بأسم الله الحي الواحد
اللـه من هو؟
مع أن الخليقة تعلن لنا عن وجود إله عظيم هو علة وجودها، إلا أنها لا تعلن من هو. لقد أخبرتنا عن قدرته وعظمته (روميه 1 : 19،20)، لكنها لم تستطع أن تخبرنا عن ذاته وجوهره. فجاء عن الله في العهد القديم
هوذا الله عظيم ولا نعرفه .. القدير لا ندركه (أيوب 36 : 26 و 37: 23) وقيل عنه في العهد الجديد
ساكناً في نور لا يدنى منه (1تيموثاوس 6 : 16).
وليس هذا بالأمر المستغرب. فلا أنا ولا أنت نعرف كل شئ عن الكون الذي كوَّنه اللـه، أو نفهم جميع أسراره كالجاذبية، والكهرباء والذرَّة .. الخ. فإذا كان يتعذر علينا بعقولنا أن نستوعب الخليقة أيمكن أن نستوعب الخالق؟!
أإلى عمق الله تتصل، أم إلى نهاية القدير تنتهي؟ هو أعلى من السموات فماذا عساك أن تفعل؟ أعمق من الهاوية فماذا تدري؟ (أيوب 11 : 7،8).
إذن لم يكن مفر لكي نعرف الله أن يتنازل هو ويعلن عن نفسه. ولقد جاء الإِعلان : إن الله واحد
- اللـه واحد
كثيرة نلتقي الآيات المقدسة في كلا العهدين القديم والجديد عن وحدانية الله. فمثلاً يرد في العهد القديم :
الرب إلهنا رب واحد (تثنية 6 : 4).
أنا الأول وأنا الآخر. ولا إله آخر غيري (إشعياء 44: 6).
ويرد في العهد الجديد :
بالحق قلت (إن) الله واحد وليس آخر سواه (مرقس 12 : 32)
وأيضاً أنت تؤمن أن الله واحد. حسناً تفعل (يعقوب 2 : 19) وغيرها الكثير جداً .
نوع الوحدانية
لكن أي نوع من الوحدانية نلتقي وحدانية الله؟ هل نلتقي وحدانية مجردة أو مطلقة؟ لو كان كذلك فثمه سؤال يفرض نفسه: ما الذي كان يفعله الله الواحد الأزلي قبل خلق السماء والأرض والملائكة والبشر؟ نعم في الأزلية، إذ لم يكن أحد سواه، ماذا كان يفعل؟ هل كان يتكلم ويسمع ويحب؟ أم كان صامتاً وفي حالة سكون؟
إن قلنا إنه لم يكن يتكلم ويسمع ويحب، إذاً فقد طرأ تغيير على الله - لأنه قد تكلم إلى الآباء بالأنبياء، وهو اليوم
سامع الصلاة إذ هو السميع المجيب، كما أنه يحب إذ أنه الودود. نعم إن قلنا إنه كان ساكناً لا يتكلم ولا يسمع ولا يحب ثم تكلم وسمع وأحب فقد تغيّر؛ والله جل جلاله منزه عن التغيير والتطور.
وإن قلنا إنه كان يتكلم ويسمع ويحب في الأزل، قبل خلق الملائكة أو البشر. فمع من كان يتكلم، وإلى من كان يستمع، ومن كان يحب؟؟؟
أما الكتاب المقدس، فلأنه كتاب الله، الذي فيه أعلن الله لنا ذاته، فلقد عرفنا منه ما خفي على كل فلاسفة البشر وحكمائهم، وهو أن وحدانية الله ليست وحدانية مجردة أو مطلقة. بل نلتقي وحدانية جامعة مانعة - جامعة لكل ما هو لازم لها، ومانعة لكل ما عداه. وبناء على ذلك فإن الله منذ الأزل وإلى الأبد هو كليم وسميع، محب ومحبوب، ناظر ومنظور ... دون أن يكون هناك شريك معه، ودون احتياجه، جلت عظمته إلى شئ أو شخص في الوجود لإظهار تلك الصفات.
هذا يقودنا إلى النقطة الثانية وهي :
التعديل الأخير: