تأملات وقراءات فى الأسبوع الثالث من الصيام الكبير أحد الإبن الضال الجزء الثانى

fikry

Member
عضو
إنضم
6 يونيو 2009
المشاركات
193
مستوى التفاعل
9
النقاط
18
الإقامة
الولايات المتحدة
تأملات وقراءات فى الأسبوع الثالث من الصيام الكبير
أحد الإبن الضال الجزء الثانى


مقدمة

الإبن الضال هى قصة كل واحد فينا , وشوفنا المرة اللى فاتت قصة أبن عنده رغبة شديدة لموت أبيه وأن لم تكن معلنة تجاه موت أبيه بأنه بيطلب ميراثه وأبوه لازال حيا ورغبة شديدة أيضا تجاه موت نفسه لأن كانت نتيجة التصرف والأنفصال اللى طلبه وحققه كان أنه وصل إلى حد الموت وحد الهلاك ,والحقيقة هذا الوضع أوقات كثيرة أحنا بنكون عليه يوم ما بنحب يكون لنا أمكانيات بنأخذها من ربنا ،عايزين فلوس وعايزين جمال وعايزين صحة وعايزين مركز وعايزين مكانة ونأخذ كل هذه الأشياء من ربنا ونبعد بيها عن ربنا وكأننا نتمنى أن ربنا ما يكونش موجود أو نتمنى عدم وجود الله علشان ما يحاسبناش ومايقوليناش أنت اللى بتعمله ده غلط ،وكم يتمنى الأنسان أنه يبقى عنده كثير ولا يوجد رقيب عليه أو محاسب ويظن الأنسان أنه كل ما كان عنده كثير ولا يوجد ورائه أى حد ليحاسبه تبقى هى دى المتعة الحقيقية وأن دى بهجة وفرحة الحياة ، هى حكاية أبن جاحد أمام قلب أبوه المحب محبة لا حدود لها وقد ظن وتوقع أشياء خاطئة أن حريته ومتعته وراحته وسعادته أنه تكون بعيدا عن حضور أبيه لكن كانت الحالة اللى وصل ليها لما فكر التفكير الغلط أنه ينفصل عن الأب وعن بيت العائلة وهذا تفكير بعيد جدا عن فكر أى أنسان حتى موجود لحد الآن فى لوقت الحاضر ،فالأنسان فى وسط عائلته بيشعر بعزوته وقوته وبيشعر بالآمان والإطمئنان ولما حايتعب حايلاقى حد يسأل عليه ولما يحتاج حايلاقى اللى يساعده ولما بيبقى قاعد فى بيته وفى وسط أهله هذا يعطيه نوع من الطمأنينة أو نوع من الأمان وعلشان كده الأنسان دايما بيرتبط بمنشأه أو بأصله او بعيلته ،وحتى لما بييجى واحد يسألك أنت منين ؟ فتقول له أنا من البلد الفلانية وحتى يمكن أنت يمكن ماكنتش شفت البلد دى ولكن أحساس أن لي أصل وأن لي جذور وأن لي كيان وهذا الكيان مش فردى ولكنه كيان جماعى بيعطى الأنسان نوع من الأمان ومن الأطمئنان ،ولكن هذا الأبن رفض كل شىء! أنفصل ليس فقط عن الأب لكن أنفصل أيضا عن الجماعة وعن كيانه وعن جذوره وعن أصله ,ولما بيسألوا عن واحد بيقولوا ده من بيت فلان وأبوه فلان وكأن معرفة أب هذا الأنسان يعطى ثقة فى الأبن أن هذا معروف وله أصل وليه كيان ولكن واحد غير معروف بيتعرض لموقف حرج لكن هو ضرب بكل ده عرض الحائط وخرج لكورة بعيدة وراح لكورة الأمم وأبتدأ يبذر ما له بعيش مسرف, وتعالوا نتابع بقية القصة.

14*14فَلَمَّا أَنْفَقَ كُلَّ شَيْءٍ، حَدَثَ جُوعٌ شَدِيدٌ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ، فَابْتَدَأَ يَحْتَاجُ. كلمة كل شىء هنا لاتعود فقط على الحاجات المادية اللى كانت معاه يعنى مش فقط أنفق الفلوس لأ ده أنفق حاجات كثيرة جدا فهو أنفق من صحته ومن مشاعره ومن سلامه ومن هدوئه ومن إطمئنانه ومن راحة البال ومن فرحه ,وكل ده خلص ..الهدوء والفرح والمتعة والسلام كلهم خلصوا أو أنفق كل شىء ماديا وكل شىء نفسيا وكل شىء روحيا ولم يتبقى له أى شىء روحى يربطه بهذا الأب أو بذلك البيت حتى أنه عبر عن موضوع إنى أهلك ،فهو ليست مجرد هلاك جسدى ولكن أيضا هلاك نفسى وروحى ،بعدين حدث جوع شديد يعنى فقدان الشبع ،وهو الحقيقة فى وقت من الأوقات كان حاسس أنه شبعان ومعاه فلوس كثيرة وبيبذر بعيش مسرف ولم يجعل نفسه تشتهى شىء ولا تجدها يعنى فى لحظة من اللحظات شعر أنه شبع وملأ الحفرة بتاعته لأن علماء النفس بيقولوا أن كل واحد فينا جواه حفرة عميقة وهى حفرة من الأحتياجات وكل واحد فينا بيحاول يملأ الحفرة اللى جواه ،يعنى أنا لي أحتياجات مادية ونفسية وروحية ومحتاج للحب ومحتاج للحنان ومحتاج بالأحساس بأهمية نفسى ومحتاج للأمان وللأطمئنان ومحتاج للشبع وليا أحتياجات كثيرة والأحتياجات دى بيشبهوها جوه الأنسان بحفرة عميقة وأنها بئر داخل الأنسان والأنسان دايما عايز يملأ هذا البئر علشان يشعر بالشبع ولكن فى أوقات كثيرة بنعمل اللعبة اللى بيعملوها الأطفال على شاطىء البحر وهم أنهم دايما بيعملوا حفرة فى الرمل ويبدأوا فى تعميق الحفرة دى على قد ما يقدر يعنى يعمل حفرة غويطة خالص وبعدين يجرى الطفل بالجردل بتاعه ويجبب مياه من البحر ويملأ الجردل ويفضيه فى الحفرة ويجرى بسرعة تانى ويجيب مياه فى الجردل ويفضى فى الحفرة ويجرى ويجيب ويجيب ويجيب ! وكأنه فى خياله عايز يضع مياة البحر دى كلها فى الحفرة! وقد ينجح فى لحظة من اللحظات أنه يملأ الحفرة بالمياة فيرمى الجردل ويصفق ويهيص ويقول أنا ملأت الحفرة ،لكن مسكين هذا الطفل لأن ما هى إلا لحظات والحفرة اللى أتملأت تكون فضيت ،وهذه هى لعبة الحياة اللى كل الناس بتعملها وماسكه جردلها فى أيديها وبتجرى ناحية العالم أو ناحية البحر وعمالة تغرف منه وتكب جوه الحفرة اللى عملتها جواها ، يعنى تجرى وتذاكر علشان تنجح وتملأ الحفرة بالنجاح وبعدين تجرى علشان تشتغل وتملأ الحفرة بالنجاح فى العمل وتجرى علشان تملأ الحفرة بأرتباطات العاطفية وتجرى علشان تملأ الحفرة بممتلكات وبمراكز وبعلاقات ومن مرحلة لمرحلة الأنسان عمال يجرى ويملأ من العالم ويكب فى الحفرة وفى لحظات قد يشعر الأنسان أنه نجح ماديا وأجتماعيا ومعنويا وأنه حقق اللى هو عايزه ولكن ماهى إلا لحظات ويشعر هذا الأنسان بالفراغ العميق جدا جدا جدا فى داخله لأن مفيش حاجة بتدوم ومفيش حاجة بتستمر ودى كانت صرخة الله من العهد القديم فى أرميا 2: 13 لأَنَّ شَعْبِي عَمِلَ شَرَّيْنِ: تَرَكُونِي أَنَا يَنْبُوعَ الْمِيَاهِ الْحَيَّةِ، لِيَنْقُرُوا لأَنْفُسِهِمْ أَبْآرًا، أَبْآرًا مُشَقَّقَةً لاَ تَضْبُطُ مَاءً. تركونى أنا ينبوع الماء الحى , وأى محاولة للشبع أولملىء الحفرة خارج الله ستبوء بالفشل وقد ينجح إلى لحظات كما هيص الطفل الصغير وقال ملأت الحفرة ولكن ما هى إلا لحظات والحفرة تفضى تانى , فالإنسان ما بيشبعش , بيخلص من حاجة ويحاول يشغل نفسه بحاجة تانية علشان يشبع , ويخلص من الحاجة التانية يبحث عن الثالثة , الإنسان بيجرى ناحية الشبع لكن النتيجة أنه أحتاج لأنه عاش فى هذه الكورة البعيدة , والكورة البعيدة هى رمز للعالم , وهى اللى مافيهاش الأب موجود , الكورة البعيدة اللى مافيهاش الأب الحنون المحب , بيقول حدث فيها جوع شديد جدا, يعنى إحتياج شديد , فمن يستطيع أن يسد الجوع ويشبع إذا كان الكل أصبحوا تحت هذا الإحتياج الشديد , وده مصير كل من أستبدل ميراثه الأبدى الدائم بأشياء من المال أو بأشياء مادية وقتية فانية لا تدوم وظن أنه ممكن يتمتع بيها وينبسط بيها وهذا الإبن أستبدل ميراثه بشوية متع وقتية ظن أنها ممكن تعطيه معنى للحياة لكن كانت النتيجة أنه أبتدأ يحتاج , ولما أبتدأ يحتاج كان ممكن يفكر فى الرجوع لبيت أبوه لكن بنشوف فيه إصرار عجيب جدا انه ما يرجعش وأن فكرة العودة للبيت فكرة مرفوضة لأن مازال جواه فكرة خاطئة عن أبوه المتحكم والمسيطر والمراقب بالرغم من أن أبوه قسم حياته و قسم معيشته وأعطاه لكن ما قدرش يدرك أن دى محبة من أبوه ولسة فاهم أبوه خطأ , أرجع ! أرجع ده أيه , أرجع علشان يشتمنى وعلشان يرفضنى ويقول لى أنت أخذت اللى ليك وماليكش حاجة عندى وأمشى بره والا أرجع علشان يشمت فيا ويقول لى يا خايب شوفت أنت وصلت لأيه , أرجع علشان يعايرنى ويوبخنى أو يهيننى أو يهذأنى قدام الناس , يعنى مازال فى فكرة خاطئة عن هذا الأب فى ذهن هذا الأبن ,وعلشان كده بالرغم من أنه محتاج لم يفكر فى العودة لكن فكر أنه يحل الموضوع بنفسه وفكر أنه يسد إحتياجاته بنفسه .
15*15فَمَضَى وَالْتَصَقَ بِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْكُورَةِ، فَأَرْسَلَهُ إِلَى حُقُولِهِ لِيَرْعَى خَنَازِيرَ. وكلمة مضى وألتصق بتعنى أنه خطط طريق خلاصه بنفسه من هذا الموقف ومن هذا الإحتياج , وكلمة ألتصق فى معناها يعنى لزق أو راح أتلزق فى واحد من أهل تلك الكورة , ألتصق بأهل هذا العالم وظن أن ممكن واحد من هذا العالم يستطيع أنه يشبعه ويستطيع أنه يريحه ويستطيع أنه يحل ليه مشاكله وأنه يفرحه , وداود النبى قال فى مزمور 116: 10- 14 10آمَنْتُ لِذَلِكَ تَكَلَّمْتُ. أَنَا تَذَلَّلْتُ جِدّاً. 11أَنَا قُلْتُ فِي حَيْرَتِي: «كُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِبٌ». 12مَاذَا أَرُدُّ لِلرَّبِّ مِنْ أَجْلِ كُلِّ حَسَنَاتِهِ لِي؟ 13كَأْسَ الْخَلاَصِ أَتَنَاوَلُ وَبِاسْمِ الرَّبِّ أَدْعُو. بيتكلم عن نفسه لما تذلل ولما وصل للحيرة ومش لاقى حل راح قايل أن كل الناس كاذبون ومحدش يقدر يقدم لى حاجة ومحدش يقدر يعطينى حب حقيقى ولا إهتمام ولا حل لمشاكلى ولا راحة ولا فرح ولا سلام , يعنى ماتترجاش شىء من إنسان من أهل هذا العالم , لكن وضع رجائه فى ربنا وقال بماذا أكافىء الرب عن كل ما أعطانى وكأس الخلاص آخذ وبأسم الرب أدعو , والأبن الضال لم يقدر أن يصل لإختبار داود لكن راح ولصق بواحد من أهل هذا العالم علشان يشبعه , وكما قلت أن أهل الكورة هم رمز للعالم , ومين هذا اللى راح ألتصق بيه ؟ طبعا رئيس هذا العالم , يعنى لزق فى الشيطان رئيس هذا العالم وأغنى واحد فى هذا العالم , أو هذا العالم تحت سلطانه , فراح ولزق فيه لعله يسد جوعه ويسد إحتياجاته ويشبعه , وكم يجرى الإنسان وراء رئيس هذا العالم أو الشيطان ويفتكر أن الشيطان ممكن يحل له مشكلته و ممكن يريحه وممكن يشبعه وممكن يمتعه ويلذذه , وكانت النتيجة أن هذا الواحد اللى راح ألتصق فيه أرسله ليرعى الخنازير فى حقوله , وراح يلتصق فيه علشان يتمنى أنه يحبه , والإلتصاق معناه علامة حب قام التانى أرسله يعنى بعته وأبعده علشان يشغله فى حقوله ليرعى الخنازير , أنت رايح ترتاح عند رئيس هذا العالم ورايح تبحث عن إنسان من هذا العالم يريحك ويفرحك, لا يا حبيبى لا يحبك أحد ببلاش , وده أنت لازم تدفع ثمن إلتصاقك بيه , ده حا يشغلك وحا يشغلك أيه فى رعاية الخنازير , الشغلانة المذلة المهينة للإنسان اليهودى , مفيش حد بيحب حد مجانا أو بيدعى أنه بيحب الآخر مجانا , فاللى حايقدم لك حاجة حايطلب مقابلها الكثير جدا أولا إستغلالك وثانيا إذلالك , فلا تترجى شىء من إنسان وعلشان كده يمكن فى الإصحاح 14 لما المسيح قال مثل الملك اللى عنده 10 آلاف وداخل فى حرب مع واحد ملك آخر عنده 20 ألف , فمش حايقدر يقاوم فبيقول يرسل يستدعى صلحا , والملك اللى عنده 20 ألف هو الشيطان , طيب أيتصالح مع الشيطان طبعا لأ ولكن معنى الصلح أنه أخلى طرفه من عند الشيطان , فلا تجعل الشيطان ليه عندك حاجة وأخلى طرف وسلم كل اللى للشيطان عندك ليه , وهو ده الصلح وهى نفس العبارة اللى قالها السيد المسيح فى يوحنا 14: 30 30لاَ أَتَكَلَّمُ أَيْضاً مَعَكُمْ كَثِيراً، لأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ. رئيس هذا العالم آتى ومالوش حاجة عندى , لكن هذا الأبن ربط حياته ولزق حياته برئيس هذا العالم فأرسله لكى يرعى الخنازير اللى فى حقوله وكانت الخنازير بإستمرار رمزا للنجاسة , يعنى بيشغله لكى يخدم النجاسة ولكى يرعى النجاسة وأشتغل للنجاسة وللخطية , وهو ده رئيس هذا العالم اللى أنت بتجرى علشان تتذلل ليه وتخدم الخطية , ففى الأول كان الإنسان بيتمتع بالخطية وبيتلذذ بيها , ولكن دلوقتى الإنسان هو اللى بيتذل من الخطية وبيشتغل فى خدمتها وبيخضع ليها وبيشقى من أجلها وبيتعب علشانها وبيشبهوها بعملية الإدمان , فتجار المخدرات بيقدموا الجرعة الأولى مجانا , وخذ وأنبسط وأتمتع وإتمزج لحد ما الإنسان تتسلط عليه العادة , وبعد كدة أدفع , أدفع من جسدك ومن كرامتك وأدفع من وقتك ومن صحتك ومن أبديتك ومن خلاصك ومن طهارتك ومن سلامك , أدفع كل حاجة عندك , ففى الأول خذ وبعد كده أدفع إلى الأبد وهى دى قصة الخطية من الآخر " العالم لن يعطيك إلا لما يأخذ منك فى المقابل" وهو ده أسلوب العالم , الشيطان لا يقدر أن يعطى دون مقابل , والإنسان أيضا لا يقدر أن يعطى دون مقابل , فإذا كان حد بيقدم لى حب فهو منتظر أنى أقدم له حب مقابل حب , لوقدم لى شوية مشاعر وكلام فهو مستنى أنى أقدم له شوية مشاعر وكلام وإن ما قدمتش , هو كمان مش حايقدم تانى , هو ده أسلوب العالم , الشيطان ليس مثل ربنا , لأن ربنا محبته بلا مقابل , فهو يعطى وليس منتظر شيئا , وفى قصتنا أبوه أعطاه من غير ما يكون مستنى منه أى حاجة , أعطاه وهو عارف أنه سيأخذ كل اللى حايعطيه له ويبعد عنه لكن أعطاه , فطبيعة الله حب بلا مقابل وحب مستمر وما بيتغيرش بتغير الظروف لكن الشيطان ما يقدرش يقدم بلا مقابل , فهو يقدم من أجل أنه يستولى ومن أجل أنه يستغل ومن أجل أنه يذل , ولما بيقول وأبتدأ يحتاج , لأنه كان الإحتياج شديدا جدا , فالسيد المسيح وهو بيقول القصة حبك القصة بموقف رائع جدا , السيد المسيح أفتعل هذا الجوع الشديد فى القصة , وهذا الجوع زى ما حانشوف فى الآخر الذى سيؤدى بالأبن أنه يرجع إلى أبوه , لأن السيد المسيح عايز يقول حاجة وهى أن الله قد يسمح بجوع شديد فى حياة الإنسان وبإحتياج شديد وبألم وبضيق وبمشكلة , وهذا الألم وهذا الضيق وهذا الإحتياج مش نتيجة تخللى الله عن الإنسان لأ بل بالعكس دى عين ربنا الساهرة على الناس الخطاة هى التى أفتعلت هذه الأزمات وهذه الضيقات علشان يفوقوا لنفسيهم ويرجعوا مرة تانية إلى حضن الآب , وربنا فى سفر أرميا بيقول آية جميلة جدا ذهبية إفتكروها فى ذهنكم 10: 18 18لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «هَئَنَذَا رَامٍ مِنْ مِقْلاَعٍ سُكَّانَ الأَرْضِ هَذِهِ الْمَرَّةَ وَأُضَيِّقُ عَلَيْهِمْ لِكَيْ يَشْعُرُوا». أضيق عليهم علشان يحسوا برداءة الحال وبخطورة الموقف اللى هم فيه , وعلشان كده قد يسمح الله بآلام وجوع شديد يحدث فى العالم وبكوارث صعبة وبضيقات شديدة فى حياة كل واحد علشان الإنسان يشعر ويحس , وهذا الأبن كإنسان يهودى , الخنازير فى حكم الشريعة من الحاجات المحرمة لأنها من الحيوانات الغير طاهرة أو الحيوانات الدنسة , وكان كل إنسان يهودى يشمئذ من الخنازير ومن الوجود معاها والراجل اللى كان فى هذه الكورة كان يعلم هذا جيدا وبالرغم من هذا أرسل هذا الإنسان إلى هناك لكى ما يذل وهذا ما يقدمه العالم ورئيس هذا العالم لكل إنسان يلتصق , وأنا بأتعجب لهذا الأبن , فهو لو كان عنده أى إحساس بالكرامة وعزة النفس اللى هو بيدعيها ومش عايز يرجع لبيت أبوه علشان أبوه لا يهينه أو أن أبوه يعايره أو يشمت فيه , وكل هذا بداعى كرامة النفس , لا ده أنا أموت من الجوع ولا يقول لى كلمة واحدة , ولو فعلا هو بيدعى كرامة النفس لكان قد رفض أنه يفضل فى حقول الخنازير يرعاها , وماكانش ممكن يقبل أبدا هذا الوضع لكن للأسف فى حالة الخطية وفى حياتنا كلنا وأحنا خطاة بتكون فى أمور كثيرة مغلوطة فى حياتنا , ونتظاهر بأن عندنا حرية وعندنا كرامة وعندنا متعة ولكن فى واقع الأمر أحنا لا نعرف طريق الحرية ولا طريق الكرامة ولا طريق المتعة , وكل واحد يقول أنا حر وفى واقع الأمر هو فى عمق العبودية , وكل واحد بيغلط يقول أنا حر أعمل اللى أنا عايزه ومحدش يكلمنى لكن المفهوم مغلوط عنده , طيب أنت حر أزاى وأيه أنا حر أروح المكان ده أشرب دى وأعمل دى وأدخل فى العلاقة دى أنا حر ,ده أنسان بيدعى الحرية , لكن فى واقع الأمر هو فى منتهى العبودية , فكل من يفعل الخطية هو عبد للخطية , وكل واحد بيتظاهر بكرامته ويقول كرامتى , وكل واحد بيفضل يبحث عن كرامته , وفى واقع الأمر هو فى عمق الذل والإهانة , فهو ماكانش عايز يرجع علشان كرامته لكن فضل فى الذل والمهانة , وكل واحد بيدعى أنه بيتمتع بحياته وبيدعى أنه فرحان بحياته باللى هو بيعمله وبالحاجة اللى على مزاجه لكن فى واقع الأمر أنا فى عمق المرارة , حاجات كثيرة مغلوطة فى حياتنا وإحنا مستسلمين ليها والمصيبة أننا فاكرين أن أحنا ماشيين صح .
16* 16وَكَانَ يَشْتَهِي أَنْ يَمْلَأَ بَطْنَهُ مِنَ الْخُرْنُوبِ الَّذِي كَانَتِ الْخَنَازِيرُ تَأْكُلُهُ، فَلَمْ يُعْطِهِ أَحَدٌ. وكلمة كان يشتهى , بتصور لينا أن الشهوة مازالت تعمل فى داخله لكنه لم يجد , وهو كان من شوية كان ممكن يشترى شهوته بالفلوس اللى معاه , ودلوقتى بيشتهى ومش لاقى يجيب , وهذا هو عقاب بابل فى سفر الرؤيا 18: 14 14وَذَهَبَ عَنْكِ جَنَى شَهْوَةِ نَفْسِكِ، وَذَهَبَ عَنْكِ كُلُّ مَا هُوَ مُشْحِمٌ وَبَهِيٌّ، وَلَنْ تَجِدِيهِ فِي مَا بَعْدُ. تلك المدينة الزانية العظيمة شهوتك لن توجد بعد , وعلى فكرة حالة الجحيم ما تفتكروش أنها عبارة عن نار مشتعلة وكل شوية بيحموها للناس علشان تتشوى ! لأ الحقيقة مش ده الجحيم , وما تفتكرش أن الخطية ستبطل لما حاتروح الجحيم والجحيم بعينه أن الإنسان يشتهى ولا يجد , وهو ده اللى عاش مع الشيطان وعاش تحت سلطان الشيطان , وهو ده العقاب الأبدى , إن الأنسان يتحرك بالشهوة وليس من يسد شهوته , وفاكرين مثل الغنى ولعازر , الغنى اللى أترمى فى الجحيم قال لأبراهيم أبعت لى لعازر يبل لسانى , طيب يعنى أيه يبل لسانى ؟ يعنى عطشان ويحترق من شدة الإحتياج ويحترق من شدة الشهوة ومحتاج فقط لبلة طرف لسانه , ودى أقصى أمنية بيتمناها أنه يبل لسانه بطرف صباع لعازر , شهوتك لن توجد فيما بعد , وليس لأنك مش حا تشتهى لأ ده لأنك حاتشتهى ومش حاتلاقى! , , كلنا عارفين أن الخنازير دايما بتعيش على الزبالة وعلى فضلات الأكل ومن فرط المجاعة ومن شدة المجاعة مفيش حد بيبقى حاجة وما بقاش فى زبالة وما بقاش فى فضلات فأبتدأوا يطعموا الخنازير خرنوب وهو نبات برى ناشف ومر وقاسى , وبيقول أنه أشتهى أنه يأكل هذا الخرنوب اللى الخنازير كانت بتأكله والمصيبة أنه لم يعطه أحد , يعنى محدش أعطاه , طيب لما واحد بيفكر كده , طيب ما هو يمد أيده ويأخذ فهل يقدر ؟ ما يقدرش لأن الخنازير هى كمان جوعانة ولو أقترب من أكلها ستمزقه أربا وحاتاكله , وعلشان كده تعبير ولم يعطه أحد , والعجيبة حتى لو أخذ من هذا الخرنوب أيضا مش حايقدر لأنه ليس عنده المعدة التى تهضم الخرنوب مثل الخنازير , وربما تمنى فى هذا الوقت أن يكون خنزيرا وله نفس معدة الخنزير التى تستطيع أن تهضم هذا الخرنوب فيأكله , ولكنه شعر أن الخنازير كانت أحسن حالا منه , يعنى حتى حالة الخاطى محصلش أنه يكون خنزير!, وهى دى حالة الإنسان الخاطى , وتدحضر بيه الحال جدا لدرجة أنه مش محصل يكون خنزير اللى هو أنجس الحيوانات , يعنى مش ماحصلش أنه يكون حيوان ده كمان محصلش أنه يكون أنجس الحيوانات وأدناها وأرذلها , فلم يعطه أحد ومالقاش.
17* 17فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعاً! وتعبير رجع إلى نفسه تعبير جميل جدا , يعنى كأن نفسه دى كانت ضايعة منه وتائهة وهو أنفصل عن نفسه , أو حالة الإنفصام التى تصيب الخاطى , واحد تائه عن كيانه , كأن نفسه ضاعت منه وما صدق ولقاها , وهو ده حال الإنسان الخاطىء أنه فاقد لنفسه وفاقد لعقله لأنه يصير مسلوب الإرادة ومسبى بالعبودية وبسلطان الخطية , مسلوب ومسبى وتائه ومأسور , وبعيدين قال تعبير وكم من أجير لأبى يفضل عنه الخبز , يعنى الناس اللى شغالين عند أبويا بيتبقى فى موائدهم الخبز , وأنا هنا أهلك جوعا , وكأن صرخته هى إنى أهلك , لما يجوع الإنسان وتحفى رجليه يبتدى يفوق ويرجع لنفسه وأبتدأ يتذكرعز أبوه والحال اللى هو كان فيه عند أبوه وخدامين أبوه بيفضل عنهم الخبز وللأسف ده الحال اللى ماكانش عاجبه واللى تمرد عليه واللى رفضه واللى خرج منه واللى أنفصل عنه , كم من مرة تقسو يد الله على الخاطى المكابر الذى يشعر أنه غنى وقد أستغنى , وتقسو يد الله علشان الخاطى ده يرجع لنفسه , لكنها قسوة رحيمة وربنا بيشد على الإنسان برحمته , قسوة رحيمة ,فأخذ قرار العودة أنه يقوم ويرجع بعد ما درس كل فكرة لتحسين حالة الوضع وبعد ما حاول كل محاولة أنه يحسن من حالته دون أن يرجع إلى بيت أبوه ومالقاش قدامه مفر إلا أنه يرجع وهو ده الحل الوحيد , يعنى العودة هى الحل , وواضح جدا أن مفيش أى حد دعاه أنه يرجع بيت أبوه ومحدش قال له طيب ما تقوم ترجع , لكن هو اللى قرر الرجوع من نفسه , والألم والإحتياج والضيق هما اللى فوقوه وأرجعوه مرة تانية لبيت أبوه , يعنى لا سمع وعظة ولا حد خدمه وأفتقده ولا سمع ترتيلة ولا سمع أى حاجة , فقط الألم والإحتياج هم اللى رجعوه وفوقوه , وعلى مدى السنين من الإستماع إلى عظات وقراءة تأملات , الخبرة بتقول أن العظات لا تغير الناس , آه ممكن العظة أو الكلمة تعمل شوية تأثير وقتى يعنى تنغمش داخل الإنسان كده لكن بعد أيام هذا التأثير بيروح والإنسان بيفضل زى ما هو عليه ومفيش تغيير حقيقى بيحصل فى حياة الإنسان إلا لما بيتم بواسطة تجربة أو ألم أو ضيقة أو إحتياج الإنسان بيدخل فيه وده عن تجربة شخصية فى حياتى , وهنا بيبتدى الإنسان يفوق فعلا , فضيقة أو إحتياج أو ألم الله يسمح بيه فى حياة الإنسان هو ده اللى بيخللى الإنسان يرجع , إنما تقعد تسمعه فى عظات من هنا لبكرة وتجيب له الأنبا مين وما أعرفش مين ومين ومين , أهو يسمع كلمتين ينبسط بيهم ويطلع زى ما دخل زى ما خرج! , لكن متى يتغير؟ الحقيقة هى كلمة صعبة ولكن حأقولها , لما يتذل ! ولما يدخل فى ضيقة وفى ألم وفى إحتياج يبتدى يرجع لنفسه ويفوق وهى دى الكلمة اللى ربنا قالها لشعب إسرائيل فى سفر التثنية 8: 16 16الذِي أَطْعَمَكَ فِي البَرِّيَّةِ المَنَّ الذِي لمْ يَعْرِفْهُ آبَاؤُكَ لِيُذِلكَ وَيُجَرِّبَكَ لِيُحْسِنَ إِليْكَ فِي آخِرَتِكَ. أذلك وأجربك لكى أحسن لك فى آخرتك , فلما الإنسان يتذل ويتألم ويتوجع يبتدى يفوق لنفسه ويبتدى يأخذ خطوات جدية فى التغيير , لكن طول ما هو بيسمع كلام أهو ياما سمعنا كلام لكن أحنا زى ما حنا , ودى رحمة الله التى تبدو أنها تقسو لكن قسوة رحيمة وقسوة محبة , علشان الإنسان يتغير بالكلام محتاج أن يكون المتكلم ينطق بالروح القدس وأن السامع أيضا يكون خاضعا للروح القدس , يعنى الروح القدس ينبغى أن يعمل فى المتكلم وفى السامع , ولكن لأن أحنا عايشين فى الخطية , فكيف يشتغل فينا الروح القدس؟ فلذلك بنسمع فقط , والقديس بولس الرسول على فكرة حصل له نفس الموقف ! , طيب بولس الرسول أتغير أزاى؟ أنتم عارفين بولس الرسول سمع مين بيوعظ ؟ طبعا سمع أستفانوس وده تعرضنا له عند تأملنا فى شخصية القديس أستفانوس أول الشهداء , وأستفانوس كان مملوءا حكمة ومملوء من الروح القدس , طيب عظة أستفانوس هل غيرت فى بولس الرسول حاجة؟ طبعا ولا حاجة , وكانوا بيرجموا أستفانوس وهو حاطط هدوم اللى بيرجموه عند رجليه , طيب متى تغير بولس ؟ لما وقع من على الحصان وأتعمى وأتذل عندئذ أبتدأ يتغير , ونسبة كبيرة جدا من اللى بيتغيروا فعلا بيكون نتيجة الألم والإحتياج , وعلشان كده ما أطيب هذا الألم إذا الإنسان أنتبه إليه وشعر أن دى أيدين ربنا اللى بتغيره , ونسبة قليلة جدا اللى بتتغير بتأثير الوعظ أو الكلام ويستمروا فى التغيير , وكان القرار اللى أخذه الأبن .
18* 18أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي، أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ،أقوم وأذهب وأقول , هم ثلاثة أفعال وثلاثة كلمات , وبداية الطريق للتوبة هى 1- أقوم أو أختبار قيامة أو وقفة 2- أذهب هى مسيرة أو مشوار 3- أقول , وهو وضع العبارة التى سيقولها وهى عبارة التوبة أخطأت إلى السماء وقدامك , وهى دى الثلاثة خطوات الأولى فى التوبة 1- قيامة من السقطة ومن الوضع اللى أنا فيه أقف ,2- أذهب مسيرة , ما هو ممكن أقوم وأقف مكانى , لأ ده أنا لازم أمشى , 3- أقول وتعالوا نختبر ذلك فى سفر هوشع النبى أول الأنبياء الصغار 14: 1- 2 1 ارْجِعْ يَا إِسْرَائِيلُ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِكَ لأَنَّكَ قَدْ تَعَثَّرْتَ بِإِثْمِكَ. 2خُذُوا مَعَكُمْ كَلاَماً وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ. قُولُوا لَهُ: «ارْفَعْ كُلَّ إِثْمٍ وَاقْبَلْ حَسَناً فَنُقَدِّمَ عُجُولَ شِفَاهِنَا.أرجع يعنى التوبة , وأنت راجع ما ترجعش فاضى لكن خذ معاك كلام , طيب أيه الكلام ده اللى حاتخده معاك ؟ كأن الإعتراف اللى بنعترفه بخطيتنا ده هو ذبيحة بنقدمها لربنا بشفاهنا , أقبل كلامنا , وأقبل حسنا , ونقدم عجول شفاهنا , وهذا بالضبط إللى عمله هذا الإبن , قام لما قال أقوم , وأذهب وأقول , وآخذ معايا ذبيحة القول والكلام , يا أبى ,انك مازلت أبى , يعنى بيفكره بسلطان الأبوة وهو هنا بيتمسك فى دالة البنوة , يا أبى يعنى أنت لسة أبويا بالرغم من أن هو كان أنكر هذه الأبوة , وكان رفض أنه يكون أبن , ولكن دلوقتى بيقول له أنت أبويا ومازلت أبويا وبحق أنك ابويا أنا راجع لك , أخطأت وهى الكلمة الأساسية فى الموضوع كله هى كلمة أخطأت , وأعترف بخطيته أنه مخطىء , وكان ممكن يرجع وهو راجع يبتدى يجهز التبريرات اللى حايقولها علشان يبرر اللى هو عمله , وكان ممكن يقول له أنت عارف بقى يارب أو أنت عارف يا أبويا طياشة الشباب وعارف رغبات الشباب وعارف ضعف الناس الصغيرين وعارف غرور العالم ومغريات العالم وأنا كنت فاهم الوضع غلط , يعنى هو لم يضع مبررات من التبريرات ولكن أول كلمة قالها أخطأت أو غلطت إلى السماء , فى حق السماء أو فى حق العدل وفى حق الحق وفى حق الله وقدامك أخطأت إلى السماء , وليس فقط أخطأت فى حق السماء , ولكنى أشعر أنه عايز يقول أن خطيتى يارب أو يا أبى كثيرة كثيرة كثيرة لحد أنها وصلت للسماء , يعنى ملأت الأرض كلها لحد السماء , هو إنسان حاسس بكثرة خطاياه , وبغباوته الشديدة اللى عملها , ما بيعملش زى ما أحنا بنعمل , وقبل ما نروح نعترف بنكون مجهزين يا أبونا أنا غلطت علشان هم عملوا وسوا والوضع والظروف والناس وأروح رامى الغلط أو أقول أنا غلطت علشان الظروف هى اللى قادتنى للغلط , لكن مين اللى بيقول أخطأت أو يقول أنا اللى غلطان مش الناس اللى حواليا ومش الظروف ولا ضعفاتى ولا أمكانياتى لكن أنا اللى غلطت بغباوة وبعند وبقساوة وهى دى التوبة الحقيقية , قدامك ولك وحدك أخطأت والشر قدامك صنعت زى ما قال داود فى المزمور الخمسين .
19*19وَلَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْناً. اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أَجْرَاكَ. التوبة الحقيقية هى شعور بعدم الإستحقاق ولذلك يقول لست مستحق أن أدعى لك أبنا لأن أنا أخذت كل حقوقى وأخذت كل اللى كان ليا عندك وضيعته وفقدته , وبعدين بيقول أجعلنى كأجير كواحد من الأجراء الكثيرين أو الشغالين عندك , وكلمة الأجير مازالت مسيطرة على هذا الأبن , وهناك فرق ما بين الأجير وما بين العبد , ولماذا لم يقل له أجعلنى كأحد عبيدك ولكنه أختار أنه يكون أجير وما يكونش عبد وما يكونش أبن! لأنه حاسس أنه مش مستحق أنه يكون أبن لأنه أخذ كل حقوق البنوة وضيعها ودى مش ممكن حاترجع تانى فى نظره؟ فقال تختار أنك تبقى أجير أو تبقى عبد وماهو الفرق بين الأجير والعبد؟ الأجير كما هو معروف بيشتغل باليومية ,وييجى فى الصباح يشتغل طوال النهار وفى نهاية النهر يعطيه سيده الأجرة ويأخذها ويخرج برة البيت يعمل اللى هو عايزه , لكن العبد ده مقيم فى البيت وبعد ما يشتغل بيبات فى البيت ولا يترك البيت بالرغم من أن العبد فى أحيان كثيرة بل فى كل الأحيان وضعه بيكون أحسن طيب ليه؟ لأن الأجير قد يشتغل يوم وقد لا يجد شغل تانى يوم لكن العبد ضامن أكله وشربه وإقامته بإستمرار , لكن الأبن أختار الأجير وأنه يشتغل باليومية ومازالت فكرة العودة إلى البيت والبقاء فى البيت بعيدة جدا عن ذهن هذا الأبن لأن هو كل اللى دفعه للرجوع أنه يسد إحتياجه يعنى علاقة المنفعة يعنى حأشتغل وآخذ أجرة لكن سأظل برة البيت أعمل اللى أنا عاوزه يعنى آخذ حريتى وآخذ مزاجى , حتى لو كان فى بقائى برة البيت فيه خطورة أن أنا ممكن فى يوم ما أشتغلش ويمكن أرجع أحتاج تانى لكن سأظل محتفظ بحريتى وهذا هو المفهوم المغلوط للحرية , يعنى آخذ إحتياجاتى وأسد إحتياجاتى من أبويا وبعد كده أعمل اللى أنا عايزه , وهو ماكانش راجع البيت من أجل أنه يصالح أبوه لكن من أجل أنه يسد إحتياجاته يعنى من الآخر علاقة النفعية أو المنفعة وع هذا كله قد تكون هذه العودة خطوة سليمة لكن حانشوف حاتتغير أزاى , يعنى كانت نظرته أخرج وقت ما أنا عايز وأدخل وقت ما أنا عايز يعنى فكرة الإستقلا عن الآب مازالت موجودة فيه , فهو قد أحتقر البنوة من قبل وخرج وعاش حياة الخطية وحياة الخطية أفقدته كرامة البنوة وصورة البنوة وحتى لما رجع وعاد مازالت البنوة كرغبة وكحقيقة بعيدة جدا عنه , يعنى لا هو عايز يرجع كأبن ولا يتخيل أنه ممكن يبقى أبن مرة تانية وروح التمرد لم تنتزع كلية بعد منه وروح الإستقلالية مازالت موجودة فيه وعلشان كدة ماكانش يتخيل أبدا أنه ممكن يرجع أبن مرة تانية , وفكرة العودة كأجير ربما أعطته دافعا أن هذا هو الحل المقبول لأنه ممكن يستطيع أنه يدفع لأبوه ويعوض أبوه عن الخسارة المادية اللى هو سددها فقال أحاول أصلح الوضع فحأشتغل وأجيب فلوس ويمكن أسدد أو أعيد بعض اللى أنا فقدته يعنى أصلح بنفسى , وهو ده الإنسان اللى بيحاول يغير نفسه ويصلح بنفسه وبجهاده الشخصى وببره الذاتى وبشوية ممارسات ممكن يعملها , يعنى مثلا واحد غلط وبعد عن ربنا فيقول طيب أصوم لى شوية أيام , طيب يعنى أدفع شوية عشور والا شوية فلوس لربنا أو أصلى كام مزمور أهو أدفع لربنا حاجة أعوضه عن اللى أنا ضيعته , وللأسف ساعات الإنسان يظن أنه بشوية حاجات ممكن يعملها بمجهوده الشخصى أو ببره الشخصى يقدر يعوض الأب عن الخسارة , عايز تشتغل عجيبة تشتغل أيه يا عم ؟ ده أنت محتاج كام سنة من السنين علشان تعوض جزء بسيط من اللى أنت أخذته من أبوك وأنت مش محتاج العمر كله بعد كده ! يعنى أنت محتاج عمرك وعمر الأجيال كلها علشان تقدر تعوض عن اللى أنت ضيعته , فكانت فكرة أنه يرجع البيت ويستقر فى البيت أصبحت فى نظره من المحال , وفكرة أنه يشتغل هى دى أحسن حل , فالعودة لبيت الأب ماكانش الأب هو المشكلة وما فكرش أن أبوه ممكن يعاقبه أو يأدبه أو يوبخه أو يشمت فيه أو يعايره ,لكن كان فى مشكلة تانية وهى الأخ الكبير , فلو هو رجع البيت وقعد فيه فأخوه حايقعد يعايره ويقول ياللى عملت فالح ياللى عملت شاطر ياللى ياللى ياللى وحايقعد يفكره بالماضى , بل والأكثر من هذا أن كل اللى موجود فى البيت هو ملك للأخ الكبير , فلو هو عاش فى البيت حيأكل من عيش أخوه , يعنى أخوه هو اللى حايصرف عليه , وبعد ماكان مذلول للأب دلوقتى حايبقى مذلول للأب وللأخ , وعلشان كده ماكانش عايز يرجع , يعنى كان عايز يسد إحتياجاته فقط , وهو كون فكرة مغلوطة عن الأب وفكرة أيضا مغلوطة عن الأخ التى نتجت عن معاملة الأخ ليه , وشعر أنه سيضطر أنه يعيش على ميراث أخوه وحيأكل عيش أخوه وبكدة يبقى خاضع تحت سلطان أبوه وأخوه أيضا , وهو عمره ما شعر فى لحظة من اللحظات أن أخوه الكبير بيحبه وكان فى نفور بينه وبين أخوه الكبير وحانشوف النفور ده بيتضح فى نهاية المثل , وكان الأخ الأكبر ده كأنه كان سبب كبير جدا فى عدم عودة الأبن إلى البيت , وما هو الأخ الكبير ده هو أحنا المتدينين وكم بنكون عوائق بنمنع الناس اللى عايزة تتوب أنها تتوب , وياما فى ناس كثيرة خطاة وعايزة ترجع وتدخل جوة الكنيسة , لكن عارفة كلام الناس ودندنة الناس وتريقة الناس ومسك السيرة اللى أحنا أخصائيين فيه وعارفه يوم ما حاييجوا حايتبهدلوا منا أحنا المتدينين أحنا الأخ الكبير اللى موجودين جوة البيت , وكم بنكون عائق كبير جدا للخطاة وساعات بنشجعهم على أعمالهم الغلط ونتمادى لغاية ما يفقدوا الإحساس بالعودة وعلشان كده مش عاوزين يرجعوا للكنيسة ونفسهم يرجعوا لكن عارفين العثرة القائمة فى الأخ الكبير والنتيجة ضياعهم, وكان الأخ ده مشكلة لوحده , مشكلة تانية فكر فيها وهى كيف يصل للبيت وقال علشان اوصل للبيت لازم أمشى فى شوارع القرية وحواريها الضيقة وحأضطر أن أنا أمر بالشوارع دى والناس حاتشوفنى ومجتمع القرية سيرانى والأطفال حايقعدوا يهيصوا عليا ويسخروا بيا ويقولوا شوفوا أهو ده اللى عمل شاطر وخاب , واهو ده اللى عمل وسوى , أهو ده اللى ساب بيت أبوه وراجع يجر أذيال الخيبة , يعنى فضيحة كانت مستياه , لكن قال حايرجع ويحل المشكلة بهذا الوضع بأنه يشتغل ويعوض أبوه عن اللى خسره وسببه من ضياع , والحقيقة حتى هذه اللحظة لم يكن يدرك أن اللى كسره مش ميراث ولا ناموس ولا قانون أو عرف بل اللى كسره هو قلب الأب وشركة المحبة اللى بينه وبين الأب , لما قال يعمل كأجير ظن إنه إقتراح وجيه ومقبول وفكرة ممتازة وظن أنه إذا أعاد المال الضائع لأبوه سيصبح كل شىء على مايرام , ولكن لم يكن يخطر بباله أن مش الفلوس هى اللى ضاعت لكن قلب أبوه هو اللى أنجرح وأنه سبب آلام عظيمة جدا لهذا الأب , وماكانيتش المصالحة بينه وبين الأب هى الدافع للرجوع أو هدف الرجوع وماكانيتش جزء من خطته , وكان كل اللى عايزه أنه يستطيع أن يجد ما يأكله وينجو من الموت , وما يسد إحتياجاته , يعنى علاقة النفعية فقط , والحقيقة هو كان فى الحالة اللى وصل إليها , ما يقدرش يفهم معنى المصالحة لأنه ما يقدرش على ثمن المصالحة , فالمصالحة ليها ثمن جبار جدا جدا جدا , وماكنش يخطر ليه على بال , وكان فاكر أنه مجرد أنه يسدد شوية فلوس فالموضوع يقدر يتصلح , وخلاصة القول أن الأبن الضال وأن قال أقوم وأرجع وأبتدأ طريق العودة لكنه لم يعرف بعد طريق العودة الحقيقى إلى أبيه , يعنى لسة ما رجعش فعلا عودة حقيقية , وكان مازال فى الكورة البعيدة , وحقيقى قرب بالجسد من بلد أبوه ولكن فكريا وروحيا كان مازال بعيدا جدا عن أبوه وماكانش قادر يقرب من فكر المصالحة وعلشان كده بيقول السيد المسيح:
20*20فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ. وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيداً رَآهُ أَبُوهُ، فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ. بالرغم من أنه قام وجاء ووصل لحد أبوه لكن بنشوف التعبير الدقيق جدا "إذ كان لم يزل بعيدا" يعنى أقترب بالجسد فعلا ولكن روحيا ونفسيا كان مازال بعيدا جدا عن أبوه لأنه مازال بيفكر أنه يرجع كأجير وهو ده كل اللى بيشغل باله أو علاقة النفعية أنه يسد إحتياجاته بينما فكر المصالحة مالهوش أى وجود فى ذهنه , وأخشى أن فى مرات كثيرة بتكون توبتى وتوبة كل واحد فينا بهذا الوضع , أحنا بنتوب وبنرجع لربنا مش علشان نصالح ربنا وعلشان قلب ربنا المجروح وعلشان المحبة , لكن أحنا بنتوب وبنرجع لأننا شفنا أن ثمن الخطية كبير , حصلت مشاكل فى حياتنا وأتضايقنا والوضع مابقاش مريح ومش مبسوطين , أهو نقوم نرجع !, أو أن فى مشاكل وخسارات طيب نشوف ربنا يسد إحتياجاتنا , صدقونى إحنا بنرجع من أجل المنفعة ومن أجل شوية راحة ضمير أو من أجل تخلص من مشاكل أو نتائج لعقاب الخطية أو واحد حاسس يعنى كده أنه طول ما هو قافل على نفسه ومش عايز يتكلم فبييجى يفضفض شوية لأبونا وللأسف ده اللى أحنا بتعمله فى التوبة لكن لم نصل بعد إلى التوبة الحقيقية , أننا ندرك مصالحتنا مع الآب , فكيف سيكتشف هذه المصالحة وكيف يصل إليها ده اللى حانكمله فى الجزء التالى .
والى اللقاء مع الجزء الثالث من تأملات وقراءات فى الأسبوع الثالث من الصيام الكبير أحد الإبن الضال , راجيا أن يترك كلامى هذا نعمة فى قلوبكم العطشه لكلمة الله ولألهنا الملك والقوة و المجد إلى الأبد آمين.
أخوكم +++ فكرى جرجس
 
أعلى