البعد الانسانى فى التحدث الى الشباب

Romantic Guy

New member
عضو
إنضم
5 يوليو 2007
المشاركات
18
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
البعد الانسانى فى التحدث الى الشباب

الإنسان مخلوق محبوب لدى الله، خلقه على صورته ومثاله، فى الحكمة، والحرية، والقداسة، والخلود، وقال عنه: "لذاتى فى بنى آدم" (أم 31:8). ولما سقط الإنسان، فداه الله، بسر عظيم، هو سر التجسد، فأتحد الله الكلمة بناسوت أخذه من مريم، التى حل عليها روح الله وقدسها، وطهرها، فولدت لنا يسوع المسيح، رب المجد، الذى هدف من تجسده إلى :

تعليمنا... متنازلاً من السماء إلى الضعف الإنسانى، ومتحداً ببشريتنا بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير، شابهنا فى كل شئ، خلا الخطية وحدها، وكمعلم حكيم - كقول القديس أثناسيوس - نزل إلى تلاميذه الصغار الضعفاء الخطاة، ليعرفهم بذاته، ويشرح لهم تدبيره لخلاصهم.. ثم هدف أيضاً بتجسده إلى :

فدائنا... إذ اتحد لاهوته بناسوته، فقدم لنا فداءً أبدياً، بقربان واحد، وذبيحة واحدة، فأكمل إلى الأبد المقدسين... ولكن أهم ما فى التجسد أن الرب هدف به إلى :الاتحاد بنا... والسكنى فينا.. وكما جعل من العذراء مريم سماءً ثانية، هو مستعد أن يسكن فينا بروحه وهو الذى قال: "من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فى، وأنا فيه" (يو 56:6).

وإذاً بهذا الاتحاد، يتحول الإنسان الخاطئ إلى ابن الله، ومسكن للروح القدس، فيستطيع أن ينادى الآب السماوى: "يا أبانا الآب" (رو 15:8)، "وبما أنه صار أبناً، فقد صار أيضاً وريثاً لله، وللملكوت، فى المسيح يسوع... بل صار شريكاً للطبيعة الإلهية" (رو 17:8).

من هنا نقول أن المسيحية هى التى تحقق لنا "ملء إنسانية الإنسان".. فهى لا تخدم عنصراً فى الإنسان دون عنصر آخر،
لا تخدم الروح وتحتقر الجسد... ولا تخدم الملكوت وتحتقر الزمن... ولا تخدم العلاقة مع الله وتحتقر العقل البشرى... المسيحية تخدم كل إنسان، وكل الإنسان: روحاً، وعقلاً، ونفساً، وجسداً، وعلاقات...

هذه المكونات الخمسة للشخصية الإنسانية، هى دائماً فى ذهن الخادم حينما يتحدث إلى الشباب، من أجل أن نصل إلى "شخصية متكاملة ومتوازنة"... لا نهمل عنصراً دون عنصر، ولا نسمح بشخصية نتوئية، ينمو فيها عنصر على حساب عنصر آخر...
وهذه الأبعاد الخمسة للشخصية الإنسانية هى نفسها التى نما فيها الرب يسوع، حينما كان فى وسطنا بالجسد، إذ "كان يتقدم فى الحكمة (البعد العقلى)، والقامة (البعد الجسدى) والنعمة (البعد النفسى)، أمام الله (البعد الروحى)، والناس (البعد الإجتماعى)" (لو 52:2).

من هنا لابد أن يشمل حديث الخادم إلى الشباب، سواء فى محاضرة عامة أو خدمة فردية أو نشاط جماعى، نفس هذه
الأبعاد الخمسة :

1- الروحى

فهدفنا الوحيد والأساسى هو خلاص نفس الشاب أو الشابة... فالحديث الروحى عن التوبة، ووسائط النعمة، والشركة مع الله، وقراءة الكتاب المقدس، وممارسة الأسرار المقدسة، وقراءة الكتب الروحية، وحضور الاجتماعات الروحية، والاندماج فى الحياة الكنسية بكل مكوناتها، ومناسباتها اليومية، والأسبوعية، والشهرية، والسنوية، والأصوام، والأعياد.. هذا كله مثار اهتمام خادم الشباب أثناء حديثه إليهم، أو توجيهه إياهم...

2- العقلى

فالمسيحية ترفض تغييب العقل، لأن العقل وزنة إلهية، والرسول بولس يعلمنا: "أصلى بالروح وأصلى بالذهن أيضاً، أرتل بالروح، وأرتل بالذهن أيضاً" (1كو 15:14) لهذا يجدر بخادم الشباب أن يكون قارئاً ومثقفاً، وواعياً بالعصر، وبكل منجزاته وتياراته، متواصلاً مع أحداثه، ومستزيداً من علومه المختلفة، وبخاصة العلوم الإنسانية، ومستفيداً من كل ما يسند رسالته الروحية من إبداعات العلوم والفكر والآداب والحضارات الإنسانية المختلفة.

3- النفسى

فالشباب يحيا فى حيوية الدوافع والحاجات النفسية،
فيه تتحرك غرائز النفس، ورغبات الجسد، ومطالب الحياة اليومية، والنجاح والتفرد، ويحتاج إلى المرجعية التى
تأخذ بيده وتقوده فى مسالك
الحياة الوعرة، سواء من جهة علاقته مع الخادم، أو من
جهة إرشاد أبيه الروحى له
فى الاعتراف... العاطفة صوتها مرتفع، وكثيراً ما تطغى على
صوت العقل، وصوت الضمير، وصوت الأسرة، وصوت الأصدقاء المحبين... لهذا وجب على خادم الشباب أن يتعرف على أبعاد النفس، وتفاعلاتها، وصراعاتها، ويورد فى حديثه ما يبنى الشباب نفسياً، ويمنحهم الصحة النفسية الواجبة.

4- الجسدى

فالكتاب المقدس لا يقبل اعتبار الجسد سجناً للروح، بل أوصانا أن "الجسد ليس للزنا بل للرب والرب للجسد" (1كو 13:6)، "الجسد ليسوع" (كو 17:2)، "ولا يبغض أحد جسده قط، بل يقوته ويربيه" (أف 29:4).

لابد من ضبط الجسد حتى لا يطغى على الروح "لا تصيروا الحرية فرصة للجسد" (غل 13:5)، "لأن اهتمام الجسد هو موت، واهتمام الروح حياة" (رو 6:8)، من هنا جاء المنهج الأرثوذكسى مساعداً للشباب لكى يضبطوا أجسادهم بالصوم والسهر والمطانيات وقرع الصدر ورفع اليدين... حتى ينسجم الجسد مع الروح فى عبادة مقدسة مشتركة، وشركة روحية بناءة.

5- الإجتماعى

وهو بعد جوهرى فى تعليمنا المسيحى، بعكس ما يتصور البعض، فالرب لا يقبل أبداً أن يتعلم شبابنا العزلة والتقوقع، بل يطلب منهم أن يكونوا دائماً :
1-النور.. الذى يضئ لكل العالم.
2-الملح.. الذى يحفظ العالم من الفساد.
3-الخميرة.. التى تحوى سر الحياة (المسيح) وتخمر العجين كله.
4-الرسالة.. المعروفة والمقروءة من جميع الناس.
5-الرائحة.. الزكية التى تنتشر بسهولة ودون افتعال.

لهذا يجب أن نشجع شبابنا على تقديم :

القدوة الحسنة لجميع الناس.
الوعى السليم بالعصر والمجتمع.
الإسهام الإيجابى فى نشاطات المجتمع: كالأحزاب والنقابات واتحادات الطلاب والجمعيات.
روح الإنتماء للوطن، متمسكاً بمبدأ رب المجد: "مغبوط هو العطاء، أكثر من الأخذ" (أع 35:20).
نشر المحبة والخير، والعبور إلى الآخر فى حب حقيقى.
عدم التطرف ونفى الآخر.
التربية الحوارية، وقبول التعددية والموضوعية والعقلانية.
دعم روح الوحدة الوطنية، التى بدونها لا تنمو مصر بل تنتكس.
روح الفداء والعطاء السمح، وعدم التهرب من تكاليف المواطنة كالتجنيد والضرائب.
يجب أن يحوى كلامنا للشباب كل هذا، ليعيشوا الوصية المسيحية فى الواقع اليومى، والحياة العملية، متأكدين أن "المحبة لا تسقط أبداً" (1كو 8:13).

هذه بعض اللمحات عن البعد الإنسانى التكاملى، الذى يجب أن نراعيه عند خدمتنا للشباب، أو حديثنا إليهم.


منقول من كتاب كيف نتحدث الى الشباب لنيافة الانبا موسى
 

mero 2007

New member
عضو
إنضم
28 ديسمبر 2006
المشاركات
334
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
رد على: البعد الانسانى فى التحدث الى الشباب

موضوع رائع

ميرسى كتيرررر
 

أرزنا

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أبريل 2007
المشاركات
1,100
مستوى التفاعل
26
النقاط
0
الإقامة
قلب يسوع
رد على: البعد الانسانى فى التحدث الى الشباب

سلام المسيح:
شكرا على نقلك هذا الموضوع المفيد
 

nonaa

بنت يسوع
عضو مبارك
إنضم
22 يونيو 2007
المشاركات
1,958
مستوى التفاعل
15
النقاط
0
الإقامة
مصر الغاليه
رد على: البعد الانسانى فى التحدث الى الشباب

جميل اوى
خاصا ان سيدنا الانبا موسى عزيز عليا جدا
ربنا يديم لنا خدمته ويديم حياة سيدنا البابا شنودة
شكرا ليك على وضع الموضوع دا
 
أعلى