تلميذ خان وباع وقبض، وآخر أنكر وآخر هرب، واللص اعترف

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0

  • تلميذ وجد الشيطان موضعاً في قلبه المخفي فيه محبة المال، فعضة عضة الموت، فسرى فيه سم الطمع القاتل للنفس، فخان خيانة وباع وقبض الثمن البخس، وحينما استيقظ ضميره وانتبه لما فعل ندم ندماً شديداً، والمال الذي كان مسرة قلبه طرحه عنه بعيداً لأن شهوته ماتت في عينيه التي ترى الدم البريء الذي سلمه، وإذ لم يكن له إيمان، ولم يرى لنفسه موضع أو مكان في حضن المُخلِّص لنوال رحمة وشفاء، فسمع وأصغى لصوت الشيطان القتال للناس منذ البدء، فرأى أن خطيئته لا تُغتفر، وإذ لم يكن في قلبه رجاء الإيمان الحي، غير عالماً أن للرب الخلاص لأنه هو الذي فيه الوعد بأنه يسحق رأس الحيه، ومضى وشنق نفسه، فأضاع حياته بجملتها في بكاء الندم المخفي فيه حية الكبرياء التي جعلته لا يرجع ليعترف ويتوب ويبكي عند قدمي المُخلِّص، وصار شهادة تحذير لكل الأجيال، لكل من يستهين بمحبة المال أو الطمع أو ترك أي شهوة ردية في قلبه باقية، لأنها في النهاية تقسي القلب وتبرد المحبة، وتجعل الإنسان متكبراً مغروراً لا يقدر على التوبة، وندمه ندم كبرياء القلب الخفي الذي يعول هم الناس ماذا سيقولون عنه وكيف يريهم وجهه وكيف يتعايش معهم ليرى الملامة في أعينهم بسبب خطيئته، فيدخل في حالة اليأس المدمر للنفس، ولا عجب في كل هذا لأن من لم يدخل في سرّ غفران الله الحقيقي، ليُصلب مع المسيح ليحيا هو فيه، فأن ذاته هي التي تعيش ويحاول أن يجد له مكاناً في المتكآت الأولى من جهة أنه الأعظم والأكبر...

  • وتلميذ وجده العدو غافلاً فزرع في قلبه الخوف فأنكر أمام جارية لا حول لها ولا قوة، ولكن عيون المخلص كانت عليه إذ وجد مكاناً للتوبة في قلبه، لأن محبة المخلص في أعماق كيانه تسكن ولم تذهب عنه رغم سقطته المريرة، فبكى بكاءً مراً بتوبة قلب صادق يحب الرب فعلاً، وبكونه سقط عن ضعف وتذكر كلام المُخلِّص حينما وعد أنه سيقدم نفسه عوضاً عنه وقال له أنك ستنكرني، فتاب وكانت توبته عظيمة ومحل رجاء لكل من يُخطأ أمام الرب خطأ عظيماً حتى ولو وصل للإنكار، فصار شهادة توبة حية على مر الأزمان تُعلمنا أنه لا يوجد عبد بلا خطية ولا سيد بلا غفران، لأن كل خطية وتجديف يُغفر للناس أن عادوا بقلبهم لله وتابوا وعاشوا بصدق الإيمان الحي...
عجيب هو الرب القدوس في محبته الفاقة التي هي معدن طبيعته، فقد أعلن لنا في شخصه أن المحبة تغلب البغضة بل وكل الخطايا لأنها أكثر عظمةً وسلطاناً، لذلك فإني لا أقدر أن اتكلم عن يهوذا بالسوء وانحصر في خيانته واصب عليه الويلات المخبئة في نفسي والتي تدل على عدم نقاوة قلبي، لأني أن فحصت نفسي لن أجدني بريء من الخيانة للمخلِّص، ولا حتى من الإنكار الذي استعجبت له في القديس بطرس الرسول، هذه الخطية التي استنكرها مع أنها ليست ببعيدة أو غريبة عني...

  • لكن هناك منظراً آخراً في هذا اليوم العظيم، منظراً يشدني ويجعلني أندهش، وهو اعتراف اللص، تلميذ باع والآخر أنكر وآخر هرب، وفي هذا لا عجب لأنها إنسانيتي وإنسانيتك عزيزي القارئ والشريك في أحاسيسي التي أكتبها هُنا، ولكن العجب في أن اللص اعترف !!!
لص ويعترف وينادي بإيمان حي: [ اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك ]، وقد أصبح شهادة حية لفتح باب توبة المجرمين وكل عاصي وفاجر وأثيم، ولا أنسى موقف بالطبع الزناة والفجار أمام رب المجد يسوع، وتوبتهم العجيبة القوية بمحبة فائقة التي بدئت منذ ظهور المُخلِّص ليوم صليبه المُحيي وإلى هذا اليوم الذي نعيشه بل ليوم مجيئه وإعلان مجده النهائي...

كم يُبكتني اللص والخطاة والزواني وكل الفجار الذين اقتربوا من المُخلِّص، لأنهم فازوا برأفة الله وملء حبه العجيب ونوال سرّ الغفران وقوة النعمة وأحبوا يسوع حباً جماً وتبعوه حاملين عاره بوداعة وتواضع قلب مُذهل يفوق كل إمكانيات من لم يتورط في الخطية والشر مثلهم، ولم يعتدوا بشيء ولم يهتموا بأي شيء آخر في الدنيا كلها وعلى الأرض، سوى أنهم الخطاة الذي أحبهم يسوع ...
+++ آهٍ فآه... اين أنا منهم اليوم، فأنا محبتي لم ترتقي لمستواهم قط، ولم أُضيع نفسي من أجل من أحبني وأسلم نفسه للموت لأجلي، فلازلت أبحث عن راحتي وما يتوافق مع نفسي، ولم أحسب بعد كل الأشياء خسارة ونفاية لأجله هو من سفك دمه لأجلي، المكتوب عنه [ فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح أزلي قدم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي ] (عبرانيين 9: 14)، إذ أنه [ ليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبدياً ] (عبرانيين 9: 12)
  • آه يا من صنعت خلاصاً عظيماً هذا مقداره،
  • أود أن أخدمك بالمحبة وصراحة الإيمان الحي،
  • وأصير مثل هؤلاء التائبين،
  • فأنا لا أطمع أن أكون مثل الرسل الأطهار ولا أحد الأنبياء العظام،
  • ولا حتى أحد الخدام الصغار،
  • لأني لم أرتقي لمستواهم ولن أكون بين صفوفهم أبداً،
  • لأنهم لبوا نداءك بأمانة قلب ومحبة تفوق كل إمكانيات حدودي،
  • سهروا، قدموا تعباً، بذلوا لأجلك وأعطوك كل ما لهم،
  • بل وباعوا أنفسهم وفرطوا فيها ولم يبحثوا عن راحة هنا لأجل شخص جلالك،
  • فأنا لازلت أخطو كطفل مجهد ليس لي قوة أو سند،
  • وأُريد أن أكون مع هؤلاء الأثمة والفجار وهذا اللص السعيد والأمين،
  • أريد أن أكون في صفوف التائبين إلى يوم مجيئك،
  • فاحسبني معهم لأني في آخر صفوفهم، أتيك الآن:
  • فطهر ضميري من كل الأعمال الميتة وقدس قلبي النجيس المُخادع،
  • واشفني من كل ميل باطل واهدني طريقاً أبدياً،
  • لأنك أنت بذاتك وشخصك الطريق والحق والحياة،
  • فازرع الاستقامة في قلبي لأسلك أمامك يا قدوس الله
  • أحيا كاملاً امتد إلى الأمام بلا تردد أو نظرة للوراء،
  • فافتح عين قلبي على نور وجهك،
  • لكي أُثبت نظري فيك فاستمر من مجد إلى مجد كما من الرب الروح،
  • وتكون أنت فيَّ وأن فيك،
  • والوصية تخطها بروحك وتكتبها في قلبي،
  • وتجعلها في ذهني حاضرة في ذاكرتي كل حين،
  • لتكون لهجي وحياتي وغذائي،
  • فاشبع وأنمو وتتقوى نفسي لأواصل المسيرة،
  • منعزلاً عن شر أفعالي وكل ميل باطل فيَّ يا سيدي،
  • فأخلع بسهولة كل ما هو لإنسانيتي الضعيفة حسب الفساد الذي يعمل في ابناء المعصية،
  • فأكون رعية مع القديسين وأهل بيتك الخاص آمين

  • + أيها الخطاة أفرحوا وتهللوا ولا تنظروا لخطاياكم بعيدة عن المصلوب الذي فيه لنا الغفران بدمه وفرح التوبة المجيد، لأننا كلنا الخطاة الذين أحبهم يسوع.

  • + أيها الحزانى تعزوا، لأنه لم تعد آلامكم بسبب خطية التي أبطلت بصليب الخلاص، بل آلامكم صارت شركة في حب، تجلت في آلام جثسيماني، وتعاظمت في آلام الصليب وتكللت بالقيامة.

  • + أيها الحزانى والساكبي الدموع افرحوا جداً، فأحزانكم ليست للموت، لأنها في أحزان يسوع محفوظة للقيامة.

  • + أيها الثكالى والمحزونين من أجل فراق ذويكم، أفرحوا واشكروا الله الذي جعل كل من يؤمن وديعه تُسلم في يدي الآب لأنه فتح لنا الطريق حينما استودع نفسه بين يدي أبيه.
 
التعديل الأخير:

R.O.R.O

اسندنى فى ضعفى
عضو مبارك
إنضم
20 يونيو 2012
المشاركات
18,394
مستوى التفاعل
4,653
النقاط
113
الإقامة
حضن يسوع
ياليتنى مثل هذا اللص الذى سرق الملكوت فى اخر لحظاته وانعم بالفردوس
اذكرنى يارب متى جئت فى ملكوتك
ميرسى ليك استاذى موضوع رائع
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
وهبنا الله الحي قوة حياة التوبة التي ترضيه
وتجعلنا نفوز بغنى مجد خلاصه المجاني الذي صنعه لأجلنا كلنا آمين
 

اليعازر

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
17 أكتوبر 2010
المشاركات
3,407
مستوى التفاعل
710
النقاط
0
أذكرنا في ملكوتك يا رب.

نعترف إليك يا رب

لأنك إله صالح ومحب للبشر ، كل البشر

إليك نرفع المجد..

.


.
 

grges monir

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
9 نوفمبر 2008
المشاركات
15,667
مستوى التفاعل
2,176
النقاط
113
الإقامة
فى قلب يسوع
زيى مقلنا النهاردة فى امانة اللص
ماذا رايت وماذا ابصرت حين رايت السيد معلقا على الصليب
التلميذ انكر واللص صرخ قائلا
اذكرنى يارب متى جئت فى ملكوتك
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
آمين يا سيدنا الرب ازرع فينا الإخلاص بفتح أعيننا على قوة خلاصك الثمين الفائق
حتى نحبك من كل القلب ونترك كل ما يعطلنا عنك ويشل حركات النفس الروحية آمين
 

+إيرينى+

واحدة معاكم
عضو نشيط
إنضم
26 أبريل 2009
المشاركات
11,235
مستوى التفاعل
2,954
النقاط
113
تصدق يا أستاذى

أنا كنت عاملة زى بطرس الرسول كدة

متمتعة بعطايا إلهنا و فى نفس الوقت ناكراه جوايا ________ مش كنت بأعلن دا

لكن كانت الحوارات مع المسلمين فى الكلية و تحقيرهم للسيد المسيح

لما عروه و تفوا عليه و و و

كنت جوايا متضايقه من كدة أوى

لغاية لما فى يوم من الأيام سمعت شهادة إحدى المتنصرات

و هى تقول : ذوقوا و أنظروا ما أطيب الرب

يومها بكيت بكاء ----------------------- ما بكيتهوش فى حياتى

الآية ديه و هى طالعة منها --------------- هزتنى

حسيت وقتها --------- إن هى اللص اليمين -----------و أنا بأة : الله أعلم

شكرا جزيلا على الموضوع الرائع
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
كلنا يا أختي العزيزة نحتاج توبة وندم بصلاة قلب منسحق ومتضع امام إلهنا الحي حتى ننال قوة من الأعالي تسند ضعفنا
قادر إلهنا الحي يطهرنا كلنا ويشفي أمراض نفوسنا ويطهر قلبنا من كل ضربة تفسد حياتنا وتعطلنا عن مسيرتنا في طريق الحياة آمين
 

حبو اعدائكم

حبو...
عضو مبارك
إنضم
9 أكتوبر 2011
المشاركات
14,191
مستوى التفاعل
4,786
النقاط
113
الإقامة
مصر
موضوع رائع الرب يباركك
كل سنه انتم كلكم طيبين
 

حبيب يسوع

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
15 مايو 2007
المشاركات
15,458
مستوى التفاعل
1,959
النقاط
113
موضوع غاية فى الجمال والروعة
الرب يباركك
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
كل سنة وانتم من مجد إلى مجد كما من الرب الروح
كونوا معافين في سرّ قيامة يسوع آمين
 

ابن يسوعنا

انا ابنك وملكك
عضو مبارك
إنضم
25 يوليو 2013
المشاركات
7,874
مستوى التفاعل
1,839
النقاط
113
شرح والقاء في قمة الروعة
الرب يباركك يا استاذي
ويعوض تعب محبتك

 

ابن يسوعنا

انا ابنك وملكك
عضو مبارك
إنضم
25 يوليو 2013
المشاركات
7,874
مستوى التفاعل
1,839
النقاط
113
يجب أن نموت عن الخطية ونُصلب مع المسيح، واضعين فيه كل حبنا . هذا أمر صعب. ولكن ما السهل في نظام الخير؟!!
لا تُكتسب الانتصارات في كثرة النوم، ولا تُجنى أكاليل الظفر في الملذات وصوت الأبواق , إن من يُجاهد ينتصر، وبالأتعاب نحصل على المجد.
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
وهبنا الله أن نحيا مقدسين في الحق آمين
 
أعلى