الثالوث عقلا

ياسر الجندى

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
2 يوليو 2010
المشاركات
1,962
مستوى التفاعل
133
النقاط
0
من أكثر الإشكالات للمسلم هو فهم الثالوث عقلا ، توسمت فى أصدقائى بقسم الأسئلة

والأجوبة أن يعينونى على ذلك

غنى عن البيان أننا سننحى النصوص الكتابية التى كثر حولها الجدل

والآن الآب إله

الإبن إله

الروح القدس إله

كيف هؤلاء الثلاثة واحد ؟

شكرا لسعة صدركم
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,068
مستوى التفاعل
1,039
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل

بل نحن الذين أعيانا الإسلام في فهمه يا أستاذ ياسر! :)

أود بداية أن أعلق سريعا على بعض اللبس الذي رأيناه في موضوعك السابق، حيث جعلت المسيحية تبدو للأسف كأنها ديانة شِرك، يؤمن أصحابها بتعدد الألهة! تقول مثلا:

أقصد إن كان هذا هو التوحيد لكان ديدن الرسل من لدن آدم إلى المسيح ،يعلمونه للناس وينشرونه
لكن الواضح من نصوص العهد القديم إلإيمان بوحدة الله المطلقة (الرب إلهنا إله واحد) خلصت!!


أيوه طبعا "خلصت".. ولسه خلصانة.. هذه هي العقيدة المسيحية نفسها. عقيدة ثابتة لا تقبل الشك أو حتى النقاش. الرب إلهنا إله واحد! خلصت! صراع المسيحية الطويل والمرير ضد الوثنيين في القرون الأولى كان لأجل إثبات هذا الإله الواحد ولأجل الدفاع عن هذه العقيدة. "قانون الإيمان" نفسه الذي يردده المسيحيون يوميا ـ سائر المسيحيين شرقا وغربا بجميع طوائفهم في جميع كنائسهم ـ يبدأ بكلمات التوحيد الواضحة القاطعة الساطعة: "بالحقيقة نؤمن بإله واحد..."! خلصت!

بل أكثر من ذلك: عقيدة الثالوث نفسها ظهرت أول ما ظهرت لأجل هذا التوحيد، لأجل إثبات هذه العقيدة ونفي الشرك تماما عن هذا الإله الواحد! المسيحي يصر على الثالوث ويدافع عنه لأنه في الحقيقة يصر على التوحيد ويدافع عنه! الثالوث نفسه ـ على عكس ما تعتقد تماما ـ هو بالأحرى إعلان التوحيد وبرهانه!

غير أن الحديث ذو شجون وموضوعنا طويل جدا، فيه ما فيه من بحث تاريخي ولاهوتي وفلسفي إلخ. نكتفي بالتالي بالإجابة عن سؤالك هنا فقط، بشرح معنى الثالوث، على أن نعود لاحقا لكل هذه التفاصيل إذا أردت.

***

نقول باختصار إن إلهنا ـ هذا الإله الواحد الذي لا شريك له ـ له صفات أو خصائص، وهي صفات ذاتية، أي لا تقوم الذات الإلهية إلا بها. هذه الخصائص أو الصفات الذاتية ثلاثة: هي الوجود والعقل والحياة. نقول بالتالي إن الله كائن عاقل حي، أو هو ذات حية ناطقة، أو هو كائن بذاته حي بروحه ناطق بكلمته.

بعبارة أخرى: نحن نقول ببساطة إن الله أحدي الذات مثلث الصفات. هل هناك ما هو أبسط من هذا؟

كتبنا العربية "البسيطة" كانت تمتلئ بهذا الوصف قديما، خاصة في الأراجيز "الشعبية" التي كان يتناقلها العامة ويحفظونها، كما نجد مثلا في أرجوزة الشيخ الأسعد ابن العسال:

الشكر لله الوحيد الذات + سبحانه مثلث الصفات

أو أرجوزة الأنبا بطرس السدمنتي:

أحمد من انفــرد بالذات + والأحدية مع الصفـات
وإنمـا صفاتــه الذاتيــة + كتيــرة كذلك الفعليــة
تعــمها ثلاثــة في الحــق + وُجودُه والروح والنطق


غير أن "أحدي الذات مثلث الصفات" تعبير فيه نظر.. أهل اللاهوت يتحفظون على هذا التعبير ـ رغم صحته ـ فلماذا؟

يجيبنا العلامة المتنيح الأنبا غريغوريوس في الجزء الأول من "اللاهوت العقيدي":
«لئلا نقع في الخلط بين الصفات الذاتية ـ التي تقوم عليها الذات الإلهية ومن دونها لا يكون للذات الإلهية وجود ـ وبين سائر الصفات التي يتصف بها الله، وهي كثيرة. اذلك رأى آباء الكنيسة أن يستعيروا لفظا سريانيا ـ وهو أقنوم، وجمعه أقانيم ـ وصاروا يستعملونه اصطلاحيا بمعنى خاص في دائرة العلوم اللاهوتية».
فلهذا نقول بالأحرى إن الله أحدي الذات مثلث الأقانيم. وهو نفس المعنى المقصود من الكلمة اليونانية أيضا المرادفة للأقنوم ـ "هيبوستاسيس" ـ والتي قام حبرنا الجليل بشرحها مفصلا على هذا النحو قبل أن يضيف أخيرا في فقرة واضحة تزيل اللبس تماما:
«يجب التفريق بين خصائص وصفات يقوم بها وعليها الكيان الإلهي ذاته بحيث لا يقوم لله وجود بغيرها، وبين صفات وخصائص أخرى كثيرة تُنسب إلى الله عادة ولكن لا يقوم عليها كيان الله ووجوده، ولعل من بينها قولنا إن الله لطيف ـ جميل ـ حسن.. إلخ. وللإيضاح يمكن مثلا بالنسبة إلى الإنسان نفسه أن نميّز بين صفات للإنسان تقوم بها إنسانيته، وبين صفات أخرى يمكن أن يوصف بها ومع ذلك لا يقوم عليها كيانه البشري. نقول في تعريف الإنسان إنه حيوان ناطق، أي عاقل. فهو أولا كائن ذو وجود منظور، ثم هو حي، ثم هو عاقل. هذه الخصائص الثلاث تجمع كل ما يتصف به "الإنسان" وبها تتميز "إنسانيته" ومن دون هذه الخصائص الثلاث لا يكون إنسانا.

ومع ذلك فهناك صفات أخرى غير هذه يمكن أن يوصف بها إنسان ما، فقد يوصف بأنه صالح ـ طاهر ـ سليم ـ جميل ـ لطيف ـ ودود.. إلى آخر هذه الصفات الطيبة. على أن هذه الصفات ليست ضرورية لكيان الإنسان، فقد يوصف شخص آخر بأنه شرير ـ نجس ـ مريض ـ قبيح ـ شرس ـ حقود.. إلخ، فهل تخرجه هذه الصفات المضادة من دائرة المملكة الإنسانية؟ بالطبع لا.

وإذاً فالصفات الذاتية للكائن هي ما تقوم عليها وبها ذاته وكيانه، ومن دونها لا يكون لذاته أي قيام أو وجود. بهذا التحديد نفهم لماذا شرح بعض آباء الكنيسة الأقانيم الإلهية بأنها خصائص وصفات ذاتية بها تقوم الذات الإلهية ومن دونها لا يكون للذات الإلهية كيان أو وجود».

وعليه نعم: المسيحي يؤمن بإله واحد، وهذا الإله الواحد مثلث الأقانيم، أي مثلث الخواص أو الصفات الذاتية، الصفات التي تقوم بها ذاته.

فهذا أولا هو الأساس. هذه بداية الفهم وقاعدة البناء كله. لو أن مسلما أراد حقا أن يفهم فدعوتنا هي أن يضع جانبا "البنوة" و"التجسد" و"الولادة" و"الانبثاق" إلخ، فكل هذا يمكن شرحه لاحقا. المهم هو أن يدرك أولا هذا الأساس التوحيدي الراسخ الذي يقوم عليه الإيمان المسيحي.

***

غير أن المسلم بالذات لا عذر له، ولكن ليكن هذا موضوع رسالة أخرى أرسلها غذا بمشيئة الرب، وهي رسالة قصيرة، مجرد خاتمة أرجو أن تكتمل بها الصورة كلها أخيرا، فحتى نلتقي.


 

My Rock

خدام الكل
مدير المنتدى
إنضم
16 مارس 2005
المشاركات
27,311
مستوى التفاعل
3,159
النقاط
113
الإقامة
منقوش على كفيه
إضافة بسيطة من عندي.


أقتباس بسيط من الكاتب والباحث المسيحي المشهور C.S. Lewis التي في كتابه Mere Christianity و في فصل The Trinity (The Three-Personal God) يشرح فيها انه من الغير الممكن للأنسانالبشري المحدود ان يفهم طبيعة الرب الخالق الغير محدود. ويشرح بطريقة رياضياة بسيطة يقول فيها:



لنفترظ ان البشر في عالم ثنائي الأبعاد ولا يفهم الأشياء سوى ببعدين، اي الطول والعرض.

لنفترظ أن الرب في عالم ثلاثي الأبعاد أظهر جهة واحدة من جهاته التي هي في عالم الثنائي الأبعاد مربع لكن في العالم الثلاثي الأبعاد مكعب.

بالتالي البشر سيرون جهة من جهة المكعب. الجهة تشير للأقنوم والمكعب إشارة الى الرب الإله الواحد.


أتمنى الصورة وضحت. لو لم تكن واضحة حاول ان تقرأ المزيد هنا.
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,068
مستوى التفاعل
1,039
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل

سلام المسيح وأسعد الله مساء الأحباء جميعا:

(معذرة للتأخير. أيضا جاءت الرسالة أطول كثيرا مما تتوقعت فمعذرة للإطالة).

أقـول:

غير أن المسلم بالذات لا عذر له، لأن القرآن يقول صراحة إن المسيح كلمة الله، فهل كلمة الله مخلوقة أم أزليّة؟ هل القرآن نفسه مخلوق أم أزليّ؟ هل هذه "الصفات الإلهية" عموما هي عين الذات، كما قال بعضهم، أم هي غير الذات، كما قال البعض الآخر؟

إن السؤال الذي أجابه اللاهوت المسيحي هو في الحقيقة نفس السؤال الذي غرق فيه اللاهوت الإسلامي بعد ذلك: إذا كانت الأقانيم ـ مبدئيا ـ هي "صفات الله الذاتية" فما هي العلاقة بين ذات الله وصفاته لدى أدعياء "التوحيد المطلق"؟ هل الصفات هي عين الذات، أم غير الذات؟ هل "علم الله" مثلا ـ أو قدرته، أو كلامه ـ هو ذات الله، أم غيرها؟

لا أريد النقد أو حتى مجرد الاقتراب من الإسلام فهذا بالتأكيد ليس حديثنا، ولكن نحتاج أن نتأمل مثالا سريعا، كل غايتي من ورائه ـ يشهد الله ـ هي فقط أن يتبين لنا جميعا أهمية هذه القضية التي نحن بصددها:

إن المسيح "كلمة" الله، والكلام "صفة" الله، فإذا اتفقنا على هذا فالسؤال هو: هل كلام الله أزليّ أم مخلوق؟

إذا قلت "أزليّ": فلماذا تنكر إذاً مذهب "النصارى" في أزلية المسيح، وهو كلمة الله؟ علاوة على هذا: أصبحت بقولك هذا من "المشبّهة"، لأنك جعلت الله يتكلم كما يتكلم خلقه! أهم من كل ذلك: إذا كان "الكلام" الإلهي أزليّ كما تقول، و"المتكلم" الإلهي أزليّ قطعا، أصبح لديك "أزليّان" اثنان! فهل هذا هو "التوحيد المطلق"؟!

وإذا قلت "مخلوق": أصبحتَ بالعكس من "المعطّلة" الذين ينفون أو "يعطلون" الصفات الإلهية! قولك هذا معناه أن الله كان ولم يكن متكلما ـ أي حتى خُلق الكلام! بالمثل: كان الله ولم يكن سميعا، أو بصيرا! كان الله ولم يكن قديرا! وهكذا! فهل هذا هو "التوحيد المطلق"؟!


قصارى القول: إن دعوى "التوحيد المطلق" ـ هكذا دون تفصيل وتحقيق ـ مجرد وهم كبير! محض أكذوبة يصدقها العامة ويرددها الجهّال دون علم حتى بقضايا اللاهوت الإسلامي نفسه أو بأزماته الكبرى وصراعاته المريرة، ولو كان لديهم أي علم ما تشدقوا بها! هل يعرف هؤلاء أن هذه "الصفات" جعلتهم يصلون أحيانا حد الأعاجيب والألغاز في مذاهبهم، كما نرى مثلا في قول الماتريدية حين أدلوا بدلوهم: «صفات الله لا هي ولا هو ولا غيره»!! فما هو الأصعب حقا على الفهم، يرحمك الله: الثالوث المسيحي، أم هذه "الأحجية" الماتريدية؟!

(من هنا كنت أقول: بل نحن الذين أعيانا الإسلام في فهمه يا أستاذ ياسر)! :)

بكل حال أربأ بك يا صاحبي ـ صدقا ـ أن تكون من هؤلاء!

***

نقول: كان سؤال الصفات الإلهية هو السؤال المسيحي أيضا، مع الفارق أن الكنيسة كانت آنذاك في مواجهة بالأحرى مع حضارة حقيقية: مع عمالقة الفكر والحكمة وأساطين الفلسفات اليونانية واليهودية، وما أدراك ما الفلسفات اليونانية واليهودية! آنذاك كان السؤال عن "اللوجوس" تحديدا: هذا "العقل الإلهي الخالق" الذي قال به هيراقليطس، ثم أفلاطون، ثم زينون والرواقيون عموما، ثم العشرات غيرهم ـ كل ذلك قبل ميلاد المسيح نفسه بـ 500 عام كاملة! اللوجوس الذي انتشر خلال هذه القرون الخمسة شرقا وغربا حتى وصل إلى اليهود أنفسهم، وهكذا وجدناهم يذكرونه صراحة حتى في "الترجمة السبعينية" الشهيرة لأسفارهم المقدسة! اللوجوس الذي وصل أخيرا إلى فيلو السكندري، الفيلسوف اليهودي الكبير، فراح يغزل حوله مذهبا وفلسفة كاملة! اللوجوس الذي صار آنذاك ـ بعبارة واحدة ـ محور الفكر وحديث الثقافة وسؤال الناس كلها، المتعلمين منهم على الأقل وطلاب الحكمة والمعرفة!

وتوالت الأسئلة: هل هذا "العقل الإلهي الخالق" الذي يتحدث عنه الشيوخ الحكماء والفلاسفة المعلمون وأصحاب الأسرار والرؤى كلهم: هل هو الله؟ هل إله مع الله؟ هل إله أم "وسيط" دون الإله وفوق البشر؟ هل أزليّ أم مخلوق؟ هل مخلوق أم جاء فيضا إلهيا؟ هل وهل وهل...


فهكذا كان "السياق التاريخي" يا صديقي، باختصار، وهكذا كان "المشهد الثقافي" كله في ذلك العصر. وهكذا أيضا نرى كيف ارتقى "وعي" الإنسان وكيف نما وتطور وأثمر حتى بلغ ذروة هي لا شك أعلى ذراه في التاريخ كله. ذلك ما يعنيه "ملء الزمان": الموعد المخبوء في رحم الأيام منذ الأزل، تباشير الفجر التي سبقت ميلاد الشمس أخيرا!

وفقط في هذا السياق نستطيع أخيرا فهم الثالوث بشكل أفضل: إن إصرار المسيحية على الثالوث كان في الحقيقة دفاعا عن التوحيد وإثباتا له! إصرار الآباء على "المساواة" الكاملة مثلا بين الواحد (الآب) والخالق (اللوجوس)، أو على أن الابن "مولود أزليا" من الآب: كان هذا نفسه دفاعا عن وحدانية الله في وجه دعاوى كانت تنتشر أنذاك كالنار في الهشيم زاعمة ـ مثلا ـ أن "الخالق" أدني منزلة من "الواحد"، كائن "وسيط" دون الله وفوق البشر! أو أن اللوجوس جاء عبر "إشراق" أو "فيض" أول ـ من بين فيوضات إلهية عديدة متتابعة ـ فاض بها الواحد في علاه!

الأدهى من ذلك أن بعض هذه الدعاوى كانت تزعم "المسيحية" وكانت تستند ـ سواء بسواء مع الكنيسة ـ إلى سلطة الكتب وأقوال المسيح وشهادات الرسل!

فالموضوع كما ذكرنا طويل يحتاج منك دراسة حقيقية مخلصة (ما دمت تريد فهما عقليا)، ولكن تلك على أي حال كانت بعض أسئلة اللحظة، في سياقها التاريخي، وقد رأينا كيف بدأ الرسل الأطهار ثم الآباء القديسون بالرد والإجابة على كل هذه الأسئلة، حسب الإلهام الإلهي، حسب وحي الكتاب بعهديه، وحسب ما أعلن أولا السيد المسيح ذاته عن ذاته!

***

أما وقد أثبتنا وأكدنا أن الله واحد لا شريك له، نختم الآن بخطوة أخرى نحو الأعماق قليلا:

ما هو معنى أن الله قدم لنا "إعلانا جديدا" عن ذاته؟ معناه ببساطة أن "معرفتنا" عن الله اتسعت، أو زادت، لكنها مع ذلك لم تتغير أو تتبدل أو تتناقض مع معرفتنا الأولى عنه سبحانه ـ مادام هو هو نفس الإله الواحد الذي يعلن عن ذاته.

وعليه: الله الواحد كان ولا زال واحدا. أما إذا أعلن هذا الواحد عن ذاته في لحظة ما وأخبر أنه "الابن": فقط عندئذ عرفنا أن هناك "آب"! الآب نفسه ظهر ـ إلى وعينا ـ بدلالة الابن، لأنه "ابن". ولكن بما أن الله واحد، حسب إعلانه الأول، وبما أن إعلانات الله لا تتناقض، عرفنا قطعيا أن الآب والابن ـ رغم تمايزهما ـ إله واحد!

مشكلتنا بالتالي مع الثالوث ـ كل مشكلتنا ـ هي فقط أن "نعقل" كيف يكون واحدا رغم أنه "يتمايز" كأب وابن (وروح)!

بعبارة أخرى: إيماننا أن "الآب والابن والروح القدس إله واحد" لا يتوقف على قدرتنا نحن على فهم ذلك بعقولنا! بل أكثر من هذا: إيماننا لا يستلزم أن نفهم ذلك أولا بعقولنا! فهم الثالوث ليس "شرطا" لإيماننا وإنما العكس بالأحرى هو الصحيح: إيماننا بالثالوث هو ما يساعد على فهمه فهما حقيقيا ـ كلٌ بالطبع حسب صفاء ذهنه وإخلاص طلبه ونعمة الله معه. (ذلك بافتراض أن "فهم" الثالوث أو فهم الله مستطاع أصلا، بالمعنى التقليدي لكلمة "فهم")!

وعليه: ما دامت مشكلتنا حقا هي فقط "فهمنا" نحن أو "عقلـنـتــنا" نحن للأمر، أصبح ردّ الأمر كله أو إنكاره بالجملة ضربا من الحمق! أصبحنا كمن يرفض مثلا دعوة مجانية لقضاء أحلى الليالي في باريس، عاصمة النور والجمال، فقط لأنه لا "يفهم" الفرنسية! أو حتى كالتائه يكاد يموت في الصحراء جوعا وعطشا، ثم حين يجد فجأة سلة طعام طازج شهي يرفض أن يأكل قبل أن "يفهم" أولا كيف جاءت هذه السلة هنا!
icon10.gif



أكتفي على أي حال بهذا القدر، على أن أعود إليك بعد قليل برسالة قصيرة ربما تكون الأخيرة لبعض الوقت، لكنها في تقديري أهـم ما كتبت حتى هذه اللحظة!

 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,068
مستوى التفاعل
1,039
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل
إضافة بسيطة من عندي.

أقتباس بسيط من الكاتب والباحث المسيحي المشهور C.S. Lewis التي في كتابه Mere Christianity و في فصل The Trinity (The Three-Personal God) يشرح فيها انه من الغير الممكن للأنسانالبشري المحدود ان يفهم طبيعة الرب الخالق الغير محدود. ويشرح بطريقة رياضياة بسيطة يقول فيها:

لنفترظ ان البشر في عالم ثنائي الأبعاد ولا يفهم الأشياء سوى ببعدين، اي الطول والعرض.

لنفترظ أن الرب في عالم ثلاثي الأبعاد أظهر جهة واحدة من جهاته التي هي في عالم الثنائي الأبعاد مربع لكن في العالم الثلاثي الأبعاد مكعب.

بالتالي البشر سيرون جهة من جهة المكعب. الجهة تشير للأقنوم والمكعب إشارة الى الرب الإله الواحد.

أتمنى الصورة وضحت. لو لم تكن واضحة حاول ان تقرأ المزيد هنا.


آمين آمين آمين! أشكر محبتك على المشاركة بهذه الإضافة الرائعة.. (كما أشكر أيضا أستاذنا الحبيب عابد يهوه على مشاركته).

مصداقا لقولك أود أن أضيف حقيقة بسيطة عن الإيمان المسيحي لأجل أستاذنا الحبيب ياسر. حقيقة واحدة لو أنه خرج بها فقط من كل ما كتبت فسوف يكفيني هذا تماما. أرجو من ثم فضلا ـ أستاذ ياسر ـ أن تنتبه جيدا للسطور القليلة التالية:

هناك فرق كبير بين "النظام الفلسفي" من ناحية..

وبين "الأساس النظري لخبرة عملية" من ناحية أخرى!
المسيحية كلها يا صديقي تنتمي إلى النوع الثاني! المسيحية كلها ـ بلاهوتها وكتابها وأسرارها وكل ما يتعلق بها ـ كلها تنتمي إلى النوع الثاني! كل ما أكتبه بالتالي هنا عن اللاهوت أو عن الثالوث ـ وكل ما كتبه غيري عبر كل القرون ـ هو في الحقيقة مجرد "أساس نظري" بسيط، مجرد "تمهيد"، غايته ـ كل غايته ـ هي فقط أن يساعد العقل قليلا على بدء الرحلة وعلى الدخول إلى التجربة العملية وإلى الخبرة الروحية المباشرة!

وعليه: سيان فهمت الثالوث حقا أم لم تفهم: هذا لا يعني شيئا! ولو أنك فهمت تماما وأمنت يقينا بكل ما نقول: ما زال لا يعني شيئا! بل ما زلت في الحقيقة لا تفهم شيئا! إن عنوان هذا الموضوع نفسه ـ "الثالوث عقلا" ـ هو بحد ذاته خطيئة في شريعتي!
icon10.gif
(إنني حتى لا أعرف كيف شاركت في هذا الموضوع ولماذا! يبدو ـ وقد رأيت أسئلتك وإصرارك وشقاءك في البحث ـ يبدو أن "محبتي" نحو شخصك الجميل غلبت "حكمتي")!
icon10.gif


أما أن تقول "الثالوث عقلا": فكيف؟! هل تمزح؟! هل يمكن ـ حتى من حيث المبدأ ـ فهم الثالوث عقلا؟ هل يمكن حتى فهم إله الإسلام نفسه أو حتى إله الهندوس عقلا؟ بل أكثر من ذلك: هل تدرك أن فهم الله عقلا ـ لو أن ذلك مستطاع ـ هو نفسه ما يحجب عنك إدراكه حقيقةً؟!


أعطيك تشبيها: ضع فوق نافذتك "بوستر" أو صورة كبيرة لقرص الشمس المشرق: هل هذه الشمس التي تراها بالصورة هي الشمس فعلا! هذا هو الوهم الذي يقع فيه كثيرون للأسف. ولكن هكذا "فهم" العقل: إنه يعطيك فقط "صورة" للشمس، لا الشمس ذاتها بكل نورها وجلالها وبهائها ودفئها!

أهم من ذلك: إن هذه الصورة هي نفسها ما يسد نافذتك! هذه الصورة نفسها هي ما يحجب عنك نور الشمس الحقيقي الباهر، الذي يستحيل أن تصوّره أو أن تعبر عنه أية صورة! لابد من ثم أن تنزع هذه الصورة نفسها أولا من فوق نافذتك! أي لابد بالعكس ـ ويا للمفارقة ـ أن يتراجع عقلك وأن يخرج من المعادلة تماما! بل لابد أن تلقي وراء ظهرك بكل ما تعرف.. بكل تلك المفاهيم والأفكار والنظريات والافتراضات والتصورات التي جمعتها طيلة حياتك..بكل ما "تظن" أنك عرفته عنه سبحانه! لابد في كلمة واحدة أن تعود "طفـلا" من جديد! فقط عندئذ سوف تدرك الحقائق ذاتها، ترى بقلبك لا بعقلك الشمس ذاتها، تدخل أخيرا إلى ملكوت السماء حقا وتقف منتشيا في حضرة القدوس ذاته!

***

كان هذا هو المقصود ـ ولو ضمنا ـ فيما تمناه لأجلك أستاذنا الحبيب الدكتور جيجو بالموضوع السابق عندما قال: «باتمني لك تتعمق في اللي يفيدك اكتر»، أو حتى فيما كتبه أستاذنا الحبيب روك أيضا: «الخلاص في المسيح يسوع سهل جداً ولا يحتاج الى استيعاب كامل للرب الغير محدود». فالآن استقبل يا صديقي رسائلنا في ضوء هذا كله. اقرأ ما شئت واسأل عما شئت وافهم كيف شئت، فقط تذكر فضلا هذه الخلاصة!

***

 

ياسر الجندى

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
2 يوليو 2010
المشاركات
1,962
مستوى التفاعل
133
النقاط
0
شكرا أستاذ خادم البتول المحترم

بالنسبة للمداخلة الأولى فهمت منها

- أن الله أحادى الذات مثلث الصفات التى هى الوجود والعقل والحياة وهى صفات ذاتية

طيب

الصفات الذاتية لاتنفك عن الذات ولايتخيل وجود الإله بدونها وإلا كيف يكون الها؟!

ولماذا الحصر فى ثلاث صفات ؟

أليست القدرة صفة ذات ؟ أليس العلم ؟أليس العزة؟أليس الحكمة؟
وهل يتخيل وجود الإله بغير (كل) الصفات الذاتية

ولذلك أراك تداركت فذكرت أن أهل اللاهوت يتحفظون على هذا التعبير

طيب إيه الحل ، الحل أقنوم !

بمعنى (المفهوم منك) أن الصفات التى يقوم عليها الكيان الإلهى (الثلاثة ) أقنوم

بيد أن الصفات الأخرى وإن كانت تنسب إلى الله لايقوم عليهاكيان الله !!!!!!

تخيل !!

هل علمت صديقى كيانا لله يقوم بغير قدرة ، بغير علم ، بغير سمع؟ بدون عزة ؟ بدون حكمة ؟؟!!
يتبع




 

ياسر الجندى

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
2 يوليو 2010
المشاركات
1,962
مستوى التفاعل
133
النقاط
0
سامحنى عزيزى

فلتملأ عشرات الصفحات فى بيان (التوحيد ) المسيحى

ثم من الذى قال أن نقطة البحث هى الصفات وليست الذوات وإلا دعنى أذكرك بقانون الإيمان

النيقاوى وركز -دون إعراب- فيما تحته خط

نؤمن بإله واحد، آب ضابط الكل، خالق السماء والأرض، وكل ما يرى وما لا يرى.
وبرب واحد يسوع المسيح، ابن اللـه الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر، الذي به كان كل شيء، الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد بالروح القدس من مريم العذراء، وصار إنساناً وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي، تألـم ومات ودفن، وقام في اليوم الثالث كما جاء في الكتب، وصعد إلى السماء. وجلس على يمين الآب وسيأتي أيضاً بمجدٍ عظيم ليدين الأحياء والأموات الذي لا فناء لملكه.
و(نؤمن) بالروح القدس الرب المحيي، المنبثق من الآب، الذي هو مع الآب والابن يسجد له ويمجد، الناطق بالأنبياء، وبكنسية واحدة جامعة مقدسة رسوليه، ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا، ونترجى قيامة الموتى والحياة في الدهر الآتي . آمين.

قرأت عزيزى
أصفات تلك أم ذوات ؟!
هل رأيتم صفة تنفصل عن ذاتها تذهب وتجئ ،وتحدث وتخبر
وتموت وتحيا ؟
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,068
مستوى التفاعل
1,039
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل

أهلا أستاذنا الحبيب..
"مساء شريف" ولعلك بكل خير وسعادة. :)

بداية أشير سريعا إلى ما يبدو في أسلوبك من الاستنكار أحيانا، أو حتى السخرية! يبدو أن عقلك يا صديقي ما زالت تتلبسه روح "المناظرة"! أتمنى أن تنتبه فضلا لذلك، فهذا بالأحرى مقام العلم لا المناظرة. المفترض أنك تسأل، فقط تسأل، بكل تواضع وإخلاص ورغبة حقيقية في الفهم، ونحن بعون الله نجيبك. أقول هذا لأجلك شخصيا، لأن هذه هي "شروط الفهم" أصلا! يكفينا أن الموضوع صعب دقيق! فكن صادقا يا صاحبي، مع نفسك أولا، هل تريد حقا أن تفهم؟ مخلصا تريد ذلك فعلا؟ أم تريد أن تعترض وتستنكر وتناظر؟


الصفات الذاتية لا تنفك عن الذات ولا يتخيل وجود الإله بدونها وإلا كيف يكون إللها؟!

بالضبط! هذا هو بالضبط ما نقول! أين سؤالك؟!

أدعوك أنت بالأحرى أن تجيب لنفسك هنا عن سؤال أدق: هل هذه الصفات "مضافة" إلى الذات؟ يعني هل هناك ذات دون صفات ثم تضاف الصفات إليها، أو تلحق الصفات بها، أم أن الصفات هي بالأحرى عين الذات؟ (قريبا من فكر المعتزلة قديما ـ "العقل" الوحيد الذي كان لديكم ـ إنما "البقية في حياتك" طبعا)!
icon10.gif



ولماذا الحصر فى ثلاث صفات؟

السؤال لا معنى له، لأنه قائم بغض النظر عن العدد! لو قلنا صفتان "اثنتان" سألتنا لماذا الحصر في اثنتين؟! لو قلنا "عشرة" سألتنا لماذا الحصر في عشرة؟!

ثانيا مَن يحدد هذه الأمور؟ لماذا تؤمن أنت مثلا أن "لله تسعة وتسعون اسما من أحصاها دخل الجنة"؟ لماذا "تسعة وتسعون"؟ ألم يكن يكفيكم 50 مثلا، أو حتى 70؟

المقصود: لماذا تتناقض؟ لماذا تأخذ بعض الأمور كـ"مسلّمات" لا يثور بشأنها السؤال أبدا لديك ـ لمجرد أن ذلك ما "برمجوا" عقلك عليه منذ كنت رضيعا ـ بينما تتعجب مما لدينا وتأتينا بمثل هذا السؤال العبثي؟

ثالثا وأخيرا: نحن لدينا بالفعل تفسير لهذا الأمر. العدد ثلاثة هو ببساطة "عدد الكمال"! غير أن هذه أمور لا اتفاق عليها، ولا شيوع لها، لأنها روحية بحتة أو حتى مستيكية (صوفية) شديدة العمق، بالتالي لا مجال هنا حتى لعرضها!


أليست القدرة صفة ذات؟ أليس العلم؟ أليس العزة؟ أليس الحكمة؟
وهل يتخيل وجود الإله بغير (كل) الصفات الذاتية؟

طيب قول لنفسك! ما هو ده اللي بنقوله! الصبر من عندك يا رب!!
icon10.gif


فقط افصل ـ لو سمحت ـ لو تكرمت ـ من فضلك وإحسانك ـ بين "الصفات الذاتية"، أي الأقانيم، وبين صفات الله عموما! (شوف يا عمنا: الجماعة دول بيقولوا لازم تميّز بين "الصفات الذاتية" والصفات عموما.. لازم.. معلش هم كده نعمل إيه! طبعهم كده! شرعهم كده! مِلّتهم كده! فلو تكرمت تعالى على نفسك شوية معلش)! اقرأ يا أخي رسالتي الأولى جيدا من فضلك ولا تخلط مرة أخرى الحابل بالنابل!


هل علمت صديقى كيانا لله يقوم بغير قدرة، بغير علم، بغير سمع؟ بدون عزة؟ بدون حكمة؟؟!!

ومَن قال هذا؟! الكتاب بعهديه يثبت له سبحانه كل هذه الصفات!

أنت تخلط الأمور، كأنك تريد الاعتراض لمجرد الاعتراض! ومرة أخرى "بتعجن" في الصفات! أنت تخلط بين ما أثبت الله بالفعل في وحيه وإعلانه القديم ـ الثابت الواضح االذي نؤمن به ـ وبين "الثالوث" الذي يُفترض أنك جئت هنا اليوم في محاولة لفهمه!

ثانيا: حتى في إعلانه الجديد أثبت سبحانه كل هذا أيضا، بل بالعكس فصّله هذه المرة لأجلنا وقرّبه لنا! على سبيل المثال افتح فضلا كورنثوس الأولى 24:1:

وأما للمدعوين يهودا ويونانيين، فبالمسيح قوة الله وحكمة الله!

(وفي كتاب الحياة: فإن المسيح هـو قدرة الله وحكمة الله! وفي الأخبار السارة: فالمسيح هـو قدرة الله وحكمة الله)!

أيضا افتح يوحنا من بدايته:

في البدء كان الكلمة... كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان!

وعليه: القوة والقدرة والحكمة وكل هذا الذي تسأل عنه ـ القدرة المطلقة التي "كل شيء بها كان" ـ هذا نفسه هو الأقنوم الثاني! أي هذا نفسه من "صفاته الذاتية" سبحانه! لا مجرد صفة عادية بل صفة ذاتية، تقوم بها وعليها ذاته الإلهية، التي لا ذات أصلا ولا كيان إلا بها! أي أن ما "أجمله" الله في العهد القديم هو ما "فصّله" هنا!

أضافة لذلك نؤكد ـ مرة أخرى ـ ليس هناك "ذات" في ناحية و"قدرة" في ناحية أخرى! بل الذات هي نفسها القدرة، هي هي نفسها الأقنوم!

الشمس لا تنفصل إلى "شمس" في ناحية و"نور" في ناحية أخرى، بل الشمس هي هي النور! ما كانت الشمس شمسا إلا بالنور! بالمثل: الذات الإلهية ما كانت ذاتا إلهية إلا بصفاتها الذاتية! فهذا هو ما نسميه أقنوما. أين هي مشكلتك؟!

***

 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,068
مستوى التفاعل
1,039
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل

...............

الأن دعنا ندخل قليلا إلى الأعماق!

سأطرح سؤالين من الأسئلة "الصعبة" إلى حد ما، لعلك حين تعود مستقبلا ـ حين تريد مخلصا الفهم ـ تجد فيهما ما يضيء الأمور ولو قليلا:

إذا كان الابن هو أقنوم العقل، فهل للابن أيضا كينونة وروح؟ كذلك هل للروح أيضا كينونة وعقل؟

هذه من الأفكار التي تتردد أحيانا، وهي تكشف عن "فهم" خاطئ للثالوث: عن وجود "فصل" ـ واع أو غير واع ـ بين الأقانيم الثلاثة في ذهن السائل، وكأن هناك حقا ثلاثة آلهه!

بل نقول: لأنها ذات واحدة، إله واحد، فهذه الصفات الذاتية ـ أو الأقانيم ـ ليست "منفصلة" عن بعضها البعض، بل هي ذات واحدة تعددت صفاتها!

وعليه: أقنوم الحكمة مثلا أو العقل ـ الابن ـ لا يختص بـ"الحكمة" دون الآب، أو يختص الآب بـ"الكينونة" دون الابن. بل هذه هي صفات الذات أصلا، دون فصل بين الذات والصفات ـ الأقانيم. الذات "هـي" الأقانيم.

الإشارة بالتالي أو الحديث عن "الآب" مثلا هو حديث عن الإله الواحد: الكائن العاقل الحي. الحديث عن "الابن" هو حديث عن نفس الإله الواحد، الكائن العاقل الحي. فالآب من ثم كائن عاقل حي، كذلك الابن، كذلك الروح. نفس الكينونة والعقل والحياة، لأنهم ذات واحدة لا ثلاثة. طبيعة واحدة، قدرة واحدة، مشيئة واحدة، فعل واحد! هذا ليس "مجمع إلهة" ينفرد أو يختص فيه كل إله بصفة خاصة، بل إله واحد يقوم بهذه الصفات الذاتية الثلاثة معا.


يشرحها أيضا قديسنا يوحنا الدمشقي بطريقة طريفة:
... وكما أن الشمس لا تأتي إلينا كلها، بل فقط بشعاعها ونورها، كذلك الله الآب لا يأتي إلا بابنه وروحه. وكما أن الشعاع والنور هما من ذات جوهر الشمس، كذلك الابن والروح هما من ذات جوهر الآب. فإذا حددنا الجوهر بقولنا إنه الجواب على السؤال: "ما هذا؟"، والأقنوم بأنه الجواب على السؤال: "مَن هذا؟"، نقول إن مـا يأتي إلينا، في التجسد، هو الله في جوهره الإلهي، أما مَـن يأتي إلينا فهو ليس أقنوم الأب، بل أقنوم الابن وأقنوم الروح القدس.
وهكذا فالفارق "الوحيد" ين هذه الأقانيم حقا هو فقط أن هذا "آب".. وذاك "ابن".. وذا "روح"!

***

ولكن ها هو "الآب" قد "انفرد" بصفة و"اختص" بها، هي "الأبوة"! وهكذا الابن تميز بصفته، وهكذا الروح! كيف نزعم إذاً أن هذه الأقانيم ليست مجمع ألهة ينفرد فيه كل إله بصفة خاصة؟! ها هي "الصفة الخاصة" قد ظهرت أخيرا!

الإجابة بسيطة: صفة "الآب"، مثلا، التي "ينفرد" أو "يختص" بها حقا هذا الأقنوم ليست في الحقيقة "صفة" أو "خاصية" وإنما هي "علاقة"!

كلمة "الآب"، أو كلمة "الابن" ـ كما يشرح قديسنا الكبير غريغوريوس النزينزي ـ هذه الكلمات لا تشير إلى "خاصية" في الثالوث وإنما تشير إلى "علاقة"! المقصود بهذه الأسماء هو بيان العلاقة بين الأقانيم! كيف "يرتبط" أو "يتصل" الأقنوم الأول بالثاني مثلا؟ هذا "الارتباط" نفسه بينهما هو ما نسميه "الآب" و"الابن"!

بعبارة أخرى: الأبوة ليست "صفة خاصة" لأحد الأقانيم بينما البنوة "صفة خاصة" لأقنوم ثان! قد نقرأ هذا أحيانا، هنا أو هناك، فقط من باب التبسيط للناس. لكننا بالأحرى نقول: إن الذات الإلهية واحدة، قائمة بصفاتها الذاتية دون انفصال بين هذه الصفات، ولكن ما هي العلاقة بين هذه الصفات الذاتية؟ إن هذه العلاقة نفسها هي ما نعبر عنه بـ"الآب" و"الابن" و"الروح"!


وللتقريب قليلا: تأمل النهر. هناك "منبع" وهناك "مجرى". هذان معا "نهر" واحد. المنبع لا يستقل أو ينفرد بصفة خاصة هي "المنبعية" مثلا أو "المصدرية" بغض النظر عن "المجرى". بالأحرى يكتسب "المنبع" هذا الوصف نظرا لعلاقته بالمجرى، فقط داخل هذه العلاقة، وتحديدا لأن المجرى ينبع منه ويصدر عنه! لا "منبع" إلا في علاقة مع "مجرى"، كما أنه لا مجرى إلا في علاقة مع منبع! وهذان في النهاية، رغم هذا "التمايز" بينهما، لا يزالان معا ذات "النهر" الواحد!

المنبع بالتالي ليس "نهرا" ثانيا بذاته (فيكون لدينا "مجمع أنهار")، كما أنه ليس "جزءا" من النهر (فيكون لدينا ذات منقسمة). المنبع بالأحرى "يتمايز" هكذا "منبعا" فقط في علاقته مع "المجرىوتحديدا بسبب هذه العلاقة!

(طبعا مع التنبيه على رداءة هذا المثال، لأن المنبع ينحصر عادة في "مكان" بينما يمتد المجرى إلى "مكان" آخر! الله مطلق بلا حدود، في كل مكان، بل فوق المكان. الأقانيم بالتالي "فـي" بعضها البعض، دون حدود، دون نهاية، فوق كل تصور! مبلغ العلم فيهم أنهم "متحدون للوجود بعضهم في بعض ونفاذ أحدهم في الآخر" كما يقول القديس الدمشقي)!

***

ثم تأمل الشمس: ما هي العلاقة بين الشمس ونورها؟ النور ببساطة "يتولد" من الشمس! فهل نقول ـ بسبب هذا التولد ـ أن هناك "شمسان"، أو أن الشمس "انفسمت"؟ بالأحرى نعرف أن هذا التولد "ذاتي" في الشمس الواحدة، بل إن هذا التولد هو هو الشمس!

بالمثل: نور العقل الإلهي "يتولد" أزليا من شمس الكينونة الإلهية. هذا التولد لا يحدث "في" الذات الإلهية، بل هذا التولد "هو" الذات الإلهية! لماذا؟ لأن هذه "صفات ذاتية" لا مجرد صفات!

الكينونة والعقل أقنومان إلهيان، لا مجرد صفتين "تلحقان" بـ"ذات" إلهية، أو "تضافان" إليها، بل "هما" الذات الإلهية! "عين" الذات الإلهية!

الذات الإلهية من ثم واحدة، تقوم بالكينونة والعقل والحياة معا. ولكن نظرا لهذا "التولد" الذاتي السرمدي القدوس بين هذه الصفات الأسنى، صفاته الذاتية سبحانه عز وجل وتنزه في علاه... أقول نظرا لهذا "التولد" الذاتي بين الصفات: لا يتعارض إعلان الله القديم مطلقا مع إعلانه الجديد! كما أنه أعلن، مجملا، عن ذاته القدوس فعرفنا أنه الإله الواحد لا شريك له ولا إله معه، كذلك يعلن اليوم، مفصلا، عن "صفاته الذاتية" سبحانه وعن "علاقــــة" هذه الصفات بعضها ببعض، كيف "تتــولد" أزليا أبديا بعضها من بعض، وهي ما تزال معا "ذاتــــه" عز وجل وتعالى ـ نفس الذات الواحــــدة! هكذا ـ فقط داخل هذه العلاقـــــة، وبســــببها ـ "تتمايــــز" الصفة "المصدر" مثلا عن الصفة "الصادرة" عنها، أو الصفة "الوالدة" عن الصفة "المولودة" منها، أو الأقنوم "الآب" عن الأقنوم "الابن"!

فهذا "التمايــز" من ثم لا يُنشئ "تعددا" للذوات، أو "انقساما" داخل الذات، وإنما هو تعبير عن "العلاقـة" بين الصفات الذاتية لله الواحد، التي هي معا عين الذات الإلهية الواحدة!


وصلت، وللا نقول تاني؟ :)

(مرة أخرى يجدر التنبيه ـ خاصة لأخوتنا اللاهوتيين ـ أن هذا الشرح مبسط جدا جدا، قدر المستطاع، ومن ثم استخدمنا بعض الكلمات غير التقليدية مثل التولد، فقط بغرض التشبيه، أيضا أغفلنا بعض النقاط الدقيقة وبعض الخلافات الشكلية بين الآباء في مناهجهم المختلفة للشرح وهكذا).

**************************

نعود لرسالتك وكيف كان "ختامها مسك" حقا يا أستاذ ياسر!
icon10.gif
(مالك انت يا أستاذ ومال "قانون الإيمان"؟! قانون الإيمان ده آخر الحكاية خالص.. أخر الرحلة كلها بينما انت لسه حتى لم تبدأ)!

قرأت عزيزى
أصفات تلك أم ذوات؟!
هل رأيتم صفة تنفصل عن ذاتها تذهب وتجئ ،وتحدث وتخبر
وتموت وتحيا؟


لا لا لا لا كده انت دخلت في "التجسد" يا عمنا.. ركّز لو سمحت.. ركز يا أستاذ ياسر ربنا ما يرميك في ضيقة! أنت جاي هنا عايز تفهم الثالوث ولا عايز تتلامض في التجسد؟

عايز تجسد؟ فعلا؟ طيب تعالى.. معلش بقا انت اللي جبته لنفسك:
icon10.gif


المفروض يا أستاذ ياسر إن المواطن المسلم ـ المسلم بالذات ـ لا يقترب أبدا من قضية التجسد.. ليه؟ لأنك إنت تؤمن بالفعل ـ وبدون أي غضاضة ـ إن الكلام الإلهي "تجسد" في هيئة "مصحف"! ليه انت نفسك بعد كده اللي بترفض وحتى تتعجب بشدة لما المسيحي يقول تجسد في هيئة إنسان! يا عينك يا جبايرك!! إزاي يعني؟! بأيّ منطق تعترض؟! وبعدين إنت بتحسسني انك مفزوع أوي وبتتنطط من الغيظ: قال إيه بتستنكر على "مقام الألوهية" أن يتقيد "الكلمة" في جسد بشري ضعيف!! صحيح، عندك حق.. بس هل مقام الألوهية محفوظ تماما بالنسبة لك عندما يتقيد الكلام الإلهي في كتاب؟! يعني أيهما أشرف حقا وأقرب لمقام الألوهية: إنسان عاقل ناطق ـ أم كتاب جماد لا يشعر؟! إنسان ـ أم رُزمة ورق؟!
icon10.gif


(ده طبعا بافتراض إن "الكلام الإلهي" عندك معادل فعلا لـ"الكلمة" الإلهي عند المسيحي! ده نفسه تنازل كبير من أي مسيحي ـ مؤقتا ـ عشان بس تفهم حجم التاقض اللي انت عايش فيه)!

وطبعا أوعى تقول هنا إن "الكلام الإلهي" غير "المصحف"! إلعب غيرها.. عملوها زمان ومانفعتش.. (راجع يا عمنا خلافات "الأباضية" ـ حتى منهم فيهم! ـ وراجع نظرية "الكلام النفسي" عند الأشاعرة وراجع عموما تاريخك وعقيدتك ولاهوتك نفسه قبل ما تيجي تسخر من عقيدة غيرك!


قال "هل رأيتم صفة تنفصل عن ذاتها تذهب وتجئ وتحدث وتخبر وتموت وتحيا"؟!

كده؟! أومال ازاي يا عبقري انفصلت "صفة الكلام" عن ذات "الرحمن على العرش استوى"؟!

دي انفصلت واتكتبت واتلخبطت واتغيرت واتجمعت واتحرقت و... (ده حتى بيقولوا ـ سمعنا الله أعلم ـ كانت فيه حته منها تحت السرير وبعدين دخلت "مِعزة" أكلتها)!
icon10.gif


***

عموما هذا ليس حديثنا بالطبع. فقط أمازحك في الختام لا أكثر. :) (كما ختمتَ أنت أيضا بتلك "المزحة" عن التجسد)! أيضا إشارة سريعة لعلها تكشف لأصحاب العقول عن التناقض الرهيب الذي قد يعيشه الإنسان أحيانا ويمارسه دون أن يشعر!

تحياتي ومحبتي.

***


 

ياسر الجندى

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
2 يوليو 2010
المشاركات
1,962
مستوى التفاعل
133
النقاط
0
مازلت أفهم من (مقالات) الأستاذ خادم البتول أن الأقانيم ماهى إلا صفات ذاتية لله!

ولما قلت له أن الصفة لاتفارق الموصوف تطرق (اسلاميا)إلى صفة الكلام -والتى هى صفة ذاتية لله -وكيف تجسدت فى مصحف !!

وهذا قياس مع الفارق،لماذا؟

باختصار

لأن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق. ومعناها أن صفة الكلام الثابتة لله تعالى والقائمة بذاته كباقي صفاته ليست مخلوقة ولا حادثة. بل هي صفة أزلية أبدية قديمة باقية قدم ذاته تعالى. وأما الورق والكتابة والحروف والأصوات وغير ذلك مما يدل على هذه الصفة القديمة فهي وإن سميّت قرآناً ووجب علينا احترامها وتقديسها فهي حادثة مخلوقة

أما عندك كيف فارقت الصفة الذاتية (الأقنوم) الموصوف ؟؟!!

ياعزيزى وصف أقنوم الإبن عندكم (الصفة الذاتية ) إله حق ،إله كامل !!

الله يبارك لك وضح لى باختصار حتى أفهم
 

ياسر الجندى

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
2 يوليو 2010
المشاركات
1,962
مستوى التفاعل
133
النقاط
0
إن كانت الكلمة صفة فهى لاتخلق ولاترزق والمسيح عندك الها خالقا،كما أن الصفة لاتجلس عن يمين الموصوف لأنها ببساطة لاتفارقه والمسيح عندك صعد إلى السماء وجلس عن يمين أبيه

 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,068
مستوى التفاعل
1,039
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل

إنت لسه هنا؟!!! أنا قلت اتمسك في كمين وللا يمكن محبوس في "حجر صحي" وللا حاجة!
icon10.gif


أهلا أستاذ ياسر. افتقدناك هذه الأيام الماضية فلعل المانع خير، ولعلك بكل صحة وعافية. أرجو ما أمكن يا صديقي ألا تغيب علينا، ما أمكن، لأن وقتنا معا ربما لا يكون مفتوحا أو حتى متسعا كما قد يبدو.


ما زلت أفهم من (مقالات) الأستاذ خادم البتول أن الأقانيم ماهى إلا صفات ذاتية لله!

"مقالات" الأستاذ خادم البتول هذه كلفته فوق ما تتصور! :) مقالات الأستاذ خادم "تأسيسية"، طويلة حتى رغما عنه هو نفسه، مرهقة مُضنية في كتابتها ناهيك عن مراجعتها وضبطها لاهوتيا. ذلك أن حظه العاثر أوقعه مع رجل يريد أن يفهم الثالوث عقلا!
icon10.gif
قيل له إن ذلك محال، أن "فهم" الله "عقلا" هو بحد ذاته تناقض، مع ذلك أصر الرجل! فلما كتبنا، عاد يصف الشرح بأنه "مقالات"!!!

طيب يا أخي معلش، أنا غلطان حقك عليا! ممكن من فضلك تقرا المقالات دي؟ معلش تعالى على نفسك شوية! (بس اقرا كويس لو سمحت، بقلب مفتوح ومخلص إذا كنت عايز فعلا تفهم)!


ولما قلت له أن الصفة لا تفارق الموصوف تطرق (اسلاميا) إلى صفة الكلام - والتى هى صفة ذاتية لله - وكيف تجسدت فى مصحف !!

لم أتطرق إلى المصحف إلا لأنك تطرقت إلى التجسد. حديثنا هو الثالوث: مالك والتجسد؟!
icon10.gif



وهذا قياس مع الفارق، لماذا؟
باختصار
لأن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق. ومعناها أن صفة الكلام الثابتة لله تعالى والقائمة بذاته كباقي صفاته ليست مخلوقة ولا حادثة. بل هي صفة أزلية أبدية قديمة باقية قدم ذاته تعالى وأما الورق والكتابة والحروف والأصوات وغير ذلك مما يدل على هذه الصفة القديمة فهي وإن سميّت قرآناً ووجب علينا احترامها وتقديسها فهي حادثة مخلوقة

بحب أنا يقين "أهل السنة والجماعة" ده لما بيتكلموا! تحس يا أخي إن الواحد فيهم جاب التايهة فعلا! بيطق "ثقة" من جنابه وهو بيتكلم!
icon10.gif


يا أستاذ في عرضك احنا مش فاضيين بلاش لف ودوران.. هي كلمة ورد غطاها: الكلام الإلهي ـ القرآن ـ هو المصحف، وللا مش هو المصحف؟؟؟


أما عندك كيف فارقت الصفة الذاتية (الأقنوم) الموصوف؟؟!!

ومن قال إنها فارقته؟؟؟ يا أستاذ التزم بكلامي اللي أنا كتبته لو سمحت! انسى "كل" ـ تاني "كل"ـ اللي انتي تعرفه عن الثالوث والتزم بكلامي لو سمحت! كلمني في اللي أنا باكتبه، تأمل فيه، اسأل فيه، حاوره، ناقشه.... إنما تجيلي بعد 3 أيام تقولي "الصفة فارقت الموصوف"؟؟؟ راجع بعد كل اللي اتكتب ده ـ بعد 3 أيام ـ بفقرة واحدة يتيمة تدافع فيها عن القرآن؟؟؟ هو ده كل اللي يهمك؟؟؟ إنت بتهزر؟؟؟


ياعزيزى وصف أقنوم الإبن عندكم (الصفة الذاتية) إله حق، إله كامل !!

أي نعم: إله كامل أزلي خالق!
والآب إله كامل أزلي خالق!
والروح القدس إله كامل أزلي خالق!


لكن مع ذلك دول مش 3 ألهة بل إله واحد!

ابن يسى إنسان كامل
أبو سليمان إنسان كامل
جد رحبعام إنسان كامل


دول "داود" واحد ولا تلاته داود؟

أنت لا ترى "داود" الواحد لأنك تنظر على يسى وسليمان ورحبعام فبتلاقي تلاته! قلتلك انظر إلى "العلاقة" بينهم! بردو مش شايفه! شايف أقانيم تلاته! طيب على الأقل أنظر إلى طبيعة الأقانيم التلاته دول: هل هي طبيعة إنسانية واحدة أم تلات طبائع مختلفة؟!


إن كانت الكلمة صفة فهى لا تخلق ولا ترزق والمسيح عندك الها خالقا، كما أن الصفة لا تجلس عن يمين الموصوف لأنها ببساطة لا تفارقه والمسيح عندك صعد إلى السماء وجلس عن يمين أبيه

ما هي النقطة كلها هنا! انت مش فاهم ابتداء يعني إيه "صفة"! حتى كلمتك بالإسلامي عشان تفهم ومفيش فايدة! شاورتلك على المعتزلة والأشاعرة ومشكلة خلق القرآن إلخ وبردو مفيش فايدة! أنا مش كنت بناظرك ـ أنا كنت عايزك تروح تقرا وتشوف المشكلة في "فهمك" انت نفسه للإله أولا.. فلا انت بتقرا كلامي (لأنها "مقالات" فطبعا طويلة بالنظر لوقت سعادتك) ولا انت بتقرا حتى كلامكم، يبقا عايز تفهم ازاي؟؟ لا وتفهم "ربنا" مش أي حد تاني!! لا وتفهم كمان الثالوث!!!
icon10.gif


***

مشكلتك الأولى كمسلم إنك بتساوي بين "الصفة" بمعناها البشري وبين الصفة الإلهية "الأقنوم"! عشان كده المعتزلة اتهموكم إنكم "مشبّهة" فعلا! انت بتقيس ربنا على الإنسان وبتشبّه ربنا بالإنسان! كأن ربنا ده "راجل كبير" في السما! لذلك انت مش شايف الفرق اللي بنقول عليه!

تأمل الآية اللي كتبتها لك المرة اللي فاتت ـ هل الرسول بيقول:

... المسيح هو الله القدير الحكيم

وللا بالأحرى بيقول:

... المسيح هو قدرة الله وحكمة الله؟

يعني أنا لما بقول "قدرة الله" انت "أذنك" بتسمع "لله القدير"!

لكن "الله القدير" لا تساوي "قدرة الله"! "الله القدير" ليس معناها "قدرة الله"!

"القدير" هي الصفة كما تلحق بالموصوف (البشري أو الإلهي)، لكن "قدرة الله" هي الصفة الذاتية الإلهية نفسها ـ الأقنوم الإلهي ذاته! دي نبع "القدرة" ومصدرها، أصل "القدرة"، "القدرة" المطلق، "القدرة" اللي نبعت منها كل قدرة في الوجود (كما إن الروح القدس هو الروح "المُحيي" واهب الحياة لكل حي في كل الكون)!

المسيح بالتالي مش بس "قدير" كإله، بل هو قدرة الله ذاتها!

***

عموما أنا اتبعت حتى الآن منهج بسيط (حتى بلغة تناسبك أكتر للشرح: تعمدت مثلا الكلام عن "الذات الإلهية" طول الوقت والمفروض هو اسمه بالأحرى "الجوهر الإلهي") فقط حتى نتجنب المصطاحات الفلسفية عموما كالجوهر والطبيعة إلخ. فاعطي نفسك فرصة أخرى للفهم بهدوء وإخلاص. اقرا معلش "المقالات" تاني.. إذا لسه مش قادر تشوف المقصود بعد كل ده فلا مشكلة على الإطلاق: ح نضطر بس نشرح بمنهج آخر ونتكلم شويا فلسفيا وإن كنت لا أفضل.. لكن لا مشكلة أبدا.. في كل الحالات المهم ـ المهم ـ هو إنك تكون عايز فعلا تفهم!

***

 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,068
مستوى التفاعل
1,039
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل

أهلا مرة أخرى. سلام ونعمة وصباح عاطر. :)

أعتقد أنني وجدت طريقا مختصرا قد يوفر على كلينا الكثير من الوقت والجهد. (أعتقد والله أعلم!
icon10.gif
)

قرأنا في القرآن عن "روح الله" ما نصه:
إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ...

وفي آية أخرى أظهر وأوضح:
... فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ...

الله هنا يتحدث عن روحه، بضمير الغائب، فروح الله من ثم ليس ذات الله.

لدينا بالتالي 3 احتمالات:

* روح الله موجود حقا: كظاهر الآية، ولكن ينتج عن ذلك وجود أزليين اثنين ويتعدد القدماء.

* روح الله غير موجود حقا: ليس للروح أي وجود حقيقي. روح الله مجرد "اسم" يشير إلى ذات الله، والآية يمكن تفسيرها مجازا.

* روح الله موجود حقا ولكن وجوده ليس من ذاته وإنما وجوده من الله الذي يقوم به. كذلك أزليته وبقاؤه. بذلك يثبت وجود الروح الإلهي، كما تثبت أزليته وأبديته، وبالوقت ذاته لا يزال الله واحدا ولا يتعدد القدماء.

فأيّ الاحتمالات الثلاثة تختار؟ :)


(لا فخاخ بالطبع ولا حيل! تجاوزنا هذه الصبيانية. سأرسل إليك بمشيئة الرب سلسلة من الأسئلة القصيرة السريعة فأجب بكل بساطة وتلقائية وحسب ما ترى بالعقل والمنطق)!

 

حياة بالمسيح

خادمة الرب
عضو مبارك
إنضم
29 أبريل 2014
المشاركات
13,237
مستوى التفاعل
1,706
النقاط
76
الله هو اله واحد ذو ثلاثة أقانيم اقنوم الله الاب واقنوم الله الابن واقنوم الله الروح القدس وافضل طريقة لفهمها هو الاتي
انت أب لابنك
وانت جد لاحفادك
وانت ابن لابوك
وانت لست ثلاثة بل واحد ذو ثلاثة صفات
فالله هكذا هو اله واحد لا شريك له ذو ثلاثة صفات او أقانيم
والله ازلي ابدي اي الله الاب والله الابن والله الروح القدس موجودون منذ الازل لكن الله تجسد واتخذ جسداً بشرياً مائتاً ونفساً عاقلة وخالدة ولكن بلا خطية وولد من مريم العذراء البتول قبل الولادة وفي الولادة وبعد الولادة بقوة الروح القدس التي ظللتها لكي يصلب ويموت ويقوم في اليوم الثالث لخلاصك وخلاصي وخلاص جنس بني البشر فلا توجد ديانة اخرى على الاطلاق والمسيحية ليست ديانة بل هي علاقة حميمية وشراكة حقيقية مع الله القدوس ونزل الروح القدس على التلاميذ في يوم الخمسين بعد صعود الرب يسوع للسماء بعد موته وقيامته
فلا تشك بوحدانية الله ذو ثلاثة أقانيم ولا تحاول ان تفهم الله اللامحدود بعقلك البشري المحدود فقط آمن به واسأله في خلوتك الشخصية ان يعلن ذاته لاجلك من كل قلبك وهو سيفعل اللازم وسيرشدك وسيفهمك روحه القدوس تبارك اسمه القدوس للابد امين
 

ياسر الجندى

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
2 يوليو 2010
المشاركات
1,962
مستوى التفاعل
133
النقاط
0

أي نعم: إله كامل أزلي خالق!
والآب إله كامل أزلي خالق!
والروح القدس إله كامل أزلي خالق!


لكن مع ذلك دول مش 3 ألهة بل إله واحد!

يامثبت العقل فى الدماااااغ !
طيب ماشى تعالى نشوف المثل الموضح


ابن يسى إنسان كامل
أبو سليمان إنسان كامل
جد رحبعام إنسان كامل


دول "داود" واحد ولا تلاته داود؟
جميل جدا
ياعزيزى ، ياصديقى ،يازميلى
هذه كنى لمسمى وااااااحد !!
القياس مع الفارق دائما !أو قل القياس الفاسد!
أقولك ليه ؟ببساطة -على إعتقادك -
من ناحية الأقنومية ابن يسى ليس هوأبو سليمان ليس هو جد رحبعام !!
صحيح ؟!ينفع كده؟
لو قلت لك مثلا
خالق السماوات إله واحد
مرسل الأنبياء إله واحد
باعث الناس إله واحد
فيها مشكلة ؟؟!!
هذا ثلاثة آلهة أم إله واحد!
بسم الله الرحمن الرحيم
وصف لمسمى واحد ولا ثلاثة؟؟!!
عرفت فين المشكل
أرأيت كيف كانت الوحدة المطلقة حلا للاهوتيين ؟!
لأنه ببساطة من فمك أدينك
ومما تسطر أيضا !
إن رأيت أن أكتفى بهذا فعلت
وشكرا لك على كل حال








 

ياسر الجندى

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
2 يوليو 2010
المشاركات
1,962
مستوى التفاعل
133
النقاط
0
[QUOTE
=حياة بالمسيح;3808052]الله هو اله واحد ذو ثلاثة أقانيم اقنوم الله الاب واقنوم الله الابن واقنوم الله الروح القدس وافضل طريقة لفهمها هو الاتي
انت أب لابنك
وانت جد لاحفادك
وانت ابن لابوك
وانت لست ثلاثة بل واحد ذو ثلاثة صفات

مساء الخير أستاذة حياة
حتى تتضح لى الصورة كاملة
هؤلاء الثلاثة اللى هما فى الآخر أنا ،واحد من حيث الجوهر
أم من حيث الأقنومية ؟
ياريت تجاوبينى عشان أفهم

 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,068
مستوى التفاعل
1,039
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل
الله هو اله واحد ذو ثلاثة أقانيم اقنوم الله الاب واقنوم الله الابن واقنوم الله الروح القدس وافضل طريقة لفهمها هو الاتي
.............................


بركة كبيرة حضورك يا أمنا الغالية ربنا يباركك ويسعد كل أيامك. :)
أشكرك على هذه المشاركة الطيبة، عاطر أمنياتي وصلي لأجل ضعفي.

 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,068
مستوى التفاعل
1,039
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل
يامثبت العقل فى الدماااااغ !
..................
..................


خير اللهم اجعله خير!
icon10.gif


معلش العَتَب على النظر كما يقولون! يمكن مش واخد باله!

يا أستاذ ياسر الجندي المحترم:
يا أستاذ ياسر الجندي اللي عايز يفهم الثالوث:
يا أستاذ ياسر الجندي اللي بقاله النهارده أكتر من 3 شهور بيسأل عن الثالوث وكل هدفه بصدق إنه بس يفهم:
يا أستاذ ياسر الجندي اللي مش جاي هنا للمناظرة والمقاوحة أو ـ لا سمح الله ـ لبذر الشـك في قلوب الناس وعقولها وتشويه إيمانهم وعقيدتهم بدعوى التوحيد المطلق:

يا أستاذ ياسر فيه رسالة هنا بسيطة قصيرة يبدو والله أعلم إنك لم تراها! يا أستاذ ياسر نحن في انتظار ردك على رسالتي الأخيرة! وعشان يمكن تكون ضاعت في البريد نقول تاني ـ كمان مرة عشان الحبايب:

* هل روح الله موجود بوجوده الشخصي، أزلي أبدي بذاته؟
* هل روح الله موجود بوجود الله، أزلي أبدي لقيامه بذات الله؟
* أم أن روح الله غير موجود أساسا؟


معانا يا أستاذ ياسر؟ آلووووو هل تسمعنيييييي؟
icon10.gif


__________________

(وبردو على جنب عشان ما تنساش، خليك فاكر لسه لينا يا باشا في ذمتك "سؤال فكة" كده صغير نشوفه بعدين ـ معلش بس عشان كله ياخد حقه في السهراية دي
icon10.gif
: هل القرآن كلام اللـه هو المصحف، وللا مش هو المصحف؟!)


 

ياسر الجندى

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
2 يوليو 2010
المشاركات
1,962
مستوى التفاعل
133
النقاط
0
[
* هل روح الله موجود بوجوده الشخصي، أزلي أبدي بذاته؟
* هل روح الله موجود بوجود الله، أزلي أبدي لقيامه بذات الله؟
* أم أن روح الله غير موجود أساسا؟


معانا يا أستاذ ياسر؟ آلووووو هل تسمعنيييييي؟
icon10.gif
معااااك
بس مش عايز أدخل فى الإسلامياااااات
لكن حضرتك مصمم
اسمع

الروح ليست من صفات الله تعالى ، بل هي خلق من مخلوقات الله تعالى . وأضيفت إلى الله تعالى في بعض النصوص إضافة ملك وتشريف ، فالله خالقها ومالكها ، يقبضها متى شاء ، ويرسلها متى شاء .
فالقول في الروح ، كالقول في (بيت الله) و (ناقة الله) و (عباد الله) و (رسول الله) فكل هذه مخلوقات أضيفت لله تعالى للتشريف والتكريم .
ومن النصوص التي أضيفت فيها الروح إلى الله : قوله تعالى : ( ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِه ) السجدة/9
. وهذا في حق آدم عليه السلام .
وقال سبحانه وتعالى عن آدم أيضاً : ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) الحجر/29 .
وقال تعالى : ( فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً ) مريم/17-
فالروح هنا هوعبد الله ورسوله
جبريل الذي أرسله إلى مريم . وقد أضافه الله إليه في قوله (رُوحَنَا) فالإضافة هنا للتكريم والتشريف ، وهي إضافة مخلوق إلى خالقه سبحانه وتعالى .
وفي حديث الشفاعة الطويل : ( فَيَأْتُونَ مُوسَى ، فَيَقُولُ : لَسْتُ لَهَا ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى ، فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ)
رواه البخارى ومسلم
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية :
" فليس في مجرد الإضافة ما يستلزم أن يكون المضاف إلى الله صفة له ، بل قد يضاف إليه من الأعيان المخلوقة وصفاتها القائمة بها ما ليس بصفة له باتفاق الخلق ، كقوله تعالى (بيت الله) و (ناقة الله) و(عباد الله) بل وكذلك روح الله عند سلف المسلمين وأئمتهم وجمهورهم .
ولكن إذا أضيف إليه ما هو صفة له وليس بصفة لغيره مثل كلام الله وعلم الله ويد الله ونحو ذلك كان صفة له "

فلتعلم إذا أن الإضافة لله تعالى نوعان:

الأول:أعيان قائمة بذاتها
فهذه الإضافة للتشريف والتكريم ،كبيت الله وناقة الله، ليست صفة، بل هي عين قائمة بنفسها وكذلك الروح
،

الثانى
صفات لا تقوم بنفسها ، بل لا بد لها من موصوف تقوم به ، كالعلم والإرادة والقدرة
فإذا قيل : علم الله ، وإرادة الله ، فهذا من إضافة الصفة إلى الموصوف .


 
أعلى