تاريخ الآباء البطاركة القديسين

++sameh++

عضو شرف
عضو مبارك
إنضم
24 ديسمبر 2005
المشاركات
1,339
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
الإقامة
فى حضن الأب
البابا متاؤس الثالث


في زيارته الرعوية إلى الوجه البحري زار برما وطنطا ثم اتجه إلى موطنه الأصلي طوخ النصارى الذي قابله شعبها بحفاوة بالغة، وطلبوا إليه أن يمكث وسطهم، فظل بينهم ما يقرب من العام. وفي سبت لعازر سنة 1646م، بعد أن انتهى من القداس الإلهي وبارك الشعب وصرفه دخل إلى حجرته ونام نومته الأخيرة ووجهه مشرقًا، مسلمًا روحه الهادئة في يد خالقها، راقدا في شيخوخة صالحة ودفن بكنيسة مارجرجس بطوخ دلكة (طوخ النصارى)، وكان ذلك في أيام السلطان إبراهيم الأول وكان والي مصر محمد باشا بن حيدر باشا.
 

++sameh++

عضو شرف
عضو مبارك
إنضم
24 ديسمبر 2005
المشاركات
1,339
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
الإقامة
فى حضن الأب
البابا مرقس السادس


سيامته بطريركًا

لم تنقضِ عشرون يومًا على نياحة الأنبا متاؤس الثالث حتى اختير الراهب مرقس البهجوري الأنطوني بناء على مشورة أرخن ذي رأى مسموع اسمه "بشارة"، فوصلوا إلى ديره واستحضروه إلى القاهرة حيث تمت سيامته في أيام الخماسين المقدسة، وصار البابا الواحد بعد المائة على كرسي الإسكندرية.

نشأ هذا الأب في ناحية بهجورة بالوجه القبلي، وترهب بدير القديس الأنبا أنطونيوس باسم الراهب مرقس الأنطوني. وقد سيم بطريركًا في سنة 1646م وكان ذلك في أيام السلطان إبراهيم الأول وكان محمد باشا بن حيدر باشا واليًا على مصر.

عودة الرهبان إلى أديرتهم

في مستهل بابويته أصدر أمرًا بوجوب عودة الرهبان إلى صوامعهم وأديرتهم مما يتفق مع القوانين الكنسية والقواعد الرهبانية.

استاء من هذا القرار بعض الرهبان فلم يرضخوا له بل والتجأوا إلى الوالي يشكوه سوء معاملة البطريرك، فوجدها الوالي التركي فرصة طيبة للقبض على البابا القبطي وإيداعه السجن، ولم تنقضِ أيام حتى عاد زعيم المارقين واسمه "قدسي" إلى رشده واتجه إلى الوالي ينفى الاتهامات ويطلب الإفراج عن البابا ولكن الوالي فرض ضريبة ضخمة على الكنيسة وأكابر القبط.

اضطهاد الأقباط

تنقل البابا بين ربوع مصر لمدة أربع سنوات ليس من أجل رعاية شعبه ولكن لجمع الأموال قصرًا من الكنائس وكبار القبط حتى ولو بطريقة غير لائقة وأسلوب عنيف، وانتهز الوالي الفرصة فصب على الأقباط جام غضبه وأصدر أوامر مشددة بأن يمتنع أي قبطي عن ركوب الخيل ولا حق لهم في ارتداء الملابس الملونة الحمراء وإنما فرض عليهم الملابس الزرقاء فقط. وأصدر أوامر أخرى أشد تعسفًا بأن يرث الوالي من يموت من القبط، فحرم بذلك الأرامل والأيتام حقوقهم الشرعية والطبيعية، ولكي تزداد ثروة الوالي كان يأمر بقتل قبطي أو اثنين يوميًا حتى بلغ من قُتلوا في أيامه من القبط - من أجل الميراث - ألف ومائتي رجلاً.

نياحته

ليس غريبًا أن مثل هذا البابا ينتقل إلى دار البقاء يوم الجمعة العظيمة إذ ينشغل الكل بأحداث الصلب والفادي وبالتالي تقل قيمة كل إنسان سواه وصُلى على جثمانه ساعة من ساعات البصخة كالمعتاد ثم تمت صلوات التجنيز يوم سبت النور ودُفِن في كنيسة القديس مرقوريوس أبو سيفين بمصر القديمة بعد أن قضى على الكرسي البابوي ما يزيد على العشر سنوات، وكانت نياحته سنة 1656م، وخلى الكرسي بعده أربع سنوات وسبعة شهور وستة عشر يومًا.

الكاتب القبطي يوسف أبو دقن المنوفي

كتب يوسف أبو دقن المنوفي دافعًا عن الإيمان المستقيم بأسلوب مهذب لا يخدش أية طائفة أخرى، كما أوضح كيف استؤمن القبط على أموال الدولة وخدماتها. وعند حديثه عن الرهبان والراهبات أشاد بنسكهم وتقشفهم ودقة تعاليمهم ومحافظتهم على الطقوس الكنسية وتواجد أديرة الراهبات بجوار الكنائس.

ومن كتابات هذا الأرخن المؤرخ "مختصر دقيق لطقس رفع بخور عشية وباكر" وطقس تقديم الحمل المقدس. وأشاد بمهارة القبط في صناعة المجوهرات والحلي بالإضافة إلى النجارة والحدادة والخياطة وصنع الأحذية والحفر على الخشب والجلد والمعادن إلى جانب حذق الأقباط في الهندسة والعمارة والفلك، وكانت الكتاتيب (المدارس) الملحقة بالكنائس يتعلم فيها الجميع دون تفريق مبادئ القراءة والحساب والجغرافيا واللغتين القبطية والعربية.

بالرغم من موقف القبط هذا من الدولة، إلا أن التعصب الأعمى جعل الترك يزعمون أن اضطهاد القبط هو مفتاح للجنة فقتلوا الكثيرين، مع أن القبط كان لهم دورهم الكبير في حياكة الستور والأغطية التي يستتر وراءها جدران الكعبة في مكة عندما أعيد بناؤها بعد نزول سيل جارف عليها فهدمها آنذاك.
 

++sameh++

عضو شرف
عضو مبارك
إنضم
24 ديسمبر 2005
المشاركات
1,339
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
الإقامة
فى حضن الأب
البابا متاؤس الرابع


كان يدعى الراهب القمص جرجس الميري وكان رئيسًا لدير البراموس، سيم بطريركًا سنة 1660م في أيام السلطان محمد الرابع. وفي نفس السنة نقل الكرسي البطريركي من حارة زويلة إلى حارة الروم 1660م.

في سنة 1669م حدث حريق كبير في أيامه جهة حارة زويلة مات فيه كثيرون. وفي سنة 1670 م انتشر وباء عظيم بمصر وضواحيها.

اضطهاد الأقباط

عاني البابا من سوء معاملة الأتراك له إذ كان الوحيد من دون بطاركة الطوائف الأخرى الموضوع تحت مراقبة الأتراك، فكان ممنوعًا من الخروج، كما كان محرمًا عليه الاتصال بالجاليات الأجنبية، وغير مسموح له بالسفر إلى أية جهة، وكانت حياته مهددة في كل لحظة. كان الأقباط هم الطائفة الوحيدة من غير المسلمين التي تُعامَل باضطهاد شديد من المسلمين يعاملون للقبط بإهانة أكثر من يهود مصر. فكانوا يسيئون إليهم ويغلقون لهم الكنائس ويقفلون عليهم أبواب بيوتهم لأتفه الأسباب ويظلمونهم ظلمًا فاضحًا حتى يرغمونهم بدفع غرامات مالية باهظة. وفي سنة 1672م قاسى الأقباط اضطهادًا فظيعًا لأن بعض الجند الأتراك قاموا بذبح امرأة خليعة وألقوا بجثتها قريبًا من بركة الأزبكية، فقام العساكر ظلمًا وعدوانًا بغلق بيوت النصارى المتاخمة لهذه المنطقة وأجبروهم على دفع غرامة قدرها ألف دينار دية لهذا الدم المسفوك إذا أرادوا أن يفتحوا بيوتهم ويذهبوا إلى إعمالهم.

شفاعة القديس مرقوريوس

حدث ذات مرة أن أراد الغوغاء أن يهدموا كنيسة القديس مرقوريوس بمصر القديمة، ولكي يصبغوا على عملهم بصبغة قانونية عينوا من قِبَل الدولة أغا للقيام بتنفيذ هذه المهمة. فلما بلغ الخبر للبابا متاؤس اغتم غمًا شديدًا وأقام ليلة ساهرًا متشفعًا وطالبًا مساعدة القديس مرقوريوس، وما كاد الجند يقتربون من الكنيسة حتى وقع عليهم حائط بجوارهم فماتوا جميعًا، وشاع الخبر في المدينة كلها فاضطربوا وعدلوا عن مشورتهم الرديئة.

أخيرًا تنيح البابا متاؤس سنة 1675م ودفن في مقبرة البطاركة بمصر القديمة.
 

++sameh++

عضو شرف
عضو مبارك
إنضم
24 ديسمبر 2005
المشاركات
1,339
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
الإقامة
فى حضن الأب
البابا يؤانس السادس عشر


الشهير بالطوخي، كان من ناحية طوخ النصارى بالمنوفية، وكان اسمه إبراهيم وترهب بدير الأنبا أنطونيوس باسم الراهب إبراهيم الأنطوني، وسيم بطريركًا باسم البابا يوأنس سنة 1676م.

ملابس سوداء

حدث في أيّامه أن اشتد الغلاء في البلاد وكان ذلك في سنة 1678م، وفضلاً عما أصاب البلاد من الغلاء، نودي في نفس السنة أن يُعلِّق النصارى في رقبتهم جلجالان وفي رقبة اليهودي جلجال واحد، وأن يضع كلٍ من اليهود والنصارى عمائمهم، وألا يلبسوا أثواب من الجوخ أو الصدف، كما أنه نودي ألا تأتزر نساء النصارى بمآزر بيضاء وتكون ملابس النصارى عمومًا سوداء.

التعمير

في أيّامه أقام نُظَّارًا لكل كنائس القاهرة وقام بتعمير القلاية البطريركية بحارة الروم وتعمير كنائس وأديرة ومحلات القدس. وأرسل المعلم لطف الله إلى السلطان لرفع جزية المال عن حارة الروم.

قام بزيارة الوجهين القبلى والبحرى مفتقدًا أحوال الشعب، وكان في صحبته رجل من أراخنة الأقباط يدعى جرجس الطوخي. وقد ساعده هذا الأرخن على عمارة ما اندثر من الكنائس والأديرة، خاصة دير القديس بولا الذي كان قد خُرّب منذ أعوام طويلة، فعمّره هذا البابا، وأعاد إليه الرهبان بعد أن خلى من الرهبان حوالي مائة عام.

حدث في أيّامه غلاء شديد وفناء للبشر بسبب عدم وفاء النيل، وما نتج عنه من وباء وغلاء وذلك في سنة 1695م.

كما حدث في أيّامه ترتيب طقس "علبة الذخيرة المقدسة" وحملها للمرضى والمقعدين والمطروحين في منازلهم، وصار العمل بهذا الترتيب إلى يومنا هذا.

صُنِع في أيّامه الميرون المقدس وذلك سنة 1703م، كما زار في أيّامه دير الأنبا أنطونيوس ثلاث مرات، وقام بتعمير دير الأنبا بولا أول السواح، وأيضًا فصل وقف دير الأنبا أنطونيوس عن أوقاف دير الأنبا بولا.

إغلاق الكنائس وحدوث كوارث

في زمنه أيضًا وقع اضطهاد على الأقباط سنة 1701م، في زمن ولاية أحمد قرة محمد باشا، الذي سعى إليه أحد الحاسدين مدعيًا أن طائفة النصارى أقامت مبانٍ جديدة في كنائسهم، فقام الوالي ببحث الأمر وأمر بإغلاق الكنائس، وهدم ما تم تجديده، ولم يشفع في ذلك ويلغي الأوامر سوى تقديم مبلغ خاص له وهو "صرة من الدراهم".

كذلك في زمنه حدث عدم وفاء النيل وأعجوبة فيضانه على يديه، وفي سنة 1711م حدثت زلزلة عظيمة وحل الجراد بالبلاد وكان ذلك في عيد القيامة المجيد، فرحم الله العباد بنزول الأمطار وإطلاق الرعود فمات الجراد ونجت البلاد من مصائبه.

حدث سنة 1718م وباء شديد آخر مات من جرائه خلق عظيم، وتنيّح به البابا ودفن في مدفن البطاركة بكنيسة القديس مرقوريوس بمصر القديمة، وذلك في مدة حكم السلطان العثماني أحمد الثالث.

كتاب مولييه

فى أيام البابا حضر إلى مصر قنصل فرنسى يدعى مولييه وذلك في عام 1692، ووضع كتابًا عن مصر جاء فيه عن الأقباط:

[إنهم أقل جهلاً وغشومة، ولكنهم متشبثون بما يحسبه غيرهم هرطقة...

مع ما كان عليه المرسلون اللاتين من المهارة والجدارة لم يستطيعوا أن يجذبوا إليهم واحدًا منهم رغمًا من طول بقائهم بينهم، وعمل كل ما في وسعهم لإقناعهم...

إنه لما لم يقوً المرسلون على اجتذاب القبط إليهم بالإقناع دبروا حيلة أخرى، فصاروا يوزعون صدقات نقدية على من يحضر منهم إلى كنيستهم، فالتجأ إليهم جمع كبير من الفقراء. ولما استبدل رئيس الدير بغيره ألغى الصدقة بهذه الكيفية، ولذلك لم يعد من الفقراء من يقرب كنيسة الإفرنج.

طلب لويس الرابع عشر ملك فرنسا (من القنصل الفرنسى) أن ينتخب ثلاثة من شبان الأقباط الأذكياء من عائلات طيبة يرسلهم إلى فرنسا ليتعلموا على نفقة الحكومة الفرنسية، فلم يرضَ أغنياء الأقباط أو فقراؤهم أن يسلموهم أولادهم خوفًا من يغيروا معتقدهم.]

ذكر أيضًا أن بمجرد اشاعة الخبر بأنهم فتحوا مدارس لتعليم الشبان منع الأقباط أولادهم عنها فصارت خاوية، ولم يبقً مع الكاثوليك سوى بضعة أفراد، الذين أخذوهم من والديهم وهم أطفال من أولاد الفقراء وربّوهم منذ نشأتهم على المعتقد الكاثوليكي، غير أن هذه الطريقة التي عمدوا إليها، لم تنجح أيضًا، فإن كثيرين من الذين علموهم في روما عندما عادوا إلى أوطانهم شق عليهم ترك عقيدتهم، ورجعوا إلى كنيستهم مرة ثانية.

يقول مسيو مولييه "حتى الذين كانوا يتضورون جوعًا وكنا نعطيهم طعامًا امتنعوا عن المجيء إلينا خوفًا من أن نكثلكهم".

محاولات جديدة للكاثوليك في أثيوبيا

إذ رأى اللاتين فشل مساعيهم في مصر عادوا للعمل في أثيوبيا. فبعد بعث ثلاث إرساليات آخرها عام 1706م، أرسلوا بإيعاز من لويس التاسع عشر ملك فرنسا طبيبًا لأثيوبيا يدعى دي رول ليُحسن سياسته مع ملكها تمهيدًا لدخول اليسوعيين إلى أثيوبيا. وكان مع الطبيب مترجم سوري يدعى إلياس. وإذ وصلا أثيوبيا قبض الحاكم سنار عليهما وحجز الطبيب وأطلق سراح المترجم، لكي يذهب إلى الملك ويطلب منه السماح بدخولهما بلاده. رد عليه ملك أثيوبيا بأنه إن كان داخلاً كسائح فلا بأس من ترك الحرية له ليدخل بلاده، أما إذا كان داخلاً للكرازة كيسوعي فلابد من منعه من دخول أثيوبيا. تشكك السلطان سنار من جهة الطبيب فبعد أن حجزه ثلاثة أشهر قتله.
البابا يؤانس السادس عشر


الشهير بالطوخي، كان من ناحية طوخ النصارى بالمنوفية، وكان اسمه إبراهيم وترهب بدير الأنبا أنطونيوس باسم الراهب إبراهيم الأنطوني، وسيم بطريركًا باسم البابا يوأنس سنة 1676م.

ملابس سوداء

حدث في أيّامه أن اشتد الغلاء في البلاد وكان ذلك في سنة 1678م، وفضلاً عما أصاب البلاد من الغلاء، نودي في نفس السنة أن يُعلِّق النصارى في رقبتهم جلجالان وفي رقبة اليهودي جلجال واحد، وأن يضع كلٍ من اليهود والنصارى عمائمهم، وألا يلبسوا أثواب من الجوخ أو الصدف، كما أنه نودي ألا تأتزر نساء النصارى بمآزر بيضاء وتكون ملابس النصارى عمومًا سوداء.

التعمير

في أيّامه أقام نُظَّارًا لكل كنائس القاهرة وقام بتعمير القلاية البطريركية بحارة الروم وتعمير كنائس وأديرة ومحلات القدس. وأرسل المعلم لطف الله إلى السلطان لرفع جزية المال عن حارة الروم.

قام بزيارة الوجهين القبلى والبحرى مفتقدًا أحوال الشعب، وكان في صحبته رجل من أراخنة الأقباط يدعى جرجس الطوخي. وقد ساعده هذا الأرخن على عمارة ما اندثر من الكنائس والأديرة، خاصة دير القديس بولا الذي كان قد خُرّب منذ أعوام طويلة، فعمّره هذا البابا، وأعاد إليه الرهبان بعد أن خلى من الرهبان حوالي مائة عام.

حدث في أيّامه غلاء شديد وفناء للبشر بسبب عدم وفاء النيل، وما نتج عنه من وباء وغلاء وذلك في سنة 1695م.

كما حدث في أيّامه ترتيب طقس "علبة الذخيرة المقدسة" وحملها للمرضى والمقعدين والمطروحين في منازلهم، وصار العمل بهذا الترتيب إلى يومنا هذا.

صُنِع في أيّامه الميرون المقدس وذلك سنة 1703م، كما زار في أيّامه دير الأنبا أنطونيوس ثلاث مرات، وقام بتعمير دير الأنبا بولا أول السواح، وأيضًا فصل وقف دير الأنبا أنطونيوس عن أوقاف دير الأنبا بولا.

إغلاق الكنائس وحدوث كوارث

في زمنه أيضًا وقع اضطهاد على الأقباط سنة 1701م، في زمن ولاية أحمد قرة محمد باشا، الذي سعى إليه أحد الحاسدين مدعيًا أن طائفة النصارى أقامت مبانٍ جديدة في كنائسهم، فقام الوالي ببحث الأمر وأمر بإغلاق الكنائس، وهدم ما تم تجديده، ولم يشفع في ذلك ويلغي الأوامر سوى تقديم مبلغ خاص له وهو "صرة من الدراهم".

كذلك في زمنه حدث عدم وفاء النيل وأعجوبة فيضانه على يديه، وفي سنة 1711م حدثت زلزلة عظيمة وحل الجراد بالبلاد وكان ذلك في عيد القيامة المجيد، فرحم الله العباد بنزول الأمطار وإطلاق الرعود فمات الجراد ونجت البلاد من مصائبه.

حدث سنة 1718م وباء شديد آخر مات من جرائه خلق عظيم، وتنيّح به البابا ودفن في مدفن البطاركة بكنيسة القديس مرقوريوس بمصر القديمة، وذلك في مدة حكم السلطان العثماني أحمد الثالث.

كتاب مولييه

فى أيام البابا حضر إلى مصر قنصل فرنسى يدعى مولييه وذلك في عام 1692، ووضع كتابًا عن مصر جاء فيه عن الأقباط:

[إنهم أقل جهلاً وغشومة، ولكنهم متشبثون بما يحسبه غيرهم هرطقة...

مع ما كان عليه المرسلون اللاتين من المهارة والجدارة لم يستطيعوا أن يجذبوا إليهم واحدًا منهم رغمًا من طول بقائهم بينهم، وعمل كل ما في وسعهم لإقناعهم...

إنه لما لم يقوً المرسلون على اجتذاب القبط إليهم بالإقناع دبروا حيلة أخرى، فصاروا يوزعون صدقات نقدية على من يحضر منهم إلى كنيستهم، فالتجأ إليهم جمع كبير من الفقراء. ولما استبدل رئيس الدير بغيره ألغى الصدقة بهذه الكيفية، ولذلك لم يعد من الفقراء من يقرب كنيسة الإفرنج.

طلب لويس الرابع عشر ملك فرنسا (من القنصل الفرنسى) أن ينتخب ثلاثة من شبان الأقباط الأذكياء من عائلات طيبة يرسلهم إلى فرنسا ليتعلموا على نفقة الحكومة الفرنسية، فلم يرضَ أغنياء الأقباط أو فقراؤهم أن يسلموهم أولادهم خوفًا من يغيروا معتقدهم.]

ذكر أيضًا أن بمجرد اشاعة الخبر بأنهم فتحوا مدارس لتعليم الشبان منع الأقباط أولادهم عنها فصارت خاوية، ولم يبقً مع الكاثوليك سوى بضعة أفراد، الذين أخذوهم من والديهم وهم أطفال من أولاد الفقراء وربّوهم منذ نشأتهم على المعتقد الكاثوليكي، غير أن هذه الطريقة التي عمدوا إليها، لم تنجح أيضًا، فإن كثيرين من الذين علموهم في روما عندما عادوا إلى أوطانهم شق عليهم ترك عقيدتهم، ورجعوا إلى كنيستهم مرة ثانية.

يقول مسيو مولييه "حتى الذين كانوا يتضورون جوعًا وكنا نعطيهم طعامًا امتنعوا عن المجيء إلينا خوفًا من أن نكثلكهم".

محاولات جديدة للكاثوليك في أثيوبيا

إذ رأى اللاتين فشل مساعيهم في مصر عادوا للعمل في أثيوبيا. فبعد بعث ثلاث إرساليات آخرها عام 1706م، أرسلوا بإيعاز من لويس التاسع عشر ملك فرنسا طبيبًا لأثيوبيا يدعى دي رول ليُحسن سياسته مع ملكها تمهيدًا لدخول اليسوعيين إلى أثيوبيا. وكان مع الطبيب مترجم سوري يدعى إلياس. وإذ وصلا أثيوبيا قبض الحاكم سنار عليهما وحجز الطبيب وأطلق سراح المترجم، لكي يذهب إلى الملك ويطلب منه السماح بدخولهما بلاده. رد عليه ملك أثيوبيا بأنه إن كان داخلاً كسائح فلا بأس من ترك الحرية له ليدخل بلاده، أما إذا كان داخلاً للكرازة كيسوعي فلابد من منعه من دخول أثيوبيا. تشكك السلطان سنار من جهة الطبيب فبعد أن حجزه ثلاثة أشهر قتله.

 

++sameh++

عضو شرف
عضو مبارك
إنضم
24 ديسمبر 2005
المشاركات
1,339
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
الإقامة
فى حضن الأب
البابا بطرس السادس


كان يُدعى مرجان، من مدينة أسيوط، عاش في جوٍ عائلي تقوي، وكانت نعمة الله حالة عليه منذ صغره. لمحبته في الزهد والعبادة انطلق إلى دير القديس أنبا أنطونيوس بدير العربة، حيث لبس الشكل الرهباني، فكان يُجهد نفسه في الصلوات والقراءة مع النسك بروحٍ وديعٍ متضعٍ، فسيم قسًا على يديْ البابا يوأنس السادس عشر (103) في كنيسة السيدة العذراء والدة الإله بحارة الروم.

بعد تعمير دير الأنبا بولا أقامه البابا رئيسًا للدير.

بعد نياحة البابا يوأنس أُختير خلفًا له مع بعض الكهنة، وإذ صام الأساقفة والأراخنة وأُقيمت القداسات لمدة ثلاثة أيام وقعت القرعة الهيكلية عليه فسيم باسم البابا بطرس في 17 مسرى 1434ش (21 أغسطس 1718م) في أيام السلطان أحمد الثالث العثماني، وقد حضر الاحتفال كثير من الأوربيين ومن الأرمن وأيضًا العسكر، وكانت بهجة عظيمة وسط الشعب.

قام بزيارة الوجه البحري، وأجّل زيارته للمدينة العظمى الإسكندرية بسبب الفتنة التي قامت بين الصنجق إسماعيل بك والصنجق محمد جوكس.

في عهده استشهد المعلم لطف الله من أجل اهتمامه بتعمير الكنائس.

قام البابا بزيارة الإسكندرية حيث أخفي رأس القديس مارمرقس في موضعٍ أمين مع جملة رؤوس البطاركة خشية سرقتها. وقام بزيارة رعوية لشعبه بالصعيد، كما أرسل مطرانًا لأثيوبيا هو الأنبا خرستوذولوس أسقف القدس.
 

++sameh++

عضو شرف
عضو مبارك
إنضم
24 ديسمبر 2005
المشاركات
1,339
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
الإقامة
فى حضن الأب
البابا يؤانس السابع عشر


سيامته بطريركًا

في الوقت الذي كانت فيه مصر والمصريون يئنّون تحت وطأة الفتن والقلاقل من جانب المماليك تجاه الأتراك، ومن السخط الذي ساد الرعية، ومن تعسف جمع الضرائب التي فرضت لأول مرة على الأساقفة والرهبان والكهنة، تشاء العناية الإلهية أن تجتمع كلمة الشعب والإكليروس على راهب اسمه "عبد السيد" من دير أنبا بولا. وهو أصلاً من ملوي انضم إلى مجمع رهبان أنبا أنطونيوس، ضمن الأربعين الذين اختارهم البابا يوأنس السادس عشر لتعمير دير أنبا بولا، وألبسه أنبا بطرس السادس البابا الراحل الإسكيم ورسمه قسًا.

رسموه بطريركًا للكرازة المرقسية في كنيسة القديس مرقوريوس أبو سيفين كالعادة آنذاك باسم "يوأنس السابع عشر" وذلك بعد ما يقرب من ستة شهور من نياحة البابا بطرس السادس، وكان ذلك في أواخر مدة السلطان أحمد.

عند سيامته منع عادة استلام الصليب من يد البطريرك السلف الميت، لأنه فزع من الموقف.

سيامة مطران لأثيوبيا

في سنة 1743م أرسل إمبراطور أثيوبيا وفدًا للبابا يوحنا عقب وفاة خيرستوذولو مطران أثيوبيا، طالبًا منه أن يعين أحدًا. وكان الوفد مؤلفًا من قبطي يدعى جرجس وأثيوبيين هما تواضروس وليكانيوس. إذ بلغوا إلى مصوع قبض عليهم الحاكم وسلب نصف أموالهم وأكرههم على الإسلام، فاختفى القبطي أما تواضروس فرشى بالمال وتمكن من الوصول إلى القاهرة، وطلب من البابا سيامة مطران لبلاده.

أجاب البابا الطلب وسيم المطران عام 1745م. وعاد الاثنان لكن حدث لهما في مصوع ما حدث للوفد عند مجيئه من أثيوبيا فأُلقيَ الاثنان في السجن. استطاع تواضروس بحيلة أن يسهل للمطران الفرار، وبقى هو في السجن حتى طلب مالاً من بلاده دفعه فدية عن نفسه.

غرامة فادحة

فى أيّامه اشتدت الضيقة على المسيحيين، ففرضت غرامة فادحة لم يعف منها أحد، وبسببها بيعت الجواهر الكريمة بأثمان بخسة. التزم الكهنة والرهبان والصبيان والفقراء بدفعها.

التدخل العلني للكنيسة الكاثوليكية

زاد الأمور سوءً التدخل العلني للكنيسة الكاثوليكية، إذ أسس الحبر الروماني إكليمنضس الثاني عشر تسعة مراكز لأتباعه في أسيوط وأبوتيج وصدفا وأخميم وجرجا والأقصر وأسوان وحتى النوبة في وقت واحد، وكان هدفهم جذب أطفال القبط إلى مدارسهم وإرسالهم في بعثات مجانية إلى روما. وصرفوا ببذخ على الطلبة في مدارسهم في وقت كان الأقباط يرزحون تحت ثقل الضرائب والتعسف، هذا بالإضافة إلى أن الأجانب كانت لهم امتيازات خاصة في مصر كأنهم "دولة داخل دولة"، لهم نظامهم الخاص وطرق حياتهم الخاصة، ولا يجرؤ أحد من الحكام أن ينتهرهم أو يوجه لهم أي لوم أو إهانة، إذ أن لهم الأمر من السلطان العثماني. وبالتالي كانت لمن ينطوي تحت لوائهم نفس الامتيازات مما دفع بعض شباب الأقباط إلى ترك الكنيسة الأم والانضمام لكرسي روما.

لأول مرة نسمع عن الخلاف الأسري بسبب الزواج المختلط بين الأرثوذكس والكاثوليك، ويقف الآباء ضد الأبناء والأبناء ضد الآباء، وظهرت الشكوى من الإرث والتركات وتعدي الكهنة اللاتين على الكنيسة الأم، مما دفع البابا القبطي إلى رفع الأمر للدولة، فانعقدت محكمه شرعية عليا حضرها شيوخ المسلمين في مصر ورأس الكنيسة القبطية وتمثلت الكنيسة الرومانية، وتحررت حجة من المحكمة الشرعية تسلمها البابا مؤداها: "أن كل من خالف ملته وكان قبطيًا وانتقل من ملة الأقباط إلى مله الإفرنج وثبت ذلك عليه بالوجه الشرعي يكون على الأمراء... إخراج من ينتقل من النصارى اليعاقبة القبطية إلى مله الإفرنج وتأديبه بما يليق بحاله، زجرًا له ولأمثاله".

رسم بنديكتس الرابع عشر الروماني قسًا قبطيًا كاثوليكيًا كان بالقدس يدعى أثناسيوس مطرانًا سنة 1741م على مصر، غير أنه لم يحضر إليها بل بقيَ كل أيام حياته بأورشليم. وكان نائبه في مصر قس يسمى يسطس المراغي.

ومن أشهر من استمالوهم في أواخر القرن الثامن عشر شاب قبطي اسمه روفائيل الطوخي من أهالي جرجا، أخذه الكاثوليك وهو صغير وأرسلوه ليدرس اللاهوت في روما، وبعد إتمام دراسته سامه الأسقف الروماني أسقفًا على أرسينو (بالفيوم). حرمته الكنيسة القبطية، وأذ نقم عليه المسلمون استدعاه الأسقف الروماني إليه في روما ثانية ليساعده في تأليف كتب باللغة القبطية وتنقيح كتب الطقوس الكنسية، وعاش فيها حتى مات عام 1807م.

جاهد بابا القبط بكل الطرق ليحفظ أولاده داخل حظيرة أمهم القبطية الأرثوذكسية، بل وقام بزيارة رعوية إلى تلك البلاد التي أقيمت فيها مقار لكنيسة رومية وساند كهنته ووعظ شعبه بالإضافة إلى إرساله باستمرار للتشديد على حفظ الأبناء من غواية الانحراف بالإيمان. وأيّد أقواله بكتب في العقيدة وضرورة المحافظة على الإيمان "المسلم مرة للقديسين". وكان يركز في كل موضوعاته على كنيسة الشهداء الذين سفكوا دمهم حفظًا للإيمان المستقيم، وأن عمانوئيل الله الذي معنا أكثر بكثير من الذين علينا، وأن ضيقات الدهر الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يُستعلن، وأن الضيقات طريق لدخول الأمجاد السمائية، وأن هذه الضيقات مهما كانت ضيقات مادية ووقتية، ومن "يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص"، حتى نجح إلى حد كبير بنعمة الروح القدس أن يحفظ الوديعة. ومن أشهر المخطوطات التي لازالت لدينا منذ رئاسة هذا البابا الجليل للكنيسة: مزامير الأجبية، والوصايا العشر، والأسرار السبعة، والنصائح الإنجيلية.

بعث المندوب البابوي الروماني بالقطر المصري رسالة إلى جماعة الكاثوليك الذين كانوا جميعهم في الصعيد، وذلك تنفيذًا للمعاهدة التي تمت بينه وبين بطريرك الاقباط سنة 1794م. عند معتمد دولة النمسا، جاء فيها:

1.للمتزوجون من الفريقين حرية اختيار الصلاة بأية كنيسة، قبطية أو كاثوليكية.

2.من الآن فصاعدًا لا يجوز أن يتزوج الأقباط من الكاثوليك أو العكس.

3.لا يدخل قسوس كاثوليك بيوت الأرثوذكس ليكرزوا لهم ولا قسوس الأرثوذكس بيوت الكاثوليك.

4.لا ينبغي إرغام أي أحد ليصلي بكنيسة معينة، بل يترك لكل واحد حق اختيار الكنيسة التي يحبها.

5.لا يصح فيما بعد إذا حدث خلاف أن يُرفع الأمر إلى رجال الحكومة بل إلى الرؤساء من الكنيستين ولهم حق مقاصة المعتدي.

من الأحداث الغير عادية التي عاصرتها الكنيسة في حبرية البابا يوأنس السابع عشر إظلام الشمس في رابعة النهار وظهور النجوم حتى ظن الناس أن القيامة العامة أصبحت على الأبواب، حتى عاودت الشمس ظهورها بعد حوالي الساعتين. وفيها أيضًا حريق كنيسة السيدة العذراء بحارة الروم مساء أحد القيامة ورغم نجاح الوالي وجنده في إطفائها إلا أن الرعاع نهبوا ما وصلت إليه أيديهم تحت دعوى إطفاء الحريق.

من رجال الكنيسة والدولة

من رجال الكنيسة والدولة في ذلك العصر من وثق بهم الولاة وكبار المسلمين واستأمنوهم على أسرارهم وأسرهم وأموالهم، المعلم جرجس السروجي الذي بنى كنيسة في دير الأنبا بولا على نفقته الخاصة، وصحب الأنبا بطرس السادس ومن معه لتكريسها.

والمعلم نيروز والمعلم رزق الله البدوي والمعلم بانوب الزفتاوى، الذين قيل عنهم أنهم فكوا أسر الكثيرين من المسجونين نتيجة ديونهم، أو الذين عجزوا عن دفع الجزية.

والمعلم لطفي النطروني ومنهم أيضًا أبو سالم النصراني الطبيب الفصيح الذي كان يأنس السلاطين بالجلوس إليه، لعذوبة أقواله وحلاوة منطقه وغيرهم، كثيرون ممن لم ينسَ الله تعب محبتهم.

انتهت حبرية البابا الخامس بعد المائة سنة 1745م بعد صمود ضد الحروب الشيطانية الخارجية والداخلية، وبعد أن كان الربّان الماهر لكنيسة الله في فترة الطوفان التي عاصرها، ودخل إلى الفردوس بعد أن جلس على الكرسي المرقسي ثمانية عشر سنة وبضعة أشهر.
 

++sameh++

عضو شرف
عضو مبارك
إنضم
24 ديسمبر 2005
المشاركات
1,339
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
الإقامة
فى حضن الأب
البابا مرقس السابع


رفع المؤمنين من الأرض إلى السماء!

اسمه سمعان، ترك العالم ودخل دير الأنبا بولا أول السواح ورسمه البابا يوأنس السابع عشر قسا لما امتاز به من الرحمة وحب الخير للجميع وعذوبة الصوت وفصاحة المنطق، فكان عندما يصلى يرفع المؤمنين من الأرض إلى السماء فيتمتعون بتسبيح السيرافيم مؤكدًا ما جاء في القداس الأغريغوري: "اقبل منا نحن أيضًا تسبيحنا مع غير المرئيين، احسبنا مع القوات السمائية".

سيامته بطريركًا

بعد مرور أربعين يوما على نياحة البابا يوأنس السابع عشر كانت الآراء قد اتفقت على اختياره ليصبح البابا السادس بعد المائة باسم "مرقس"، وذلك في ذكرى دخول السيد المسيح له المجد أرض مصر.

ولان مرقس هذا كان رجل صلاة ولم يكن ممن اختبروا مرارة الحياة وضنكها فقد تركته العناية الإلهية لمدة عامين لكي يتبلور ويؤهل لمواجهة الصعاب والضيقات، وفعلا بعد عامين من هدوء نسبى ساد عصره التقى فيها بشعبه فعرفهم وعرفوه وصلى معهم وعنهم وصلوا معه وعنه لكي يؤازره الله ثم بعدها تبدد السلام بفتنه بين الأمراء والعسكر المماليك استمرت 8 شهور.

أول أسقف على "الشعب القبطي الكاثوليكي"

حالما انتهت الضيقة الخارجية بدأت الضيقة الداخلية إذ بادر الكاثوليك برسم أول أسقف على "الشعب القبطي الكاثوليكي"، ومن سخريات القدر أن رسموه باسم "أثناسيوس" وأقام هو في أورشليم، وأقام نائبا عنه في مصر اسمه "يسطس المراغي".

كتاباته

وسط هذا وذاك يسهر الراعي على رعيته من الذئاب الخاطفة فتظهر لنا كتابات أصيلة عنه: المعمودية وشروط الاعتراف والتوبة وتفسير الوصايا وتطهير القلب والصوم والصلاة وفائدة حضور القداس الإلهي وموضوعات عن الموت والقيامة ونهاية الأيام وعن الجحيم وعذاباته. كما انه لأول مره يظهر كتاب "الخدمات الكنسية" وفيها القراءات على جرن المعمودية والقراءات على المرأة التي تلد ابنًا والتي تلد ابنة والصلوات من أجل الموعوظين. وهكذا كانت العظات والرسائل البابوية والكتب الطقسية زادا يملأ النفوس بهجة وسرور وسط آلام الدهر.

نياحته

في كنيسة العذراء بالعدوية حيث كان يحلو له البقاء التقت روحه مع أرواح السمائيين يوم تذكار جند رئيس جند السمائيين الملاك ميخائيل وعيد استشهاد العفيفة دميانة وذلك سنة 1770م. وقد ظهر ساعة نياحته القديسان المضيئان في الأرض والسماء أنبا بولا وأنبا أنطونيوس، وذلك بعد حوالي ربع قرن من جهاده على الكرسي المرقسي.

العجيب أن هذا البابا الصبور الذي عرف بالروح ساعة انتقاله من هذا العالم، رأى بثاقب فكره ألا يترك الكنيسة في حرج بعد نياحته، فأوصى أنبا بطرس مطران جرجا وهو كبير مطارنة الوجه القبلي على شعبه، مؤتمنًا إياه على الرعية لحين اختيار من يخلفه.
 

++sameh++

عضو شرف
عضو مبارك
إنضم
24 ديسمبر 2005
المشاركات
1,339
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
الإقامة
فى حضن الأب
البابا يؤانس الثامن عشر


ارتفع الراهب يوسف الأنطوني إلى رأس الكنيسة المنظورة، في مصر وأثيوبيا والشرق الأوسط باسم أنبا يوأنس الثامن عشر، وذلك لما عرف عنه من طلاقة اللسان وعذوبة الصوت والمحبة الغامرة، وحب الخير للغير والسيرة العطرة والحياة الملائكية، وكانت سيامته بالإجماع بعد ستة أشهر تقريبًا من نياحة البابا مرقس السابع.

في عصر هذا البابا البسيط نسمع لأول مرة نمو المذاهب والطرق الصوفية، وهذا الاتجاه الديني له تفسيران: إما أنه هروب من الواقع والانطواء في قوقعه خاصة مع فئة أو جماعة تختار لها طريق حياتها ومظاهرها بعيدا عن أرض الواقع، أو أنه نوع من الهلوسة الدينية.

ومن عجب أن نجد أن الحكام يشجعون مثل هذه الطرق كوسيلة للهو الناس عن مساوئ الحكم واتجه الناس للغناء الشعبي، وتباروا في تقديم الموشحات والعروض، ومن ضمنها الفروسية ورقص الخيل والألعاب النارية، وانشغل الجميع عن الدولة العثمانية بمفاسدها وعن الفتن والمؤامرات.

من أشهر رجالات الكنيسة في هذا العصر المعلم نيروز كاتب رضوان كتخذا الذي نجح في الحصول على فتوى صريحة من الشيخ الشبراوي شيخ الإسلام بحق الأقباط في زيارة الأماكن المقدسة، وكانت هذه الفتوى سببًا في ضيق المسلمين وتعسفهم مع الأقباط. وكانت مظاهر ذلك تحريم ركوب الخيل عليهم وتحريمهم استخدام المسلمين في خدمتهم. ووسط هذا وذلك تحمُّل الكنيسة نيرها وتلقي بثقلها في أحضان الآب السماوي، معلنة مع المرنم الذي يقول: "نصيبي هو الرب قالت نفسي".

أرسل الحبر الروماني رسولاً راهبًا اسمه "برثلماوس" يطلب من البابا السكندري الانضواء تحت لواء الكرسي الروماني لحماية الكنيسة القبطية من بطش حكام وولاة الدولة العثمانية، ناسين أو متناسين أن حامي الكنيسة هو رب المجد وأنه "مبارك شعبي مصر" وأن "أبواب الجحيم لن تقوَ عليها". وقابل البابا الرقيق رسول العاهل الروماني بأدبٍ جم ومحبة متناهية، وأرسله بمندوبه إلى أنبا يوساب الأبح أسقف جرجا الذي طلب منه البابا أن يرد على رسالة الحبر الروماني بالرفض في أدب رفيع. وقد رد عليه ردًا حازمًا حاسمًا قاطعًا لكل شك، مؤيدًا بأقوال الآباء الكبار وقرارات المجامع المسكونية التي أكدت الطبيعة الواحدة للإله الكلمة المتأنس، وكان لهذه الرسالة رد فعل عجيب إذ توقف بعدها العاهل الروماني عن إرسال مبشرين إلى مصر، تلك البلد الذي حباها الله هذا الإيمان العميق والتفسير اللاهوتي الدقيق.

صراعات سياسية

أما أحوال مصر في أثناء حبرية البابا يوأنس الثامن عشر فقد كانت سلسلة من الصراعات بين أتباع على بك الكبير والسلطان. وإن نجح السلطان العثماني عبد الحميد الأول في إخضاع مكة بحملة قادها أبو الذهب كما قادها على دمشق، إلا أن علي بك الكبير نجح في استمالة أبو الذهب وانضم إليه عند الصالحية، وبعدها مات علي بك الكبير دون أن يحقق حركته الانفصالية عن الدولة العثمانية، لأنه لم يشغل طاقات الشعب المصري الذي كره حكام الأتراك، وإن كان قد نجح على بك الكبير دون قصد في إزكاء الوطنية في المصريين، إذ تطلعت أنظارهم إلى استقلال مصر عن الحكم العثماني، وأشهر مظاهر استقلاله أنه صك النقود باسمه.

أراخنة القبط

من أشهر الأراخنة القبط في ذلك العصر المعلم غبريال شنودة الذي كان وكيلاً لسلطان دارفور ومكلفًا بتجهيز الكسوة الشريفة لإرسالها لمكة كل عام.

والمعلم رزق الذي ائتمنه على بك الكبير على صك النقود.

والمعلم إبراهيم الجوهري محب الكنيسة وعمارتها في وقت اشتد فيه حسن باشا التركي على القبط، وأمرهم بعدم ركوب الخيل وعدم استخدام المسلمين، وعدم بناء عمارات فخمة أعلى من المسلمين، ولا يلبسون ملابس زاهية، ولا يحملون اسمًا مشتركًا مع المسلمين.

ومنهم أيضًا المعلم رزق أغا المتضلع في الحساب والفلك والتعاليم الكنسية، وكان نزيهًا خادمًا للكل، اعتمد عليه على بك الكبير في تسيير دفة الأمور، وكان مسئولاً عن المحافظة على النظام في مديريه الشرقية، ونجح في القضاء على العابثين والناهبين في تلك البقاع. وارتفع شأن النصارى في عهد على بك الكبير بفضل كاتبه رزق ومساعده المعلم إبراهيم الجوهري، الذي اغتاله محمد بك أبو الدهب رغم خدماته الجليلة، وعلق جثته على باب زويلة يومين.

والأرخن الكبير المعلم لطف الله أبو شاكر ناظر دير كوكب البرية أنبا أنطونيوس، الذي بنى كنيسة الرسل ورمم كنيسة أنبا مرقس وقام البابا بتكريسها، والمعلم تكلا سيداروس والمعلم ميخائيل فرحات.

من الأساقفة المشهورين أيضًا بالإضافة إلى أنبا يوساب الأبَحْ أنبا بطرس أسقف منفلوط الذي وضع كتابًا خاصَا بتكريس الكنائس، والقس عطية صاحب الصيت الحسن والخط، الذي نسخ معظم الكتب لينفق الرهبان من بيعها على احتياجات الدير واحتياجاتهم.

ظل هذا البابا الوقور مجاهدًا في حفظ كنيسة الله من المتاعب الداخلية، ممثلة في هجمات الغوغاء والرعاع على الكنائس والأديرة، والتعب الخارجي ممثلاً في كنيسة روما، والأسقف الروماني المُرسل إلى مصر، حتى أسلم روحه الهادئة في يد باريها سنة 1797م، بعد جهاد دام ما يزيد على الربع قرن، ودفن في مقابر البطاركة في مصر القديمة.
 

++sameh++

عضو شرف
عضو مبارك
إنضم
24 ديسمبر 2005
المشاركات
1,339
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
الإقامة
فى حضن الأب
البابا مرقس الثامن


نشأته

وُلد في أواسط الجيل الثامن عشر في بلدة طما من أعمال مديرية جرجا، ودعي باسم يوحنا. اشتاق إلى الحياة الرهبانية فالتحق بدير القديس أنبا أنطونيوس. ولما رقد سلفه الأنبا يوأنس البطريرك 107 خلا الكرسي لمدة أربعة شهور ثم اختير هذا الأب بطريركًا بواسطة القرعة الهيكلية. تمت السيامة بكنيسة السيدة العذراء بحارة الروم في يوم الأحد 28 توت سنة 1513ش، سنة 1796 م، في عهد السلطان سليم الثالث بن السلطان مصطفى الثالث العثماني، وشيخيّ البلد إبراهيم بك ومراد بك.

نقل مركز البطريركية

كانت مصر يحكمها المماليك، وكان الولاة يعينون من قبل الدولة العليا. وقد عانى هذا الأب وشعبه المرارة إذ عاصر ثلاث حكومات: الولاة العثمانيون ثم دخول الفرنسيين مصر بعد سيامته بسنتين، ورجوع العثمانيين مرة أخرى.

في أيامه حدثت مواقف كثيرة مؤسفة ومظالم للكنيسة وللأقباط، منهم حرق الكنيستين العليا والسفلى بحارة الروم.

قد امتاز عهد البابا مرقس الثامن برجال عظام اشتهروا في مجال الدين والسياسة امتيازًا عظيمًا، منهم الأنبا يوساب الأبح أسقف جرجا وأخميم، المعلم جرجس الجوهري، المعلم ملطي والجنرال يعقوب.

كما في أيامه انتقل مركز البطريركية من حارة الروم إلى الأزبكية، وذلك لأنه إذ دخل الفرنسيون مصر أصاب الأقباط إهانات مرة وقاسى البابا الكثير فانتقل إلى الأزبكية في مواضع كان قد بناها المعلم إبراهيم الجوهري قبل وفاته. حيث نجح المعلم إبراهيم الجوهري في أخذ فرمان ببناء كنيسة بالدرب الواسع وبناء مقر بطريركي، وقام أخوه المعلم جرجس بإتمام هذا المشروع وتم نقل مقر البابا إلى هذه الكنيسة التي أطلق عليها اسم كاتدرائية الكاروز مرقس، فعرفت باسم الكنيسة المرقسية.

في عهد تأسيس المسيحية بمصر على يد القديس مرقس الرسول كان الكرسي بالثغر السكندري. وفي أيام الأنبا إخرستوذولس (عبد المسيح) السادس والستين من البطاركة سنة 1039، انتقل إلى كنيسة العذراء بقصر الشمع المعروفة بالمعلقة. ثم بعد ذلك إلى دير الشهيد مرقريوس (أبي سيفين) بمصر القديمة بعد تأسيس القاهرة على يد جوهر القائد في ايام الفاطميين. ثم نقل إلى حارة زويلة فكنيسة حارة الروم السفلى ثم الأزبكية في أيام هذا البابا، ودفن في مقبرة البطاركة بالأزبكية، وهو أول بطريرك يدفن فيها.

الحملة الفرنسية

في أيامه جاءت الحملة الفرنسية على مصر. إذ احتلت عساكر نابليون بونابرت القطر سنة 1798 ودخل الجنود الإسكندرية هاج رعاع المسلمين وأذاقوا الأقباط كؤوس المرارة بالرغم من اجتهاد أمرائهم الذين أخبروهم بأن هؤلاء المسيحيين من جملة رعايا الدولة، وإن من يمس شرفهم يمس شرف الدولة نفسها. لكن لم يرهبهم هذا ولا خشوا سطوة بونابرت.

إذ انتصر الفرنسيون على المماليك تجمر المسلمون في الجامع الأزهر وساروا في الشوارع منادين، "فليذهب كل من يوجد الله إلى الجامع الأزهر. هذا هو يوم الجهاد في محاربة الكفار وأخذ الثأر". هاجت المدينة وظن كثيرون أن دخول الإفرنج إنما بخيانة الأقباط وإيعازهم السري معهم، فجالوا ينهبون بيوت المسيحيين على اختلاف أجناسهم ويقتلون كل من يلتقون به سواء كان رجلاً أو امرأة، شيخًا أو طفلاً.

عندما اُنقضت المعاهدة بين القائد كليبر الفرنسي والصدر الأعظم بأمر من الباب العالي دارت رحى القتال بين الفريقين في المطرية. اغتنم المسلمون فرصة خروج العسكر الفرنسيين من القاهرة وثاروا على المسيحيين. وكان نصيف باشا أحد قواد الجيش العثماني جاء إلى المدينة مع جماعة من المماليك ونادى بأنهم قد غلبوا الإفرنج وأمر بقتل ما تبقى من المسيحيين، فكانوا يجزرونهم غير مميزين بين قبطي وسوري والإفرنجي. استدرك عثمان بك أحد ضباط الأتراك الأمر وجاء إلى نصيف وقال له: "ليس من العدالة أن تهرقوا دماء رعايا الدولة، فإن ذلك مخالف للإرادة السنية"، وأمر بالكف عن قتل المسيحيين.

الفرنسيون يضايقون الأقباط

عندما تولى مينا قيادة الجيش الفرنسي بعد موت كليبر قتلاً اعتنق الإسلام ودعى نفسه عبد الله وطرد الأقباط من الديوان وعهد للمسلمين جباية الخراج.

وقد تنيح البابا مرقس سنة 1809م.
 

++sameh++

عضو شرف
عضو مبارك
إنضم
24 ديسمبر 2005
المشاركات
1,339
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
الإقامة
فى حضن الأب
البابا بطرس السابع


يعرف باسم بطرس الجاولي، إذ وُلد بقرية الجاولي التابعة لمنفلوط بالصعيد. نشأ في جوٍ عائلي تقوي، محبًا لحياة العبادة مع الدراسة.

انطلق إلى دير القديس أنبا أنطونيوس ليبذل كل جهده في حياة نسكية ممتزجة بروح العبادة والدراسة، إذ كان منكبًّا على طلب العلم والمعرفة، ففاحت رائحة فضائله، وسامه البابا قسًا بالدير باسم الأب مرقوريوس.

في سنة 1808 حضر إلى مصر وفد إثيوبي يطلب من البابا مرقس الثامن (108) سيامة مطران لهم خلفًا للمتنيح الأنبا يوساب. وقع الاختيار على الأب مرقوريوس، فاستدعاه البابا لسيامته لكن عناية الله سمحت بسيامته مطرانًا عامًا على الكرازة المرقسية باسم الأنبا ثاؤفيلس حيث أقام مع البابا في الدار البطريركية يعاونه في أعمال الرعاية بينما سيم لإثيوبيا الأنبا مكاريوس عوضًا عن الأنبا ثاؤفيلس.

تنيح البابا مرقس فأجمع الكل على إقامته بابا وبطريرك الكرازة المرقسية باسم الأنبا بطرس، وذلك بعد ثلاثة أيام فقط من نياحة سلفه، وكان ذلك في عهد الخديوي محمد علي باشا في 16 كيهك سنة 1526 ش (1809م). تمت السيامة في كنيسة مارمرقس الإنجيلي بالأزبكية بمصر، وقد امتلأ الكل فرحًا عظيمًا.

حياته النسكية والدراسية

سيامته بطريركًا لم تزده إلا نسكًا وتقشفًا، كما عُرف بحبه للسكون والصمت، كان قليل الكلام جدًا، مملوء مهابة! يقضي أغلب وقته في الصلاة مع دراسة الكتاب المقدس وكتب الآباء وقوانين الكنيسة وتاريخها. كثيرًا ما كان ينكب على النسخ فينسى أكله وشربه. وقد جمع في البطريركية مكتبة ثمينة، كما وضع مجموعة كتب منها: "نوابغ الأقباط ومشاهيرهم"، "مقالات في المجادلات"، "في الاعتراضات ردًا على المعاندين"، ومجموعة مواعظ ورسائل.

اشتهى يومًا طعامًا ما، فأبقاه حتى أنتن، وصار يأكل منه بالرغم من اشمئزاز نفسه، تعنيفًا لنفسه وتبكيتًا لها. كان لباسه من الصوف الخشن، يلبس "مركوبًا أحمر"، لا يجلس إلا أرضًا أو على "أريكة خشبية قديمة"، ينام على حصير من القش.

دخل عليه أحد أحبائه فوجده منكبًا على الصلاة يبكي بدموع غزيرة، فأمر ألا يدخل أحد قلايته مادام منفردًا.

محبة المسئولين له

اتسم بالحكمة والوداعة، حليمًا في تصرفاته، فأحبه الكل، وكان رجال الدولة يعتزون به، كما نال حظوة لدى الوالي، وبسببه تولى الأقباط مراكز مرموقة في الدولة، وأُعطيت للكنيسة حرية العبادة، وسُمح له بعمارة دير مارمرقس بالإسكندرية.

خلال هذه العلاقة الطيبة سام أسقفين على النوبة أرسلهما بالتعاقب، ومع كل منهما خدام يعاونون الأسقف في رعايته هناك.

في عهده أرسل يوعاس الثاني ملك إثيوبيا رسالة إلى الوالي محمد علي باشا وأخرى للبابا يطلب سيامة مطران لإثيوبيا بعد نياحة المطران أنبا مكاريوس، كما قدم الوفد الإثيوبي هدية لمحمد علي باشا، وقد طلب الأخير من البابا سرعة السيامة، فقام بسيامة الراهب القس مينا باسم الأنبا كيرلس (سنة1816)، بعد أن قيدوه بسلاسل حديدية حتى لا يهرب من السيامة. بعد نياحة الأنبا كيرلس سام آخر باسم الأنبا سلامة سنة 1841م.

حكمته في التصرف

تعرض أقباط قرية الجاولي، مسقط رأسه، لمتاعبٍ شديدةٍ للغاية، وبحكمة أرسل يستدعي كبار القرية الأقباط وطلب منهم تقديم 200 فدانًا من أفضل أراضيهم هدية لشريف باشا، الذي بدوره عين بإيعاز من البابا المعلم بشاي مليوشى من أسيوط كمسئول عن هذه الأرض بعد أن قدم له الباشا 36 فدانًا من المائتين ليعيش منها. وبهذا استراح أقباط القرية من المتاعب.

وطنيته العميقة

إذ كان محمد علي يتقدم في فتوحاته وغزواته خشيت روسيا لئلا يحول ذلك دون تحقيق مآربها في الشرق وفي المملكة العثمانية فأرسلت أحد أمرائها ليلتقي ببابا الإسكندرية، رئيس أكبر كنيسة مسيحية في الشرق الأوسط ليطلب حماية قيصر روسيا.

من خلال خبرة الأمير الذي عاش وسط الكنيسة الروسية بما عُرف عنها من فخامة مظاهر أساقفتها حسب أنه سيدخل قصرًا عظيمًا ويلتقي بحاشية البابا، ويسلك ببروتوكول معين، لكنه فوجئ بأنه يقف أمام إنسانٍ بسيطٍ بجلباب من الصوف الخشن يظهر عليه القدم، وقد تناثرت حوله بعض الكراسي القديمة. لم يصدق الأمير نفسه حتى أجابه البابا أنه بطريرك الأقباط.

أمام هذه البساطة انحنى يلثم يديه ويطلب بركته، وصار يسأله عن سرّ هذه الحياة البسيطة فأجابه أنه يليق بالأسقف أن يتمثل بالسيد المسيح سيده الذي افتقر لأجل الخطاة. عاد ليسأله عن حال الكنيسة القبطية فأجابه أنها بخير ما دام الله يرعاها. عندئذ أظهر الأمير أنه متضايق لما تعانيه الكنيسة القبطية من متاعب. سأله البابا في بساطة: "هل ملككم يحيا إلى الأبد؟" أجابه الأمير: "لا يا سيدي الأب، بل يموت كما يموت سائر البشر". عندئذ قال البابا: "إذن أنتم تعيشون تحت رعاية ملك يموت، وأما نحن فنعيش تحت رعاية ملك لا يموت وهو الله". لم يعرف بماذا يجيب الأمير سوى أن ينحني أمام البابا يطلب بركته. وقد تأثر جدًا به حتى عندما سأله محمد علي باشا عن رأيه في مصر، قال: "لم تدهشني عظمة الأهرام ولا ارتفاع المسلات وكتابتها، ولم يهزني كل ما في هذا القطر من العجائب، بل أثر في نفسي زيارتي للرجل التقي بطريرك الأقباط".

روى الأمير لمحمد علي باشا الحوار الذي دار بينه وبين البابا، فانطلق محمد علي باشا إلى البابا بفرح يشكره على وطنيته العميقة، قائلاً له: "لقد رفعت اليوم شأنك وشأن بلادك، فليكن لكم مقام محمد علي بمصر". أما هو فأجابه انه لا شكر لمن قام بواجب يلتزم به نحو بلاده.

أعمال الله معه

حدث جفاف ولم يفض نهر النيل، فطلب منه الوالي أن يصلي من أجل مياه النهر، فأخذ بعض الأساقفة والكهنة والشعب، ورفع القرابين على ساحل النيل، وبعد نهاية الصلاة ألقى بالمياه التي غُسلت بها أواني المذبح في النيل، فارتفع للحال منسوبه حتى بلغ موضع الصلاة وأسرعوا برفع خيمة الصلاة.

نور القيامة

كانت علاقة إبراهيم باشا بالبابا بطرس يسودها الحب والصداقة والاحترام المتبادل، وعندما احتل إبراهيم باشا بلاد القدس وشى البعض (غالبًا من اليهود) أن ما يدعيه المسيحيون بأن النور يظهر من القبر المقدس هو غش وخداع. وإذ كان إبراهيم باشا يثق في البابا بطرس أرسل إليه يستدعيه من مصر وقد استقبله بحفاوة مع قواده وحاشيته ثم أخبره عن سبب استدعائه له، طالبًا منه أن يظهر النور على يديه لا على يديْ بطريرك الروم. وإذ شعر إبراهيم باشا أن هذا يسبب نزاعًا وانشقاقًا، خاصة وأن بطريرك الروم جاء يستقبل البابا بطرس بمحبة كبيرة طلب أن يكون الاثنان معًا، وكان هو معهما وقد وقف الجند في الخارج ليتأكدوا من حقيقة الأمر.

صام بطريرك الروم وبطريرك الأقباط بروح المحبة ثلاثة أيام كالعادة ودخلوا القبر يصلون ومعهم الباشا وإذ بالنور يشع، فبُهر الباشا وارتمى على صدر البابا، وإذ كان الكثيرون خاصة الفقراء في الخارج بسبب الازدحام الشديد، ظهر النور في نفس الوقت خلال أحد الأعمدة ليراه الكل، ولا يزال العمود المشقوق إلى يومنا هذا.

هذا الحادث أضاف إلى صداقة الباشا للبابا حبًا أكثر وتكريمًا.

عدم محاباته للأغنياء

جاءه رجل يشتكي زوجته، قائلاً له إنه تزوج بعروسه وفي اليوم الثاني من الزواج اضطر أن يتركها لمدة خمسة أشهر دون أن يقترب إليها بسبب ظروف عمله، ولما عاد وجدها حُبلى، ولما سألها عن سرّ حبلها استهانت به واستخفت لعلمها بمقام والدها ومركزه وغناه. استدعى البابا السيدة وصار يسألها فأصرت أن الحمل من زوجها، ولم يكن أمامه إلا القول: "الذي من الله يثبت والذي من الشيطان يزول". وبالفعل ما أن تركت دار البطريركية في الدرجة الأخيرة من السلم حتى سقط الجنين، فعرف أمرها وحكم للرجل بالطلاق بسبب علة الزنا. وإذ تقدم والدها للبابا، قال له: "ليس بينكم أحد أقوى من الضعيف متى كان معه الحق، ولا أضعف من القوى متى كان معه الباطل".

طهارته وعفته

جاءه إنسان يشكو له أنه تزوج فتاة، وقد اكتشف أنها ليست بكرًا، فلم يفهم البابا ماذا يقصد بذلك، ولما كرر له القول ولم يدرك جاء إليه بلبن عليه طبقة من "القشطة" لم تُمس، ثم وضع إصبعه في هذه الطبقة ليوضح له الفارق بين العذراء بغشاء بكوريتها ومن فقدت بكوريتها، عندئذ قال البابا: "لعن الله اليوم الذي عرفت فيه الفارق بين البكر وغير البكر"‎، ثم طلب أن يُنظر في دعواه.
 

++sameh++

عضو شرف
عضو مبارك
إنضم
24 ديسمبر 2005
المشاركات
1,339
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
الإقامة
فى حضن الأب
البابا بطرس السابع


يعرف باسم بطرس الجاولي، إذ وُلد بقرية الجاولي التابعة لمنفلوط بالصعيد. نشأ في جوٍ عائلي تقوي، محبًا لحياة العبادة مع الدراسة.

انطلق إلى دير القديس أنبا أنطونيوس ليبذل كل جهده في حياة نسكية ممتزجة بروح العبادة والدراسة، إذ كان منكبًّا على طلب العلم والمعرفة، ففاحت رائحة فضائله، وسامه البابا قسًا بالدير باسم الأب مرقوريوس.

في سنة 1808 حضر إلى مصر وفد إثيوبي يطلب من البابا مرقس الثامن (108) سيامة مطران لهم خلفًا للمتنيح الأنبا يوساب. وقع الاختيار على الأب مرقوريوس، فاستدعاه البابا لسيامته لكن عناية الله سمحت بسيامته مطرانًا عامًا على الكرازة المرقسية باسم الأنبا ثاؤفيلس حيث أقام مع البابا في الدار البطريركية يعاونه في أعمال الرعاية بينما سيم لإثيوبيا الأنبا مكاريوس عوضًا عن الأنبا ثاؤفيلس.

تنيح البابا مرقس فأجمع الكل على إقامته بابا وبطريرك الكرازة المرقسية باسم الأنبا بطرس، وذلك بعد ثلاثة أيام فقط من نياحة سلفه، وكان ذلك في عهد الخديوي محمد علي باشا في 16 كيهك سنة 1526 ش (1809م). تمت السيامة في كنيسة مارمرقس الإنجيلي بالأزبكية بمصر، وقد امتلأ الكل فرحًا عظيمًا.

حياته النسكية والدراسية

سيامته بطريركًا لم تزده إلا نسكًا وتقشفًا، كما عُرف بحبه للسكون والصمت، كان قليل الكلام جدًا، مملوء مهابة! يقضي أغلب وقته في الصلاة مع دراسة الكتاب المقدس وكتب الآباء وقوانين الكنيسة وتاريخها. كثيرًا ما كان ينكب على النسخ فينسى أكله وشربه. وقد جمع في البطريركية مكتبة ثمينة، كما وضع مجموعة كتب منها: "نوابغ الأقباط ومشاهيرهم"، "مقالات في المجادلات"، "في الاعتراضات ردًا على المعاندين"، ومجموعة مواعظ ورسائل.

اشتهى يومًا طعامًا ما، فأبقاه حتى أنتن، وصار يأكل منه بالرغم من اشمئزاز نفسه، تعنيفًا لنفسه وتبكيتًا لها. كان لباسه من الصوف الخشن، يلبس "مركوبًا أحمر"، لا يجلس إلا أرضًا أو على "أريكة خشبية قديمة"، ينام على حصير من القش.

دخل عليه أحد أحبائه فوجده منكبًا على الصلاة يبكي بدموع غزيرة، فأمر ألا يدخل أحد قلايته مادام منفردًا.

محبة المسئولين له

اتسم بالحكمة والوداعة، حليمًا في تصرفاته، فأحبه الكل، وكان رجال الدولة يعتزون به، كما نال حظوة لدى الوالي، وبسببه تولى الأقباط مراكز مرموقة في الدولة، وأُعطيت للكنيسة حرية العبادة، وسُمح له بعمارة دير مارمرقس بالإسكندرية.

خلال هذه العلاقة الطيبة سام أسقفين على النوبة أرسلهما بالتعاقب، ومع كل منهما خدام يعاونون الأسقف في رعايته هناك.

في عهده أرسل يوعاس الثاني ملك إثيوبيا رسالة إلى الوالي محمد علي باشا وأخرى للبابا يطلب سيامة مطران لإثيوبيا بعد نياحة المطران أنبا مكاريوس، كما قدم الوفد الإثيوبي هدية لمحمد علي باشا، وقد طلب الأخير من البابا سرعة السيامة، فقام بسيامة الراهب القس مينا باسم الأنبا كيرلس (سنة1816)، بعد أن قيدوه بسلاسل حديدية حتى لا يهرب من السيامة. بعد نياحة الأنبا كيرلس سام آخر باسم الأنبا سلامة سنة 1841م.

حكمته في التصرف

تعرض أقباط قرية الجاولي، مسقط رأسه، لمتاعبٍ شديدةٍ للغاية، وبحكمة أرسل يستدعي كبار القرية الأقباط وطلب منهم تقديم 200 فدانًا من أفضل أراضيهم هدية لشريف باشا، الذي بدوره عين بإيعاز من البابا المعلم بشاي مليوشى من أسيوط كمسئول عن هذه الأرض بعد أن قدم له الباشا 36 فدانًا من المائتين ليعيش منها. وبهذا استراح أقباط القرية من المتاعب.

وطنيته العميقة

إذ كان محمد علي يتقدم في فتوحاته وغزواته خشيت روسيا لئلا يحول ذلك دون تحقيق مآربها في الشرق وفي المملكة العثمانية فأرسلت أحد أمرائها ليلتقي ببابا الإسكندرية، رئيس أكبر كنيسة مسيحية في الشرق الأوسط ليطلب حماية قيصر روسيا.

من خلال خبرة الأمير الذي عاش وسط الكنيسة الروسية بما عُرف عنها من فخامة مظاهر أساقفتها حسب أنه سيدخل قصرًا عظيمًا ويلتقي بحاشية البابا، ويسلك ببروتوكول معين، لكنه فوجئ بأنه يقف أمام إنسانٍ بسيطٍ بجلباب من الصوف الخشن يظهر عليه القدم، وقد تناثرت حوله بعض الكراسي القديمة. لم يصدق الأمير نفسه حتى أجابه البابا أنه بطريرك الأقباط.

أمام هذه البساطة انحنى يلثم يديه ويطلب بركته، وصار يسأله عن سرّ هذه الحياة البسيطة فأجابه أنه يليق بالأسقف أن يتمثل بالسيد المسيح سيده الذي افتقر لأجل الخطاة. عاد ليسأله عن حال الكنيسة القبطية فأجابه أنها بخير ما دام الله يرعاها. عندئذ أظهر الأمير أنه متضايق لما تعانيه الكنيسة القبطية من متاعب. سأله البابا في بساطة: "هل ملككم يحيا إلى الأبد؟" أجابه الأمير: "لا يا سيدي الأب، بل يموت كما يموت سائر البشر". عندئذ قال البابا: "إذن أنتم تعيشون تحت رعاية ملك يموت، وأما نحن فنعيش تحت رعاية ملك لا يموت وهو الله". لم يعرف بماذا يجيب الأمير سوى أن ينحني أمام البابا يطلب بركته. وقد تأثر جدًا به حتى عندما سأله محمد علي باشا عن رأيه في مصر، قال: "لم تدهشني عظمة الأهرام ولا ارتفاع المسلات وكتابتها، ولم يهزني كل ما في هذا القطر من العجائب، بل أثر في نفسي زيارتي للرجل التقي بطريرك الأقباط".

روى الأمير لمحمد علي باشا الحوار الذي دار بينه وبين البابا، فانطلق محمد علي باشا إلى البابا بفرح يشكره على وطنيته العميقة، قائلاً له: "لقد رفعت اليوم شأنك وشأن بلادك، فليكن لكم مقام محمد علي بمصر". أما هو فأجابه انه لا شكر لمن قام بواجب يلتزم به نحو بلاده.

أعمال الله معه

حدث جفاف ولم يفض نهر النيل، فطلب منه الوالي أن يصلي من أجل مياه النهر، فأخذ بعض الأساقفة والكهنة والشعب، ورفع القرابين على ساحل النيل، وبعد نهاية الصلاة ألقى بالمياه التي غُسلت بها أواني المذبح في النيل، فارتفع للحال منسوبه حتى بلغ موضع الصلاة وأسرعوا برفع خيمة الصلاة.

نور القيامة

كانت علاقة إبراهيم باشا بالبابا بطرس يسودها الحب والصداقة والاحترام المتبادل، وعندما احتل إبراهيم باشا بلاد القدس وشى البعض (غالبًا من اليهود) أن ما يدعيه المسيحيون بأن النور يظهر من القبر المقدس هو غش وخداع. وإذ كان إبراهيم باشا يثق في البابا بطرس أرسل إليه يستدعيه من مصر وقد استقبله بحفاوة مع قواده وحاشيته ثم أخبره عن سبب استدعائه له، طالبًا منه أن يظهر النور على يديه لا على يديْ بطريرك الروم. وإذ شعر إبراهيم باشا أن هذا يسبب نزاعًا وانشقاقًا، خاصة وأن بطريرك الروم جاء يستقبل البابا بطرس بمحبة كبيرة طلب أن يكون الاثنان معًا، وكان هو معهما وقد وقف الجند في الخارج ليتأكدوا من حقيقة الأمر.

صام بطريرك الروم وبطريرك الأقباط بروح المحبة ثلاثة أيام كالعادة ودخلوا القبر يصلون ومعهم الباشا وإذ بالنور يشع، فبُهر الباشا وارتمى على صدر البابا، وإذ كان الكثيرون خاصة الفقراء في الخارج بسبب الازدحام الشديد، ظهر النور في نفس الوقت خلال أحد الأعمدة ليراه الكل، ولا يزال العمود المشقوق إلى يومنا هذا.

هذا الحادث أضاف إلى صداقة الباشا للبابا حبًا أكثر وتكريمًا.

عدم محاباته للأغنياء

جاءه رجل يشتكي زوجته، قائلاً له إنه تزوج بعروسه وفي اليوم الثاني من الزواج اضطر أن يتركها لمدة خمسة أشهر دون أن يقترب إليها بسبب ظروف عمله، ولما عاد وجدها حُبلى، ولما سألها عن سرّ حبلها استهانت به واستخفت لعلمها بمقام والدها ومركزه وغناه. استدعى البابا السيدة وصار يسألها فأصرت أن الحمل من زوجها، ولم يكن أمامه إلا القول: "الذي من الله يثبت والذي من الشيطان يزول". وبالفعل ما أن تركت دار البطريركية في الدرجة الأخيرة من السلم حتى سقط الجنين، فعرف أمرها وحكم للرجل بالطلاق بسبب علة الزنا. وإذ تقدم والدها للبابا، قال له: "ليس بينكم أحد أقوى من الضعيف متى كان معه الحق، ولا أضعف من القوى متى كان معه الباطل".

طهارته وعفته

جاءه إنسان يشكو له أنه تزوج فتاة، وقد اكتشف أنها ليست بكرًا، فلم يفهم البابا ماذا يقصد بذلك، ولما كرر له القول ولم يدرك جاء إليه بلبن عليه طبقة من "القشطة" لم تُمس، ثم وضع إصبعه في هذه الطبقة ليوضح له الفارق بين العذراء بغشاء بكوريتها ومن فقدت بكوريتها، عندئذ قال البابا: "لعن الله اليوم الذي عرفت فيه الفارق بين البكر وغير البكر"‎، ثم طلب أن يُنظر في دعواه.
 

مدحت موريس

New member
إنضم
9 نوفمبر 2006
المشاركات
7
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين

من اخربابا الذى دفن فى الكنيسة المرقسية بالاسكندرية
 
أعلى