لم يبتسمْ الشيخُ يوسفُ عندَ مماتِه، بل ابتسم بعد موتِه.“

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
smilekj.jpg




حالما رقدَ الشيخ، سارعَ الراهبان، اللذان كانا يخدمانِه في منسكِه غير البعيد عن الدير، ليخبرا رئيسَ الديرِ إفرام والأخويّة، دون أن يدركا أنهما لم يغلقا فم الشيخ الراقد سارع الآباء ليجهّزوا الجسد للدفن.
حسب التقليدِ الرهبانيّ، لا يغطّى وجهُ رئيسِ الديرِ عندَ تجهيزِه للدفنِ، ويُبقون يدَه اليُمنى خارجَ الكفن لتتبارك منهاالأخويّةُ قبل الدفن. أمّا الراهب فيكفّنونه بالكامل.ومع أنَّ الشيخ يوسف راهب بالإسكيم الكبير، أعطى رئيسُ الدير إفرام تعليماتِه للرهبان بألاّ يغطوا وجهه ويُبقوا يدَه خارجَ الكفنِ إذ هو رئيسٌ سابقٌ ومؤسِّسُ الأخويّة حاولَ الآباءُ إغلاقَ فمِه ولكن فاتَ الأوان فالفم بقيَ مفتوحًا فترةً طويلةً وصارَ مستحيلاً إغلاقُه حتّى إنَّ الآباء ربطوا شريطًا قماشيًا حول الرأس ليبقوا الفمَ مغلقًا ولكن حالما نزعوه انفتح من جديد مرَّت خمسٌ وأربعون دقيقة على رقادِه
سأل الرهبانُ الرئيس: ييروندا، لا يبدو لائقًا فاتحَ الفم، ماالعمل؟
أجاب الرئيس: أُتركوه كما هو. وأصرَّ بألاَّ يغطّوا الوجهَ
لفَّ الرهبانُ أخيرًا الشيخَ بالمنتيّة وقاموا بخياطتِها. استمرّ هذا العملُ حوالي ال 45دقيقة.
ثمَّ وحسب تعليمات الرئيس قصّوا المنتيّة عند الرأس. ويا للعجبِ ولدهشِ الجميع، تعابيرُ وجهِ الشيخ تغيّرت بكاملِها! فمُه صارَ مغلَقًا بالكلّيةِ! وظهرتَ ابتسامةٌ على وجهِه
الشيخ يوسف
اسمه آسيموس بحسب العالم. وُلد في ذروسيا،قريةٍ صغيرةٍ في مقاطعةِ بافوس )في اليونان) في الأوّلِ من تمّوز عام1921 أمُّه إفجانيا وضعتْ طفلَها الصغير وهي ما تزال في شهرها السابع،في دير القدِّيسين العادميِ الفضَّة في غولو، في يوم عيدِهم. ظنت أمُّه أنَّ الولد ميتٌ، لكنَّه عاش. أخذ الطفلُ اسمَ سقراط في المعموديَّة.كبُر سقراط الصغير في عائلةٍ مزارعة، عائشًا هكذا منذ الطفولةحياةً قاسية. بالكادِ استطاعَ أن ينهيَ الصفَّ الرابعَ الابتدائيَّ، لأنّه كان ضروريًّا للأعمال الزراعيَّةبقي في قريته إلى عمر الخامسة عشرة.سنة 1936 ، وبدعوةٍ إلهيَّة، غادرَ إلى دير ستافروفوني المقدَّس ببركةِ أهله. هناك صُيِّر راهبًا لابسَ الجبَّة بإسم صُفرونيوس. بقي في الديرِ عشرَ سنوات، وبإيعازِالشيخِ كبريانوس، الأبِ الروحيِّ للدير وبركتِه، إنتقلَ للعيشِ في الجبلِ المقدّسِ آثوس بعد زيارة قصيرة للأماكن المقدَّسةفي بدايات عام1947 استقر في إسقيط القديسة حنَّة عند بعض مواطنيه الذين كانوا ينسكون هناك، ولكن في الصيف من العام ذاته تعرَّف بالشيخ المغبوط يوسف الهدوئيّ في قلايَّة السابق المجيد التابع لإسقيط القدّيسةِ حنَّةَ الصغير، لبسَ الإسكيمَ الكبير متَّخذًا اسم يوسف، في سبت لعازر ( 11 نيسان) سنة 1948 . في 1951 انتقلت الأخويَّة إلى القلالي الهدوئيَّة في الإسقيط الجديد حتى 1959 . ثمَّ انتقل إلى القسم الصحراوي من الإسقيط الجديد حيث بنى بيديه قلايةً جاهد فيها ثماني سنوات أُخروفي1967 سكن في قلاَّية بشارة والدة الإله الضيِّقة، وبعد دعوة وجَّهها إليه البطريرك المسكونيّ السيِّد ديمتريوس، وحثِّ آباء دير كوتلوموسيُّو المقدَّس، غادرشيخنا يوسف من الإسقيط الجديد سنة 1974 وتسلَّم الأبوَّةالروحيَّة للدير، حيثُ بقي حتى عام 1977ثم انتقل إلى قبرص بعد الأخذ بنصيحة الشيخ باييسيوس المغبوط وسكنَ في ديرِ الصليبِ المكرَّم في، مينثيس. في الخامس والعشرين من شهر آذار سنة 1978جرى تنصيبُه رئيسًا للدير. في السادس والعشرين من تشرين الأول سنة 1981رجعَ إلى الجبل المقدَّس مع أخويَّته وسكن في قلاّية بشارة والدةِ الإلهِ التابعةِ لديرِ سيمونوس بيتراس في كابسالا حتى الثالث والعشرين من شهر نيسان سنة 1982 ، ومن ثمَّ عاد مجدَّدًا إلى دير كوتلوموسيُّو المقدَّس. في آب من سنة 1983 عاد ليعيش من جديد في قلاية بشارة والدةالإله في الإسقيط الجديد. هناك ازدادت أخويَّته وفي الثالث والعشرين من شهر نيسان سنة 1987وبعد دعوة آباء ديرالفاتوبيذي المقدَّس، جاء إلى الدير مع قسم من أخويَّتِه.في التاسع والعشرين-السادس عشر (بحسب التقويم الشرقي) من شهر نيسان عام 1990 ، تأسست أخوية الدير وتمَّ انتخابُ أوَّلِ رئيسٍ للدير، الأرشمندريت أفرام.ولكنَّ الشيخ يوسف بقي الأبَ الروحيَّ لدير الفاتوبيذي إلى. يوم رقاده، في الأول من تموز سنة 2009 تابع شيخنا يوسف عمله الروحيَّ الذي تسلَّمه من شيخه،وعاش حتى آخر حياته كهدوئيّ. طردَ العجب. لم يطلب مدائحَ عالميَّة ولا أمجادكان يقبل بتواضعٍ، وبتسامحٍ ورضىً كلَّ احتقارٍ واستخفاف، والتعييرات والوشايات. كانَ قلبُه رحيمًا شفوقًا يسعُ الجميعَ ويسامحُ الكلَّ، لأنَّه كان يسعُ المسيحَ في داخلِه.في الكتب الستة عشرة التي تركها لنا كميراث روحيّ، يكتب ويشرح مواضيع عمليَّة ونظريَّة. يحاول أن يقود رهبانًا وعلمانيين إلى المسيح ويحثَّهم على ”الجهادالحسن“. كان يشدّد بشكل خاصٍّ على لجَّة مالخاطئ. يُظهر أخطارَ ضلالات العدوِّ الأبديّ للإنسان،ضلالَ الشيطان، ويتطرَّقُ بشكلٍ خاصّ إلى إحباطِ العزيمة التي يستخدمها الشرّير كثيرًا في أيَّامنا هذه. كان يتكلَّم بشوق عن وصايا الله، عن التبنِّي وتألُّهِ الإنسانِ الذي يبدأ المؤمنون الحقيقيّون يتذوَّقونه من هذه الحياة الحاضر،ولكنَّ الملءَ يُعطى لهم في الدهر الآتي .هذه الصالحاتُ السماويَّةُ التي يقولُ عنها الرسول بولس : ”ما لم تره عينٌ ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على قلب بشرٍ، ما أعدَّه الله للذين يحبُّونه (1 كور 2:9) كلنا ثقة أنَّ الشيخَ المغبوط يتمتَّع الآن بها
فلتكن صلواتُه معنا
 
أعلى