الآخـــــــــــــــــــــــــر

مخلص تادرس

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
30 ديسمبر 2005
المشاركات
370
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
مع المسيح


:smile02 من هو الآخر؟.:gun

:gun: ما علاقتك بالآخــر؟:gun:



الآخرهو كل إنسان غيرك. فما هى علاقتك إذن بالآخر؟

حينما خلق الله أبانا آدم، خلق له كائنا آخر هو أمنا حواء.

وكانت علاقة كل منهما بالآخر علاقة حب وتعاون, نضعها كمثال طيب أمامنا. فلم يحدث فى يوم من الأيام أن اختلف أحدهما مع الآخر.

إنما عاشا متزاملين ومتلازمين، يقطعان غربة العمر معا.

يقطفان الورد معا، وقد يجرحان من الشوك معا...

ثم كانت أول مأساة مع الآخر، فيما قاساه ابنهما هابيل من أخيه الذى قام عليه وقتله. فكان المثال الذى علينا ان نتحاشاه.

*****

وبمرور الوقت اتسعت دائرة الآخر فى الحياة: من العلاقة بين فرد وفرد، إلى العلاقة فى محيط الأسرة، ثم القبيلة. وتطورت إلى العلاقات فى البلد الواحد، إلى الوطن الواحد. وأخيرا إلى العالم كله، الذى نشأ من أسرة واحدة. فكيف يكون إذن التعامل مع هؤلاء؟ ولنبدأ بالتعامل مع الفرد، فنقول :

هل أنت تحترم الآخر أيا كان، كأنسان؟ هل نتعاون معه؟

هل تساعد الآخر؟ هل تجده؟ هل أنت على استعداد أن تبذل نفسك لأجل الآخر، وتضحى من أجله بكل شئ ؟

اعلم أنه حسب نوعية التعامل مع الآخر، يكون مقياس حضارة الإنسان، فالإنسان المتحضر يكون سهل التفاهم مع الآخر، يأخذ ويعطى معه فى مودة ويسر، ولا يسرع إلى الخلاف ...

*****

ما أجمل ما قاله احد الحكماء" ماعاش من عاش لنفسه فقط".

إنها الانانية او الانغلاقية، حيث يتمركز الشخص حول نفسه، ولا يخرج منها ويندمج مع الآخر . وهذا الاندماج هو البذرة التى يتكون بها المجتمع. وعلى العكس هناك من يرون انهم لا يستطيعون ان يعيشوا بدون الاخر.. بل كل نشاطهم هو من اجل الاخر، وكل مواهبهم هى من اجل الآاخر. وفى هذا يقول الشاعر إيليا ابو ماضى:

ياصديقى انا لولا انت ما غنيت لحناً

كنت فى قلبى لما كنت وحدى اتغني

وإن كانت هذه هى كلمات شاعر، وخواطره ومشاعره والحانه، فإنها ايضاً هى علاقة الكاتب مع الاخر، اعنى مغ القارئ..

وكأن الكاتب يقول للقارئ. بلغة إيليا ابو ماضى: انا لولا انت ما كنت أكتب!إذ اننى من اجلك اكتب ، حيث يختلط فكرى بفكرك، ويصير لنا فكر واحد، وليس اخر. فانت هدفى، وانا وسيلتك. وانت اذنى، وانا فمك .وكلانا واحد. وحقاً ماذا تكون جدوى كلماتى من غيرك؟! إنها لا شئ!

نفس الامر مع كل من يعمل عملاً، هو لغيره، او نتيجته لغيره.. فالبائع لا شئ، ان لم يوجد المشترى. والمتكلم لا جدوى لكلامه، ان لم يكن هناك الذى يسمع. والراعى لا صفة له، ان لم تكن هناك رعية. والمعلم ما هدفه، إن لم يكن هناك من يتلقى عليه العلم. وهكذا دواليك.وفى كل هذه الامثلة تظهر اهمية الاخر..

*****

نقطة اخرى فى علاقة الانسان بالاخر، وهى:

إن الإنسان الواسع القلب، لا يزاحم الآخر فى طريق الحياه.. بل هو فى سيره، يفسح طريقاً لغيره. يفسح له الطريق ليعبر، او لكى يسير معه فى نفس الطريق. إنه لا يتعالى على الآخر، ولا يتفاخر، وهدفه ان يلتقيا ولا يتباعدا. وأتذكر أننى كتبت عن ذلك فى إحدى قصائدى منذ زمن بعيد.

قل لمن يجرى ويعلو شامخاً

ياصديقى قف قليلاً وانتظرنى

نحن صنوان يسيران معاً

إنا فى حضنك مل أيضاً لحضنى

قل لمن يعتز بالألقاب إن

صاح فى فخره: من اعظم منى؟!

أنت فى الاصل تراب"تافــــــــــــه"

هل سينسى اصله من قال انى..؟!

*****

ياأخى اعرف جيداً فى صراحة كاملة:

انه كلما ازدادت(الأنا) عندك، حينئذ يختفى الاخر فى مقاييسك حيث تقول: من الذى يعيش ويظهر، وينمو وينتشر: انا أم الآخر؟ وحيث يقول البعض: إذا مت عطشان، فلا نزل المطر!! او تقول : فلأكن أنا المنتصر على الدوام، وغيرى المهزوم..!

الدنيا هى دنياى انا، خلقها الله لى، لكى أعيش !! وتنسى أن الله تبارك اسمه، قد خلق الدنيا للكل، والكل رعاياه وموضع اهتمامه.

لماذا تطلب ان يختفى الآخر لكى تظهر انت؟ ألا يمكن لكما ان تعيشا معا؟ حقاً إن عمق الاهتمام بالآخر يكمن فى انكار الذات، وإيثار الغير على النفس. بينما اهمالك للآخر لون من الأنانية..

*****

يااخى، لماذا يكون قلبك ضيقاً، فلا يتسع للآخر؟!

ولماذ. إذا ما اتسع قلبك. فإنما ينفتح لنوعية خاصة من الناس ، بينما ينغلق امام الاخرين؟! لماذا تخسر الاخر؟!

ليتك تستمع الى سليمان الحكيم حينما "رابح النفوس حكيم"..

على ان أسمعك وأنت تهمس قائلاً:"ولكن فلانا لست اتفق معه، طبعى لا يتفق مع طبعه، وفكرى لا يتمشى مع فكرة". هنا وأرانى مضطرا أن اردد عبارة جميلة قالها القديس يوحنا ذهبى الفم، وهى: "من لم توافقك صداقته، لا تتخذه لك عدواً".

لذلك نصيحتى لك، لا توسع دائرة اعدائك. فليس هذا من الصالح لك ولا لغيرك..

*****

وهنا أسأل : إذا اختلف معك الآخر فى الرأى، هل تحول ذلك الى خلاف فى القلب ايضا؟!

وهل حينئذ تهاجم الآخر، وتعاديه، وتحقرة، وتشهر به؟!ً ام تحاول ان تلتقى به وتتفاهم؟ وإن التقيت معه فى حوار، أيكون حوارا هادئاً، ام ساخنا، ام ملتهبا؟ أم حوارا يسوده الاحترام والمودة؟

وهل يكون هدفك من الحوار ان تنتصر على الآخر، وترغمه على قبول رايك؟ وهل حوارك ليس للتفاهم، انمالاثبات شخصيتك، وتثبيت فكرك؟ وهل يؤول حواركما حينئذ إلى مزيد من التباعد فى الرأى والقلب؟!

يا صديقى، هل تؤمن بحرية الرأى؟ وبالتنوع والتعدد فى الأفكار؟ وهل يظهر ذلك فى تعاملاتك؟ أم انك تعمل على الغاء شخصية الآخر!! فإما أن يوافقك، أو تطرحه بعيدا عنك. ويتحول التنوع إلى خلاف، ويتحول الخلاف إلى قتال ويؤول القتال الى عداوة ، تحتد وتشتد!!

*****

فى الزواج مثلا: لماذا يحدث الطلاق احياناٍ؟ أليس السبب هو نفس الإشكال؟ أنا أم الآخر؟!

بينما الحكمة فى الزواج، أن يصير الزوجان واحدا، لا أن يكونا واحدا وآخر..! وهكذا عن باقى أفراد الاسرة والأقارب، حيث يقول الواحد منهم عن قريبه: إنه لحم من لحمى، وعظم من عظامى. إنه دمى، وليس اخر...

وبالحب، يتسع نطاق أسرتك، حتى يشمل المجتمع كله. ولا تقول عن فرد منه إنه آخر. بل هذا المجتمع هوذاتك الكبرى، وليس آخر..! عندئذ يتحول العالم كله إلى أسرة كبيرة متحابة، يتحدثون فيها عن التعاون الدولى، والمؤسسات الدولية، وما إلى ذلك.

*****

لهذا كله، ينبغى على كل منا أن يتدرب على محبة الآخر. فالعلاقة مع الآخر كلما ازدادت قربا تتحول إلى وحدة. وأتذكر أننى سئلت مرة عن الوحدة الوطنية فقلت:

يا أخى المواطن: حينما أنظر إلى نفسى فأراك، وأنظر اليك فأرانى، وكأننى أنظر فى مرآة، وكأننا زوج واحد فى جسدين، عندئذ تكون هذه هى الوحدة الوطنية...
 

mero_engel

بنت المسيح
مشرف سابق
إنضم
18 سبتمبر 2007
المشاركات
13,193
مستوى التفاعل
262
النقاط
0
الإقامة
في حضن يسوع
رد: الآخـــــــــــــــــــــــــر

ينقل لقسم الاجتماعي
 
أعلى