[لا ترتئي فوق ما ينبغي]

"خْرْيْسْتْوْفُوْرُوْسْ"

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
3 فبراير 2012
المشاركات
5,408
مستوى التفاعل
2,562
النقاط
113
الإقامة
"بْيْنَ كَفَيْكَ يْسُوْعْ"

ورد في الرسالة لأهل رومية الأصحاح 12

لا يرتئي فوق ما ينبغي أن يرتئي

، فما معناها؟

يمكننا أن نفهم هذه الآية عندما نقرأ بداية النص الوارد على لسان بولس الرسول..

”فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ. وَلاَ تُشَاكِلُوا هَذَا الدَّهْرَ بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ. فَإِنِّي أَقُولُ بِالنِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لِي لِكُلِّ مَنْ هُوَ بَيْنَكُمْ: أَنْ لاَ يَرْتَئِيَ فَوْقَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْتَئِيَ بَلْ يَرْتَئِيَ إِلَى التَّعَقُّلِ كَمَا قَسَمَ اللهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِقْدَاراً مِنَ الإِيمَانِ“ (رومية12: 1-3)

والمعنى المقصود هو أن نقدم حياتنا كلها لله، ونجعل عقولنا مشغولة به باستمرار، وابتعادنا بطبيعة الحال عما يقدمه العالم من أشكال لا ترضي الله.. لكن مع ضرورة روح التواضع والحذر من الغرور والكبرياء والانزلاق في اتجاه ’رؤية‘ المؤمن لنفسه فوق ما ينبغي!.. فالمقصود بعبارة ’يرتئي فوق ما ينبغي‘ هو أن ’يرى الإنسان لنفسه رؤية أو فكرة ما، أكبر مما تؤهله له إمكانياته ومواهبه المعطاة له من الله‘..

المطلوب من المؤمن عندما يقدم حياته لله أن يصعد السلم درجة درجة، وأن يسير بالتدرّج في طريق العبادة العقلية عندما يقدم الجسد كذبيحة حب حيَّة لله، وأن يكون متعقلا في جهاده الروحي، ولا يتخيل لنفسه مثلا، أن يصير قديسا مثل مشاهير القديسين بين يوم وليلة.. أي لا يرى في نفسه ’رؤية‘ أكبر من حجمه! فهذه الرؤية هي في الواقع ’فوق ما ينبغي‘، و هي بكل تأكيد خارج نطاق ’التعقُّل‘!
هنا ونلاحظ تكملة الآية :

كَمَا قَسَمَ اللهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِقْدَاراً مِنَ الإِيمَانِ“،

بمعنى أن الله إنما يوزع الأدوار بيننا كأعضاء في جسد الكنيسة الواحد – لأن الله قد قسَّم المواهب بيننا.. فلا يقارن الخادم نفسه مثلا بالبطريرك أو الأسقف أو الراهب.. فقد يريد الله لإنسان أن يكون خادما عاديا أو خادمة عادية في الكنيسة، ويريد لآخر أن يكون كاهنا، ولثالث أن يكون راهبا.. وهكذا.. (من خلال متابعتنا لقراءة باقي الأصحاح رومية 12، يظهر لنا معنى ”مقدار الإيمان“ الذي قسمه الله لكل واحد، فهو يشير إلى ’المواهب الروحية‘، وليس بمعنى ’مقدار الثقة في الله‘، كما يظهر لنا أيضا من سياق النص مفهوم الجسد الواحد واختلاف عمل الأعضاء بهذا الجسد وتكامله).

ولعلك تلاحظين في أيامنا الحاضرة، ثمارا مرَّة لمخالفة هذه الوصية الإلهية، حينما يرتئي أفراد فوق ما ينبغي لهم أن يرتئوا، بعيدا عن التعقل، فهذا ينصِّب نفسه كبطريرك محاولا تنفيذ خطة الشيطان لشق وحدة الكنيسة، وذاك يتقمص شخصية المعلم الملهَم الذي يطعن في تعاليم الكنيسة الثابتة فيعمل الشيطان من خلاله في محاولة ساذجة لإفساد العقيدة الأرثوذكسية، وآخرون يرون في أنفسهم قديسي الزمن الحاضر الذين لا يحق للكنيسة أن تردَّهم عن ضلال تعليمهم وسلوكهم.. على أن هذا كله لا يزعجنا، فالخاسر دائما وعلى مر العصور كان هو المخالف للوصية الإلهية، أما الكنيسة وتعاليمها، فكما وعد رب المجد ”أبواب الجحيم لن تقوى عليها“!
 

tamav maria

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
29 يونيو 2008
المشاركات
10,315
مستوى التفاعل
2,235
النقاط
0
ابواب الحجيم لن تقوي عليها
تأمل روحي اكثر من رائع
استفدت كتير منه
شكرا كريس للموضوع القيم جدا
تسلم ايدك
 
أعلى