الختان «خَتْمًا» لِبرِّ الإيمان

amselim

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
13 يناير 2009
المشاركات
1,981
مستوى التفاعل
38
النقاط
0

قَبْلَ أن يُقدِّم إبراهيم سجوده المقبول لله (تك 18: 2؛ 22: 5)، كان الرب قد أعطاه أولاً عهد الختان (تك 17: 9-14). وما معنى هذه العملية؟ معناها وضع حكم الموت على الإنسان في الجسد؛ معناها موت الجسد قدام الله، والكفّ عن العمل بموجب استحسانات ومتطلبات الطبيعة البشرية. وكل عضو من عائلة الإيمان - بدون استثناء - كان يجب أن يحمل في جسمه سمة ذلك العهد (تك17: 12، 13).
وهكذا كان الختان «خَتْمًا» لِبرِّ الإيمان لإبراهيم (رو4: 11)، أما الختم الموضوع على المؤمن الآن فليس مجرد علامة خارجية في الجسد، بل «رُوحَ اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاءِ» (أف4: 30 أنظر أيضًا أف1: 13، 14؛ 2كو1: 21، 22). والختان الحقيقي هو «َخِتَانُ الْقَلْبِ بِالرُّوحِ ... الَّذِي مَدْحُهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ بَلْ مِنَ اللهِ» (رو2: 28، 29). وهذا الخَتم مؤسَّس على اتحاد المؤمن بالمسيح في الموت والقيامة «خِتَانًا غيرَ مَصنُوعٍ بيدٍ، بِخَلع جِسْمِ (خطايا) البَشَرِيَّة، بِخِتَانِ المَسِيحِ (أي بموت المسيح)» (كو2: 11). فكل مؤمن حقيقي بالمسيح هو من الختان روحيًا.
وفى رسالة فيلبي3: 3 يقول الرسول «لأَنَّنَا نَحْنُ الْخِتَانَ (أي المؤمنين الحقيقيين)، الَّذِينَ نَعْبُدُ اللهَ بِالرُّوحِ، وَنَفْتَخِرُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، وَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى الْجَسَدِ». وهكذا يعرض الرسول بولس ثلاث خصائص للذين يشكلون الختان الحقيقي:
(1) «نَعبُدُ اللهَ بالرُّوحِ» أو «نسجد بروح الله» أي أن عندنا القوة للسجود الحقيقي؛ روح الله: والسجود بالروح ليس هو عبادة تقوم على النطق بعبارات مخصوصة أو تكرار طقوس معينة، فهي ليست شكلية ولا جسدية، فالسجود الحقيقي يفيض من ذاته في القلب، من التـأمل البهيج في المسيح، حين يأخذ الروح القدس مما له ويُخبرنا، فتنشغل قلوبنا بشخصه، وتفيض منها ينابيع المدح والتسبيح.
إن الروح القدس هو القوة والنشاط والمصدر الحيّ الوحيد لكل سجود صحيح وعبادة حقيقية، وحيث أن المؤمنين وحدهم - وليس سواهم - هم الذين لهم روح الله (رو8: 9؛ 14-16)، فهم وحدهم الذين يستطيعون أن يسجدوا في الروح أو بروح الله (في 3: 3). وهكذا أيضًا فإن سجودنا يتأثر إلى حد كبير بما يُحزن الروح القدس من سلوك مستهتر غير مدقق (أف4: 30)، أو بما يُطفئ الروح القدس من سلوك بحسب النظام والاستحسان البشري (1تس5: 19).
(2) «ونَفْتَخِرُ في المسيح يسوعَ» أي أن لنا غرض السجود الروحي، المسيح يسوع: إن الختان الحقيقي يفتخرون في المسيح يسوع، فهو وحده محط اعتزازهم. إنهم لا يتباهون بإنجازاتهم الشخصية، ولا بخلفيتهم الثقافية، ولا بأمانتهم في حفظ الفرائض والطقوس الدينية (في3: 4-11)، إنهم لا يفتخرون إلا بشخص الرب يسوع المجيد. والنعمة والحق اللذان أضاءا في تواضعه لمّا كان على الأرض، يتحدان مع مجد رفعته الفائق الآن في السماء، فتخرّ كل نفس عند قدميه ساجدة متعبِّدة لذاك المجيد الحاضر في وسطنا ليتقبل سجودنا وحمدنا.
(3) «لا نتَّكِلُ على الجَسَد» أي أننا لا ننسى أن فينا عائقًا يعوق عبادتنا بالروح والحق، أعني به الجسد الذي هو ضد الروح القدس (غل 5: 17): فنشاط الجسد يعوق العبادة والسجود. وأعمال الجسد ومشاعره وأفكاره في عبادة الرب تهدم قبولها لديه. ورائحة الموت الكريهة تنبعث من كل ما يصدر عن الإنسان الطبيعي، ولذلك يجب أن يكون «لَنَا فِي أَنْفُسِنَا حُكْمُ الْمَوْتِ، لِكَيْ لاَ نَكُونَ مُتَّكِلِينَ عَلَى أَنْفُسِنَا بَلْ عَلَى اللهِ الَّذِي يُقِيمُ الأَمْوَاتَ» (2كو1: 9). وهكذا يجب أن نتخلى عن كل ثقة في الذات والجسد حتى لا يُعاق قبول سجودنا.
 

amselim

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
13 يناير 2009
المشاركات
1,981
مستوى التفاعل
38
النقاط
0
اشكرك النهيسى اتقديرك للموضوع

الرب يباركك
 
أعلى