روح الشهادة وفرح آلام الصليب - نحن لم نُخلق للحزن ولم يدعونا الله للكآبة

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
روح الشهادة وفرح آلام الصليب
الكل تحت الآلام ونفس الضيقات

إلهي رحمته تتقدمني يُنقذ من الضيق نفسي،

ينصرني باسمـــه، يرفعني فوق آلام جسـدي،
ينصفني في الضيق وأمام روح الشر يقويني بإشراق نور وجهه.
لتتحنن يا الله علينا ولتُباركنا نحن شعبك، ولتنر بوجهك علينــــا.
لكي يُعــرف في الأرض طريقـــــك و في كل الأمـــــم خلاصـــــك.
يحمـــــدك الشعـــــوب يا الله يحمـــــدك الشعـــــوب كلهــــــــــم.
تفرح و تبتهج الأمم لأنك تُدين الشعوب بالاستقامة وأمم الأرض تهديهم.
لتنشر برك وعدلك في الأرض كلها وترُد إليك أشرار الأرض وتهديهم.
خطية أفواههم هي كلام شفاههم بكبريائهم يتحركون ومن اللعنة تتمرمر نفوسهم ومن الكذب الذي يحدثون به ينشرون فساداً في الأرض.
تائهون بطمعهم في الأرض، يغتنون بسلب الأرملة واليتيم، يبثون في الأرض فساد، يهتمون للأكل لا يشبعون أو يُسرون، في الغم والشر يبيتون.
افن شرهم يا رب، بدد مشورة قلبهم الشرير ليعلموا أن الله متسلط في كل الأرض، لا يُخفى عنه شيئاً.
واجعل خيرك يفيض على المسكين والفقير والبائس والعريان والأرملة واليتيم والغريب والضيف.
أعن كل من في ضيق ويحمل حزن وهم الأيام، بقوة رؤية مجد حضورك الخاص، بوجهك المُنير المشرق مجداً.
كثيرين لا ينتبهون لك في أزمنة الضيق، يقولون أين الله
أما أنا فأُغني بقوتك وأُرنم برحمتك لأنك أنت ملجأ لي وحصناً منيعاً في يوم ضيقي.
يا قوتي لك أُرنم لأنك أنت يا الله ملجأي إله رحمتي

أعظم وأمجد صلاحك لأنك حولت آلام شهداءك لغنى مجد في ذبيحة ذاتك
فبدم شهدائك أيها المسيح إلهنا، تتزين كنيستك في كل العالم
كما بالأرجوان وتيجـــــان ذهب وفضـة وكل حجارة كريمـــــة
ومثل باكورة ثمـــــار الطبيعـــــة نحو بستاني الخليـقـــــة
فإن الأرض والمسكونة كلها تقدم لك أيها الحب المتجسد
الشهـــــداء حاملين شخصـــــك المتوشحين بصلاحـــــك
يا رب المجد لك
______________

نحن لم نُخلق يا إخوتي للحزن، ولم يدعونا الله للكآبة أو الضيق، فالله لم يخلق الآلام ولا الضيقات ولا المشقات أو الأمراض والأتعاب، بل كل هذا أساس نبعه ومصدره الشر الذي دخل إلى العالم بحسد إبليس، لأننا لم نسمع قط أن هذا صدر من الله الكلي الصلاح في الخلق أو تفوه به وقال: ليكن ألم أو ضيق أو مرض، بل كل ما يخرج من فم الله ويصنعه هو كامل في البهاء والصلاح والجمال الذي لا يزول حتى لو تشوه بسبب السقوط !!! لأن كل ما خلقه فهو حسنٌ جداً، حتى أنه شمل العالم والإنسان بكل ما فيه من غرائز جسدية وعواطف إنسانية...

والمسيح الرب الكلمة المتجسد، بآلام صليبه المُحيي قضى على ناموس الخطية والموت، ولم يرفع الآلام من العالم أو يزيلها من على أكتاف من آمنوا به !!! بل حوَّل نفس ذات آلام العالم بكل ما فيها من معاناة ومشقات مُرهقة، إلى سرّ الأمجاد السماوية في روح قيامته من الأموات !!!

لذلك فأن السبب الحقيقي للتململ من الألم ورفض الضيق، لا يكمُن في صعوبته على قدر انعدام الرؤية في المسيحيين والذين من المفترض أن يكون لهم إيمان حي يروا به ما لا يُري في داخل قلوبهم ...

ففي هذا العالم الساقط كلنا مدعوين أن نلتقي بشيء ما من الألم والضيق والمحنة والشدة أو خيبة الأمل أو فقدان من نحبهم، أو نعاني من خسارة أرضية، أو أمراض أو آلام متنوعة مختلفة والتي تتفاوت من شخص لآخر، ونجد أنه لا مفر من الألم مهما ما حاولنا؛ والسؤال المهم والحاسم هو: [ كيف نواجه هذه الآلام وننتصر !!! ]

أن تأثير الألم على بعض الناس هو تأثير مدمر تماماً، بل لا يؤدي سوى إلى المرارة واليأس ويدفع للغضب والشكوى المُرة، بل وكثيراً ما يشتهي القصاص أحياناً من الذين يتسببون له في هذا الألم أو الضيق؛ بل ويصرخ الإنسان قم يا رب انتقم من أعدائي وأمت كل الذين يضايقونني ويضيقون عليا، أو يصرخ لله لماذا تفعل بي هذا يا رب...

وحينما يعيش الإنسان تحت هذا الضغط بلا رؤية إيمانية واضحة، حتماً سيزداد انهياره، بل ومن الممكن أن ينكر الله لا بشفتيه على قدر أن قلبه غير قانع بهذا قط، ويصرخ ويشتكي اين الله الذي تعلمنا عنه !!! أو يقول: الله لا يهتم أو يكترث لي !!! أو الله يعاقبني على خطاياي !!! أو ينتقم مني !!! أو يريد أن ينتقم مني لأجل خطاياي !!! الخ، الخ... وسلسلة طويلة متشابكة من الاتهامات التي لا تنتهي قط، وكلها ضد الله محب البشر !!! وهي في واقعها تؤكد على ضعف الإيمان وعدم رؤية الأمجاد في سر القيامة !!!


وبالطبع لا نقدر أن نقول أن الألم بهذه الطريقة هو بركة من الله، ولكن بقوة رحمة الله في آلام الصليب يُحسب الألم ويتحول لفرح مجد بروح قيامة يسوع المسيح الحي؛ فالموضوع كله – يا أحبائي – يتوقف على الموقف الداخلي للشخص المتألم أو القريبين منه !!!

فممكن أن نقابل الألم بغيظ وبتحدٍ وتمرد، أو على النحو الأضعف نشتكي بمرارة ونتكلم، أو نستسلم كسلبيين للوضع خانعين لأننا نعلم أننا لن نصنع شيئاً، لأنه ليس باليد حيلة !!!
وهذه المواقف كفيلة أن تلاشينا روحياً، أو السلبية تجعل شخصيتنا تتآكل ونصير بلا شخصية، ونسير كيف ما اتفق، ونحيا أمواتاً في الحياة منكمشين على أنفسنا، وقد نصل لحدّ الكآبة، وفي النهاية لا نبالي بشيء لأننا سنتبلد حتماً ونتجمد !!! والحياة تُصبح بلا طعم، كلها مرار وعذاب لا ينتهي، وننتظر يوم موتنا لنتخلص منها ونرتاح !!!
وكما نسمع من البعض: [ امتى بقى اسيب العالم أو ربنا ياخدني، أنا زقهت ومش قادر احتمل]، أو يتغير الإنسان ويُصبح مرائي ويتصنع أنه قابل للألم محبة في الله، ويتكلم بمعسول الكلام أمام الآخرين، ويعظ عن الألم والصليب ويتكلم عن المصالة مع الله والناس، وقبول الاضطهاد والغفران للجميع، مع أنه في الواقع العملي المُعاش عكس هذا على خط مستقيم، بل ومن الداخل كله مرار وألم وضيق عظيم، مع عتاب دفين وموقف مُعاند - لا يُصرح به علناً - ضد الله....

العالم كله - يا إخوتي - تحت الألم، ولا مفرّ من الهروب منه بأي شكل من الأشكال، حتى لو الإنسان ملك العالم كله وله كل الحقوق !!! فأن هرب من آلام الناس لن يهرب من المرض أو شيخوخة الجسد ومشاكلها الكثيرة جداً !!!

لكن الذين يؤمنون ويعيشون بسر التقوى ومحبة الله والتوبة الحقيقية الدائمة، فقط هم وحدهم الذين يحيون في حالة سمو بالآلام رغم إحساسهم بها وتألمهم الشديد، لأن من آمن بالمسيح الرب يقبل الألم في المحبة [ مهما ما كانت صعوبتها ] وبسرّ حمل الصليب في نور مجد قيامة يسوع، فيقدم ذاته بإرادته الحرة بصبر في الآلام التي يقبلها على نفسه من أصوام وأسهار وغيرها من الإماتة الطواعية التي يقدمها للرب بالحب، وعند مواجهة الأمراض والآلام التي في الحياة، يكون مستعداً لها بروح تقدمة ذاته وقبول الصليب بمسرة أولاد الله الذين يرون أن شدة ضيقاتهم الوقتية تُنشأ لهم ثقل مجد محفوظ لهم في السماوات، في المحبوب، والذي يتذوقونه (أي عربون المجد) منذ الآن في عزاء الروح القدس وإشراق نور وجه الله الذي يشع فيهم فرح من نوع خاص يجعل القلب يشتهي أن يتمم آلامه بالموت لينطلق ليكون مع المسيح فذلك أفضل جداً ...
[ إن كانت الشهادة تعني أن نحمل الصليب مع المسيح – نأخذ الصليب بفعل قبول إرادي – وفي حملنا له، نوحِّد آلامنا مع آلام المسيح وآلام العالم كله – فعندئذٍ يكون هذا شيء ينبغي أن يقوم به كل مسيحي .فالجميع هم حاملو الصليب، الجميع بمعنى ما، هم شهداء. فسواء دُعينا لنموت خارجياً لأجل المسيح في ساحة الاستشهاد، أو في غرفة الغاز أو في معسكر السجن. فهذا يتوقف أساساً على عوامل خارجة عن سيطرتنا، أي يتوقف على الوضع السياسي الذي نعيش تحت حكمة. ولكن ما يتوقف علينا مباشرة، هو أن نحمل الصليب داخلياً ] (الأسقف كاليستوس وير – عن كتاب الشهداء بذار الكنيسة ص 24و 25)
 

حبو اعدائكم

حبو...
عضو مبارك
إنضم
9 أكتوبر 2011
المشاركات
14,191
مستوى التفاعل
4,782
النقاط
113
الإقامة
مصر
اشكرك استاذى على الموضوع الرائع..
اوقات الواحد فى اول الضيقه من شدتها.. ينادى الرب اين انت و اين كنت وقتها... و لكن بالإمان و تعزيه الرب نمر منها و نعبر كل الم و ضيق....
و بالفعل كلنا تحت الالام و نفس الضيقات.. و إن اختلفت انواعها... و اعتقد البعض إنهم مرو بما لم يمر به احد... فهذا غير صحيح الكل يمر تحت نفس الضيقات بمسميات مختلفه...

الرب يبارك حياتك
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
اشكرك استاذى على الموضوع الرائع..
اوقات الواحد فى اول الضيقه من شدتها.. ينادى الرب اين انت و اين كنت وقتها... و لكن بالإمان و تعزيه الرب نمر منها و نعبر كل الم و ضيق....
و بالفعل كلنا تحت الالام و نفس الضيقات.. و إن اختلفت انواعها... و اعتقد البعض إنهم مرو بما لم يمر به احد... فهذا غير صحيح الكل يمر تحت نفس الضيقات بمسميات مختلفه...

الرب يبارك حياتك

ويبارك حياتك يا أختي ويهبنا قوة الإيمان الحي لكي نعبر به فوق كل ضيق وشدة
ولنُصلي دائماً بعضنا لأجل بعض، كوني في ملء نعمة الله وفرح الروح القدس آمين
 
أعلى