التدبير الروحي (3) التدبير الداخلي: الصلاة

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
هذه المقالة تتبع المقالة السابقة عن التدبير والتي سيتم كتابتها بانتظام كل يوم
لأنها احتياج كل نفس تريد أن تسير في الطريق الروحي بلياقة وضبط النفس
طبعاً هذا الموضوع لا يصلح إلا لمن بدأ في الطريق الروحي فعلاً وليس مجرد وهم عنده
فيا أخي أو أختي من تقرأ هذا المقال أن كنت جاد فقط في توبتك وتريد أن تحيا
الحياة الروحية بتدبير حسن فهذه المقاله مقالتك أنت فاقراها وصلي كثيراً
واطلب من الله نعمة حتى تستطيع أن تستفيد منها جيداً


هذه المقالة للقمص متى المسكين – في التدبير الروحي
مقالات تصلح للخدام والشباب
المقالة الرابعة
ص 9، 10


الأصول الذي يعتمد عليها التدبير الروحي
تابع: التدبير الداخلي - أولاً الصلاة


[ وأما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك وصلَّ إلى أبيك الذي في الخفاء ] ( متى 6: 6 )
معنى غلق الباب:
حينما يطلب الله أن نغلق الباب قبل أن نُصلي، فهو ينبهنا لكي نقطع بين العمل خارج المخدع وبين العمل داخل المخدع، وذلك يتم من جهة القلب، ثم من جهة الحواس، ثم من جهة الناس.

+ أما من جهة القلب: فينبغي أن يطرح الإنسان كافة مسئولياته وهمومه وأتعابه وقلقه ومخاوفه بمجرد مثوله أمام الله، حتى يتسنى له أن يدخل في السلام الكامل الذي يفوق العقل.
وهنا غلق الباب يعني تحصين القلب في الفاصل الروحي بين العالم الجسداني وبين العالم الروحي، الذي هو بمثابة الموت، أي يعتبر الإنسان نفسه حينما يغلق الباب خلفه أنه بمثابة مَنْ مات عن العالم الجسداني وهو الآن أمام الله يعطي حساب وكالته ويطلب مراحمه.

+ أما من جهة الحواس: فالإنسان في العادة محمَّل بأفكار منطبعة في العقل، ومناظر عالقة في التصور، وكلمات محفوظة في الذهن، وخبرات حسية أخرى متغلغلة في باقي الحواس، هذه تحتوي ضمن ما تحوي عينات خسيسة يكون قد مال إليها الضمير فاحتجزتها الحواس وتمسَّك بها العقل يرددها بهواه، وأحياناً خلسة من وراء الإرادة، وأحياناً بالقوة في غير ما مناسبة رغماً عن الإرادة والضمير، فتشكل حينئذ صراعاً مريراً داخل الإنسان. هذه من المفيد جداً حينما ندخل المخدع أن نسبق ونطرحها من الضمير ونجحدها بشجاعة، ونقدَّم عليها اعتذار أمام الله مع ندم وتوبة بتصميم وعزم جاعلنها كلها في موضع البغضة والكراهية .

غلق باب المخدع يعني وضع المسيح المصلوب بين الروح وبين الحواس الجسدية حتى تموت الأعضاء التي على الأرض: [ ... أنتم الذين أمام عيونكم قد رُسم يسوع المسيح بينكم مصلوباً ] ( غلاطية 3: 1 )، [ فأميتوا أعضاءكم التي على الأرض ... ] ( كولوسي 3: 5 )
أما إذا لم نجحد هذه الخبرات والمناظر والسماعات ونعترف بها مُقرين بذنبها وببُغضها في كل مرة ندخل فيها مخادعنا، فستكون كفيلة ليس فقط بأن تحرمنا من قوة الصلاة والمثول أمام الله بل وأن تجعل المخدع مكاناً نجساً أيضاً.

+ أما من جهة الناس: فالإنسان يوجد دائماً أبداً مربوطاً بالآخرين؛ فأنت قد تجد نفسك: إما مشغولاً بحب الآخرين حباً عاطفياً يجذبك إليهم جسدياً وقلبياً فيحرمك من استقلالك الذاتي وحريتك الداخلية، التي هي أساس العبادة وحب الله والنمو الروحي.
أو قد تجد نفسك مهموماً بأحوالهم وظروفهم وأمراضهم ومستقبلهم إلى الدرجة التي تفقد فيها كل اهتمام بروحك وخلاصك.
أو قد تجد نفسك منفعلاً بعداواتهم وبغضهم وكرههم وانتقادهم والحقد عليهم، إلى الدرجة التي فيها تملأ المرارة كل نفسك ولا تتفرغ من التصورات الشريرة وتدبير الانتقام .
أو قد تجد نفسك منجذباً نحو الآخرين فوق إرادتك، تخرج كل يوم تجوب الطرقات والبيوت بلا ملل لإظهار قدراتك وروحياتك وفنونك حتى يشترك معك المعجبون بك في عبادة ذاتك.
وهنا غلق باب المخدع يفيد في قطع كل صلة ميتة تربطك بأي إنسان يتسبب لك منها هلاك نفسك: [ ... ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه ] (متى 16: 26 )

وليس معنى هذا أن نقطع صِلاتنا بمَنْ هم في حاجة إلينا أو بمَنْ نحن في حاجة إليهم ونعتزل الناس، بل أن نصفي علائقنا مع الجميع حتى تصير وفق التدبير الروحي، فنكفُّ عن الاستغراق بالعواطف في هموم الناس الأمر الذي لا يفيد الإنسان شيئاً، ونضع حداً لأحقادنا؛ ونموت عن شهوة تمجيد الناس لنا.


_____يتبع_____
 
أعلى