إيماننا حي ورغبتنا أن نحيا لله - الإله الذي نرفضه

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0

  • الله لم يمت. الله لا يموت، ولكننا نحن نقتله في نفوس الكثيرين من البشر( رويز غيمنيز، استاذ الأقتصاد في جامعة مدريد، في المؤتمر العالمي الثالث لرسالة العلمانيين – روما 1967 )
  • الله لم يمت. أنه حي الأحياء. ولكن ينبغي أن يموت العديد من الآلهة الكذبة، كي تُنقى الطريق إلى قدس الأقداس ( اتيان برون : الله لم يمت ص 15 )
  • [FONT=&quot][FONT=&quot]يدعوننا ملحدين، وبالفعل نحن ملحدون بالنسبة لتلك الآلهة المزعومة، ولكننا نؤمن بالإله الحقيقي ( القديس يوستينوس الشهيد في الدفاع الأول - استشهد سنة 165 )[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot] سلام في الرب لأجمل إخوة أحباء أود أن أتكلم معهم بما يجول في خاطري، والسؤال الذي يتبادر لذهني الآن: من هو هذا الإله الذي يرفضه الكثيرين وعلى الأخص الملحدين مثل ماركس وسارتر وغيرهما، ومن هو الإله الذي عبدته الشعوب الأخرى وأخرجوا لنا ديانات مختلفة ومتنوعة كثيرة لا حصر لها، اختلفوا فيها اشد الاختلاف واتفقوا في بعضها مع وجود تناقضات !!! [/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]وكل واحد من هذه الأطراف التي تعبد إلهها الخاص تُريد ان تقنعنا وتشدنا إلى عقيدتها على أساس أنها الحق وحده، والحق مطلق وواحد لا ينقسم او يتجزأ، ولا أخفي القول أن الكثير منهم (وبخاصة العلماء والمفكرين فيهم) مقنع في طرحه وفكره ومعتقده، ولكن ما هذا الإله الذي يرفضونه ويريدون ان يقنعونا بما لديهم من معطيات وفرضيات متنوعة !!![/FONT]

[FONT=&quot]كثيرين يندهشون من موقفي، إذ كثيراً يجدوني حينما أقرأ وأسمع من الآخرين نقد جارح ومباشر للمسيحية ولا أتحرك ساكناً، ولا أرد أو أتناقش، مع أن في إمكاني أن أُناقش نقطة نقطة وبتركيز شديد وبفحص دقيق، وأُناقش عدة مفكرين وأيضاً مسيحيين لديهم فكر مشوش ومشوه عن الإنجيل والمسيحية والعقيدة، وعندي الاستطاعة أن أقنعهم تماماً، مع إني لم أتخذ هذا الأسلوب قط في أحاديثي كمقنع لأحد عقلياً في أي موضوع بل أترك له الحرية وما شاء من فكر وتفكير، لأني أُصحح وأكتب بالسرّ يتلقفه القلب المستعد للحق فقط ..[/FONT]
[FONT=&quot]
فكثيرون ألتقيهم ويلتقون بي من خلال كتباتي أو في أحاديث مختلفة متنوعة، واقرأ للكثيرين بغزارة وأرى الكثيرين أيضاً من الملحدين ورافضي المسيحية واسمعهم يتكلمون وينكرون المسيح والمسيحية برفض تام ولا أُحرك ساكناً، وذلك لأن شعوري أني أوافقهم تماماً في نكرانهم، ومع ذلك لم أكن أبداً منكراً لإيماني ولا أتزحزح عنه قيد شعرة، بكونه ليس مجرد إيمان، أو قفزة في الظلام، ولكنه إيمان رائي مبصر الحق، لأني لم أؤمن بالله كمجرد أني ولدت مسيحياً حسب النشأة ولكن إيمان أتي برؤيا حقيقية وليس دروشة فكريه ولا خزعبلات عجائزية متداولة من أناس اختلطت عليهم الأمور، أو لمجرد أُناس منحازين لدينهم أو متعصبين لعقيدتهم مفتخرين بذواتهم، ويشعرون أنهم الأفضل وأن لهم المواعيد والحق معهم !!!
[/FONT]
[FONT=&quot]فماذا يا ترى الذي جرى في داخلي وجعلني على هذا الحال الذي يراه الكثيرين أنه تناقض في شخصيتي، وجعل الكل يتساءل لماذا تفعل هذا ولا تُدافع عن الحق !!![/FONT]
[FONT=&quot]في الحقيقة يا إخوتي أنه لم يكن إلهي الحي، ذلك الإله الذي كانوا يحطمونه بكل قوتهم أمامي، لم يكن هو الله الثالوث القدوس الإله الواحد، فلم يكن يحطمون سوى صورة كاريكاتورية موجوده في فكرهم عن الإله الذي لا يعرفونه، والذي لم يكن سوى صنم موجود في فكرهم الخاص، وربما نقلوه من بعض المسيحيين الذي يدَّعون أنهم مؤمنين فشوهوا منظر الله الحي وأعطوا فكره مغلوطة عنه، وكل ما حطموه أمامي وأمام الآخرين هو تقليد لا يُطاق لي كما كان بالنسبة لهم، فإيماننا الحي إيمان آخر غير الذي يتحدثون عنه !!![/FONT]
[FONT=&quot]فهم يتحدثون عن إله يذل الإنسان، يقيده، يعميه، يسحقه، يحكم عليه بالسلبية والجمود والخنوع وبطفولة أبدية. إنه إله لا يستمد عظمته إلا من ضعف الإنسان وجهله وذُله. إله يفقد الصبر في النهاية أمام خطايا الإنسان المتكررة، إله لا يرحم الضعيف، أو إله متواني عن نداء الإنسان وصراخه، وهكذا تتوالى أفكار كثيرة مشوهة، ولكن أين هذا الإله المزيف الذي يعصفون به وينتقدونه من ذاك الذي كشف لنا ذاته في وجه يسوع المسيح، فظهر لنا محبة مُحييه، محررة، موقظة، مقدسة، مؤلهة، أي ترفع الإنسان للمستوى الإلهي في السماويات، فيكون له فكره ويشترك في مجده كهبة ومنحة عظمى لا يستطيع أي فكر ولا عقيدة ولا ممارسات خارجية أن تُعطيها للإنسان...[/FONT]
[FONT=&quot]يا أحبائي مشكلة الإلحاد ورفض الآخرين للمسيحية، لا تكمن في الملحدين ولا الغير معترفين، بل فينا نحن الذين نقول نحن حاملي شعلة الإيمان، ولا نحيا به، طبعاً لا أتكلم عن الكل بل أقول أنه قد أصبح اليوم الكلام عن الله كثيراً جداً ولكن الذي يحمل الله في قلبه ويتشح به أقل من أقل القليلين !!! [/FONT]
[FONT=&quot]وعموماً يعجبني قول دوستويفسكي لما فيه من عمق وخبرة: [ أن الإلحاد الكامل يقف أعلى السلم، على الدرجة قبل الأخيرة قبل الإيمان الكامل ]...[/FONT]
[FONT=&quot]ولذلك يا إخوتي بسبب هذه المقولة، ومن خبرتي الصغيرة، تعلمت أن أصغي للكل لكي أتعلم ما هي التصورات الصنمية التي تركناها وورثناها للآخرين، والتي لا زالت تتسرب إلى إيماننا، لذلك تعلمت ان أنفتح على النقد القاسي وأقف بقلبي أمامه فاحصاً، هل هذا هو الإله الذي أعرفه، وهل اتبع هذا الإله المزيف وأقدمه للآخرين، فأُسلم لهم إيمان مُزيف، وأُضيف على الإنجيل بما لا يوجد فيه لأقنع الآخرين بفكري وعقيديتي وطقوسي، وبذلك أستفيق فأتوب وأتغير لأني أقف أمام الله الحي الذي أعرفه بإعلان ذاته عن نفسه قارعاً بابه الرفيع فيفتح لي ويصحح إيماني ويقويه برؤى وإعلانات روحية منسكبه بالنعمة ومتدفقة بتيار المحبة الروح القدس نفسه، فأُدهش واتعجب من هذا المجد المستتر في سر عمل النعمة الفائق المقدمة لنا بسبب تجسد الكلمة في الروح الواحد الذي يشع فينا مجد الله ويكسينا به ...[/FONT]

  • [FONT=&quot]أريدكم اليوم أن تصغوا لي يا إخوتي بقلوبكم وليس بعقلكم لتستقبلوا معلومة جديدة، بل لتدخلوا في خبرة حية فنعيش في أصالة إيمان حي يقودنا ويرفعنا للعلو الحلو الذي للقديسين الذين عاينوا الله وفرحوا به... يقول القديس إيرينيئوس [ إنه يستحيل أن نحيا بدون حياة، والحياة تنبثق من الله، فلكي نعيش يلزم أن نتصل بالله، والاتصال بالله يتم بمعرفته أي رؤيته وتقبل صلاحه ][/FONT]
[FONT=&quot]يا إخوتي أتكلم بالصدق في المسيح الرب الحق والحياة، فدققوا معي وتابعوني، لأننا لو دققنا معاً ونظرنا فاحصين تاريخ البشرية بمجمله، سنجد حتماً أن لها بداية وتسير نحو نهاية، ولها غاية تصب فيها، فأين البداية وإلى أين النهاية ؟!!![/FONT]
[FONT=&quot]وهذا سؤال تنحصر فيه البشرية كلها، وسأله الكثيرين وعلى الأخص الفلاسفة، وهذا هو السؤال المُحيرّ للبشر جميعاً وبلا استثناء هو: [ من أنا ومن أنت !!! من أين نحن وإلى أين نذهب !!! ][/FONT]
[FONT=&quot]طبعاً سؤال حاول الكثيرين إجابته بشتى الطرق وفي كل الأديان، واعتمدوا على الفلسفة والكلمات لإقناع العقل، ولكن هيهات، لأن أن قنع العقل فاين الواقع الاختباري العملي الذي فيه نرى ونلمس ونعيش الإجابة واقعياً في حياتنا اليومية، لأن الإنسان لا يُشبعه الفكر وحده بل يُريد أن يرى ويلمس ويعيش، لا فقط أن يُفكر ويقنع عقله وحده، لأنها شغلانة المفكر والمتفلسف، ولكنها ليست مقدمة للإنسان البسيط ولا للفقير المعوز، ولا للمهزوم في الشر والمغلوب بطبع فاسد يرى ليس فيه خير ولا حياة !!![/FONT]

  • [FONT=&quot]فكل الفلاسفة بكل فكرهم الضخم لم يستطيعوا أن يضعوا إجابة قاطعة على هذا السؤال الذي يبدو سهل، مع أنه صعب لا من جهة الفكر إنما من جهة الحياة العملية في واقعنا الإنساني المُعاش !!![/FONT]
[FONT=&quot]يا إخوتي، أن الحياة قصيرة، تمضي وتمر على كل شخص فينا ونتلفت حولنا ونجد أنفسنا مُحاطين بالعمل ولقمة العيش، وحينما نتطلع إلى المستقبل نحلم بالسعادة والهدوء، وحينما نستمر في الأيام نجد أن الحلم يمتد، ويمتد، وتحقيقه أحياناً يطول جداً وأحياناً يقصر وأحياناً يستحيل ونيأس من تحقيقه، ولكن في النهاية الكل واقع تحت التعب والمشقة، والخسارة فيها أكبر وأعظم من الربح، وهكذا نستمر كلنا بلا توقف أو فحص لننظر في أعماقنا ونرى أين نحن من إنسانيتنا الحقيقية؛ وحينما نرى أمور الدنيا معنا في يُسر وعلى ما يُرام أو نكون مبتهجين أو مرحين فرحين، ندَّعي أننا سُعداء، ولكن بعد زوال المؤثر الخارجي الذي فرحنا أو أسعدنا نعود لحالنا الأول من ضيق وحزن لا نعرف أو ندرك سببه الحقيقي...[/FONT][FONT=&quot] وهكذا نحيا في حالة من [FONT=&quot]vanity[/FONT][FONT=&quot] الذي هو (الشيء الأنيق المظهر وباطنه فراغ، تافه وعديم القيمة، وهو سراب في شكله والتيه في عمقه)[/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]وفي حين نواجه متاعبنا ومشاكلنا هذه، لا يسعنا سوى أن نهرب منها بالعبادة الطقسية التي تعلمناها لنُريح الضمير ونُهدئ أنفسنا [ قالت له المرأة (السامرية قالت للمسيح) ... أباؤنا سجدوا في هذا الجبل وأنتم تقولون ( تقصد اليهود) إن في أورشليم الموضع الذي ينبغي أن يُسجد فيه. قال لها يسوع: يا امرأة صدقيني إنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون للآب. أنتم تسجدون لِما لستم تعلمون، أما نحن فنسجد لِما نعلم... ولكن تأتي ساعة وهي الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق. لأن الاب طالب مثل هؤلاء الساجدين لهُ. الله روح والذين يسجدون لهُ فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا ] (يوحنا 4: 19 – 24)[/FONT]

  • [FONT=&quot]ولكن العابدة الحقة ليست وقوف بين جدران والحضور في مكان ونطق كلمات، ولكنها بحث ورؤية وحركة نحو أصلي واستمرار وجودي، وهي اتجاه نحو الخلود برؤية واضحة وثقة أكيدة يعتريها يقين، إذ أنها واقع حي مُثمر وفعال في داخلي ولا يحتاج لإقناع من أحد !!![/FONT]
[FONT=&quot]فيا إخوتي، أنا اليوم لا أخبركم بما هو جديد أو غريب عنكم، ولكني أُخبركم بالحق المُشخص – أفهموا قولي – فانا لا أقصد قط إعطاء معلومات جديدة منقولة من كتب ومراجع، فانتم على دراية واسعة وكافية، بل ولا أستطيع مجاراتكم فيها، ولكني أقصد أن تعرفوا تلك المعرفة الشخصية النابعة من حس باطني ومعرفة مباشرة قلبية واعية تؤدي إلى سعادة حقيقية غير متغيرة أو متقلبة، والتي فيها لقاء شخصي جداً واتصال مباشر واعٍ، مدرك بإلهام وانفتاح بصيرة، ورفع الحاجز الصنمي من المعرفة الجامدة في جمود ألفاظ ومصطلحات وأبحاث ترتسم في الفكر وتظل فيه ولا تنزل إلى القلب لتتحول لمنهج حياة مقدسة تُظهر جمال مجد الله البهي الذي يظهر في وجه يسوع: [ لأن الله الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح ] (2كورنثوس 4: 6)...[/FONT]
[FONT=&quot]اعتذر للتطويل وأترككم تفحصوا كلماتي بقلوبكم، ولكي لا يمل القارئ سوف أكمل في الجزء القادم ملخصاً ومركزاً في ما أُريد ان أقول وأُسلمه إليكم كخبرة وحياة، صلوا من أجلي؛ النعمة معكم[/FONT]

__________يتبع في التعليق اللاحق__________
 
التعديل الأخير:

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
عموماً كل ما أُريد قوله:
(1) الله كشخص حي منه كل الأشياء، هو أساس وسرّ كل شيء، لأن الوجود كله يستمد منه استمراره، وهو الأصل أو جذر الأشياء التي يقوم عليه الكل، هو الأول والآخر، السبب وعلة الوجود وهو الغاية. ومعرفته هو الدخول في سرّ الحياة والخلود؛ والمعرفة هُنا ليست معلومة، ولا مجرد إيمان وتصديق فقط، بل رؤية، لذلك يقول القديس أغسطينوس: [ إني أبحث عن الله لا لكي أؤمن به فقط، ولكن لكي أرى شيئاً منه ]

ولنا أن نعلم جميعاً، أن من يُريد أن يقول: إني قد رأيت الله، فلا يقل أني رأيته في الخبز المادي أو المعجزات التي تخص وتتعلق بالجسد أو بالحياة الحاضرة، لأنك لم ترى الله بل رأيت عمله ولكنك لم ترى شخصه، وهذه خبرة لا يُستهان بها، لأن خبرة رؤية عمل الله هو الدافع الأساسي الذي يدفعنا لنلتصق بالله ونحب أن نراه وجهاً لوجه، لأننا في عمله عرفناه محباً لنا، ونحن أعزاء عنده، لأني أراه يُحبني ويُعزني مَعَزَّة خاصة، لذلك يُقدم لي عمله حتى على مستوى ضعفي في تلبيه احتياجاتي المادية على مستوى الجسد، والتي أحياناً يراها البعض معقدة وأن استجابة الله بطيئة وشحيحه...

ولكني لن أتكلم عن هذا ولكن أتكلم الآن على مرحلة أعمق وأعلى، والتي يُريدها الله أن نصل إليها، لأن مرحلة المعجزات هي مرحلة طفولة وعدم نضوج، ومن يجلس عندها ساكناً ويطلبها دائماً ولا يتحرك سيخسر الكثير، لأنه سيُريد دائماً ان يرى ويُعاين من جهة الجسد، وعنده يقف، فيسمع في النهاية [ لا تلمسيني ]، لأنه يريد أن يلمس يسوع الذي في الأرض ولم يصعد بعد لكي يرتفع بعينيه إلى فوق ليطلب ما يتفق مع ملكوت الله حيث المسيح الرب جالس: [ فأن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله ] (كولوسي 3: 1)، ومن هنا نفهم قول الرب لمريم [ لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد ]، فهو في نظر مريم يسوع قبل القيامة، ولا تعرف المسيح القائم والممجد، والذي مكانه يمين العظمة والقدرة بجسم بشريتنا بجوار الآب... ولا زال للأسف كثيرين اليوم يعرفون يسوع الجسد الذي يصنع معجزات كلها تخص الجسد، فينحصروا في مسيح الجسد وكل ما يخصه دون أن يبلغوا لقيامته ويطلبوا ما هو أعلى من حدود الجسد واحتياجاته !!!

فكل من يُريد أن يقول أني رأيت الله، لا يقول رأيته في معجزة أو آية، بل في قلبي يسكن، في أعماقي متحداً معي بالمحبة القوية في سر الاتصال الدائم، بالاتحاد بشخصه، أكلمه بقلبي كأب في ثقة البنوة التي لي في شخص المسيح الكلمة المتجسد، مع الكنيسة التي أشعر أني فيها فعلاً على مستوى الشركة كجسد واحد، فيه اليد لا تنفصل عن القدم، وعين لا تنفصل عن الأُذن...

أي أشعر في أعماقي وليس في عقلي كفكرة أو واهماً نفسي بحقائق لم اختبرها وأتذوقها كفعل وعمل في حياتي الشخصية، أشعر إني ابن حقيقي محبوب عند الله وعزيز في عينه، والله محبوب عندي، عزيز على قلبي، وأرى بوضوح وانفتاح البصيرة، أن الرجل الحي (والمرأة طبعاً) هو مجد الله، وحياة الرجل هي رؤية الله، والروح القدس نفسه يشهد في قلبي وداخل روحي إني ابناً لله في الابن الوحيد ...

طبعاً أنا على علم اليقين، أن كثيرين يعرفون عن المسيح أكثر مما أعرف أنا بل وأكثر بكثير مني ومن كل ما أكتب، ولكن أقل القليل الذي يعرف شخص المسيح الرب نفسه عالماً قوته لأنه تلامس معه فعلياً فخرت منه قوة دخلت أعماقه، ويقول القديس مقاريوس الكبير: [ أولئك الذين يتحدثون بالأحاديث الروحية، بدون أن يتذوقوا ما يتحدثون عنه، فأنهم يُشبهون إنساناً مُسافراً في صحراء مقفرة، تحت أشعة الشمس المحرقة، ولسبب عطشه، فأنه يتخيل صورة ينبوع ماء جارٍ (سراب) ويرى نفسه وهو يشرب منه، بينما تكون شفتاه ولسانه كلها جافة، مشتعلة من شدة العطش الذي يتملكه؛ أو كمثل إنسان يتحدث عن العسل ويقول: أنه حُلو، مع أنه لم يذقه قط، ولذلك فأنه لا يعرف قوة حلاوته. هكذا هي حالة أولئك الذين يتحدثون عن الكمال والفرح (الإلهي) والتحرر من الأهواء (أي التحرر من الفعل المُحرك للخطية) دون أن يكون فيهم العمل الفعال أو المعرفة الشخصية لهذه الأمور، وليست الأشياء كلها كما يصفونها هم (حتى لو كانت صحيحة تماماً). وإذا حُسب إنسان من هذا النوع أهلاً لأن يكتشف الحقيقة، فأنه يقول في نفسه: إني لم أجد الحقيقة كما كنت أظن، فإني كنت أتحدث في اتجاه والروح يعمل في اتجاه آخر.
لأن المسيحية هي في الحقيقة طعام وشراب، فكلما أكل الإنسان منها ازداد قلبه ولعاً بحلاوتها، ولا يتوقف أو يكتفي، بل يطلب المزيد، ويستمر يأكل بلا شبع أو امتلاء. ] (عظة 17: 12ن 13)
يا إخوتي القراء، هناك دعوة مفتوحة للحياة الأبدية: [ أعطيته سلطاناً (المسيح الابن يُخاطب الآب) على كل جسدٍ ليُعطي حياة أبدية لكل من أعطيته. وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته ] (يوحنا 17: 2 – 3)
والآن لنا أن نوجه أحاسيسنا إلى حيث يوجد، ونغمض أعيننا إذا اتجهتا إلى غير المسيح، ونفتحها نحو كل ما يظهر فيه المسيح الرب الله الحي والقائم بجسم بشريتنا عن يمين الآب..

ولنا الآن أن نعرف ما هي الحياة الروحية الحقيقية والصحيحة، التي تؤثر تأثير جوهري على النفس والجسد معاً، وهي باختصار شديد: [ حياة الله نفسه وبشخصه فينا: "والكلمة صار جسداً وحلَّ فينا" (يوحنا 1: 14) ]...
فينبغي ويتحتم علينا أن يكون لنا الإصرار على معرفة الله فينا، كما هو في ذاته، وكما يُعلن هو عن نفسه لنا: [ الله لم يَرَهُ أحدٌ قط. الابن الوحيد الذي في حضنه هو خَبَّر ] (يوحنا 1: 18)

(2) إخوتي الأحباء، أعلموا وصدقوا: النفس الإنسانية هي جوهرة ثمينة للغاية وغالية جداً، ولا يعوضها شيء في الوجود أن فسدت وتاهت وتغطت بطين الخطية والشرود في عالم الفساد تحت سلطان الموت، فهي جوهره الله النفسية، التي أول ما ظهرت في الفردوس، ظهرت في حالة من النقاوة والطهارة الخاصة بجمال رائع، تعكس بهاء الله ومجده بنور رائع أصيل؛ ومعرفتها في جوهرها، هي معرفة صلاح الله وصورته، ويقول الأنبا أنطونيوس الكبير: [ من عرف نفسه عرف الله، ومن عرف الله يستحق أن يعبده بالروح والحق، ويقول القديس أثناسيوس الرسولي: [ إن الله الخالق وملك الكون، إذ هو صالح وسخي في العطاء، قد خلق الكائنات البشرية بحسب صورته هوَّ، بواسطة اللوغوس كلمته الذاتي مخلصنا يسوع المسيح ]

  • آن الأوان يا إخوتي، أن نستوعب سرّ كرامتنا الحقيقية، وسرّ حياتنا الخالدة، لنحيا عمرنا في بهاء مجد الصورة التي خُلقنا عليها، ونعيش مستقبلنا وطموحنا، مجسدين فيهما إنسانيتنا المُقدسة في الابن الوحيد، يسوع المسيح [ الذي هو بهاء مجد الآب وسم جوهره، وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته ] (عبرانيين 1: 3)
  • ولنقف الآن عند كلام القديس مقاريوس الكبير متأملين أقواله بعمق الرؤيا في ذواتنا؛ فهو يقول: [ أن المسيحيين يعرفون جيداً أن النفس هي أثمن من جميع الأشياء المخلوقة، فأن الإنسان وحده هو الذي صُنع على صورة الله ومثاله... الإنسان هو أعظم قدراً... فهو وحده الذي سُرَّ به الرب... فتأمل في كرامتك وقدرك العظيم، حتى أن الله جعلك فوق الملائكة، لأنه لأجل معونتك وخلاصك، جاء هو بنفسه شخصياً إلى الأرض ] (عظة 15: 43)
أن السعادة الحقيقية، هي هبة من الله، تُمنح للإنسان في أعماقه، ولا يُمكن يمحوها تقلبات الزمان الزائل، أو احتياجاته المادية، ولا أي أحداث تحدث مهما ما كان نوعها أو طبيعتها ...
هذه السعادة ليست زينة خارجية للحياة، بل هي تصبح في طياتها من صميم حياة الإنسان الداخلية، في جوهره المخلوق حسب الصورة، تُصبح في ملء حريته وكيانه، تبقى في أعماقه ثابته يتحسسها في عمق آلامه وضيقاته رغم عدم ظهورها في وجهه، أنها سمه روحية سماوية يتميز بها بنو الملكوت، لأنهم حاملين صورة الملك السماوي: [ وكما هو السماوي هكذا السمائيين أيضاً ] (1كورنثوس 15: 48)
وباختصار وإيجاز أقول مع القديس أغسطينوس لله الحي: [ خلقتنا لأجلك، وقلبنا لازال في قلق إلى أن يستقرّ ويستريح فيك ] (اعترافات أغسطينوس)

  • إخوتي الأحباء أعرفوا نفوسكم في الله، واعرفوا الله في نفوسكم، ويقول القديس أثناسيوس الرسولي: [ أنه منذ التجسد الإلهي لم يعد الإنسان يُعرف بمعزل عن الله، ولا الله بمعزل عن الإنسان، لأن الكلمة صار جسداً ]، ومن هنا ندرك سرّ كرامتنا في المسيح، لأنه [ كل من استطاع أن يعرف كرامة نفسه، فأنه يستطيع أن يعرف قوة وأسرار اللاهوت، وبذلك ينسحق ويتضع اكثر ] (القديس مقاريوس عظة 27: 1).
 
التعديل الأخير:

مينا إيليا

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
30 ديسمبر 2011
المشاركات
221
مستوى التفاعل
57
النقاط
0
ربنا يبارك حياتك أخي aymonded
موضوع جميل جدااا ربنا يعطينا نعمة لكي نتذوق حلاوة المسيح وأن نعرفه ونتلامس معه في كل تفاصيل حياتنا اليومية وأن ندرك مدي حب السيد المسيح إلي كل نفس أمين
1/ القديس إيرينيئوس
" إنه يستحيل أن نحيا بدون حياة، والحياة تنبثق من الله، فلكي نعيش يلزم أن نتصل بالله، والاتصال بالله يتم بمعرفته أي رؤيته وتقبل صلاحه"
2/ القديس أغسطينوس
"إني أبحث عن الله لا لكي أؤمن به فقط، ولكن لكي أرى شيئاً منه"
3/ القديس مقاريوس الكبير
" أولئك الذين يتحدثون بالأحاديث الروحية، بدون أن يتذوقوا ما يتحدثون عنه، فأنهم يُشبهون إنساناً مُسافراً في صحراء مقفرة، تحت أشعة الشمس المحرقة، ولسبب عطشه، فأنه يتخيل صورة ينبوع ماء جارٍ (سراب) ويرى نفسه وهو يشرب منه، بينما تكون شفتاه ولسانه كلها جافة، مشتعلة من شدة العطش الذي يتملكه؛ أو كمثل إنسان يتحدث عن العسل ويقول: أنه حُلو، مع أنه لم يذقه قط، ولذلك فأنه لا يعرف قوة حلاوته. هكذا هي حالة أولئك الذين يتحدثون عن الكمال والفرح (الإلهي) والتحرر من الأهواء (أي التحرر من الفعل المُحرك للخطية) دون أن يكون فيهم العمل الفعال أو المعرفة الشخصية لهذه الأمور، وليست الأشياء كلها كما يصفونها هم (حتى لو كانت صحيحة تماماً).
وإذا حُسب إنسان من هذا النوع أهلاً لأن يكتشف الحقيقة، فأنه يقول في نفسه : إني لم أجد الحقيقة كما كنت أظن، فإني كنت أتحدث في اتجاه والروح يعمل في اتجاه آخر.
لأن المسيحية هي في الحقيقة طعام وشراب، فكلما أكل الإنسان منها ازداد قلبه ولعاً بحلاوتها، ولا يتوقف أو يكتفي، بل يطلب المزيد، ويستمر يأكل بلا شبع أو امتلاء.
4/ الأنبا أنطونيوس الكبير
"من عرف نفسه عرف الله، ومن عرف الله يستحق أن يعبده بالروح والحق "
5/ القديس أثناسيوس الرسولي
" إن الله الخالق وملك الكون، إذ هو صالح وسخي في العطاء، قد خلق الكائنات البشرية بحسب صورته هوَّ، بواسطة اللوغوس كلمته الذاتي مخلصنا يسوع المسيح "
6/ القديس مقاريوس الكبير
" أن المسيحيين يعرفون جيداً أن النفس هي أثمن من جميع الأشياء المخلوقة، فأن الإنسان وحده هو الذي صُنع على صورة الله ومثاله... الإنسان هو أعظم قدراً... فهو وحده الذي سُرَّ به الرب... فتأمل في كرامتك وقدرك العظيم، حتى أن الله جعلك فوق الملائكة، لأنه لأجل معونتك وخلاصك، جاء هو بنفسه شخصياً إلى الأرض"
7/ القديس أغسطينوس
" خلقتنا لأجلك، وقلبنا لازال في قلق إلى أن يستقرّ ويستريح فيك"
8/ القديس أثناسيوس الرسولي
" أنه منذ التجسد الإلهي لم يعد الإنسان يُعرف بمعزل عن الله، ولا الله بمعزل عن الإنسان، لأن الكلمة صار جسداً"
9/ القديس مقاريوس
" كل من استطاع أن يعرف كرامة نفسه، فأنه يستطيع أن يعرف قوة وأسرار اللاهوت، وبذلك ينسحق ويتضع اكثر"
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
آمين يا أجمل أخ حلو، ولنُصلي بعضنا لأجل بعض
وحقيقي أشكرك على تجميعك أقوال الآباء التي هي منهج حياة لكل واحد يريد أن يتذوق عمق أصالة العلاقة الحية مع الله الحي، كن معافي في روح قيامة يسوع آمين
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
[FONT=&quot]أريدكم اليوم أن تصغوا لي يا إخوتي بقلوبكم وليس بعقلكم لتستقبلوا معلومة جديدة بل لتدخلوا في خبرة حية فنعيش في اصالة إيمان حي يقودنا ويرفعنا للعلو الحلو الذي للقديسين الذين عاينوا الله وفرحوا به... يقول القديس إيرينيئوس [ إنه يستحيل أن نحيا بدون حياة، والحياة تنبثق من الله، فلكي نعيش يلزم أن نتصل بالله، والاتصال بالله يتم بمعرفته أي رؤيته وتقبل صلاحه ][/FONT]​
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,326
مستوى التفاعل
3,201
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
كالعاده
موضوع فى منتهىالروعه
الرب يبارك فيكم
شكرا جدا
 

حبيب يسوع

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
15 مايو 2007
المشاركات
15,458
مستوى التفاعل
1,959
النقاط
113
موضوع رائع الرب يباركك
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
بارككم الله يا إخوتي ووهبكم غنى فيض النعمة المُخلِّصة آمين فآمين
 

candy shop

مشرفة منتدى الاسرة
مشرف سابق
إنضم
29 يناير 2007
المشاركات
50,816
مستوى التفاعل
2,027
النقاط
113
موضوع راااااااااااااااائع وقيم

شكرااااااااااا ايمن

كعادتك موضوع مهم ومفيد

ربنا يبارك خدمتك الجميله
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
ويبارك حياتك أختي العزيزة في كنيسة الله
صلي لأجلي كثيراً، النعمة معك كل حين
 

AdmanTios

Ο Ωριγένη&
عضو مبارك
إنضم
22 سبتمبر 2011
المشاركات
2,815
مستوى التفاعل
1,568
النقاط
0
الإقامة
Jesus's Heart
سلمت يمينك أستاذي و دام صليبك المُجاهد
من أجل الخدمة علي أسم رب القوات القدوس

نعم بؤمن يإنة يستحيل أن نحيا بدون حياة، لأن الحياة تنبثق من الآب الخالق،
لذا نحيا بالإتصال المُباشر بالآب و بالمعرفة الحقيقية و نقبُل عملُه الحي بحياتُنا .


خالص الشكر للدعوة بالمُشاركة و التأمُل الرائع
و نوال بركة العمل و الإستفادة من عملُه الروحي
بحياتُنا .... رب المجد يُبارك عمل يديك و كل عمل صالح يُمجد أسمُه القدوس
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
سلمت يمينك أستاذي و دام صليبك المُجاهد
من أجل الخدمة علي أسم رب القوات القدوس

نعم بؤمن يإنة يستحيل أن نحيا بدون حياة، لأن الحياة تنبثق من الآب الخالق،
لذا نحيا بالإتصال المُباشر بالآب و بالمعرفة الحقيقية و نقبُل عملُه الحي بحياتُنا .


خالص الشكر للدعوة بالمُشاركة و التأمُل الرائع
و نوال بركة العمل و الإستفادة من عملُه الروحي
بحياتُنا .... رب المجد يُبارك عمل يديك و كل عمل صالح يُمجد أسمُه القدوس

ووهبك فيض سيل النعمة المفرحة للقلب والمصحوبة بالسلام الفائق آمين
 
أعلى