سُكنى الروح القدس في القلب هو الطريق الملوكي للتوبة لا توبة بدون الثالوث

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
سُكنى الروح القدس في القلب هو الطريق الملوكي للتوبة
لا توبة حقيقية بدون الثالوث
(كلمة للقديس الأب صفرونيوس)


عطية الله لنا يحرسها الصوم والصلاة، وقراءة الكتب الإلهية، والشركة في السرائر المقدسة، هذه العطية لا تأتي من الصوم أو الصلاة أو أي ممارسة نسكية، بل تأتي من الثالوث ( القدوس ) نفسه: من الآب بواسطة الابن وبنعمة الروح القدس. ولذلك قال الآباء لنا : لا توبة حقيقية بدون الثالوث .

حذّر الإخوة (1) من كل تعليم غريب يَرُدَّ التوبة إلى توحيد الغنوصيين؛ لأننا بدون الثالوث لا نصبح أبناء الله، بل أبناء الجسد. وبدون الثالوث لا شركة لنا في الحياة الإلهية؛ لأننا إن لم نأخذ الروح القدس نموت إلى الأبد؛ لأن الموت يجعل الحياة التي فينا تجف، بل وتفنى؛ لأننا لا نملك – حسب طبعنا المخلوق من العدم – أن نحيا إلى الأبد .

ومع أن الذي ذكرته لك لا يكفي، إلاَّ أننا نحتاج معاً أن نتأمل تدبير الله الذي أعد لنا طريق الحياة في يسوع المسيح، وثَّبته فينا بالابن وبالروح القدس .

كان تجسُّد ابن الله هو بداية البشارة بالحياة، إذ أعدَّ الروح القدس الهيكل الإنساني الذي سكن فيه الابن المتجسَّد ربنا يسوع المسيح. ولم تكن مجرد سُكنى، بل حلول واتحاد معاً حسب كلمات الأمانة المقدسة: " لاهوته لم يفارق ناسوته لحظةً واحدةً ولا طرفة عين "؛ لأن الرب يسوع لم يكن إلهاً في أوقات معينه، وإنساناً في أوقات أخرى، بل هو الإله المتجسد ابن الله المتحدّ بالطبع الإنساني إلى الأبد، والذي فيه تمجدت الطبيعة الإنسانية بغنى مجد اللاهوت .

من هنا تبدأ التوبة، أي من تجسُّد ابن الله الذي غرس التواضع كأساس الشركة. تواضع المحبة لا تواضع القوة؛ لأنه " بالضعف قد غلب الموت، وبالتواضع أباد الكبرياء، وبالمحبة ردَّ لنا الحياة ".
هذا هو معنى الالتصاق بالرب يسوع؛ لأن التوبة تبدأ بتواضع المتجسد الذي لم يلجأ إلى وسائل القوة لكي يغلب، ولم يجعل القوة طريقة، بل " أخلى ذاته " .
وهذه هي عثرة التجسُّد، وبعدها جاءت عثرة الصليب، أي بذل الحياة لمن لم يطلب، ولأجل من لا يستحق، أي عن الجنس البشري الذي صَلَبَ رب المجد. وقد سبق البذل إخلاء الذات، وكَمُلَ إخلاء الذات بالموت، ولذلك نقول إنه بالضعف داس الموت وهدم حصن الموت المنيع بموته على الصليب. ومن هنا تبدأ التوبة بالتواضع وإخلاء الذات والبذل وجحد القوة .

رسالة الأب صفرونيوس إلى تلميذه تادرس
عن المئوية الأولى في التوبة
67- 69 صفحة 23 - 24
مترجم عن المخطوطة القبطية


__________
(1) الكلام موجة للأب تادرس تلميذ الأب صفرونيوس
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
الروح القدس يردنا إلى التوبة

ونحن نلاحظ إلحاح الروح القدس في قلوبنا؛ لأنه يقودنا برفقٍ نحو الصليب. ويفتح قلوبنا لكي لا نتمسك بالحياة الحاضرة في كل صورها، بل نضع هذه الحياة برمتها تحت أقدام المسيح. ويُعزي قلوبنا عندما يكشف لنا جمال المواعيد السمائية مؤكداً لنا أن السماء أفضل، وأن الروح أهم من الجسد، وأن الشركة مع الله وفيه أعظم من كل كنوز الأرض .
هذا الإلحاح نراه فينا كل يوم، وهو الذي يردنا إلى التوبة؛ لأن الروح القدس – بسبب شركتنا في المسيحيتودد إلينا بذات الحنو والصلاح ويعمل فينا ناقلاً من الرب كل ما يخص صلاحه ومحبته التي أظهرها نحو الخطاة والساقطين غارساً فينا رجاءً لا يفنى.

علامات سُكنى الروح القدس فينا هي
الرجاء، والثقة في صلاح الله، وقبوله للخطاة؛ لأن الخطية – بسبب الكبرياء – التي فينا، تدفعنا نحو اليأس، وهذه هي خطية يهوذا الإسخريوطي .

برفقٍ يقودنا الروح القدس نحو يسوع المصلوب، ويغرس الصليب في الفكر وفي القلب وفي الإرادة
: في الفكر كرؤية، وفي القلب كمحبة عميقة تدفع الإرادة نحو الغفران ونحو البذل، وفي الإرادة حتى الرفض، ليس فقط إغراءات الخطية، بل حتى الأمور الصالحة التي تعطل البذل .

رسالة الأب صفرونيوس إلى تلميذه تادرس
عن المئوية الأولى في التوبة
70- 71 صفحة 24 - 25
مترجم عن المخطوطة القبطية
 
أعلى