لماذا تأخر الله في تنفيذ وعده بالخلاص؟

The Dragon Christian

مستعدين لمجاوبه
عضو مبارك
إنضم
26 مايو 2010
المشاركات
2,390
مستوى التفاعل
237
النقاط
63
الإقامة
egypt
لماذا تأخر الله في تنفيذ وعده بالخلاص؟! لقد وعد منذ خطية أدم وحواء، بأن نسل المرأة سيسحق رأس الحية (تك 3: 15) وكان المقصود بنسل المرأة السيد المسيح الذي سيسحق رأس الحية أي الشيطان ومع ذلك مرت ألاف السنين والحية ترفع رأسها وتتحدى البشرية وتوقع الملايين في شرور كثيرة، بل وفي عبادة الأصنام! فلماذا تأخر الله في تنفيذ وعده طوال ذلك الزمان كله؟!·

والجواب هو أن الله لو قام بعملية الفداء في الأجيال الأولى للبشرية، ما كان الناس يفهمون الفداء، وما كانوا يدركونه. كان لابد إذن من إعداد البشر لفهم التجسد ولفهم الفداء. بل أيضاً ترسيخ ذلك في عقولهم، حتى إذا ما تم الخلاص بالفداء يمكنهم أن يدركوا معناه وهدفه اللاهوتي، ويؤمنوا به. فكيف حدث ذلك؟ فكرة الفداء والذبائح: الفداء هو أن نفساً تموت عوضاً عن نفس أخرى. نفساً بريئة غير مستحقة للموت، تموت بدلاً من نفس خاطئة تستحق الموت. والإنسان كان مستحقاً للموت بسسب عصيانه لله الذي قال له: يوم تأكل من تلك الشجرة موتاً تموت (تك 2: 17). ومن رحمة الله أراد أن يفديه. ولكن كان لا بد من تقديم الفكرة، وبتدريج طويل يثبت في ذهنه. فما هي الخطوات التي اتخذها الله لأجل هذا الغرض؟ 1- يقول الكتاب أن الإنسان لما أخطأ، بدأ يشعر بعريه، فغطى نفسه بأوراق التين. ولكن الله بدلاً منها " ألبسه أقمصة من جلد " (تك 3: 21). ومن أين هذا الجلد إلا من ذبيحة؟.. وهنا رسخت حقيقة في عقل الإنسان: أن الخطيئة تجلب العري والشعور بالخزي، بينما الذبيحة تغطي وتستر. 2- وإستمر تقديم الذبائح. فنسمع أن هابيل قدم قرباناً للرب " من أبكار غنمه ومن سمانها (تك4: 4). ولا شك أن فكرة تقديم الذبيحة قد أخذها هابيل عن أبيه أدم، وأدم عرفها من الله. والذي يتضح من ذبيحة هابيل هذه، أنها كانت أفضل ماعنده وأن الله قد قبلها.... 3- نلاحظ أن كل الذبائح قبل شريعة موسى كانت محرقات: أي أن النار تظل تحرقها حتى تتحول إلى رماد (لا 6: 9، 10) لا يأكل منها مقدمها ولا أحد من أصحابه، ولا الكاهن. بل تكون كلها للنار. والنار ترمز إلى العدل الإلهي. أي أن العدل الإلهي يأخذ حقه منها كاملاً... أبونا نوح أصعد محرقات علي المذبح من كل الحيوانات الطاهرة (تك20: 8) وابراهيم أيضاً قدم محرقة (تك13: 22). وأيوب أصعد كذلك محرقات (أى5: 1). 4- وكانت المحرقات لإرضاء الله الذي أغضبته الخطايا. لذلك لما أصعد نوح محرقاته قيل "فتنسم الرب رائحة الرضا.. وقال لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان" (تك 8: 21). 5- نرى معاني أخرى في ذبيحة الفصح (خر 12) التي كانت ترمز إلى المسيح (1 كو 5: 7). صدر حكم الله بالموت على جميع الأبكار. وكان الملاك المهلك سيمٌر ويضرب كل بكر "من إبن فرعون الجالس على عرشه إلى بكر الأسير الذي في السجن" (خر 12: 29) وأراد الله أن يخلص أبكار بني إسرائيل، فأمرهم أن يذبحوا خروف الفصح، ويرشوا من دمه على أبوابهم. ووعدهم قائلاً " ويكون لكم الدم علامة على البيوت، فأرى الدم وأعبر عنكم " (خر 12: 13) وهكذا دخلت في أذهانهم هذه الحقيقة الهامة وهي: الخلاص بالدم، من الموت والهلاك. ورسخت هذه الحقيقة بمرور الأجيال، إذ أصبح الفصح عيداً يعيدونه كل عام بقول الرب لهم "ويكون هذا اليوم تذكارا، فتعيدونه عيداً للرب في أجيالكم فريضة أبدية "(خر 12: 14). وأصبح رمزاً للخلاص بدم المسيح. ولذلك ليس غريباً فيما بعد أن يقول القديس بولس الرسول " لأن فصحنا أيضاً المسيح قد ذبح لأجلنا، فلنعيد.. " (1 كو 5: 7). وارتبط الفصح بالدم. 6- وأدخل الرب في أذهانهم فكرة هامة وهي الكفارة. ففي كل الذبائح التي رتبها موسى لهم لمغفرة خطاياهم كانت تتكرر عبارة " الكفارة": سواء ذبيحة المحرقة (لا 1: 4)، أو في ذبيحة الخطية (لا 4: 20، 26). أو في ذبيحة الإثم (لا5: 6،22)، أو في يوم الكفارة العظيم (لا 16) للتكفير عن خطايا الشعب كله (لا16: 17، 19) وذلك للتقديس والتطهير والصفح عن الخطايا والنجاسات. ولذلك ليس غريباً أن قال القديس يوحنا الرسول فيما بعد: " وإن أخطأ أحد، فلنا شفيع عن الآب يسوع المسيح البار. وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كل العالم أيضاً " (1يو2: 1،2) (1يو4: 10). ولإرتباط دم الذبيحة بالمغفرة، قال القديس بولس مبداً هاماً هو: " بدون سفك دم لا تحصل مغفرة " (عب 9: 22)، حسب الناموس. إذن كل تلك الذبائح كانت إعداداً للشعب، لفهم مباديء الكفارة والفداء وغفران الخطايا بالدم، ولذلك كان مقدم الذبيحة يضع يده على رأس الذبيحة ويقر بخطاياه (لا5: 5). فتحمل الذبيحة خطاياه عنه، وتسمى الحمل. وهكذا قال يوحنا المعمدان فيما بعد عن المسيح " هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم " (يو1: 29) 7- وبمرور الأجيال أصبح اليهود ينتظرون هذا المخلص. حتى ظهر هذا المعني في أسماء بعض أنبيائهم مثل (يشوع) بمعني مخلص. ومثل أشعياء، وهوشع بمعني الله يخلص. وإرتبط هذا الخلاص عندهم بانتظار المسيا أو المسيح. حتى أن السامريين لما تقابلوا مع السيد المسيح، قالوا " نؤمن... ونعلم أن هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم " (يو4: 42). ولم يكتف الرب بتقديم هذه الرموز عن الذبائح وغيرها، بل قدم لهم أيضاً نبوءات عن هذا المسيح المخلص وعمله وصفته: أعدهم بالنبوءات: - ¬ منها ما ورد في سفر أشعياء " ها العذراء تحبل وتلد إبناً وتدعو إسمه عمانوئيل " (إش 7: 14). وأيضاً " لأنه يولد لنا ولد ونعطي إبناً. وتكون الرئاسة علي كتفه. ويدعي إسمه عجيباً مشيراً، إلهاً قديراً، أباً أبدياً رئيس السلام.. علي كرسي داود " (إش 9: 6، 7). ¬ وعن آلامه وفدائه وحمله خطايانا، قيل أيضاً في سفر أشعياء النبي: " وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا... كلنا كغنم ضللنا، ملنا كل واحد إلي طريقه. والرب وضع عليه إثم جميعنا " (إش53: 5، 6). وقيل أيضاً " أما الرب فسر أن يسحقه بالحزن " "جعل نفسه ذبيحة إثم " " وأحصى مع أثمه " (أش53: 10، 12). ¬ وقال عنه داود النبي في المزامير " ثقبوا يدى وقدمى، وأحصوا كل عظامي... يقسمون ثيابي بينهم، وعلي لباسي يقترعون " (مز22: 16-18). قال هذا عن السيد المسيح. وقال عن خيانة يهوذا له " الذي أكل خبزي، رفع علي عقبه " (مز41: 9). ¬ وما أكثر النبوءات في المزامير وكتب الأنبياء وغيرها. هذه التي قال عنها لتلاميذه بعد القيامة "إنه لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسي والأنبياء والمزامير.." (لو24: 44،27) ¬ حتى ميلاده في بيت لحم، نرى في قصة المجوس، إنه لما سأل هيرودس الكتبة أين يولد المسيح قالوا له: "في بيت لحم اليهودية. لأنه هكذا مكتوب بالنبي.. " (مت2: 4-6). ¬ كل ما يتعلق بالمسيح المخلص أعده الله في أذهان الناس برموز ونبوءات، يمكن أن تقرأ تفاصيل عنها في كتاب معروف مثل (المسيح في جميع الكتب). ويتحقق بها الناس أنه هو المسيح. إعداد الأشخاص: - انتظر الرب حتى أعد فهم الناس للفداء والكفارة والذبيحة، وحتى أعدهم أيضاً بالنبوءات. وانتظر أيضاً حتى أعد الشخصيات التي تعاصر الميلاد، وتشترك في تأدية الرسالة. ¬ انتظر حتى تولد العذراء القديسة التي يولد منها المسيح المخلص. العذراء الطاهرة التي يمكن أن تكون أماً لرب المجد و فتحبل به وترضعه بعد ميلاده، ويعيش في كنفها في فترة طفولته. العذراء المتولضعه التي تحتمل مجداً كهذا، بكل ما فيه من ملائكة ورؤى ومعجزات، وتحتمل أن جميع الأجيال تطوبها (لو1: 48). كانت صفة التواضع لازمة لإحتمال ذلك المجد، وهكذا " تبتهج روحي بالله مخلصي لأنه نظر إلي إتضاع أمته ". (لو1: 47، 48) ¬ وانتظر الرب حتى يولد المعمدان، الملاك الذي يهيئ الطريق قدامه (مر1: 2) الذي يشهد قائلاً يأتي بعدي من كان قبلي، من هو أقوى مني. الذي لست أنا أهلاً أن أحل سيور حذائه " (مت3: 11) (يو 27: 1). والذي يقول " لست أنا المسيح، بل أنا مرسل أمامه.. ينبغي أن ذاك يزيد، وأني أنا أنقص. الذي يأتي من فوق، هو فوق الجميع. الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع " (يو3: 28_31) ¬ وانتظر الرب الوقت الذي تكمل فيه جوقة الإثني عشر وباقي الرسل والتلاميذ أولئك الذين يحملون رسالته إلي العالم أجمع، وإلي أقطار المسكونه تبلغ أصواتهم، الذين يكرزون به قائلين "ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس " (اع5: 29) " أما نحن فلنا فكر المسيح" (1كو3: 16). ¬ وانتظر حتى يوافق وجود هؤلاء، وجود الكتبة والفريسيين وكهنة اليهود الذين يسلمونه للموت حسداً، ووجود يهوذا الذي يخونه وكذلك والٍ روماني جبان، يحكم عليه خوفاً من اليهود. ¬وانتظر الرب حتى توجد لغة عالمية تساعد علي انتشار الكرازة هي الغة اليونانية، التي ترجم إليها العهد القديم (اللغة السبعينية) مما يساعد علي إنتشار النبوءات والرموز. وكذلك حكم الرومان الذي بدأ من سنة 30ق.م. وانتشرت به الطرق الرومانية التي تساعد علي انتقال الرسل.. ولما كمل كل هذا انطبق قول الرسول. " ولكن لما جاء ملء الزمان، أرسل الله ابنه مولوداً من إمرأه تحت الناموس، ليفدى الذين تحت الناموس، لننال التبني " (غل4: 4، 5). حقاً إن الله يفعل كل شئ في حينه الحسن، في ملء الزمان، حينما يصير كل شئ ممهداً حسب وفرة حكمته. إنه لا يتأخر ولا يسرع. وإنما " لكل شئ زمان، ولكل أمر تحت السموات وقت " (جا3: 1). فلما جاء الوقت، نفذ الله وعده بالخلاص.
 
أعلى