موضوع متكامل عن عيد الشعانين

ava_kirolos_son

Տեր Հիսո
عضو مبارك
إنضم
24 فبراير 2009
المشاركات
3,441
مستوى التفاعل
63
النقاط
0
الإقامة
Տեր Հիսուս Քրիստ
مقدمة




في موكب فريد ومنظر بديع دخل السيد المسيح أُورشليم، راكباً على جحش ابن آتان وحوله جمع غفير، يحملون في أيديهم سعف النخيل وأغصان الزيتون،

أمَّا ثيابهم فقد ألقوها على الأرض، وقد رج صوتهم المدينة وهم يصيحون طالبين الخلاص، حتى الأطفال الصغار انطلقت ألسنتهم بقوة التسبيح فرنَّموا قائلين:

" أوصنا لابن داود ".




لقد صرخ الجميع معترفين بمُلكه، ومقرّين بسلطانه، ونحن في كل وقت نرفع قلوبنا إلى الله، ونمسك بأيدينا أغصان الزيتون رمز السلام وسعف النخيل رمز النُصرة، ونرفع أصواتنا لتدوّي بين الصخور، ونُنادي بعظمة إلهنا ونُرنّم ترنيمة البهجة والخلاص قائلين: " أوصنا لابن داود مُبارك الآتي باسم الرب ".

نعترف بأنَّ

يوم دخول المسيح أُورشليم هو يوم فرح وتمجيد،

فالسمائيون يُمجّدون تنازله، والأرضيون يمجدون ارتفاعه، الشمس تفرح بمجيء شمس البر لكي يُضيء بأشعة حُبّه، والقمر يتهلل بنور مجده، والحيوانات تُسرْ لأنَّ ها على الجحش يتعظم السمائيّ الآتي إلى أُورشليم.

فإلى الله نرفع قلوبنا لكي يسكن فيها ويملك عليها، ملقين ثياب العالم على الأرض، طالبين أن تحمل ضمائرنا أغصان البر والسلام، صارخين مثل الأطفال من أجل خلاصنا.

بشفاعة والدة الإله القديسة الطاهرة مريم، وجميع مصاف الشهداء والقديسين، ولإلهنا كل مجد وكرامة منذ الأزل وإلى الأبد آمين.





احد الشعانين :



المسـيح ملكـاً


ذات يوم رأى سكان أورشليم موكباً كبيراً * فريداً، قادماً نحو المدينة، جماعة من الناس يسيرون في زحام شديد، يُلوّحون بأغصان في أيديهم، وثيابهم يلقونها على الأرض تحت أقدام راكب الآتان، ويعلو بالمدينة صوتهم، قائلين: " أُوصَنَّا.. مُبَارَكْ الآتي باسم الرّب" (مت8:21،9) ومازال كل يوم يزداد عدد الذين يؤمنون ويعترفون بالمسيح، ويُجلجل صوتهم في العالم قائلين: " أُوصَنّا في الأعَالي ".


ويذكر الكتاب المقدس أنَّ المسيح عندما دخل أورشليم ارتجّت المدينة، وكان أكثر الناس يتساءلون: " من هذا؟ " (مت10:21)، وما تزال المدن حتى اليوم ترتج.. والعقول ترتج.. العالم كله يرتج ويقول: من هذا؟

عن هذا " المَلك الفريد " تنبأ زكريا النبيّ قائلاً: " اِبْتَهِجِي جِدّاً يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ، هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ، هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ، وَدِيعٌ وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ " (زك9:9).


ويتحدّث إشعياء النبيّ عن عدله فيقول " يَقْضِي بِالْعَدْلِ لِلْمَسَاكِينِ وَيَحْكُمُ بِالإِنْصَافِ لِبَائِسِي الأَرْضِ وَيَضْرِبُ الأَرْضَ بِقَضِيبِ فَمِهِ وَيُمِيتُ الْمُنَافِـقَ بِنَفْخَةِ شَفَتَيْهِ " (إش4:11).


أمّا سليمان الحكيم فقد تنبأ عن سجود الملوك له، إذ قال: " وَيَسْجُدُ لَـهُ كُلُّ الْمُلُوكِ، كُـلُّ الأُمَمِ تَتَعَبَّدُ لَهُ " (مز11:72).


لقد مَلَكَ يسوع رغم خوف هيرودس واضطراب أورشليم معه، عندما جاء المجوس يسألونه: " أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ" (مت2:2)، مَلَكَ القدوس رغم سخريات الكتبة والفريسيين الذين أرادوا الاستهزاء به فكتبوا عبارة: " هَذَا هُوَ يَسُوعُ مَلِكُ الْيَهُودِ "، وعلَّقوها فوق رأسه (مت37:27)، أمَّا مشورتهم الرديئة، ومؤامراتهم الشريرة وتدابيرهم المُهلكة، فقد هبطت إلى أعماق الهاوية، وبقى يسوع ملكاً على جبل قدسه، أتعرفون لماذا؟


لأنَّه جاء ليملك على قلوب المؤمنين لا بالقوة بل بالحُب، وقلوب البشر وأفكارهم لا تُراقب، ولا يمكن لجنود أشرار أن يسدوا أبوابها.. كما نادى المسيح بالروح لا المادة، بالسمائيّ لا الأرضيّ، فبتجسّد المسيح ظهرت تعاليم إلهية، قادت الناس إلى حياة روحية واجتماعية سامية، فامتزجت التعاليم الدينية بالمبادئ الأخلاقية والأدبية.. وأخذت من المزيج رحيقاً حلواً استعذبته شعوب الأرض قاطبة.


وهل نُنكر أنَّ المسيح لم يقم مملكته بسيوف وجيوش؟ فهو لم يُجبر أحداً على اعتناق مبادئه وتعاليمه، ولم يسفك دماء أو يقهر ممالك.. بل سفك دمه الثمين على عود الصليب، فأي ملك هذا الذي لم يذل البشر أو يستعبدهم، بل احتمل ما كان مزمعاً أن يحل عليهم؟!!


إنَّ مُلك المسيح على إسرائيل كما يقول القديس أُغسطينوس، لم يكن بقصد نوال جزية، ولا بتقديم سيوف في أيدي الجنود، ولا لهزيمة أعدائه في حرب علنية، لكنّه في ممارسة سلطانه الملوكيّ على طبيعتهم الداخلية وتدبير اهتماماتهم الأبدية.


ولو نظرنا إلى قادة الأُمم لوجدنا أنَّهم يُقامون من البشر ملوكاً ورؤساء، أمَّا المسيح فلم يأخذ سلطانه من أحد، بل أخذه ميراثاً من أبيه " ِسْالْنِي فَأُعْطِيَكَ الأُمَمَ مِيرَاثاً لَكَ وَأَقَاصيَ الأَرْضِ مُلْكاً لَكَ " (مز8:2).


كما أنَّ ملوك الأرض كانوا ولا يزالون يدعون أنفسهم بألقاب العظمة، فملك الفرس كان يدعو نفسه (أخا الشمس) وملك مصر (ابن الشمس)، وقد زعم حكام ما بين النهرين أنهم أخذوا سلطتهم من (إنليل Enlil)، رئيس مجمع الآلهة السومْرية، لكي يُلقون الرعب والفزع في قلوب الناس، أمَّا ملك الملوك فحاشا أن يتّخذ لنفسه لقباً من الألقاب الوثنية، وعندما اقتضت الضرورة اختار أن يصف نفسه بلقب يُعبّر عن صفاته الروحية ألا وهو: " الوديع المتواضع " (زك9:9).


ولهذا عندما داخل المسيح أورشليم، لم يركب مركبة تجرها الخيول أو الأسرى، أو تُحمل أمامه علامات الظفر كما كان يفعل ملوك الأرض، بل اختار أن يركب جحشاً صغيراً، وأن يُنادي أمامه الأطفال وهم يحملون في أيديهم أغصان الزيتون قائلين: " أُوصَنَّا لاِبْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ ".


والحق إنَّ يوم دخول المسيح أورشليم، هو أعظم بُشرى لتتويج أعظم ملك على أعظم مملكة، فملكنا ليس ظالماً بل رحوماً، متواضعاً لا متكبراً، حليماً لا قاسياً، وديعاً لا غضوباً، هو الذي خلقنا وهو الذي فدانا، ولهذا يجب أن نخضع له ونعمل بوصاياه، إن كنَّا نُريده أن يملك على قلوبنا.


أمَّا النفس التي لم يملك عليها ملك الملوك، هى نفس بائسة وسقيمة، ولابد أن تتملك عليها الأهواء والشهوات، وتسكنها الأبالسة والحيات أولاد الأفاعيّ، وكما أنَّ البيت الخالي من سكانه يمتليء بالأتربة، ويُغطي العنكبوت جوانبه، وتغطيه ظلمات حالكة.. هكذا أيضاً النفس التي لا يسكنها الله، تمتليء بتراب الشهوات, وتُعشعش أفكار الشر في رأسها، ويُُغطيها ظلام الخطية.. وإنَّ كانت الأرض التي لا يُفلّحها فلاح تمتليء بالأشواك، والسفينة التي بلا ربّان تتلاطم في الأمواج وتغرق في لُجج البحار، فإنَّ النفس التي لا يقودها يسوع، تجرحها أشواك الخطية، وتخبطها أمواج الخطية.






أوصنّا: ترنيمة الخلاص


حقاً ما أروعها أُنشودة تلك التي أنشدها أطفال اليهود ابتهاجاً بمُخلّصهم عندما دخل أورشليم، فالخلاص هو شهوة المؤمنين، وكل نفس تبحث عن حماية يجب أن تصرخ خلّصنا، وإلاَّ ابتعد الرب عنها فصارت مثل أورشليم خراباً، فالرب هو " قَاضِينَا، الرَّبُّ شَارِعُنَا، الرَّبُّ مَلِكُنَا، هُوَ يُخَلِّصُنَا " (إش22:33).


أتتذكرون قول الملاك للرعاة يوم ميلاده العجيب: " هَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ" (لو11:2)، فالمسيح قد جاء لخلاص البشر، من أمراضهم يُخلّصهم، ومن أعدائهم يُنقذهم، ومن خطاياهم ينتشلهم.. ألم يشفِ المسيح المفلوج ومريض بيت حِسدا..؟ وبيلاجية ومريم المصرية وموسى الأسود وغيرهم.. انتشلهم من بئر خطاياهم وغفر لهم.


والحق إنَّ دخول المسيح أورشليم له بعد انتصاريّ عميق, ولذلك نجد ربطاً في هتاف الجموع بين المسيح وداود، ففي التسابيح يذكرون داود " أُوصَنَّا لابن داود " (مت9:21)، لأنَّه رمز للسيد المسيح حين انتصر على الشيطان (جُليات الجبّار)، ويُعلّق القديس أُغسطينوس على الخلاص الذي قدّمه المسيح فيقول:


إنَّ ابن الإنسان قد جاء ليطلب ويُخلّص ما قد هلك (لو10:19)، لقد جاء الرب يبحث عن المفقودين الذين اختفوا بين الأشواك وتشتتوا بين الذئاب، لذلك حمل الأشواك في جبينه فخلّصهم منها بذبحه لأجلهم..



(أوصنَّا) هى دعاء المتألمين، الذين بدأوا حياتهم في رحم الألم، وشبابهم خريف دائم من الحزن والمرض..! وقد ظل الألم يعبث بأصابعه الحادة في أجسادهم، ويُمزّق بسهامه الصمَّاء أمالهم وأحلامهم، ويغزو بجيوشه البربرية قصور عواطفهم وحصون لذّاتهم، فلا تحزنوا على كل ما يُصيبكم من تجارب، فبين نسيج الألم خيط من ذهب، وفي ظلامه شمعة تضيء وإن كانت عيوننا مغمضّة لا تراها، أو أن ضباب الألم قد غطّاها! فالألم قوة تُعلن عن ضعف الإنسان، لمسة جارحة ربَّما تفجر التوبة فى قلوب خطاة، نوراً يجعل الإنسان يرى قريبه بعين المحبّة، مدرسة يُثقل فيها الإنسان عقله عقلاً حكيماً.


فإذا افتقدكم الألم بوجه القاسيّ، لا تستقبلوه بـ " لا " بل " نعم " ، لأنَّه " طُوبَى لِمَنْ يَتَحَمَّلُ الْمِحْنَةَ بِصَبْرٍ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ يَجْتَازَ الامْتِحَانَ بِنَجَاحٍ سَيَنَالُ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ الَّذِي وَعَدَ بِهِ الرَّبُّ مُحِبِّيهِ ! " (يع12:1)، سيأتي يوماً تعيشون في مجد دائم وعيد أبديّ لن تنقطع أفراحه، حينئذ لن يكون ظلام بل أنوار وأنوار وأفراح على الدوام.. ستقولون مع إشعياء النبيّ: " هُوَذَا هَذَا إِلَهُنَا، انْتَظَرْنَاهُ فَخَلَّصَنَا، هَذَا هُوَ الرَّبُّ انْتَظَرْنَاهُ، نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ بِخَلاَصِهِ " (إش9:25)، إذن فلنخلع عنَّا ثياب الحزن ونلقيها تحت قدمي مُخلّصنا، ونفتح قلوبنا بالإيمان للملك، ونحمل خوص الغلبة من النخل لأنَّه ظافر، ونُلوّح بالغصن للغصن الذي من مريم، ونصرخ مع الصبية قائلين: " أُوصنَّا في الأعالي مُبارك الآتي باسم الرب ".


(أوصنا) هى رجاء التائبين، فالخطية طرحت كثيرين جرحى، وكل من تألم من جروحها، ويريد أن يتحرر من عبوديتها يصرخ خلصنا، هكذا عاش بنو إسرائيل يقولون: " لِلْعُودِ أَنْتَ أَبِي وَلِلْحَجَرِ أَنْتَ وَلَدْتَنِي "، ولكن في وقت بليتهم وعندما تشتد عليهم التجارب، كانوا يلتجئون إلى الله ويصرخون إليه قائلين " قُمْ وَخَلِّصْنَا " (ار27:2).


نعترف بأننا كالابن الضال أخطأنا وعصينا وتمرّدنا.. فالجميع " قَدْ ضَلُّوا، وَصَارُوا كُلُّهُمْ بِلاَ نَفْعٍ لَيْسَ مَنْ يُمَارِسُ الصَّلاَحَ، لاَ وَلاَ وَاحِدٌ " (رو12:3)، ولكن ما أن صرخنا إلى الله، حتى فتح لنا ذراعيه لاستقبالنا وذبح لنا العجل المُثمّن، ووضع خاتم المُلك في أيدينا، فالله يُريد " أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ " (1تي4:2)، وهو على استعداد أن يغفر لك، ولو كنت في آخر نسمات حياتك، هذا ما فعله مع اللص اليمين وهو على عود الصليب.


اجتمع الأعداء على أهل جبعون، فماذا فعلوا؟ أرسلوا إِلى يشوع بن نون ليُنقذهم من أعدائهم قائلين: " لاَ تُرْخِ يَدَيْكَ عَنْ عَبِيدِكَ اصْعَدْ إِلَيْنَا عَاجِلاً وَخَلِّصْنَا وَأَعِنَّا, لأَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْنَا جَمِيعُ مُلُوكِ الأَمُورِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي الْجَبَلِ" (يش6:10).


وعندما هزم الفلسطينيون بني إسرائيل تساءل شُيُوخُ إِسرائيل عن سبب الكسرة وطلبوا أخذْ تابوت العهد من شِيلُوهَ فيدخل الرب في وسطهم ويُخلصهم من أيدي أعدائهم " (1صم4: 3)، وقال بنو إِسرائِيل لِصموئِيل: " لاَ تَكُفَّ عَنِ الصُّرَاخِ مِنْ أَجْلِنَا إِلَى الرَّبِّ إِلَهِنَا فَيُخَلِّصَنَا مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ " (1صم8:7).

الخلاص من سنحاريب ملك آشور كان جوهر صلاة حزقيا النبيّ لله: " وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهُنَا خَلِّصْنَا مِنْ يَدِهِ، فَتَعْلَمَ مَمَالِكُ الأَرْضِ كُلُّهَا أَنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ الإِلَهُ وَحْدَكَ" (2مل19:19)، والخلاص أيضاً كان طلبة داود النبيّ: " خَلِّصْنَا أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهُنَا وَاجْمَعْنَا مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ لِنَحْمَدَ اسْمَ قُدْسِكَ وَنَتَفَاخَرَ بِتَسْبِيحِكَ " (مز47:106).


والآن نحن نصرخ مع بني إسرائيل: " أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهُنَا خَلِّصْنَا مِنْ يَدِهِ فَتَعْلَمَ مَمَالِكُ الأَرْضِ كُلِّهَا أَنَّكَر أَنْتَ الرَّبُّ وَحْدَكَ " (إش20:37)، وعندما يستجيب الرب لطلبتنا نرفع قلوبنا ونقول لكل المؤمنين: " باركوا الرب يا حنانيا وعزاريا وميصائيل سبحوا وارفعوه إلى الدهور لأنَّه أنقذنا من الجحيم وخلصنا من يد الموت ونجانا من وسط أتون اللهيب المضطرم ومن وسط النار " (دا88:3).
 

ava_kirolos_son

Տեր Հիսո
عضو مبارك
إنضم
24 فبراير 2009
المشاركات
3,441
مستوى التفاعل
63
النقاط
0
الإقامة
Տեր Հիսուս Քրիստ
طقوس أحد الشعانين


يبتديء المسيحيون في مساء سبت لعازر، بقطف سعفاً من النخل وأغصاناً من الزيتون، ويزينوها على شكل صليب، ويذهبون إلى الكنيسة ليحتفلون بعيد من أعظم وأبهج الأعياد المسيحية.

وإن كان الأب البطريرك أو المطران أو الأُسقف حاضراً، يتقدّمه الشمامسة والكهنة.. وهم يحملون الشموع في أيديهم مع سعف النخل وأغصان الزيتون ويرتلون أمامه لحن (إفلوجيمينوس eulogimenoc)، حتى يصلوا إلى الخورس الأول فيبتدأون بصلاة مزامير الساعة التاسعة، والغروب والنوم (ويُضاف إليهما الستار في الأديرة).



تسبحة ورفع بخور عشية

بعد المزامير يُقال (ني إثنوس تيرو nieynoct/ro) ثم (الهوس الرابع) وبعده تُقال إبصالية الشعانين الواطس بالطريقة الفرايحيّ ومقدمتها: " بوّقوا في رأس الشهر بصوت البوق وفي يوم أعيادكم لأنَّه أمر الله "، ثم ثيئوطوكية السبت والشيرات الشعانينيّ، وفى ختام التسبحة يُقرأ الطرح الملائم.
بعد التسبحة يُرفع البخور كالمعتاد، وبعد صلاة الشكر يُردد الشمامسة أرباع الناقوس بالطريقة الفرايحيّ المعروفة، ويُضاف إليها إرباع الشعانين وفى النهاية يقولون ابؤرو، وبعدها يقول الكاهن أوشية الراقدين وليست المرضى، ثم تُقال الذكصولوجيات والمدائح الخاصة بالشعانين، وختام الذكصولوجيات ونعظمك يا أم النور وقانون الإيمان.

وبعد " إفنوتي ناي نان Vnou]nainan "، تُقال أمين كيرياليسون بالكبير ثلاثة مرات، ثم يطوفون الهيكل ثلاث مرات وهم يحملون أيقونة دخول المسيح أورشليم مع أغصان الزيتون وسعف النخل وهم يقولون لحن (إفلوجيمينوس eulogimenoc) *وبعده مقدمة الطرح على وزن الشيرات الشعانينيّ، ثم طرح الشعانين ومطلعه: " أصعد على الجبال العالية يا مبشر صهيون وارفع صوتك بقوة وبشر أورشليم "، ثم يقول الكاهن أوشيّة الإنجيل، وبعدها يُطرح المزمور بالطريقة الفرايحيّ المختصرة أو السنجاريّ، ويُقرأ الإنجيل قبطياً وعربياً وتكمل الصلاة كالمعتاد مع مراعاة مرد المزمور والإنجيل بطريقتهما المعروفة، ثم تكمّل الصلاة كالعادة، وفي الختام يُقال القانون " rasiounof "* وترجمته: إفرحي وتهللي يا صهيون المدينة اجزلي وتهللي لأنَّ هوذا ملكك يأتي راكباً على جحش وتُسبّح قدّامه الأطفال قائلين: أُصنا في الأعالي هذا هو ملك إسرائيل..".



تسبحة نصف الليل

تبدأ تسبحة نصف الليل بصلاة مزامير نصف الليل، ثم يُقال لحن ( آلليّ نصف الليل أو الهوس الكبير)، وبعده يُقرأ هوس العيد قبطياً وعربياً، وهو عبارة عن قطع من المزامير تُلائم أحداث العيد، ثم تُصلى التسبحة بإبصالياتها الستة على الهوسات الأربعة والمجمع وتذاكية الأحد *

ويجب مراعاة أنَّ ألحان (لبش الهوس الأول والثانى تُقال بالطريق الفرايحيّ، ولحن تين أويه إنثوك بالطريقة الشعانينيّ مثل الشيرات) *ثم يُقرأ دفنار اليوم، وختام التذاكيات الآدام، ويُقال قانون الإيمان وتُختم التسبحة بالطلبة المعروفة (أمين كيرياليسون)، وبعدها يقول الكاهن تحليل نصف الليل.


رفع بخور باكر

يبدأ رفع بخور باكر كالمعتاد، وبعد إفنونى ناى نان يقولون (أمين كيرياليسون بالكبير)، ثم يطوفون الهيكل ثلاث مرات يزفّون أيقونة الشعانين وهى مزينة بسعف النخل والورود، ثم يقولن لحن (إفلوجيمينوس الكبير) أمام الهيكل، وبعده يبدأون بعمل الدورة أمام أيقونات القديسين، كالآتي:


دورة الشعانين

وفيها يطوفون الكنيسة ويرفعون البخور، ويقرأون أجزاء من المزامير وفصولاً من الأناجيل التي تحوى خبر دخول المسيح أورشليم، وعددها اثني عشر فصلاً وبعد كل فصل مرد خاص ثم مرد الشعانين (أوصنّا)، أمَّا أماكن الطواف فهى الآتي:

أمام باب الهيكل الكبير، أيقونات العذراء، البشارة، الملاك ميخائيل، مارمرقس، مارجرجس، شفيع الكنيسة، الأنبا أنطونيوس، الباب البحري، اللقان، الباب القبلي، يوحنا المعمدان *



أمّا أن تقرأ الكنيسة فصلاً من الأناجيل، في كل زاوية من زوايا الكنيسة، فذلك لسببين:


1- للدلالة على وجوب انتشار الإنجيل في كل أقطار الأرض الأربعة.

2- إشارة إلى أنَّ بناء الكنيسة شيد على الأعمدة الأربعة، وبالتالي على يسوع نفسه الذي هو حجر الزاوية " مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ " (أف20:2).
بعد انتهاء الدورة يقول الكاهن أوشية الإنجيل، ثم تكمل الصلاة كما هو متبع قي رفع البخور.
 

ava_kirolos_son

Տեր Հիսո
عضو مبارك
إنضم
24 فبراير 2009
المشاركات
3,441
مستوى التفاعل
63
النقاط
0
الإقامة
Տեր Հիսուս Քրիստ
القداس


تُصلى مزامير الثالثة والسادسة ويقدم الحمل، ويُقال: (الليلويا فاى بيه بي) و (سوتيس أمين) و (طاي شورى) و(الهيتنيات)، وبعد قراءة الإبركسيس يقال لحن الشعانين (إفلوجيمينوس) و (فيت همسي بطريقة آبنشويس)، ثم (أجيوس الفرايحي) و (الثلاثة تقديسات) ويُطرح المزمور بالطريقة الفرايحيّ ثم مرد المزمور كما في عشية وباكر، ثم تقرأ الثلاثة أناجيل قبطياً وعربياً وتُقال المردات الشعانينى حسب كل إنجيل، ثم تُقال أوشية الإنجيل مرّة أُخرى، ويطرح المزمور باللحن السنجاريّ الكبير، ثم يُقرأ الإنجيل الرابع قبطياً وعربياً ثم مرد الإنجيل..

يستمر القدَّاس كالمعتاد ويُُقال الأسبسمس الواطس والآدام، وقسمة أحد الشعانين، كما يُقال مزمور التوزيع بلحن الشعانين ثم المديحة الخاصة بالعيد حتى نهاية التوزيع.

ولا يصرف الكاهن ملاك الذبيحة، ولا يُعطى التسريح للشعب بالماء، بل يخلع عنه ملابس الخدمة، ويسدل ستر الهيكل، ويخرج إلى الخورس الأول، لكي يبدأ طقوس الجنّاز العام*




الجنَّاز العام

ويُعمل مقدَّماً حتى إذا مات أحد في جمعة الآلام المخصصة لذكرى آلام السيد المسيح، يكون هذا التجنيز بديلاً عن تجنيز الأربعة أيام التي لا يُقام فيها جنَّازات ولا يُرفع فيها بخور، فمن تقليد الكنيسة عدم رفع البخور وتقديم ذبيحة سوى يومي الخميس والسبت فقط، فإذا تنيح أحد المؤمنين يحضرون به إلى الكنيسة، حيث صلوات البصخة التي تُقام معظم اليوم.



أمَّا سبب تعطيل القداس وعدم إقامة ذبيحة، أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء في أُسبوع الآلام،


هو أنَّ يوم الأحد الذي كان فيه الشعانين، كان يوافق اليوم العاشر من الهلال حيث يشترون خروف الفصح، ويحتفظون به 3 أيام، أي الاثنين والثلاثاء والأربعاء، وفي يوم الخميس الموافق الرابع عشر من شهر نيسان يذبحونه *


بعد انتهاء الجناز العام يرش الكاهن الماء على الشعب، ويقول البركة الخاصة بأُسبوع الآلام، ثم يصرفهم ليمضوا إلى منازلهم بسلام.
 

ava_kirolos_son

Տեր Հիսո
عضو مبارك
إنضم
24 فبراير 2009
المشاركات
3,441
مستوى التفاعل
63
النقاط
0
الإقامة
Տեր Հիսուս Քրիստ
أيقونة الشعانين



تتميّز أيقونة الشعانين بطابع الاحتفال والانتصار، فمنظر أورشليم البهيّ غالباً ما يكون بالون الأحمر أو الأبيض، وألوان الثياب المنثورة على الطريق يضفي على الأيقونة طابع البهجة.


وفي الأيقونة يبدو المسيح جالساً على جحش يحني رأسه إلى الأرض، ورجليه في إتجاه واحد، وتهدف إلى توضيح تواضع الرب، ووداعته وهو يُبارك شعبه، ورأسه ملتفت إلى خلف باتّجاه تلاميذه الذين يتبعونه، وأيضاً يرمز الحيوان إلى بهيمية الأمم التي رفعها السيد وجعلها تسمو، بينما في أكثر الأيقونات الغربية يركب مثل الفارس على حصانه، وهذا يبدو واضحاً في الكثير من الأيقونات الروسيّة، حيث يُستعاض عن الجحش بالحصان، لأنّ الجحش لم يكن حيواناً معروفاً في تلك البلاد.


أمَّا الأطفال فتبدو عليهم علامات الفرح، وعيونهم مع حضور الرب تدعو للتمثّلْ بطُهرهم البريء وفي أيديهم يحملون سعف النخل وأغصان الزيتون، فقديماً كانوا يستقبلون الملوك عند عودتهم من الحرب ظافرين، ولذلك استقبل الشعبُ السيد المسيحَ الراكب على جحش على أبواب أورشليم كغالب للموت، وساحق للخطية ومُحطم للشيطان.


وفي الأفق نجد سور أورشليم بأبوابه المفتوحة، ورجال أورشليم ونساؤهم، يخرجون منها لاستقبال المخلّص، الرجال والأطفال يحملون سعف النخيل، أمّا النسوة فيحملنَ الرضع والصغار على أكتافهنَّ، على حسب ما قال المخلّص للكتبة: " أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ: مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ هَيَّأْتَ تَسْبِيحاً؟" (مز3:8) (مت21،16)، ويظهر آخرون وهم يطلّون من طاقات السور ونوافذه لمشاهدة الاستقبال.


وفوق الموكب تظهر شجرة ترمز إلى شجرة الحياة في الفردوس وإلى الصليب (تك9:2) * صعد عليها أطفال يقطعون الأغصان ويرمونها إلى أسفل، والبعض الآخر يقدّمون بعض الأغصان طعاماً للجحش، وآخرون أيضاً يفرشون الثياب أمام الموكب، فالأطفال لهم دور كبير في الأيقونة، فهم يقطعون عادة الأغصان بينما هم جلوس على الشجرة، أو يلقون الثياب على الطريق أثناء مرور المسيح، أو هم أيضاً مع البالغين يرحّبون به بسعف النخيل.

وبينما يبدو فرح الأطفال واضحاً، والناس يتهللون وهم يُرنّمون " أوصنا "، نرى تذمّر اليهود عند أبواب المدينة واضحاً.

ولعل أهم ما يُميز أيقونة الشعانين، هو البعد الرعويّ، الذي يبدو واضحاً في صورة المسيح وسط تلاميذه، والبعد الخلاصيّ في منظر الجموع الفرحين به كمخلص، فقد جاء السيد المسيح لكي يُعيد ملكية الله على الإنسان... ويُنقذ مملكته من يد الشيطان.








مركبة ملك الملوك


عند دخول المسيح أورشليم، لم يركب مركبة بأعمدة من فضة وقواعد من ذهب ومُغشّاة بالأرجوان، كما ذكر سليمان الحكيم (نش9:3،١٠)، ولم يتّخذ لنفسه مركبات وخيلاً ورجالاً يجرون أمامه، كما فعل أبشالوم بن داود عند دخوله مدينة أبيه (2صم5:2).

ولا اتّخذ لنفسه عجلات وفرساناً مثل أدونيا، عندما حاول أن يملك بدلاً من سليمان (2صم3: 4)، (1أخ2:3)، ولم يُبوّق أحد أمامه بالبوق كما حدث مع سليمان (1مل38:1- 40).

بل ركب أتاناً وجحشاً، كما قد تنبأ عنه زكريا النبيّ قائلاً: " اِبْتَهِجِي جِدّاً يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ، هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ، هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ َعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ " (زك9:9).
أليس المسيح هو السيد الذي رآه إشعياء النبيّ جالساً على كرسي مجده وأذياله تملأ الهيكل ؟ (إش1:6)، فلماذا هذا الإسراف في التواضع ؟!!




يقول القدّيس يعقوب السروجيّ


" حُبُّك أنزلك من المركبة إلى الجحش العادي، عِوض جنود الكاروبيم، يبجِّلك جحش! أنزلتْكَ المراحم من بين أجنحة اللهب لكي يبجّلك ابن الآتان، يجاهر السمائيّون ببهائك، وهنا الجحش الحقير المزدرى به يحملك، ركب الجحش ليفتقد بالتواضع شعبه ".

انفرد القديس متى البشير بذِكر الآتان مع الجحش فيقول: " اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا فَلِلْوَقْتِ تَجِدَانِ أَتَاناً مَرْبُوطَةً وَجَحْشاً مَعَهَا فَحُلاَّهُمَا وَأْتِيَانِي بِهِمَا " (مت2:21) أمَّا باقي الإنجليين فاكتفوا بذِكر الجحش فقط, إذ هو الذي دخل عليه المسيح أورشليم، بينما الآتان كان يركبه في الطريق.

والآتان والجحش يمثّلان رمزيًا العالم في ذلك الحين، وقد انقسم إلى اليهود والأمم.. وكون المسيح امتطى الاثنان، إنَّما يُشير إلى أنَّه قد جاء من أجل البشرية كلها، حتى وإنْ انحطّتْ في فكرها من جهة معرفتهم لله وسلوكهم الروحيّ، ألم يقل داود النبيّ: " صِرْتُ كَبَهِيمٍ عِنْدَكَ.. وَلَكِنِّي دَائِماً مَعَكَ " (مز73: 22-23).




يقول القديس أُغسطينوس




الجحش ابن الآتان الذي لم يركبه إنسان قط، يُشير إلى شعوب الأُمم التي لم تتقبل ناموس الرب، وأمَّا الآتان فيُشير إلى شعبه الذي جاء من إسرائيل وخضع لمعرفة سيده.

والحمار من الحيوانات التي تُثقل بالأحمال، وفي هذا إشارة لحالة البشر قبل مجيء المسيح، إذ ثقلتهم الخطية والخرافات وعبادة الأوثان.. التي آمنوا بها.

وإن كان الحمار يُنعت بالغباوة، فالوثنين أيضاً قد تملّكهم الغباء بسبب تجاهلهم لله، فإنه أيّة غباوة أكثر من احتقار الشخص للخالق، وتعبُّده لعمل يديه كما لو كان خالقه؟!

لقد أُتوا بالجحش من قرية، مشيراً بذلك إلى حالة الهمجية، التي كان عليها فكر الوثنيّين غير المتمدِّن، الذين لم يتعلموا في مدينة، وإنما كمن عاش بطريقة ريفيّة خشنة وفَظّة.. هؤلاء لم يستمروا على هذا الحال بخصوص الذهن غير المتمدِّن، بل على العكس تغيّروا إلى ملء السلام والحكمة، لأنَّهم صاروا خاضعين للمسيح الذي علّمهم هذه الأشياء *

كان الجحش والآتان مُقيَّدين (مت2:21)، إشارة إلى اليهود الذين قيدوا أنفسهم بسلاسل الطقوس وشكليات العبادة.. والأُمميين الذين تقيّدوا برباطات الخطية وسلاسل الطقوس الوثنية.. ولكن ً لله الذي جاء ليحلُّنا من رباطات خطايانا، ويُعطينا فَهماً جديداً لروح العبادة، مُعلماً إيانا أنَّ الحرف يقتل وأمَّا الروح فيُحيي.

أُحضر الجحش بواسطة تلميذين (مت1:21)، وهذا يُشير إلى أنَّ الله يُرسل لنا في كل وقت، من يحلُّنا من رباطات الخطية واهتمامات العالم الزائل، فقديماً أرسل لنا الله الأنبياء، وحديثاً أرسل الرسل والتلاميذ ليفكوا العالم من قيود الخطية وسلاسل الشر.




أمَّا قول المسيح:

" الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا " (مت3:21)،


فيُشير إلى أنَّ الرب محتاج إلى خليقته التي أحبّها وعلى صورته ومثاله قد خلقها، حتى وإن ضلت في تصرفاتها، فالله لا يتعالى على خليقته، بل كراعٍ صالح يجول هنا وهناك بحثاً عن خرافه الضالة، وهو في كل وقت يطلب قلوبنا لتكون مسكناً له، وحياتنا كمركبة سماوية تحمله.

ذكر معلمنا لوقا أنَّ للجحش أصحاب كثيرون: " وَفِيمَا هُمَا يَحُلاَّنِ الْجَحْشَ قَالَ لَهُمَا أَصْحَابُهُ: " لِمَاذَا تَحُلاَّنِ الْجَحْشَ؟ " (لو33:19)، وهذا يُشير إلى أنَّ هذا الشعب لم يكن خاضعاً لخطية واحدة أو شيطان واحد، بل كان خاضعاً لكثيرين، لكن الجميع استسلموا خلال كرازة الرسل، تاركين الجحش لسيده الحقيقيّ السيد المسيح.




وفي قول مُعلمنا مرقس أنَّ الجحش لم يجلس عليه أحد من الناس:


" اذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا فَلِلْوَقْتِ وَأَنْتُمَا دَاخِلاَنِ إِلَيْهَا تَجِدَانِ جَحْشاً مَرْبُوطاً لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ " (مر11،2)، يرى البعض:
إنَّ استخدام المسيح الآتان المُدرّب أثناء سيره في الطريق، يُشير إلى الأمة اليهودية التي درَّبها الله على معرفته بواسطة الأنبياء، أمَّا الجحش غير المُدرّب والذي لم يجلس عليه، فيُشير إلى الوثنيين الذين لم يكن لهم الناموس والأنبياء *

كما أن المسيح قد جاء رئيساً جديداً لعهد جديد، ولهذا امتطى حيواناً جديداً لم يمتطيه أحد، وعند موته وضع في قبر جديد لم يُدفن أحد، وذلك يُذكرنا بما جاء في العهد القديم عند نقل تابوت العهد، إذ أنَّ البقرتين اللتين لم يعلهما نير، جرتا العَجَلة الجديدة الموضوع عليه تابوت الرب (1صم10:6).

ونحن بصدد الحديث عن الحمار والآتان، نوضح أنَّ للحمار تاريخ في العبادات الوثنية، فالحمار فيما مضى شاهد جموع كثيرة وهى تسجد له!!

ففي اليونان كان الحمار مكرساً للآلهة: أربس وديونيسيوس وأبوللو! وكان (أوخوس) ملك فارس قد فرض عبادة حمار في معبد (فتا)!

وقبل ميلاد السيد المسيح بعدة سنوات، بينما كان (أوغسطس) في طريقه لركوب البحر على ساحل مدينة (أكتيوم)، صادف رجلاً يركب جحشاً، وكان اسم الجحش (نيكون) أي المنتصر، وحين تم النصر وضع الامبراطور في المعبد حماراً من النحاس تخليداً لنصره!

أمَّا (أتان بلعام) فقد فاقت الحكماء في حكمتها، فبكلامها قد أنقذت النبيّ!
ولكن شكرا ً لله فقد جاء السيد المسيح وانقرضت عبادة الحمار.
 

ava_kirolos_son

Տեր Հիսո
عضو مبارك
إنضم
24 فبراير 2009
المشاركات
3,441
مستوى التفاعل
63
النقاط
0
الإقامة
Տեր Հիսուս Քրիստ
مظاهر الاحتفال بملك الملوك


كانت عادة قديمة عندما يعود الملوك وقادة الجيوش من الحروب إلى بلادهم ظافرين: تضج المدينة بأصوات الفرح والتهليل، ويخرج الناس ليستقبلوهم بكل سرور، ويفرشون الأبسطة تحت أقدامهم، ويعدّون لهم المركبات المُزينة بالزهور وكل ما هو جميل.. وهذا ما قد حدث مع ملك الملوك.

لقد استقبلوا المسيح بكل حُب، حاملين في أيديهم سعف النخل، مُلقين تحت قدميه ثيابهم، وقد صرخوا بصوت رج المدينة، حتى الأطفال الأبرياء الذين لم يتلوّثوا بوحل الإثم والرياء كانوا يُرنّمون قائلين : " أُوصَنَّا لاِبْنِ دَاوُدَ " (مت15:21).



عادة فرش الثياب


في الواقع أنَّ عادة فرش الثياب وأغصان الشجر في الطريق أمام الزائرين، كانت متّبعة قديماً عند شعوب كثيرة غير بني إسرائيل.

فقد ذكر الرحَّالة الشهير " ابن بطوطة " * أنَّه في الهند (في جزر المالديف) تزوّج بأربع سيدات معاً، ويروي أنَّه من عادة أهل الجزر هناك وعددها ألف جزيرة، أنَّ العروس تفرش الطريق إلى بيت العريس بالقماش ثم تنتظره عند الباب، فإذا جاء ألقتْ بثوبها عند قدميه وكذلك كانوا يفعلون مع الذين يحترمونهم من الناس *




فرش الثياب في العهد القديم


وفي العهد القديم نجد أنَّ تقليد فرش الثياب قد انتشر بين اليهود، وكان يُشير إلى المحبة والطاعة والولاء، فالكتاب المقدس يذكر أنَّ الجموع فرشوا ثيابهم وأغصان الشجر وسعف النخل، أمام " ياهو " عندما نصّب نفسه ملكاً (2ملوك13:9).

وقد فعلوا ذلك أيضاً عندما دخل أورشليم، قائد ثورة المكابيين " سمعان المكابيّ "، بعد انتصاره على أنتيخوس أبيفانوس، الذي نجّس الهيكل، وذبح الخنازير على المذبح، وجعل أروقته مواخير للدعارة سنة (175ق. م).

وهذا ما حدث مع السيد المسيح عندما دخل أورشليم، فأنشدوا المزامير، وفرشوا الثياب، وحملوا سعف النخل، لأنَّ المسيح هو الملك السماوي الذي قد جاء لكي يُطهر الهيكل من نجاساته، وقد كان تطهير الهيكل تتمّة لنبوة ملاخي النبيّ القائلة: " وَيَأْتِي بَغْتَةً إِلَى هَيْكَلِهِ السَّيِّدُ الَّذِي تَطْلُبُونَهُ ِ" (ملا1:3)، وهكذا يُذكّرنا عيد الشعانين بدخول المسيح الانتصاريّ إلى أورشليم فهو إله ومعلم ومخلص، وكاهن وملك، يملك على قلوب المؤمنين بالحُب، فما أجمل أن نتبعه ونسير في خُطاه حسب وصاياه، ونهتف مع جموع المؤمنين: أُوصَنَّا في الأَعَالي مُبَارَكْ الآتي باسم الرّب " (مت8:21).

ويوضّح إشعياء النبيّ أنَّ تقديم الثوب إلى شخص آخر، يُشير إلى ترشيحه للرئاسة فيقول: " إِذَا أَمْسَكَ إِنْسَانٌ بِأَخِيهِ فِي بَيْتِ أَبِيهِ قَائِلاً: لَكَ ثَوْبٌ فَتَكُونُ لَنَا رَئِيساً وَهَذَا الْخَرَابُ تَحْتَ يَدِكَ " (إش6:3)، وبهذا يكون فرش الثياب في الطريق، إشارة إلى قبولهم أن يكون السيد المسيح رئيساً عليهم.

ومن الملاحظ أنَّ فرش الثياب يسبقه خلعها، وهذا يُشير إلى حياة الخطية، التي عرَّتنا وفضحتنا.. إلى أن جاء المسيح وكسانا بثوب بره، وهكذا ألقى اليهود بالثوب القديم لكي يتمتّعوا بالسيِّد المسيح نفسه، كثوب البرّ الذي يلتحفون به ويختفون فيه.

لقد نزعوا عنهم ثوب السجن مع يهوياكين الملك الذي سُجن (إر33:52)، حتى يستطيعواٍ أن يُجالسوا العريس ملك الملوك فيسمعوا مناجاته الخالدة: " مَا أَحْسَنَ حُبَّكِ يَا أُخْتِي الْعَرُوسُ.. وَرَائِحَةُ ثِيَابِكِ كَرَائِحَةِ لُبْنَانَ" (نش11:4) أمّا هم فيردّدون: " فَرَحاً أَفْرَحُ بِالرَّبِّ، تَبْتَهِجُ نَفْسِي بِإِلَهِي لأَنَّهُ قَدْ أَلْبَسَنِي ثِيَابَ الْخَلاَصِ، كَسَانِي رِدَاءَ الْبِرِّ مِثْلَ عَرِيسٍ يَتَزَيَّنُ بِعِمَامَةٍ وَمِثْلَ عَرُوسٍ تَتَزَيَّنُ بِحُلِيِّهَا " (إش10:61).

وتُشير خلع الثياب إلى الاستهانة بكل شيء من أجل المسيح: " إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضاً خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ " (في8:3)، وخلع الإنسان العتيق، لنلبس الجديد الفاخر المُزين بالفضيلة، فالمسيح هو اللؤلؤة الفريدة التي تستحق أن نبيع كل شيء لنقتنيها (مت46:13) وخلع المظاهر الخارجية، لتكون الحياة مع الله من الأعماق " مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ يَطْلُبُونَهُ " (مز1:129)، " مُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ " (2كو5:10).
كما تُشير إلى حياة الفقر الاختياريّ التي يرغبها الله، وقد عاشها المسيح على الأرض، إذ لم يكن له مكان يسند إليه رأسه، وعلى نهجه قد سار المؤمنون، الذين كانوا يبيعون بيوتهم وحقولهم وممتلكاتهم... ويأتون بأثمانها ويضعونها عند أرجل الرسل، فكان يوزع على كل واحد كما يكون له احتياج (أع 33:5، 34).

وعلى الصليب نرى التجرد كاملاً، فقد تعرى اللابس النور كرداء من لباسه بفرح عظيم، لكي يلبس أولئك الذين خرجوا من الفردوس عرايا، لأنَّه عرف أنها تصلح لآدم المفضوح المُعرى من ثيابه، وكل الذين عرّتهم الخطية من لباس النعمة الإلهية، فرب المجد لمّا رأى الإنسان تعرى من ثياب التواضع نزل من السماء متجسداً، وتعرى من ثياب مجده ليكسوه بتواضعه، ولمّا رآه عرياناً من ثمار المحبة غطاه برداء الحُب الإلهيّ!!




سعف النخل


كان سعف النخيل يُشير إلى النصرة، لهذا دعا " شيشرون Cicero" *إنسانًا قد نال جوائز كثيرة " رجل السعف الكثير "، ثم قال: لقد غلب السيد قوات الظلمة بموته، لهذا استحق أن يحملوا سعف النخيل أمامه *

ونحن لا نُنكر أنَّ كثيرين قد حققوا انتصارات كثيرة في حياتهم، ولكن ما هى انتصاراتهم لو قورنت بانتصار السيد المسيح قد انتصر على أقوى عدو عرفته البشرية ألا وهو: الشيطان؟ وإن كان المسيح قد ظهر على الصليب مهاناً كالضعفاء، مصلوباً كالمجرمين، وقد نُزفت دمائه كما نُزفت دعوته كما اعتقدوا.. إلاَّ أنَّه كما قال البابا أثناسيوس الرسوليّ: صنع بالضعف ما هو أعظم من القوة، وقد تجلت مظاهر هذه القوة: في هدم الشر متمثلاً في البدع والهرطقات والنجاسات.. بواسطة القديسين الذين سلكوا في العفة وقاوموا الشر كما نقرأ في سيرهم..

هذا وقد كتب القديس يوحنَّا الحبيب أنَّه رأى جمعاً كبيراً منتصراً كان سعف النخل في أيديهم فيقول: " بَعْدَ هَذَا نَظَرْتُ وَإِذَا جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ، مِنْ كُلِّ الأُمَمِ وَالْقَبَائِلِ وَالشُّعُوبِ وَالأَلْسِنَةِ، وَاقِفُونَ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الْحَمَلِ، مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ وَفِي أَيْدِيهِمْ سَعَفُ النَّخْلِ " (رؤ9:7).




يقول القديس أُغسطينوس


" سعف النخل شعار للمدح ويرمز للنصرة، فقد كان الرب قادماً للنصرة على الموت بالموت، وهزيمة الشيطان بصليبه الغالب ".
 

ava_kirolos_son

Տեր Հիսո
عضو مبارك
إنضم
24 فبراير 2009
المشاركات
3,441
مستوى التفاعل
63
النقاط
0
الإقامة
Տեր Հիսուս Քրիստ
تاريخ الاحتفال بالعيد


أعطت الكنيسة الجامعة الرسولية مكانة عظيمة لعيد دخول السيد المسيح أورشليم، إذ وضعته في المرتبة الأولى بين سائر الأعياد، وصارتْ تحتفل به منذ القدم أعظم احتفال، وتظهر أهمية هذا العيد في ختامه للصوم الأربعينيّ المقدس الذي يسبقه، وأيضاً أُسبوع الآلام الذي يلحقه.

ومن الممكن أن يكون " أحد الشعانين "، قد شكّل في مصر خلال (القرنين الثاني والثالث)، عيداً لنهاية الصوم الأربعينيّ.. دون علاقة مباشرة بأُسبوع الآلام *


وقد حفظ لنا مخطوط قديم بأورشليم، طقس قراءات أحد الشعانين من (القرن الرابع إلى القرن الخامس)، ومن خلال هذا المخطوط يظهر لنا أنَّ أحد الشعانين كان متعلقاً بأُسبوع الآلام ومتصلاً به كمقدمة أو كمدخل له*


هذا وخلال العقدين الأخيرين من القرن الرابع، ذهبت الراهبة (إيجيريه egeria) *لزيارة الأماكن المقدّسة، وبعد أن شهدت طقس أُورشليم، سجلت لنا في كتاباتها ما رأته بنفسها أقدم وصف عن مسيرة الشعانين، وإليكم بعض ما قالته:


" يجتمع المؤمنون عند الفجر في كنيسة القيامة، ومن هناك ينتقلون إلى كنيسة الجُلجُثة حيث تُقام خدمة الأحد العادية، ثم يقومون بطواف كبير في أوائل فترة ما بعد الظهر إلى جبل الزيتون حيث يُقيمون خِِدماً أُخرى، ومن ثمَّ ينتقلون حوالي الساعة الثالثة، إلى المكان الذي صعد منه المسيح ويُقيمون خدمة أُخرى، ومن هناك يتجهون حوالي الساعة الخامسة بعد الظهر إلى أورشليم حاملين السعف وأغصان الزيتون، ويُقيمون صلاة الغروب في كنيسة القيامة، ثم يعودون مُجدداً إلى كنيسة الجلجثة وينهون النهار بصلوات أُخرى " *

في (القرن الخامس) نجد أثر للاحتفال بأحد الشعانين، في أديرة مصر وسوريا، فالعديد من الرهبان كانوا يأخذون اذناً من رؤساء الأديرة لكي يدخلوا الصحراء الجوانية، ليتعبدوا فترة الصوم المقدس في عزلة تامة صارمة، فما أن ينتهي الصوم حتى يعودوا إلى أديرتهم في أحد الشعانين *

بعد ذلك الوقت انتشر طقس أورشليم انتشاراً سريعاً، فقبلته الكنائس الشرقية، وأصبح أحد الشعانين لها عيداً عظيماً يُحتفل به بكل فرح، إذ يستقبلون الملك الممسوح المنتصر، الذي يدخل مدينته (الكنيسة) لكي ينشر الحُب والسلام...

ويُقال أنَّ عيد الشعانين قد دخل مدينة (الرها)، أثناء تولّي الأسقف " بطرس " كرسيّ الأسقفية سنة (498م)، أو قبل ذلك على يد الأسقف " قورا " الذي سبقه*

وقد انتشر الاحتفال بعيد الشعانين في كنائس الشرق في (القرن الخامس)، حسب شهادة القديس ساويرس الأنطاكي (465- 538م) في ميمره رقم (125)، ودخلت عادة الطواف بالسعف في (القرن الثامن والتاسع) * وقد جاء ذِِكر الأغصان وتوزيع الزيتون في كتاب المدائح للقديس ساويرس الأنطاكيّ *
كما وضعت خُطب كثيرة عن هذا العيد لبرقلوس بطريرك القسطنطينية (434- 446م) وأُخرى لمار إفرام السريانيّ ويعقوب السروجيّ..






المراجع



* الأب بطرس المُخلَّصيّ - روعة الأعياد، بغداد 1984م، ص123.
* مخطوطة أورشليم رقم (121).
* راهبة أسبانية زارت القدس في الفترة ما بين (381- 383م)، وقد ذكرت في مدوناتها وصفاً لِِِما رأته من طقوس كثيرة منها عيد الغطاس وأحد الشعانين وأُسبوع الآلام وعيد الفصح..
* ترجمة النص منقولة عن كتاب معجم المصطلحات الكنسية، للراهب أثناسيوس المقاريّ، ج 2، ص 244.
- يمكن الرجوع إلى ترجمة أُخرى للأب لويس شيخو اليسوعيّ ، في مجلة " المشرق "، العدد (8)، ص340.
* Encyclopedia Britanica - history of palm sundy.
* الأب بطرس المُخلصيّ - روعة الأعياد، بغداد 1984م، ص123.
* مجلة صديق الكاهن، العدد (4)، السنة (6)، إبريل سنة 1954م.
* الأب بطرس المُخلصيّ - روعة الأعياد، بغداد 1984م، ص123.
 
أعلى