العبور الكبير- القصة الثانية من مغامرات و&#158

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
العبور الكبير- القصة الثانية من مغامرات و&#158

(1)
انتظار و قلق

كانت تلك الليلة حالكة السواد. وبينما كان شعب إسرائيل يرقدون في خيامهم كان هناك شبح رجل يسير بالقرب من جبل نبو بعيدًا عن الخيام في قلق وترقب.

كانت الخيام منتشرة بين الأشجار في غابات شطيم مما تسبب في فزع وهروب حيوانات ووحوش الغابة فرضيت بالمعيشة علي أطرافها تنتظر فريسة شاردة.. ولكن الرجل الذي ابتعد كثيراً عن الخيام لم يكن يهاب تلك الوحوش ولا يعمل لها أي حساب. إنه يشوع بن نون قائد ذلك الشعب الكبير. لم يكن النوم قد راوده بعد, فخرج يسير في الغابة إلي أن قادته قدماه إلي ذلك المكان الذي صعد فيه سيده موسى ولم يهبط. وكأنه يستمد من ذلك المكان القوة التي سوف يقود بها الشعب إذ تذكره بأعظم رجل رآه وأحبه.

صعد يشوع إلي الجبل قليلا فبدت أشجار شطيم كأشباح متراصة واقفة أمامه تتحداه. حاول أن يتجاوزها بعينيه فلم تستطع عيناه أن ترى ما وراء الأشجار الشاهقة فاستند علي صخرة وراح عقله يسترجع الأيام القليلة الماضية. فمنذ أمس الأول فقط كان قلبه فزعا من تلك المسئولية التي ألقيت علي عاتقه بعد وفاة سيده. ولكن وقفته في محضر الرب جعلت قلبه يتشدد فيستعد لخوض القتال في سبيل تحقيق وعد الرب لهم.. لم يقل له الرب أن أعداءه أصحاب تلك الأرض ضعفاء, لكن كان وعد الرب أنه رغم قوة الأعداء هو معهم. بل كل أرض يدوسونها بأقدامهم تكون لهم. فصدق يشوع كلام الرب واستعد لسلب الأرض من أصحابها وتمليكها لشعب إسرائيل. (راجع سفر يشوع الإصحاح الأول حيث حصل يشوع على وعد الله)

ومنذ ثلاثة أيام أرسل جاسوسين ليتجسسا أريحا تلك المدينة الجميلة ذات الأشجار العالية والتي تزيد من جمال المدينة.. أيضا التي بها حقول الفاكهة النضرة... كل هذه الصفات تجعل المدينة مطمعا لكل معتد، فهي جنة صغيرة... ولكن ذلك الجمال محاط بالأسوار المنيعة التي تتحدى أي طامع... وعلي الرغم من أن المسيرة ذهابا وعودة لا تأخذ أكثر من يوم واحد إلا أن الجاسوسين الشابين لم يرجعا إلي الآن.. تري ماذا حدث لهما ؟ ذلك السؤال الذي جعل من النوم عدوا لرجل الله يشوع... تري هل اكتشفهم الأعداء ؟ .. هل قتلا ؟ أسئلة لم يجد لها إجابة.

***

وفي الظلام بدأ شخص يسير بتمهل خلف يشوع ويبدو أن النوم رفض مصاحبته هو الآخر.. وكأنما كان الرجلان علي موعد فالتقيا عند تلك الصخرة.
ويبادر الأخير يشوع قائلا
- لماذا هذا السهر ؟
نظر يشوع إلي الرجل الآتي من خلفه فابتسم له وقال
- أهو أنت يا كالب؟
- ومن غيري !! فيما تفكر ؟
نظر يشوع إلي الأفق البعيد وقال
- غدا هو الموعد الذي سوف نعبر فيه الأردن. لقد قلنا هذا للشعب. أتتذكر ؟
- وفيم القلق ؟ أليس الرب من حدد ذلك الميعاد ؟
- بالتأكيد.ولكن. ...
- لم يحضر سلمون وعثنئيل بعد.. أهذا ما تريد أن تقوله ؟
- أجل . هذا هو ما يشغلني
- سيعودان سالمين... أطمئن
- ليتهم يعودان الآن
- ولكن.. لماذا أنت وحدك ؟ ألا تخاف من الذئاب المفترسة ؟
نظر إليه يشوع لتلمع عيناه التي عاشت أكثر من ثمانين عاما ولم تفقد بريقها بعد... وقال لكالب
- الذئاب لا تخيفني.. لن يمسني أي منها بسوء
ضحك كالب قائلا
- ما هذه الثقة أيها الصديق ؟
نظر يشوع إلي كالب وفي عينيه اشتد البريق الذي يتحدى الزمن ثم قال
- إنه الوعد يا صديق عمري. نحن لم ندخل أرض الموعد بعد. تلك الأرض التي وعدنا بها الله.. وهو قال إني سأدخل تلك الأرض.. لذلك لن أموت وأنا مازلت هنا. لن أموت بدون تقسيم الميراث لهذه العشائر التي انتظرت وعد الرب
ابتسم كالب وقال
- أنت تثق جداً في كلمات السيد الرب يا عزيزي
- لم يخذلنا مرة واحدة... وحقق كل كلامه معنا وكل وعوده لآبائنا... على الرغم من عدم أمانتنا وطاعتنا... هو بقي أميناً... لم يخلف وعده أبداً...فلماذا يخلف وعده الآن... ثم... هو أقوى من أي عامل آخر ويستطيع حمايتي من أي خطر... وعلى وعوده أنا أتكل يا عزيزي... لست مغامراً على حساب قوتي الشخصية... ولكنها أمانته هو.
- أنا أيضا حصلت علي هذا الوعد.. أتذكر ؟

صمت يشوع ورجع إلي الوراء أربعين سنة كاملة. تذكر أياماً كان فيها شاباً في الأربعين من عمره ووقف هو وكالب يتحديان عشر رجال شاركوهما رحلة تجسس.. الجميع أصدروا تقريراً بأن إسرائيل لن تقدر علي عماليق.. ولكن يشوع وكالب فقط وقفا أمام العشرة وقالا " بل سوف ننتصر (سفر العدد 13: 20 ) علي عماليق بقوة رب الجنود إلهنا ". فتنهد ونظر إلي كالب قائلا
- حان وقت الانتصار أيها الصديق العزيز
- نعم.. أخيرا حانت اللحظة التي انتظرناها.. أربعين سنة كاملة من الانتظار. ولكن..
- ولكن ماذا ؟
- لا شيء.. لم يأت عثنئيل وسلمون بعد..يا إلهي.. لماذا أشعر بهذا القلق ؟

***
 

Maya

Hebrew Christian
عضو مبارك
إنضم
2 ديسمبر 2005
المشاركات
1,243
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
Jerusalem - Israel
أخ emad hanna

هكذا من البداية واصل لنا هذه السلسلة الجميلة التي تشد القارئ وتجبره حقاً أن يتابعها لما فيها من أحداث ومواقف وأسلوب في التقديم ، أتمنى أن تواصل هذه السلسلة وكما قلت ننتظر لحظة النصر ...

بانتظار الجزء القادم .....
 

blackguitar

غريبا عشت فالدنيا
عضو مبارك
إنضم
30 ديسمبر 2005
المشاركات
3,082
مستوى التفاعل
38
النقاط
0
لم يخذلنا مرة واحدة... وحقق كل كلامه معنا وكل وعوده لآبائنا... على الرغم من عدم أمانتنا وطاعتنا... هو بقي أميناً... لم يخلف وعده أبداً...فلماذا يخلف وعده الآن... ثم... هو أقوى من أي عامل آخر ويستطيع حمايتي من أي خطر... وعلى وعوده أنا أتكل يا عزيزي... لست مغامراً على حساب قوتي الشخصية... ولكنها أمانته هو.


عبارة جميله جدا ياريت كلنا نقولها

وقصص اجمل من العهد القديم اللى كله حكايات شيقه
احنا فانتظار الجزء التانى يا عماد
ربنــــــــــــــــــــــــــــا معـــــــــــــــــــــــــــــاك
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
عزيزتي
Maya
أشكرك كثيرا على هذا التشجيع


عزيزي
blackguitar
أشكرك على تشجيعك ... هذا التشجيع يجعلني استمر
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
(2)
ثلاثة أيام في قبر

في مكان بعيد كان سلمون راقداً في كهف مظلم في الجبل بالقرب من سور أريحا بينما كان عثنئيل عند فوهة الكهف يراقب السعاة من بعيد وهم حاملون المشاعل يبحثون عنهم في كل مكان.

كانت عينا عثنئيل منتفخة من السهر بينما بدا سلمون مسترخيا غير عابئ بالخطر.. نظر عثنئيل إلي سلمون في ضجر وهو يقول:
- هؤلاء الرجال لا يملون أبداً, إنهم يبحثون عنا في كل مكان .
نظر إليه سلمون وهو يقول في لا مبالاة
- لا تلتفت إليهم.. لن يستطيع أحد أن يظن أننا سرنا عكس الاتجاه الذي ينبغي أن نهرب إليه لقد كانت راحاب ذكية جداً إذ نصحتنا باللجوء إلي الكهوف.
- لو كانوا يفكرون مثلما تفكر لما كانوا يبحثون هنا الآن... إن السعاة منتشرون حولنا من كل جانب... إننا في حكم الموتى ولا أمل في النجاة.
- ليحمنا الرب... الذي أخرجنا من أريحا سالمين سيكمل معنا المشوار يا عزيزي... لا تخف... اهدأ وتعال لتجلس في الداخل قليلا.
ولكن عثنئيل لم يهدأ... بل أخذ يلف ويدور في الكهف ثم يرجع ويراقب الجنود المنتشرين من حوله في كل مكن بل أحيانا يكونون على بعد رمية حجر ثم يدورون ليرجعوا من جديد... ثم التفت إلى سلمون وقال:
- كأننا في قبر... ولنا فيه ثلاثة أيام كاملة، لقد دخلناه عند غروب أول أمس وها نحن في الفجر ... ولا يزال هؤلاء يبحثون عنا ... لو خرجنا من هنا أحياء نصير كمن قام من الموت!!! ... ترى هل سنخرج في الميعاد المحدد؟
- بالتأكيد... أن الله قادر أن يقيمنا من الموت لنخرج من هذا القبر السخيف... ثق به... هو الذي أنجح طريقنا إلى الآن وسيكمل.
- ولكننا تأخرنا، ثم علينا أن نمر من جديد ناحية أريحا.. كيف يمكن أن نفعل ذلك دون أن يرانا أي جندي ؟
- لا تخف.. سنجد طريقة حتما.. فمن الواضح أن راحاب لم تخوننا وإلا لكان الجنود قد أتوا إلي هذا المكان.

توقف الاثنان عن الكلام وبينما كان عثنئيل يحدق في أسوار أريحا يراقب الخارجين منها والداخلين خلالها كان عقل سلمون قد ذهب إلي بيت كاهنة عشتاروث الزانية راحاب. وسرعان ما ارتسمت في مخيلته صورتها الجميلة فابتسم في سعادة وهو يتذكر ذلك الوعد الذي وعده لها (يشوع 2: 21) " انتظريني.. سوف أعود " ثم راح يحدث نفسه بصوت مسموع
- يا ليتها تصدق كلامنا وتحتمي بذلك الحبل القرمزي فتنجو.
…ومن جديد أخذ يتذكر تلك الابتسامة العذبة التي ودعته بها.. لماذا هذا الاهتمام بهذه الشابة يا سلمون ؟!! إنها ليست من شعبك ولا تعبد إلهك فلماذا لا تنساها !!
أخذ سلمون يحدث نفسه كمن يحاول إبعاد صورتها الجميلة من مخيلته فلم يستطع.
كل هذا وعثنئيل يراقب باهتمام السعاة وهم يفتشون عنهم في كل مكان إلي أن رأي البوابة الكبيرة لمدينة أريحا تفتح ويدخل السعاة منها الواحد تلو الآخر وأذيال الخيبة والفشل يجرونها من ورائهم.

***

كان السعاة في منتهى الضيق وهم عائدون إلي المدينة منكسين رؤوسهم من الإخفاق.. وفجأة نظر أحد السعاة إلي الكهوف التي في الجبل وهو يقول
- لم نبحث في هذا المكان
رد زميله بيأس
- وهل من المعقول أن يختبئوا في مكان مكشوف لأعيننا جميعا، و عندما يخرجون منه يضطرون أن يمروا أمام عيوننا جميعا عندما يتركوه.. لا اعتقد أنهم بهذا الغباء
- علي الأقل نبحث في هذا الكهف البارز من الجبال.. لن نخسر شيئا.. تعال معي.
.. ومن بعيد رأي عثنئيل أثنين من السعاة مدججين بالسلاح يقتربان من الكهف الذي يختبئان فيه ولمعت عيناه وهو يرى ذلك الخطر الرهيب فهمس في رعب
- … يا الهي .

***
كان يشوع وكالب لا يزالان واقفين علي الجبل.. ومع إطلالة الفجر كان الندى يتساقط على الأرض... ليتذكر يشوع المن الذي انقطع منذ يومين... ذلك المن الذي كان يتساقط كالندي علي الأرض معلناً يوماً جديداً... في ذلك الوقت كان من المفروض أن يستيقظ الشعب ليبدأ في جمع طعامه اليومي.
وهنا تكلم كالب
- يشوع.. لا تجعل ذهنك يشرد هكذا.. الرب معنا فمن يكون علينا...
ثم ابتسم ساخرا وهو يرى بعض الفتية يخرجون من خيامهم بحثا عن المن... مما أصابه ببعض المرارة وقال ليشوع
- أنظر إلى بعض الفتية الذين خرجوا يبحثون عن المن
نظر يشوع إلي كالب وقال باهتمام
- ألم ينبه العرفاء على كل الشعب منذ ثلاثة أيام أن يجمعوا الزاد لثلاثة أيام كاملة؟ (راجع يشوع 1: 10)
- بالتأكيد.. ولكنك تعرف شعبك... من الصعوبة أن يطيعوا تعليمات جديدة... لقد ظنوا أنه يمكنهم الاستمرار في جمع المن إلى الأبد.
- لقد كانت مرحلة وانتهت... والمفروض أن نفرح لأنها انتهت...فهذا معناه أننا سندخل أرض الموعد في خلال الثلاثة أيام.
- اطمئن... لقد جمع الجميع زادهم ومن تأخر يستطيع أن يأخذ من جيرانه... ولكنها عادة عدم الطاعة التي دفعنا ثمنها غالياً من قبل.
- ليرحمنا الرب... إننا لابد أن نتحرك اليوم. أتمنى ألا يخذلني الشعب وينفذ التعليمات بالكامل.
- لا تقلق... سينفذون التعليمات بالكامل هذه المرة
ثم ابتسم كالب ليشوع ابتسامة مشجعة وتحرك الاثنان في اتجاه الخيام.. يتجه كالب إلي خيام يهوذا ليجد الطفلة عكسة مستيقظة فيمسح شعرها بحنان ويقول لها
- لماذا هذا الاستيقاظ المبكر يا عزيزتي... لقد انتهينا من عادة جمع المن منذ يومين... فلماذا تستيقظين في هذا الوقت؟
تألقت عينا عكسه في فرح وقالت
- إنني أنتظر عثنئيل يا أبتاه...هل سيعود عثنئيل اليوم.. لقد تأخر كثيرا.
حاول كالب أن يخفي قلقه وقال
- أجل يا بنيتي سوف يعود هو وسلمون بإذن الله.
ثم اتجه إلي خيمته لينام قليلا.
أما يشوع فلم يقدر أن يذهب إلي خيمته.. لقد عرف انه لن يستطيع النوم بأي حال.. فقادته قدماه إلي خيمة الاجتماع.
عزيزي
هل تعرف مواعيد الله... لقد صدق رجاله القديسون مواعيده، فعرفوا القوة الحقيقية التي تعطيهم النجاح في الحياة... تلك القوة المتمثلة في حفظ مواعيد الله بالكامل ... تلك المواعيد التي قدمها لنا الله في كتابه المقدس ... الذي من خلاله نستطيع أن نتمسك بمواعيد نحصل من خلالها على حياة أبدية ... لا تنس أبدا مواعيد الله لأنها صادقة لنا ومن خلالها حياة أبدية.
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
(3)
ذبيحة صلاة

اخذ عثنئيل يراقب في اهتمام ذلك الجندي الذي يحمل سلاحه ويقترب إلي ذلك الكهف المحفور في الجبال.. بينما كان الجندي الآخر يقف ينتظره على بداية الطريق..توترت كل عضلة من عضلات الجاسوس الشاب إذ كان مدركا الخطر المحدق به هو وصاحبه..وبينما كان الجندي يقترب في إصرار كان عثنئيل يتلفت حوله باحثا عن أداة يمكن استخدامها كسلاح يدافع بها عن نفسه وعن رفيقه سلمون إذ كانا بدون سلاح، و لكن لم يجد أي شيء في ذلك الكهف... لحظات مصيرية في مهمتهما إذ أن اكتشافيهما أكيد.. وبالتالي نهايتهما أيضا أكيدة وسط هذا الحشد من الجنود.. نظر عثنئيل إلى سلمون الذي أفاق من تأملاته و أدرك الخطر الآتي من بعيد فحدق بعينيه ولكنه بدوره لم يدر ماذا يفعل.. كل هذا والجندي يقترب إلى الكهف بخطوات منتظمة.
***
لم يكن اليعازر رئيس الكهنة قد قدم محرقاته اليومية بعد إلى الرب..كان يقف بثيابه البيضاء أمام المرحضة يغتسل لكي يطهر نفسه واضعا عمامته المزركشة بجانبه حتى لا تبتل..كان االلاويون والكهنة داخل القدس برائحته الذكية من مذبح البخور الذهبي.وكان اللاويون والكهنة الصغار يعدون المذبح النحاسي في الفناء لاستقبال ذبائح الشعب التي يقدمها كذبيحة خطية تقدم يشوع نحو خروف كبير و أمسك به وهو يقول لأحد اللاويين
- هذا هو الخروف الذي أحضرته مساء أمس … أليس كذلك؟.
- نعم سيدي.
ثم ساقه يشوع نحو المذبح النحاسي بينما كان اليعازر قد انتهى من الاغتسال وأخذ يصلح من عمامته ثم تقدم بدوره إلى المذبح بلحيته البيضاء ووجهة المشرق المنير وثيابه الناصعة البياض.. فتقدم إليه يشوع قائلاً:
- السلام لكاهن شعب الله.
- مرحباً بك يا سيدي.
- اليوم بعد أن نقدم ذبائحنا للرب اجعل غلمان اللاويين يفكون خيمة الاجتماع استعدادا للرحيل…
- هل حان الوقت يا سيدي؟
- أجل.. اليوم سوف تبدأ رحلة الدخول …
ثم صمت قليلا وأشار إلى خروف ضخم وقال لرئيس الكهنة
- ولكني الآن أريد أن أقدم هذا الخروف ذبيحة ليكون بديلا عني فيدفع ثمن أي خطية أو ذنب يمكن أن أكون اقترفته سهواً.. إنني أريد أن أرضى الرب فينجح طريقنا.
فنظر اليعازر إلى يشوع وقال:
- اتبعني.
وفي خشوع تبعه يشوع إلى المذبح.
ثم أكمل اليعازر:
- أرى أنك جئت بخروف يحمل عنك ذنبك ... ويحصل على عقاب خطيئتك عوضا عنك
- نعم، وكنت أعلم أن هذا واجب … يجب أن يموت ذلك الخروف عوضاً عني.
- أجل... فهكذا قال الرب الإله... أجرة الخطية هي موت... وبدون سفك دم لن تحدث المغفرة لخطاياك.. إنك بخطيتك أمام الرب مديون للرب بحياتك.. وبما أن عاقبة الخطية هي الموت... فمن الواجب أن تموت الآن أو يموت ذلك الخروف بديلاً عنك.

وبهدوء وضع الكاهن يده على رأس الخروف وأمسك بالسكين وسرعان ما جرى دم الخروف فوق الرمال.

وبينما كان يشوع يتنهد متنفساً الصعداء ورافعاً نظره إلى السماء شاكراً الله..لأنه صفح عن تلك الخطية التي اقترفها عن غير قصد.
فقال محدثاً السماء :
- أشكرك إلهي وأحمدك
وبعدها بدأ الكاهن اليعازر بتقديم كل ذبائح الشعب التي تقدم بها إلى الله ليسامحه عن سهواته، وبعد أن انتهى رئيس الكهنة من تقديم ذبائح الخطية والإثم ... بدأ يقدم ذبيحة المحرقة ليستنشق منها الله رائحة السرور والرضي عن ذلك الشعب الذي رآه من خلال الذبيحة بارا وغفر له خطاياه ... تلك كانت واجبات رئيس الكهنة اليومية... وبعدها قال له يشوع الذي كان يراقبه باهتمام:
- لا تنس أن تذبح أيضاً ذبائح سلامة والتي من خلالها نستطيع أن ننال رضي الرب.
- أليس من المفروض أن نقدم ذبيحة السلامة بعد أن يتم الله وعده لنا
- سوف يتمم وعده... هو أمين يا عزيزي... إني أرى وكأني دخلت أرض الموعد فعلا... قدم ذبيحة سلامة يا عزيزي رجل الله
ابتسم اليعازر وقال ليشوع:
- الرب معك يا جبار إسرائيل.. لا تخف.. فالله معك لذلك كل ما تصنعه ينجح.

ودخل رئيس الكهنة القدس ... ذلك المكان الذي لا يحق دخوله لغير الكهنة ليرى المنارة المصنوعة من الذهب النقي والتي ترسل نورا جميلا يملأ المكان ويعطيه جمالا فوق جمال... ولبس رداءه الخارجي المزركش بألوانه الأربعة الأزرق.. والأرجواني .. والقرمزي.والأبيض. .. وكله مخيط بخيوط من ذهب.. إذ إنه الكاهن الأعظم الذي سوف يشارك يشوع تقسيم الأرض حسب أمر الرب... وبدأ يمارس عمله الكهنوتي

وبينما كان اليعازر يمارس واجباته الكهنوتية داخل القدس كان يشوع خارج الخيمة وقد عاد إليه هدوء نفسه واطمئنانه.. فاتجه إلى خيمته ليستريح قليلاً.
***

الحواشي
ــــــــــــــــــــ
اليعازر:اسم معناه الله عون
لآوى:هو سبط (عشيرة) من أسباط إسرائيل ،وهو مخصص فقط لخدمة الرب و الخدمة في بيت الرب ،ولا يعد من الاثني عشر سبطا.
هذا المذبح مخصص لتقديم الذبائح المختلفة كان موجودا في صدر الخيمة وكان مصنوعا من خشب السنط وكانت الذبائح تقدم عليه بدون انقطاع فيسكب دمها على النار دائما ويتصاعد دخانها الى السماء بصورة متواصلة
ذبيحة الخطية: كانت هذه الذبيحة تقدم للتكفير عن خطايا السهو أو الجهل، عند اكتشاف الخطأ. وكذلك إذا سمع أحد حلفا ولم يخبر به، أو إذا مس شيئاً نجساً من غير وعي، كان يجب أن تذبح ذبيحة الخطية في المكان الذي تذبح فيه المحرقة أمام الرب، فهي قدس أقداس، كما كان يجب أن تؤكل في مكان مقدس في دار خيمة الاجتماع، وكل من مس لحمها يتقدس. وإذا انتثر من دمها على ثوب يغسل في مكان مقدس. وإذا طبخ في إناء خزفي، يكسر الإناء. أما إناء النحاس فيُجلى ويُشطف. وكل ذبيحة يُدخل من دمها إلى خيمة الاجتماع للتكفير في القدس لا تؤكل بل تحرق بالنار (لا 24:6 ـ 30، عب 11:13).
كانت ذبيحة الإثم تقدم للتكفير عن الإثم باعتباره ضد أحكام اللـه، وكان يلزم أن يصاحبها التعويض،إذ كان على المذنب أن يرد المسلوب ويزيد عليه خمسه، فهي للتكفير والتعويض. والمسيح هو ذبيحة الإثم الحقيقية (إش10:53و12)، فقد كفًّر بموته على الصليب عن خطية الإنسان، ورد للـه مجده بأكثر مما سلبه الإنسان، كما يقول بروح النبوة "رددت الذي لم أخطفه" (مز4:69). عن دائرة المعارف الكتابية
ذبيحة المحرقة: كانت ذبيحة تقدم سواء مع ذبيحة الخطية أو مع ذبيحة الاثم أو مع ذبيحة السلامة ... فيجب أن تحرق الذبيحة بالكامل ويرى الكثير من المفسرين أن ذبيحة المحرقة التي كانت تحرق بتمامها ، تشير إلى تقديم الرب يسوع نفسه بروح أزلي للـه بلا عيب (عب 14:9). وكانت المحرقة هي أساس كل الذبائح، حتى ليسمى المذبح النحاسي "مذبح المحرقة" (خر16: 35) عن دائرة المعارف الكتابية
ذبيحة سلامة: كانت تقدم شكراً للـه واعترافاً بفضله وتعبيراً عن الشركة.
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
(4)
الحياة من بعد موت

أخذ جاجوم وشيشرون يراقبون منظر السعاة الذين دخلوا أسوار أريحا وعلامات الفشل تكسو ملامحهم.. ثم نظر جاجوم إلى الجندي الذي عند البوابة وقال له:
- هل حضر الجميع ؟
- كلا يا سيدي يوجد رجلان ذهبا إلى الجبال والكهوف.
نظر إليه جاجوم في استياء وقال:
- لا فائدة من كل هذا.. لقد رحل الرجلان قبل أن نبدأ في البحث تماماً.. لابد أنهما الآن قد وصلا إلى ذويهم … أحضر الرجلين فوراً.
- أمرك يا سيدي .

كان الجندي على بُعد مائة قدم تقريباً من الكهف وبينما كان عثنئيل وسلمون يحبسان أنفاسهما حتى لا يصدر عنهما أي صوت …. كان هناك جندي ثالث يجري محاولاً اللحاق بهم فهمس عثنئيل….
- يا إلهي لقد أصبحوا ثلاثة
***

وصل الجندي الثالث إلى الجندي الواقف منتظراً زميله …. ثم قال له:
- سيدي جاجوم يأمركما بالعودة فوراً … كل هذا لن يجدي طائل منه. لن تجد هنا إلا عظام الأموات في هذه الكهوف
ثم صرخ:
- أيها الجندي….
فوقف الرجل المتجه إلى الكهوف … ونظر إليه قائلاً:
- احضر فوراً.. قائدنا يريد الاجتماع بالجميع
وفي تخاذل عاد الجنود الثلاثة إلى أريحا.

***

- استعد يا سلمون، أول ما يغلق الباب الكبير ستكون هذه هي الفرصة الوحيدة للهرب … وهم يتكلمون مع قائدهم ….

ووقف الرجلان خارج الكهف ينتظران في اهتمام ومع دخول الجنود الثلاثة إلى السور ومع إغلاق الباب… انطلق الرجلان كالسهم، وفي خفة اقتربا من أريحا … ثم بهدوء تجاوزاها … متخذين طريقهما إلى نهر الأردن من جديد.

لم يرهما أحد من الجنود لكن من كوة صغيرة كانت هناك فتاة ساهرة.. ترقب في اهتمام ما يحدث … وتعبث في خيط قرمزي بيدها... كانت راحاب، وما أن شاهدت كل ما حدث حتى تنفست الصعداء... وذهبت بدورها للنوم بعد ثلاثة أيام من السهر لم تترك مكانها أبدا.

***
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
(5)
التقرير

كان كل شعب إسرائيل قد انتهى من تناول إفطاره من ذلك الزاد الذي تزود به منذ ثلاثة أيام بناء على أوامر يشوع … وأيضاً قدم محرقاته وذبائحه أمام الرب.
وعندما انتهى اليعازر وبقية الكهنة من تقديم الذبيحة أمر الشعب أن يجهز نفسه للرحيل .. وبدأ الشعب يفك خيامه من جديد ويرتبها ويطويها .. كان شعب إسرائيل يملأ غابات شطيم حركة .. وكان الجميع مشغولين تماماً في حل الخيام استعدادا للرحيل..
أما اللاويون فقد بدأ كل فرد فيهم يمارس دوره في حل خيمة الاجتماع بحرص شديد ونقل محتوياتها الثمينة … وبعناية شديدة خرج تابوت العهد. ذلك التابوت الذي سوف يقود مسيرتهم خلال الفترة القادمة إذ أنه يمثل الحضور الإلهي وعندما ظهر تابوت الرب ابتعد الشعب مسافة كافية تسمح بوجود التابوت في الوسط والتابوت عبارة عن صندوق خشبي مغشي من الداخل والخارج بالذهب النقي بطول ذراعين ونصف وعرض ذراع ونصف .. وفوقه تمثالان يمثلان ملاكان ذهبيان .
وقف جميع اللاويين يحمل كل منهم جزءاً من أجزاء الخيمة ينتظرون أمر اليعازر بالرحيل.
كان الجميع مشغولين بالتفكير في أمر عثنئيل وسلمون لا يدريان لماذا لم يأتيا إلى الآن كل في أفكاره دون أن يعلن للآخر.
وبينما كان كالب يشرف على منقولات خيمته اتجهت طفلته ذات الخمسة أعوام عكسة إليه وهي تقول :
- لقد تأخر عثنئيل يا أبتي .. لماذا ؟ ألم تقل أنه سيأتي اليوم؟
فنظر كالب لها بحنان وعندما هم بإجابتها جاءه صوت صرخة فرح في أرجاء العشيرة سرعان ما انتشر بين الرجال.
- لقد وصل عثنئيل وسلمون.
ابتسم كالب ابتسامه كبيرة وقال لابنته :
- لقد وصل عثنئيل وسلمون … هيا لنكون في استقبالهما وبابتسامة بريئة أخذت عكسة تجري لتستقبل ابن عمها عثنئيل .. ومن بعيد كان عثنئيل وسلمون يسيران بثقة وهدوء تجاه الشعب.
***
وقف ملك أريحا أمام هيكل البعل الذي في وسط أريحا .. يسجد عند قدمي بعليم وهو يدعي بأدعية مختلفة بينما كان الكاهن ومساعده ينظران إليه ثم قال الكاهن له :
- أيها الملك عش إلى الأبد .. ولا تخف من أي شر يصيبك ….
نظر ذلك الملك بعيون زائغة ثم قال :
- كيف؟…. وقد سمعنا أن هؤلاء السحرة في الطريق إلينا … ألم تسمع ما فعلوه بالمصريين؟
نظر الكاهن إليه نظرات نارية وقال :
- سوف يحمينا البعل أيها الملك … ثق به.
- ولكن إلهنا لم ينجح في يوم من الأيام أن يشق بحراً أو حتى نهراً .
غضب الكاهن وهو يقول :
- أتستهزئ بإلهنا العظيم ؟ رحماك أيها البعل العظيم .. لا تغضب منه .. وأغدق علينا برحمتك حتى لا ينال منا أعداؤنا .
صرخ الملك وقد شعر بفداحة خطئه وقال :
- كلا سيدي .. إنني لا أقصد الإساءة … فاغفر ذلة لساني … وها أنا أقدم عطاياي وذبائحي أمامك لكي تغفر لي وتنجي مدينتنا الحبيبة من الهلاك.
نظر الكاهن إليه والشر يتطاير من عينيه وقال :
- أغدق العطاء أيها الملك .. أغدق العطاء فيستمع إليك البعليم ويذهب ليحارب أمامكم. أخرج الملك مجموعة كبيرة من الحلي والذهب النقي وقدمها للكاهن الذي أغمض عيناه وعاد للسجود ….ثم قال :
- لن يأتي الأعداء في هذا الوقت أيها الملك … سوف ينتظرون حتى يأتي الشتاء .
نظر مساعد الكاهن إليه في دهشة مما يقوله سيده الكاهن ولكنه لم يتكلم بل أخذ يردد أدعية بصوت غير مفهوم .
بينما أقترب الملك وقد لمعت عيناه … وقال :
هل تؤكد ذلك أيها الكاهن ؟
نظر إليه الكاهن بعيون لامعة وقال :
- لن يأتي أعداؤك إلا في الشتاء … وسوف تسحقهم بقدميك أيها الملك … فقط أغدق العطاء للإله بعليم وسوف يحارب عنك.
سمع الملك هذا الكلام وتنفس الصعداء واستعد للرحيل حتى جاءه صوت الكاهن من جديد ….
- لا تنس أن تغدق العطاء للبعليم فيرحمك، ويرجع عن غضبه، أيضا لا تنس في المساء أن تذهب للصلاة للإلهة عشتاروث زوجة بعليم … وتقديم فرائض الولاء لها … حتى تحث زوجها على القتال ..
- سيحدث أيها الكاهن …
وخرج الملك من المعبد وهو راضٍ تماماً.
***
التف رؤساء شعب إسرائيل حول عثنئيل وسلمون وهما يقدمان تقريريهما ليشوع . وكان الشعب في لهفة واضحة ينتظر هذا التقرير ….
قال يشوع :
- ماذا حدث … لماذا تأخرتما ؟
رد عثنئيل :
- سوف نقص عليكم كل شيء … فقط عليكم معرفة أهم شيء في التقرير .
- ما هو ؟
- إن الرب قد دفع بيدنا الأرض كلها وقد ذاب قلب كل سكان الأرض بسببنا (يشوع 24:2)
***
تقدم مساعد الكاهن إلى سيده وهو يقدم البخور العطرة للإله بعليم … ثم قال له :
- سيدي
- ماذا تريد يا سنحارا
- كنت أسأل … لماذا قلت إن العبرانيين لن يأتوا إلا في الشتاء ؟
ضحك الكاهن ضحكة شيطانية خبيثة وهو يقول :
- إنه الحصاد يا سنحارا .. الحصاد … لن يأتي إلى هنا أحد قبل الشتاء .
- لم أفهم
- إن نهر الأردن في حالة فيضان . وهو منحدر ضخم لا يستطع أحد العبور منه في هذا الوقت من العام … المعابر أُغلقت أو تغطت بالكامل بالماء … والعبرانيون لا يستطيعون العبور حوله لأنهم ليسوا ذوي خبرة بالغابات فكيف يعبرون ؟
- يقولون …
نظر الكاهن إليه بتساؤل
- ماذا يقولون ؟
- يقولون إن إلههم قوي … أقوى من بعليم .. وسوف يتقدمهم و….
ضحك الكاهن وقال :
- أما بعليم فنحن أدرى بقوته … ولكن لو كان إلههم قوياً حقاً فكيف صبر كل هذا الوقت حتى يصلوا إلى هذا المكان من مصر … ثم إن نبيهم وساحرهم مات .. وبالأمس القريب كانوا يبكونه … كيف يعبرون وحدهم ‍‍‍‍‍.
قال سنحارا بتردد :
- أليس لنبيهم مساعد يحمل القيادة من بعده
- بلى .. ولكن لن يكون مثل الساحر الكبير الذي تربى بعلم المصريين وعرف سحرهم واستمد قوته منهم … وأستطيع أن أتحدى أن بديله لا يستطيع أن يفعل ولو جزءاً صغيراً مما فعله الأول.
- إذن فأنت واثق أنهم لن يستطيعوا العبور من ذلك النهر بنفس طريقة عبورهم بحر سوف .
- شق البحر؟ بالتأكيد لن يفعلوا … فساحرهم مات … والأردن منحدر رهيب لن يستطيع أحد إيقافه … فهو أعظم من بحر سوف الذي عبروا منه قبل أربعين عاما... فالأردن طالما هو يستقبل الثلج الذائب من مرتفعات الشمال يكون في حالة فيضان. ذلك الفيضان الذي يجعل شطآنه تنغمر تماماً ... ومع ذوبان الثلج يحدث انحدار شديد للمياة الأمر الذي يجعلني أثق أنهم لن يصلوا إلى هذا أبداً .
وتعالت ضحكات ساخرة رنت في أرجاء المعبد.

***********
الحواشي
سبط لاوي هو فقط المسئول عن خدمة خيمة الاجتماع - حلها ، ربطها و حملها وذلك لوظيفتهم الكهنوتية.
وصف التابوت تجده في "خروج 25: 10-22"
كل الأسماء التي ذكرت في مدينة أريحا وهي جاجوم ،شيشرون وسنحارا ليس لها وجود كتابي أو تاريخي فالكتاب المقدس لم يذكر من اسماء سكان أريحا غير اسم راحاب … ولكن الكاتب اضطر إلى ابتكار هذه الأسماء لتُعينه على تكملة الحدث الدرامي للقصة.
وهذا أيضاً غير صحيح .. فموسى كان أقوى بمعونة الله من كل سحرة مصر.
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
(7)
لنعبر.. ويتمجد اسم إلهنا



استيقظت راحاب من نومها على صوت أبيها وهو يصرخ غاضبا في الردهة الخارجية.. ثم جاءها صوت أمها الخائف من غضب أبيها وهي ترد عليه بنبرات ويبدو أن أمها كانت تحاول أن تجد لها العذر. فقد استشاط والد راحاب غضبا بعد أن عرف أن راحاب لم تذهب تلك الليلة إلى معبد عشتاروث.. أخذت تحاول أن تستمع إلى الحديث.. فوجدته يقول لوالدتها
- أنا لا أعرف لماذا تفعل بنا هكذا.. في الوقت الذي ينبغي لها فيه التواجد دائما في الهيكل لتنال من هبات المصلين الخائفين أجدها تمكث في غرفتها ثلاثة أيام كاملة.
وجاءها صوت أمها... كان صوت مرتجف يكاد يسمع بصعوبة ...
- ربما كانت تعبة هذه الأيام.. وأنت تعرف متطلبات الإلهة عشتاروث
ولم تستمع إلى باقي الحديث إذ قامت من نومها تفرد جسمها وهي لا تبالي بأي كلام قيل..
وذهبت إلى الكوة لتطمئن على أن الحبل القرمزي موجود مكانه وفي لحظة تذكرت فجأة الرجلين وهما يهبطان من تلك الكوة ونظرات سلمون لها.. وتذكرت كلماته.
- اطمئني .. سوف أعود

ابتسمت لكلماته.. فكلماته لا معنى لها.. أو بالحري ليس من المفروض أن تسعدها هذه الكلمات.. وما لبثت أن ضحكت وهي تلاحظ هذا التناقض.. فكيف تطمئن وهو قادم لتدمير مدينتها وحياتها .. ثم أخذت تعبث بالحبل وهي تقول
- ترى .. هل ستكون أنت سبب نجاتي ونجاة عائلتي أيها الحبل القرمزي؟

وسرعان ما سرحت في ذلك الفتى ووعده لها. ( احتمي بذلك الحبل القرمزي.. وسوف نستبقيك حية أنت وكل من يحتمي بهذا الحبل) ... إنها لم تقابل هذين الجاسوسين من قبل ولكنها كانت تصدقهما .. لماذا ؟ هي لا تدري!!

أفاقت راحاب من تأملاتها ونزلت إلى أسفل حيث تعيش أمها وأبوها .. وما أن رآها والدها حتى أصابه مس من الجنون فاندفع إليها وأمسك بشعرها وهو يقول:
- أيتها الكاهنة الحمقاء... لماذا لم تذهبي إلى عشتاروث حيث تنالين قسطا كبيرا من تقدمة الشعب.. هل هذا وقت البقاء بالمنزل؟
تخلصت راحاب بسرعة من أبيها وهي تقول:
- إنني لن أذهب إلى ذلك المعبد مرة أخرى.
وما أن سمع أبوها هذا الكلام حتى ثارت ثائرته وقال في حد:
- بل ستذهبين .. والليلة
قالت متوسلة
- لم يعد هذا يجدي يا أبي.. فالعبرانيون قادمون ولن يقف أحد في طريقهم
أخذ يصرخ ويقول :
- بل سنقف جميعا في طريقهم.. لن يستطيع أحد دخول المدينة.. سيقف إلهنا البعل ليحارب بجانبنا.. أنظري إلى جمهور المصلين الذين هم منذ الصباح الباكر في معبد البعل.. وستقف عشتاروث الإلهة وراءه تحثه على القتال... فما أكثر المصلين والذين يتعبدون لها طوال المساء. لن ينجح هؤلاء العبرانيون في دخول أريحا ... هل تسمعين ؟ لن ينجحوا
- أنت واهم يا أبني ... كل هذا الهراء لا يفيد بشيء ... ونحن نعلم هذا.
صرخ الوالد بصوت عاصف
- ليس هذا فقط أيتها الكاهنة ... بل أيضا لدينا أسوارنا التي سوف تحمينا وسواعد رجالنا القوية التي سوف تسحق كل معتد.. وسننتصر.. فقط عليك أن تذهبي للعشتاروث وتحثيها على الوقوف خلف....
ردت راحاب صراخ أبيها بصراخ مماثل مقاطعة إياه وقالت
- كلا يا أبي .. لن يحدث هذا.. أنا أدرى الناس بقوة عشتاروث.. إنه وهم صدقناه جميعنا .. ومجرد وسيلة للارتزاق.. ولكنهم هم يعبدون الهاً حقيقياً قادراً على صنع طريق في بحر المصريين، وربما صنع طريقا آخر في ذلك المنحدر الكبير لنهر الأردن
نظر إليها أبوها وبصراخها عاد إليه هدوءه وقال
- فقط عليك البقاء في الهيكل تكهنين للعشتاروث... هذا كل واجبك الآن ... حتى تحصلي على التقدمات... أيتها الحمقاء... إنها فرصة للثراء ... اليوم ستذهبين .. هل سمعت .. اليوم؟
وتراجع قليلا وقد احمر وجهه من الغضب واستمر يتوعد ويقول
- سأذهب بك إلى المعبد بنفسي.. وإذا لم تفعلي سأقتلك بيدي...
شحب وجه راحاب ولم تستطع أن تنطق خوفا من والدها الذي لم يعد يفكر إلا في التقدمة التي فقدها .. فقالت في خوف:
- أجل يا أبتي .. سوف أذهب .. ولكن لا تقل لي إني لم أحذرك
***
وصل الشعب إلى النهر.. ووقف ينتظر كلمات يشوع وفي وسط الشعب نظر الجندي الصغير اليمالك لابن عمه سلمون وقال
- كيف عبرتم ذلك النهر المخيف؟
نظر سلمون إليه وقال
- لقد كنا اثنين فقط وعبرنا من المعابر .. ورغم ذلك واجهنا الموت في عبورنا.. إذ كنا لا نرى المعبر أصلا.. ولكننا خضنا المياه وراء الحيوانات التي تعبر.. أما الآن فالعبور بهذه الطريقة مستحيل بمواشينا وخيامنا ونسائنا.

وكان الجميع ينتظر كلمة يشوع الأخيرة ولكن في هذا الوقت كان يشوع يستمع إلى صوت الرب
فقال الرب ليشوع
اليوم أبتدئ أعظمك
في أعين جميع إسرائيل
لكي يعلموا أني كما كنت مع موسى أكون معك
وأما أنت
فأمر الكهنة حاملي تابوت العهد قائلا.. عندما تأتون إلى ضفة مياه الأردن تقفون في الأردن... (يشوع 3: 8)
***
وخرج يشوع من محضر الرب وتقدم الجماعة حتى وصل إلى الكهنة خلف التابوت ثم صرخ في الشعب
- تقدموا إلى هنا اسمعوا كلام الرب إلهكم.. بهذا تعلمون أن الرب الحي في وسطكم وطرد من أمامكم هذه الشعوب ... هوذا تابوت عهد سيد كل الأرض عابرا أمامكم في الأردن فالآن انتخبوا اثنى عشر رجلا من أسباط إسرائيل ... رجلا واحدا من كل سبط ويكون حين تستقر بطون أقدام الكهنة حاملي تابوت الرب سيد كل الأرض كلها في مياه الأردن المياة المنحدرة من فوق تنغلق وتقف ندا واحدا (يشوع 3: 9-13)

ونظر الشعب كل واحد إلى صاحبه ولم يستطع أحد أن يتكلم ولكن أيضا لم يستطع أحد أن يمنع نفسه من الدهشة.. وانتظروا في لهفة كيف يمكن أن يحدث هذا الأمر الخطير..

***

وقف شيشرون أمام البوابة بعد أن خرج من المعبد ووقف إلى جانبه قائده جاجوم يراقبان من بعيد..
نظر جاجوم إلى شيشرون وقال:
- هل أتاك أي تقرير من جواسيسك الذين على حافة النهر يا شيشرون؟
- أجل يا سيدي.. العبرانيون على النهر الآن ينتظرون العبور
- إذن المواجهة ستكون اليوم
- أو ربما غدا.. فهم في مواجهة أريحا بالضبط وليس هناك سبب للتأخير
- وهل استعددت جيدا؟
- لقد فعلنا جهدنا يا سيدي .. وليحمنا بعليم, ها هي الحراسة على أشدها وطردنا كل الغرباء الذين في المدينة وأوقفنا حالة البيع والشراء.. وحاملي الأسهم على الأسوار منتشرون بكثرة. هل هذا يكفي يا سيدي؟
- كلا بالطبع.. ليس كفاية.. ولكن لننتظر حتى نرى كيف يعبرون
وفي هذه اللحظة جاءهم صوت من الخلف
- اطمئنوا.. لن يعبروا إلا في الشتاء:
نظر الرجلان إلى مصدر الصوت وفوجئا أنه صوت ملك أريحا فانحنيا في مهابة وهما يقولان
- مرحبا سيدي الملك
نظر الملك إلى البوابة وقال
- إنني أرى أن هذه الاستحكامات لا حاجة لها.. إنهم لن يأتوا إلا بعد أن يكف الأردن عن غضبه وثورته.. وهذا لن يحدث إلا في أواخر الصيف وبداية الخريف
قال جاجوم:
- ولكن سيدي كل الدلائل تشير على أنهم قادمون
- أي دلائل ؟
- الجواسيس على الأقل
- ولكن كيف يعبرون؟
نظر جاجوم إلي شيشرون فأكمل الكلام شيشرون قائلا
- لقد يبس بحر سوف أمامهم وهم يهربون من أرض مصر(خروج 15: 14-30)
- ومن الذي قام بهذا العمل؟
- قائدهم موسى
- وأين هذا القائد؟
- كانوا يبكونه منذ أيام
- إذن فالوحيد القادر على هذا الأمر قد مات
قال جاجوم:
- ربما يمتلكون قوة أكبر
ابتسم الملك وقال
- قوة أكبر ؟ أكبر من بعل أريحا .. أقدر من عشتاروث؟ كلا.. لا أظن.. لقد وعدني الكاهن أننا سننتصر وقال إنهم لن يأتوا إلا في الشتاء
نظر شيشرون إلى جاجوم الذي بدا غير مقتنع ثم قال جاجوم
- أتمنى أن يصدق كاهن بعليم.. وها نحن وضعنا مئات الجواسيس بالقرب من الأردن .. وهم الآن يرون ما يفعله ذلك الشعب جيدا... ولتحمنا الآلهة

أبرقت عينا الملك وصاح في ثقة
- سوف تحمينا الآلهة يا صديقي.. سوف تحمينا
ونظر الملك إلى أسوار أريحا
وبدا كما لو كانت تلك الأسوار تضحك في انتصار
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
(8)
لقد فعلها اله آبائنا



كان نهر الأردن ممتلئاً إلى جميع شطوطه إذ كانت الأيام أيام حصاد، وكان شعب إسرائيل يقف قبالة أريحا.. الكهنة حاملو التابوت أولا ومن ورائه وعلى بعد ألفي ذراع كان يسير بقية الكهنة ومن ورائهم كان يسير باقي الشعب كل واحد في سبطه.. وكان الجميع يتطلعون إلى يشوع وأوامره.

ترك يشوع مكانه في سبط افرايم ووقف في المقدمة دون أن يتعدى الحدود المسموح بها وهي ألفي ذراع عن تابوت العهد بينما كانت كل عائلة من الشعب توزع أمتعتها على أفراد الأسرة فيحمل كل شخص شيئاً من تلك الأمتعة ، وكان الكل مستعدا للرحيل. ومن بعيد جاء صوت يشوع إلى الكهنة حاملي التابوت
- تقدموا في داخل الأردن

وعلى الرغم من غرابة الأمر أشار اليعازر رئيس الكهنة إلى حاملي التابوت وبكل طاعة تحرك الكهنة كما لو كان أمامهم طريق ممهد لا شلال ضخم مميت... وفي هدوء تحرك الكهنة, وما أن لمست أرجلهم النهر حتى حدث شيء رهيب ومثير...

***

في الطرف الثاني من الشاطئ كان يقف جواسيس الشعوب المجاورة وهم يتطلعون إلى الشعب، كان عدد هؤلاء الجواسيس بالمئات.. إذ تحول كثير من الصيادين وجامعي الأخشاب، والعمال إلى جواسيس ينتظرون رؤية الذي يفعله هؤلاء القوم كان في أذهانهم الذي فعله شعب إسرائيل في بحر المصريين.. وكانوا يتساءلون .. هل تتكرر هذه الفعلة التي حدثت منذ أربعين سنة كاملة؟!! ... لم يكن هؤلاء الجواسيس من أريحا فقط بل من كل المدن التي بجوار أريحا.. كان الجميع يشعرون بذلك الخطر القادم من خلف الأردن.. كانوا من داخلهم يحددون مقياس القوة لذلك العدو المجهول بالطريقة التي سوف يعبرون بها الأردن.. وأخيرا رأوا الشعب وهو يتحرك.
قال أحدهم
- ماذا يفعل هؤلاء الحمقى؟
يرد الآخر
- إنهم يحاولون العبور سباحة
- وماذا يحملون في هذا الصندوق؟
- انه أشبه بالتوابيت التي يدفن فيها المصريون موتاهم.. لماذا يضعونه في المقدمة؟
وشاهد الجميع تحرك الشعب وما أن رأوا الكهنة حاملي التابوت يدخلون إلى داخل النهر حتى وقعت قلوبهم في أرجلهم من الرعب وهم ينظرون إلى النهر وما يحدث فيه.. كان الذي يحدث شيء رهيب.. رهيب بحق .

عندما ابتلت بطون أرجل الكهنة بمياه الأردن انفصلت مياه الأردن المنحدر وبدا كما لو كان هناك سور شفاف هبط إلى الأردن وصنع سدا كبيرا فتوقف انحدار الماء الآتي من أعلى وانحدرت البقية الباقية من الماء إلى البحر الميت.. وصنع قبالة أريحا طريقا طويلا...
... فدخل التابوت بكهنته إلى داخل الأردن وسط دهشة شعب إسرائيل الذي صمت تماما من الرهبة .. والشعب يرى المياه المتدفقة من أعلى تصطدم على ذلك السور الوهمي ولا تعبره .. والمياه تتعالى وتتعالى ... ومع الوقت يتزايد حجم المياه جدا ولكن السور يحجز كل هذه المياه فلا تعبر أي منها... بينما في الجهة الأخرى تتناقص المياه كثيرا إذ تأخذ طريقها إلى البحر الميت بسرعة

فوقف الكهنة حاملو تابوت عهد الرب على اليابسة وسط الأردن راسخين وجميع إسرائيل واقف على شط الأردن ينتظر السماح لهم بالعبور (يشوع 17:3)

***

هرب أغلب جواسيس أريحا.. الجواسيس الذين استطاعت أقدامهم أن تحملهم وهم يصرخون.. سوف يعبر العبرانيون.. صنعوا طريقا في الأردن.. وانتقلت الصرخات الفزعة من شخص إلى شخص انتقال النار في الهشيم حتى وصلت إلى جاجوم وشيشرون الواقفين على بوابة المدينة.
كان الجنود يصرخون في رعب
- صنع إسرائيل طريقا في الأردن.. صنع إسرائيل طريقا في الأردن.
***
أمر يشوع الشعب أن يتحرك .. وفي بطء شديد بدأ الشعب يدخل ذلك الطريق المصنع داخل نهر الأردن.. كان يدخل هو وبهائمه ومقتنياته وكل شيء.. وعينا كل شخص على ذلك التابوت الذي يقف في منتصف الأردن تماما وكأنه هو السبب الأساسي الذي يمنع من تدفق المياة وتعالت أصوات ترنيمة قديمة ترنيمة تعلمها الشعب من آبائهم.. ترنيمة أعادت للأذهان ذكرى مقدسة حدثت منذ أربعين عاما..
أرنم للرب فإنه قد تعظم (خروج 15: 1-19)
الفرس وراكبه طرحهما في البحر
الرب قوتي ونشيدي
وقد صار خلاصي
هذا إلهي فأمجده
اله أبي فأرفعه
الرب رجل حرب
الرب اسمه
يمينك يارب معتزة بالقدرة
يمينك يارب تحطم العدو
وبكثرة عظمتك تهدم مقاوميك
ترسل سخطك فيأكلهم كالقش
.... من مثلك بين الآلهة يا رب
من مثلك معتزا بالقداسة
مخوفا بالتسبيح
صانعا عجائب
كانوا يترنمون وهم يعبرون فبدا صوتهم جميلاً وقوياً أرهب كل الأمم المحيطة فدخلوا كالفئران كل شخص في جحره.. وبقي الكهنة يحملون التابوت إلى أن وصل الجميع إلى الشط الآخر قبالة أريحا ووقفوا ينتظرون أوامر يشوع..
***
 

Coptic Man

ابن المـــــ†ـــــلك
مشرف سابق
إنضم
5 أكتوبر 2005
المشاركات
12,801
مستوى التفاعل
302
النقاط
83
الإقامة
Earth
كل مشاركة فيها تميز

شكرا يا استاذ عماد علي مسهماتك الجميلة دي

الرب يباركك
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
شكرا عزيزي مينا على هذا التشجيع

(9)
أنقذينا يا عشتاروث


كانت العبادة في هيكل بعليم قد انتهت إذ بدأت الشمس تميل ناحية المغيب وبدأ الإله بعليم يستعد للرقاد، ولكن في هذا الوقت كان كاهن بعليم واقفا أمام المذبح يرى حصيلة اليوم من تقدمة الشعب للإله بعليم.. وفي الواقع كانت الحصيلة كنزاً رهيباً من الحلي والجواهر والذهب والفضة والنحاس والحيوانات قدمتها قلوب مرتعبة ومتلهفة على إرضاء من تعبد
وبينما هو مشغول في إحصاء تقدمات شعب أريحا سمع صوت مساعده سنحارا وهو يجري ويدخل قدس الأقداس صارخا
- سيدي الكاهن... سيدي الكاهن
نظر إليه الكاهن في غضب لدخوله مقتحما قدس الأقداس وقال بغلظة
- ما الذي أدخلك إلى هنا .. ماذا تريد؟
- لقد عبر الإسرائيليون الأردن
ترك الكاهن ما في يده وارتسمت على وجهه أبشع علامات الرعب وقال
- ماذا تقول ؟ .. إنك تهذي !!
- كلا يا سيدي .. لست أهذي .. بل أقول لك إن شعب العبرانيين عبر الأردن.. جميع الشعب الذين كانوا على شاطئ الأردن في الجهة المقابلة أصبحوا في مواجهتنا بنسائهم وحيواناتهم وهيكلهم المتنقل..
زاغت عينا الكاهن فزعاً من الخبر .. وقال في كلمات تائهة
- كيف .. كيف عرفت؟
- جميع الرجال الذين كانوا يراقبونهم عادوا وقالوا هذا الكلام وهم في غاية الرعب
انتفض الكاهن وهو يقول :
- يا ويلي .. ماذا أقول للملك .. و أنا الذي قلت له في الصباح فقط أنهم لن يأتوا قبل الشتاء
وبينما هو يفكر في تلك المصيبة سمع صوتا في القدس .. فقال لمساعده في توتر
- اذهب يا سنحارا لتعرف ماذا يحدث في الخارج
وعندما هم سنحارا بالخروج وجد جنودا وعسكرا يدخلون سريعا وينتشرون في أرجاء الهيكل.. حاول الكاهن أن يسيطر على نفسه وهو يقول صارخا
- ما بالكم تدخلون هذا المكان الذي لا يحق لأحد أن يدخله غير رئيس الكهنة؟ وفي هذا الوقت بالذات حيث يتأهب بعليم للنوم.. اخرجوا من هذا المكان بسرعة... إنه مكان مقدس وغير مخصص لدخول أي فرد من الشعب أيا كان...
أجاب كبير الجند
- لقد أمرنا بالدخول إلى هذا المكان المقدس يا سيدي
- فمن أمركم بالدخول
وأتاه الجواب سريعا من مدخل الباب يقول :
- أنا..
التفت الكاهن إلى مصدر الصوت بسرعة ليجد أمامه الملك وهو ممسك بسيف لامع ضخم.. فانحنى بسرعة وقال
- مولاي..
نظر إليه الملك في غيظ شديد وهو يقول
- هل أنا أيضا لا يحق لي الدخول أيها الكاهن؟
- وهل يحق لي أن أمنع سليل الآلهة من الدخول يا مولاي؟
أخذ الملك يدور ويدور وهو حائر .. ثم التفت إلى الكاهن بسرعة وسأله
- متى يعبر الإسرائيليون أيها الكاهن؟
- سيدي .. لقد ظننت
ولم يستطع الكاهن أن يكمل كلامه إذ رأى شرر الغضب يتطاير من عين الملك فوقفت الكلمات في حلقه... ولكن الملك لم يمهله فقال له
- ماذا تقول .. أكمل كلامك.. إنني منصت إليك
قال الكاهن في بطء شديد كمن يزن كل كلمة يقولها
- إن آلهتنا ستنتصر يا سيدي
أطلق الملك ضحكة ساخرة وقال
- ومن أدراك أنها ستنتصر
لمعت عينا الكاهن وهو يحاول أن يسيطر على نفسه وقال
- لقد وقعوا في الفخ يا سيدي .. كان لابد لهم أن يأتوا في الشتاء, ولكن آلهتنا سهلت لهم المهمة فعبروا حتى نهزمهم هنا
ابتسم الملك في سخرية وقال
- إما أن تكون قد فقدت حاسة السمع فلم تعد تسمع من بعليم جيدا, وإما يكون بعليم قد شاخ وكبر فبدأ يقول الكلام وينفذ عكسه.. ما رأيك أيها الكاهن ..
- سيدي
- هل أنت الذي لم تسمع.. أم بعليم كذب عليك ؟
- لا هذا ولا ذاك يا سيدي .. بل
- أنت تعرف كل شيء أيها الكاهن ولكنك لم ترد أن تكشف لي كل شيء .. أليس كذلك؟
نظر الكاهن بارتياح إلى ما يقوله الملك ... فقد أعطاه المنفذ لذلك قال:
- تلك هي طلبة بعليم يا سيدي
فالتفت الملك سريعا إليه وصرخ في وجهه :
- إذن أنت كاهن بعليم الذي يعرف كل الأمور ولا يمكن أن يخفي عنك أي شيء...
- أجل يا مولاي
فاقترب الملك من وجه الكاهن التائه ... وقال له في همس:
- إذا ... هل تعرف كيف عبر إسرائيل ؟
نظر الكاهن إلى سنحارا متوترا مرتعبا دون أن يجيب فأسرع سنحارا يقول
- لقد شق إلههم طريقا في الأردن مثلما فعل في بحر المصريين منذ أربعين عاما يا سيدي
لم تتغير نظرة الملك ولم تحد عن وجه الكاهن المرتعب وقال موجها حديثه إلى سنحارا
- حسنا قلت يا سنحارا.. ولكن سيدك لم يكن يعرف
ذابت روح الكاهن وهو يرى تلك اللهجة التي يتكلم بها مليك مدينته والتي تنذر بشيء رهيب .. ولكنه تغلب على تلك المخاوف وصنع ابتسامة باهته وهو يقول
- ومن قال أنني لا أعرف.. ثم .. من قال إن إلههم هو الذي فعل هذا؟ .. إن الذي فعل هذا هو بعليم العظيم لأنه يريد أن يأتي بهم إلى مدينتنا فنسحقهم بأقدامنا.. صدقني سيدي وحق الآلهة
في هدوء تقدم الملك إلى الكاهن وقال
- نعم أيها الكاهن.. حسنا قلت.. ولكن هذه آخر كذبة تكذبها
ثم هوى عليه بسيفه فانفصلت رأسه عن جسمه.. ثم تقدم إلى سنحارا الذي هوى قلبه بين ضلوعه وقال
- أنا لم أقل شيئا سيدي .. لم أكذب عليك البتة
فنظر الملك إليه وقال:
- كان من الممكن أن أقضي عليك أنت أيضا يا خادم الكذاب.. ولكنك لم تكذب .. وأنا في حاجة إليك لتكون كاهن البعل .. أريدك منذ الفجر أن تقدم القرابين إلى البعل حتى يرفع عنا هذه البلوى
- اطمئن سيدي .. سوف نصلي إلى البعل ليقف أمام إله الإسرائيليين , وسنرى من منهم سينتصر
أعاد الملك سيفه إلى غمده .. ثم قال لسنحارا:
- خير للإله أن يفعل ذلك
وخرج من الهيكل بسرعة
***
في هذا الوقت دخل جاجوم هيكل عشتاروث الذي كانت العبادة فيه على وشك البدء فيها.. إذ أن عبادة الإلهه عشتاروث ذات مواصفات خاصة تختلف كثيرا عن عبادة البعل .. وكانت الكاهنات تستعددن لأداء فرائض الصلاة
لم تكن راحاب قد وصلت إلى الهيكل بعد وتعالت أصوات المترنمات في القدس يصلون إلى الربة الجميلة عشتاروث... وتعالت الأصوات

أيتها الربة الجميلة عشتاروث
يا ربة القمر والجمال
هبي لنجدة مدينتك المحبوبة

... جاء إليك الأعداء يريدون هلاكها
ولكننا نثق في زوجة الإله العظيم بعليم
... هيا أيتها الجميلة
أيقظي زوجك العظيم ليدافع عنا
ونحن نقدم ذبائحنا لك
وأجسادنا على مذبحك
فلا تتركي حبيبتك أريحا

... أيتها الإلهة الجميلة عشتاروث
يا ربة القمر والجمال
أعداؤنا جاءوا في حماية إله لا نعرفه
يتقدمهم تابوت مخيف
وكأنه يحمل الموت لنا
ولكننا نضع ثقتنا فيك
فارحمي ضعفنا
أعداؤنا إلههم قوي
ولكننا نثق في قوتك أنت
أعداؤنا لهم إله يستمع لصراخهم
ونحن نثق أنك تسمعيننا
فدافعي عنا
ولا تشمتي أعداءنا بنا
أيتها الآلهة العظيمة عشتاروث
يا ربة القمر والجمال

كانت الصلوات التي تقدم حارة .. ولكن لم تكن تفعل أي شيء في الناس .. الخوف لا يزال مسيطرا على الجميع .. ولم تستطع عشتاروث أن تقدم لا الطمأنينة ولا الثقة
وتعالت صرخات الخوف من ذلك الإله المجهول بالنسبة لهم.. ولكنه استطاع شق نهر الأردن

***
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
(9)
أنقذينا يا عشتاروث



كانت العبادة في هيكل بعليم قد انتهت إذ بدأت الشمس تميل ناحية المغيب وبدأ الإله بعليم يستعد للرقاد، ولكن في هذا الوقت كان كاهن بعليم واقفا أمام المذبح يرى حصيلة اليوم من تقدمة الشعب للإله بعليم.. وفي الواقع كانت الحصيلة كنزاً رهيباً من الحلي والجواهر والذهب والفضة والنحاس والحيوانات قدمتها قلوب مرتعبة ومتلهفة على إرضاء من تعبد
وبينما هو مشغول في إحصاء تقدمات شعب أريحا سمع صوت مساعده سنحارا وهو يجري ويدخل قدس الأقداس صارخا
- سيدي الكاهن... سيدي الكاهن
نظر إليه الكاهن في غضب لدخوله مقتحما قدس الأقداس وقال بغلظة
- ما الذي أدخلك إلى هنا .. ماذا تريد؟
- لقد عبر الإسرائيليون الأردن
ترك الكاهن ما في يده وارتسمت على وجهه أبشع علامات الرعب وقال
- ماذا تقول ؟ .. إنك تهذي !!
- كلا يا سيدي .. لست أهذي .. بل أقول لك إن شعب العبرانيين عبر الأردن.. جميع الشعب الذين كانوا على شاطئ الأردن في الجهة المقابلة أصبحوا في مواجهتنا بنسائهم وحيواناتهم وهيكلهم المتنقل..
زاغت عينا الكاهن فزعاً من الخبر .. وقال في كلمات تائهة
- كيف .. كيف عرفت؟
- جميع الرجال الذين كانوا يراقبونهم عادوا وقالوا هذا الكلام وهم في غاية الرعب
انتفض الكاهن وهو يقول :
- يا ويلي .. ماذا أقول للملك .. و أنا الذي قلت له في الصباح فقط أنهم لن يأتوا قبل الشتاء
وبينما هو يفكر في تلك المصيبة سمع صوتا في القدس .. فقال لمساعده في توتر
- اذهب يا سنحارا لتعرف ماذا يحدث في الخارج
وعندما هم سنحارا بالخروج وجد جنودا وعسكرا يدخلون سريعا وينتشرون في أرجاء الهيكل.. حاول الكاهن أن يسيطر على نفسه وهو يقول صارخا
- ما بالكم تدخلون هذا المكان الذي لا يحق لأحد أن يدخله غير رئيس الكهنة؟ وفي هذا الوقت بالذات حيث يتأهب بعليم للنوم.. اخرجوا من هذا المكان بسرعة... إنه مكان مقدس وغير مخصص لدخول أي فرد من الشعب أيا كان...
أجاب كبير الجند
- لقد أمرنا بالدخول إلى هذا المكان المقدس يا سيدي
- فمن أمركم بالدخول
وأتاه الجواب سريعا من مدخل الباب يقول :
- أنا..
التفت الكاهن إلى مصدر الصوت بسرعة ليجد أمامه الملك وهو ممسك بسيف لامع ضخم.. فانحنى بسرعة وقال
- مولاي..
نظر إليه الملك في غيظ شديد وهو يقول
- هل أنا أيضا لا يحق لي الدخول أيها الكاهن؟
- وهل يحق لي أن أمنع سليل الآلهة من الدخول يا مولاي؟
أخذ الملك يدور ويدور وهو حائر .. ثم التفت إلى الكاهن بسرعة وسأله
- متى يعبر الإسرائيليون أيها الكاهن؟
- سيدي .. لقد ظننت
ولم يستطع الكاهن أن يكمل كلامه إذ رأى شرر الغضب يتطاير من عين الملك فوقفت الكلمات في حلقه... ولكن الملك لم يمهله فقال له
- ماذا تقول .. أكمل كلامك.. إنني منصت إليك
قال الكاهن في بطء شديد كمن يزن كل كلمة يقولها
- إن آلهتنا ستنتصر يا سيدي
أطلق الملك ضحكة ساخرة وقال
- ومن أدراك أنها ستنتصر
لمعت عينا الكاهن وهو يحاول أن يسيطر على نفسه وقال
- لقد وقعوا في الفخ يا سيدي .. كان لابد لهم أن يأتوا في الشتاء, ولكن آلهتنا سهلت لهم المهمة فعبروا حتى نهزمهم هنا
ابتسم الملك في سخرية وقال
- إما أن تكون قد فقدت حاسة السمع فلم تعد تسمع من بعليم جيدا, وإما يكون بعليم قد شاخ وكبر فبدأ يقول الكلام وينفذ عكسه.. ما رأيك أيها الكاهن ..
- سيدي
- هل أنت الذي لم تسمع.. أم بعليم كذب عليك ؟
- لا هذا ولا ذاك يا سيدي .. بل
- أنت تعرف كل شيء أيها الكاهن ولكنك لم ترد أن تكشف لي كل شيء .. أليس كذلك؟
نظر الكاهن بارتياح إلى ما يقوله الملك ... فقد أعطاه المنفذ لذلك قال:
- تلك هي طلبة بعليم يا سيدي
فالتفت الملك سريعا إليه وصرخ في وجهه :
- إذن أنت كاهن بعليم الذي يعرف كل الأمور ولا يمكن أن يخفي عنك أي شيء...
- أجل يا مولاي
فاقترب الملك من وجه الكاهن التائه ... وقال له في همس:
- إذا ... هل تعرف كيف عبر إسرائيل ؟
نظر الكاهن إلى سنحارا متوترا مرتعبا دون أن يجيب فأسرع سنحارا يقول
- لقد شق إلههم طريقا في الأردن مثلما فعل في بحر المصريين منذ أربعين عاما يا سيدي
لم تتغير نظرة الملك ولم تحد عن وجه الكاهن المرتعب وقال موجها حديثه إلى سنحارا
- حسنا قلت يا سنحارا.. ولكن سيدك لم يكن يعرف
ذابت روح الكاهن وهو يرى تلك اللهجة التي يتكلم بها مليك مدينته والتي تنذر بشيء رهيب .. ولكنه تغلب على تلك المخاوف وصنع ابتسامة باهته وهو يقول
- ومن قال أنني لا أعرف.. ثم .. من قال إن إلههم هو الذي فعل هذا؟ .. إن الذي فعل هذا هو بعليم العظيم لأنه يريد أن يأتي بهم إلى مدينتنا فنسحقهم بأقدامنا.. صدقني سيدي وحق الآلهة
في هدوء تقدم الملك إلى الكاهن وقال
- نعم أيها الكاهن.. حسنا قلت.. ولكن هذه آخر كذبة تكذبها
ثم هوى عليه بسيفه فانفصلت رأسه عن جسمه.. ثم تقدم إلى سنحارا الذي هوى قلبه بين ضلوعه وقال
- أنا لم أقل شيئا سيدي .. لم أكذب عليك البتة
فنظر الملك إليه وقال:
- كان من الممكن أن أقضي عليك أنت أيضا يا خادم الكذاب.. ولكنك لم تكذب .. وأنا في حاجة إليك لتكون كاهن البعل .. أريدك منذ الفجر أن تقدم القرابين إلى البعل حتى يرفع عنا هذه البلوى
- اطمئن سيدي .. سوف نصلي إلى البعل ليقف أمام إله الإسرائيليين , وسنرى من منهم سينتصر
أعاد الملك سيفه إلى غمده .. ثم قال لسنحارا:
- خير للإله أن يفعل ذلك
وخرج من الهيكل بسرعة
***
في هذا الوقت دخل جاجوم هيكل عشتاروث الذي كانت العبادة فيه على وشك البدء فيها.. إذ أن عبادة الإلهه عشتاروث ذات مواصفات خاصة تختلف كثيرا عن عبادة البعل .. وكانت الكاهنات تستعددن لأداء فرائض الصلاة
لم تكن راحاب قد وصلت إلى الهيكل بعد وتعالت أصوات المترنمات في القدس يصلون إلى الربة الجميلة عشتاروث... وتعالت الأصوات

أيتها الربة الجميلة عشتاروث
يا ربة القمر والجمال
هبي لنجدة مدينتك المحبوبة

... جاء إليك الأعداء يريدون هلاكها
ولكننا نثق في زوجة الإله العظيم بعليم
... هيا أيتها الجميلة
أيقظي زوجك العظيم ليدافع عنا
ونحن نقدم ذبائحنا لك
وأجسادنا على مذبحك
فلا تتركي حبيبتك أريحا

... أيتها الإلهة الجميلة عشتاروث
يا ربة القمر والجمال
أعداؤنا جاءوا في حماية إله لا نعرفه
يتقدمهم تابوت مخيف
وكأنه يحمل الموت لنا
ولكننا نضع ثقتنا فيك
فارحمي ضعفنا
أعداؤنا إلههم قوي
ولكننا نثق في قوتك أنت
أعداؤنا لهم إله يستمع لصراخهم
ونحن نثق أنك تسمعيننا
فدافعي عنا
ولا تشمتي أعداءنا بنا
أيتها الآلهة العظيمة عشتاروث
يا ربة القمر والجمال

كانت الصلوات التي تقدم حارة .. ولكن لم تكن تفعل أي شيء في الناس .. الخوف لا يزال مسيطرا على الجميع .. ولم تستطع عشتاروث أن تقدم لا الطمأنينة ولا الثقة
وتعالت صرخات الخوف من ذلك الإله المجهول بالنسبة لهم.. ولكنه استطاع شق نهر الأردن

***
 

emad_hanna

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
27 ديسمبر 2005
المشاركات
284
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
(10)
حجر على حجر .. وتذكر يا إسرائيل


كانت لا تزال ترنيمة إسرائيل تهز الأركان بعد أن عبروا الأردن.. ورأى الشعب يشوع بعيون جديدة.. رأوه الخليفة الرائع لنبي الله موسى.. فعظم في أعين الشعب جدا.. لقد أدركوا أن الرب معه كما كان مع موسى ، وأن الرب على استعداد أن يصنع العجائب كما مع موسى .. ففرح الجميع بالرب إله إسرائيل، والذي حدث معهم أعطاهم الثقة في أن إلههم قوي يستمع إليهم.
- وقال الرب ليشوع
" اختاروا من الشعب اثني عشر رجلاً .. واحدا من كل سبط وأمروهم قائلين ليحصل كل منكم على حجر من هنا من وسط مجرى النهر حيث يقف الكهنة بأقدام ثابتة.. وعبَروها معكم .. وأقيموها في الموضع الذي تبيتوا فيه الليلة"
فاستدعى يشوع الاثنى عشر رجلا الذين اختارهم من بني إسرائيل رجلا من كل سبط وقال لهم تقدموا إلى وسط النهر حيث يقف تابوت الرب إلهكم وليحمل كل رجل منكم حجرا واحدا على كتفه, بحسب عدد أسباط بني إسرائيل .. فتكون هذه الحجارة بعد نصبها علامة في وسطكم حتى إذا سألكم أبناؤكم في الأيام المقبلة وماذا تعني لكم هذه الأحجار ؟ تجيبون لهم : أن مياه الأردن توقفت عن الجريان.. وانفصلت عند عبور تابوت عهد الرب النهر.. وهكذا تصبح هذه الأحجار نصبا تذكاريا لبني إسرائيل مدى الدهر
وتقدم الرجال الاثنا عشر ودخلوا من جديد الأردن وهو لا يزال منشقاً والكهنة في الوسط يحملون التابوت ثابتين، وسار الرجال إلى أن صاروا في المنتصف وحمل كل رجل صخرته وصنعوا نصبا تذكاريا كبيرا.. بقي لفترة طويلة من الزمن
وظل الكهنة حاملو التابوت واقفين في وسط الأردن حتى أتم الشعب تنفيذ كل ما أمر به الرب على لسان يشوع
وأشار يشوع بيده فتحرك الكهنة حاملو تابوت عهد الرب وهم يترنمون ( أقرأ يشوع 3)
قم يارب فليتبدد أعداؤك
ويهرب مبغضوك من أمامك
إلى أن اجتازوا نحو الضفة الأخرى في حضور الشعب .. ثم أمر يشوع الكهنة
- اصعدوا من نهر الأردن
وصعد الكهنة حاملو تابوت عهد الرب من وسط الأردن.. ووطأت بطون أقدامهم أرض الموعد.. تلك الأرض التي وعد بها الرب شعبه.
وما أن خلى النهر من آخر قدم للشعب حتى وقعت المياة المتراكمة محدثة دويا هائلا... معلنة رجوع المياه إلى وضعها الطبيعي في الأردن كما كانت واستمرت لتتدفق ثانية وكأن السور الشفاف الذي كان يقف حائلا دون تدفقها قد تحطم فجأة
وغمرت المياة شطوط الأردن كما كانت تفعل من قبل مع ابتسامة انتصار رائعة من يشوع وكل الشعب
ثم اتجهت العيون إلى أسوار أريحا من جديد .. لقد سقط أول مانع بقوة الله إله إسرائيل ليعلن أنه الأقوى من جديد
من يقف أمام ذلك الإله
ومن بعيد .. لم تعد أسوار أريحا تضحك بعد أن رأت مجد الله


لقد وصل شعب الله أرض الموعد ... ولكن لتنفيذ الوعد طريق طويل عليهم أن يجتازوه .. مع اختبارات جديدة .. ومعجزات جديدة.. وأحداث لا تصدق.. ولكنها حدثت بقوة إلهنا .. ولكن لكل هذه الأحداث قصة أخرى عنوانها {سر الأسوار} .. انتظرها
 

monlove

شاعر موهوب
عضو مبارك
إنضم
22 يناير 2007
المشاركات
1,423
مستوى التفاعل
9
النقاط
0
جميلة قوي ربنا يعوضك
 
أعلى