة على تقدير الأمور حتى بالحد الأدنى من الحكمة، فجنود العمليات الخاصة يتصايحون (هع .. هع) كأنهم على أبواب عكا، وضباط أو بالتعبير الشائع "باشاوات" صغار متورمون غروراً، ازدانت أزياؤهم بكافة أنواع وأحجام الأسلحة النارية والبيضاء "لزوم البرستيج"، يتصرفون كطغاة صغار، بينما "الباشوات" الكبار يقفون على قارعة الطريق، لا يكفون عن الحديث عبر الهواتف الجوالة، يترقبون التعليمات القادمة من المديرية والإدارة والقطاع والوزارة، وبالطبع يتأففون من هذه "المهنة" وتلك الأيام السوداء، التي جعلتهم هدفاً لـ "اللي يسوى واللي ميسواش"، بينما لا يفوت أحدهم أن ينهر سائقه المجند لأنه تأخر على موعد "البيك الصغير" في الدرس الخصوصي، أو "الهانم" في النادي .
...........
مواطن تلفزيوني من هؤلاء الذين يحتفظ بهم في "مكان ما" معدو ومخرجو البرامج في "تلفزيون الزيس" المصري، قد تجده أحياناً شاباً، وأخرى سيدة، وثالثة يرتدي الجلباب وهكذا حسب مقتضيات الحال، وفي تغطية مجزرة المهندسين كان المواطن "إياه" يرتدي هذه المرة ملابس "كاجوال"، وهي بالطبع من لوازم حي المهندسين، وما أدراك ما المهندسين، وشارع جامعة الدول العربية، الذي أصبح عنواناً على زمن "الوحدة التي لا يغلبها غلاّب"، ما علينا لنبقى مع الأخ المواطن التلفزيوني الذي عبر عن تأففه بحركة من شفتيه التقطتها الكاميرا بعناية، وانطلق قائلاً : "الناس دي بدأت تظهر بينهم أوبئة وإيدز"، واخد بالك عزيزي القارئ من كلمتي "أوبئة وإيدز" جيداً ؟، ألا تصدعنا وزارة الصحة ليل نهار بأنه حتى الطيور المهاجرة تخضع للفحص الطبي الدقيق، قبل أن يسمح لها بدخول البلاد ؟ .
يقفز إلى قلب المشهد رجل تبدو على سيماه ملامح أعضاء الحزب الوطني "الحاكم من يومه"، لهذا مدّ يده بثقة في محاولة لانتزاع الميكروفون من المذيعة، لكن على مين يا حبيبي ؟، دي المذيعة "عليّة اللعبيّة"، تقتل ميه وألف مقابل التشبث بالمايك "العهدة"، فيكتشف أن "الحارة سدّ"، ويكتفي بالحديث الهادر الذي يقطر حباً لمصر، وإيماناً راسخاً كأنه على ثغر من ثغور الإسلام، قائلاً "حدفوا الشرطة بأزايز الخمرة اللي بيطفحوها ليل نهار"، تهز المذيعة كتفها طرباً واستنكاراً .
تعليق من أحد المدونين على الإنترنت: (هما لاقيين ياكلوا لما يسكروا، الإعلام الحكومي عايز يظهرهم كأنهم شوية صيّع مايستاهلوش حتى الرحمة), وبالفعل لا يفهم المرء قصة زجاجات الخمر هذه التي بدا الإلحاح عليها واضحاً، سواء لدى المواطن التلفزيوني وبيانات الخارجية والداخلية، إذ رأيتها شخصياً ـ كصحافي ـ أنها كانت زجاجات فقط, ولعل "عم عبدو الأقرع" بائع الفول يضع الزيت والخل في زجاجات كانت ذات يوم سيدة مجالس الندماء، لكن حدث وتقلب بها الحال حتى استقرت على "عربة الفول"، وتابت وأنابت وأصبحت وعاء للزيت الحار بعد أن كانت قنينة لـ "أم الكبائر"، وهذا يحدث في كل مكان بمصر تقريباً .. من ثلاجة "أم بطة" حتى عربة "عبدو الاقرع"، فما سر الإلحاح الخبيث على قصة "إزازة الخمر"، خاصة في مناخ يتعاظم فيه الهوس الديني، حتى أصبح تجارة وشطارة
يتبع .............
بقلم : نبيل شرف الدين .
ـ شفت اللي حصل لاصحابك "الزناجرة" - السودانيون - ؟
- يا عم بلاش قرف .. هيه المشرحة كانت ناقصة قتلى، دحنا ارتحنا من الوباء ده، يللا عقبال ما يرحلوا الصعايدة كمان بالمرة .
هذه مجرد جملة من حوار عنصري بغيض سمعته بين شاب "روش طحن"، وبائع بإحدى مطاعم الوجبات الجاهزة بحي "المهندسين"، بالقرب من موقع المجزرة التي ارتكبها أشاوس الأمن المصري بحق اللاجئين السودانيين الذين أتضح بجلاء ألا بواكي لهم، فحكومة الخرطوم مارست النخاسة بحق مواطنيها، منذ اللحظات الأولى للجريمة حين خرج مستشار الرئيس السوداني محجوب فضل، قائلاً إنه من حق الحكومة المصرية أن تعيد النظام وتفرض هيبتها كما هو حق كل سلطة في السيادة على أرضها، وأنه من حقها فضّ الاعتصام"، وتصريح كهذا كفيل بمحاكمة قائله في أي بلد متحضر، خاصة حين يصل عدد القتلى إلى 26 إنساناً، ناهيك عن عشرات المصابين، وعلى يد قوات نظامية وليس في حرب أهلية، ومهما كانت المبررات والبيانات، فلا يوجد ثمة منطق يمكن أن يبرر سفك دماء الأبرياء .
لا جديد تحت الشمس .. ولا القمر
الأمن المصري تصرف كعادته، ووفق خبراته "الأمن مركزية" الكلاسيكية، وتراثه المملوكي العثمانلي، وبدا أن الغُشم المتعجرف منهج أبدي لا يتغير، و"الغُشم" تعبير من درر العامية المصرية البليغة، يعني افتقاد الحصافة، وتدني القدرة على تقدير الأمور حتى بالحد الأدنى من الحكمة، فجنود العمليات الخاصة يتصايحون (هع .. هع) كأنهم على أبواب عكا، وضباط أو بالتعبير الشائع "باشاوات" صغار متورمون غروراً، ازدانت أزياؤهم بكافة أنواع وأحجام الأسلحة النارية والبيضاء "لزوم البرستيج"، يتصرفون كطغاة صغار، بينما "الباشوات" الكبار يقفون على قارعة الطريق، لا يكفون عن الحديث عبر الهواتف الجوالة، يترقبون التعليمات القادمة من المديرية والإدارة والقطاع والوزارة، وبالطبع يتأففون من هذه "المهنة" وتلك الأيام السوداء، التي جعلتهم هدفاً لـ "اللي يسوى واللي ميسواش"، بينما لا يفوت أحدهم أن ينهر سائقه المجند لأنه تأخر على موعد "البيك الصغير" في الدرس الخصوصي، أو "الهانم" في النادي .
...........
مواطن تلفزيوني من هؤلاء الذين يحتفظ بهم في "مكان ما" معدو ومخرجو البرامج في "تلفزيون الزيس" المصري، قد تجده أحياناً شاباً، وأخرى سيدة، وثالثة يرتدي الجلباب وهكذا حسب مقتضيات الحال، وفي تغطية مجزرة المهندسين كان المواطن "إياه" يرتدي هذه المرة ملابس "كاجوال"، وهي بالطبع من لوازم حي المهندسين، وما أدراك ما المهندسين، وشارع جامعة الدول العربية، الذي أصبح عنواناً على زمن "الوحدة التي لا يغلبها غلاّب"، ما علينا لنبقى مع الأخ المواطن التلفزيوني الذي عبر عن تأففه بحركة من شفتيه التقطتها الكاميرا بعناية، وانطلق قائلاً : "الناس دي بدأت تظهر بينهم أوبئة وإيدز"، واخد بالك عزيزي القارئ من كلمتي "أوبئة وإيدز" جيداً ؟، ألا تصدعنا وزارة الصحة ليل نهار بأنه حتى الطيور المهاجرة تخضع للفحص الطبي الدقيق، قبل أن يسمح لها بدخول البلاد ؟ .
يقفز إلى قلب المشهد رجل تبدو على سيماه ملامح أعضاء الحزب الوطني "الحاكم من يومه"، لهذا مدّ يده بثقة في محاولة لانتزاع الميكروفون من المذيعة، لكن على مين يا حبيبي ؟، دي المذيعة "عليّة اللعبيّة"، تقتل ميه وألف مقابل التشبث بالمايك "العهدة"، فيكتشف أن "الحارة سدّ"، ويكتفي بالحديث الهادر الذي يقطر حباً لمصر، وإيماناً راسخاً كأنه على ثغر من ثغور الإسلام، قائلاً "حدفوا الشرطة بأزايز الخمرة اللي بيطفحوها ليل نهار"، تهز المذيعة كتفها طرباً واستنكاراً .
تعليق من أحد المدونين على الإنترنت: (هما لاقيين ياكلوا لما يسكروا، الإعلام الحكومي عايز يظهرهم كأنهم شوية صيّع مايستاهلوش حتى الرحمة), وبالفعل لا يفهم المرء قصة زجاجات الخمر هذه التي بدا الإلحاح عليها واضحاً، سواء لدى المواطن التلفزيوني وبيانات الخارجية والداخلية، إذ رأيتها شخصياً ـ كصحافي ـ أنها كانت زجاجات فقط, ولعل "عم عبدو الأقرع" بائع الفول يضع الزيت والخل في زجاجات كانت ذات يوم سيدة مجالس الندماء، لكن حدث وتقلب بها الحال حتى استقرت على "عربة الفول"، وتابت وأنابت وأصبحت وعاء للزيت الحار بعد أن كانت قنينة لـ "أم الكبائر"، وهذا يحدث في كل مكان بمصر تقريباً .. من ثلاجة "أم بطة" حتى عربة "عبدو الاقرع"، فما سر الإلحاح الخبيث على قصة "إزازة الخمر"، خاصة في مناخ يتعاظم فيه الهوس الديني، حتى أصبح تجارة وشطارة
يتبع .............