- إنضم
- 27 ديسمبر 2005
- المشاركات
- 284
- مستوى التفاعل
- 4
- النقاط
- 0
العبور الكبير- القصة الثانية من مغامرات وž
كانت تلك الليلة حالكة السواد. وبينما كان شعب إسرائيل يرقدون في خيامهم كان هناك شبح رجل يسير بالقرب من جبل نبو بعيدًا عن الخيام في قلق وترقب.
كانت الخيام منتشرة بين الأشجار في غابات شطيم مما تسبب في فزع وهروب حيوانات ووحوش الغابة فرضيت بالمعيشة علي أطرافها تنتظر فريسة شاردة.. ولكن الرجل الذي ابتعد كثيراً عن الخيام لم يكن يهاب تلك الوحوش ولا يعمل لها أي حساب. إنه يشوع بن نون قائد ذلك الشعب الكبير. لم يكن النوم قد راوده بعد, فخرج يسير في الغابة إلي أن قادته قدماه إلي ذلك المكان الذي صعد فيه سيده موسى ولم يهبط. وكأنه يستمد من ذلك المكان القوة التي سوف يقود بها الشعب إذ تذكره بأعظم رجل رآه وأحبه.
صعد يشوع إلي الجبل قليلا فبدت أشجار شطيم كأشباح متراصة واقفة أمامه تتحداه. حاول أن يتجاوزها بعينيه فلم تستطع عيناه أن ترى ما وراء الأشجار الشاهقة فاستند علي صخرة وراح عقله يسترجع الأيام القليلة الماضية. فمنذ أمس الأول فقط كان قلبه فزعا من تلك المسئولية التي ألقيت علي عاتقه بعد وفاة سيده. ولكن وقفته في محضر الرب جعلت قلبه يتشدد فيستعد لخوض القتال في سبيل تحقيق وعد الرب لهم.. لم يقل له الرب أن أعداءه أصحاب تلك الأرض ضعفاء, لكن كان وعد الرب أنه رغم قوة الأعداء هو معهم. بل كل أرض يدوسونها بأقدامهم تكون لهم. فصدق يشوع كلام الرب واستعد لسلب الأرض من أصحابها وتمليكها لشعب إسرائيل. (راجع سفر يشوع الإصحاح الأول حيث حصل يشوع على وعد الله)
ومنذ ثلاثة أيام أرسل جاسوسين ليتجسسا أريحا تلك المدينة الجميلة ذات الأشجار العالية والتي تزيد من جمال المدينة.. أيضا التي بها حقول الفاكهة النضرة... كل هذه الصفات تجعل المدينة مطمعا لكل معتد، فهي جنة صغيرة... ولكن ذلك الجمال محاط بالأسوار المنيعة التي تتحدى أي طامع... وعلي الرغم من أن المسيرة ذهابا وعودة لا تأخذ أكثر من يوم واحد إلا أن الجاسوسين الشابين لم يرجعا إلي الآن.. تري ماذا حدث لهما ؟ ذلك السؤال الذي جعل من النوم عدوا لرجل الله يشوع... تري هل اكتشفهم الأعداء ؟ .. هل قتلا ؟ أسئلة لم يجد لها إجابة.
***
وفي الظلام بدأ شخص يسير بتمهل خلف يشوع ويبدو أن النوم رفض مصاحبته هو الآخر.. وكأنما كان الرجلان علي موعد فالتقيا عند تلك الصخرة.
ويبادر الأخير يشوع قائلا
- لماذا هذا السهر ؟
نظر يشوع إلي الرجل الآتي من خلفه فابتسم له وقال
- أهو أنت يا كالب؟
- ومن غيري !! فيما تفكر ؟
نظر يشوع إلي الأفق البعيد وقال
- غدا هو الموعد الذي سوف نعبر فيه الأردن. لقد قلنا هذا للشعب. أتتذكر ؟
- وفيم القلق ؟ أليس الرب من حدد ذلك الميعاد ؟
- بالتأكيد.ولكن. ...
- لم يحضر سلمون وعثنئيل بعد.. أهذا ما تريد أن تقوله ؟
- أجل . هذا هو ما يشغلني
- سيعودان سالمين... أطمئن
- ليتهم يعودان الآن
- ولكن.. لماذا أنت وحدك ؟ ألا تخاف من الذئاب المفترسة ؟
نظر إليه يشوع لتلمع عيناه التي عاشت أكثر من ثمانين عاما ولم تفقد بريقها بعد... وقال لكالب
- الذئاب لا تخيفني.. لن يمسني أي منها بسوء
ضحك كالب قائلا
- ما هذه الثقة أيها الصديق ؟
نظر يشوع إلي كالب وفي عينيه اشتد البريق الذي يتحدى الزمن ثم قال
- إنه الوعد يا صديق عمري. نحن لم ندخل أرض الموعد بعد. تلك الأرض التي وعدنا بها الله.. وهو قال إني سأدخل تلك الأرض.. لذلك لن أموت وأنا مازلت هنا. لن أموت بدون تقسيم الميراث لهذه العشائر التي انتظرت وعد الرب
ابتسم كالب وقال
- أنت تثق جداً في كلمات السيد الرب يا عزيزي
- لم يخذلنا مرة واحدة... وحقق كل كلامه معنا وكل وعوده لآبائنا... على الرغم من عدم أمانتنا وطاعتنا... هو بقي أميناً... لم يخلف وعده أبداً...فلماذا يخلف وعده الآن... ثم... هو أقوى من أي عامل آخر ويستطيع حمايتي من أي خطر... وعلى وعوده أنا أتكل يا عزيزي... لست مغامراً على حساب قوتي الشخصية... ولكنها أمانته هو.
- أنا أيضا حصلت علي هذا الوعد.. أتذكر ؟
صمت يشوع ورجع إلي الوراء أربعين سنة كاملة. تذكر أياماً كان فيها شاباً في الأربعين من عمره ووقف هو وكالب يتحديان عشر رجال شاركوهما رحلة تجسس.. الجميع أصدروا تقريراً بأن إسرائيل لن تقدر علي عماليق.. ولكن يشوع وكالب فقط وقفا أمام العشرة وقالا " بل سوف ننتصر (سفر العدد 13: 20 ) علي عماليق بقوة رب الجنود إلهنا ". فتنهد ونظر إلي كالب قائلا
- حان وقت الانتصار أيها الصديق العزيز
- نعم.. أخيرا حانت اللحظة التي انتظرناها.. أربعين سنة كاملة من الانتظار. ولكن..
- ولكن ماذا ؟
- لا شيء.. لم يأت عثنئيل وسلمون بعد..يا إلهي.. لماذا أشعر بهذا القلق ؟
***
(1)
انتظار و قلق
كانت تلك الليلة حالكة السواد. وبينما كان شعب إسرائيل يرقدون في خيامهم كان هناك شبح رجل يسير بالقرب من جبل نبو بعيدًا عن الخيام في قلق وترقب.
كانت الخيام منتشرة بين الأشجار في غابات شطيم مما تسبب في فزع وهروب حيوانات ووحوش الغابة فرضيت بالمعيشة علي أطرافها تنتظر فريسة شاردة.. ولكن الرجل الذي ابتعد كثيراً عن الخيام لم يكن يهاب تلك الوحوش ولا يعمل لها أي حساب. إنه يشوع بن نون قائد ذلك الشعب الكبير. لم يكن النوم قد راوده بعد, فخرج يسير في الغابة إلي أن قادته قدماه إلي ذلك المكان الذي صعد فيه سيده موسى ولم يهبط. وكأنه يستمد من ذلك المكان القوة التي سوف يقود بها الشعب إذ تذكره بأعظم رجل رآه وأحبه.
صعد يشوع إلي الجبل قليلا فبدت أشجار شطيم كأشباح متراصة واقفة أمامه تتحداه. حاول أن يتجاوزها بعينيه فلم تستطع عيناه أن ترى ما وراء الأشجار الشاهقة فاستند علي صخرة وراح عقله يسترجع الأيام القليلة الماضية. فمنذ أمس الأول فقط كان قلبه فزعا من تلك المسئولية التي ألقيت علي عاتقه بعد وفاة سيده. ولكن وقفته في محضر الرب جعلت قلبه يتشدد فيستعد لخوض القتال في سبيل تحقيق وعد الرب لهم.. لم يقل له الرب أن أعداءه أصحاب تلك الأرض ضعفاء, لكن كان وعد الرب أنه رغم قوة الأعداء هو معهم. بل كل أرض يدوسونها بأقدامهم تكون لهم. فصدق يشوع كلام الرب واستعد لسلب الأرض من أصحابها وتمليكها لشعب إسرائيل. (راجع سفر يشوع الإصحاح الأول حيث حصل يشوع على وعد الله)
ومنذ ثلاثة أيام أرسل جاسوسين ليتجسسا أريحا تلك المدينة الجميلة ذات الأشجار العالية والتي تزيد من جمال المدينة.. أيضا التي بها حقول الفاكهة النضرة... كل هذه الصفات تجعل المدينة مطمعا لكل معتد، فهي جنة صغيرة... ولكن ذلك الجمال محاط بالأسوار المنيعة التي تتحدى أي طامع... وعلي الرغم من أن المسيرة ذهابا وعودة لا تأخذ أكثر من يوم واحد إلا أن الجاسوسين الشابين لم يرجعا إلي الآن.. تري ماذا حدث لهما ؟ ذلك السؤال الذي جعل من النوم عدوا لرجل الله يشوع... تري هل اكتشفهم الأعداء ؟ .. هل قتلا ؟ أسئلة لم يجد لها إجابة.
***
وفي الظلام بدأ شخص يسير بتمهل خلف يشوع ويبدو أن النوم رفض مصاحبته هو الآخر.. وكأنما كان الرجلان علي موعد فالتقيا عند تلك الصخرة.
ويبادر الأخير يشوع قائلا
- لماذا هذا السهر ؟
نظر يشوع إلي الرجل الآتي من خلفه فابتسم له وقال
- أهو أنت يا كالب؟
- ومن غيري !! فيما تفكر ؟
نظر يشوع إلي الأفق البعيد وقال
- غدا هو الموعد الذي سوف نعبر فيه الأردن. لقد قلنا هذا للشعب. أتتذكر ؟
- وفيم القلق ؟ أليس الرب من حدد ذلك الميعاد ؟
- بالتأكيد.ولكن. ...
- لم يحضر سلمون وعثنئيل بعد.. أهذا ما تريد أن تقوله ؟
- أجل . هذا هو ما يشغلني
- سيعودان سالمين... أطمئن
- ليتهم يعودان الآن
- ولكن.. لماذا أنت وحدك ؟ ألا تخاف من الذئاب المفترسة ؟
نظر إليه يشوع لتلمع عيناه التي عاشت أكثر من ثمانين عاما ولم تفقد بريقها بعد... وقال لكالب
- الذئاب لا تخيفني.. لن يمسني أي منها بسوء
ضحك كالب قائلا
- ما هذه الثقة أيها الصديق ؟
نظر يشوع إلي كالب وفي عينيه اشتد البريق الذي يتحدى الزمن ثم قال
- إنه الوعد يا صديق عمري. نحن لم ندخل أرض الموعد بعد. تلك الأرض التي وعدنا بها الله.. وهو قال إني سأدخل تلك الأرض.. لذلك لن أموت وأنا مازلت هنا. لن أموت بدون تقسيم الميراث لهذه العشائر التي انتظرت وعد الرب
ابتسم كالب وقال
- أنت تثق جداً في كلمات السيد الرب يا عزيزي
- لم يخذلنا مرة واحدة... وحقق كل كلامه معنا وكل وعوده لآبائنا... على الرغم من عدم أمانتنا وطاعتنا... هو بقي أميناً... لم يخلف وعده أبداً...فلماذا يخلف وعده الآن... ثم... هو أقوى من أي عامل آخر ويستطيع حمايتي من أي خطر... وعلى وعوده أنا أتكل يا عزيزي... لست مغامراً على حساب قوتي الشخصية... ولكنها أمانته هو.
- أنا أيضا حصلت علي هذا الوعد.. أتذكر ؟
صمت يشوع ورجع إلي الوراء أربعين سنة كاملة. تذكر أياماً كان فيها شاباً في الأربعين من عمره ووقف هو وكالب يتحديان عشر رجال شاركوهما رحلة تجسس.. الجميع أصدروا تقريراً بأن إسرائيل لن تقدر علي عماليق.. ولكن يشوع وكالب فقط وقفا أمام العشرة وقالا " بل سوف ننتصر (سفر العدد 13: 20 ) علي عماليق بقوة رب الجنود إلهنا ". فتنهد ونظر إلي كالب قائلا
- حان وقت الانتصار أيها الصديق العزيز
- نعم.. أخيرا حانت اللحظة التي انتظرناها.. أربعين سنة كاملة من الانتظار. ولكن..
- ولكن ماذا ؟
- لا شيء.. لم يأت عثنئيل وسلمون بعد..يا إلهي.. لماذا أشعر بهذا القلق ؟
***