- إنضم
- 6 أكتوبر 2009
- المشاركات
- 16,056
- مستوى التفاعل
- 5,370
- النقاط
- 0
- مكتوب: وكما لم يستحسنوا أن يُبقوا الله في معرفتهم أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض ليفعلوا ما لا يليق – رومية 1: 28
ومن هنا نكتشف سرّ السقوط في هوان الخطية وعدم حفظ كرامتنا بالقداسة في التقوى، لأن حينما يطرح الإنسان الوصية بعيداً عنه منحصراً في ذاته ساعياً نحو تحقيق رغباته الخاصة لساعة لذة عابرة، فأن النعمة تتخلى عنه فيسقط بسهولة ويتورط في الشرّ، لأنه من المستحيل على أحد قد آمن بالمسيح ونال نعمة الخليقة الجديدة ويسقط في خطية بسهولة أن لم يكن قد تخلت عنه عناية الله بسبب إصراره على عدم طاعة للوصية، أو تجاهلها، وإهمال الصلاة القلبية.
لأن أحياناً الإنسان لا يستأصل جذور الشرّ التي تُشير إليها الوصية، لأنه حينما يجد أن الجسد في حالة نشوة خاصة بسبب تسليته بالأفكار الغريبة عن القداسة وحياة التقوى ولم يطردها بكل عزيمة مع صلاة عميقة والتمسك بوصية الله بتواضع قلب، فهي حتماً ولابد من أن تُغرقه وتلوث هيكل جسده، لأن الطريقة التي تعمل بها الأفكار الغير منضبطة هي أنها تُغذي جميع شهوات الجسد التي تتحكم فيه، وإذا رحب الإنسان بالشهوات فهي تُثير الجسد حتى يتمرد عليه، ثم تُلقيه صريعاً عارياً من نعمة الله تماماً، حزيناً على ما فقد، متأسفاً في قلبه على ما تركه، وأن لم يستفيق سريعاً جداً، فأن الخطية لا تتركه إلى أن تسيطر عليه بالتمام حتى يستبيح ويدخل في نفق مظلم ويفقد البصيرة وتسيطر عليه الظلمة ولا تتركه إلى أن يسير أسيراً لليأس المُدمِرّ للنفس الذي يشل أقدامها ويعطل طاقتها الروحية، حتى أنه قد يصل للتجديف على الله ويتملك عليه الموت بالتمام ويفقد كل أمل في الخلاص.
لذلك علينا يا إخوتي أن ننتبه جداً لأي بادرة شرّ ونستأصلها فوراً ولا نبقي على أي شيء يعكر صفو قداسة السيرة التي بدأناها بالتوبة، واعلموا تماماً أن الذي يحب إنساناً لا يتكلم عنه بشرٍ وإلا لن يكون له صديقاً، هكذا أيضاً من يحب نفسه ويتباهى بفكره ويتعالى به على الآخرين أو يحب إحدى شهواته فأنه لن يتكلم عنها بشرّ، أما إذا تكلم بالشرّ عن الكبرياء أو الشهوات التي جربه بها العدو وسببت له الضيقات وحرمته من قوة النعمة وازدرى بها ورفضها وكشف سمها الخانق واعترف بها فوراً أمام خالقه، وذلك بغرض التوبة طالباً قوة النعمة تحل عليه، فهو ليس صديقاً لها، وقد رفضها من كل قلبه، لأن كل ما يتكلم عنه حسناً ويبرر وجوده الضروري فهو معجب به ويميل إليه.
وليس معنى هذا أن يذم الإنسان نفسه أو يشتمها، لأن هذا أيضاً خطية في حق من خلق جسده وقدسه، لأن العيب ليس في الجسد ولا غرائز الإنسان، إنما العيب يكمن في رغبات قلبه وميله غير السوي، لأن الجسد أداة النفس، فالجسد يتحرك حسب رغبة الإنسان وميله الخاص، والغرائز لا تتحرك بالشهوة إلا إذا كان القلب ملتوي يحب الظلمة أكثر من النور ويميل نحو الخير الغير موجود، لأنه يحب اللذة الوقتيه التي تمرضه وتضعفه وتقذف به بعيداً عن الله الحي، حتى أنه يخاف محضره ويهرب من وجهه وتُسد نفسه عن الصلاة وقراءة الكلمة وحضور الاجتماعات الروحية الحقيقية المملوءة من نعمة الله...
لذلك أن وجد أحد نفسه لا يستطيع أن يواجه الله أو قلبه مسدود عن الصلاة ويهرب منها، أو لا يقرأ الإنجيل لأجل حياته وبناء نفسه، أو لا يستطيع أن يسمع التعليم من فم آخر لأنه يشعر أنه لا يحتاج لتعليم، فليعلم أن هناك خطية خطيرة رابضة في القلب تحتاج توبة سريعة جداً، فعليه أن يفحص نفسه أمام كلمة الله ويتوب فوراً عن الخطية، لأن الحكيم لو رأى أنه دخل في الظلمة يهرب فوراً منها للنور الحقيقي، أما الجاهل فأنه يمكث في الظلمة ويقول هذه هي حياتي، فلا رجاء لي أو نجاة، ولا يهرب لحياته مثل من يمسك في يده نار ويقول أنا محروق في كل الأحوال وميت لا محاله، فيتركها تحرقه وتأكل كل قواه بالتمام !!!
- لذلك يا إخوتي لنسرع إذاً لرب الجنود الحي الذي يُعطي للمريض شفاء، ولعديم القدرة يُكثر له شدة، وللمهزوم نُصرة، وللميت حياة، لأنه هو خلاصنا ونجاة أنفسنا الحقيقي
التعديل الأخير: