إيماننا الحي - إعادة فحص، المعنى الأول، الثقة والإيمـــان بالله الجزء السادس

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0





إيماننا الحي - إعادة فحص
مفهوم الإيمان الصحيح وكيف نعيشه
المعنى الأول للإيمان في الكتاب المقدس
+ الثقة - בָטָח - Πιστεύω +

ثانياً: شرح معاني كلمة الإيمـــــان
المعنى الأول: الثقــــــــــة والاتكال
2 – الثقة والإيمان بالله: [bâṭach – בּטַח]
في الواقع الروحي اللاهوتي عندما نُعلن إيماننا الحي بالله وننطق به قائلين حسب قانون الإيمان: نؤمن بإله واحد.. إلى آخره، هذا لا يعني – إطلاقاً – أن عندنا أفكار ومعلومات صحيحة وسليمة عن الله ومعرفة عقلية شاملة عن طبيعته نتكلم ونعترف بها أمام الناس، بل هذا يعني أننا نؤمن ونصدق أقواله ونمسك بوعوده التي تتم حسب تدبيره الخلاصي، مؤمنين فعلاً أنه قادر على كل شيء، وأنه حكيم، وأنه عادل، وهذا من ناحية الخبرة العملية لا النظرية، لأن الإيمان – حسب طبيعته – هو عبارة عن لقاء ومواجهة خاصه معه للعلم والمعرفة الاختبارية:
+ فاعلم ידע ان الرب إلهك هو الله الإله الأمين، الحافظ العهد والإحسان للذين يحبونه ويحفظون وصاياه إلى ألف جيل؛ إله رحيم ورؤوف بطيء الغضب وكثير الإحسان والوفاء. (تثنيه 7: 9؛ خروج 34: 6)
وهنا علينا أن نفهم معنى كلمة (فاعلم ידע yâda‛) لأنها هنا تأتي للمعرفة بيقين، بمعنى التأكد عن طريق رؤية، وفيها يُستخدم مجموعة كبيرة متنوعة من الحواس من الناحية المجازية والحرفية لأنها تحمل معنى (المراقبة – الملاحظة الدقيقة – شدة الانتباه – الرعاية – الاعتراف – التعليم – اليقظة – التأكيد – الإجابة الصحيحة – اليقين – اكتشاف – علامة مُميزة – فهم – إدراك – لمس – وعي – مشاهدة – فهم – تمييز)، فهنا المعنى الخاص بالعلم بأن الرب إلهك الخاص هو الإله الأمين، ليس مجرد علم معرفة معلومة، بل هذا العلم أتى من ناحية اختباريه تمت بالمشاهدة والمراقبة والملاحظة، بإدراك واعي حدث فيه لمس وبالتالي فهم ووعي بمن هو شخص الله الحي، ومن هنا يحدث معرفة حقيقية بتمييز واضح: "بمن هو الله"، لذلك بدأ الآية بلفظة (فاعلم)، يعني راقب وشاهد وانظر والمس فتتعلم وتعرف عن يقين من هو الرب إلهك أنت، لذلك قال الرسول يوحنا:
+ الذي كان من البدء، الذي سمعناه، الذي رأيناه بعيوننا، الذي شاهدناه، ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة، فان الحياة أُظهرت (حسب التدبير الخلاصي) وقد رأينا، ونشهد، ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهرت لنا. الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به، لكي يكون لكم أيضاً شركة معنا، وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح. (1يوحنا 1: 1 – 3)
ومن هنا نُدرك يقين الخبرة الإيمانية الحية، لأن أن لم توصلنا المعرفة اللاهوتية للشركة فهي معرفة غريبة عن تدبير الخلاص، لأن الإيمان الناتج عن خبرة الخلاص هو إيمان حي ثابت لا يهتز أو يتزعزع، لأنه مؤسس على حدث واقع في حياة الإنسان فولَّد ثقة يقين على مستوى الواقع العملي المُعاش، لأن الإيمان بالله لم يعد حبيس فكرة ومعلومة محفوظة في العقل، بل صار واقع في حياة الإنسان مُترجم لشفاء وعمل التغيير في الحياة الإنسانية، وكمثال لذلك هو أعمال الله مع شعب إسرائيل في خروجهم من أرض مصر بقوة عظيمة، وأيضاً في لمسة المرأة النازفة الدم لهدب ثوب الرب بثقة إيمان حي نالت فيه شفاء لم يناله أحد من كل الجموع المزدحمة والملتفة حول الرب:
+ جَاءَتْ مِنْ وَرَائِهِ وَلَمَسَتْ هُدْبَ ثَوْبِهِ. فَفِي الْحَالِ وَقَفَ نَزْفُ دَمِهَا. (لوقا 8: 44)
+ وَحَيْثُمَا دَخَلَ إِلَى قُرىً أَوْ مُدُنٍ أَوْ ضِيَاعٍ وَضَعُوا الْمَرْضَى فِي الأَسْوَاقِ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسُوا وَلَوْ هُدْبَ ثَوْبِهِ. وَكُلُّ مَنْ لَمَسَهُ شُفِيَ. (مرقس 6: 56)
ولذلك فأن الإيمان المستقيم بالله يستلزم أن نثق ونمسك بكل صفة من الصفات الإلهية التي أُعلنت لنا من خلال كلمته المقدسة لتصير قوة فاعلة في حياتنا الشخصية على مستوى الخبرة في واقعنا اليومي المُعاش.

فيلزمنا – الآن – أن نعي ونعرف أن الإيمان بطبعه ليس ضرورة تعسفية إجبارية بالتحايل على النفس للإقناع لكي يتم إرضاء سلطان الله، ولكنه هوَّ سرّ سعادة كل من يؤمن بمسرة وعن رضا قلبي تام لأنه يؤمن بالله المحبة الذي يُظهر له ذاته لكي يدخله راحته الخاصة:
+ لأننا نحن المؤمنين ندخل الراحة (أو أَمَّا نَحْنُ، الَّذِينَ آمَنَّا بِالْبِشَارَةِ، نَدْخُلُ الرَّاحَةَ الإِلَهِيَّةَ)؛ تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أُريحكم. (عبرانيين 4: 3؛ متى 11: 28)
فان كان الله طالب بالإيمان لكي يرضا عن الإنسان: ولكن بدون إيمان لا يُمكن إرضاؤه لأنه يجب أن الذي يأتي إلى الله يؤمن بأنه موجود وأنه يُجازي الذين يطلبونه (عبرانيين 11: 6)، وذلك بدافع طبيعته وهيَّ المحبة، لأنه إذ يحب – باستمرار ودوام، بلا توقف – الإنسان كخليقة ممتازة مُميزة عنده، لذلك يدعو البشرية في إصرار المحبة أن تؤمن به وتثق فيه حتى تسعد بوجوده وحضوره وتكمل القصد المبارك الذي خلقها من أجله. فالله خلق الإنسان ليتذوق حلاوة مجد الطبيعة الإلهية التي كلها خير وصلاح يظهر في حياة شركة مقدسة معهُ في النور.
+ أنا فيهم وأنت فيَّ ليكونوا مُكملين إلى واحد، وليعلم العالم إنك أرسلتني وأحببتهم كما أحببتني... وعرفتهم اسمك وسأُعرفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم. (يوحنا 17: 23 و26)
(4) إيماننا الحي - إعادة فحص، المعنى الأول تابع معنى الكلمة בּטַח الجزء الرابع
(5) إيماننا الحي - إعادة فحص، المعنى الأول تابع معنى الكلمة، ترابط المعنى الداخلي للكلمة الجزء الخامس

 
أعلى