تقرير علمي موثق عن صحة المسيحية وإنجيلها تعليقاً على كتاب الدكتور محمد عمارة " تقرير علمي "

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
837
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
تقرير علمي موثق عن صحة المسيحية وإنجيلها تعليقاً على كتاب الدكتور محمد عمارة " تقرير علمي "

تقرير علمي موثق عن صحة المسيحية وإنجيلها
تعليقاً على كتاب الدكتور محمد عمارة
" تقرير علمي "


والذي نشر في جريدة صوت الأمة العدد الماضي​


للقمص عبد المسيح بسيط أبو الخير
استاذ اللاهوت الدفاعي وتاريخ العقيدة بمعهد الرعاية والأكلريكية
ومدير معهد دراسات الكتاب المقدس

s920093122943.jpg


من قراءتي الأولى للكتاب وكلام الدكتور عن المسيحية أدركت للوهلة الأولى أنه أعتمد على مجموعة من المراجع غير المتخصصة في المسيحية، بمعنى دراستها ودراسة علومها، ولا في الحوار المسيحي الإسلامي، مع احترامنا لتخصصه الأصلي كباحث إسلامي مشهود له، وإنما اعتمد على بعض الكتب ومواقع النت التي تهاجم المسيحية اعتمادا على ما يكتبه ملحدي الغرب وبدون أي مراعاة لقواعد الحوار الديني الصحيحة، والتي يكتبها عادة أشخاص لم يدرسوا المسيحية وعلومها فقط يقومون بنقل فقرات من الكتاب المقدس ويفسرونها على هواهم وبما يخدم فكرتهم القائلة بتحريف الكتاب المقدس!! وينقلون فقرات من النقاد الغربيين والمشككين في الكتاب المقدس!!

وكان هذا الكتاب " تقرير علمي " قد نشر من قبل كملحق لمجلة الأزهر الشريف عن شهر ذي الحجة 1430ه وثارت حوله ضجة واعترض عليه عدد كبير من اصحاب الرأي والكتاب في الأعلام ولذا لم نقم بالرد على ما جاء في محتواه ولكنا فوجئنا هذا الاسبوع بنشر هذا الكتاب كملحق لجريدة صوت الأمة فقررنا الرد عليه والتعليق على ما جاء به، ونرجو أن يتسع صدر الجريدة لردنا وتعليقنا على هذا الكتاب كما نشرت الكتاب نفسه. ونبدأ الآن في التعليق عل ما جاء في هذا الكتاب:

1 – ردنا على زعمه تحريف الإنجيل: يقدم الدكتور عشرة أدلة، من وجهة نظره، يحاول بها البرهنة على زعمه تحريف الإنجيل ونلخص هذه الأدلة العشرة فيما يلي: يقول أن المسيح جاء بإنجيل باللغة الآرامية وهذا الإنجيل غير موجود ويسميه بإنجيل المسيح ويقول أنه لا توجد أي كنيسة أو طائفة تملك هذا الإنجيل!! وأن ما لدى المسيحية هي أناجيل لا ينسب واحد منها للمسيح، وإنما هي " سير " و " قصص " كتبها كتاب متعددون ومختلفون، ودونوا فيها ما سمعه كل واحد منهم عن ظهور المسيح، وما تحدث به، وما حدث له. ويتسائل: " فأين هو هذا الإنجيل؟.. إنجيل المسيح؟ ".

وهنا نقول لسيادته أن الإنجيل الذي جاء به المسيح لم يكن مجرد كتاب أملاه عليه ملاك نقلاً عن لوح محفوظ أو ما شابه ذلك، فهناك طرق متعددة للوحي في المسيحية والإسلام وعلى سبيل المثال يقول القرآن: " وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ " [القصص : 7]. فهل نزل كتاب على أم موسى؟ كما يقول القرآن أن المسيح متعلم من الله مباشرة وليس من ملاك أو بشر: " وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ " (آل عمران : 48). والمسيح في الإنجيل هو كلمة الله الذي من عند الله الآب، بل ومن الآب، وفي حضن الآب: " فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ 000 وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا 000 اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ " (يوحنا1 :1و14و18). ولأنه كلمة الله الذاتي الذي من ذات الله الآب وفي ذات الآب فكلامه هو كلام الله وتعليمه هو تعليم الله وأعماله هي أعمال الله، ومن ثم لم يكن بحاجة لكتاب يأتيه من السماء لأنه هو نفسه كلمة الله النازل من السماء، حيث يقول: " وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان " (يو1 :13)، ويؤكد لليهود أنه من فوق وليس من هذا العالم: " أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ، أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْقُ. أَنْتُمْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ، أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هذَا الْعَالَمِ " (يو8 : 23)، ويعلق يوحنا المعمدان قائلاً: " اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، وَالَّذِي مِنَ الأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ، وَمِنَ الأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ " (يو3 : 31).

ومن ثم فقد كان إنجيل المسيح، كلمة الله، هو كلامه وتعليمه وأعماله، لذا يبدأ القديس متى الإنجيل الذي دونه بالروح القدس: " كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ "، ويبدأ الإنجيل للقديس مرقس: " بَدْءُ إِنْجِيلِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللهِ "، ويبدأ الإنجيل للقديس لوقا: " لأنَّ كثيرًا مِنَ النّـاسِ أخَذوايُدَوِّنونَ رِوايةَ الأحداثِ الّتي جَرَت بَينَنا،كما نَقَلَها إلَينا الّذينَ كانوا مِنَ البَدءِشُهودَ عِيانٍ وخدّامًا للكَلِمَةِ،رأيتُ أنا أيضًا، بَعدَما تتَبَّعتُ كُلَّ شيءٍ مِنْ أُصولِهِ بتَدقيقٍ، أنْأكتُبَها إليكَ، يا صاحِبَ العِزَّةِ ثاوفيلُسُ، حسَبَ تَرتيبِهاالصَّحيحِ،حتّى تَعرِفَ صِحَّةَالتَّعليمِ الّذي تَلقَّيتَهُ ".أي أنه نقل كل شيء بتدقيق عن شهود العيان الذين هم تلاميذ المسيح ورسله. ويقول في بداية سفر أعمال الرسل: " دونت في كتابـي الأول (الإنجيل للقديس لوقا)، يا ثاوفـيلس، جميع ما عمل يسوعوعلم من بدء رسالتهإلى اليوم الذيارتفع فيه إلى السماء" . ويبدأ الإنجيل للقديس يوحنا بقول الوحي: " فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ "، ويختم بقوله: " وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هذَا الْكِتَابِ. وَأَمَّا هذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ ". والخلاصة هي أن إنجيل المسيح، كلمة الله، هو عمله وتعليمه للإيمان به، هذا الإيمان الذي يؤدي للحياة الأبدية. ونؤكد أنه لم يوجد في المسيحية في أي وقت من الأوقات من يقول أنه قد نزل كتاب على المسيح، بل أن المسيح هو شخصياً كلمة الله النازل من السماء. ونرد على تساؤل الدكتور: أين هو الإنجيل الذي نزل على المسيح؟ ونقول له هذا الإنجيل المزعوم لا وجود له على الإطلاق، فلم كتاب على المسيح من لأنه هو كلمة الله النازل من السماء، فحتى أنت لا تستطيع أن تثبت وجود مثل هذا الإنجيل المزعوم ولا يمكن أن يكون القرآن قد شهد لإنجيل لا وجود له وكانت شهادة القرآن في القرن السابع، فهل يشهد القرآن لكتاب لم يكن له أي وجود! بل ويطالب المسيحيين المعاصرين له في القرآن السابع بأن يحكموا بإنجيل من المفترض حسب زعم الدكتور وغيره أنه غير موجود من القرن الأول " وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ "؟!! وبالرغم من أننا نقول حاشا إلا أننا نترك الإجابة لكل من يفكر بالعقل والمنطق.
ويقول في دليله الثاني: إن الأناجيل الأربعة المشهورة، والمعتمدة لدى الكنائس النصرانية الكبرى المعاصرة، اثنان منها كتبهما اثنان من الجيل التالي لجيل المسيح – أي من تابعي صحابة المسيح .. فمرقس تلميذ لبطرس – الحواري – .. ولوقا تلميذ لبولس .. فليس شاهدين على ما كتبا! والإنجيل الثالث – إنجيل يوحنا – الذي تفرد بتأليه المسيح– ترجح الدراسات المستندة إلى النقد الداخلي لنصوصه – أنه قد كتب بواسطة يوحنا آخر– غير يوحنا الحواري – في نهاية القرن الأول الميلادي. فنحن أمام ثلاثة أناجيل – من أربعة – لا علاقة لها بعصر المسيح!

ونقول لسيادته أن الأناجيل الأربعة مكتوبة بوحي الروح القدس، الأول كاتبه هو القديس متى أحد تلاميذ المسيح والرابع كتبه القديس يوحنا التلميذ المحبوب والمقرب من المسيح والذي كان يتكئ على صدره وقد أجمع كل آباء الكنيسة في القرون الأولى على أن كاتب هذا الإنجيل بوحي الروح القدس هو القديس يوحنا تلميذ المسيح وأن الدليل الداخلي للإنجيل يؤكد على أن كاتبه كان يهودياً من فلسطين يحفظ تماما كل عادات وتقاليد اليهود ويعرف جيدا جغرافية المكان والبيئة الحضارية للمنطقة في الفترة التي عاش فيها المسيح وأنه كان تلميذا لصيقاً بالمسيح، والإنجيل نفسه في خاتمته يؤكد ذلك ويشهد شيوخ الكنيسة الذين كانوا معاصرين له على ذلك فيقول في آخر الإنجيل: " هذَا هُوَ التِّلْمِيذُ الَّذِي يَشْهَدُ بِهذَا وَكَتَبَ هذَا. وَنَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ حَقٌّ ". كما اثبت الدراسات الحديثة هذه الحقيقة.

وكان القديس مرقس أحد الذين أتبعوا المسيح وشاهدوه بعيونهم وكان هناك ليلة القبض عليه، ويرى الكثيرين من علماء الكتاب المقدس أنه هو الشاب الذي أمسكه الشبان وقتها وهرب منهم (مر14 :51و52)، وكانت أمه مريم إحدى تلميذات الرب وكان بيتها هو البيت الذي صنع فيه المسيح العشاء الرباني لتلاميذه وكان مقر اجتماع الرسل في أورشليم (أع12 :12) وأول كنيسة مسيحية في العالم كله وكان رفيقاً للرسل في كرازتهم، خاصة برنابا وبولس وبطرس (أع15 :39؛ كو4 :10؛ 1بط5 :13). وقبل أن ينطلق للكرازة في مصر وغيرها كانت لديه الإمكانيات لكتابة وتدوين ما شاهده وسمعه بنفسه، كشاهد عيان، وأيضا ما سمعه من شهود العيان الآخرين الذين استمع منهم جميعاً عندما كانوا يجتمعون في منزل والدته وأيضا عندما كرز مع القديسين بولس وبرنابا (أع12 :25) ومع القديس بولس حيث قال عنه لتيموثاوس " لوقا وحده معي. خذ مرقس واحضرهمعك لأنه نافع لي للخدمة " (2تي4 :11)، وكان من العاملين معه " ومرقس وأرسترخس وديماس ولوقا العاملون معي " (فل24)، ويوصي كنيسة كولوسي لقبوله كخادم " يسلم عليكم أرسترخس المأسور معي ومرقس ابن أخت برنابا الذي أخذتم لأجله وصايا. أن أتى إليكم فاقبلوه " (كو4 :10)، وخدم مع القديس بطرس في روما وقد وصفه بابنه " مرقس أبني " (1بط5 :13).

ويقول في دليله الثالث: أن هذه الأناجيل قد انتقلت نصوصها وتغيرت ألفاظها مرات عديدة بالترجمات إِلى العديد من اللغات، الأمر الذي باعد بين ألفاظها – في هذه الترجمات – وبين أصولها بعداً شديداً .. "!!

ونقول هنا مع الأسف الشديد أن من نقل عنهم الدكتور وغيرهم جهلوا حقيقة هامة وهي أن ترجمة نصوص الإنجيل وآياته إلى لغات متعددة لا تتم من ترجمات مترجمة عن ترجمات أخرى، فهم يتصورون أن الترجمة تترجم عنها ترجمة أخرى والأخرى يترجم عنها ترجمة أخرى وهكذا إلى مئات الترجمات المترجمة عن بعضها البعض!! مثل أن تترجم العربية عن الإنجليزية وتترجم الفارسية عن العربية وتترجم التركية عن الفارسية 00 الخ، كما يتصورون! ولو كان هؤلاء قد ذهبوا إلى دار المقدس مثلا وسألوا المسئولين فيه عن كيفية عمل هذه الترجمات العديدة للأناجيل والتي وصلت إلى مئات بل آلاف الترجمات، لكانوا قد عرفوا أن أي ترجمة تكون من اللغة اليونانية مباشرة إلى اللغة المترجم إليه، فمثلاً عندما يترجم الإنجيل إلى العربية تأخذ الترجمة عن النص اليوناني وعندما يترجم إلى الإنجليزية تأخذ الترجمة عن النص اليوناني وعندما يترجم إلى الفرنسية تأخذ الترجمة عن النص اليوناني وهكذا في بقية اللغات يترجم الإنجيل إلى كل منها من النص اليوناني مباشرة.

ثم يقول الدكتور: " لقد ترجم إِنجيل مرقس ترجمة مصرية جديدة – ترجمة عربية – ومن يقارن هذه الترجمة بنظيرتها العربية الموجودة ضمن مجموعة " الكتاب المقدس " سيجد العديد من الاختلافات في كل صفحة من الصفحات!.. فأول سطر – آية – في الطبعة العربية التقليدية: " بدء إِنجيل المسيح ابن الله ".. نجدها في الترجمة العربية الجديدة: " هذه بداية بشارة يسوع المسيح ابن الله ".. فـ " بدء " أصبحت " هذه بداية ".. و " إنجيل " صارت " بشارة "!

وهذا أمر عجيب بل وغريب وكأنه يجهل أصول الترجمة فالكلمة في اليونانية " أرشي = The beginning " وتعني البدء أو البداية أو الأول أو الرئيس، وعندما تترجمها ترجمة " بدء " أو " بداية " فالمعنى واحد والترجمة في كلتا الحالتين تؤدي الهدف المقصود. وكلمة إنجيل في اليونانية " euangelion " وتعني إنجيل أو بشارة أو خبر سار أو خبر مفرح، وترجمتها إنجيل أو بشارة تقدم نفس المعنى الواحد.

ويعلق في دليله الرابع على قوله: " إذا كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا. كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة "، قائلاً: " فنحن أمام نص يقول لنا: إن كثيرين – وليسوا اربعة فقط – قد ألفوا أناجيل كثيرة، 000 ولوقا هذا قد كتب قصته – إنجيله – ليصحح الكلام، الذي كتبه الكثيرون من كُتَّاب الأناجيل الكثيرة! "، ويضيف : " عندما يكون وحياً مباشراً لم يدخل فيه التأليف البشري والإبداع الإنساني .. فإن هذه الأناجيل، التي كتبها بشر "!!

ونقول له أن هؤلاء الكثيرون لم يكتبوا أناجيل كاملة بل حفظوا الكثير من أقوال المسيح وتعاليمه وأعماله شفوياً، فقد استمرت الكرازة المسيحية تنشر الإنجيل الذي هو عمل وتعاليم المسيح وتحفظ آياته ونصوصه للمؤمنين شفوياً لسنوات طويلة، كما دونوا بعضها واحتفظوا بها مكتوبة، وهذا ما قصده بقوله: " لأنَّ كثيرًا مِنَ النّـاسِ أخَذوا يُدَوِّنونَ رِوايةَ الأحداثِ الّتي جَرَت بَينَنا "، فهو لم يقل أناجيل بل " رواية الأحداث ". كما أنه لم ينكر ما دونه هؤلاء ولا قال أنه جاء ليصححه بل قال أنه تتبع خطاهم. أما قوله: " بتأليف " فهي تعني في اليونانية ترتيب أو تصنيف وتفيد الجمع والترتيب. والتجميع هنا لأقوال وتعاليم وروايات تسلموها شفاهة ومكتوبة وهذا يؤكد دقة التسليم الشفوي والمكتوب الذي تم تسليمه من رسل المسيح للمؤمنين الأول في الكنيسة الأولى. كما أنه يؤكد أنه قد تتبع كل شيء من أصوله مبتدأً بتلاميذ المسيح ورسله الذين وصفهم بشهود العيان ويتساوى بذلك مع ما دونه كل من القديس متى والقديس يوحنا.

ثم ينقل بعض الفقرات المبتورة عن دائرة المعارف الكتابية التي تنقل أراء المحافظين كما تنقل آراء النقاد المشككين، وينقل أيضاً عن دائرة المعارف البريطانية وهي حرة تكتب كل الآراء أياً كانت؛ فيقول: " إن كون متى هو مؤلف هذا الإنجيل أمر مشكوك فيه بجد .. ومن المسلم به أن متى قد اعتمد في كتابة إنجيله على إنجيل مرقس، أول الأناجيل تأليفا حيث حوى 600 عدد من أعداد إنجيل مرقس البالغة 621 عددا، أي 90٪ من محتويات إنجيل مرقس ". و " إنجيل مرقس: تقول عنه الموسوعة البريطانية: " في أفضل المخطوطات، فإن الأعداد من 9 إلى 20 تعتبر عموماً إضافات متأخرة .. والأعداد الأخيرة (16: 9–20) غير موجودة في بعض المخطوطات 000 وهناك خلاف حول تأليف مرقس لهذا الجزء "، وتقول الموسوعة البريطانية: " إن مؤلف هذا الإنجيل (لوقا) يظل مجهولاً ". ويرى في وجود مواضيع في الإنجيل للقديس يوحنا لا مثيل لها في الأناجيل الأخرى اختلاف يبطل صحته! ".
ونقول لسيادته أن الإنجيل للقديس متى لم يشك أحد مطلقاً في أن كاتبه بالروح القدس هو القديس متى وكان الأكثر انتشاراً نظرا لتدوينه في مركز انتشار الدعوة المسيحية، في اليهودية وإنطاكية، وكان متوفراً أمام الرسل الذين كانوا يعودون إلى مركز الكنيسة التي كان يقوم على قيادتها كل من " يَعْقُوبُ وَصَفَا (بطرس) وَيُوحَنَّا، الْمُعْتَبَرُونَ أَنَّهُمْ أَعْمِدَةٌ " (غل2 : 9)، وكان هؤلاء الرسل ينسخون منه نسخ لاستخدامها في كرازتهم في بلاد كثيرة، وعلى سبيل المثال لهذا الانتشار فقد ذهب العلامة بنتينوس مدير مدرسة الإسكندرية اللاهوتية إلى جنوب الهند سنة 200م فوجد معهم نفس نسخة الإنجيل للقديس التي كان قد نقلها إليهم القديس برثلماوس أحد تلاميذ المسيح، وفي القرن الخامس الميلادي أكتشف أنثيموس أسقف سلامينا بقبرص قبر القديس برنابا، ولما فتحه اكتشف الجسد الطاهر ووجد على صدره نسخة من الإنجيل للقديس متى، كان القديس متى قد أرسلها إليه ". اما عن وجود تماثل في 600 آية بين القديس متى والقديس مرقس فهذا راجع لسببين؛ الأول هو أن القديس مرقس إلى جانب كونه شاهد عيان للمسيح فقد استمع في منزل والدته الذي كان أول كنيسة في العالم لجميع التلاميذ والرسل، كما كان عاملاً مع القديس بطرس في روما، وبالطبع فقد حفظ عنهم كل ما نقلوه من أقوال وتعاليم المسيح، ثانياً كان التلاميذ والرسل يحفظون نصوص الإنجيل ورواياته شفهياً ويصيغونها في قوالب سهلة الحفظ، خاصة لقادة الكنائس الذين تتلمذوا على أيديهم، وهذا ما سمي بالتسليم الرسولي الشفوي للإنجيل، وقد نقل كل من القديسين متى ومرقس ولوقا عن التسليم الرسولي، وقد تساوى الإنجيليون الثلاثة فيما دونوه لأنهم حافظوا على الإنجيل الشفوي الذي كان يحفظه المؤمنون.

أما حديثه عن عدم وجود (مر16 :9 – 20) في بعض المخطوطات دليلاً على أنها إضافة متأخرة!! فقد قمنا بعمل بحث قدمنا فيه ستين دليلاً على أن هذه الآيات أصلية وأن كاتبها أحد رسل المسيح وقد استشهد بها آباء الكنيسة في القرون الثلاثة الأولى، كما أن مادتها موجودة في الأناجيل الثلاثة الأخرى ولا تقدم أي جديد عما ورد في نص الإنجيل للقديس مرقس نفسه ولا الأناجيل الثلاثة الأخرى.

أما زعمه عن دائرة المعارف البريطانية أن القديس لوقا كان مجهولاً فهذا كلام مضحك لأن القديس لوقا كان رفيقاً للقديس بولس وذكره في ثلاث من رسائله كالعامل معه وكالطبيب الحبيب والوحيد الذي كان مع القديس بولس من الكارزين بالمسيحية " يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ لُوقَا الطَّبِيبُ الْحَبِيبُ " (كو 4 : 14)، " لُوقَا وَحْدَهُ مَعِي " (2تى 4 : 11)، " وَمَرْقُسُ، وَأَرِسْتَرْخُسُ، وَدِيمَاسُ، وَلُوقَا الْعَامِلُونَ مَعِي " (فل 1 : 24)، وكان هو كاتب سفر أعمال الرسل بوحي الروح القدس والذي يؤكد فيه على تواجده مع القديس بولس في معظم رحلاته لذلك يستخدم دائما ضمير المتكلمين " نحن – نا " في معظم رواياته: " ذهبنا 00 جلسنا 00 اقلعنا 00 قابلنا 00 بتنا 00 استضافنا 00 الخ ". ويقول عنه كتاب "مقدمه ضد المارسيونيين " المكتوب في منتصف القرن الثاني والذي أشتهر في الكنيسة الرومانية: " لوقا سوري إنطاكي، سوري السلالة، طبيب المهنة، أصبح تلميذاً للرسل، وتبع بولس الرسول أخيراً حتى استشهاده (بولس)، وخدم الرب بإصرار، لم يتزوج، ولم يكن له ولد، أمتلئ بالروح القدس، ومات في الرابعة والثمانين من العمر في بيوثية. فبعد أن كُتب الإنجيل الذي لمتى في اليهودية والإنجيل الذي لمرقس في إيطاليا، قاده الروح القدس لكتابه إنجيله هو في إقليم أخائية ". ويذكر هذا الكتاب في مقدمته أن كتابات أخرى قد دونت قبله، لكن تراءى له ضرورة تدوين سيره كاملة وشاملة للمؤمنين من أصل يوناني ".

أما عن وجود مواضيع في الإنجيل للقديس يوحنا لا مثيل لها في الأناجيل الأخرى، وتصور الدكتور أن هذا اختلاف يبطل صحته! فنقول له أن ابسط قواعد البحث العلمي النزيه هي الرجوع للمصادر التي رجع إليها الكاتب في تدوين كتابه، وعندما ندرس الأناجيل الأربعة نجد أن الأناجيل الثلاثة الأولى، التي للقديسين متى ومرقس ولوقا، والمسماه بالمتماثلة أو الإزائية نظرا لتماثل ما جاء بها من آيات، قد دونت أعمال وتعاليم وأقوال المسيح التي كرز بها في اليهودية ومدنها وقراها كالناصرة وكفر ناحوم والجليل 00 الخ في حين أن القديس يوحنا دون تعاليم وأعمال المسيح في أورشليم، وخاصة حواراته مع الكتبة والكهنة والفريسيين في الهيكل، وكانت حواراته مع هؤلاء الذي يعتبرون علماء الناموس والشريعة تأخذ الطابع الحواري اللاهوتي الذي يتميز عن حواراته مع بسطاء الناس خارج أورشليم والذين كان يكلمهم بأمثال " وَبِدُونِ مَثَل لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُهُمْ. وَأَمَّا عَلَى انْفِرَادٍ فَكَانَ يُفَسِّرُ لِتَلاَمِيذِهِ كُلَّ شَيْءٍ (مر4 : 34). وهذا ليس اختلاف بل تميز وتنوع لحوارات المسيح وتعاليمه.

ويقول في دليله السادس: " أن تاريخ كتابة هذه الأناجيل متأخر عن عصر المسيح – عليه السلام – وتاريخ وفاته. فأقدم هذه الأناجيل – كما تذكر ذلك الموسوعة البريطانية – هو إنجيل مرقس – الذي كتب ما بين سنة 65 م وسنة 70م – أي بعد ثلاثين عاما من رفع المسيح – عليه السلام –.وإنجيل متى كتب ما بين سنة 70م وسنة 80م.وإنجيل لوقا كتب سنة 80م. أما إنجيل يوحنا فكتب في نهاية القرن الميلادي الأول – أي سنة 100م ". ونقول لسيادته أن ما يجمع عليه أكثرية علماء الكتاب المقدس هو أن الإنجيل للقديس مرقس كتب فيما بين سنة 40 و50م فهو أقدم الأناجيل، وأن الإنجيل للقديس متى كتب قبل سنة 67م وأن الإنجيل للقديس لوقا كُتب قبل سفر أعمال الرسل الذي ينتهي بسجن القديس بولس في روما ولم يذكر أي شيء عن استشهاده مما يؤكد أنه كتبه قبل استشهاده، وهذا يعني أن سفر أعمال الرسل كتب قبل سنة 67م أي حوالي 64م أو 65م. أما الإنجيل للقديس يوحنا فيرى العلماء أيضا أنه كتب في الفترة ما بين سنة 75 و90م وأن القديس يوحنا أنتقل من هذا العالم حوالي سنة 100م، أي بعد تدوينه للإنجيل بعشر سنوات على الأقل. أما عن قول بابياس " لأن مرقس لم يكن قد سمع يسوع، ولا كان تابعاً شخصياً له، لكنه في مرحلة متأخرة .. قد تبع بطرس ". فهو لا يمثل شيء علمي لأن بابياس حسب ما قال عنه العالم إيريناؤس أسقف ليون سنة 175م كان محدود الفكر، ومن الواضح أنه لم يتحرى الدقة فيما قاله عن القديس مرقس لأنه من الثابت أن منزل والدة القديس مرقس كان هو المكان الذي يجتمع فيه المسيح في بعض أوقات وجوده في أورشليم وكان هو مقر اجتماع الرسل بعد الصعود والكنيسة الأولى في المسيحية " بَيْتِ مَرْيَمَ أُمِّ يُوحَنَّا الْمُلَقَّبِ مَرْقُسَ، حَيْثُ كَانَ كَثِيرُونَ مُجْتَمِعِينَ وَهُمْ يُصَلُّونَ " (أع12 :12) وبالتالي فقد رأى الرب وسمعه واستمع إلى كل ما علم به الرسل عنه.

ويقول في دليله السابع أن المسيح كان يعظ باللغة الآرامية والإنجيل كتب باللغة الإغريقية، ويرى في ذلك تحريف لفظي!! ثم ينقل عن الترجمة المسكونية للعهد الجديد القول " لقد جمع المبشرون وحرروا، كل حسب وجهة نظره الخاصة، ما أعطاهم إياه التراث الشفهي ". ونقول لسيادته إذا كانت اللغة الآرامية هي ما علم بها المسيح فقد كانت اللغة اليونانية هي اللغة السائدة والمنتشرة في كل دول حوض البحر المتوسط باستثناء شمال أفريقيا (تونس والجزائر والمغرب حالياً)، وبصفة خاصة في البلاد الساحلية. وكان التلاميذ يجيدون اللغتين الآرامية واليونانية وكذلك مستمعيهم في اليهودية أما خارج اليهودية فكان الأمميون يجيدون اليونانية، ولذا كانوا مضطرين للكرازة بينهم باليونانية وتدوين الإنجيل باليونانية لأنه كان من المستحيل أن يكتبوا للأمم بلغة لا يجيدونها، وكان هناك عامل هام يساعد التلاميذ والرسل في التدوين وهو وحي الروح القدس فقد سبق المسيح أن وعد تلاميذه بأنه سيرسل لهم الروح القدس ليذكرهم ويعلمهم " وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ " (يو14 : 26)، كما أوصاهم أن لا يخرجوا للكرازة إلا بعد أن يحل عليهم الروح القدس " وَهَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ مَوْعِدَ أَبِي. فَأَقِيمُوا فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي " (لو24 : 49)، " وَفِيمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ، بَلْ يَنْتَظِرُوا مَوْعِدَ الآبِ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي " (أع1 : 4). ومن ثم فقد كان الروح القدس يذكرهم ويعلمهم ويوجههم للترجمة الدقيقة اثناء تدوينهم للإنجيل. أما القول بأن كل واحد من الإنجيليين كتب بحسب رؤيته ووجهة نظره الخاصة فهذا لا يعني أنه أتى بشيء من عنده بل أختار من تعاليم المسيح التي حفظها المؤمنين شفوياً ما رآه يقدم صورة لجانب من جوانب حياة المسيح وأعماله وتعاليمه.
ويقول في دليله الثامن: " إن الأصول الأولى لكل الأناجيل – المشهورة والمعتمدة عند الكنائس المسيحية – قد فقدت .. وأقدم المخطوطات لهذه الأناجيل الحالية يفصل بينها وبين المسيح وعصر من نسبت إليهم هذه الأناجيل ما يقرب من ثلاثمائة عام! ". ونقول له أن هذا الكلام غير حقيقي وغير علمي ولا يعتمد إلا على الهوى، فلدينا كم من مخطوطات العهد الجديد نُسخت في الفترة من 125م إلى 225م تشمل كل أسفار العهد الجديد، عدا الرسالتين إلى تيموثاؤس، وهذه المخطوطات نسُخت عن مخطوطات أقدم منها تعود للقران الأول، كما أن المسافة الزمنية بين أقدمها وبين آخر من أنتقل من التلاميذ هي فقط 25 سنة، وبينها وبين متوسط الزمن الذي انتقل فيه كتاب العهد الجديد الآخرين حوالي 55 سنة فقط، أما المفاجأة التي لا يعلم عنها الدكتور وغيره من الذين يشككون في الإنجيل هي أن النسخ الأصلية للعهد الجديد كانت موجودة في كراسي الكنائس الرسولية الرئيسية مثل الإسكندرية وأورشليم وإنطاكية وروما وأفسس وغيرها حتى منتصف القرن الثالث على الأقل، حيث يقول العلامة ترتليان من شمال أفريقية حوالي سنة 220م: " أذهب إلى الكنائس الرسولية التي فيها نفس الكراسي الرسولية التي لا تزال عظيمة في امكانها حيث يقرأ فيها كتاباتهم الأصلية (أو الموثوق بها - authentic) بإطلاق الصوت ممثلة لوجه كل منهم بشدة ". وهذا يعني أن المخطوطات الموجودة بين أيدينا والتي نُسخت في القرن الثاني وبداية الثالث كانت موجودة في نفس زمن مخطوطات النص الأصلي الذي كتب بيد الرسل أو تلاميذهم مباشرة والتي كانت لا تزال موجودة في مقرات الكراسي الرسولية، وكان في الإمكان مراجعة المخطوطات التي بين أيدينا مع مخطوطات النص الأصلي.

ويقول في دليله العاشر، نقلاً عن الموسوعة البريطانية وعن بعض المشككين في المسيحية من غير المسيحيين: " فوق كل هذا فإن هناك أكثر من مائة وخمسين ألفا (150.00) من مواضع الاختلاف بين المخطوطات التي طبعت منها الأناجيل المتداولة الآن!! وهذه الاختلافات ليست بين مخطوطات الأناجيل المختلفة فقط، بل وفي مخطوطات الإنجيل الواحد! ". ثم يشير إلى اقتباسات آباء الكنيسة ويذكر بعض النصوص مدعيا أن ما جاء بها هو تحريف لنص الإنجيل، فيقول: " وفي كتاب (الدسقولية: تعاليم الرسل)، الذي وضعه الآباء الأول، أدلة على اختلاف النصوص – التي اقتبسها الآباء في هذا الكتاب – عنها في الأناجيل الحالية:ففي النص الذي اقتبسته (الدسقولية) من إنجيل متى يقول المسيح – عليه السلام – " مكتوب في الناموس: لا تزن ".. " وأنا أقول لكم: إني أنا الذي نطقت بالناموس من فم موسى ".فهو هنا يخاطب اليهود – قوم موسى – الذين يعرفون الناموس – الشريعة التي جاء بها موسى – ولذلك يستخدم المصطلحات المعروفة لهم، والتي تشير إلى المواريث الدينية التي يعرفونها.

فلما انتقل التبشير بالإنجيل إلى الأمم – خارج الفضاء اليهودي – أدخلت على ذات الإنجيل – إنجيل متى – التغييرات والتعديلات والتحريفات التي تجعله مناسبا للأمم، وغير خاص باليهود وتراثهم.فبدلاً من " مكتوب في الناموس لا تزن " أصبح النص – في الإنجيل الحالي –: " قد سمعتم أنه قيل للقدماء: لا تزن ". فحذف مصطلح " الناموس " .. وحذفت الإشارة إلى " موسى " والناموس الذي نطق به فمه، حتى يصبح " الكلام " مقبولاً من الأمم وغير خاص باليهود وتراثهم الديني.وفي نص آخر: اقتبست (الدسقولية) من إنجيل متى – في زمن مبكر – قول المسيح – وهو يخاطب اليهود–:" إن كل من نظر إلى امرأة صاحبه ليشتهيها يزني بها في قلبه ".فلما انتقل التبشير بالإنجيل إلى الأمم – خارج الإطار اليهودي – تغيير النص إلى: " إن كل من نظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه " – متى 5: 27، 28. فحذفت كلمة " صاحبه " التي كانت تخصص التحريم باشتهاء اليهودية فقط، دون غيرها.. وذلك ليكون النص – المعدل والمحرف – خالياً من العنصرية اليهودية التي تحصر التحريم في اشتهاء اليهودية وحدها. وليكون النص – المعدل – خطاباً صالحاً لعموم الأمم، لا لليهود وحدهم! ..

ونقول لسيادته أن هذا الكلام غير علمي بالمرة ولا يتفق مع أصول البحث العلمي لأن من يقولون به من المشككين لا يهتمون إلا باصطياد ما يتصورون أنه يشككك في المسيحية!! فزعمهم وجود 150،00 خطأ في مخطوطات الأناجيل كلام غير علمي لأن أجمالي عدد كلمات العهد الجديد هو 108341 كلمة، وتمثل الأناجيل الأربعة حوالي ثلث العهد الجديد (89 إصحاحاً من 260 إصحاح)، حوالي 36،115، أي حوالي ثلث هذا الرقم المذكور للأختلافات؟! فكيف أتى هذا الرقم الذي يذكره النقاد المشككين؟! ونوضح هذا الأمر علمياً، فقد كان النُساخ الذين يقومن بنسخ مخطوطات عن مخطوطات أخرى بخط اليد ولمدة حوالي 1450 سنة على الأقل، قبل اختراع الطباعة يقعون في بعض الأخطاء النسخية، وكان هؤلاء النساخ يخطئون في وضع حرف بدلاً من آخر بسبب التشابه الشديد بين بعض حروف اللغة اليونانية وكذلك نطقها مثل استخدام حرف o " بدلاً من w " لتشابه نطق الحرفين، أو أن يفصل كلمة مركبة إلى كلمتين مثل " blackboard" إلى " black board " أو " background" إلى " background "، وهذه الأخطاء تمثل الأغلبية الساحقة من أخطاء النساخ، وليس لها أي تأثير على المعنى على الإطلاق. كما أن الخطأ لا يحسب خطأ واحد بل يحسب بعدد المخطوطات التي نُسخت عن هذه المخطوطة التي حدث بها هذا الخطأ، فمثلاً عندما يخطيء ناسخ ويضع حرف o بدلاً من w في إحدى كلمات مخطوطة ما وينسخ عن هذه المخطوطة خمسة آلاف مخطوطة يتكرر فيها نفس الخطأ فيحسب الخطأ بخمسة آلاف وليس بخطأ واحد!! ولو كرر نفس الناسخ في الأناجيل الأربعة عشرة أخطاء في هذه المخطوطة لا تحسب عشرة، بل تحسب مضروبة في خمسة آلاف فتكون خمسين ألفاً!!

أما عن اقتباس الآباء من نص الإنجيل فكان بعضهم يقتبس النص من الإنجيل مباشرة أو يعتمد على ذاكرته دون الرجوع للإنجيل المكتوب أو ينقل مضمون النص وجوهره وليس النص حرفياً أو يضعه مفسرا، أي يضع تفسير النص وليس حرفه. كما كان الآباء يحفظون الإنجيل شفوياً، بل كانوا يحفظون أكثر مما كتب في الأناجيل الأربعة، لأن الإنجيليين لم يدونوا كل ما عمله وعلمه المسيح بل ما رأى كل إنجيلي أنه يقدم صورة كاملة لعمل المسيح وتعليمه وأهداف تجسده، فقد كرز المسيح حوالي ثلاث سنوات وثلث وما دون في الأناجيل الأربعة لا يشكل سوى نماذج فقط من أعماله وتعاليمه حيث يقول القديس يوحنا: " وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هذَا الْكِتَابِ " (يو20 : 30). ومن هنا نؤكد أن ما جاء في الدسقولية وهي كتاب يرجع لنهاية القرن الأول الميلادي وقد دونه بعض خلفاء التلاميذ والرسل لم يكن كتاباً موحى به ولا قال عنه أحد ذلك، كما أنه لم يكن له نفس انتشار الإنجيل ولا قدسيته، فقد أنتشر الإنجيل في عشرات الدول ومئات المدن وآلاف القرى، في حين كان كتاب الدسقولية متواجد فقط مع بعض قادة الكنائس، وكان من المستحيل أن يؤثر على نص الإنجيل المنتشر في عشرات الآلاف من الأماكن والتي كانت في معظمها لا تعلم شيء عن الدسقولية!! وقد استخدم هذا الكتاب نفس اسلوب الآباء في اقتباساتهم سواء حرفيا أو معنويا أو تفسيرياً، ونظراً لكثرة ما قاله وعلمه المسيح ولم يدون في الأناجيل فقد نقل بعضهم بعض من هذه الأقوال عن التقليد الشفهي، ونقلت الدسقولية أيضاً عن هذا التقليد الشفهي بعض النصوص التي لم تدون في الإنجيل المكتوب. إذاً ليس هناك تطوير أو تعديل لنصوص الإنجيل، ونؤكد أن النصوص المكتوبة في الإنجيل للقديس متى موجودة في جميع المخطوطات ونتحدى أن يثبت لنا أحد عكس ذلك.

أما عن القول باستخدام عبارة " مكتوب في الناموس " و " قيل للقدماء " فهما يعطيان نفس المعنى الواحد فالناموس استلمه قدما آباء اليهود القدماء، وحين يقول المسيح " قيل للقدماء " فهو يقصد آباء اليهود، وحين يقول كاتب الدسقولية " مكتوب في الناموس " فهو يفسر ما قاله المسيح لا أكثر ولا أقل.
ويذكر في دليله العاشر اسماء الكثير من الأناجيل التي يتصور أنها كانت منتشرة وأن الكنيسة اختارت منها أربعة فقط وألقت بالباقي جانباً!! ويذكر اسماء هذه الكتب كالآتي: إنجيل نيقوديموس.وإنجيل يعقوب، وإنجيل لوقا – في نصه اللاتيني،وإنجيل لوقا – في نصه السرياني،وإنجيل الطفولة – في نصه الأرمني،وإنجيل الطفولة – في نصه السرياني، وإنجيل طفولة سيدنا – في نصه الأرمني، وإنجيل طفولة سيدنا – في نصه العربي، وإنجيل توماس– الذي ذهب يبشر في أرض بابل، وإنجيل فيلبس – الذي ذهب يبشر في القيروان وقرطاجنة، والنص العربي القديم لقصة يوسف النجار،فإذا أضفنا إلى هذه الأناجيل:إنجيل برنابا،وإنجيل يهوذا،وإنجيل العبريين.وإنجيل الناصريين.وإنجيل الحقيقة.وكذلك الأناجيل التي اكتشفت ضمن " مخطوطات نجع حمادي " – في صعيد مصر – سنة 1947م، وفيها 53 نصاً.. وتقع في 1153 صفحة.. والتي جمعت في 13 مجلدا – وهي التي يرجع تاريخ كتابتها إلى ما قبل كتابة الأناجيل الأربعة المشهورة بعشرين عاما – ومنها:إنجيل مريم المجدلية.وإنجيل فليب.وإنجيل بطرس.وإنجيل المصريين. ويختم بقوله: " عندما قرر مجمع نيقية سنة 325م إلغاء الأناجيل التي لا تقول بإلوهية المسيح!

والحقيقة أن هذا الكلام يثير الشفقة على المستوى العلمي للذين يدعون تحريف الإنجيل!! فأي باحث في التراث المسيحي يرى في هذا الكلام كم من الأخطاء والمغالطات التي تنفي عن اصحابها صفة البحث العلمي والمنطق ويتأكد أن من يكتب مثل هذا الكلام لا يعرف حقيقة ما يكتب عنه وليس له هدف سوى التشكيك في الكتاب المقدس وحسب، بالمبدأ الميكيافلي الغاية تبرر الوسيلة!! والأغرب أن مثل هؤلاء يصدقون ما يكتبون!! وهذا يذكرني بأسطورة بيجمليون المثال اليوناني الذي صنع تمثالا لامرأة جميله فعشقها وطلب من الآلهة أن تحولها له امرأة حقيقية واستجابت الآلهة لطلبه!! ولكنّا الآن لسنا في زمن الاساطير ولا في زمن الآلهة التي تحول ما صنعناه بأيدينا إلى ما نتصور أنه حقائق، ولذا ليس في استطاعة الدكتور ولا من نقل عنهم أن يحولوا هذه الإدعاءات غير الحقيقية إلى حقائق!!

ونقول له أن ما يسمى بإنجيل نيقوديموس وإنجيل يعقوب وإنجيل الطفولة وإنجيل الطفولة العربي وإنجيل توماس– الذي ذهب يبشر في أرض بابل وقصة يوسف النجار، ما هي إلا روايات أسطورية مزجت بين الحقائق والأساطير وهي تعبر عن تيار شعبي يستمتع بالأساطير. وقد دونت هذه الكتب في الفترة من نهاية القرن الثاني إلى القرن السابع وقد نشرناها محققة ومترجمة في كتابنا " ابوكريفا العهد الجديد كيف كتبت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟ الجزء الأول ". ولم يدع أحد مطلقاً أنها موحى بها!! أما ما يسمى بإنجيل فيلبس وإنجيل يهوذاوإنجيل الحقيقة وإنجيل توما وإنجيل مريم المجدليةوإنجيل فليبوإنجيل بطرسوإنجيل المصريين فهي كتابات كتبها اصحاب الهرطقة الغنوسية التي يؤمنون بتعدد الآلهة ويؤمنون أن المسيح هو أحد هذه الآلهة العلوية وأنه قد ظهر على الأرض في شكل إنسان، شبه إنسان، ولم يكن إنساناً ولم يتجسد!! وقد كتبت في الفترة من 150 إلى 450م، وليس قبل الأناجيل الأربعة كما يزعم الدكتور بغير علم ولا دليل، وقد قمنا بترجمتها إلى العربية ودارساتها ودراسة فكر كتابها، وسننشرها تباعاً، وجميعها تقول بأن المسيح إله جاء من عقل الآب وظهر على الأرض في شكل وهيئة إنسان بل تقول هذه الكتب المسماه بالأناجيل أن المسيح كان يظهر للطفل كطفل وللشاب كشاب وللعجوز كعجوز وللرجل كرجل وللمرأة كامرأة 00 الخ وليس له شكل ثابت!! وهذه الكتب اختفت من نفسها بسبب أحتفاظ الغنوسيين بها وعدم نشرها بحجة سموها عن فكر العامة! كما أنهم كانوا يرفضون الزواج والعلاقات الجنسية لأن الإنجاب بحسب هرطقتهم خطية لذا انقرضوا واندثروا واختفت كتبهم إلى أن ظهرت مرة أخرى في القرن الماضي، ولم نكن نعلم عنها شيء إلا من خلال كتابات القديس إيريناؤس أسقف ليون (175م). أما الزعم القائل بأن مجمع نيقية هو الذي أختار الأناجيل الأربعة ورفض هذه الأناجيل فهو زعم باطل لأنه لا مجمع نيقية ولا أي مجمع غيره ناقش مثل هذه الكتب الأبوكريفية المزيفة. ونسأل الدكتور: من أين أتى من تنقل عنهم أن هذه الكتب المزيفة يرجع تاريخ كتابتها إلى ما قبل كتابة الأناجيل الأربعة المشهورة بعشرين عاما؟ فقد كتبت جميعها فيما بين 150 و450م. ومن أين أتيت بما تقوله: " عندما قرر مجمع نيقية سنة 325م إلغاء الأناجيل التي لا تقول بإلوهية المسيح؟! على الرغم من هذا الكلام غير حقيقي بالمرة!! كما أن جميع هذه الكتب، سواء الموحى بها أو الأبوكريفية تقول بإلوهية المسيح وتقول أنه إله نزل من السماء من عقل الآب السماوي!

أما إنجيل برنابا فهو كتاب مزيف وملفق كتب حوالي سنة 1600م أي بعد صعود المسيح بأكثر من 1550 سنة (أنظر كتابنا إنجيل برنابا هل هو إنجيل صحيح؟).

ويذكر في دليله الحادي عشر مجموعة مما يتصور أنه تناقضات مكونة من 46 اعتراض لا مجال هنا للتعليق عليها جميعا لضيق المساحة ونكتفي بالتعليق على بعض النماذج منها. والغريب أنه يصف ما يسميه بالمتناقضات بـ " الكم الهائل من التناقضات والاختلافات التي شاعت وانتشرت حتى في الأناجيل الأربعة الشهيرة المعتمدة "، ولا يكتفي بهذا بل يسقط في زلة كبيرة وجسيمة لا يصح أن يقع فيها عالم حيث فقول عن هذه المتناقضات المزعومة: " تلك التي قررت الموسوعة البريطانية أن في مخطوطاتها أكثر من 150.000 تناقض "!! وهذا في حد ذاته يبين أن سيادته لا يميز بين الأخطاء النسخية التي كان يقع فيها نُساخ مخطوطات الإنجيل، والتي شرحناها أعلاه، وبين ما يزعم أنه تناقضان بين الآيات وبعضها البعض!! فهل نثق بعد ذلك فيما يقوله؟!! ثم يقول: " وإذا نحن شئنا ضرب الأمثال – بعض الأمثال – على هذه التناقضات التي تمتلئ بها هذه الأناجيل الأربعة، حول سيرة المسيح ووقائعها – فإننا واجدون – على سبيل المثال، لا الحصر:في إنجيل متى 1: 19–21 أن الملاك جاء ببشارة حمل المسيح وولادته إلى يوسف النجار. أما في لوقا 1: 26–31 فإن البشارة جاءت إلى مريم العذراء ". وهذا الكلام يحمل المغالطة وعدم جدية البحث العلمي بل مجرد التشكيك! أولاً لأن الإنجيل للقديس لوقا يتكلم عن بشارة الملاك للعذراء وإبلاغها أن أليصابات زوجة زكريا الكاهن ايضا حبلى بابن في شيخوختها وهي في الشهر السادس فذهبت مريم على الفور إلى أليصابات في مدينتها ولم تعد إلا بعد ولادتها، أي بعد مرور أكثر من ثلاثة شهور، وهنا ظهر حبلها أمام يوسف النجار الذي لم يكن قد علم ببشارة الملاك لها، وهنا تحير يوسف وأراد أن يتخلى عنها سرا فظهر له الملاك في حلم وكشف له عن حيقية هذا الحبل: " وَلكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ " (مت1 : 20). وهنا لا يوجد أي خلاف أو تعارض. ثم يقول: " وفي متى 2: 19–20 أن هيرودس مات ويسوع صبي لم يره.أما في لوقا 23: 8 فإن هيرودس رأي يسوع وفرح جدا ". وهذا كلام يدل على عدم محاولة معرفة حقيقة آيات الإنجيل والقادة الذين كانوا يحكمون في ذلك الزمان، فهيرودس الذي مات هو هيرودس الكبير، أما هيرودس الذي وقف أمامه المسيح فهو أحد ابنا هيرودس الكبير وكان رئيس ربع على الجليل!! ثم يقول زاعماً: " وفي متى 2: 3 أن أحدا في أورشليم لم يعلم بولادة المسيح إلا بعد مجئ المجوس. أما في لوقا 2: 25–38 فإن الكثيرين من أهل أورشليم قد علموا بولادته من بنية حنة بنت فنوئيل "!! ونقول لسيادته أن من علم بميلاد المسيح عن طريق حنة بنت فنوئيل كانوا مجرد جماعة من الباحثين في النبوات وكانوا يتوقعون مجيء المسيح في أيامهم، بحسب ما درسوه من نبوات " فَهِيَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَقَفَتْ تُسَبِّحُ الرَّبَّ، وَتَكَلَّمَتْ عَنْهُ مَعَ جَمِيعِ الْمُنْتَظِرِينَ فِدَاءً فِي أُورُشَلِيمَ " (لو2 :38)، ولكنهم لم يذيعوا شيء للعامة. ثم يقول: " وفي متى 1: 1–7 أن المسيح من أولاد سليمان بن داود.أما في لوقا 3: 23–38 فإنه من نسل ناثان بن داود ". وهنا نوضح أن القديس متى ذكر نسب المسيح من جهة يوسف النجار، أما القديس لوقا فقد ذكر نسبه من جهة مريم العذراء، لذا قال: " وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ، بْنِ هَالِي " (لو3 : 23)، فهالي هذا اختصار لهالياقيم الذي تحول إلى يواقيم في التقاليد الأرثوذوكسية وهو والد مريم العذراء، ويؤكد ذلك قوله " وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ "، فقد كان من عادة اليهود أن ينسبوا للرجل الذي لم ينجب أولاد ذكور زوج ابنته حتى لا ينقطع ذكره. ثم يقول: " وهناك اختلاف في مكان العشاء الأخير.. ففي متى 26: 6، 19–21 أنه كان في بيت سمعان الأبرص .. وعند يوحنا 12: 1–3 أنه كان في بيت مريم ومرثا ولعازر، في بيت عنيا " !! وهذا الكلام خاطئ تماماً فلم يكن العشاء الرباني في بيت سمعان الأبرص ولا في بيت مريم ومرثا ولعاذر بل كان في العلية في أورشليم!! فما حدث في بيت مريم ومرثا حدث قبل العشاء الأخير بستة أيام حيث يقول القديس متى في نفس الآيات التي أشار إليها الكاتب: " ثُمَّ قَبْلَ الْفِصْحِ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ أَتَى يَسُوعُ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا، حَيْثُ كَانَ لِعَازَرُ الْمَيْتُ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. فَصَنَعُوا لَهُ هُنَاكَ عَشَاءً. وَكَانَتْ مَرْثَا تَخْدِمُ، وَأَمَّا لِعَازَرُ فَكَانَ أَحَدَ الْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ " (يو12 :1و2). وفي الإنجيل للقديس متى (26 :6) والآيات التالية لها يتكلم فقط عن وجود المسيح في بيت سمعان ودخول امرأة خاطئة المكان وحوار السيد معها ولم يتكلم عن أي عشاء!! وابتداء من الآية 18 يتحدث عن العشاء الأخير الذي أتمه بعد أن عمل الفصح: " وَفِي أَوَّلِ أَيَّامِ الْفَطِيرِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ لَهُ: أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُعِدَّ لَكَ لِتَأْكُلَ الْفِصْحَ؟ فَقَالَ: اذْهَبُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، إِلَى فُلاَنٍ وَقُولُوا لَهُ: الْمُعَلِّمُ يَقُولُ: إِنَّ وَقْتِي قَرِيبٌ. عِنْدَكَ أَصْنَعُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي. فَفَعَلَ التَّلاَمِيذُ كَمَا أَمَرَهُمْ يَسُوعُ وَأَعَدُّوا الْفِصْحَ. كَانَ الْمَسَاءُ اتَّكَأَ مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ 000 وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ الْخُبْزَ، وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ وَقَالَ:«خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي. وَأَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً:«اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ، لأَنَّ هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا " (مت28 :17-28). وهذه مجرد عينة نكتفي بها لضيق المساحة المسموح لنا بها في الجريدة.

 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
837
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر

وفي حديثه عن التوحيد والمسيحية يتهم فيه المسيحية باتهامات كثيرة من خلال الآيات القرآنية وآيات العهد القديم والعهد الجديد!! وسنتجنب هنا تماماً الإشارة إلى الآيات القرآنية ونركز فقط على ما أدعاه عما جاء في الكتاب المقدس، فهذا هو صلب موضوعنا. ويبدأ الدكتور بقوله: " إن إلوهية المسيح.. وبنوته لله: – ترفضها أسفار العهد القديم.. وترفضها اليهودية.. التي جاء المسيح – عليه السلام – ملتزما بشريعتها وعقيدتها.. ومضيفا إليها " التعاليم ". ويضيف: " وإذا كانت الأناجيل – التي ذكرت في دوائر المعارف والموسوعات والدراسات المسيحية، قد وصل عددها إلى مائة إنجيل.. فإنه لم يقل بإلوهية المسيح، من بين تلك الأناجيل المائة، سوى إنجيل واحد هو إنجيل يوحنا!!.فهل من الجائز: والمعقول أن تهمل كل الأناجيل الأخرى الإشارة إلى هذه العقيدة المحورية – الإلوهية وطبيعة الإله – وينفرد بها إنجيل واحد – من بين مائة إنجيل؟!."!!

وهذا الكلام أبسط تعليق على هذا الكلام؛ هو أنه كلام غير علمي ينم عن جهل فاضح بمعرفة ما جاء في العهد القديم عن المسيح، وجهل فاضح لمن نقل عنهم الدكتور للأناجيل المسيحية بأنواعها، سواء كانت موحى بها أو مزيفة!! فالعهد القديم أكد في آيات واضحة وصريحة حقيقة لاهوت المسيح، فقد جاء في إشعياء قول الوحي: "لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام " أش9 :6).والنبي هنا يستخدم هنا لقب " إيل " الذي هو لقب الله الذاتي ويضيف لقب " القدير " وهو لقب الله وحده الذي لم يطلق على غيره أبداً، مطلقاً. وهذا نفس ما قيل عن الله: " الإله العظيم الجبار يهوه صبؤوت أسمه " (ار17:32)، " الرب إلهكم هو إله الإلهة ورب الأرباب الإله (إيل) العظيم الجبار المهيب " (تث17:10)، " يا إلهنا العظيم الجبار المخوف " (نح32:9). الله وحده هو الإله الجبار، القدير، المخوف، إله الإلهة ورب الأرباب. والمسيح في هذه النبوّة هو " الإله "، " القدير "، " كلى القدرة "، " الجبار ".ويطلق عليه الكتاب بالروح أيضاً " أباً أبدياً " وحرفياً " الآب الأبدي " أبو الأبد، الذي لا بداية له ولا نهاية، الأزلي الأبدي. ويتكلم داود بالروح عن كونه الابن الجالس عن يمين عرش الله" قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءكموطئاً لقدميك " (مز110: 1). وهذه النبوّة فسرها الرب يسوع المسيح بنفسه في الحوار الذي دار بينه وبين رؤساء اليهود " قائلا ماذا تظنون في المسيح. ابن من هو؟ قالوا له ابن داود. قال لهم فكيف يدعوه داود بالروح ربا قائلا: قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك. فان كان داود يدعوه ربا فكيف يكون ابنه؟ فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة. ومن ذلك اليوم لم يجسر أحد أن يسأله البتة " (مت42:22 - 46). وقد أكد هنا أنه هو المتنبأ عنه في هذه النبوّة، وأنه هو الرب، رب داود، رب الكل، وأنه هو الجالس في يمين العظمة، على عرش الله في السماء. كما قال أيضاً " من الآن تبصرون أبن الإنسان جالساً على يمين القوه " (مت26:24؛مر62:14). كما يتحدث ميخا النبي عن تجسده في مكان معين ووجوده الأبدي ألزلي قبل الأكوان: " أما أنت يا بيت لحم أفراتة وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطا على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل " (مي2:5). فقد عين الله في مشورته الأزلية وعلمه السابق أن يولد هذا النسل الآتي والفادي المنتظر في قرية صغيرة هي بيت لحم، كما بينّا، مع تأكيده أنه الإله الأزلي الموجود قبل الزمان. فكلمة " مخارجه " تعني، بحسب الترجمة الدولية الحديثة NIV "whose origins = أصوله، أصل وجوده، ليس ميلاده في بيت لحم بل " منذ القديم "، " منذ الأزل "، أي القدم السحيق في الأبدية، الأزل الذي لا بداية له.

أما زعمه المبني على عدم معرفة وقوله: " وإذا كانت الأناجيل – التي ذكرت في دوائر المعارف والموسوعات والدراسات المسيحية، قد وصل عددها إلى مائة إنجيل.. فإنه لم يقل بإلوهية المسيح، من بين تلك الأناجيل المائة، سوى إنجيل واحد هو إنجيل يوحنا!! "، وللأمانة نقول أن هذا شيء مضحك ومحزن في آن واحد!! مضحك لأنه نقل عما لا يعرفون شيء عما يقولون أو يدعون، ومحزن أن يقع مثل هذا العلم الجليل فيما سقط فيه غيره من الذين لا يمكن أن نسميهم سوى بالمشككين في الكتاب المقدس!! فجميع الأناجيل، الموحى بها والمزيفة، تكلمت بشكل تفصيلي عن لاهوت المسيح بحسب وجهات نظرها، فقد أقرت الأناجيل الثلاثة حقيقة لاهوت المسيح بأشكال متنوعة. ونكتفي هنا بذكر بعض الآيات التي تكلم فيها المسيح عن نفسه كابن الله، فعندما سأله رئيس الكهنة قائلاً: " استحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله " (مت26 :63): " فقال يسوع أنا هو. وسوف تبصرون ابن الإنسان جالسا عن يمين القوة وآتيا في سحاب السماء " (مر14 :64). كما أعلن أنه الملك الديان الذي سيدين المسكونة بالعدل، ملك يوم الدين، فقال: " ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده. ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميّز بعضهم من بعض كما يميّز الراعي الخراف من الجداء. فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار. ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم 000 ثم يقول أيضا للذين عن اليسار اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته " (مت25:31-46). وهنا يقدم لنا مشهد الدينونة وكرسي الدينونة وأنه هو الديان الذي يجلس على كرسي الدينونة ويقف أمامه كالديان الملائكة وجميع الشعوب والأمم. والديان كما هو معروف هو الله " وتخبر السموات بعدله لان الله هو الديان " (مز6:50)، وهو يقول عن نفسه أنه هو الديان، الملك الديان، ملك يوم الدين، وأن مجد الدينونة هو مجده وكرسي الدينونة هو كرسي مجده وجميع الملائكة القديسين هم ملائكته وأنه هو الذي سيجلس على كرسي مجده وهو الذي ستجتمع أمامه جميع الشعوب والذي سيجازي كل واحد بحسب أعماله، كقوله أيضاً: " فان ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله " (مت16:27)، وأيضاً: " فأن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله " (مت16:27). كما أنه ابن الإنسان هو ابن الله الحي: يقول الكتاب " ولما جاء يسوع إلى نواحي قيصرية فيلبس سأل تلاميذه قائلا من يقول الناس أني أنا ابن الإنسان؟ فقالوا. قوم يوحنا المعمدان. وآخرون إيليا. وآخرون ارميا أو واحد من الأنبياء. فقال لهم وانتم من تقولون أنى أنا؟ فأجاب سمعان بطرس وقال أنت هو المسيح ابن الله الحي. فأجاب يسوع وقال له طوبى لك يا سمعان بن يونا. أن لحما ودما لم يعلن لك لكن أبي الذي في السموات " (مت13:16-17). كما يؤكد أنه رب العالمين: قال الرب يسوع المسيح لتلاميذه قبل صعوده مباشرة " دُفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدّوهم باسم الآب والابن والروح القدس. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر " (مت18:28، 19)، ويضيف الإنجيل للقديس مرقس " ثم أن الرب بعدما كلمهم أرتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله. وأما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالآيات التابعة " (مر19:16-20).
كما أن جميع الأناجيل الأبوكريفية تكلمت عن لاهوت المسيح باستفاضة وفيما يلي بعض فقرات منها تؤكد هذه الحقيقة: فيقول إنجيل المصريين اليوناني: " لأنه (يسوع) يقول: ليس كل من يقول لي، يا رب يا رب يخلص، بل الذي يفعل البر ". ويقول إنجيل المصريين القبطي، والذي يختلف عن اليوناني: " القوة التي لا تقهر هي المسيح العظيم ". ويختم بالقول: " يسوع المسيح ابن الله ". ويصف إنجيل بطرس المسيح بالرب وابن الله " فلنسوق الآن ابن الله فقد أعطينا سلطاناً عليه000 فلنكرم ابن الله بمثل هذه الكرامة ". ويقول إنجيل الحقيقة: " إنجيل الحقيقة بهجة لأولئك الذين قبلوا من أبي الحقيقة هبة، معرفته خلال قوة الكلمة (المسيح) الذي جاء من البليروما (ملء اللاهوت - (أنظر كو2:9)، الواحد الذي في فكر الآب وعقله، الذي هو الواحد المخاطب بالمخلص الذي أتم العمل وقام بفداء أولئك الذين كانوا يجهلون الآب ". ويقول كتاب حكمة يسوع المسيح: " بعد أن قام (يسوع) من الأموات تبعه تلاميذه الاثنا عشر وسبعة نساء اللواتي تبعنه كتلميذات، عندما جاءوا إلى الجليل 000 وهناك ظهر لهم المخلص، ليس في شكله الأصلي ولكن في الروح غير المرئي، كان ظهور ملاك عظيم من نور. أما شكله فلا أستطيع وصفه 000 وقال سلام لكم، سلامي أنا أعطيكم ". ويقول كتاب حوار المخلص: عن سؤال التلاميذ للمسيح: " يا رب قبل أن تظهر هنا (علي الأرض) من كان هناك (في السماء) ليعطيك المجد؟ لأنه فيك (خلالك) كل الأمجاد، ومن كان هناك ليباركك حيث منك تأتي كل البركة ؟ ". ويقول إنجيل فيليب: " الهي الهي لماذا يا رب تركتني؟ قال هذه الكلمات علي الصليب، لأنه انقسم هناك 000 قام الرب من الموت ".

ويقول إنجيل توما في القول: 28 " أنا وقفت في وسط العالم وظهرت لهم في الجسد ووجدتهم كلهم سكارى ولم أجد بينهم أحداً عطشان. وكانت نفسي حزينة علي بني البشر لأنهم عميان في قلوبهم لا يبصرن ". ويقول في القول:77 " قال يسوع أنا هو النور. أنا هو الكل. الكل جاء مني والكل يعود إلى. أشطر الخشب: أنا هناك. ارفع الحجر وستجدني هناك ". ويقول أبوكريفا يوحنا: أن المسيح يقول: " أنا هو الذي معك دائما. أنا هو الآب، أنا هو الأم، أنا هو الابن، أنا هو الموجود الأبدي، غير الدنس ". ويقول أبوكريفا يعقوب، يقول المسيح: " سأحضر إلى المكان الذي منه جئت 000 استمعوا إلى التسابيح التي تنتظرني في السموات لأني اليوم سآخذ مكاني علي يمين الآب 000 مباركين أولئك الذين ينادون بالابن قبل نزوله ". ويقول إنجيل مريم المجدلية: " ولما قال الواحد المبارك (يسوع) هذا حياهم كلهم قائلا: سلام لكم، أقبلوا سلامي. اعلموا إذا أنه لن يضلكم أحد بالقول " انظروا هنا " أو " انظروا هناك " لأن ابن الإنسان داخلكم. اتبعوه. الذين يبحثون عنه سيجدونه ". ويقول كتاب حديث بعد القيامة (أو رسوله للرسل): يقول التلاميذ: " نحن نعرف هذا، أن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح اله. ابن الله الذي أرسل من الله، حاكم العالم كله 000 رب الأرباب وملك الملوك وحاكم الحكام. السماوي الذي هو فوق الشاروبيم والسرافيم ويجلس عن يمين عرش الأب ". ويقول كتاب كتاب إيمان الحكمة: عندما يتحدث عن ظهور المسيح لتلاميذه " ثم انفتحت السموات 000 ورأوا يسوع وقد نزل وبهاؤه (أشرافه) ساطع جدا وكان نوره لا يقاس 000 ولم يستطع البشر في العالم أن يصفوا النور الذي كان عليه ". ويقول كتاب اللوجوس العظيم: " أجاب الرسل بصوت واحد 000 قائلين: يا رب يسوع أنت الحي الذي أنتشر خلاصه علي الذين وجدوا حكمته وهيئته التي يضيء بها - أيها النور الذي في النور الذي يضيء قلوبنا حتى نأخذ نور الحياة - أيها الكلمة (اللوجوس) الحقيقي الذي بالمعرفة تعلمنا 000 أجاب يسوع الحي وقال مبارك الرجل الذي يعرف هذا ". ويقول إنجيل برثلماوس: " أيها الرب يسوع المسيح، الاسم المجيد والعظيم. كل طبقات الملائكة تسبحك. وأنا أيضا، الغير مستحق أن أسبحك يا رب بشفتي. استمع إلى أنا خادمك استمع إلى أيها الرب يسوع المسيح، وارحم الخطاة ". هذه بعض فقرات من هذه الكتب الأبوكريفية تؤكد جهل إدعاءات المشككين ونقاد الكتاب المقدس وعدم معرفتهم بهذه الكتب أو اضطلاعهم عليها، فهم يتكلمون فيما لا يعرفون!!
ثم يقول زاعماً: " وإذا كان عمدة الأدلة المسيحية على إلوهية المسيح هو أنه " الكلمة " – كلمة الله – فإن كل أسفار التوراة تأتي فيها " الكلمة " بمعنى: الوحي.. أو الأمر الإلهي.. أو الرسالة النبوية، عند أنبياء العهد القديم.. ولم تشر هذه الأسفار بمصطلح " الكلمة " إلى المسيح – ابن مريم – أو أي مسيح آخر 000 وفي الأناجيل الأربعة المعتمدة لدى الكنائس النصرانية لم يرد مصطلح " الكلمة " في متى ومرقس .. وورد في لوقا بنفس معناه في أسفار العهد القديم word 000 هكذا اتفق التراث اليهودي – في أسفار العهد القديم – وأناجيل: متى ولوقا ومرقس وأعمال الرسل على أن معنى " الكلمة " هو التعليم.. أو الوحي.. أو الأمر الإلهي الصادر عن قصد واختيار من قبل الله تعالى إلى الناس عن طريق إنسان معين، هو النبي أو تابع النبي 000 لكن الشذوذ الذي أوقع المسيحيين في تأليه المسيح – عليه السلام – قد جاء من الإنجيل الوحيد – إنجيل يوحنا – الذي فسر " الكلمة " – أي المسيح – بأنها العقل logos وهو المعنى اليوناني الذي ساد في الفلسفة الوثنية اليونانية.. فجعل المسيح – كلمة اله – عقل الله، ومن ثم فهو متحد به.. أي إله!! ".

ونقول لسيادته رفقاً يا دكتور فأنت لم تدرس معنى الكلمة في اليهودية والمسيحية مطلقا بل كلامك هذا مجرد اجتهاد بعيد عن البحث العلمي تماماً!! فالكلمة بمعنى كلمة الله الذاتي خالق الكون ومدبره موجودة بكثافة في التراث اليهودي!! فقد جاء في سفر المزامير: " بكلمة الرب صنعت السموات وبنسمة فيه كل جنودها " (مز33 :6). وهنا وجد علماء اليهود إشارة واضحة لكلمة الله الخالق " بكلمة الرب صنعت السموات "، وعمل روحه القدوس " وبنسمة فيه كل جنودها ". بل ويقول في سفر اشعياء: " كلمتي التي تخرج من فمي. لا ترجع إليّ فارغة بل تعمل ما سررت به وتنجح فيما أرسلتها له " (اش55 :11)، وكذلك قوله في مزمور (147 :15) " يرسل كلمته في الأرض سريعا جدا يجري قوله ". ورأوا هنا أن الكلمة مشخصة وتخرج من ذات الله لتعمل ما يرسلها من أجله، كما قال: " لم أتكلم من البدء في الخفاء. منذ وجوده أنا هناك والآن السيد الرب أرسلني وروحه ". وقد جاءت كلمة الرب هنا، في المزمور (33:6): " dâbâr yhwh ". وقد ترجم العلماء اليهود الكلمة هنا، منذ أيام عزرا الكاهن والكاتب (في القرن الخامس قبل الميلاد) في الترجوم إلى " ميمرا– Memra أو ma'amar " في الآرامية والتي تساوي في اليونانية " لوجوس – logos ". كما وجدوا أن الوحي الإلهي يصف الله في الظهورات الإلهية التي ظهر من خلالها للآباء والأنبياء؛ مثل ظهوره وحديثه مع آدم وإبراهيم واسحق ويعقوب وموسى النبي، بالملاك؛ ملاك الرب (يهوه) وملاك حضرته (اش63 :9)، وملاك العهد (ملا3 :1)، وكما قال يعقوب عندما بارك يوسف: " الله الذي سار أمامه أبواي إبراهيم واسحق. الله الذي رعاني منذ وجودي إلى هذا اليوم. الملاك الذي خلصني من كل شر يبارك الغلامين " (تك48 :15و16)، وكما حدث عند حديث الله مع موسى في العليقة: " وظهر له ملاك الرب بلهيب نار من وسط عليّقة 000 فلما رأى الرب انه مال لينظر ناداه الله من وسط العليقة 000 ثم قال أنا اله أبيك اله إبراهيم واله اسحق واله يعقوب. فغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله " (خر3 :2-6). ولذا فقد وضعوا في كل هذه الظهورات كلمة " ميمرا– Memra أو ma'amar "، الكلمة، كبديل لله، وعلى سبيل المثال فقد ترجموا قوله: " وسمعا صوت الرب الإله ماشيا في الجنة عند هبوب ريح النهار. فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة ". " وسمعا صوت كلمة الرب ". ويظهر تعبير " ميمرا– Memra أو ma'amar " كتعبير عن الظهور الإلهي وعمل الله في الخليقة 596 مرة في الترجومات، ويستخدم ترجوم أونكيلوس هذا التعبير 179 مرة، وترجوم يروشاليمي 99 مرة، وترجوم يوناثان 321 مرة. وعلى سبيل المثال فقد ترجم قوله: " فخلق الله الإنسان على صورته.على صورة الله خلقه " (تك1 :27)، " فخلق كلمة الرب (ميمرا– Memra) الإنسان ". وقوله: " فدعت (أي هاجر) اسم الرب الذي تكلم معها أنت إيل رئي " (تك16 :13)، إلى " فدعت كلمة الرب (ميمرا– Memra) ". وقوله: " فقال إبراهيم الله يرى له الخروف للمحرقة يا ابني " (تك22 :8)، إلى " فقال إبراهيم كلمة الرب (ميمرا– Memra) يرى له الخروف للمحرقة يا ابني ". وقوله: " ونذر يعقوب نذرا قائلا أن كان الله معي وحفظني في هذا الطريق الذي أنا سائر فيه وأعطاني خبزا لآكل وثيابا لألبس ورجعت بسلام إلى بيت أبي يكون الرب لي ألها " (تك28 :20و21)، إلى " أن كان الله (ميمرا– Memra) معي 000 يكون كلمة الرب (ميمرا– Memra) لي إلها " 000 الخ. واستفاض في ذلك الفيلسوف اليهودي السكندري فيلو الذي ترجم " الكلمة 00 كلمة الرب 00 ميمرا " إلى اليونانية " لوجوس " وأعطاها الغالبية العظمى من ألقابا وأوصاف وأعمال الله!! برغم أنه لم يحدد أن كان اللوغس مخلوق قبل الخليقة والأزمان أم غير مخلوق، ابدي فوق الزمان والمكان. وهذا ما فعله القديس يوحنا مؤكداً على أن الكلمة اللوجوس موجود مع الآب ومن الآب وفي ذات الآب. فهو لم يخترع شيء ولم يؤلف شيء بل أعتمد على ما جاء في كتابات علماء اليهود وما أوحي به إليه من الروح القدس. وهناك حقيقة هامة وهي إيمان معظم آباء الكنيسة في نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني أن كل الظهورات الإلهية التي كانت في العهد القديم والتي كلم فيها الله الآباء والأنبياء كانت ظهورات للكلمة، كلمة الله، المسيح قبل التجسد، وذلك بناء على ما أكده العهد الجديد أيضا أن المسيح هو الذي كلم الأنبياء في العهد القديم والعهد الجديد. وقد كان اليهود يدركون هذه الحقيقة جيدا باعتبار أن الذي عمل وظهر في العهد القديم هو كلمة الرب (ميمرا– Memra)، كما فهم هؤلاء الآباء العبارات التي تكلم فيها الله بصيغة الجمع مثل: " وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا " (تك1:26)، " وقال الرب الإله هوذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر " (تك2:22)، " هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم " (تك7:11)، " فأمطر الرب (يهوه) على سدوم وعمورة كبريتا ونارا من عند الرب (يهوه) من السماء " (تك19: 24). على أنها تعبر عن التعدد في الذات الإلهية لله الواحد، وقالوا أن الله كان يتكلم مع كلمته وابنه.

ثم يتكلم عن خطيئة آدم أو الخطية الأصلية بمجرد التركيز على الأكل من الشجرة وكأن الأكل من الشجرة في حد ذاته هو الخطية!! فيقول: " وإذا كانت عقيدة المسيحيين في الخطيئة – أي خطيئة آدم، عليه السلام – بأكله من الشجرة، تقول إن البشرية كلها قد حملت لعنة هذه الخطيئة – بأجيالها المتعاقبة من آدم إلى المسيح – وأن فداء البشرية وخلاصها من هذه اللعنة قد اقتضى أن يقدم الآب ابنه – المسيح – ليموت على الصليب فداء وخلاصا للبشرية من هذه اللعنة وهذه الخطيئة.فإن هذه العقيدة المسيحية – في الخطيئة.. ولعنتها – إنما تصل القمة في الظلم، والذروة في اللاأخلاق!.. بينما لا يتصور عاقل أنيقوم دين على أنقاض العدل والأخلاق.فحتى لو افترضنا جدلا أن خطيئة آدم لم تتم توبته منها، وغفران الله له ذنبه، فإن العدل الإلهي يقتضي أن يكون الوزر – ومن ثم العقاب – على آدم، الذي اقترف الوزر، وارتكب الخطيئة.. وليس من العدل – حتى الإنساني.. فضلا عن الإلهي – أن تتحمل البشرية – بأجيالها المتعاقبة – اللعنة لوزر لم ترتكبه وخطيئة لم تكتسبها.ثم.. أليس الله – سبحانه وتعالى – وهو التواب الرحيم – بقادر على أن يغفر الذنوب ويتجاوز عن الخطايا، دون أن يضحي بابنه الوحيد؟! "!!

ونقول لسيادته أنه ليس مجرد الأكل من الشجرة هو الذي أدى إلى الخطية واللعنة، بل عدم طاعة آدم لله وعصيانه وصيته هو الذي أدخل الخطية إلى العالم، فقد كانت الوصية هي أن يسمع الإنسان كلام الله ويطيع وصيته من خلال قوله: " وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلاً: مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ " (تك2 :16و17). إذا المسألة ليست مجرد الأكل من الشجرة بل طاعة الله من خلال هذه الوصية. ولما أكل آدم من الشجرة طرد من الجنة وأصبح قابلاً للمرض والموت، في حين أنه كان في الجنة غير قابل للمرض أو الموت وورث بنو آدم عنه الميل للخطية وأصبحوا قابلين للمرض ومصيرهم الموت. يقول الكتاب " مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ " (رو5 :12)، فهل يستطيع أحد أن ينكر هذه الحقيقة؟! فلولا عدم طاعة آدم لله وسقوطه في الخطية لما كان قد طرد من الجنة وما كان مصيره الموت. وكان الله يعلم بعلمه السابق وتدبيره الأزلي أن ذلك سيحدث فدبر له الفداء، لأنه كان على الله أن يخلق الإنسان مسير ليس له الحرية فيما يقول أو يفعل ولا يتحمل تبعية أعماله لأن الله هو الذي سيحركه أو أن يخلقه حرا ويتحمل نتيجة حريته، ولأن الله حر حرية مطلقة فقد خلق الإنسان حرا، مخيراً، ونظراً لعلمه أن سيخطئ فقد دبر له الفداء. ويؤكد لنا الكتاب المقدس أنه عندما رتب الله بحسب مشورته الإلهية وتدبيره الإلهي وعلمه السابق أن يخلق الإنسان على صورته ومثاله، كشبهه، قرر أن يخلقه عاقلا حرا يتصرف بحرية كاملة وغير مجبر على شيء في كل أعماله وتصرفاته، وقد رأي الله بعلمه السابق أن هذه الحرية ستؤدي به إلى السقوط، ولكن الله الذي خلق جميع الكائنات العاقلة أعطاها الحرية الكاملة، لذا قرر، بحسب مشورته الإلهية وعلمه السابق، أن يقدم له الفداء بتجسد ابنه الوحيد، كلمته، في لحظة ما وتوقيت مرتبط بالزمن الأرضي اسماه الوحي الإلهي بـ " ملء الزمان " (غل4:4). ومن هنا يقول لنا الكتاب أن هذا السر، سر التجسد والفداء، كان مقررا ومرتبا ومحتوما كما يقول الكتاب: " قبل الأزمنة الأزلية "؛ " الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التي أُعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية " (2تي1:9)، " والقادر أن يثبتكم حسب إنجيلي والكرازة بيسوع المسيح حسب إعلان السر الذي كان مكتوماً في الأزمنة الأزلية ولكن ظهر الآن وأعلم به جميع الأمم بالكتب النبوية حسب أمر الإله الأزلي لإطاعة الإيمان " (رو16:25و26)، " إذ سبق (الله) فعيننا للتبني بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة مشيئته 000 إذ عرفنا بسر مشيئته حسب مسرته التي قصدها في نفسه. لتدبير ملء الأزمنة ليجمع كل شئ في المسيح ما في السموات وما على الأرض في ذاك الذي فيه أيضا ذلنا نصيباً معينين سابقاً حسب قصد الذي يعمل كل شئ حسب رأي مشيئته " (اف1:5-7). ويقول أيضا " أنه بإعلان عرفني بالسر 000 سر المسيح. الذي في أجيال أخر لم يعرف به بنو البشر كما أُعلن الآن لرسله القديسين وأنبيائه بالروح 000 وأنير الجميع في ما هو شركة السر المكتوم منذ الدهور في الله خالق الجميع بيسوع المسيح. لكي يعرّف الآن عند الرؤساء والسلاطين في السماويات بواسطة الكنيسة بحكمة الله المتنوعة حسب قصد الدهور الذي صنعه في المسيح يسوع ربنا " (أف3:3-5و9-11)، " السر المكتوم منذ الدهور ومنذ الأجيال لكنه الآن قد أظهر لقديسيه الذين أراد الله أن يعرّفهم ما هو غنى مجد هذا السر في الأمم الذي هو المسيح فيكم رجاء المجد " (كو1:26و27).

وأخيرا يقول القديس بطرس بالروح: "عالمين أنكم افتديتم لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الآباء بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح معروفا سابقا قبل تأسيس العالم ولكن قد أظهر في الأزمنة الأخيرة من أجلكم " (1بط1:18-20).

أما عن عصمه الأنبياء فيرفض الدكتور إيماننا بأن الأنبياء فعلوا بعض الخطايا ويصر على أنهم معصومين من الخطأ!! وهذا حقه من جهة إيمانه فهو حر يؤمن بما يشاء ونحن نحترم إيمانه، لكن ليس من حقه أن يفرض علينا عكس ما نؤمن به، فنحن نؤمن أن الأنبياء معصومين من الخطأ فقط وقت حملهم للرسالة والكرازة أو المناداة بها وعند تدوينها في أسفارا مقدسة: " فَمَتَى أَسْلَمُوكُمْ فَلاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ، لأَنَّكُمْ تُعْطَوْنَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا تَتَكَلَّمُونَ بِهِ " (مت10 : 19)، " وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ " (يو14 :26)، أما في حياتهم العادية وعلاقتهم بالبشر بل وعلاقتهم بالله فهم غير معصومين، فقد سقطوا في أخطاء وليس من المقبول أن نبررها لهم بحجة أنهم أنبياء ومعصومين!! والقول بأنهم معصومين في تصرفاتهم وحياتهم العادية يعني أنهم مسيرين ولا سلطان لهم على أفعالهم مما يعني أن ما فعلوه من أخطاء فعلوها بدون إرادتهم، بل ويعني أن الله هو الذي دفعهم إليها وحاشا لله من ذلك!! وهنا لنا سؤال: هل من المنطق أن يعصم الله الأنبياء من فعل الخطية ويذهبون إلى السماء دون أن يحاسبوا عليها وفي نفس الوقت لا يعصم بقية البشر من الخطية ويحاسبهم عليها؟!! هل يتفق هذا مع عدل الله؟! حاشا.


 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
أعلى