سر نجاح الحياة الروحية

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0

سلام في الرب الذي دعانا بالمجد والفضيلة لحياة القداسة،
لكي يستقر ويرتاح فينا ويسكن ويدخلنا راحته، فنفرح ويدوم فرحنا فيه
في الحقيقة أردت اليوم أن أعطيكم سر نجاح الحياة الروحية، وهو العمل اليومي وتثبيت القرار الذي عزمنا عليه، لأن كثيرون أرادوا أن يسيروا في درب القديسين، في طريق الحياة الجديدة في المسيح يسوع، وأرادوا أن يتوبوا فعلاً لا كلاماً، وارادوا أن يحيوا حياة الصلاة الدائمة وأن تنغرس كلمة الله الحية فيهم، لكن تعطلوا وأصيبوا بالشلل التام ولم يستطيعوا أن يتقدموا خطوة واحدة للأمام، مع أن العزم موجود لكن الحركة مُعطلة، وذلك بسبب تأجيل الفعل لأن هناك شلل الكسل الذي يثبت النفس في مكانها ويقيدها بثقل الغفوة، حتى يجعلها تذهب بخيالها للعالم الروحاني، فتصدق نفسها في أنها قطعت شوطاً في الطريق، حتى يتصور لعقلها أن معرفتها في مكانها سيجلب عليها عمق جديد لم يصل أحد إليه، وهذا كله درباً من الخيال لأنه لم يحدث تغييراً جذرياً في حياة الداخل، لأن الحياة المسيحية ليست في تغيير العقل وحده ولا الفكر، ولا تأتي اي قوة فيها من خارج، بل دائماً ما تبدأ بالداخل في الأعماق وتنموا سراً ثم تظهر على الخارج في النهاية.
لذلك يا إخوتي أن قرر أحدكم أن يتوب فلا ينتظر للغد، أو أراد أن يُصلي ويقرأ كلمة الحياة فلا يقول فيما بعد سأفعل، بل يقوم الآن يتوب ويُصلي، لأن الابن الذي ترك بيت ابيه وتغرب عن الحضن الأبوي فاقداً العقل والحكمة، لأن ترك بيت الأب كانت مصيبة لأنها جعلته عبداً تحت المذلة، فاقداً امتيازه كابن، فما أعادة هو قرار (الآن)، أقوم الآن وأذهب إلى أبي، لأن الحياة المسيحية الحقيقية هي حياة الآن وليس بعد قليل ولا الغد، بل "الآن"، فأن أردت أن تفعل شيئاً افعله الآن، لا تنتظر أبداً، لأنك لو انتظرت وأجلت فصدقني لن تتوب ولن تٌُصلي أبداً أبداً، مهما ما فعلت ومهما ما قلت وتعهدت.
يا إخوتي، ممكن تجدوا باب المعرفة مفتوحاً على مصراعية، وكل عقبات القراءات المعرفية والبحثية تزول، وتصبح أنت نفسك موسوعة معرفة مسيحية روحية ولاهوتية وتاريخية عظيمة وأصيلة، لكن لكي تكون رجل صلاة مملوء من نعمة الله وكلمته مغروسة فيك فلا تجد أي فرصة لذلك، لأنك جعلت معرفتك تسبق توبتك، واهتمامك بالخدمة تعلو صلاتك، وذلك لأن الحية القديمة التي خدعت حواء بمكرها، خدعتك أنت ايضاً حينما اشعلت غيرتك ونشاطك في الناحية الظاهرية وصدقتها، فأهملت الأساس التي تُبنى عليه حياتنا وتنمو.
فانتبه لحياتك ولا تقل سأتوب أو سأُصلي، بل قل أتوب الآن، أُصلي الآن، ورتب حياتك واجعل التوبة والصلاة وقراءة كلمة الحياة لتنقية قلبك من أولوياتك، لأنه ينبغي أن الصلاة تسبق معرفتك دائماً، بل وتكون (الصلاة) مع كلمة الله الأساس التي تبني عليه كل شيء وبالأخص معرفتك، فبدون الصلاة لن يكون هناك توبة حقيقية سليمة، ولا حتى معرفة تبني النفس والآخرين، بل ستتحول لعجرفة وكبرياء وافتخار بالذات، وسينطفئ الروح القدس وتضيع الحياة كلها.
ليكن الرب معيناً لنا لكي ننفض الكسل وتصير حياتنا صلاة، ولننتبه طالبين روح تمييز وإفراز من الله لكي لا يُسممنا العدو ويقنعنا باسم الحق بما نفعله فنغفل عن توبتنا وصلاتنا، وليهبنا إلهنا الصالح الصلاة الملتهبة بغيرة المحبة الصالحة حتى نحيا بالوصية. كونوا معافين باسم الرب إلهنا آمين
 
أعلى