لاهوت المسيح عند آباء ما قبل نيقية اولا: ولادة الإبن

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
837
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
لما كانت المسيحية تهاجم عن طريق الطعن فى اصالة معتقداتها الأولى وجب علينا ان نعرض ايمان الآباء الأولين فى الكنيسة وسوف اقوم بعرض هذا الموضوع بشكل " جميل " و " ممتع " للباحث المسيحى والقارئ العادى لكى يكون مرجعا فى كل المناقشات والحوارات والمناظرات

لاهوت المسيح عند آباء ما قبل نيقية​



فى حديثنا عن لاهوت السيد المسيح من خلال أقوال آباء ما قبل نيقية , سوف نتبع نفس خط و ترتيب قانون إيمان نيقية فى صياغته لإيمان الكنيسة فيما يخص لاهوت السيد المسيح , من حيث حديثه اولا عن الإبن كأقنوم مُتمايز عن الآب و لكن مولود منه قبل كل الدهور و مساو له فى الجوهر. ثم الحديث عن الإبن فى تجسده و عمله الخلاصى من أجلنا. و ذلك للتأكيد على ان ما نص عليه الآباء الـ 318 المجتمعون بنيقية مع القديس اثناسيوس – و قد كان شماسا أثناء إنعقاد المجمع – ما هو إلا تعبير صادق و آمين عن الإيمان المُسلم لهم بواسطة الكنيسة مُمثلة فى الآباء السابقين لهم من خلال التقليد الرسولى الكنسى.


لهذا سنستعرض أقوال آباء ما قبل نيقية تحت عنوانين رئيسين :

اولا: ولادة الإبن

ثانيا: لاهوت السيد المسيح الإبن المتجسد


 
التعديل الأخير:

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
837
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
أولا : ولادة الإبن الإزلية من الآب


نص قانون إيمان نيقية على أننا نؤمن برب واحد يسوع المسيح , واصفا إياه و معبرا عنه بالاوصاف الآتية :-

1- إبن الله الوحيد , المولود من الآب :

إستخدم الكتاب المقدس كلمة "الآب" للتعبير عن الأقنوم الأول فى الثالوث , و كلمة "الإبن" للتعبير عن الأقنوم الثانى , كما إستخدم كلمة "ولادة" للتعبير عن العلاقة بين الآب و الإبن. و هذه التعبيرات لا يُقصد بها إطلاقا الأبوة و البنوة و الولادة بحسب المفاهيم البشرية المادية , و لكن الكتاب المقدس قد إستخدمها لأنها أقرب الكلمات فى اللغة البشرية للتعبير عن علاقة الإبن بالآب. فأقرب كلمة تعبر عن الاقنوم الاول من حيث كونه المصدر و الينبوع للأقنومين الآخرين هى كلمة "الآب". و أقرب كلمة تعبر عن الاقنوم الثانى كأقنوم يُولد و يخرج من الآب هى كلمة "الإبن".


فالآب هو المصدر و الينبوع , و الإبن يُولد منه من نفس طبيعته و جوهره مساويا له فى الأزلية و الابدية و لكن دون أن ينفصل عنه , فهو يُولد منه و فيه , تماما كما يولد الفكر من العقل. فالفكر لا يترك العقل بل يظل ساكنا فيه مهما أُعلن او انتشر بين آخرين.


و ولادة الإبن – أى خروجه من الآب – هى ولادة فريدة من نوعها فلا نستطيع ان نصفها لأن المخلوق لا يقدر أن يصف الخالق , و المُدرك لا يستطيع أن يتحدث عن غير المُدرك , لذلك يُطلق على الإبن تعبير "مونوجينيس" اى الإبن "الوحيد الجنس" كما ورد فى الكتاب المقدس :"الذى يؤمن به لا يُدان و الذى لا يؤمن قد دين لأنه لم يؤمن بأسم ابن الله الوحيد" (يو 3 : 18). فهو الوحيد الخارج من الآب بهذه الكيفية الإلهية غير المُدركة , كما أنه هو الوحيد المولود من الآب بحسب الطبيعة اى من نفس طبيعة الآب , أما ولادتنا نحن المؤمنين من الآب فهى بالتبنى بحسب محبة الله و ليست بالطبيعة.


"الإبن يُعلن عن الآب الذى ولده"

القديس ايريناؤس​

"ليس الإبن غير مولود , لأن الآب وحده هو غير المولود. و الوجود غير المُدرك للإبن الوحيد الجنس المولود من الآب يفوق إدراك البشيرين (الأربعة) , بل و ربما أيضا الملائكة ... فمعرفة هذا السر الإلهى هى للآب فقط , إذ يقول المسيح (لا أحد يعرف الإبن الا الآب)."[15]

البابا السكندروس​

"فيما يتعلق بالمسيح , نحن نؤمن كما تؤمن الكنيسة الرسولية هكذا : بآب واحد غير مولود , له وحده دون آخر علة وجوده , غير متغير و غير قابل للتغير ... و برب واحد يسوع المسيح , ابن الله الوحيد المولود من الآب. ليس هو مولوداً مما لم يكن بل من الآب. فولادته ليست بطريقة مادية و لم تكن لا بالقطع ولا بالإنقسام (كما ظن سابليوس و فالنتينوس) , و لكن بطريقة غير مُدركة لا يُنطق بها بحسب كلمات اشعياء النبى "جيله من يخبر به" (اش 53 : 8) [16]. حيث أن وجوده لا يمكن ان تتفحصه آية طبيعة مخلوقة , تماماً كالآب الذى لا يستطيع أحد أن يتفحصه. فطبيعة الكائنات العاقلة لا تستطيع إدراك حقيقة الولادة الإلهية للإبن من الآب."[17]

البابا السكندروس

الإبن كما ذكرنا مولود بطريقة غير مادية و غير حسية , فلذلك يقول البابا ألسكندروس أن ولادته ليست "بالقطع". فهو ببساطة ليس جزءً من الآب قد تم اقتطاعه كما تُقطع قطعة صخر من اى جبل , و لا هى تمت "بالإنقسام" كما تنقسم مثلا الخلايا فى جسم الإنسان. فولادة الابن كما قال القديس الكسندروس "غير مدركة".



"لذلك أى من يسألنا عن كيفية ولادة الإبن من الآب , نجيبه أنه لا احد يدرك هذا الخروج او هذه الولادة او هذه الدعوة او هذه الرؤيا او أى تسمية أخرى يمكن ان نصف بها هذه الولادة. لانها فى الحقيقة بالإجمال غير قابلة للوصف."[18]

القديس ايريناؤس​

"نحن نؤكد أن كلمة الله قد وُلد بطريقة خاصة تختلف تماما عن الولادة العادية"[19]

يوستينوس الشهيد​

"لنا إله واحد , و الكلمة , أى الإبن , مولود منه. و نحن نعى أن الإبن غير منفصل عن الآب."[20]

العلامة اثيناغوراس

 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
837
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
2- قبل كل الدهور

أكد آباء ما قبل نيقية ما جاء لاحقا فى مجمع نيقية من أن ولادة الإبن من الآب هى ولادة أزلية قبل كل الدهور كما يقول الكتاب المقدس :"و مخارجه منذ القديم , منذ أيام الأزل" (مى 5 : 2). إذن لا يوجد فارق زمنى بين وجود الآب و وجود الإبن , فالأمر ليس كما قال الأريوسيون :"لقد كان هناك وقت لم يكن فيه الإبن موجودا".



و لو كانت هناك أى فترة من الزمن لم يكن فيها الإبن موجودا , لما أمكن أن يكون الآب هو الآب , إذ أن اى كائن يُدعى آبا فقط عندما يُولد له إبن. و إذا لم يكن الابن موجوداً منذ الأزل , يكون الآب قد تغير بولادة الإبن بينما الكتاب المقدس يشهد أنه "ليس عنده تغيير ولا ظل دوران" (يع 1 : 17).

و بما أن الإبن هو عقل الآب الناطق او نطقه العاقل , فكيف نتصور وجود زمن كان الآب بدون حكمته و بدون عقله؟! حاشا ان يكون الأمر كذلك.

و ولادة الإبن من الآب – كما قلنا – هى قبل كل الدهور و فوق الزمن , فهى إذن ولادة دائمة. أى انها لم تحدث فى فترة من الزمن ثم انتهت بعد ذلك. كما تلد الأم إبنها مثلاً. فولادة الإبن من الآب هى ولادة دائمة مثل ولادة الفكر من العقل , فهو يُولد على الدوام وبلا إنقطاع. و مثل ولادة الضوء من الشمس , فهو أيضا يُولد على الدوام و بلا إنقطاع , كما سنرى فيما بعد عند حديثنا "نور من نور".



"الآب يلد الإبن غير المخلوق و ياتى بالروح القدس. ليس كما لو كان الإبن لم يكن له وجود سابق (ثم ولده الآب) , لكن لأن الآب هو الأصل و المصدر للإبن و للروح القدس."[21]

العلامة اوريجانيوس​

أقنوم الآب هو الأصل و الينبوع فى الثالوث , يُولد منه الإبن قبل كل الدهور , و ينبثق منه الروح القدس قبل كل الدهور. فخروج الإبن من الآب نستخدم معه كلمة "ولادة" , و خروج الروح القدس من الآب نستخدم معه كلمة "إنبثاق" كما يُعلمنا الكتاب المقدس (يو 15 : 26). و لذلك – كما أوضحنا سابقا – فإننا نُلقب الإبن بتعبير "مونوجينيس" أى الإبن "الوحيد الجنس". ليس لأنه الوحيد الذى يخرج من الآب قبل كل الدهور , و كأن الروح القدس ليس كذلك .. حاشا , بل لأنه هو الوحيد "المولود" بينما الروح القدس "منبثق".

"يُقصد بلقب "الآب" أن "الإبن" أيضا كائن على الدوام بدون بداية"[22]

القديس كليمندس السكندرى​

"ليعلم من يقول بأن "كلمة الله" او "حكمة الله" ليس أزليا , إنه مذنب فى حق الآب نفسه , إذ هو ينكر إنه كان "الآب" على الدوام , أو انه كان يلد الكلمة على الدوام , أو انه كان يملك الحكمة فى كل الحقب السابقة سواء كانت هذه الحقب أزمنة او دهور"[23]

العلامة اوريجانيوس​

"إذا كان الإبن هو الكلمة و الحكمة و العقل بالنسبة لله , فكيف يمكن ان يكون هناك زمن لم يكن فيه موجوداً؟ هذا يستوى مع قولهم بأن هناك وقت كان الله فيه بدون حكمة و بدون عقل"[24]

البابا الكسندروس​

 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
837
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
3- نور من نور

الإبن مولود من الآب يحمل نفس طبيعته و جوهره , لذلك استخدم قانون الإيمان هذا التعبير "نور من نور". تماما كما ذكر معلمنا بولس الرسول عن الإبن "الذى هو بهاء (شعاع) مجده , و رسم جوهره" (عب 1 : 3).

كما أن ولادة الإبن من الآب لا يُصاحبها إنفصال للإبن عن الآب ولا تغير فى الآب. فهى ليست كولادة الطفل من أمه , فإن الطفل يخرج من رحم الأم و ينفصل عنها بكيان خاص به. كما يتغير شكل الأم و ينقص وزنها بمقدار وزن الطفل المولود. أى ان عملية الولادة يصاحبها تغيير فى الأم الوالدة , و انفصال عن الأم بكيان خاص.

و قد أستخدم آباء ما قبل نيقية تشبيه ولادة شعاع النور من مصدر النور أو من الشمس , و تشبيه خروج الماء من الينبوع , و ايضا تشبيه ولادة النار من النار.

و لنا هنا ملاحظة هامة هى انه و ان كانت التشبيهات تقرب لنا الحقائق الخاصة بالله , إلا انها لا يمكن ان تعبر تعبيرا كاملا عن هذه الحقائق , كما أنه يمكن أن يُستخدم أكثر من تشبيه واحد لنفس الحقيقة على أن يقرب كل تشبيه جانب واحد فقط من جوانب هذه الحقيقة و إن اختلف عنها فى جوانب أخرى.

فولادة الإبن من الآب دون ان ينفصل عنه , رغم تمايزهما عن بعضهما البعض كأقنومين , تشبه ولادة شعاع النور من قرص الشمس دون أن ينفصل عنه , رغم ان شعاع الشمس ليس هو قرص الشمس نفسه.

كذلك فإن هذه الولادة لا يُصاحبها تغير او نقصان فى الآب , فعند إشعال شعلة نار من شلعة اخرى , لا يحدث تغير للأولى رغم ان الشعلة الجديدة تكون مثل الأولى تماما. و إن كان هذا التشبيه يختلف عن ولادة الإبن من الآب من حيث أن الشعلة الجديد ة تنفصل تماماً عن الشعلة الأولى التى أشعلت منها.

"قيل عن المخلص أنه نور , و فى رسالة القديس يوحنا الأولى نجد عبارة "الله نور" (1 يو 1 : 5). فإذا كان الأمر كذلك , سنجد فيه برهانا على أن الإبن لا يختلف عن الآب فى الجوهر"[25]


العلامة اوريجانيوس​

"الحياة وُلدت من الحياة بنفس الطريقةالتى ينبع بها النهر من الينبوع و يُشعل بها النور من النور الذى لا ينطفىء"[26]

القديس ديونسيوس السكندرى​

"المسيحيون يُسمون المسيح "الكلمة" لأنه يحمل بشارة الآب للبشر. و لكنهم يُصرون على أن هذه القوة (الكلمة) غير منقسم و غير منفصل عن الآب , كما ان شعاع الشمس الذى يصل الى الارض هو غير منقسم و غير منفصل عن الشمس فى السماء. و هذه القوة اى "الله الكلمة" , مولود من الآب ... ليس بالإنقسام كما لو كان جوهر الآب قد انقسم , فكل الأشياء إذا انقسمت او تجزأت لا تكون كما كانت قبل النقسام او التجزئة. و على سبيل المثال , النيران التى تُشعل من مصدر نارى نجدها متمايزة عن النار الأصلية, و مع ذلك فالنار التى نشعل منها نيران كثيرة لا تنقص بل تبقى كما هى"[27]


القديس يوستينوس الشهيد​


"لقد ظهر آخر الى جانب الآب. و لكن عندما أقول "آخر" لا أعنى ان هناك إلهين , و لكن أعنى فقط أنه مثل النور من النور , و الماء من الينبوع , و الشعاع من الشمس"[28]

القديس هيبوليتوس الرومانى​

 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
837
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
4- إله حق من إله حق


بنفس المفهوم السابق , أكد آباء ما قبل نيقية أن الإبن هو إله حق من إله حق , كما يقول الرسول بولس "و منهم المسيح حسب الجسد الكائن على الكل إلها مباركاً الى الأبد آمين" (روم 9 : 5). إذ أن ولادة الإبن من الآب أعطت الإبن كل ملء اللاهوت دون ان يُنقص هذا من لاهوت الآب فى شىء , و أيضا دون أن يكون هناك إلهين اذ لهما نفس الجوهر الإلهى.

"الإبن هو سيد القوات الملائكية , إله من إله , و إبن من الآب"[29]

القديس ايريناؤس​



"فى البدء كان الكلمة عند الله الآب. لم يكن الآب هو الذى عند الكلمة , فعلى الرغم من كون الكلمة هو الله , إلا أنه كان عند الله , إذ هو إله من إله"[30]

العلامة ترتيليان​



"نحن نؤمن برب واحد يسوع المسيح , الإبن الوحيد المولود من الله (الآب). و هو ليس مولوداً مما لم يكن , بل مولود من الآب"[31]

البابا ألكسندروس​



"أخيرا , يُمكن لأى احد أن يقرأ فى الكلمات الإلهية أن الإبن مولود , و لكن لا يمكن لأحد أن يجد (فى الكلمات الإلهية) أن الإبن مخلوق. لأجل ذلك , فإن الذين يتجاسرون و يعتبرون أن الولادة الإلهية غير الموصوفة التى للإبن مجرد خلقة , هم مخطئون فى تفكيرهم"[32]

القديس ديونسيوس الرومانى​

 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
837
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
5- مساو للآب فى الجوهر

كان هذا التعبير الذى استخدمه القديس اثناسيوس فى مجمع نيقية , و الذى صار جزءاً من قانون إيماننا , هو الفاصل الحاسم فى الرد على آريوس و هرطقته.

جاء هذا التعبير فى اللغة اليونانية "هوموأُوسيون" بمعنى "من نفس الجوهر" الآب. و قد رفض أريوس هذا التعبير و أقترح بديل له "هومى اوسيون"بمعنى "مُشابه للآب فى الجوهر" و ليس مساو للآب و من نفس جوهره , و هو ما رفضه القديس اثناسيوس و الآباء المجتمعون بنيقية و أصروا على التعبير الأول.

و عندما عارض الآريوسيون هذا التعبير بدعون أنه غير كتابى , أى لم يرد ذكره فى الكتاب المقدس , على الرغم من أن مُعظم تعبيرات الأريوسيين أنفسهم كانت غير كتابية , كان رد القديس اثناسيوس :"حتى إذا لم تكن التعبيرات موجودة بكلمات كثيرة جدا فى الكتاب المقدس , مع ذلك فهى تتضمن و تحوى معنى الاسفار المقدسة , و إذ تُعبر عنه , تُقدمه الى هؤلاء الذين لهم مسامع سليمة غير فاسدة للعقيدة النقية"[33].

و أعلن القديس اثناسيوس أيضاً أن هذا التعبير له أصول آبائية عند الآباء السابقين لمجمع نيقية :"إن اساقفة نيقية لم يخترعوا هذه العبارات من انفسهم بل كانت لهم شهادات من الآباء لما سجلوها" [34].

بهذا يكون إيماننا بالله ان له جوهر واحد مُثلث الأقانيم. و من هنا تشترك الاقانيم الثلاثة فى نفس صفات الجوهر الإلهى الواحد , و هى ما نسميه الصفات الجوهرية او الكمالات الإلهية مثل : الأزلية , الأبدية , الخلق , الحكمة المُطلقة , القدرة المُطلقة , الحياة ... إلخ. هذا مع وجود صفة يتمايز بها كل أقنوم عن الاقنومين الآخرين , و هى ما نسميه الصفة الأقنومية , فالآب وحده هو المصدر و الأصل فى الثالوث و هو غير مولود , و الإبن وحده هو المولود من الآب قبل كل الدهور , و الروح القدس وحده هو المنبثق من الآب أزليا.

و قد أكد آباء ما قبل نيقية مساواة الإبن للآب فى الجوهر كما سيلى من بعض أقوالهم :-



"لقد تعلمنا أن الإبن خرج من الله الآب , و بخروجه هذا قد وُلد من الآب. إذن فهو إبن الله , و يُدعى الله لأجل وحدته مع الآب فى الجوهر ... فحتى شعاع الشمس عندما يخرج منها يظل متصلا بها. و تظل الشمس فى الشعاع لأنه منها. فلا يوجد إذن تقسيم ى الجوهر , فالشعاع هو مجرد امتداد للشمس ... هكذا المسيح هو روح من روح , و إله من إله. مثل شمعة مضيئة تُوقد من شمعة مضيئة , فيظل لهب الشمعة الأصلية بكامله دون أن يتأثر , على الرغم من أنه قد يُوقد منه اى عدد من الشمعات الأخرى التى لها لهب بنفس الصفات. كذلك أيضاً الذى خرج من الله (الآب) هو بآن واحد الله و إبن الله , و الإثنان هم واحد." [35]
العلامة ترتيليان​


فى هذا القول يذكر العلامة ترتيليان ان المسيح هو "روح من روح" , فنحن نعرف ان "الله روح" (يو 4 : 24) أى أن طبيعته روحية غير مادية , و المسيح بحسب لاهوته هو إله حق من إله حق , مساو للآب فى الجوهر , أى ان طبيعته من نفس طبيعة الآب. إذن فطبيعة الإبن روحية , كما أن طبيعة الآب روحية.

كما يذكر العلامة ترتيليان أن المسيح هو الله و إبن الله بآن واحد , فالمسيح هو الله من حيث طبيعته الإلهية و جوهره الإلهى واحد مع الآب , بينما هو ابن الله من حيث أنه الأقنوم المولود من الآب قبل كل الدهور. تماماً كأن نقول على شخص ما انه "مصرى ابن مصرى", فهو "مصرى" لأنه يحمل كل الصفات و الخصائص الخاصة بالمصريين , كأى شخص آخر و حتى كأبيه. و هو "إبن مصرى" لأن أباه الذى ولده هو ايضا مصرى. هكذا فأقنوم الكلمة هو الله و إبن الله.

"جوهر الإبن ليس جوهرا غريبا من صُنع أحد. ولا هو وُجد من العدم. بل لقد وُلد من جوهر الآب مثل الشعاع من الشمس , او مثل مجرى الماء (التيار) من الينبوع. فالشعاع ليس هو الشمس نفسها , كذلك المجرى ليس هو الماء نفسه , و لكن كليهما لا يختلفان عن المصدر (من حيث الجوهر). فالإبن هو إنبعاث او فيض من جوهر الآب , و مع هذا يظل جوهر الآب دون تقسيم"[36]

العلامة ثيؤغنسطس السكندرى

و الجوهر هنا يُقصد به الوجود الحقيقى او الكيان الواقعى.


"الإبن مشترك مع الآب فى الجوهر لأن ما ينبثق (او يُولد) من الجوهر هو مساو له و واحد معه "هومواوسيوس" بكل تأكيد."[37]
العلامة اوريجانيوس


"الإبن لا يختلف عن الآب فى الجوهر"[38]
العلامة اوريجانيوس


"إن الكلمة نفسه – الذى هو إبن الله – واحد مع الآب بمقتضى مساواته له فى الجوهر. و هو أبدى و غير مخلوق."[39]
القديس كليمندس السكندرى


"أستطيع أن اقول بكل جسارة ان الكلمة له نفس جوهر الآب الخالق"[40]
العلامة ترتيليان
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
837
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
6- الذى به كان كل شىء

أكد آباء ما قبل نيقية أن الإبن المولود من الآب و المساوى له فى الجوهر هو كلمة الله و حكمة الله الذى به عمل العالمين (عب 1 : 2). أو كما يقول القديس يوحنا الرسول :"كل شىء به كان و بغيره لم يكن شىء مما كان" (يو 1 : 3).



"خالق العالم هو بالحقيقة كلمة الله. هذا هو ربنا"[41]
القديس ايريناؤس


"الإبن الكلمة هو الله و هو الخالق. كما قيل (كل شىء به كان و بغيره لم يكن شىء مما كان) (يو 1 : 3)"[42]
القديس كليمندس السكندرى


"الله الكلمة , حتى قبل خلق الإنسان , كان هو صانع الملائكة."[43]
تاتيان السورى​



"لقد خُلق الكون و وُضع له تدبير بواسطة كلمة الله ... إذ نؤمن به كإبن الله" [44]
العلامة اثيناغوراس



الحديث السابق إختص بالإبن الكلمة و ولادته الأزلية من الآب و مساواته له فى الجوهر. و قد استعرضنا أقوال آباء ما قبل نيقية التى تؤكد رسوخ هذا الإيمان منذ فجر المسيحية و حتى قبل مجمع نيقية , و إن كان فى مجمع نيقية قد تمت صياغة الإيمان بشكل مُحدد. و ننتقل الآن لإيمان الكنيسة من خلال أقوال آباء ما قبل نيقية , فيما يختص بالإبن الكلمة فى تجسده من أجل خلاصنا.
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
837
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
ثانيا: لاهوت السيد المسيح الإبن المتجسد

http://www.arabchurch.com/forums/showthread.php?t=108272




[14] ANF , Vol I , P. 469

[15] ANF , Vol VI , P. 292

[16]

ترجمة هذه الآية هكذا تُعتبر أكثر دقة , فهى قد وردت هكذا فى الترجمة السبعينية و فى النص العبرى و فى الترجمة الإنجليزية KJV & NKJV.

[17] ANF , Vol VI , P. 295

[18] Ibid , Vol I , P. 401

[19] Ibid , P. 170

[20] Ibid , Vol II , P. 137

[21] Ibid , Vol IV , P. 270

[22] Vol II , P. 574

[23] Vol IV , P. 246

[24] Vol VI , P. 297

[25] Vol X , P. 336

[26] Vol VI , P. 93

[27] Vol I , P. 264

[28] Vol V , P. 227

[29] Vol I , P. 577

[30] Vol III , P 310

[31] Vol , P. 295

[32] VOL , VII , P. 395

[33] NBNF , 2nd Ser. , Vol IV , P. 164

[34] Ibid , P. 493

[35] ANF , Vol III , P. 34

[36] Vol , VIII , P. 155

[37] PG XIV : 1308

[38] ANF , Vol X , P. 336

[39] Vol II , P. 574

[40] Vol III , P. 356

[41] Vol I , P. 546

[42] Vol II , P. 234

[43] Vol II , P. 67

[44] Ibid , P. 132



 
التعديل الأخير:

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
شكرا

الرب يبارك مجهودك

و

أم النور معاكم
 

kalimooo

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
23 يونيو 2008
المشاركات
143,887
مستوى التفاعل
1,787
النقاط
113
الإقامة
LEBANON


شكراااااااا جزيلا

سلام المسيح معك

 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
413
النقاط
0
الإقامة
ALEX
جميل جدا
ميرررسى ليك
ربنا يبارك حياتك
 
أعلى