المعرفة الحقيقية الواعية للاهوت - كيف أصير شارحاً دقيقاً للاهوت

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
البعض يتسائل عن المعرفة الحقيقية الواعية للاهوت، وكيف يسير في هذا الدرب دون أن يُخطئ أو يُسيء الشرح أو التفسير، أو يُخطئ في استخدام بعض التعبيرات.
في الحقيقة، أن اللاهوت المسيحي الأصيل يحتاج تذوق خاص، بانفتاح الذهن بالروح، وهذا الانفتاح يُسمى الاستنارة، والاستنارة تفتح عيون قلب الإنسان على نور إشراقة المجد الإلهي، فيدخل (المستنير) في سر الحب الفائق المعرفة الإنسانية العادية، لأن الحب هنا هو الحب الإلهي، أي أن النفس هنا بتنفتح (باستمرار ودوام) قلبياً لتستقبل الحب الإلهي وتمتلئ منه.
ويلزمنا أن نعرف أن الاستنارة فعل حاضر مستمر، كما أن الملئ بالمحبة دائم ممتد، وهذا كله أساسه الصلاة التي تُأصل حياة الشركة مع الله لترفع النفس للمستوى الإلهي، أي الحضرة الإلهية، فتشاهد وتعاين الأسرار السماوية، ومن تلك المشاهد والرؤى الفائقة تتذوق قوة اللاهوت، فتمتلئ من الله، وتنزل من هذه الرؤيا المجيدة لتواصل عمل خدمتها وتُقدَّم التعليم بوضوح عن وعي يقيني لمن رأى وشاهد وعاين ولمس ونال وامتلئ.
وكل واحد حسب موهبته يبدأ يجتهد ويتعب بشدة ويعمل بالدراسة والبحث، لأن صلاته هي قاعدة الأساس التي منها ينال التمييز والإفراز، بكونه فيها يرى ما لا يُرى، ومنها ينال كل حكمة نازلة من عند أبي الأنوار، لكي يقارن الروحيات بالروحيات، ويستطيع أن يُميز بسهولة ما بين الغث والثمين، ويُقدِّم تعليم نافع صالح بكل حكمة، ببرهان الروح والقوة، حسب مسرة مشيئة الله وإعلانه عن نفسه وعن طبيعته، ويشرح بكل دقة وتدقيق ويُفسر كل شيء حسب نعمة الله التي نالها وحصل عليها في صلاة إيمانه الحي العامل بالمحبة؛ وذلك بغرض البناء، حتى أن كل من يسمع التعليم (حسب اشتياقه الداخلي ورغبته في الالتصاق بالله) يتولد في داخله رغبة الدخول في سرّ معرفة الله بالشركة، لأن أي تعليم لا يُصب في الشركة، فهو غير صالح ويدل على أن الخادم أو الكارز أو المعلم.. الخ، ليس له خبرة شركة حقيقية مع الله ولا يعرف للصلاة طريق.
إذاً فبدون الصلاة وتواجدنا في الحضرة الإلهية هيهات أن عرفنا اللاهوت المسيحي الأصيل أو حتى صارت خدمتنا شهادة صالحة عن الله، لأننا نتكلم بما نجهل، ونتحدث عن ما لا نعرفه، لأننا لم نرى شيئاً ولم نُعاين وبالتالي فشهادتنا باطلة وخدمتنا فاسدة لا تنفع سوى لمخاطبة العقول بكلام الحكمة الإنسانية المقنع وليس ببرهان الروح والقوة.
ولننتبه لكلام يوحنا الرسول لأن فيه سر الشهادة الحسنة:
+ اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ. فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا. الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضاً شَرِكَةٌ مَعَنَا. وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. وَنَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً.
وَهَذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَنُخْبِرُكُمْ بِهِ: إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ. إِنْ قُلْنَا إِنَّ لَنَا شَرِكَةً مَعَهُ وَسَلَكْنَا فِي الظُّلْمَةِ، نَكْذِبُ وَلَسْنَا نَعْمَلُ الْحَقَّ. وَلَكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي النُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ. (1يوحنا 1: 1 - 7)
 
أعلى