دعوة إلى التطهير (2)

الكرمه الصغيره

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
24 ديسمبر 2012
المشاركات
2,622
مستوى التفاعل
786
النقاط
113
20280389_770673549778766_3400611577006395654_o.jpg

دعوة إلى التطهير (2)
هي دعوة للغفران.. الغفران في أكمل وأجمل معانيه.
نحن كبشر لا نعرف معنى الغفران لأننا لا نغفر بعضنا لبعض. إننا حين يسيء إنسان ما إلينا، فإننا بعد تردّد طويل قد نقول بأننا صفحنا، لكننا لا يمكن أن ننسى. فنحن لا نعرف كيف نغفر. لذلك عندما يقول الله على لسان إشعياء:
"لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ، وَرَجُلُ الإِثْمِ أَفْكَارَهُ، وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ، وَإِلَى إِلهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ."
، يقول حالاً بعد ذلك:
"لأَنَّ أَفْكَارِي لَيْسَتْ أَفْكَارَكُمْ، وَلاَ طُرُقُكُمْ طُرُقِي، يَقُولُ الرَّبُّ."
(إشعياء 55: 7-8)
ما معنى هذا؟
إن الله يعرف أننا لا نعرف معنى الغفران، ونحن نقيس الله بمقاييسنا البشرية. لأننا لا نغفر وإن سامحنا لا ننسى. نتصوّر أن الله لا يغفر، وإن هو غفر فهو لا ينسى.
يقول الله:
أنا لست مثلكم. أفكاري ليست أفكاركم. أنتم لا تغفرون، ولكني أنا أغفر، وأنسى، وأمحو ذنوبكم :
"لا أعود أذكر خطاياكم وتعدياتكم فيما بعد".
*
أيها الإخوة:
كيف ينسى الله وهو كامل القدرة؟
إن النسيان صفة سلبية للإنسان، فهو ينسى لأن ذاكرته تخونه. والوقت ينقسم عنده إلى ماض وحاضر ومستقبل. والشيء حين يمضي بعيداً قد تنساه ذاكرة الإنسان. لكن كيف ينسى الله وكل شيء حاضر أمام الله؟
لا ماض عند الله. خطايانا التي اقترفناها منذ سنوات عديدة يراها الله أننا نقترفها الآن. والأعمال التي سنعملها في المستقبل يرانا نعملها الآن لأن الله أعظم وأكبر من الوقت.
*
فكيف ينسى الله؟
الله ينسى خطايانا لأن دم يسوع المسيح يلاشي خطايانا ويمحوها. لذلك يقول إشعياء:
".. طَرَحْتَ وَرَاءَ ظَهْرِكَ كُلَّ خَطَايَايَ.".
(إشعياء 38: 17)
أين هذا المكان الذي يمكن أن يوصَف بأنه خلف ظهر الله؟
إنه مكان لا وجود له - يلاشي خطايانا - الخطية التي اغتسلت بدم المسيح لا وجود لها. قد يذكرها الإنسان بعد توبته ولكن الله لا يعود يذكرها.
*
أرأيتم أيها الإخوة مدى عظمة هذا الغفران؟
إنها دعوة مجانية يقدمها الله للإنسان الذي تحت الدينونة. يقول:
"تعالوا، "اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ وَاخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِي الأَرْضِ،.."
(إشعياء 45: 22)
انظروا إلى المسيح على الصليب وقد صار خطية لأجلكم ولأجلي:
".. لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ."
(2كورنثوس 5: 21)
إن ألقينا خطايانا على المسيح فإنها تذوب وتتلاشى تماماً.
لقد أرسل الله ناثان النبي إلى داود ليبّكته على خطيته، وقصّ عليه قصة جميلة،
" فَحَمِيَ غَضَبُ دَاوُدَ عَلَى الرَّجُلِ جِدًّا،
وَقَالَ لِنَاثَانَ:
«حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنَّهُ يُقْتَلُ الرَّجُلُ الْفَاعِلُ ذلِكَ، وَيَرُدُّ النَّعْجَةَ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ "
فَقَالَ نَاثَانُ لِدَاوُدَ:

«أَنْتَ هُوَ الرَّجُلُ! ..»
(2صموئيل 12: 5-7)
إن الإنسان يعمى عن أن يرى خطيته لكنه يجسِّم خطية غيره. داود رأى خطية هذا الرجل شنيعة مع أنه كان واقعاً فيما هو أشنع. داود لم يأخذ نعجة لكنه أخذ زوجة. لم يقتل نعجة بل قتل رجلاً. ولما تبكت داود قال:
«قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى الرَّبِّ».
فَقَالَ نَاثَانُ لِدَاوُدَ:
«الرَّبُّ أَيْضًا قَدْ نَقَلَ عَنْكَ خَطِيَّتَكَ. لاَ تَمُوتُ.

(2صموئيل 12: 13)
إننا في اللحظة التي نعترف فيها أننا أخطأنا من أعماق قلوبنا ونلتجئ إلى كفارة المسيح. فنحن نسمع هذا القول:
"الرب نقل عنك خطيتك".
إلى أين؟
نقلها من رأس داود إلى رأس ابن داود على الصليب،
"كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا."
(إشعياء 53: 6)
إن غفران الله كامل هو وحده الذي يستطيع أن يغفر لأن الخطية في أساسها ضد الله.
"إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ، وَالشَّرَّ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ صَنَعْتُ،.."
(المزامير 51: 4)
وحين يغفر الله الخطية فما من أحد يستطيع أن يدين.

حين نلتجئ إلى المسيح بخطايانا ونلقي بها عليه فوق الصليب، في الحال نتأكد أن خطايانا قد غُفرت وأنه ما من شخص يستطيع أن يديننا بعد ذلك. هذا ما يقوله الرسول:
" مَنْ سَيَشْتَكِي عَلَى مُخْتَارِي اللهِ؟ اَللهُ هُوَ الَّذِي يُبَرِّرُ. مَنْ هُوَ الَّذِي يَدِينُ؟.."
الوحيد الذي له حق الدينونة هو المسيح لأنه الكامل. فهل يديننا المسيح؟
يقول بولس:
"اَلْمَسِيحُ هُوَ الَّذِي مَاتَ، بَلْ بِالْحَرِيِّ قَامَ أَيْضًا، الَّذِي هُوَ أَيْضًا عَنْ يَمِينِ اللهِ، الَّذِي أَيْضًا يَشْفَعُ فِينَا."
(رومية 8: 33-34)
فالوحيد الذي له حق الدينونة هو شفيعنا الذي يحامي عنا.
قلنا إن الله رفع دعوى وقضية ضد الإنسان. الله الحاكم القاضي الديان كان هو رجل النيابة موجِّه التهمة. فحين يحكم، ما من إنسان يستطيع أن ينقض الحكم. لكن المشهد قد تغير في شخص المسيح، وأصبح الله - الوحيد الذي يستطيع أن يدين - صديقنا الذي مات عنا والمحامي الذي يدافع عنا. وإن كان المسيح يدافع عنا فمن ذا الذي يمكنه أن يديننا؟
القاضي هو المحامي بالنسبة لنا. لذلك :
"إِذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ،.."
(رومية 8: 1)
لأنه رفع عنا الدين والدينونة.

دعونا نتأكد إذا أن خطايانا قد غُفرت لا لأننا نستحق، أو لأننا نعمل أعمالاً حسنة، ولكن لأن المسيح مات عنا. إن ما يتحدث عنه إشعياء في هذا الأصحاح هو حديث الناموس الموجّه إلى الشعب الأرضي الذي بركاته أرضية. أمّا الحديث عن الكنيسة فهو عن البركات الروحية. فحين يقول إشعياء:
"اِغْتَسِلُوا. تَنَقَّوْا. اعْزِلُوا شَرَّ أَفْعَالِكُمْ...تَعَلَّمُوا فَعْلَ الْخَيْرِ. اطْلُبُوا الْحَقَّ.."،
(إشعياء 1: 16-17)
هذا حديث الناموس الذي يقول:
افعل هذا فأغفر. لكن حديث النعمة غير مشروط. فهو لا يقول:
افعل هذا أو كفّ عن ذلك فتخلص. بل يقول لك: تعال إليّ فتخلص بغير شروط. النعمة مجانية. وبعد أن ننال الخلاص سوف نعمل ونجاهد، سوف نعزل الخطية.
"إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ."
(1يوحنا 1: 9)
لماذا اختار الأمانة والعدل، الصفتين اللتين يوصَف الله بهما؟
هنا، أمانة الله تجعله لا يمكن أن ينكر أن المسيح مات عنا. وعدالة الله تجعله لا يمكن أن يأخذ الدينونة مرتين فقد أخذها من المسيح مرة واحدة.
*
دعوة للتطهير والتقديس
إن كانت خطاياكم كالقرمز.. فهي ليست فقط تزول بل تبيضّ كالثلج وتصبح نقية. أي إن الله ليس فقط يغفر خطايانا بل هو يطهرنا من كل إثم. إنه يقدسنا. ولذلك فنحن فعلاً بعد ذلك نغتسل ونتنقّى ونعزل شر أفعالنا.
إن المسيح ليس فقط يغفر الخطية لكنه أيضاً يقدِّس الحياة. الخلاص ليس فقط التبرير.. فهذا يتم في لحظة، :
"..آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ.."
(أعمال 16: 31)
تتبرر، أي إنك بالرغم من خطاياك لا يرى الله فيك خطية. لكن التبرير ينبغي أن يتقدم بنا إلى التقديس، العملية المستمرة التي فيها نتنقّى من الخطية، ونمتلئ بروح الله :
"..تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ،"
(فيلبي 2: 12)
ثم هذا ينقلنا في النهاية إلى التمجيد، حين يظهر هو ويغيِّر شكل جسد تواضعنا إلى صورة جسد مجده. إن كفارة المسيح تخلصنا نفساً وروحاً وجسداً. الروح تخلص في لحظة الإيمان إذ نتبرر. النفس تخلص بالتقديس طول الحياة. وهذا الجسد الفاني سوف يخلص حين نلبس أجساداً ممجدة.

إنها دعوة للتطهير.
ما أحوجنا إلى حياة النقاوة والقداسة في هذه الأيام. إن قداستنا هي التي تجذب النفوس إلى سيدنا. وهي ليست بمجهودنا، ولكن بأن نفسح السبيل لروح الله أن يسكن فينا وأن يقدسنا. وهذا سيأتي بالآخرين إلى المسيح.
إن معرفتنا للمسيح ينبغي أن تنمو. ونحن نلمح هذا في مناسبات كثيرة. فالمرأة السامرية، والمولود أعمى تدرّجا في معرفتهما للمسيح من إنسان، إلى نبي، إلى ابن الله. حين نؤمن بالمسيح نكون أطفالاً في الإيمان.. لكن لا يمكن أن نبقى أطفالاً. ينبغي أن ننمو في النعمة وفي معرفة ربنا يسوع المسيح.

يقول المسيح في حديثه إلى ملاك كنيسة اللاودكيين:
" هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي."
(رؤيا3: 20)
ففي بادئ الأمر يتعشّى هو معنا، أي يقول هات ما عندك من عشاء. فماذا نقدِّم؟
نقدِّم البؤس والشقاء. ثم يقول:
الآن تعشّوا أنتم معي. فيقدم مائدة مليئة بالسلام، والفرح، والبر، والتقديس، ورجاء مجيء الرب...
فهو حين يدخل القلب، في بادئ الأمر يدخله ضيفاً ونكون نحن أصحاب البيت وهو يتعشى معنا. لكن هذه الحال لا يمكن أن تدوم. ينبغي أن يصبح هو رب البيت ونتعشّى نحن معه.
إنها دعوة للتطهير. دعوة لأن نكرِّس أنفسنا له ونخضع ذواتنا له. إنه ليس فقط يخلصنا من الخطية بل يخلصنا من الذات.
ويجعل مركز الحياة ليست نفسي ولكننفسه هو“.
دعونا نجعله هو رب البيت وصاحب الإرادة في حياتنا.
{د.مفيد إبراهيم}
* * *
أشكرك أحبك كثيراً...
الرب يسوع يحبك ...
بركة الرب لكل قارئ .. آمين .
وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين

يسوع يحبك ...
 
أعلى