دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس المقدمة العامة

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[FONT=&quot]دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس

[FONT=&quot]الذبيحة
[FONT=&quot]טֶבַח
[FONT=&quot] – ط ب ح ؛
[FONT=&quot]θυσίας
[FONT=&quot]σΦάζω



7715133223.jpg

===========================

قد سبق وتم وضع الدراسة على أجزاء متفرقة
وفي هذا الموضوع سيتم تجميع الدراسة كموضوع واحد كامل
على فقرات كاملة لسهولة قراءته ووضعه كمرجع دراسي في المنتدى
سيتم غلق الموضوع وسيتم فتحه بعد الانتهاء منه للأسئلة والتعليقات
[FONT=&quot][FONT=&quot][FONT=&quot]
============================
لنك الصفحة المخصصة لطرح الأسئلة على الفيسبوك
https://www.facebook.com/Enytion
============================
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
===== الفهــــــــــــــــــــــــــــــرس =====

[FONT=&quot] 1 – تمهيد عـــام

[FONT=&quot]2
[FONT=&quot]– مقدمة عامة

[FONT=&quot]+
[FONT=&quot]مقدمـــــة

[FONT=&quot]أولاً
[FONT=&quot]: تعريف المصطلحات (التقدمـــــــــة والذبيحــــة).

[FONT=&quot]ثانياً
[FONT=&quot]: أصل وطبيعة الذبيحـــــــة ونظريـــــــــة تقدمها [/FONT]
[FONT=&quot]ثالثاً[/FONT][FONT=&quot]: أهمية الذبيحة وشمولها – لمحة تاريخية سريعة [/FONT]
[FONT=&quot](أ) البشرية الأولى[/FONT]
[FONT=&quot](1) التقدمــــــــــــــــة [/FONT]
[FONT=&quot](2) ا[/FONT][FONT=&quot]لمحرقــــــــــــــة [/FONT]
[FONT=&quot](3) العهـد مع إبراهيم [/FONT]
[FONT=&quot](4) إسحـــــــــــــــــق [/FONT]
[FONT=&quot](5) يعقــــــــــــــــوب [/FONT]
[FONT=&quot](6) الفصــــــــــــــــح [/FONT]
[FONT=&quot](7) ذبيحة الشكر وتمجيد الله – يثرون [/FONT]
[FONT=&quot](ب) الحقبة الموسوية[/FONT]
[FONT=&quot](1) ذبيحـــــــــــــــــــة العهد [/FONT]
[FONT=&quot](2) الذبائح في خيمة الشهادة [/FONT]
[FONT=&quot](جـ) عصر القضاة والملوك[/FONT]
[FONT=&quot](د) عصر ما بعد السبي[/FONT]
[FONT=&quot]رابعاً[/FONT][FONT=&quot]: مصدر تشريع الذبائـــــــــــح [/FONT]
[FONT=&quot]خامساً[/FONT][FONT=&quot]: مواقع العبادة وتقديم الذبائح [/FONT]
=====================
[FONT=&quot]3 – الملامح العامة للذبائح في العهدين [/FONT]
[FONT=&quot]أولاً[/FONT][FONT=&quot] العهد القديم[/FONT]
[FONT=&quot]أولاً[/FONT][FONT=&quot]: تطور طقوس الذبائح [/FONT]
[FONT=&quot]1 – البساطة البدائيــة [/FONT]
[FONT=&quot]2 – تشعب الطقــوس [/FONT]
[FONT=&quot]ثانياً[/FONT][FONT=&quot]: جوانب الذبيحة المختلفة [/FONT]
[FONT=&quot](1) أنواع مختلفة تظهر في التاريــــــــخ [/FONT]
[FONT=&quot](2) نحو صورة جامعة في سفر اللاويين [/FONT]
[FONT=&quot]ثالثاً[/FONT][FONT=&quot]: من الطقوس إلى الذبيحة الروحية [/FONT]
[FONT=&quot](1) الطقوس كعلامة للذبيحة الروحيـــــة [/FONT]
[FONT=&quot](2) الديانـــــــــــــــة الباطنيـــــــــــــــــة [/FONT]
[FONT=&quot]أ – أولوية الديانة الباطنية [/FONT]
[FONT=&quot]ب – قمــة الديانة الباطنية [/FONT]
[FONT=&quot]ثانياً[/FONT][FONT=&quot]: العهد الجديد[/FONT]
[FONT=&quot](1) استمــــــــــــرار وتفوق [/FONT]
[FONT=&quot](2) معنى الذبيحـــــــــــــــة [/FONT]
[FONT=&quot](3) يسوع يقدم نفسه ذبيحـة [/FONT]
[FONT=&quot](أ) تمهيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد [/FONT]
[FONT=&quot](ب) يسوع المسيــــــــــح حمل الله [/FONT]
[FONT=&quot](جـ) تقدمة يسوع تُنشأ عهداً جديداً [/FONT]
===========================
[FONT=&quot]4 – ذبيحة الصليب في ضوء ذبائح العهد القديم [/FONT]
[FONT=&quot]تمهيد[/FONT]
[FONT=&quot][أ] الذبيحــــــــــــة كهبــــــــــــــــــــــــــــة [/FONT]
[FONT=&quot][ب] ترتيب الذبائح وارتباطها معــــــــــــاً [/FONT]
[FONT=&quot][جـ] الذبائح الدموية والتقدمات الطعاميـة [/FONT]
[FONT=&quot]1 – قاعدة عامــــــــة [/FONT]
[FONT=&quot]2 – الدم أساس الحياة [/FONT]
[FONT=&quot]3 – الدم قوة تطهير وتقديس وتكفير وعهد [/FONT]
[FONT=&quot]+ تعبيــر ولي الدم [/FONT]
[FONT=&quot]4 – الدم في العهد الجديـــــــــــــــــــــــــد [/FONT]
[FONT=&quot]+ دلالة كلمة [/FONT]αἷμα[FONT=&quot] (دم)[/FONT][FONT=&quot] وتعبير لحماً ودماً [/FONT]
[FONT=&quot]+ مفهـــــــــــــــــــــــــــــــــوم الدم القرباني [/FONT]
[FONT=&quot][د][/FONT][FONT=&quot]الذبائح الدموية واستخدام الحيوانات وشروط الذبيحة [/FONT]
[FONT=&quot]1 - تمركز الذبائح حول الدم والهدف التكفير والتقديس [/FONT]
[FONT=&quot]2 - الحيوانات المستخدمــــــــــة في الذبائـــــــــــــــــح [/FONT]
[FONT=&quot]3 – شروط الذبيحة [/FONT]
[FONT=&quot][هـ][/FONT][FONT=&quot] تعدد أنواع الذبائح وغايتها وكيفية تقديمها عمليـــــاً [/FONT]
[FONT=&quot]المراجــــــع
==============================
[/FONT]

[FONT=&quot]تم الكتاب الأول بنعمة الله
[FONT=&quot]وقريباً الكتاب الثاني
[FONT=&quot]: ذبيحة المحرقة[/FONT]
[FONT=&quot]مع ملحوظة أن المراجع موجودة في النسخة الالكترونية PDF[/FONT]
[FONT=&quot]ولتحميل الموضوع بشكل كتاب [/FONT]
[FONT=&quot]أضغط (هنــــــــــــــــــــــا)[/FONT][FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]لكي يتم التحميل أضغط على العلامة [/FONT][FONT=&quot]الخضراء [/FONT][FONT=&quot]المكتوب عليها [/FONT]
Download (2.08MB)
[/FONT]
[/FONT]
==========================
للتعليق على الموضوع أو طرح أي سؤال فيه
أضغط هنـــــــــــــــا
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
 
التعديل الأخير:

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[FONT=&quot] 1 - تمهيد عـــــــــام

[FONT=&quot]منذ البدء، بدء التاريخ الإنساني عند الخلق، الله خلق الإنسان بشكل مُميز ([FONT=&quot]Characteristically
[FONT=&quot])، على صورته كشبهه ليكون أرضه الخاصة، أرض اللاهوت
[FONT=&quot](حسب سبق التعيين والاختيار: أفسس 1: 4، 5)[FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot]، أي أن هيكله الإنساني صار مقراً لسكنى الله وحلوله الخاص، لأن الله بطبيعته لا يسكن في هياكل مصنوعة من حجر وطوب وخشب أو كل ما هو مصنوع بأيدي بشرية، لأن الله روح وليس مادة لكي يحتويه مكان مادي، ولكن بمحبة فائقة وتنازل مُذهل – غير مُدرك – الله القدوس البار وحده شاء أن يكون الإنسان وحده (بشكل فريد) أرض فلاحته الخاصة، هيكله الشخصي، المقرّ الوحيد لسُكناه وسط الخليقة، من خلاله يشع نوره ويعكسه على الخليقة كلها، لذلك نجد هذا الإعلان العجيب أعلنه الرب لنا نحن المؤمنين به، لأنه قال للرسل ومنهم لكل إنسان يؤمن: "أنتم نور العالم"، ولكننا لسنا نور العالم من ذاتنا كأننا نبع النور، فهذا مستحيل، لأن القمر يستمد نوره من الشمس فيُضيء، وهكذا أيضاً لكون الله هوَّ بذاته النور، هوَّ بشخصه يحل ويسكن ويستقر فينا، وبكونه نبع النور الحقيقي، ونحن نلتصق به ونتبع خطواته منقادين بروحه، لذلك ونحن أرضه الخاصة وهيكله الذي يسكنه، يشع من خلالنا نوره أمام العالم عبر كل الدهور وفي جميع العصور:[/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot]فأنكم أنتم هيكل الله الحي كما قال الله إني سأسكن فيهم (والكلمة صار جسداً وحلَّ فينا) وأسير بينهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً [FONT=&quot][2]؛ أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot]هذا هو الخبر الذي سمعناه منه ونخبركم به أن الله نور وليس فيه ظلمة البتة [FONT=&quot][4]، الظلمة قد مضت والنور الحقيقي الآن يُضيء [FONT=&quot][5][/FONT]؛ كان النور الحقيقي الذي يُنير كل إنسان آتياً إلى العالم [FONT=&quot][6][/FONT]؛ ما دام لكم النور آمنوا بالنور لتصيروا أبناء النور [FONT=&quot][7][/FONT]؛ أنا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة [FONT=&quot][8][/FONT]؛ أن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية [FONT=&quot][9][/FONT][/FONT][/FONT]
+
[FONT=&quot]أنتم نور العالم
[FONT=&quot] لا يمكن أن تُخفى مدينة موضوعة على جبل [FONT=&quot][10][/FONT]؛ وأما من يفعل الحق فيقبل إلى النور لكي تظهر أعماله أنها بالله معمولة [FONT=&quot][11][/FONT]؛ فليُضيء نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السماوات [FONT=&quot][12][/FONT][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]وبالرغم من أن الله خلق حبيبه الإنسان على صورته المجيدة ليعكس بهاء مجده الخاص على الخليقة كلها، لأنه كُلل على الخليقة وترأسها لهذه الغاية، لكنه لم يحفظ الصورة وشوه طبعه وسقط وأضاع المثال، ودخل في حالة الظلمة والموت، فحدثت له كارثة عظيمة إذ فقد الكنز الثمين الذي له وسار في طريق الموت، فانغلق أمامه نور الحياة، ولم يعد قادراً أن ينظر للوجه الحسن المُنير، فانغلق على الله وانعزل عنه وفقد نقاوة طبيعته الأصلية وبساطتها، وانطفأ نور ذهنه المُضيء، ولم يعد بقادر أن يعكس النور الإلهي للخليقة كما كان، لذلك يقول القديس مقاريوس الكبير:[/FONT]
+ [FONT=&quot]أن آدم بتعديه الوصية، حدثت له كارثة مزدوجة، فهو فقد نقاوة طبيعته التي كان حاصلاً عليها، والتي كانت جميلة على صورة الله ومثاله، ومن الجهة الأخرى فقد أيضاً تلك الصورة عينها التي كان سيرث بها كل الميراث السماوي بحسب الوعد.[/FONT]
[FONT=&quot]فاذا افترضنا أن عملة ذهبية، عليها صورة الملك، قد خُتمت بختم مزيف، فأن الذهب يضيع، والصورة التي كانت عليه تصبح بلا قيمة، هكذا كانت الكارثة التي حلت بآدم. وإذا تصورنا عزبة كبيرة تدر خيرات كثيرة، ففي أحد أركانها كرم مزدهر، وفي مكان آخر منها حقول مثمرة، وفي غيره مواشي وقطعان غنم، وفي موضع آخر ذهب وفضة، هكذا كانت العزبة عزبة آدم - ثمينة جداً قبل العصيان، وأقصد بالعزبة، إناء آدم الخاص، ولكنه حينما قبل مقاصد وأفكار الشر ورحب بها، هلك من أمام الله.[/FONT]
[FONT=&quot]ولكننا مع ذلك، لا نقول، أن كل شيء قد ضاع وتلاشى ومات، بل انه مات عن الله، ولكنه ظل حياً بالنسبة إلى طبيعته، فها عالم البشر كله كما نراه، يسعى في الأرض، يشتغل ويعمل ولكن الله ينظر إلى أفكارهم وتصوراتهم فيصرف النظر عنهم وليس له شركة معهم، لأنهم لا يفكرون فيما يرضي الله، وكما أن الاتقياء إذا مروا أمام البيوت ذات السمعة القبيحة، والأماكن التي ترتكب فيها الفحشاء والفسق، فأنهم ينفرون منها ويرفضون مجرد النظر ناحيتها - لأن هذه الأمور هي موت في نظرهم - هكذا فإن الله يغض النظر عن أولئك الذين تمردوا على كلمته وعصوا وصيته فتعبر عينه عليهم ولكنه لا يكون في شركة معهم. ولا يستطيع الرب أن يجد راحة في داخل أفكارهم. [FONT=&quot][13][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]وهكذا دخل الإنسان في الموت ولم يستطع أن يفلت منه، وأصبح غير قادر على أن يُرضي الله بكل ما يعمله مهما ما كان سموه، [FONT=&quot]لأن الظلمة ملكت عليه وحجبت عنه النور الحقيقي، نور إشراق وجه الله الحي، وأحاطت بكل أفكاره[/FONT][FONT=&quot]من كل جانب، وصارت تغلبه بكونها تسكن أعضاؤه وقد تسلطت عليه بالموت، فأصبحت حياته كلها تحت العبودية ونيرها المُرّ [الذين خوفا من الموت كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية (عبرانيين 2: 15)] [/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot]بَلْ أُغْلِظَتْ أَذْهَانُهُمْ، لأَنَّهُ حَتَّى الْيَوْمِ ذَلِكَ الْبُرْقُعُ نَفْسُهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْعَهْدِ الْعَتِيقِ بَاقٍ غَيْرُ مُنْكَشِفٍ، الَّذِي يُبْطَلُ فِي الْمَسِيحِ[FONT=&quot][14][/FONT][FONT=&quot]؛ [/FONT][FONT=&quot]فإني أعلم أنه ليس ساكن فيَّ، أي في جسدي، شيءٌ صالح، لأن الإرادة حاضرة عندي وأما أن أفعل الحسنى (حسب مشيئة الله طبيعياً) فلستُ أجد. [FONT=&quot][15][/FONT][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]وليس ذلك فقط بل صار صراخه الدائم – في العلن والخفاء – أين المُنقذ، من يُصالحني على الله، من يُصحح علاقتي به ويضمن عدم فسخها مرة أخرى، بل وإلى الأبد!!![/FONT]
+ [FONT=&quot]ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت. [FONT=&quot][FONT=&quot][16][/FONT][/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot]ليس بيننا مصالح يضع يده على كلينا. [FONT=&quot][17][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]وحينما بحث كل واحد وفتش عن آخر مُعين ليصير وسيطاً بينه وبين الله ليصنع سلاماً ويُعيد الشركة كما كانت، لم يجد، لأن كل إنسان مهما من كان حتى لو كان أعظم الأنبياء، غير قادر على أن يُصحح وضع نفسه مع الله، فكيف يستطيع أن يفعل هذا من أجل الناس، لذلك من الصعوبة التامة اللجوء لإنسان لأجل الخلاص من طبعنا الفاسد، لأن من يطلب ويفتش عند الناس على خلاص نفسه أو حتى عند ذاته بصنع أعمال حسنة ظناً انها تُصلح بينه وبين الله فأنه كمثل من يطلب العافية من السقيم، ويسأل الميت الحياة، ويستغيث بمن هو أعجز شيء عن الاغاثة. [FONT=&quot][18][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]+ ولذلك فقد جاء الذي خلق النفس والجسد، جاء بشخصه وأبطل كل عمل الشرير، وكل أفعاله التي عملها في أفكار البشر، وجدد وأعاد خلقة الصورة السماوية، لكي يصنع تجديداً للنفس، لكي يعود آدم مرة أخرى ملكاً وسيداً على الموت. وفي ظلال الناموس سمى موسى مُخلِّصاً لإسرائيل لأنه أخرجهم من مصر، وكذلك الآن فإن المسيح المُخلِّص والمحرر الحقيقي، يدخل إلى مكامن النفس الخفية ويخرجها من ظلمة مصر، ومن النير الثقيل والعبودية القاسية المرة. ولذلك فهو يأمرنا، أن نخرج من العالم ونصير فقراء في الأمور المادية المنظورة ولا نهتم بالاهتمامات الأرضية، بل نقف ليلاً ونهاراً على الباب وننتظر الوقت الذي يفتح فيه الرب القلوب المغلقة ويسكب علينا موهبة الروح القدس. [FONT=&quot][19][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]ولكن الله لم يخلصنا عن طريق إصلاح طبعنا الإنساني التي عضته الحية القديمة فسرى سمها القاتل فيه، لأن هذا الطبع قد فسد بالتمام وغير قابل للإصلاح مثل الطعام الفاسد أو الأثاث القديم الذي يحتاج لإحلال وتجديد: الكل قد زاغوا (ارتدوا عن الله) معاً، فسدوا، ليس من يعمل صلاحاً (حسب مشيئة الله وتدبيره الحسن)، ليس ولا واحد. [FONT=&quot][20]، فطبيعتنا القديمة الساقطة لا تستطيع أن تتقبل الصلاح الإلهي الفائق لأنها صارت صلدة كالصخر (من كثرة الإثم وشدة الظلام الذي يُحيط بها من كل جانب)، لأن: كل الرأس مريض وكل القلب سقيم. من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة، بل جرح وإحباط وضربة طرية لم تعصر ولم تعصب ولم تلين بالزيت. [FONT=&quot][21][/FONT][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]لذلك نجد أن الله في العهد القديم أظهر الطريق الوحيد للخلاص والنجاة من الموت، لأن [[FONT=&quot]أمر الله موسى - في الشريعة - أن يصنع حية من نحاس ويرفعها ويثبتها على رأس ساري فكان كل من لدغته الحيات ينال الشفاء بمجرد تثبيت نظره على الحية النحاسية، ولقد صنع موسى هذا بتدبير وقصد إلهي، حتى أن أولئك المعوقين بالاهتمامات الأرضية، وعبادة الأصنام، ولذات الشيطان، وكل أنوع الشر - (هذه الأشياء هي سم الحيات) - فأنهم بهذه الوسيلة يتطلعون إلى أعلى، إلى ما هو فوق إلى الأمور السمائية، واذ يبتعدون بنظرهم عن الأشياء السُفلية فترة من الوقت فأنهم يعطون اهتمامهم لما هو أعلى وأسمى، وهكذا يتقدمون رويداً رويداً إلى ما هو أعلى وأكثر سمواً لكي يعرفوا ويتعلَّموا ذلك الذي هو الأعلى جداً والأسمى جداً والفائق لكل الخليقة.[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]ولكن ما المقصود بالحية الميتة؟ الحية المثبتة على رأس الساري كانت تشفي أولئك الذين لدغتهم الحيات. فالحية النحاسية التي بلا حياة قد أبطلت فعل سم الحيات التي فيها حياة. وهذا رمز إلى جسد الرب. فالجسد الذي أخذه من العذراء، قد قدمه على الصليب، وعلقه هناك مثبتاً على الخشبة، وهذا الجسد المائت على الصليب غلب وقتل الحية التي تعيش وتزحف داخل القلب. فهو أعجوبة عظيمة: كيف أن حية ميتة قتلت حية عائشة، ولكن كما أن موسى صنع أمراً جديداً لما عمل حية من نحاس، هكذا الرب ايضاً قد صنع شيئاً جديداً من العذراء مريم، ولبس هذا الجسد بدلاً من أن يحضر معه جسداً من السماء، فالروح السماوي دخل في الطبيعة الانسانية وعمل فيها، وجعلها تدخل في شركة مع اللاهوت اذ لبس الجسد البشري الذي صوره وشكله في بطن العذراء، وكما أن الرب لم يأمر بصنع حية من نحاس في العالم الا في عهد موسى، هكذا ايضاً لم يظهر في العالم جسد بلا خطية الا جسد الرب يسوع. لأنه حينما تعدى آدم الأول الوصية، ملك الموت وتسلط على جميع أبنائه بدون استثناء ولذلك جاء الرب وغلب بجسده المصلوب الحية العائشة.[/FONT]
[FONT=&quot]وهذا الأمر العجيب "هو لليهود عثرة ولليونانيين جهالة" [FONT=&quot][22] ولكن ماذا يقول الرسول؟[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]يقول: "ولكننا نكرز بيسوع المسيح وإياه مصلوباً، وهو لليهود عثرة ولليونانيين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين فالمسيح قوة الله وحكمة الله" [FONT=&quot][23]، لأن الحياة هي في الجسد المائت على الصليب. هنا الفداء. هنا النور] [FONT=&quot][24][/FONT][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]ولكي ندرك قوة الفداء لندخل فيه ينبغي أن نعرف أن الرب يسوع أتى في ملء الزمان كالتدبير ليُقدِّم نفسه ذبيحة كفارة عن حياة العالم، لذلك قدَّم لنا في العهد القديم الرمز اللازم لكي يُؤهل فكرنا ويكيف كل قوانا وقدراتنا العقلية والكيانية لتستقبل خلاصه العظيم الفائق لنعي ونُدرك ما يقدمه لنا من مجد وبهاء يفوق كل قدراتنا، وذلك لكي يُعيدنا لما هو أعظم مما كنا فيه قبل السقوط، بل أيضاً يعطينا ضماناً أننا سنظل في الحضن الإلهي ولن نخرج خارجاً أبداً، طالما نحن متمسكين بخلاصه ولن نطرح عنا اسمه، لأنه اتحد بنا بسبب اتخاذه بشريتنا متحداً بها اتحاداً غير قابل للافتراق، لأن هو الذي نزل بذاته وبشخصه واتخذ جسدنا مسكناً له، هو عينه الذي صعد بنفس ذات الجسد عينه الذي اتحد به اتحاداً فائقاً بسرّ لا يُشرح، وجلس به عن يمين العظمة في الأعالي، ويستحيل أن يتخلى عن جسده، لذلك نحن قد ضمنا به أننا لن نُطرح خارجاً، فخلاصنا أصبح مضموناً ولنا الآن ثقة بالدخول للأقداس، لأننا لا ندخل بقدراتنا وأعمال الناموس بل بما منحه لنا، لأننا فيه وهو فينا فكيف لا نكون معه، [FONT=&quot]وهو متحداً بنا حسب التدبير الخلاصي[/FONT][FONT=&quot] المعلن في الإنجيل.[/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot]ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح، بالنعمة أنتم مخلصون؛ لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله؛ لا بأعمال في برّ عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس. [FONT=&quot][25][/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot]فإذ لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع. طريقاً كرسه لنا حديثاً حياً بالحجاب أي جسده. وكاهن عظيم على بيت الله. لنتقدم بقلب صادق، في يقين الإيمان، مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير، ومغتسلة أجسادنا بماء نقي، لنتمسك بإقرار الرجاء راسخاً لأن الذي وعد هو أمين. [FONT=&quot][26][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]لذلك علينا الآن بكل مهابة شديدة أن ندخل في هذا الموضوع باشتياق قلب مُصلي في الروح القدس، طالباً قوته لكي يعلن لنا عمله بالسرّ في قلوبنا ليُدخلنا فيه لنفهم ونُدرك سرّ ذبيحته الفائقة، لكي ندخل في سرّ الخلاص الذي فتش وبحث عنه أنبياء، الذين تنبأوا عن النعمة التي لأجلنا. [FONT=&quot][27][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]وقبل أن ندخل في الموضوع، علينا أولاً أن نفهم بعض الأشياء عن الذبيحة من جهة التطبيق العملي وذلك من خلال كلمات القديس مقاريوس الكبير ونضعها في ذهننا أثناء قراءتنا للموضوع كله لأنها في منتهى الأهمية وذلك من أجل أن نحيا ونعيش في واقعية سرّ الخلاص العظيم في حياتنا الشخصية، (مع ملحوظة لا بُدَّ من أن نضعها في الاعتبار، وهو أن ذبائح العهد القديم ما هي إلا ظل باهت لذبيحة شخص ربنا يسوع ولا تساويها أبداً، لا في حقيقتها ولا في قوة فعلها الخلاصي والتطهيري للضمير ولا مفهومها الكامل وفعل قوتها الأبدي، لأن العهد القديم ظل الحقيقة مُقدَّمة للإنسان لكي تؤهله لاستقبال الخلاص الثمين)، فيقول القديس مقاريوس:[/FONT]

[FONT=&quot]+ [FONT=&quot]فالذبيحة ينبغي أولاً أن تُذبح بواسطة الكاهن، وتموت، ثم تُقطَّع قطعاً وتُملح، وبعد ذلك توضع على النار. فأن لم يذبح الكاهن الخروف أولاً ويموت، فإنه لا يُملح ولا يُقرَّب كقربان محرقة للرب. [/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]هكذا نفسنا أيضاً ينبغي أن تأتي إلى المسيح رئيس الكهنة الحقيقي ليذبحها، وتموت عن هوى فكرها الخاص وعن حياة الخطية الشريرة التي كانت تعيشها قبلاً.[FONT=&quot] يجب أن تخرج منها الحياة، حياة الأهواء الشريرة. كما أن الجسد إذا خرجت منه النفس يموت، ولا يعود يعيش بالحياة التي سبق أن عاشها، فلا يسمع ولا يمشي، كذلك المسيح رئيس كهنتنا السماوي حينما يذبح نفسنا بنعمة قوته، ويُميتها عن العالم فأنها تموت عن حياة الشرّ التي كانت تعيشها، فلا تعود تسمع أو تتكلم أو يكون لها شركة وتوطن في ظلمة الخطيئة لأن حياتها – التي هي الأهواء الشريرة – قد خرجت منها بواسطة النعمة. والرسول يصرح قائلاً "قد صلب العالم لي وأنا صلبت للعالم" [FONT=&quot][28][/FONT].[/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]فالنفس التي لا تزال تحيا في العالم وفي ظلام الخطيئة ولم تمات بواسطة المسيح ولا يزال روح الخبث في داخلها أعني نشاط ظلمة أهواء الشر، التي تتحكم فيها فإن هذه النفس لا تنتمي إلى جسد المسيح، لا تنتمي إلى جسد النور، [FONT=&quot]بل هي في الحقيقة جسد الظلمة ولا تزال جزءاً لا ينفصل من الظلمة، أما الذين لهم حياة روح النور، أعني قوة الروح القدس فإنهم جزء لا ينفصل من النور. [/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]لذلك فلنصلي لكي نُذبح بواسطة قوته ونموت عن عالم الظلمة الخبيث ولكي تموت فينا روح الخطية، لكي نلبس وننال حياة الروح السماوي، وننتقل من حيث الظلمة إلى نور المسيح، ولكي نستريح في الحياة إلى مدى الدهور. [/FONT]

[FONT=&quot]فكما أن المركبات تتسابق في الميدان والمركبة التي تسبق الأخرى تصير لها مانعاً وحاجزاً وعائقاً، حتى أنها لا تستطيع ان تتقدم وتصل إلى النصرة، وهكذا أيضاً سباق أفكار النفس والخطيئة في الانسان. فإذا حدث أن سبق فكر الخطيئة فانه يعوق النفس ويحجزها ويمنعها، حتى أنها لا تستطيع أن تقترب إلى الله وتنال النصرة منه. ولكن حيث يركب الرب ويمسك بزمام النفس بيديه فانه دائماً يغلب لأنه بمهارة يدير ويقود مركبة النفس إلى ذهن سماوي ملهم كل حين. وهو - أي الرب - لا يحارب ضد الخبث إذ له دائماً القوة الفائقة والسلطان في نفسه، بل هو يصنع النصرة بنفسه. [FONT=&quot][29][/FONT][/FONT]


======================
[FONT=&quot][1] [FONT=&quot]كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ، إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] (2كورنثوس 6: 16)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] (1كورنثوس 3: 16)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][4] [/FONT][FONT=&quot](1يوحنا 1: 5)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][5] [/FONT][FONT=&quot](1يوحنا 2: 8)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot] (يوحنا 1: 9)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot] (يوحنا 12: 36)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][8] [/FONT][FONT=&quot](يوحنا 8: 12)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][9] [/FONT][FONT=&quot](1يوحنا 1: 7)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot] (متى 5: 14)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][11] [/FONT][FONT=&quot](يوحنا 3: 21)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][12][/FONT][FONT=&quot] (متى 5: 16)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][13][/FONT][FONT=&quot] (عظات القديس مقاريوس الكبير عظة 12: 1و 2)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][14][FONT=&quot] (2كورنثوس 3: 14)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][15] [/FONT][FONT=&quot](رومية 7: 18)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][16][/FONT][FONT=&quot] (رومية 7: 24)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][17][/FONT][FONT=&quot] (أيوب 9: 33)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][18][/FONT][FONT=&quot] (الحكمة 13: 18)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][19][/FONT][FONT=&quot] (عظات القديس مقاريوس الكبير عظة 11: 6)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][20][/FONT][FONT=&quot] (مزمور 14: 3؛ 53: 3؛ رومية 3: 12)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][21] [/FONT][FONT=&quot](إشعياء 1: 5و 6)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][22][/FONT][FONT=&quot] (1كورنثوس 1: 23)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][23][/FONT][FONT=&quot] (1كورنثوس 1: 23، 24؛ 2: 2)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][24][/FONT][FONT=&quot] (عظات القديس مقاريوس الكبير عظة 11: 8 و9 و10)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][25][/FONT][FONT=&quot] (أفسس 2: 5 و8؛ تيطس 3: 5)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][26][/FONT][FONT=&quot] (عبرانيين 10: 19 – 23)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][27][/FONT][FONT=&quot] (1بطرس 1: 10)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][28][/FONT][FONT=&quot] (غلاطية 6: 14)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][29][/FONT][FONT=&quot] (عظات القديس مقاريوس الكبير عظة 1: 3 و9)[/FONT][/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[FONT=&quot]2- مقدمـــــــــــــــة عامة

[FONT=&quot]===============
[FONT=&quot]مقدمـــــــــــــــــــــــة[/FONT]
[FONT=&quot]+ [FONT=&quot]أولاً[/FONT][FONT=&quot]: تعريف المصطلحات (التقدمة والذبيحة)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]أن كلمة أو لفظة وتعبير [[FONT=&quot]تَقْدِمَة[/FONT][FONT=&quot]] الخاصة بتقدمة الذبيحة؛ هي الكلمة العربية المكافئة للعبرية، ومعناها في اللغة العربية: [قَدَّمَه (قدم الشيءَ إِلى غيره): جَعلَهُ قُدَّامَهُ، وهي تُشير إلى عطية أي هدية مقدمة بشكل خاص كنوع من أنواع التقدير والتكريم]، لذلك يأتي معنى التقدمة (الخاصة بالذبائح) أنها تعني هبه لا تُرد لأنها تُذبح، [/FONT][FONT=&quot]أي هدية أو عطية عن طيب خاطر بمسرة قلب صريح في الإيمان صادق في المحبة [[/FONT][FONT=&quot]بِالإِيمَانِ قَدَّمَ هَابِيلُ لِلَّهِ ذَبِيحَةً أَفْضَلَ مِنْ قَايِينَ، فَبِهِ شُهِدَ لَهُ أَنَّهُ بَارٌّ، إِذْ شَهِدَ اللهُ لِقَرَابِينِهِ. وَبِهِ، وَإِنْ مَاتَ، يَتَكَلَّمْ بَعْدُ – [/FONT][FONT=&quot]عبرانيين 11: 4[/FONT][FONT=&quot]]، أي أنها هديه مُميزة كاعتراف بالفضل والجميل، أو بالمعنى العام عند بعض الفلسفات الدينية والشعوب البدائية: [هي تقدمة لكسب تحالف أو منع شرّ[/FONT][FONT=&quot]].[/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]والذبيحة في اللغة الإنجليزية مأخوذة من مجموعة كلمات لاتينية تعني "شيئاً مقدساً" أو "تقديس" (أي أنها تُشير إلى جعل شيء ما مُقدساً، أي تكريسه وتخصيصه أي وقفه لشيء، أو بمعنى أدق فرزه وتخصيصه لتقديمه [FONT=&quot]كهدية مُميزة لشخص عالي المقام، صاحب مكانة رفيعة[/FONT][FONT=&quot]، وفرزه تعني = فرز الشّيء من غيره، أي: عزله عنه، نحّاه وفصله، ميَّز جيِّده عن رديئهُ، مثل فرَز القمح عن التبن[/FONT][FONT=&quot]أو[/FONT][FONT=&quot]فرَز الذهب من الرصاص).[/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]وبعض الباحثين يستخدمون المعنى الأول (التقدمة) ليعني تقديم شيء كمنحة أو هبه، والكلمة الثانية (ذبيحة) لوصف الهبة على أنها شيء عُرض وقُدم على وجه الخصوص لكائن إلهي. وآخرون يستخدمون كلمة ذبيحة للإشارة إلى أي تقدمة تتضمن طقس ذبح حيوان. وفي كلتا الحالتين تٌعتبر "التقدمة" أو "القربان" تعبيراً عاماً بأكثر مما هو الحال لكلمة ذبيحة، لأن التقدمة يتم فيها تقديم أي شيء ومن ضمنها الذبيحة، أما الذبيحة فهي تختص بالذبح فقط.[/FONT]

[FONT=&quot]+ والمصطلح العبري "يُقدم قرباناً" هو جمع بين الفعل يُقدم وقَرَّبَ، أو يُقدم قُرباناً (للمذبح): [/FONT]
[FONT=&quot]+ [ودعا الرب موسى وكلمه من خيمة الاجتماع فقال: قل لبني إسرائيل إذا قرَّب أحدٌ منكم قرباناً للرب، من البهائم] [FONT=&quot][1] [/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]+ [وإذا قرَّب أحد قربان تقدمة للرب يكون قربانه من دقيق ويسكب عليها زيتاً ويجعل عليها لبانا. ويأتي بها إلى بني هرون الكهنة ويقبض منها ملء قبضته من دقيقها وزيتها مع كل لبانها ويوقد الكاهن تذكارها على المذبح وقود رائحة سرور للرب] [FONT=&quot][2] [/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]وتعبير قرَّب [FONT=&quot]יַקְרִ֥יב[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]qarab[/FONT][FONT=&quot]) باللغة العبرية يعني على وجه الدقة: دنا أو اقترب، قَرُب مِنْه أو إلَيْه، أتَى بِـ؛ أحْضَر؛ أعْطَى؛ أوْرَد؛ جاء بِـ؛ منح؛ عَطَاء؛ هَدِيّة، [والتعبير هنا يأتي بمعنى: أسلوب أو طريقة، بمعنى ان الله هنا يتكلم عن الأسلوب أو الطريقة للتقديم أو التقريب].[/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]أما بالنسبة للكلمة اليوناني (التقدمة) [FONT=&quot]prosfora - προσφορα[/FONT][FONT=&quot] فهي تعني في الأصل: إحضار،تقديم. وقد اُستخدمت بمعنى تقديم الهبات (الهدايا) الذبائحية، ثم بوجه خاص تقديم الطعام، خاصة في شكل تقدمة حبوب. وقد أُستخدم الفعل [/FONT][FONT=&quot]prosfero προσφέρω[/FONT][FONT=&quot] لعمل التقدمة وجعلها في شكل عطية (كتهيئة الهدية)، وقد أتى التعبير ليُشير إلى الخضوع الكامل للألوهة.[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]أما كلمة قُرْبان [FONT=&quot]קָרְבָּ֖ן[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]qorban[/FONT][FONT=&quot]) تعني: إعْطاء؛ إهْدَاء؛ أُضْحِيّة؛ بَذْل؛ تَقْدِمَة؛ تَقْدِيم؛ ذَبِيحَة؛ مَنْح، والمعنى العام للكلمة: [كُلُّ مَا يتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى الَّلهِ مِنْ ذَبِيحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]عموماً تعبير "قرب قرباناً [FONT=&quot]יַקְרִ֥יב[/FONT][FONT=&quot] קָרְבָּ֖ן[/FONT][FONT=&quot]" يُقدم السياق اللازم لتقديم جميع أنواع الذبائح. وكان بوسع الشخص أن يُقرَّب قُرباناً، قد يكون تقدمة مُحرقة كما في لاويين 1: 3، وهي تقدمة ذبح حيوان، أو قربان تقدمة كما في لاويين 2: 1، وهي تقدمة بلا ذبيحة، أو ذبيحة سلامة كما في لاويين 3: 1، ونلاحظ أن الكلمة العبرية "ذبيحة [/FONT][FONT=&quot]זֶבַח[/FONT][FONT=&quot]" لا ترد في لاويين من الإصحاح 1 حتى الإصحاح 3: 1 تقريباً، فالتركيز الأول كان على التقدمة وبعدها الذبيحة.[/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]عموماً نجد أن كلمة "قربان" تُستخدم كتعبير شامل لتقديم الذبائح الحيوانية أو الغير حيوانية، وحتى بالنسبة للتي تُذبح خصيصاً لأكلات جماعية، وتعبير "نظام الذبائح" يُمكن استخدامه للإشارة إلى جميع ذبائح وتقدمات العهد القديم ككل.[/FONT]
[FONT=&quot]وفي نظام التقدمة والذبائح في العهد القديم، نجدها معروفة على المستوى الأكاديمي والشعبي بأن تفاصيلها كثيرة جداً وقد تبدو لنا معقدة وصعبه للغاية، ولا يوجد تفسير مفصل لها، وذلك بسبب الطبيعة المتأصلة في العمل الطقسي نفسه، والمعنى أساساً يُفهم من العرض وليس من الشرح.[/FONT]
[FONT=&quot]===============[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] (لاويين 1: 1و2)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][2] [/FONT][FONT=&quot](لاويين 2: 1و2)[/FONT][/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
ثانياً: أصل وطبيعة الذبيحة ونظرية تقدمها
========================
إن أصل نشأة تقديم الذبائح أمر تحوطه الأسرار وكثير من الغموض، وذلك لأنه يرجع إلى عصور ما قبل التدوين التاريخي وقد عُرفت عن طريق بعض الرسوم التي وُجِدت في كهوف الجبال وغيرها من الآثار التي تدل على حياة الإنسان البدائي. ويُسجل لنا سفر التكوين حقيقة تقديم الذبائح، ولكنه لا يذكر شيئاً عن كيفية بدايتها أو نشأتها على وجه التحديد وبالتفصيل. كما أننا نقرأ عنها في عصور الآباء، ثم نجد شريعة موسى تقرها وتُقننها بأمر إلهي منظم ومرتب.

وعموماً نجد أن تقديم الذبائح أمراً شائعاً عند كل الشعوب منذ أقدم العصور، وأنواع الذبائح التي عادةً تُقدَّم في جميع الحضارات القديمة، يا إما من الحيوانات أو البشر أو تقدمة من البقول أو العسل أو أي نوع من أنواع الطعام أو من الأشياء مثل حصاه أو عصا أو حربه... الخ.
وقد افترض علماء الثقافة وعلم الإنسان وعُلماء الاجتماع وأطباء علم النفس، ومؤرخو الديانات الكثير من النظريات المختلفة – بعيداً عن الكتاب المقدس – عن أصل وأهمية شيوع تقديم الذبائح بين كل الشعوب كظاهرة دينية والتي تتمثل معناها في الآتي:
[الهبة كشكر للإله – الوجبة أي كشركة مع الإله – التقديسالرضاالتكفير]

وتتلخص هذه النظريات والتحليلات في 6 نقاط كالتالي:
1- النظرية النفسية لتخفيض القلق من خلال تقديم ذبائح لأحد الآلهة.
2- النظرية السحرية والتي تقول بأن هلاك الذبيحة التي تم التضحية بها تتسبب في إطلاق قوة سحرية لصالح مقدم الذبيحة.
3- ويعتبر بعض العلماء أن تقديم الذبائح عموماً من ابتكار الإنسان [1] لتكوين علاقة مودة مع الإله أو لإكرامه أو لاسترضائه، أو لمشاركته الطعام للدخول في عهد معه.
4اعتقاد بعض العبادات بوجود روح الإله في حيوان ما، وإذ يأكل الإنسان (العابد لهذا الإله والمؤمن به) من الذبيحة فهو يأكل الإله ويكتسب في نفسه كل الصفات الجسمانية والعقلية والأدبية التي للإله الساكن في الذبيحة. وفي بعض الحالات كان العابد يشرب دم الذبيحة وبذلك – حسب اعتقاده الخاص – يمتص منها الحياة. كما كانوا في بعض الحالات ينهشون لحم الحيوان قبل أن يموت تماماً، أي وهو ما زال ينبض بالحياة، حتى يمتصوا روح الإله الذي يسكنه.
5- نظرية المنحة، وقد أطلقها تيلر Tyler سنة 1871 والتي يقول فيها إن الذبيحة منحة أو هبة مقدمة، فقد اختزل كافة القرابين والذبائح إلى الفكرة الآلية الخاصة بالتبادل أو الرشوة أو دفع الثمن بمعنى: [أُعطيك لكي تعطيني أيضاً مقابل ذلك].
وفلسفة هذه النظرية أتت من أن الذبيحة الحيوانية تعوزها السمة الأخلاقية، لذلك ليس لها – في الأساس – أي مغزى أخلاقي هام، ولم تكن تعبيراً عن العبادة الحقيقية بأي شكلٍ كان، بل كانت في جوهرها، عملية اقتصادية تجارية كتلك الموجودة بين البشر والمبنية على فكرة [خد وهات؛ اُعطيك فتُعطيني في المقابل، عطية أمام عطية متبادلة ومتساوية في القيمة]، فكل شيء له ثمن، وكل عطاء مُثمن بعطاء مقابل يساويه.
مع أن هذه النظرية لا تتفق – مثل سابقتها – مع ما جاء في تكوين الإصحاح الرابع، والذي يُعتبر أول ذكر لقربان الحبوب أو ثمار الأرض والذبيحة الحيوانية في تاريخ البشرية، طبقاً لما جاء في الكتاب المقدس. وعلى عكس هذه النظرية:
فيبدو أن قايين وهابيل قَدَما قربانهما إجلالاً واحتراماً لله كإله شخصي، وذلك لكي يكسبا رضاه، ومن الواضح أن الله في هذا الموقف لا يتأثر بالعطية أو مُعطيها على أساس رشوة أو شيء مقابل شيء، أو حتى مقابل رضاؤه كفعل مُقدَّم له من الخارج، فالله أظهر بوضوح شديد أنه ينظر أولاً للقلب والنية والضمير وليس للعطية في حد ذاتها مهما عظمت أو كبرت أو صغرت أو مهما ما كان سموها، فالله مهتم بالنواحي الأخلاقية الداخلية، وبالاستجابة لأقواله بالطاعة.

لذلك نلاحظ أن الله استجاب لشخص ولم يستجيب للآخر [ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر فاغتاظ قايين جداً وسقط وجهه] [2]، ويشرحها القديس يوحنا الرسول: [ليس كما كان قايين من الشرير وذبح أخاه، ولماذا ذبحه لأن أعماله كانت شريرة وأعمال أخيه بارة] [3]، ومن هنا نفهم أن الله لا يرتشي أو ينظر لقربان مُقدَّم إليه حتى لو كان تنفيذاً للوصية المقدسة، إن لم يكن مُقدَّم من الداخل أولاً، بقلب طاهر لا يحمل شراً أو ضغينة لأحدٍ ما، لذلك الرب بنفسه قال كلاماً نجد فيه إشارة بليغة لموضوع قايين وهابيل: [فأن قدمت قربانك إلى المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئاً عليك. فاترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب أولاً اصطلح مع أخيك وحينئذ تعال وقدم قربانك] [4]
6 – أما علماء الكتاب المقدس فيقولون إن تقديم الذبائح أمر وضعه الله للإنسان منذ البداية (مع أن ذلك غير مؤكد ولا يوجد أمر أو وصية محددة قبل شريعة موسى تأكد عليه)، ويبنون ذلك على أساس ما جاء في الإصحاح الرابع من سفر التكوين حيث نقرأ: [أن قايين قدم من أثمار الأرض قرباناً للرب، وقدم هابيل أيضاً من أبكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب إلى هابيل وقربانه. ولكن إلى قايين لم ينظر] [5]، وفي رسالة العبرانيين يقول: [بالإيمان قدم هابيل لله ذبيحة أفضل من قايين] [6]، وبناء على ما قاله الرسول فأننا نتيقن أنه من المستحيل أن يرفض الله عطية مقدمة من إنسان يتقيه ومن الداخل قلبه صالح يحترمه ويتقيه ويحبه، وكما نجد في سفر اللاويين أن الله لا يقبل فقط الذبائح الدموية بل هناك عطايا أخرى تُقبل من الإنسان كما سوف نرى فيما بعد، مما يُثبت ان الله لم ينظر لنوع التقدمة ذاتها كما يقول البعض حسب تأمله مبتعداً عن شرح الرسول وتفسيره لهذا الموقف، وعدم التأكيد – حسب ما عرفنا الله – على أنه ينظر بأي روح قُدمت العطية، وما هو نية الإنسان في قلبه من الداخل، لذلك فالشرح بناء على نوع التقدمة كان خاطئاً جداً وبعيد تمام البُعد عن قصد الله، بسبب النظر للموضوع من الخارج حسب الشكل وما ذُكر فيما بعد في سفر اللاويين، لذلك هذا التفسير لا نستطيع أن نقبل به على ضوء هذه الآيات:
+ [لا تُحرِّف القضاء، ولا تنظر إلى الوجوه، ولا تأخذ رشوة، لأن الرشوة تعمي أعين الحكماء وتعوِّج كلام الصديقين] [7]؛ [فقال الرب لصموئيل لا تنظر إلى منظره وطول قامته لأني قد رفضته لأنه ليس كما ينظر الإنسان، لأن الإنسان ينظر إلى العينين وأما الرب فأنه ينظر إلى القلب] [8]
ويقول فابر Faber: [حيث أن الإيمان هو الذي جعل الذبيحة مقبولة أمام الله، فلا بُدَّ أن هذا الإيمان كان على أساس وصية محددة من الله، أمر بها من قبل [9]، فبدون هذه الوصية الإلهية المحددة لضمان فاعلية الذبيحة، لا يكون ثمة معنى لإيمان هابيل. وبعبارة أخرى: لكي يكون للإيمان أساس ثابت وتوجه صحيح، لا بُدَّ أن يكون هذا الأساس بإعلان من الله يُعبَّر عن إرادة الله بكل دقة ووضوح]؛ بل ويذهب "فيربرن" Fairburn في كتابه "رموز الكتاب" إلى أبعد من ذلك فيؤكد على أن الجلود التي ألبسها الله لآدم وحواء ليستر عريهما، كانت جلود ذبائح قُدمت عنهم، وبالطبع لا يوجد ما يؤكد أو ينفي ذلك، وخاصة أن الجلود عادةً تأتي من ذبح حيوانٍ ما وسلخه، لكن طبعاً لا يوجد آية واحدة تقول أن الله أخذ من الحيوانات وذبح وسلخ وقدم ذبيحة كفارة لنفسه، فالنص غامض وغير واضح [وصنع עָשָׂהالرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد ע֖וֹרوألبسهما[10]] وخاصةً أن كلمة (صنع עָשָׂה) العبرية تأتي في هذا النص بمعنى (accomplish) للتعبير عن إحضار أو عَمِل أو اتمام (انجاز) الشيء بنجاح، مما أضفى على النص غموضاً ويصعب شرحه جداً، لأن من الصعب وضع تفسير دقيق أو شرح وافي عن كيف أو بأية طريقة صنع الله الأقمصة الجلدية، هل بالخلق أم من ذبح وسلخ حيوان فعلاً كما يقول البعض، ولو أن الله لا يمسك بيده سكين ويذبح ويسلخ، بل الإنسان، لذلك الكلام يعتبر مبالغ فيه من البعض ويحمل إسقاطات بشرية على الله العظيم القدوس الحي المترفع عن جميع الأعمال البشرية.
=====================
[1](حسب اعتقاده وإحساسه النفسي بسبب ما يواجه من صعوبات في الحياة ورؤية أشياء لا يقدر على تحليلها فيلجأ لفكرة استرضاء الإله)
[2] (تكوين 4: 5)
[3] (1يو 3: 12)
[4](متى 5: 23 – 24)
[5](تكوين 4: 3و4)
[6](عبرانيين 11: 4)
[7](تثنيه 16: 19)
[8](1صموئيل 16: 7)
[9](وطبعاً هذا الكلام غير مؤكد، حيث أنه لم يظهر أي وصية أو أمر إلهي بذلك)
[10] (تكوين 3: 21)
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
ثالثاً: أهمية الذبيحة وشمولها – لمحة تاريخية سريعة
إن نظرة استطلاعية عامة للكتاب المقدس تجعلنا ننتبه لأهمية الذبيحة وشمولها. فهي تملأ كل جوانب التاريخ، لذلك سوف نقوم برحلة عبر التاريخ لنتعرف عليها بشكل عابر سريع:
============
+ [أ - البشريـــــــــة الأولى]
(1) – التقدمة أول مرة نقرأ عن الذبائح هو ما جاء عن هابيل وقبول الله لذبيحته [وقدم (הֵבִ֥יא = أحضر ورفع) هابيل أيضاً من أبكار غنمه ومن سمانها (من أفضلها)][1]، وكان تقديم الذبيحة من نتاج العمل كهدية شكر لإحسان الله وفضله، والله قبلها بسبب قلب مقدمها – كما رأينا سابقا:
+ [بالإيمان قدم هابيل لله ذبيحة أفضل (أعظم)[2]من قايين. فيه شهد أنه بار، إذ شهد الله لقرابينه. وبه وإن مات يتكلم بعد... ولكن بدون إيمان لا يُمكن إرضاؤه][3]
وهنا يظهر جلياً سرّ قبول الذبيحة وهو الإيمان الحي التي تُظهره الأعمال البارة التي تكشف عن استقامة القلب الطاهر أمام الله.

وتقول الدسقولية (تعاليم الرسل): [أن الله ليس بمحتاج للقرابين لأنه فوق كل احتياج بطبيعته،.. بل أن المُحب لله الأول هابيل ونوح وإبراهيم والذين جاءوا بعدهم.. لما تحركت ذواتهم من جهة الناموس الطبيعي (وقلبهم الشاكر) أن يقرَّبوا لله، لم يفعلوا ذلك بتكليف – هكذا أعطى الله موضعاً للعبرانيين بأن يصنعوا هذا ولم يأمرهم، لكن سمح لهم أن يكون ذلك منهم إذا أرادوا هم؛ وسُرَّ بقرابينهم إذ قدَّموها بضمائر مستقيمة][4]
================
(2)المحرقة ثم نقرأ عن نوح عقب خروجه من الفُلك: [وبنى نوح مذبحاً للرب מִזְבֵּ֫חַ לַֽיהוָ֑ה (وهذه أول مرة يُذكر فيها [المذبح מִזְבֵּ֫חַ mizbeach] على صفحات الكتاب المقدس، ولو أنه لا يعني أنه أول مذبح يُبنى) وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأَصَعَّدَ וַיַּ֥עַל(صعيده) محرقات على المذبح، فتنسم الرب رائحة الرضا (وهذه أول مرة يُسمع فيها عن رضا الله بعد السقوط)][5]
وعلينا أن نُلاحظ بتدقيق
أن ذبيحة هابيل سماها الكتاب [قرباناً أو تقدمة = هدية شكر] أما هنا – في وضع نوح – سُميت [صعيده (עָלָה– عوله = رَفَعَ) محرقة للرضا]، وهذه أول مرة نقرأ عن وجود هذه الذبيحة [محرقة للرضا، رائحة سرور للرب] وهذا كما جاء أيضاً في ذبيحة المحرقة في سفر اللاويين كالتالي: [ويوقد الكاهن الجميع على المذبح محرقة وقود رائحة سرور للرب][6]
وكما يدعوها أيضاً [محرقة للرضا][7]، وكان ذلك تعبيراً عن منتهى خضوع (نوح) الكلي لله وشكره العميق بعبادة حسنة، مُلتمساً رضاه بعد أن أغضبه البشر بشرورهم التي ظلوا يخترعونها جيلاً بعد جيل متقدمين في كل أنواع الشرّ وألوانه حتى صاروا محترفين، كما أنه أراد أن يُعبَّر عن اعترافه بفضل الله الذي خلصه من الموت، فكان نوح هنا نائباً عن البشرية في هذا الموقف العظيم حينما أصعد محرقاته المُعبَّرة عن شكره وامتنانه وخضوعه التام والتماسه لرضا الله وهكذا [صار وارثاً للبرّ الذي حسب الإيمان][8]
+ [قد اكتنفتني مياه إلى النفس، أحاط بي غمر.. ثم اصعدت من الوهدة حياتي أيها الرب إلهي.. أما أنا فبصوت الحمد أذبح لك وأوفي بما نذرته، للرب الخلاص][9]
ونلاحظ أن نتيجة ذبيحة نوح التي قُدمت كإعلان للطاعة والخضوع: [فتنسم الرب رائحة الرضا وقال في قلبه: لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان لأن تصور قلب الإنسان شرير منذ حداثته. ولا أعود أُميت كل حي كما فعلت][10]، وأن كان نوح وهو من البشر قد قدم ذبيحة ردت غضب الله على إثم الإنسان وشره، وجعله لا يلعن الأرض مرة أخرى وذلك بوعد كما حدث وصار هناك سلام بالرغم من أن الله يعلم الإنسان وتصور قلبه شرير منذ حداثته، فكم تكون ثمرة ذبيحة المسيح وحيد الآب الفائقة جداً والتي لا تُقاس بذبائح ولا بتقدمات العالم كله [الذي أسلم نفسه لأجلنا قرباناً وذبيحة لله رائحة طيبة [11]؛ الذي بروح أزلي قدَّم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي[12]؛ الذي أصعد ذاته ذبيحة مقبولة على الصليب عن خلاص جنسنا، فاشْتَمَّهُ أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة.] [13]

وطبعاً لا يُخفى علينا أن الله بدأ (في هذا الموقف) بإعلان أن هناك حياة جديدة بعد الطوفان لا يوجد فيها إعلان دينونة هلاك الإنسان كما حدث في الطوفان بسبب الخليقة القديمة (ما قبل الطوفان)، وهذا إعلان نبوي واضح على زمان التجديد: إذاً، إن كان أحد في المسيح يسوع فهو خليقة جديدة، الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديداً [14]
=================
(3) – العهد مع إبراهيم ونسله:

ثم من بعد نوح نصل لإبراهيم، ونجد أنه لم يقدم ذبائح في أور الكلدانيين أو في حاران، وطبعاً السبب واضح جداً في الكتاب المقدس وينبغي أن ننتبه إليه جداً أن كنا نُريد حقاً أن نحيا مع الله على مستوى الفعل والعمل، لأن الله أعطاه أمر ليخرج من وسط الجو الذي يعيش فيه المفعم بعبادة الأوثان، لأن الله مستحيل يُعبد في أرض غريبة وسط أوثان أو في وجود الخطية وتحت سلطانها المُدمر الذي يعمل بالموت في أبناء المعصية:
+ [هكذا قال الرب إله إسرائيل، آباؤكم سكنوا عَبر النهر منذ الدهر، تارح أبو إبراهيم وأبو ناحور وعبدوا آلهة أخرى، فأخذت إبراهيم أباكم من عَبر النهر وسرتُ به في كل أرض كنعان وأكثرت نسله وأعطيته اسحق.. فالآن أخشوا الرب واعبدوه بكمال وأمانة وانزعوا الآلهة الذين عبدهم آباؤكم في عبر النهر وفي مصر واعبدوا الرب] [15]
+ [على أنهار بابل هناك جلسنا، بكينا أيضاً عندما تذكرنا صهيون. على الصفصاف في وسطها علقنا أعوادنا. لأنه هناك سألنا الذين سبونا كلام ترنيمة، ومعذبونا سألونا فرحاً قائلين: رنموا لنا من ترنيمات صهيون. كيف نُرنم ترنيمة الرب في أرضٍ غريبة] [16]

ومن هذا الجو الذي عاش فيه إبرام جاءت الدعوة الإلهية ليترك كل شيء ويتبع الله وهو لا يعلم إلى أين يذهب: [وقال الرب لإبرام أذهب (أرحل) من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أُريك] [17]، فنجد أن إبراهيم تحرك حركة الإيمان الحي وأطاع الله وترك بسهولة كل شيء وسار وفق الدعوة الإلهية: [بالإيمان إبراهيم لَّما دُعيَّ أطاع أن يخرج إلى المكان الذي كان عتيداً أن يأخذه ميراثاً، فخرج وهو لا يعلم إلى أين يأتي] [18]

وعندما تمم خروجه الكامل ووصل إلى شكيم عند بلوطة مورة [19] وقف هناك يُصلي فظهر له الرب فبنى هناك مذبحاً للرب الذي ظهر له [20]؛ وعندما انتقل إلى بيت إيل بنى هناك مذبحاً للرب ودعا باسم الرب [21]؛ ولما عاد إلى مكان المذبح الذي عمله هناك أولاً دعا هُناك باسم الرب [22]، وعندما نقل خيامه وأتي وأقام عند بلوطات ممرا التي في حبرون، بنى هناك مذبحاً للرب [23]، وطبعاً لم يذكر هنا كلمة ذبيحة، ولكن من الصعب إقامة مذبح بلا ذبيحة أو تقدمة.

عموماً نجد أول ذكر لمواصفات ذبيحة أمر بها الرب عندما أقام الرب مع إبراهيم ميثاقاً بعد أن [آمن (أولاً) بالرب فحسب له براً، وقال له: أنا الرب الذي أخرجك من أور الكلدانيين ليعطيك هذه الأرض لترثها؛ فقال (إبرام) أيها السيد الرب بماذا أعلم إني أرثها، فقال له (الله) خذ لي عجلة ثلثيه وعنزة ثلثيه وكبشاً ثلثياً ويمامة وحمامة، فأخذ هذه كلها وشقها من الوسط وجعل شق كل واحد مقابل صاحبه وأما الطير فلم يشقه.. فأخذها وقدمها ذبيحة للرب.. حيث قطع الرب مع إبرام ميثاقاً – عهداً בְּרִית] [24]، وهذه تعتبر ذبيحة عهد ميثاق لا ينفك، وهي أول ذبيحة يأمر بها الرب بمواصفات خاصة مع شقها من الوسط، كعلامة إبرام عهد مُلزم بالتنفيذ المؤكد من قِبل الله وحده فقط، لأن الله هو المسئول عن التنفيذ لأنه هو من جاز فيها وحده في النهاية، لذلك هي ليست تحالف، لأن التحالف يتم بين اثنين متساويين وقادر كل منهما على التعهد والتنفيذ، لكن الخليقة كلها لم ولن يوجد فيها من هو بقادر أن يصنع تحالف مع الله لأنه لن ينفذ بنود العهد أبداً، لأنه أكثر عُرضة للإخلال بشروط العهد، لأن آدم نفسه مع كل المجد الذي كان فيه لم يكن بقادر أن يحفظ مكانته وسقط، فكم تكون باقي البشرية التي عاشت في السقوط ولم تختبر ما كان فيه آدم من حالة مجد فائق بهي، لذلك فأننا نرى هنا ذبيحة عهد ميثاق قطعه الله وحده ولم يدع إبراهيم أن يجتاز معه وسط الذبائح.
+طاعة الإيمان، الامتحان الكبير
ثم نقرأ عن أول مرة يطلب الله من إنسان أن يقدم له ذبيحة في تكوين 22، والعجيب أن الطلب فيه ما هو غريب عن الله الحي تماماً وهو ذبيحة بشرية، كما أنه لم يحدث قط أن يطلب الله ذبيحة بسفك دم بشري، لأنه يمقت كل تصرفات الأمم الوثنية الذين قدموا البشر ذبائح لآلهتهم [25] وبذلك جلبوا على أنفسهم غضب الله – لأن غضب الله مُعلن من السماء على جميع فجور الناس وإثمهم، الذين يحجزون الحق بالإثم[26] – فالله لا يُمكن أن يقبل تحت أي مبدأ أو حجه سفك دم إنسان، ولكن هناك قصد عميق من وراء هذا الطلب الذي يُعتبر غريب عن الله كُلياً!
فكل الذبائح التي رأيناها سابقاً – عدا ذبيحة عهد الله مع إبراهيم – كان يُقدمها رجال الله باختيارهم الحُرّ، ويقدمونها من الحيوانات الطاهرة، وكان ذلك تعبيراً عن اعترافهم بفضل الله في وجودهم وحياتهم وخضوعهم وتعبُّدهم وشكرهم له بقلب يشعر بفضل الله وإحسانه.

أما الآن يطلب الله من إبراهيم ذبيحة محرقة محدده الوصف: [خذ ابنك وحيدك الذي تحبه اسحق.. وأصعده محرقة] [27]، وطبعاً السبب واضح في بداية الكلام: [وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن (נָסָהnasah بمعنى وضعه تحت الفحص) إبراهيم]، وحينما أطاع إبراهيم الله ونفذ ما طُلب منه [هناك ناداه ملاك الرب من السماء.. لا تمد يدك إلى الغلام.. فرفع إبراهيم عينية ونظر وإذا كبش وراءه ممسكاً في الغابة بقرنية، فذهب إبراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضاً عن ابنه] [28]، وبذلك تبرر إبراهيم بالإيمان [29] وتبرر أيضاً بالأعمال [30] التي أظهر بها صدق إيمانه بالله الحي، فالإيمان تُظهره أعمال الطاعة، لكن الأعمال لا تجلب إيمان بل تُظهر جهد الإنسان وكبرياء قلبه.
+ بالإيمان قدم إبراهيم إسحق.. الذي قَبِلَ المواعيد وحيده.. إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من الأموات أيضاً، الذين منهم أخذه أيضاً في مثال [31]
+ أو: بالإيمان قدم إبراهيم ابنه الوحيد ذبيحة عندما امتحنه الله، قدمه وهو الذي أعطاه الله الوعد وقال له: بإسحق يكون لك نسل، معتبراً أو حسب (بالإيمان) أن الله قادر أن يُقيم من الأموات. لذلك عاد إليه ابنه إسحق وفي هذا رمز [32]
وطبعاً ذلك كان رمزاً واضحاً كمثال حي لعمل الفداء الحقيقي والعظيم حين بذل الله الآب ابنه شخص ربنا يسوع الذي بذل نفسه – باختياره وسلطانة حسب التدبير – كفارة:
+ [الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره، من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله [33]؛ وهو كفارة لخطايانا، ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كل العالم أيضاً [34] في هذه هي المحبة ليس إننا نحن أحببنا الله، بل أنه هو أحبنا وأرسل ابنه كفارة لخطايانا] [35]
ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم: [هذه الحادثة ليست إلا رمزاً لذبيحة الصليب. ومن هُنا كانت كلمات الرب يسوع المسيح لليهود: إبراهيم أبوكم، أشتهى باشتياق شديد أن يرى يومي فرآه وغمره الفرح [36]. كيف استطاع أن يراه مع أنه سبق مجيء ابن الله بهذا القدر من القرون؟، لقد رآه في الظلال وفي الرمز، لأنه كما أن الكبش قُدِّم عِوضاً عن إسحق، هكذا الحمل الذي بلا عيب، الذبيحة الناطقة، قُدِّم عن حياة العالم كله. ولكن كان يلزم بالضرورة أن يُشار إلى الحقيقة بالرمز قبل ذلك بوقتٍ طويل] [37]
======================
[1] (تكوين 4)
[2] πλείονα θυσίαν - more excellent sacrifice
[3] (عبرانيين 11: 4و6)
[4] (دسقولية 33: 64)
[5] (تكوين 8: 20و21)
[6] (لاويين 1: 9)
[7] (لاويين 1: 3و13)
[8] (عبرانيين 11: 7)
[9] (يونان 2: 5 و6 و9)
[10] (تكوين 8: 21)
[11] (أفسس 5: 2)
[12] (عبرانيين 9: 14)
[13] (رفع البخور – اعتراف الشعب)
[14] (2كورنثوس 5: 17)
[15] (يشوع 24: 2و3و14)
[16] (مزمور137: 1 – 4)
[17] (تكوين 12: 4)
[18] (عبرانيين 11: 8)
[19] (نسبة لأصحاب الأرض الأصليين)
[20] (تكوين 12: 8)
[21] (تكوين 12: 8)
[22] (تكوين 13: 4)
[23] (تكوين 13: 8)
[24] (أنظر تكوين 15: 9 – 18)
[25] (هناك أدلة مادية قدمتها الحفريات وهي عبارة عن ألواح حجرية يرجع تاريخها إلى القرن ال 18 قبل الميلاد، ووجدت في مدينة ماري عند منتصف نهر الفرات وجاء فيها ذكر تقديم الذبائح البشرية للإله الملك Interpreter's Dictionary, vol. 4)
[26] (رومية 1: 18)
[27] (تكوين 22: 2)
[28] (تكوين 22: 11 – 13)
[29] (رومية 4: 3)
[30] (يعقوب 2: 21)
[31] (عبرانيين 11: 17 – 19)
[32] (نفس الشاهد السابق حسب ترجمة الجامعة الأنطونية)
[33] (رومية 3: 25)
[34] (1يوحنا 2: 2)
[35] (1يوحنا 4: 10)
[36] (إبراهيم أبوكم تهلل بأن يرى يومي فرأى وفرح – يوحنا 8: 56)
[37] (للقديس يوحنا ذهبي الفهم نقلاً عن شرح سفر التكوين – دير القديس أنبا مقار صفحة 287)
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[FONT=&quot](4) إسحق[FONT=&quot] يبدو أن لإسحق كان مذبح دائم في بئر سبع،
[FONT=&quot]يُقدم عليه ذبائح تعبيراً عن شكره وتعبده لله الذي قوَّاه وشدَّده مقابل مضايقات مقاوميه [FONT=&quot][1]، [/FONT][FONT=&quot][ثم صعد من هناك إلى بئر سبع. فظهر له الرب في تلك الليلة وقال أنا إله إبراهيم أبيك لا تخف لأني معك وأباركك وأكثر نسلك من أجل إبراهيم عبدي. فبنى هناك مذبحاً ودعا باسم الرب ونصب هناك خيمته وحفر هناك عبيد اسحق بئراً] [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][/FONT][FONT=&quot]، وبذلك قدَّم الحمد والشكر لله القدير الذي قواه وشدده مقابل ضيقات مقاوميه، وبسبب تأكيد الله على عهده ووعده لإبراهيم [أنا إله إبراهيم أبيك. لا تخف لأني معك وأباركك وأكثر نسلك من أجل إبراهيم عبدي]، ولنلاحظ أن بناء المذبح وتقديم الشكر والعرفان بالجميل يأتي بسبب عهد الله ومعاملته مع الإنسان بأمانة عدل المحبة الفائق [الله محبة][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]عموماً نجد أن الكتاب المقدس لم يذكر نوع الذبيحة التي قدمها إسحق لله، بل يتم استنتاج تقدمة ذبيحة – مع أنه غير معلوم نوعها – بسبب بناءه للمذبح، بل وقد تكون تقدمات من أي نوع.[/FONT]
===========================
[FONT=&quot](5) يعقوب[FONT=&quot] لو نظرنا في حياة يعقوب نجدها تتميز بكثرة بناء المذابح وتقديم الذبائح،[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]فنجده عندما ظهر الله له في حلم ووعده بالبركة لهُ ولنسله كتجديد العهد الذي أعطاه لجده وأبيه: [/FONT]
[FONT=&quot][بكر في الصباح وأخذ الحجر الذي وضعه تحت رأسه وأقامه (نصبَهُ) عموداً وصب زيتاً على رأسه (ليكرسه للرب)، وسمى ذلك الموضع بيت إيل] [FONT=&quot][3][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]وبعد أن قطع عهد سلام مع خاله لابان: [ذبح ذبيحة، ودعا إخوته ليأكلوا طعاماً] [FONT=&quot][4]؛ كما أقام مذبحاً في شكيم [وأقام هناك مذبحاً ودعا إياه (باسم) إيل إله إسرائيل][FONT=&quot][5][/FONT].[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]وعندما عاد إلى بيت إيل: [بنى هناك مذبحاً] [FONT=&quot][6]، وعندما وصل لبئر سبع، في طريقة إلى مصر [ذبح ذبائح لإله أبيه وإسحق] [FONT=&quot][7][/FONT] ملتمساً الإرشاد والمشورة الإلهية، لذلك سمع صوت الله في رؤيا الليل: [يعقوب، يعقوب.. أنا الله إله أبيك، لا تخف من النزول إلى مصر، لأني أجعلك أُمة عظيمة هناك: أنا أنزل معك إلى مصر وأنا أُصعدك أيضاً] [FONT=&quot][8][/FONT][/FONT][/FONT]
===========================
[FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] (رعاة أبيمالك الذين نازعوه على كل بئر يحفرها)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] (تكوين 26: 25)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] (تكوين 28: 18و19)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] (تكوين 31: 54)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][5] [FONT=&quot](تكوين 33: 20)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][6] [/FONT][FONT=&quot](تكوين 35: 7)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][7] [/FONT][FONT=&quot](تكوين 46: 1)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][8] [/FONT][FONT=&quot](تكوين 46: 2-4)[/FONT][/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[FONT=&quot](6) الفصح [FONT=&quot]פֶּסַח
[FONT=&quot] (يوم القضاء والدينونة وانتهاء العبودية والدخول لعهد الحرية بدم الحمل) - بنو إسرائيل في مصر تحت المذلة وقسوة العبودية

[FONT=&quot]بلا أدنى شك قد شاهد بني إسرائيل المصريين يقدمون الذبائح لآلهتهم، فعندما طلب موسى من فرعون أن يُطلق الشعب ليعيدوا في البرية [ونذبح للرب إلهنا] [FONT=&quot][1]، لم يتعجب أو يندهش فرعون عندما سمع عن الذبائح، بل سأل موسى مباشرة [من هم الذين يذهبون؟] [FONT=&quot][2][/FONT]؛ ولما أراد فرعون أن تبقى الغنم والبقر، قال له موسى: [لا يبقى ظلف، لأننا منها نأخذ لعبادة الرب إلهنا] [FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot]وطبعاً لا يُخفى عنا المغزى الروحي لبنيان حياتنا حينما نخرج من عالم العبودية لحرية مجد أولاد الله، فأننا لا نبقي شيئاً في أرض العبودية حتى لا يجعلنا نذكرها مرة أخرى أو يكون فيها ما يشغلنا، لأننا لا نترك شيئاً ورائنا ليشدنا للخلف لنعود للمذلة مرة أخرى: فقال له يسوع ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله. [FONT=&quot][4][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]وبعد ذلك – وفي آخر الضربات – ذبحوا الفصح [FONT=&quot]פֶּסַח[/FONT][FONT=&quot]، حسب أمر الرب: [/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot][وكلَّم الرب [FONT=&quot]– يهوه [/FONT][FONT=&quot]יְהוה[/FONT][FONT=&quot] – [/FONT][FONT=&quot]موسى وهرون في [/FONT][FONT=&quot]أ[/FONT][FONT=&quot]رض مصر قائلاً: هذا الشهر يكون لكم رأس الشهور، هو لكم أول شهور السنة. كلما كل جماعة إسرائيل قائلين في العاشر من هذا الشهر يأخذون لهم كل واحد شاة بحسب بيوت الآباء شاة للبيت [/FONT][FONT=&quot](لكل بيت)[/FONT][FONT=&quot]. وإن كان البيت صغيراً عن أن يكون كفوا لشاة [/FONT][FONT=&quot](أو أقل من أن يقدروا على أكل شاه) [/FONT][FONT=&quot]يأخذ هو وجاره القريب من بيته بحسب عدد النفوس كل واحد على حسب أكله تحسبون للشاة[/FONT][FONT=&quot] (فليُشارك فيه جاره القريب من منزله حتى يجتمع عليه عدد من النفوس يكفي لأكل خروف كامل)[/FONT][FONT=&quot]. تكون لكم شاة صحيحة ذكراً ابن سنة تأخذونه من الخرفان أو من المواعز. ويكون عندكم تحت الحفظ إلى اليوم الرابع عشر من هذا الشهر ثم يذبحه كل جمهور جماعة إسرائيل في العشية. ويأخذون من الدم ويجعلونه على القائمتين العتبة العليا في البيوت التي يأكلونه فيها. ويأكلون اللحم تلك الليلة مشوياً بالنار مع فطير على أعشاب مرة يأكلونه. لا تأكلوا منه نيئاً أو طبيخاً مطبوخاً بالماء بل مشوياً بالنار، رأسه مع [/FONT][FONT=&quot]أ[/FONT][FONT=&quot]كارع[/FONT][FONT=&quot]ِه[/FONT][FONT=&quot] وجوفه. ولا تبقوا منه إلى الصباح[/FONT][FONT=&quot]، [/FONT][FONT=&quot]والباقي منه إلى الصباح تحرقونه بالنار. وهكذا تأكلونه[/FONT][FONT=&quot]:[/FONT][FONT=&quot]أ[/FONT][FONT=&quot]حقاؤكم مشدودة وأحذيتكم في أرجلكم وعصيكم في أيديكم وتأكلونه بعجلة (مسرعين) هو فصح للرب[/FONT][FONT=&quot]] [FONT=&quot][5][/FONT][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]وبعد ذلك ذبحوا الفصح – حسب أمر الرب – ورشوا الدم على القائمتين والعتبة العُليا، فعبر الملاك المهلك عنهم حسب وعد الرب: [فأرى الدم وأعبر عنكم] [FONT=&quot][6][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]كلمة " فصح [FONT=&quot]פֶּסַח[/FONT][FONT=&quot] بيسخ [/FONT][FONT=&quot]pesach[/FONT][FONT=&quot]، وباليونانية [/FONT][FONT=&quot]πασχα[/FONT][FONT=&quot] (بصخة) [/FONT][FONT=&quot]Passover[/FONT][FONT=&quot]،[/FONT][FONT=&quot] معناها عبور أو تجاوز، ومعناها الذي نستشفه من كلام الله حسب قصده من هذه الكلمة ([/FONT][FONT=&quot]هو فصح للرب[/FONT][FONT=&quot])،[/FONT][/FONT]
[/FONT]
[FONT=&quot]بمعنى أنه ليس مجرد وليمة عادية طبيعية للأكل والشرب لأجل حاجة الجسد، يشترك في أكلها مقدموها، ولكن هذا الحمل المذبوح [يخص الرب] الذي سيجتاز في أرض مصر تلك الليلة، ويضرب كل بكر فيها من الناس والبهائم؛ ودم هذا الحمل (فصح الرب) المرشوش على بيوت بني إسرائيل هو العلامة التي يراها الرب في اجتيازه [FONT=&quot](اجتياز دينونة وحكم الموت)
[FONT=&quot]فيعبر عنهم ويُخلّصهم من ضربة الهلاك والموت. فهو عبور أو فصح للرب الذي نجاهم من الموت وصار سبب حريتهم، [لأن الذي ينفذ فيه حكم الموت لا يموت مرة أخرى، لأن الدم يعبر عن الحياة وسفكه يعتبر موت حتمي: [/FONT][FONT=&quot]فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ، مُمَاتاً فِي الْجَسَدِ وَلَكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ؛ عَالِمِينَ أَنَّ الْمَسِيحَ بَعْدَمَا أُقِيمَ مِنَ الأَمْوَاتِ لاَ يَمُوتُ أَيْضاً. لاَ يَسُودُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ بَعْدُ – 1بطرس 3: 18؛ رومية 6: 9][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]ومن هنا نجد أن لهذا الفصح مكانة خاصة جداً في الكتاب المقدس، بكونه عبور واجتياز الموت، أي عبور من الحياة القديمة للحياة الجديدة، لذلك نجد أن اليهود يحتفلون بهذا العيد تذكاراً خالداً لهم، يعيدونه في كل الأجيال عيداً للرب وفريضة أبدية لتذكار خلاص الشعب من العبودية في أرض مصر، وهذا هو أول ذِكر لأول عيد يفرضه الرب للاحتفال به فريضة أبدية، لأنه عيد الحرية، وهذا العيد ليس بالعيد العادي بل رأس السنة الجديدة التي يختلف تحديدها عن تحديد العالم كله واحتفاله ببدء سنته الجديدة، لأن فيه تطلع إلى الخلاص على يد المسيا الآتي الذي يصنع عهد حرية حقيقي وأبدي، وهذا ما قاله الرب يسوع فصحنا الحقيقي: [[FONT=&quot]فأن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً[/FONT][FONT=&quot]][/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][7][/FONT][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]فتحديد السنة هو تحديد بأمر إلهي باعتبار أن خلاص الإنسان بداية لتاريخه الجديد، لأن حياة الإنسان ليس لها وجود حقيقي إلا بخلاصه من موت الخطية وتحرره من مذلة إبليس الذي تسلط بالظلمة على النفس وذلك بتوسط دم حمل الله رافع خطية العالم [الله الذي هو غني في الرحمة، من أجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها، ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح (بقيامته).. لأننا نحن عمله، مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لنا لكي نسلك فيها] [FONT=&quot][8][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]ويشرح القديس أغسطينوس كلمة (فصحبصخة) رابطاً بينها وبين حمل الله الذي أنقذنا من سلطان الظلمة وسيادة الموت وعَبر بنا إلى سلطان النور وقوة الحياة لملكوت مجد لا يزول، فيقول: [/FONT]
[FONT=&quot]["بصخة" – ليست كما يظن البعض – أنها كلمة يونانية الأصل، ولكنها كلمة عبرية، ومع ذلك فإنه يوجد توافق شديد في معنى هذه الكلمة في كلتا اللغتين. فمن حيث الكلمة اليونانية [FONT=&quot]παθεν[/FONT][FONT=&quot] التي تعني: "يتألم"، فقد اعتقدوا أن كلمة "بصخة" تعني "التألم"، كما لو كان الاسم قد أُشتق من الفعل يتألم. ولكن الكلمة في لغتها الأصلية – أي العبرية – بصخة تعني العبور، لأن شعب الله كان قد احتفل بالبصخة للمرة الأولى عندما عبروا البحر الأحمر في هروبهم من مصر. والآن تم الرمز النبوي وصار حقيقة عندما سيق المسيح كحمل إلى الذبح، حتى بدمه المرشوش على قوائم أبوابنا، أي بإشارة صليبه المرسوم على جباهنا يمكننا أن ننجو من الهلاك الذي ينتظره هذا العالم، مثل إسرائيل بنجاته من عبودية المصريين وإهلاكهم. وأصح عبور نعمله هو حينما نعبر من تبعية الشيطان إلى المسيح، ومن هذا العالم غير المستقر إلى ملكوته الثابت إلى الأبد. وهكذا فإننا بكل تأكيد يستحيل علينا أن نعبر إلى الله الدائم إلى الأبد ما لم نترك هذا العالم الزائل[FONT=&quot][9][/FONT].[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]والرسول في تمجيده لله من أجل هذه النعمة التي أنعم بها علينا يقول: "الذي أنقذنا من سلطان الظلمة، ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته" (كولوسي 1: 13) [/FONT]
[FONT=&quot]هذا الاسم "بصخة" الذي تكلمت عنه، يُطلق عليه باللاتينية [FONT=&quot]Transitus[/FONT][FONT=&quot] أي عبور، ويفسره لنا الإنجيلي المبارك (يوحنا) عندما يقول: "أما يسوع قبل عيد الفصح، وهو عالم أن ساعته قد جاءت لينتقل من هذا العالم (بصخة) إلى الآب" (يوحنا 13: 1). وترون هذا أننا أمام بصخة وعبور (ينتقل). فمن أين وإلى أين نعبر؟ - من هذا العالم إلى الآب. وهكذا أُعطي الرجاء للأعضاء في رأسهم (أي المسيح رأس الكنيسة) أنهم بدون أدنى شك سوف يتبعون ذاك الذي عبر أمامهم.[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]وماذا عن غير المؤمنين الذين انفصلوا تماماً عن هذا الرأس وأعضائه؟ ألا يعبروا هم أيضاً، نظراً إلى أنهم لن يبقوا هنا دائماً؟[/FONT]
[FONT=&quot]إنه من الواضح أنهم سيعبرون، ولكن هناك عبور من العالم، وعبور آخر مع العالم؛ فالعبور إلى الآب شيء، والعبور إلى العدو شيء آخر. فالمصريون أيضاً عبروا، ولكنهم لم يعبروا البحر إلى المملكة؛ بل عبروا في البحر للهلاك] [FONT=&quot][10][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]ويقول الشهيد يوستين (165م): [إن الذين خلصوا من شعب إسرائيل في مصر إنما خلصوا بدم الفصح الذي مسحوا به قوائم أبوابهم وأعتابهم، لأن الفصح كان المسيح الذي ذُبح فيما بعد! فكما أن دم الفصح خلَّص الذين كانوا في مصر، هكذا دم المسيح يحفظ من الموت الذين يؤمنون به. ولكن هل هذا يعني أنه إذا لم تكن هذه العلامة موجودة على الأبواب كان الله يُخطئ في معرفة (الذين له)؟ كلا، ولكن هذه العلامة كانت استعلاناً مسبقاً عن الخلاص الذي سيتم بدم المسيح الذي به يخلّص جميع الخطاة في كل الأمم عندما يتقبلون الصفح عن خطاياهم ولا يعودون يخطئون] [FONT=&quot][11][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]ويؤكد القديس هيبوليتس (235م) نفس هذا المفهوم قائلاً: [إن الدم عندما مُسح به كعلامة صار هو السرّ القائم في ختم دم المسيح. نعم إن هذه العلامة لم تكن هي ذات الحقيقة بعد ولكنها مثال للحقيقة الآتية: أن كل الذين يأخذون هذا الدم ينطبع على نفوسهم، كما حدق وانطبع على بيوت اليهود عندما مُسحوا به كأمر الناموس، فكل الذين (أخذوا هذه المسحة) يعبر عنهم الهلاك.[/FONT]
[FONT=&quot]فالدم كعلامة هو الخلاص، كما كانت على البيوت كذلك على النفوس، لأن النفوس بالإيمان وبالروح القدس ما هي إلاَّ بيوت (هياكل) مقدسة. هذا هو سرّ البصخة العامة (العبور) للعالم كله] [FONT=&quot][12][/FONT][/FONT]
============================
[FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] (خروج 5: 1-3؛ 7: 16)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] (خروج 10: 8)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] (خروج 10: 26)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] (لوقا 9: 62)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot] (خروج12: 1 [/FONT][FONT=&quot]–[/FONT][FONT=&quot] 11)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][6] [/FONT][FONT=&quot](خروج12: 13)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot] (يوحنا 8: 36)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][8] [/FONT][FONT=&quot](أفسس 2: 4 و5 و10)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][9] [FONT=&quot]كما ترك شعب إسرائيل مصر خلفهم وعبروا البحر إلى البرية[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][10] [/FONT][FONT=&quot](On the Gospel of St. John, Tractate LV)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][11] [/FONT][FONT=&quot](أنظر شرح سفر الخروج – دير القديس أنبا مقار ص 238)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][12] [/FONT][FONT=&quot](أنظر شرح سفر الخروج – دير القديس أنبا مقار ص 239)[/FONT][/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[FONT=&quot](7) ذبيحة الشكر وتمجيد الله [FONT=&quot]– يثرون المدعو رعوئيل أي صديق إيل (صديق الله) – وهو كاهن مديان وحمى موسى وكان يعبد الله الحقيقي إله إبراهيم،
[/FONT]
[FONT=&quot]فقد وصلت إليه أنباء انتصار شعب إسرائيل بيد الله القوية: [فسمع يثرون كاهن مديان، حمو موسى، كل ما صنع الله إلى موسى وإلى إسرائيل شعبه، أن الرب أخرج إسرائيل من مصر] [FONT=&quot][1][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]و[قص موسى على حميه كل ما صنع الرب بفرعون والمصريين من أجل إسرائيل، وكل المشقة التي أصابتهم في الطريق فخلصهم الرب. ففرح [FONT=&quot]חָדָה[/FONT][FONT=&quot](ابتهج وارتاح) يثرون بجميع الخير الذي صنعه إلى إسرائيل الرب الذي أنقذه من أيدي المصريين. وقال يثرون: مبارك الرب الذي أنقذكم من أيدي المصريين ومن يد فرعون، الذي أنقذ الشعب من تحت أيدي المصريين. الآن علمتُ أن الرب أعظم من جميع الآلهة، لأنه في الشيء الذي بغوا به كان عليهم. فأخذ يثرون حمو موسى محرقة وذبائح لله، وجاء هارون وجميع شيوخ إسرائيل ليأكلوا طعاماً مع حمى موسى أمام الله – "فإذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئاً فافعلوا كل شيء لمجد الله" [FONT=&quot][2][/FONT] ] [FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]فنجد هنا ترتيب ذبائحي يخص الشكر: [فرح ابتهج وارتاح – بارك الله – أخذ محرقة وذبائح لله] وهذا هو طبيعة الفرح والبهجة بالرب المُخلِّص، لأنه فعل مقدم من الإنسان بدون قانون ولا حتى أمر إلهي لكنه ذبيحة النفس الفرحة بالرب إلهها التي ارتاحت بسبب عمله، فذبيحة يثرون كانت لتمجيد الله على خلاصه العظيم مع شعبه المختار، وتقدمة شكر وتسبيح من أجل الإنقاذ من الأعداء ومن كل الشدائد والضيقات التي أجتازها إسرائيل وخرجوا منها ظافرين.[/FONT]

[FONT=&quot][إليك يا رب أرفع نفسي. يا إلهي عليك توكلت فلا تدعني أخزى، لا تشمت بي أعدائي. أيضاً كل منتظريك لا يخزوا، ليخز الغادرون بلا سبب. طرقك يا رب عرفني سبلك علمني. دربني في حقك وعلمني لأنك أنت إله خلاصي إياك انتظرت اليوم كله. أذكر مراحمك يا رب وإحساناتك لأنها منذ الازل هي. لا تذكر خطايا صباي ولا معاصي، كرحمتك أذكرني أنت من أجل جودك يا رب. الرب صالح ومستقيم لذلك يُعلِّم الخطاة الطريق. يدرب الودعاء في الحق ويعلم الودعاء طرقه. كل سبل الرب رحمة وحق لحافظي عهده وشهاداته. من أجل اسمك يا رب أغفر إثمي لأنه عظيم. من هو الإنسان الخائف الرب يعلمه طريقاً، يختاره. نفسه في الخير تبيت ونسله يرث الأرض. سرّ الرب لخائفيه وعهده لتعليمهم. عيناي دائما إلى الرب لأنه هو يخرج رجلي من الشبكة. التفت إليَّ وارحمني لأني وحد (منفرد) ومسكين أنا. أفرج ضيقات قلبي، من شدائدي أخرجني. أنظر إلى ذُلي وتعبي واغفر جميع خطاياي. أنظر إلى أعدائي لأنهم قد كثروا وبغضاً ظلماً أبغضوني. احفظ نفسي وأنقذني، لا أخزى لأني عليك توكلت. يحفظني الكمال والاستقامة لأني انتظرتك. يا الله أفدي إسرائيل من كل ضيقاته] [FONT=&quot][4][/FONT][/FONT]
=====================
[FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] (خروج 18: 1)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][2] [/FONT][FONT=&quot](1كو10: 31)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][3] [/FONT][FONT=&quot](أنظر خروج 18: 2 – 12)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] (مزمور 25)[/FONT][/FONT]
[/FONT]
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[ب – الحقبـــة الموسويـــة]
(1) ذبيحة العهد: أولاً يلزمنا أن نعرف ما معنى كلمة عهد، فكلمة عهد في العبرية בְּרית – بريث: معاهدة، اتفاقية، ميثاق؛ أما في اليونانية διαθήκη – diatheke وتعني عهد، وصية، وتُشير إلى قرار يتعذر تغييره، لا يمكن ومستحيل تبديله أو إلغاؤه أو التراجع عنه مهما ما حدث.
ونلاحظ أن في اتفاقية العهد يوجد شريكان يقبلان عهوداً إلزامية، وهناك مادة التوثيق التي تُحفظ لقراءتها وتنفيذ بنودها بدقة أو حرفياً، وفيها شهود عيان ختموا ومضوا على بنود هذا العهد، ومن المستحيل العهد ينحل تحت أي سبب أو بند، فالعهد قانوني مُلزم، ومن خالفه يموت، وذلك ما نراه في البركات واللعنات بالنسبة لحفظ العهد أو كسره.
عموماً كانت خدمة موسى النبي الأساسية هي إقامة العهد بين إسرائيل والله، وقد تم هذا عند جبل سيناء. وأساس هذا العهد هو الطاعة. وقد جاءت الشرائع تؤيد هذا، وتعلن أنه لا قيمة لتقديم الذبائح بدون طاعة – كما سنشرح فيما بعد [1]، لذلك يقول الرب لهم على فم أرميا النبي: [لأني لم أكلم آباءكم ولا أوصيتهم يوم أخرجتهم من أرض مصر من جهة محرقة وذبيحة، بل إنما أوصيتهم بهذا الأمر قائلاً: أسمعوا صوتي فأكون لكم إلهاً وأنتم تكونون لي شعباً] [2]
+ وبالطبع هنا واضح شرط أن يكون الله إله إسرائيل وأن يكونوا له شعباً: وهو [الطاعة] +
وهذا هو البند الرئيسي في المعاهدة أو العهد الذي أقامه الله مع إسرائيل، فهذا ما نراه حدث، فقد [جـاء موسى وأخبر الشعب بجميع كلام الرب (يهوه) وأحكامه]، ووافق عليها جميع الشعب فأجاب جميع الشعب بصوتٍ واحد: [كل ما تكلم به الرب (يهوه) نعمل بـه = آمين]، فكتب موسى جميع الأقوال (كلام الرب يهوه): [فبكر في الصباح وبنى مذبحاً في أسفل الجبل، ورفع أثنى عشر عموداً (كشاهد) بعدد أسباط بني إسرائيل، وأرسل فتيان (شبان) بني إسرائيل فأصعدوا محرقات (للدلالة على توثيق ما تعهدوا به وهو الطاعة) وذبحوا ذبائح سلامة للرب من الثيران. فأخذ موسى نصف الدم ووضعه في الطسوس، ونصف الدم رشه على المذبح. وأخذ كتاب العهد وقرأ في مسامع الشعب. فقالوا: كل ما تكلم به الرب نفعل (نعمله) ونسمع لهُ. وأخذ موسى الدم ورش على الشعب وقال: هوذا دم العهد الذي قطعه الرب معكم على جميـع هذه الأقوال][3]

وواضح جداً من هذه الفقرة معنى العهد وإلزام الطاعة الذي التزم به الشعب كله بلا استثناء، وقد أُقيم هذا العهد على دم توثيقاً له كختم لا ينحل، فالدم يحمل قوة الحياة، وهو كالحياة يخص الله وحده، ولذلك حرم الله بشدة سفك دم الإنسان [4]، حتى دم الذبائح لا يُمسح بل كان يُرش على المذبح، كما كان مُحرماً شرب الدم أو أكل ذبائح مخنوقة ودمها فيها [لحماً بحياته دمه لا تأكلوه، وأطلب أنا دمكم لأنفسكم فقط.. سافك دم الإنسان بالإنسان يُسفك دمه (قضائياً أي في محاكمة عادلة بحكم قاضي)، لأن الله على صورته عمل الإنسان] [5]. ولنا أن نربط بين هذا وبين قرار مجمع أورشليم للرسل الذين أرسلوه للمؤمنين من الأمم بأن: [يمتنعوا عن نجاسات الأصنام، والزنى، والمخنوق، والدم][6].

أما بالنسبة لاستخدام الدم في توثيق عهد، فلم يوجد في أي موضع آخر في العهد القديم سوى هذا الموضع، ثم في العهد الجديد في قول الرب يسوع المسيح ليلة العشاء الأخير، وهو يُقدم الكأس لتلاميذه قائلاً لهم: [أشربوا منها كلكم، لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يُسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا] [7]

عموماً رش الدم الحامل قوة الحياة، القصد منه توثيق وتكريس وتقديس العلاقة بين طرفي العهد. فمن خلال مشاركة الله مع إسرائيل في رش الدم الذي يُمثل الحياة، على كل من طرفي العهد (المذبح لله، وعلى الشعب) يتم الارتباط السري بينهما وترتفع حياة الإنسان نحو بُعداً جديداً من العلاقة الوثيقة مع الله، لأنهم مربوطين برباط دم الصلح وإقامة عهد مقدس جداً مع الرب إلههم.

ونجد أن بعد إبرام العهد والموافقة عليه بالطاعة وتوثيقه بالدم تراءى الرب يهوه بمجده أمام الجماعة المختارة – حسب الأمر الذي أعطاه لموسى في خروج 24: 1، (ثم صعد موسى وهارون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل) [8]، [فرأوا الله، وأكلوا وشربوا] [9]، وهذه هي وليمة إبرام العهد، لأن ذبائح السلامة قُدمت مع ذبيحة العهد، وذبائح السلامة تستلزم الاشتراك في الأكل منها بفرح وابتهاج أمام الرب، وذلك حسب ما أوصى الله موسى في التثنية: [وتذبح ذبائح سلامة، وتأكل هناك وتفرح أمام الرب إلهك] [10]، لأن ذبيحة السلامة تُقدم لأجل الشكر على احسانات الرب التي لا تُحصى [11]، وأهمها الصلح والسلام الذي صنعه الرب مع شعبه بقبوله الدم المسفوك عن خطاياهم ورضاه بأن يرتبط معهم بعهد مقدس، ويصير لهم إلهاً وهم يصيرون له شعباً.
===========================
[1] (أنظر 1صم 15: 22)
[2] (إرميا 7: 21 – 22)
[3] (خروج 24: 3 – 8)
[4] (أنظر لاويين 3: 17، 7: 26، 17: 10 و11.. الخ)
[5] (تكوين 9: 4 – 6)
[6] (أعمال 15: 20)
[7] (متى 26: 27و28)
[8] (خروج 24: 9)
[9] (خروج 24: 11)
[10] (تثنية 27: 7)
[11] (لاويين 7: 11و12)
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
(2) الذبائح في خيمة الشهادة:
لقد أمر الرب موسى بإقامة خيمة الشهادة (לְאֹ֖הֶל הָעֵדֻ֑ת) في البرية لتصير مركز العبادة لكل الشعب، لتكون هي المقدس ومكان سكنى الله ومقرّ لقاؤه الخاص، أي مكان حلول الرب ليتجلى وسط إسرائيل ليقيم علاقة شركة مع شعبه الذي أفرزه من كل الشعوب وصنع معه عهداً لا ينحل أو ينفك أبد الدهر، إلا لو تخلوا هم عنه بالعصيان (كما سبق ورأينا في ذبيحة العهد) فخيمة الشهادة هي البيت، بيت الرب: [فيصنعون لي مَقْدِساً (مسكناً مقدساً) لأسكن في وسطهم][1]؛ وكانت قيمة وعظمة وسرّ خيمة الشهادة (أي مسكن أو بيت يهوه وسط شعبه) في: مجد حضور الله المهوب المخوف المملوء مجداً، وسبب تقديس الأمة كلها، لأن بسبب مجد حضور الرب وسط الجماعة، صارت هي الأمة المقدسة [والآن أن سمعتم كلامي وحفظتم عهدي، فأنكم تكونون شعبي الخاص بين جميع الشعوب.. وأنتم تكونون لي مملكة كهنة وأمه مقدسة] [2]

عموماً نجد بعد أن أعطى الله مواصفات الخيمة [3] وطريقة تصنيعها لموسى، أُقيمت الخيمة في اليوم الأول من الشهر الأول من السنة الثانية لخروج بني إسرائيل من مصر، بحسب كل ما أمر به الرب (يهوه) موسى مما أدى مباشرة إلى سكناه هناك في شكل سحابة مجد عظيمة: [وضع مذبح المحرقة عند باب خيمة الاجتماع وأصعد عليه المحرقة والتقدمة، كما أمر الرب موسى.. ثم غطت السحابة خيمة الاجتماع وملأ بهاء (مجد) الرب (يهوه) المسكن] [4]

وحضور الله بشكل مرئي بهذا المجد العظيم في النهار وبشكل نار في المساء [5]، يتطلب قداسة الشعب وطهارته ورفع الخطية ومحو الشرّ من قلوبهم ووسطهم، لكي يؤهلوا لحلوله الخاص وحضوره الدائم وسطهم ويقدروا على الاقتراب منه والشركة معه، لذلك ينبغي أن يحافظوا على طهارتهم ويكونوا قديسين: إني أنا الرب (يهوه) إلهكم فتتقدسون وتكونون قديسين (فتقدسوا وكونوا قديسين) لأني أنا قدوس ولا تنجسوا أنفسكم.. إني أنا الرب الذي أصعدكم من أرض مصر ليكون لكم إلهاً (لأكون إلهاً لكم) فتكونون قديسين لأني أنا قدوس. [6]
ومن أجل ذلك [دعا الرب (يهوه) موسى وكلمه من خيمة الاجتماع] [7] وأعطاه تعليمات مفصلة ودقيقة بخصوص الذبائح المختلفة التي يجب تقديمها للرب في الخيمة وكانت للتكفير عن نفوسهم [لأن نفس الجسد هي في الدم، فأنا أعطيتكم إياه (جعلته لكم) على المذبح للتكفير عن نفوسكم. لأن الدم يُكفَّر به عن النفس] [8]

والذبائح الرئيسية التي أمر بها الرب موسى هي بحسب ترتيبها الإلهي، تبدأ بما يختص بمجد الله ومتطلباته الخاصة من الشعب من جهة الطاعة ليستمر لهم إلهاً، وتنتهي بحاجة الإنسان من التقديس والطهارة ليؤهل للتقرُّب من الله القدوس، لذلك تبدأ بذبيحة المحرقة وتنتهي بذبيحة الإثم [9]؛ وهذا ما سوف نراه بتدقيق وتفاصيل شديدة من خلال بحثنا فيما بعد.

ولنلاحظبالطبع، أن العهد القديم تمهيد وإشارة للعهد الجديد الذي صنع بدم ابنالله الحي، فكم تكون قداستنا ولقاؤنا معه في سر تجسده العظيم وصليبهالمُحيي، لأنه بذبيحة نفسه صار لنا قداسة وطهارة: [الآن قد أُظهر مرة عندانقضاء الدهور ليبطل الخطية بذبيحة نفسه] [10]

ولنا أن نعلم أنه من المستحيل على الإطلاقعلىمستوى العهدين (القديم والجديد)أن يقترب أحدمن الله بطبع غريب عنه (طبع الظلمة) ليدخل في شركة معه، والظُلمة هي الشر والفساد [ثُمَّ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً قَائِلاً: «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ»[11]لأنالله مطلق القداسة ولا يتعامل مع شبه شرّ، فكمينبغي أن نكون مؤهلينللاقتراب منه بتوبة صادقة، لذلك دعانا للمجد والفضيلة للقداسة:
+ [كما أن قدرته الإلهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى بمعرفة الذيدعانا بالمجد والفضيلة [12] كما اختارنا فيه قبل تأسيسالعالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة[13]؛ فلستمإذاً بعد غرباء ونزلاً، بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله [14]؛ وأما الزنى وكل نجاسة أو طمع فلا يسم بينكم كما يليق بقديسين [15]؛ بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنتم أيضاً قديسين في كلسيرة، لأنه مكتوب كونوا قديسين لأني أنا قدوس [16]]
وذلك بغرض أن نقرب إليه ويكون لنا شركه معهفي النور، لذلكنسمع القديس يوحنا الرسول ينبهنا وينذرنا قائلاً: [وهذا هو الخبر الذي سمعناه منه ونخبركم به أن اللهنور وليس فيه ظلمةالبتة. إن قلنا إن لنا شركة معه وسلكنا في الظلمةنكذب ولسنا نعمل الحق، ولكن أن سلكنا في النور كما هو في النور فلناشركة بعضنا مع بعض ودميسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية، أن قلنا انهليس لنا خطية نضل أنفسناوليس الحق فينا. أن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لناخطايانا ويُطهرنا من كل إثم] [17]
======================
[1] (خروج 25: 8)
[2] (الترجمة العبرية - خروج 19: 5 و6)
[3] (في خروج من الإصحاح 25 إلى الإصحاح 39)
[4] (أنظر خروج 40: 29 – 34)
[5] (أنظر خروج 40: 34 – 38؛ لاويين 9: 22 – 24؛ لاويين 16: 2؛ عدد 9: 15 – 23)
[6] (لاويين 11: 44 - 45)
[7] (لاويين 1: 1)
[8] (لاويين 17: 11)
[9] (أنظر لاويين 1: 1 إلى لاويين 6: 7)
[10] (عبرانيين 9: 26)
[11] (يوحنا 8: 12)
[12] (2بطرس 1: 3)
[13] (أفسس 1: 4)
[14] (أفسس 2: 19)
[15] (أفسس 5: 3)
[16] (1بطرس 1: 15؛ 16)
[17] (رسالة يوحناالأولى 1: 5 – 9)
 
التعديل الأخير:

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[جـ – عصر القضاة والملوك]
[فصعد جميع بنو إسرائيل وكل الشعب وجاءوا إلى بيت إيل وبكوا وجلسوا هناك أمام الرب وصاموا ذلك اليوم إلى المساء واصعدوا محرقات وذبائح سلامة أمام الرب] [1]
[في ذلك اليوم قدس الملك وَسَط الدار التي أمام بيت الرب. لأنه قَرَّبَ هُناك المحرقات والتقدمات وشحم ذبائح السلامة لأن مذبح النحاس الذي أمام الرب كان صغيراً عن أن يسع المحرقات والتقدمات وشحم ذبائح السلامة] [2]
===================
[د – عصر ما بعد السبي]
[ولما استهل الشهر السابع وبنو إسرائيل في مدنهم اجتمع الشعب كرجلٌ واحد إلى أورشليم وقام يشوع بن يوصاداق وإخوته الكهنة وزربابل بن شالتئيل وإخوته وبنوا مذبح إله إسرائيل ليصعدوا عليه محرقات كما هو مكتوب في شريعة موسى رجل الله، وأقاموا المذبح في مكانه.. واصعدوا عليه محرقات للرب. محرقات الصباح والمساء وحفظوا عيد المظال كما هو مكتوب، ومحرقة يوم فيوم بالعدد كالمرسوم أمر اليوم بيومه وبعد ذلك المحرقة الدائمة.. ولجميع مواسم الرب المقدسة.. ابتدأ من اليوم الأول من الشهر السابع يصعدون محرقات للرب وهيكل الرب لم يكن قد تأسس] [3]
===========================
+ عموماً نجد من كل ما سبق
أن الذبائح – بشكل عام – تُضفي على حياة الفرد والجماعة إيقاعاً خاصاً، ونجد أن أيوب على المستوى الشخصي، كان يقدم باستمرار ذبائح عن أولاده قائلاً: ربما أخطأ بنيَّ وجدفوا على الله في قلوبهم. هكذا كان أيوب يفعل كل الأيام. [4]؛ وكان غرضه هو التكفير عن أي خطية محتملة، وهنا تظهر التقوى الشخصية والحفاظ على الأسرة في مخافة الله.
ونجد أيضاً أمر الرب لأصدقائه في تقديم محرقات: [الرب قال لأَلِفَازَ التيماني: قد احتمى غضبي عليك وعلى كِلا صاحبيك لأنكم لم تقولوا فيَّ الصواب كعبدي أيوب، والآن فخذوا لأنفسكم سبعة ثيران وسبعة كباش واذهبوا إلى عبدي أيوب واصعدوا محرقة لأجل أنفسكم وعبدي أيوب يُصلي من أجلكم.. وذهب أليفاز التيماني وَبِلدد الشوحي وَصُوفَرُ النعماني وفعلوا كما قال الرب لهم] [5]
وطبعاً نُلاحظ منذ أيام إبراهيم قصة ملكي صادق الغريبة الذي ظهر فجأة ولا نعلم عنه شيئاً من جهة نسبه وميلاده ويوم مماته [وملكي صادق ملك شاليم أخرج خُبزاً وخمراً وكان كاهناً لله العلي] [6]، حيث يعرض التقليد وليمة ذبائحيه، ونشاط ليتورچي [فأخذ يثرون حمو موسى محرقة وذبائح لله وجاء هارون وجميع شيوخ إسرائيل ليأكلوا طعاماً مع حمى موسى أمام الله] [7]

ونجد عموماً خارج شعب الله المختار، أن الذبيحة تُعبِّر عن التقوى الشخصية والجماعية، ونجد هذا في سفر يونان حينما تكلم برسالة الله للتوبة لشعب نينوى: [فخاف الرجال من الرب خوفاً عظيماً وذبحوا ذبيحة للرب ونذروا نذوراً] [8]

ومن كل ذلك نجد أن كل كتبة العهد القديم، عندما يرسمون، بخطوط عريضة لوحة التاريخ، لا يتصورون حياة دينية بدون ذبيحة، وبالطبع العهد الجديد سيُحدد هذا الإحساس بدقة ويقره بصورة فريدة لأن ذبيحة العهد الجديد تتفوق وتتمايز لأنها ذبيحة حمل الله الحقيقي رافع خطية العالم.
============
[1] (قضاة 20: 26)
[2] (1ملوك 8: 64)
[3] (عزرا 3: 1 – 6)
[4] (أيوب 1: 5)
[5] (أنظر أيوب 42: 7 -9)
[6] (تكوين 14: 18)
[7] (خروج 18: 12)
[8] (يونان 1: 16)
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
رابعاً: مصدر تشريع الذبائـــــــــــح باختصار
وعلمهم الفرائض والشرائع תּוֹרָה وعرفهم الطريق الذي يسلكونه والعمل الذي يعملونه (ما يستوجب عليهم القيام به من أعمال)؛ هذه هي الفرائض הַֽחֻקִּ֣ים والأحكام וְהַמִּשְׁפָּטִים֮ والشرائع וְהַתּוֹרֹת֒ التي وضعها אֲשֶׁר֙נָתַ֣ן الرب بينه وبين بني إسرائيل في جبل سيناء بيد موسى.[1]

سنجد في هذه الآيات الإشارة ليهوه على أساس أن هو المصدر أي هو الواضع נָתַן (وهي تعني جَعَلَ وأقام، أَعَدَّ ورَتَّبَ، حدد وثَبَّتَ) [الفرائض חֹק – الأحكام מִשְׁפָט – الشرائع תּוֹרָה] والفرائض المقصود بها شيء مَفْرُوض مُحَدّد وهو إلزامي مستحق الأداء، أما الأحكام القصد منها الأحكام والقضاء judgment والعدالة justice؛ والشرائع القصد منها هنا: إِرْشادات؛ أوَامِر؛ تَعْلِيمات؛ تَوْجيهات؛ فالله هو الواضع لتلك الفرائض والأحكام والشرائع فصارت شيء ثَابِت ومُسْتَقِرّ ورَاسِخ ومُحَدَّد بشكل قَاطِع ينبغي أن يتم بنفس ذات الترتيب والنظام الموضوع كما هو دون زيادة أو نقصان.

عموماً تُقدِّم الكثير من الفقرات في العهد القديم الإرشادات والتعليمات والتوجيهات التي تختص بالذبائح وتوضح المغزى الواسع النطاق الذي بلغته الذبيحة في إسرائيل، والذي يتدرج من أول سقوط الإنسان إلى التشريع الموسوي، والذي أظهر الذبيحة كتشريع – بأمر إلهي – لتنظيم علاقة الشعب مع الله بالطاعة والتقوى ومخافة الله واحترامه وتقديره:
+ [فقال الرب لموسى: هكذا تقول لبني إسرائيل. أنتم رأيتم أنني من السمـــاء. تكلمت معكم. لا تصنعوا معي آلهــة فضة ولا تصنعوا لكم آلهـــة ذهب. مذبحـــاً من تراب تصنع لي وتذبـــح عليه محرقاتك وذبائـــح سلامتك، غنمك وبقرك. في كل الأماكن التي فيها أصنع لاسمي ذِكراً آتي إليك وأباركك. وأن صنعت لي مذبحاً من حجارة فلا تبنِهِ منها منحوتــة. إذا رفعت عليها إزميلك تُدنسها. ولا تصعد بدَرَج إلى مذبحي كي لا تنكشف عورتك عليـــــه[2]؛ وأما أقداسك التي لك ونذورك فتحملها وتذهب إلى المكان الذي يختاره الرب.. أحفظ واسمع جميع هذه الكلمات التي أنا أوصيك بها لكي يكون لك ولأولادك من بعدك خيرٌ إلى الأبد إذا عملت الصالح والحق في عيني الرب إلهك] [3]
وممكن الرجوع لحزقيال من الإصحاح 40 إلى الإصحاح 48، لنجد شمول أكثر في التشريع والتنظيم الإلهي بدقة، والمرتكز على التوبة واتقاء الرب والخضوع بدقة لكل تعليماته ليعود الشعب إليه ويحيا في خوف اسمه العظيم القدوس المملوء مجداً ويُقدِّم لهُ العبادة اللائقة.
=====================
[1] (خروج 18: 20؛ لاويين 26: 46)
[2] (خروج 20: 22 – 26)، (أنظر لاويين من 1 – 7 و16)
[3] (تثنية 12: 26، 28)
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
خامساً: مواقع العبادة وتقديم الذبائـــــــــــح
كان تقديم الذبائح يتم – دائماً – في أماكن العبادة أمام الرب بكل تقوى وخشوع، والتي كانت تتمركز على المذبح، فينبغي إقامة مذبح مخصص لتقديم الذبيحة، لأنه لا تُقدم الذبيحة بإهمال في أي مكان أو على الأرض، بل على المذبح المكرس للرب بكل وقار شديد ومهابة واحترام.
عموماً نجد – عبر التاريخ – أن الآباء بنوا مذابحهم الخاصة وقدموا تقدماتهم – قديماً – قبل الكهنوت وتنظيمه حيث أنهم اعتبروا رؤساء الكهنوت قديماً وآباء بطاركة مثل:
+ نوح
[وبنى نوح مذبحـاً للرب. وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأصعد محرقات على المذبح] [1]
+ إبراهيم
[واجتاز إبرام في الأرض مكان شكيم إلى بلوطة مورة. وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض. وظهر الرب لإبرام وقال لنسلك أعطِ هذه الأرض. فبني هناك مذبحاً للرب الذي ظهر له. ثم نقل من هنالك إلى الجبل شرقي بيت إيل ونصب خيمته. وله بيت إيل من المغرب وعاي من المشرق. فبنى هناك مذبحاً للرب ودعا باسم الرب.. فنقل إبرام خيامه وأتى وأقام عند بلوطات ممرا التي في حبرون. وبنى هناك مذبحاً للرب.. فلما أتيا إلى الموضع الذي قال له الله بنى هناك إبراهيم المذبح ورتب الحطب] [2]
+ إسحق
[فظهر له الرب في تلك الليلة وقال أنا إله إبراهيم أبيك. لا تَخف لأني معك وأباركك وأكثر من نسلك من أجل إبراهيم عبدي، فبنى هناك مذبحاً ودعا باسم الرب. ونصب هناك خيمته وحفر هناك عبيد اسحق بئراً] [3]
+ يعقوب
[ثم أتى يعقوب سالماً إلى مدينة شكيم التي في أرض كنعان. حين جاء (عاد) من فدَّان آرام (سهل آرام). ونزل (خيَّمَ) أمام المدينة. وابتاع قطعة الحقل التي نصب فيها خيمته من يد بني حمور أبي شكيم بِمَئة قسيطة (مئة من الفضة) وأقام هناك مذبحاً ودعاه إيل، إله إسرائيل... ثم قال الله ليعقوب: قم أصعد إلى بيت إيل وأقم هناك واصنع هناك مذبحـاً لله الذي ظهر لك حين هربت من وجه عيسو أخيك.
فقال يعقوب لبيته ولكل من كان معهُ: اعزلوا الآلهة الغريبـة التي بينكم وتطهروا وأبدلوا ثيابكم. ولنقم ونصعد إلى بيت إيل. فأصنع هناك مذبحـاً لله الذي استجاب لي (أعانني) في يوم ضيقتي وكان معي في الطريق الذي ذهبت فيه. فأعطوا يعقوب كل الآلهة الغريبة التي في أيديهم والأقراط التي في آذانهم. فطمرها يعقوب تحت البطمة التي عند شكيم. ثم رحلوا وكان خوف الله على المدن التي حولهم. فلم يسعوا وراء بني يعقوب. فأتى يعقوب إلى لوز التي في أرض كنعان وهي بيت إيل. هو وجميع القوم الذين معه. وبنى هناك مذبحـاً ودعا المكان إيل، بيت إيل. لأنه هناك ظهر له الله حين هرب من وجـه أخيـه] [4]
+ موسى
[فبنى موسى مذبحاً للرب ودعا اسمه يهوى رايتي] [5]؛ ونجد عموماً أن المذابح كانت تُصنع من الأرض: [مذبحاً من تراب تصنع لي وتذبح عليه محرقاتك وذبائح سلامتك غنمك وبقرك. في الأماكن التي فيها أصنع لاسمي ذكراً آتي إليك وأباركك. وأن صنعت لي مذبحاً من حجارة فلا تبنه منها منحوتة. إذا رفعت عليها أزميلك تُدنسها] [6]
ونجد أن إيليا
بنى مذبحاً على جبل الكرمل من أثنى عشر حجراً غير مكسور تمثل الاثني عشر سبطاً:
[ثم أخذ إيليا اثني عشر حجراً بعدد أسباط بني يعقوب الذي كان كلام الرب إليه قائلاً: إسرائيل يكون اسمك. وبنى الحجارة مذبحاً باسم الرب وعمل قناة حول المذبح تسع كيلتين من البذر، ثم رتب الحطب وقطع الثور ووضعه على الحطب] [7]
+ وأيضاً بنى يشوع مذابح وجدعون وداود [8]
ونجد أيضاً مذبح سليمان
لذبائح المحرقة وكان عشرون ذراعاً مربعاً، وعشرة أذرع ارتفاعه ومكانه في القاعة الداخلية [9]، وهكذا نتعرف على مكان العبادة وشكل المذبح منذ بناءه من تراب وحجر إلى خيمة الاجتماع وختاماً في هيكل سُليمان.
==============
[1] (تكوين 8: 20)
[2] (تكوين 12: 6 – 18؛ 13: 18؛ 22: 9)
[3] (تكوين 26: 24 – 25)
[4] (تكوين 33: 20؛ 35: 1 – 7)
[5] (خروج 17: 15)
[6] (خروج 20: 24 – 25)
[7] (1ملوك 18: 31 – 32)
[8] (أنظر يشوع 8: 30 – 31؛ قضاة 6: 24 – 31؛ 2صموئيل 24: 18 – 25)
[9] (أنظر 1ملوك 8: 22، 54، 64؛ 9: 25؛ 2أخبار 4: 1)
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[FONT=&quot]الملامح العامة للذبائح في العهدين
[FONT=&quot]أولاً
[FONT=&quot] العهــــــــــــد
[FONT=&quot]القديـــــــم[/FONT]
[/FONT]


[FONT=&quot]أولاً[FONT=&quot]: تطور طقوس الذبائح من البساطة إلى التشعب [/FONT][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]============================[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]1 – البساطة البدائية [/FONT]
[FONT=&quot]في حقبة بعيدة القدم، يُشير إليها تاريخ الكتاب المقدس، تتميز مجموعة الطقوس بالبساطة البدائية التي تناسب عادات البدو الرُحَّل، أو نصف الرُحَّل وهي تتسم بإقامة مذابح، ورفع الدعاء للاسم الإلهي ببساطة، مع تقديم حيوانات أو محاصيل الأرض: [وحدث من بعد أيام أن قايين قدَّم من أثمار الأرض قرباناً للرب..؛ وظهر الرب لإبرام وقال لنسلك أُعطي هذه الأرض فبنى هناك مذبحاً للرب الذي ظهر لهُ، ثم نقل من هُناك إلى الجبل شرقي بيت إيل ونصب خيمته وله بيت إيل من المغرب وعاي من المشرق، فبنى هناك مذبحاً للرب ودعا باسم الرب، ثم ارتحل إبرام ارتحالاً متوالياً نحو الجنوب] [FONT=&quot][1][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]ونلاحظ أنه لا يوجد أماكن ثابتة لتقديم الذبائح، بل عادةً تُقدَّم في المكان الذي يظهر الله فيه؛ والمذبح الترابي البدائي البسيط جداً في مظهره، والخيام التي تفك وتُبسط، يشهدان بطريقتهما الخاصة على الطابع غير الثابت والمؤقت لأماكن العبادة القديمة: [مذبحاً من تراب تصنع لي وتذبح عليه محرقات وذبائح سلامتك، غنمك وبقرك في كل الأماكن التي فيها أصنع لاسمي ذكراً آتي إليك وأُباركك] [FONT=&quot][2]؛ [تحفظ عيد الفطير، تأكل فطيراً سبعة أيام كما أمرتك في وقت شهر أبيب لأنهُ فيه خرجت من مصر ولا يظهروا أمامي فارغين (ذكورك)] [FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]وكذلك نلاحظ أنه لم يكن هناك خدام مخصصون لبناء المذبح أو تقديم الذبيحة أو العطايا لله، فرب الأسرة أو رئيس القبيلة، والملك، هم الذين يقدمون الذبائح. إلا منذ زمن مبكر (بالنسبة لشعب إسرائيل على وجهٍ خاص)، أخذ بعض الرجال المختارين خصيصاً ليقوموا بهذه الخدمة والوظيفة الخاصة: [وللاوي قال تُميمُك وأُريمُك لرجلك الصديق الذي جربته في مسه وخاصمته عند مريبة، الذي قال عن أبيه وأمه لم أَرَهما وبإخوته لم يعترف وأولاده لم يعرف، بل حفظوا كلامك وصانوا عهدك يُعلِّمون يعقوب أحكامك وإسرائيل ناموسك، يضعون بخوراً في أنفك على مذبحك][FONT=&quot][4][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]فكما أن الهيكل على عهد يوشيا سيصبح المركز الوحيد لكل نشاط خاص بالذبائح، كذلك الكهنة سيجعلون إقامة الذبائح وقفاً على أنفسهم حسب أمر الله.[/FONT]
==================
[FONT=&quot]2 – تشعب الطقوس [/FONT]
[FONT=&quot]نلاحظ بعد ذلك أن الطقوس تشعبت بشكل كبير ومتسع جداً، وقد نجم هذا عما أتى به التاريخ من تجديدات متوالية. ونلمس – في الواقع – تطوراً في الاتجاه نحو الكثرة والتنوع والتخصص في الذبائح، وهناك أسباب كثيرة توضح هذا التطور الذي حدث بعد البساطة التي كانت تقدم بها العبادة والذبائح كما رأينا: فالانتقال من الحياة البدوية والرعوية وكثرة الترحال في خيام من مكان لآخر إلى حياة الاستقرار والزراعة، والتأثير الكنعاني وخطورة الكهنوت المتزايدة، فشعب إسرائيل نجده كثيراً ما يقتبس عناصر كثيرة من جيرانه المحيطين به والشعوب التي اختلط بها: فهو ينقيها ويُصححها ويروحنها، ليُقدِّم العبادة لله كبكر وسط الشعوب حسب تدبير الله وإرشاداته بشكل منضبط تتأصل فيه التقوى والورع وتقديم العبادة اللائقة بالإيمان.[/FONT]

[FONT=&quot]وبالرغم من التمادي في تقديم العبادة لله بشكل أصبح مبالغ فيه بسبب التأثير الحادث بباقي الشعوب، لكن وقع إسرائيل – عن عدم وعي – في خطر العبادة الباطلة والتي لا تُرضي الله إطلاقاً، والذي أخذ تحذير بشأنها لكيلا يُشابه الشعوب الذي طردها الرب من أمامه:[/FONT]
+ [FONT=&quot][هل يُسرّ الرب بألوف الكباش، بربوات أنهار زيت، هل أُعطي بكري (تقديم البكور) عن معصيتي ثمرة جسدي عن خطية نفسي] [FONT=&quot][5][/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot][ونذر يفتاح نذراً للرب قائلاً: إن دفعت بني عمون ليدي فالخارج الذي يخرج من أبواب بيتي للقائي عند رجوعي بالسلامة من عند بني عمون يكون للرب وأصعده محرقة] [FONT=&quot][6][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]ويرفض إسرائيل حسب تحذير الرب أن يُقدم ذبائح بشرية، فهو جُرم عظيم، ولا يعتبر عبادة بل هو حرم وإيقاع شرّ، لذلك فأن يفتاح يعتبر أخطأ لأنه فعل عكس الوصية:[/FONT]
+ [FONT=&quot][لا تعمل هكذا للرب إلهك لأنهم قد عملوا لآلهتهم كل رجس لدى الرب، مما يكرهه، إذ أحرقوا حتى بنيهم وبناتهم بالنار لآلهتهم [FONT=&quot][7]؛ لا يوجد فيك من يجيز ابنه أو ابنته في النار، ولا من يعرف عرافة ولا عائف (ممارس سحر بجميع أشكاله) ولا متفائل، ولا ساحر، ولا من يرقي رقيه، ولا من يسأل جاناً أو تابعة (امرأة تعمل في السحر)، ولا من يسأل يستشير الموتى (تحضير الأرواح)، لأن كل من يفعل ذلك مكروه عند الرب. وبسبب هذه الأرجاس الرب إلهك طاردهم من أمامك][FONT=&quot][8][/FONT][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]عموماً، قد اغتنى شعب إسرائيل بالاقتباس من بعض تُراث الشعوب الأخرى في العبادات، مُمارساً بذلك وظيفته كوسيط، موجهاً من جديد نحو الإله الحق بعض ممارسات طرأ عليها تحريف المفاهيم الوثنية. فهو نقاها حسب أمر الله ووصيته، وبذلك أخذت الطقوس الأولية البسيطة في التكامل والتشعب، بالرغم من الانخراط فيها أحياناً ونسيان حق الرب من جهة صلاح القلب، مع بعض الانحرافات الخطيرة التي ظهرت ونراها في أحداث العهد القديم وخاصة التشبه بالأمم، لأن عوض ما يكون إسرائيل معلم الأمم بالحق الإلهي الظاهر في الوصية صار يتعلم من الأمم ويحيا مثلهم فلوث التراث الروحي واللاهوتي بتمسكه بعادات لا تليق بمن يعرف الله الحي المستعلن لهُ بآيات وعجائب جعلت الأمم نفسها تشهد بعمل الله وسط إسرائيل.[/FONT]
==================

[FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] (تكوين 4: 3؛ 12: 7 – 9)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] (خروج 20: 24)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] (خروج 23: 15)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] (تثنية 33: 8 – 10)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][5] [/FONT][FONT=&quot](ميخا 6: 7)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][6] [/FONT][FONT=&quot](قضاة 11: 30 – 31)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][7] [/FONT][FONT=&quot](تثنية 12: 31)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][8][/FONT][FONT=&quot] (تثنية 18: 10 – 12)[/FONT][/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[FONT=&quot]ثانياً[FONT=&quot]: جوانب الذبيحة المختلفة
=================
[/FONT]
[FONT=&quot](1)[FONT=&quot] أنواع مختلفة تظهر في التاريخ [/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]شهد الكتاب المقدس – منذ البداية – بوجود أنواع مختلفة من الذبائح. مثل المحرقة وذبيحة السلامة والذبائح التكفيرية. فالمحرقة (عُوْلَه [FONT=&quot]עֹלָה[/FONT][FONT=&quot]) وهي تظهر في التقاليد القديمة، وفي عهد القضاة.[/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot][وبنى نوح مذبحاً للرب. وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأصعد محرقات على المذبح] [FONT=&quot][1][/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot][فدخل جدعون وعمل جدي معزى وإيفة (حوالي 45 لتر) دقيق فطيراً.. فقال لهُ ملاك الله خذ اللحم والفطير وضعهما على تلك الصخرة.. ففعل ذلك. فمد ملاك الرب طرفي العُكاز الذي بيده ومس اللحم والفطير فصعدت نار من الصخرة وأكلت اللحم والفطير] [FONT=&quot][2][/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot][فأخذ منوح جدي المعزى والتقدمة وأصعدهما على الصخرة للرب. فعمل عملاً عجيباً (ملاك الرب) ومنوح وامرأته ينظران فكان صعود اللهيب عن المذبح نحو السماء أن ملاك الرب صعد في لهيب المذبح] [FONT=&quot][3][/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot]فكانت الذبيحة تُحرق بجملتها [(ثور، خروف، جدي، طائر) وذلك – كما رأينا في المقدمة – تعبيراً عن الهبة الكاملة التي لا رجعة فيها][/FONT]

[FONT=&quot]وهناك نوع آخر من الذبائح كثير الانتشار عند الساميين، كان يقوم أساساً على مأدبة مقدسة، ذبيحة سلامة (ذَبحْ شيلميم – [FONT=&quot]זֽבָח [/FONT][FONT=&quot]שׁלָמִים[/FONT][FONT=&quot])، وأخذت معنى أعمق وسط شعب إسرائيل إذ كانت ذبيحة شركة، فيأكل المؤمن ويشرب [أمام الرب] فيفرح ويُسرّ بشركته أمام الله:[/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot][بل أمام الرب إلهك تأكلها في المكان الذي يختاره الرب إلهك أنت وابنك وابنتك وعبدك وأَمَتك واللاوي الذي في أبوابك وتفرح أمام الرب [FONT=&quot][4]؛ وأنفق الفضة في كل ما تشتهي نفسك في البقر والغنم والخمر والمسكر وكُل ما تطلب منك نفسك وكُل هناك أمام الرب إلهك وافرح أنت وبيتك] [FONT=&quot][5][/FONT][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]وقد خُتم عهد سيناء بذبيحة من هذا النوع: [فكتب موسى جميع أقوال الرب وبكَّر في الصباح وبنى مذبحاً في أسفل الجبل واثني عشر عموداً لأسباط إسرائيل الاثني عشر، وأرسل فتيان بني إسرائيل فأصعدوا محرقات وذبحوا ذبائح سلامة للرب] [FONT=&quot][6][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]ومن المؤكد أن كل مأدبة مقدسة لا تفرض – بالضرورة – وجود ذبيحة، إلا أنه في الواقع، ولائم الشركة هذه، في العهد القديم، كانت تشتمل على ذبيحة، فجزء من الذبيحة (سواء كانت حيوان صغير أم كبير)، كان يُصبح من حق الله – سيد الحياة – كدمٍ مراق والدهن (بحرقه على المذبح)، في حين كان يُستخدم اللحم كطعام للمدعوين (وهنا بالطبع تتضح روح الشركة بين الله والإنسان، والإنسان مع أخيه في محضر الرب)، ونرى ذلك مشروح في الطقس بكل دقة في لاويين 3، فيقول الطقس بالنسبة للمحرقة: يضع المقدم (مقدم الذبيحة) على رأس الحيوان ويذبحه. يرش الكاهن الدم على المذبح وحوله. تُنزع الأحشاء ويُحرق الدهن كرائحة رضا ليهوه.[/FONT]

[FONT=&quot]وأيضاً هناك طقوس تكفيرية (ذبائح كفاريه - [FONT=&quot]כַּפֵּר[/FONT][FONT=&quot]): [ولذلك أقسمت لبيت عالي إنه لا يُكفر عن شرّ بيت عالي بذبيحة أو بتقدمة إلى الأبد] [FONT=&quot][7][/FONT][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]ولكننا نجد أن الذبيحة الأساسية والرئيسية منذ القديم هي (ذبيحة المحرقة): وبنى نوح مذبحاً للرب.. وأصعد محرقات.. فتنسم الرب رائحة[FONT=&quot]רֵיחַ[/FONT][FONT=&quot] – الرضا، وقال الرب في قلبه: لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان لأن تصورات قلب الإنسان شرير منذ حداثته، ولا أعود أيضاً أُميت كل حي كما فعلت] [FONT=&quot][8][/FONT][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]وقد اعتبرت هذه الذبيحة: رائحة سرور، إذ أنها تُمثل الطاعة القلبية لله [/FONT]
+ [FONT=&quot][وأما أحشاؤه وأكارعهُ فيغسلها بماء ويوقد الكاهن الجميع على المذبح محرقة وقود رائحة سرور للرب [FONT=&quot][9]؛ ويوقدهن الكاهن على المذبح طعام وقود لرائحة سرور (راحة)، كل الشحم للرب [FONT=&quot][10][/FONT].[/FONT][/FONT]
========================
[FONT=&quot](2)[FONT=&quot] نحو صورة جامعة في سفر اللاويين [/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]سفر اللاويين يعرض بأسلوب فني وصور نظامية للعطايا المقدمة لله، وهذا نجده من لاويين الإصحاح الأول إلى لاويين الإصحاح السابع: [/FONT]
+ [FONT=&quot][وكلم الرب موسى قائلاً: كلم هارون وبنية وجميع بني إسرائيل وقُل لهم: كل إنسان من بيت إسرائيل ومن الغرباء في إسرائيل قرب قربانه من جميع نذورهم وجميع نوافلهم [FONT=&quot][11] التي يقربونها للرب محرقة للرضا عنكم يكون ذكراً صحيحاً من البقر والغنم أو الماعز؛ كل ما كان فيه عيب لا تقربوه لأنه لا يكون للرضا عنكم [FONT=&quot][12][/FONT].[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]وإذا قرب إنسان ذبيحة سلامة وفاء لنذر أو نافلة [FONT=&quot][13] من البقر أو الأغنام، تكون صحيحة للرضا [FONT=&quot][14][/FONT]، كل عيب لا يكون فيها، الأعمى والمكسور والمجروح والبثير [FONT=&quot][15][/FONT] والأجرب والأكلف [FONT=&quot][16][/FONT]، هذه لا تقربوها للرب، ولا تجعلوا منها وقوداً على المذبح للرب. وأما الثور أو الشاه [FONT=&quot][17][/FONT] الزوائدي أو القزم فنافلة (تبرعاً) (لـ) تعمله، ولكن لنذر لا يُرضى به، ومرضوض الخصية ومسحوقها ومقطوعها لا تقربوا للرب، وفي أرضكم لا تعملوها ومن يد ابن الغريب لا تُقربوها خُبز إلهكم من جميع هذه، لأن فيها فسادها. فيها عيب لا يُرضى بها عنكم [FONT=&quot][18][/FONT][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]وكلم الرب موسى قائلاً: متى وُلِدَ بقر أو غنم أو معزى يكون سبعة أيام تحت أمه، ثم من اليوم الثامن فصاعداً يُرضى به قُرباناً وقود للرب، وأما البقرة أو الشاه فلا تذبحوها وابنها في يومٍ واحد، ومتى ذبحتم ذبيحة شكر للرب فللرضا عنكم تذبحونها، في ذلك اليوم تؤكل، لا تبقوا منها إلى الغد. أنا الرب] [FONT=&quot][19][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]ومن الواضح أن سفر اللاويين يختص بتنظيم العطايا المقدمة لله: الدموية (الذبائحية من الغنم والبقر.. الخ) والغير دموية (النبات والبذور والخبز.. الخ)، وجميع أنواع العطايا بلا استثناء.[/FONT]
[FONT=&quot]ونلاحظ دقة السفر في سرد العطايا وتقديمها بدقة بدون أن يطغي طقس التقديم على روح الطقس نفسه الذي تُقدَّم به العطايا لله، لأن الحركات الدقيقة في الطقس تحمل معنى مقدساً يعمل سراً في قلب الإنسان مُقدِّم العطية أو الذبيحة، مثل رفع الشكر لله القدوس، والرغبة في التكفير عن نفسه بإعلان توبته الصادقة ليقدر أن يقترب من الله ويتصالح معه ويُنشئ معه علاقة حقيقية، وذلك يظهر في تقديم المحرقة: "ويضع يده على رأس المحرقة فيُرضى عليه للتكفير عنه"[FONT=&quot][20][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][وكان لما دارت أيام الوليمة أن أيوب أرسل (أبناؤه) فقدسهم، وبكر في الغد وأصعد محرقات على عددهم كلهم. لأن أيوب قال: ربما أخطأ بَنيَّ وجدفوا على الله في قلوبهم، هكذا كان أيوب يفعل كل الأيام] [FONT=&quot][21][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]وفي خلفية بعض الاصطلاحات، يُكشف شعور عميق بقداسة الله، مع خوف ملازم من الخطية التي تُدمر حياة الإنسان وتضعه في خصومة مع الله، وحاجة داخلية مُلَّحه للتطهير والتنقية.[/FONT]

[FONT=&quot]عموماً أن مفهوم الذبيحة في هذه المجموعة الطقسية – التي تظهر في سفر اللاويين – يتجه إلى التركيز حول فكرة التكفير، والدم في ذلك يلعب دوراً هاماً، إلا أن فاعليته تتعلَّق في النهاية بالمشيئة الإلهية، إذ تشترط توفر مشاعر التوبة الصادقة من كل القلب بإيمان حي بالله:[/FONT]
+ [FONT=&quot][التكفير عن النفس بالدم] [لأن نفس الجسد هي في الدم، فأنا أعطيتكم إياهُ على المذبح للتكفير ([FONT=&quot]Cover[/FONT][FONT=&quot] - [/FONT][FONT=&quot]כַּפֵּר[/FONT][FONT=&quot]) عن نفوسكم. لأن الدم يُكفَّر عن النفس] [FONT=&quot][22][/FONT][/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot][المشيئة الإلهية] [أنا، أنا، هوَّ الماحي ذنوبك لأجل نفسي وخطاياك لا أذكُرها] [FONT=&quot][23][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]* والتعويض عن النجاسات الطقسية والأخطاء غير المقصودة كان يدفع المؤمنين عملياً نحو تطهير قلوبهم، كما أن الشرائع الخاصة بالطاهر والنجس (كتمثيل لحقيقة داخلية) كانت توحي للنفوس بالابتعاد عن الشرّ وكل ما يُمثل لهم شكل تدنيس القلب والنفس. [/FONT]

[FONT=&quot]ووليمة الشيلميم (السلامة) تُتَرجَّمْ وتُحَقَق في الفرح والابتهاج الروحي، وحدة الشركة بين المدعوين لهذه الوليمة، بعضهم مع بعض ومع الله أولاً، لأن الجميع يشتركون بالفرح والشكر في الذبيحة عينها (كما سبق ورأينا في ذبيحة السلامة: ذَبحْ شيلميم – [FONT=&quot]זֽבָח[/FONT][FONT=&quot] שׁלָמִים[/FONT][FONT=&quot]).[/FONT][/FONT]
===================================
[FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot](تكوين 8: 20)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot](قضاة 6: 19و20و21)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot](قضاة 13: 19 – 20)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot](تثنية 12: 18)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot](تثنية 14: 26)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot](أنظر خروج 24: 4 – 8)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot](1صموئيل 3: 14)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][8][/FONT][FONT=&quot](تكوين 8: 20 – 21)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][9][/FONT][FONT=&quot](لاويين 1: 9)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot](لاويين 3: 16)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][11][/FONT][FONT=&quot](تبرعاتهم: أي تقدمة غير مفروضة على الإنسان هو يُقدمها من نفسه بنفسه كتبرع اختياري)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][12][/FONT][FONT=&quot](لا يرضى به منكم ولا يصلح تقدمة للرضا)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][13][/FONT][FONT=&quot](تبرع)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][14][/FONT][FONT=&quot](ليرضى به الرب)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][15][/FONT][FONT=&quot](ليس به بثور أو خُرَّاج)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][16][/FONT][FONT=&quot](من له بقع مختلفة في جسمه – مرض جلدي أو بقع لونية مختلفة عن طبيعة جلدة الطبيعي)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][17][/FONT][FONT=&quot](غنم أو ماعز)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][18][/FONT][FONT=&quot](لا يُرضى به منكم)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][19][/FONT][FONT=&quot](لاويين 22: 17 – 30)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][20][/FONT][FONT=&quot](لاويين 1: 4)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][21][/FONT][FONT=&quot](أيوب 1: 5)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][22][/FONT][FONT=&quot](لاويين 17: 11)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][23][/FONT][FONT=&quot](إشعياء 43: 25)[/FONT][/FONT]
[/FONT]
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
ثالثاً: من الطقوس إلى الذبيحة الروحية
======================
(1) الطقوس كعلامة للذبيحة الروحية
الله في الكتاب المقدس لا يستفيد – بل وعلى الإطلاق – من ذبائح الإنسان المقدمة إليه، ولا يأخذ منها شيئاً ليحتفظ به لنفسه، فالله غير مدين للإنسان بشيء، بل الإنسان هو المدين لله بكل شيء، والإنسان هو الذي يحتاج لله بشدة، لأنه هو حياته ومصدر وجوده الحقيقي، فالله في ذاته في حالة كمال مُطلق وليس في حاجة لشيء ولا حتى لعبادة الإنسان ولا لجميع عطاياه.
والطقس – في العهد القديم بكل اتساعه وشموله – يظهر بعض المشاعر الباطنية ويجعلها مرئية بالممارسة اليومية: كالسجود والطاعة (محرقة) والاهتمام بالوحدة الحميمة مع الله (شيلميم = سلامة)، والاعتراف بالخطايا والتماس الغفران (طقوس تكفيرية).

وتدخل الذبيحة في الاحتفالات بالعهد مع المعبود الإلهي العظيم والمتعجب منه بالمجد: [وبنى نوح مذبحاً للرب. وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأصعد محرقات على المذبح فتنسم الرب رائحة الرضا، وقال الرب (عهد) في قلبه لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان، لأن تصور قلب الإنسان شرير منذ حداثته، ولا أعود أيضاً أُميت كل حي كما فعلت، (وذلك) مدة كل أيام الأرض زرع وحصاد وبرد وحر وصيف، وشتاء ونهار وليل لا تَزَال] [1]
وخاصة في سيناء: [وأرسل فتيان بني إسرائيل فاصعدوا محرقات وذبحوا ذبائح سلامة للرب من الثيران فأخذ موسى نصف الدم ووضعه في الطسوس ونصف الدم رشه على المذبح وأخذ كتاب العهد وقرأ في مسامع الشعب، فقالوا كل ما تكلم به الرب نفعل ونسمع لهُ، وأخذ موسى الدم ورش على الشعب وقال هوذا دم العهد الذي قطعه الرب معكم على جميع هذه الأقوال] [2]
عموما مفهوم الذبيحة عند الإسرائيليين الأتقياء،
هو أنها تُقدس الحياة القومية والأُسرية والفردية، وتُعمَل خصوصاً بمناسبة مزارات الحج والأعياد: [وكان هذا الرجل (أَلفانه) يصعد من مدينته من سنة إلى سنة ليسجد ويذبح لرب الجنود في شيلوه] [3]؛ [وإذا افتقدني أبوك فقل قد طلب داود مني طلبة أن يركض إلى بيت لحم مدينته لأن هناك ذبيحة سنوية لكل العشيرة] [4]؛ [وأمر الملك آحاذ أوريا الكاهن قائلاً: على المذبح العظيم أوقد محرقة الصباح وتقدمة المساء ومحرقة الملك وتقدمته مع محرقة كل شعب الأرض وتقدمتهم وسكائبهم ورش عليه كل دم محرقة وكل دم ذبيحة ومذبح النُحاس يكون لي للسؤال] [5]
وعموما فأن الحوار والخبر بعمل الله، والاعتراف بالإيمان، والاعتراف بالخطايا، وتلاوة المزامير، تَبرز أحياناً وبشكل متسع المعنى الروحي ضمن الحركة المادية في تقديم الذبائح:
+ الحوار والخبر بعمل الله
· للأهمية أنظر (خروج 24: 3 – 8)
· ويكون حين يقول لكم (يسألكم) أولادكم: ما هذه الخدمة لكم [6]؛
· وتُخبِّر ابنك في ذلك اليوم قائلاً:
من أجل ما صنــع إليَّ الرب حين أخرجني من مصر [7]
+ الاعتراف بالإيمان
· ثم تصرح وتقول أمام الرب إلهك. آرامياً كان أبي فانحدر إلى مصر وتغرَّب هُناك في نفر قليل فصار هناك أمه كبيرة وعظيمة وكثيرة، فأساء إلينا المصريون وثقلوا علينا وجعلوا علينا عبودية قاسية، فلما صرخنا إلى الرب إله آباءنا سمع الرب صوتنا ورأى مشقتنا وتعبنا وضيقتنا فأخرجنا الرب من مصر بيدٍ شديدة وذراع رفيعة ومخاوف عظيمة وآيات وعجائب وأدخلنا هذا المكان وأعطانا هذه الأرض أرضاً تفيض لبناً وعسلاً. فلآن هأنذا قد أتيت بأول ثمر الأرض التي أعطيتني يا رب ثم تضعه أمام الرب إلهك وتسجد أمام الرب إلهك وتفرح بجميع الخير الذي أعطاه الرب إلهك لك ولبيتك أنت واللاوي والغريب الذي في وسطك [8]
+ والاعتراف بالخطايا
· فاجتمعوا إلى المصفاة واستقوا ماء وسكبوه أمام الرب وصاموا في ذلك اليوم، وقالوا هُناك: قد أخطأنا إلى الرب [9]
فإن كان يُذنب في شيء من هذه يُقرّ بما قد أخطأ به ويأتي إلى الرب بذبيحة لإثمه عن خطيته التي أخطأ بها [10]
+ وتلاوة المزامير
· يا خائفي الرب سبحوه. مجدوه يا معشر ذُرية يعقوب. واخشوه يا زرع إسرائيل جميعاً، لأنهُ لم يحتقر ولم يُرذل مسكنة المسكين، ولم يحجب وجهه عنه، بل عند صراخه إليه استمع من قِبَلك.
تسبيحي في الجماعة العظيمة أوفي نذوري قُدام خائفيه، يأكل الودعاء ويشبعون، يُسبح الرب طالبوه، تحيا قلوبكم إلى الأبد، تذكر وترجع إلى الرب كل أقاصي الأرض، وتسجد قدامك كل قبائل الأمم، لأن للرب الملك وهو متسلط على الأمم [11]
والآن يرتفع رأسي على أعدائي حولي، فاذبــح في خيمتــه ذبائــح الهُتــاف. أُغني وأُرنم للرب [12]
أذبح لك منتدباً [13]. أحمد أسمك يا رب لأنه صالح [14]

وطبقاً لتكوين 22، ولعله بمثابة الميثاق بالنسبة لذبائح الهيكل، يرفض الله الضحايا البشرية ويتقبل الذبائح الحيوانية فقط. إلا أنه لا يُسرّ بهذه العطايا، إلا إذا قدمها الإنسان بقلب أهل للتضحية والبذل بإيمان حي صادق بمحبة قلب، بإعطاء أغلى ما عنده، على مثال أب الآباء إبراهيم حينما رضى أن يُقدم أغلى ما عنده (بلا تردد أو صراع مع نفسه) وهو ابنه الوحيد ولم يحجبه أو يعزه عن الله.
============================
[1] (تكوين 8: 20 – 22)
[2] (خروج 24: 5 – 8)
[3] (1صموئيل 1: 3)
[4] (1 صموئيل 20: 6)
[5] (2ملوك 16: 15)
[6] (خروج 12: 26)
[7] (خروج 13: 8)
[8] (تثنية 26: 5 – 11)
[9] (1صموئيل 7: 6)
[10] (لاويين 5: 5 – 6)
[11] (مزمور 22: 23 – 27)
[12] (مزمور 27: 6)
[13] (الذي دُعيَّ للقيام بعمل ما ولبى طوعاً واختياراً)
[14] (مزمور 54: 6)
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[FONT=&quot](2) الديانة الباطنية
===============
[FONT=&quot] أ - أولوية الديانة الباطنية

[FONT=&quot]حينما أندمج الشعب في حرفية الطقوس، وعلى الأخص الكهنة، إذ تعلَّقوا بالرتبة الطقسية وافتخروا بوضعهم وسط الشعب كنوع من أنواع التمايُز، مع إهمال العلامة المتعلَّقة بها. ومن هنا أتت تحذيرات الأنبياء الذين أعلنوا صوت الله وتوبيخه بسبب ذلك الانحراف[FONT=&quot][1]!!![/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]وقد نُخطئ أحياناً في تبين نية الأنبياء حينما يوبخون على العبادة الشكلية ونظن أنهم يلغون الطقس، ولكن في الحقيقة والواقع الاختباري الحي، فإنهم لا يشجبون الذبيحة في ذاتها لأنها موضوعه بأمر إلهي في الأساس، ولكن ينددون بالانحرافات الطارئة عليها، وعلى وجه الخصوص الممارسات الكنعانية الدخيلة التي لا تُرضي الله أبداً، لأن حتى على مستوانا الشخصي أحياناً نبالغ في شكل العبادة الخارجية التي تكون عادةً بلا روح أو قلب مستقيم، بل وأحياناً كثيرة نضع فكرنا الشخصي ونُضيف عليها ما هو جديد بحسب الشكل والمظهر الذي يُرضينا نحن وليس ما يُرضي الله الحي، وهذا ما أعلنه هوشع في كلماته التي توبخنا نحن بالدرجة الأولى، وتوبخنا جداً وتظهر عورة القلب الداخلية: [/FONT][FONT=&quot][شعب يسأل خشبة، وعصاه تخبره لأن روح الزنى قد أضلَّهم، فزنوا من تحت إلههم، يذبحون على رؤوس الجبال ويبخرون على التلال تحت البلوط واللُبْنى والبطم [FONT=&quot][2] لأن ظلها حسن، لذلك تزني بناتكم وتفسق كناتكم] [FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]فكثرة الطقوس وتشعبها ليست في حد ذاتها تُمجد لله، بل إن هذا التعدد لم يوجد في السابق: [/FONT]
+ [FONT=&quot][هل قدمتم لي ذبائح وتقدمات في البرية أربعين سنة يا بيت إسرائيل] [FONT=&quot][4][/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot][لم تحضر لي شاة محرقتك، وبذبائحك لم تُكرمني (تُمجدني). لم أستخدمك (ألزمتك) بتقدمه، ولا أتعبتك بلبان (لبان البخور). لم تشترِ لي بفضة قصباً، وبشحم ذبائحك لم تروني (أرويتني)، لكن استخدمتني (ألزمتني) بخطاياك وأتعبتني بآثامك] [FONT=&quot][5][/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot][لأني لم أكلم آبائكم ولا أوصيتهم يوم أخرجتهم من أرض مصر من جهة محرقة وذبيحة، بل إنما أوصيتهم (أمرتهم) بهذا الأمر قائلاً: اسمعوا صوتي فأكون لكم إلهاً وأنتم تكونون لي شعباً، وسيروا في كل الطريق الذي أوصيكم به ليحسُن إليكم (يطيب إليكم)، فلم يسمعوا ولم يميلوا أُذنهم، بل ساروا في مشورات وعناد قلبهم الشرير وأعطوا القفا لا الوجه (أداروا لي ظهورهم لا الوجه)] [FONT=&quot][6][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]فالطقس وعلى الأخص تقدمة الذبيحة، إذا تجردت من استعدادات القلب من توبة وإيمان حي وطاعة صوت الله، تنقلب عملاً باطلاً ورياء فج، إذ تتحول للشكل والصورة، فضلاً على أنها تُغضب الله إذا صاحبها مشاعر كلها شرّ، وأفكار ملوثة بالخطية وسلوك منافي لوصية الله!!![/FONT]
+ [FONT=&quot][هلم إلى بيت إيل (اذهبوا إلى بيت إيل) وأذنبوا إلى الجلجال وأكثروا الذنوب (تعالوا إلى بيت إيل وارتكبوا المعاصي، وفي الجلجال أكثروا من ارتكابها) واحضروا كل صباح ذبائحكم وكل ثلاثة أيام عشوركم وأوقدوا من الخمير تقدمة شكر ونادوا بنوافل (تبرعات) وسَمِعوُا (نادوا بتقدمات وأذيعوها)] [FONT=&quot][7][/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot][لماذا لي (ما فائدتي – ماذا استفيد من) كثرة ذبائحكم يقول الرب. أتخمت (شبعت) من محرقات كباش وشحم مسمنات، وبدم عجول وخرفان وتيوس، ما أُسرّ (لا يُرضيني) حينما تأتون لتظهروا أمامي (تعبدوني)، من طلب هذا من أيديكم أن تدوسوا دُوري (دياري – بيتي). لا تعودوا تأتون (إليَّ) بتقدمة باطلة، البخور (الرجس – الغريب عن التقوى) هو مكرهة لي، رأس الشهر والسبت ونداء المحفل (الأعياد الإلهية)، لست أطيق الإثم والاعتكاف (التفرغ للعابدة مع عدم التوبة عن الإثم)، رؤوس شهوركم وأعيادكم بغضتها نفسي وصارت عليَّ ثقلاً مللت حملها، فحين تبسطون أيديكم أستر عيني عنكم، وإن أكثرتم الصلاة لا أسمع، أيديكم ملآنة دماً، اغتسلوا تنقوا (تزكوا)، اعزلوا (أزيلوا وأقطعوا) شرّ أفعالكم من أمام عيني، كفوا عن فعل الشرّ] [FONT=&quot][8][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]ويُركز الأنبياء بشدة، بحسب بلاغتهم في اللغة، على أولوية النفس في علاقة طاعة تنعكس على سلوكها اليومي، فتستقيم الحياة وتنشأ علاقة حية سوية مع الله: [/FONT]
+ [FONT=&quot][وليجر الحق كالمياه والبرّ كنهرٍ دائم [FONT=&quot][9]؛إني أُريد رحمة لا ذبيحة، ومعرفة الله أكثر من محرقات [FONT=&quot][10][/FONT]؛ قد أُخبرك أيها الإنسان ما هو الصالح، وماذا يطلبه منك الرب؛ إلا (ليس غير) أن تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعاً مع إلهك] [FONT=&quot][11][/FONT][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]ولنا أن نعرف أن الأنبياء لا يضيفون شيئاً جديداً أو يشرحوا أصول العبادة بطريقة جديدة، لأن تعليمهم ليس إلا امتداد لنفس التعليم الذي خُطْ في عهد سيناء بصوت الرب نفسه عن طريق موسى النبي:[/FONT]
+ [FONT=&quot][فالآن إن سمعتم لصوتي وحفظتم عهدي تكونون ليس خاصة من بين جميع الشعوب. فأن لي كل الأرض [FONT=&quot][12]؛ وأخذ كتاب العهد وقرأ في مسامع الشعب: فقالوا كل ما تكلم به الرب نفعل ونسمع له، وأخذ موسى الدم ورش على الشعب وقال هوذا دم العهد الذي قطعه الرب معكم على جميع هذه الأقوال] [FONT=&quot][13][/FONT][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]وهذا التعليم تقليد ثابت لا يتغير ومحفوظ لكل زمان بالطبع ونافع لنا أيضاً:[/FONT]
+ [FONT=&quot][فقال صموئيل: هل مسرة الرب بالمحرقات والذبائح كما باستماع صوت الرب، هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة، والإصغاء أفضل من شحم الكباش] [FONT=&quot][14][/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot][وقد علمت يا إلهي أنك أنت تمتحن القلوب وتُسرّ بالاستقامة. أنا باستقامة قلبي انتدبت (تبرعت) بكل هذه، والآن شعبك الموجود هنا رأيته بفرح ينتدب (يتبرع) لك] [FONT=&quot][15][/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot][ذبيحة الأشرار مكرهة الرب وصلاة المستقيمين مرضاته] [FONT=&quot][16][/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot][فعل العدل والحق أفضل عند الرب من الذبيحة.. ذبيحة الشرير مكرهة فكم بالحري حين يقدمها بغش] [FONT=&quot][17][/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot][[FONT=&quot]بذبيحة وتقدمة لم تُسرّ [/FONT][FONT=&quot]– أُذني[/FONT][FONT=&quot] فتحت [/FONT][FONT=&quot]– [/FONT][FONT=&quot]محرقة وذبيحة خطية لم تطلب[/FONT][FONT=&quot]حينئذٍ قلت هنذا جئت (ها أنا آتٍ) بدرج الكتاب مكتوب عني أن أفعل مشيئتك يا إلهي سُررت (في هذه مسرتي). وشريعتك في وسط أحشائي (في صميم قلبي شريعتك) بشرت ببرّ في جماعة عظيمة. هوذا شفتاي لم أمنعهما أنت يا رب عَلِمْتَ] [FONT=&quot][18][/FONT]؛ [وللشرير قال الله: ما لك تُحدث (وتروي) بفرائضي وتحمل عهدي على فمك وأنت قد أبغضت التأديب وألقيت كلامي خلفك (ورائك – أهملت أن تعيش به)، إذا رأيت سارقاً وافقته، ومع الزناة نصيبك (إذا رأيت سارقاً صاحبته، ولا تُعاشر إلا الزُناة)، أطلقت فمك بالشرّ ولسانك يخترع غشاً (يختلق مكراً)، تجلس وتتكلم على أخيك (بكلام غير صالح)، لابن أمك تضع معثرة (تفتري على ابن أُمك وتضع أمامه ما يعثره ليسقط)، هذه صنعت وسكت (فعلت هذا وأنا ساكت عنك أتمهل عليك)، ظننت إني مثلك، أوبخك (لكني الآن أُوبخك)، وأصف (أُعدد – أضعها في صف) خطاياك أمام عينيك، أفهموا هذا يا أيها الناسين الله لئلا يفترسكم (أمزقكم – القصد العقاب) ولا منقذ، ذابح الحمد يُمجدني والمقوِّم طريقه أريه خلاص الله (الحمد هو الذبيحة التي تُمجدني، ومن قَوَّم طريقه أريه خلاصي)] [FONT=&quot][19][/FONT][/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot][أُسبح اسم الله بتسبيح وأُعظمه بحمد فيُستطاب عند الرب أكثر من ثور بقر ذي قرون وأظلاف، يرى ذلك الودعاء فيفرحون وتحيا قلوبكم يا طالبي الله] [FONT=&quot][20][/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot][الذابح من كسب الظلم يُستهزأ بتقدمته (الذبيحة بمال الحرام مهزلة)، واستهزاءات الأثماء ليست بمرضية (كل ما يقدمه الظالمون غير مقبول)، الرب وحده للذين ينتظرونه في طريق الحق والعدل، ليست مرضاة العلي بتقادم المنافقين ولا بكثرة ذبائحكم يغفر خطاياهم (العلي لا يرضى بقرابين الأشرار، ولا بكثرة ذبائحهم يغفر خطاياهم)، من قدم ذبيحة من مال المساكين فهو كمن يذبح الابن أمام أبيه.. واحد صلى والآخر لعن فأيهما (فلمن منهما يستمع) يستجيب الرب لصلاته، من اغتسل من لمس ميت ثم لمسه فماذا نفعه غسله، كذلك الإنسان الذي يصوم عن خطاياه ثم يعود يفعلها من يستجيب لصلاته وماذا نفعه (ينفعه) اتضاعه] [FONT=&quot][21][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]وفي الواقع أن تقديم الذبيحة الباطنية أي من دخل القلب قبل الخارج، ليست بديلاً عن تقدمة العبادة الخارجية، فلا تلغيها أو تشجبها أو تنسخها، بل هي تعتبر الأساس أو الجوهر: لأنك لا تُسر بذبيحة وألا فكنت أُقدمها. بمحرقة لا تَرضَى. ذبائح الله هي روح منكسرة، القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره. أحسن برضاك إلى صهيون، ابن أسوار أورشليم، حينئذٍ تُسرّ بذبائح البرّ محرقة وتقدمة تامة حينئذٍ يصعدون على مذابحك عجولاً] [FONT=&quot][22][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]وهذه الذبيحة الباطنية هي جوهر وأساس الطقس الحقيقي: [/FONT]
+ [FONT=&quot][من حفظ الشريعة فقد قدَّم ذبائح كثيرة، من رعى الوصايا فقد ذبح ذبيحة الخلاص (ذبيحة السلامة)، ومن أقلع عن الإثم فقد ذبح ذبيحة الخطية وكفر ذنوبه، من قدم السميذ فقد وفى بالشكر، ومن تصدق فقد ذبح ذبيحة الحمد، مرضاة الرب الإقلاع عن الشرّ، وتكفير الذنوب الرجوع عن الإثم، لا تحضر أمام الرب فارغاً فأن هذه كلها تُجري طاعة للوصية (تأمر بها الشريعة)، تقدمة الصديق تُدَسمُ المذبح (دسم على المذبح) ورائحتها طيبة أمام العلي، ذبيحة الرجل الصديق مرضية (مقبولة) وذكرها لا يُنسى، مجد الرب عن قُرَّة عين (أكرم الرب بعين سخية) ولا تُنقص من بواكير يديك (لا تبخل عليه من بواكير غلالك)، كن بشوش الوجه في كل عطية، وكرس للرب عُشر غلالك بفرح... إياك والذبيحة التي بها عيب (لابد من أن تكون اي عطية لله أفضل ما عندك)، الرب ديان، وهو لا يعرف المُحاباة.. من يتعبد للرب بكل قلبه يَتَقَبلهُ الرب، وصلاته تبلغ اليوم، صلاة المتواضع تخترق الغيوم، ولا يتعزى إلى أن يبلغ غايته، ولا يستريح حتى يراه العلي.. (الرب) يُجازي الناس بحسب أعمالهم، ونياتهم] [FONT=&quot][23][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]وهذا التيار الروحي الأصيل يشجب التقوى السطحية القائمة على المصلحة التي تقوم على كبرياء القلب وطلب مديح الناس، أو مخالفة الوصية التي هي حياة النفس، وقد أثار في النهاية هذا المنهج الروحي الأصيل، جدلاً حول الطقوس ذاتها – من جهة النسك بحرفيتها وشكلها بدون جوهرها – التي أدت لمقاومة الأنبياء ورفض صوت الله على أفواههم، لأن الكثيرين فضَّلوا الشكل عن الجوهر لأجل كبرياء القلب ومديح الناس، وكان الأنبياء في هذا كله بمثابة الممهدين للعهد الجديد بشأن جوهر الذبيحة وفعلها الحقيقي وليس في مجرد طقس مُقدَّم في عبادة شكلية، ويلزمنا هُنا أن ندرك أن الطقس وترتيبه ونظامه مهم جداً ولم يلغه الله بالرغم من كل كلمات الأنبياء الشديدة التحذير والتوبيخ، إنما كان يُشير إلى الانحرافات التي حدثت كما رأينا من عدم استقامة النفس وتقديم توبة حقيقية من القلب والالتزام بكل حرفية العبادة من جهة الشكل والمظهر فقط، لكن أن قُدِّم الطقس حسب أمر الله بكل طاعة وقلب مستقيم، فأنها كفيلة ان ترفع الإنسان لأعلى مستوى سماوي فائق يُفرِّح القلب ويُعطي قوة شركة حقيقية مع الله الحي.[/FONT]
============================
[FONT=&quot][1][FONT=&quot] الذي لا زال البعض يُعاني منه اليوم في الكنيسة[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] (شجرة برية صغيره الورق صمغها قوي الرائحة)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] (هوشع 4: 12 – 13)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][4] [/FONT][FONT=&quot](عاموس 5: 25)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot] (أشعياء 43: 23 – 24)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot] (إرميا 7: 22 – 24)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][7] [/FONT][FONT=&quot](عاموس 4: 4و5)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][8][/FONT][FONT=&quot] (إشعياء 1: 11 – 16)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][9][/FONT][FONT=&quot] (عاموس 5: 24)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot] (هوشع 6: 6)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][11][/FONT][FONT=&quot] (ميخا 6: 8)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][12] [/FONT][FONT=&quot](خروج 19: 5)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][13][/FONT][FONT=&quot] (خروج 24: 7 – 8)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][14][/FONT][FONT=&quot] (1صموئيل 15: 22)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][15] [/FONT][FONT=&quot](1أيام 29: 17)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][16][/FONT][FONT=&quot] (أمثال 15: 8)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][17][/FONT][FONT=&quot] (أمثال 21: 3 و27)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][18] [/FONT][FONT=&quot](مزمور 40: 7 – 9)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][19][/FONT][FONT=&quot] (مزمور 50: 16 – 23)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][20][/FONT][FONT=&quot] (مزمور 69: 30 – 32)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][21][/FONT][FONT=&quot] (سيراخ 34: 21 – 31)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][22][/FONT][FONT=&quot] (مزمور51: 16 – 19)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][23][/FONT][FONT=&quot] (مقتطفات من سفر سيراخ إصحاح 35 حسب الترجمة السبعينية)[/FONT][/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[FONT=&quot]ب – قمة الديانة الباطنية


[FONT=&quot]نرى إلى جانب التصور الجامع الشرعي الوارد في سفر اللاويين، يُقدم لنا الكتاب المقدس تصوراً جامعاً آخر، يتميز بالقوة الفعالة لأنه متجسد في شخص. فأن عبد الله بحسب إشعياء 53، سيجعل من موته تقدمة لذبيحة تكفير أبدي أزلي، وأن التصريح النبوي يُسجل تقدُّماً ملحوظاً بالنسبة للمفاهيم الواردة في لاويين 16.[/FONT]
[FONT=&quot]وكبش الفداء في يوم التكفير العظيم الذي يُقدَّم بيد مُقدِّمه وليس باختياره لأنه غير عاقل، كان يحمل وزر خطايا الشعب. إلا أنه بالرغم من رتبة وضع الأيدي، أي وضع يد الخطاة عليه، لم يكن قادر أن يجعل المقدم والذبيحة واحد - على مستوى الشركة كواقع فعلي - حتى يصير ذات فاعليه داخلية وقوة تطهير دائم، فالتعليم بالإنابة في القصاص لم يكن على صله بهذه الليتورجيا[FONT=&quot]: [/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot][ [FONT=&quot]لأنه إن كان دم ثيران و تيوس ورماد عجلة مرشوش على المنجسين يقدس إلى طهارة الجسد [/FONT][FONT=&quot]] [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot][ [FONT=&quot]لأنه لا يمكن (مستحيل) أن دم ثيران و تيوس يرفع خطايا [/FONT][FONT=&quot]] [/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]وأما العبد (( أي الله الكلمة الذي أخلى نفسه آخذاً شكل العبد، الله الظاهر في الجسد)) بالعكس، فأنه أصبح بسبب التجسد هو الكاهن والذبيحة ومقدمها في آنٍ واحد، فأنه يُسلَّم نفسه طواعية باختياره الحرّ، لأجل الخطاة بتقدمة ذاته الخالية من أي شبه عيب، حاملاً البشرية كلها فيه، وهي تعود بالفائدة على [كثيرين] بحسب تدبير الله وخطته الموضوعة للخلاص الأبدي. وهنا تلتقي أقصى الباطنية مع أقصى العطاء وأقصى الفاعلية:[/FONT]

+ [FONT=&quot]من الضغطة ومن الدينونة أُخذ وفي جيله من كان يظن انه قُطع من أرض الأحياء، أنه ضُرِبَ من أجل ذنب شعبي.. من تعب نفسه يرى ويشبع، وعبدي البار بمعرفته يبرر كثيرين، وآثامهم هو يحملها، لذلك أقسم له بين الأعزاء، ومع العظماء يقسم غنيمة، من أجل أنه سكب للموت نفسه (بحريته وإرادته) وأحصي مع آثمة، وهو حمل خطية كثيرين، وشفع في المذنبين. [FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][/FONT]
=========================
[FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] (عبرانيين 9: 13)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] (عبرانيين 10: 4)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] (إشعياء 53)[/FONT][/FONT]
[/FONT]
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
ثانياً العهــــــــــــدالجديد
(1) استمرار وتفوق
نجد في العهد الجديد استمرار وتفوق من ناحية الكمال،
فعوض ما كانت تمثله الذبيحة كرمز، أصبحت تنطبق على المرموز إليه تمام الانطباق بل وتتفوق عليها جداً، لأنها تحققت في كمال اتساعها وحققت وحدتها بعد ما كانت منفصلة غير متصلة، إذ كانت كل ذبيحة منفردة ومرتبطة بأخرى ولكنها لم تكن واحدة في تقديمها، وعموماُ – كما أوضحنا في العهد القديم – نجد أن شخص ربنا يسوع يرجع إلى الفكرة النبوية عن أولوية النفس على الطقس بالرغم من أهميته كما ذكرنا سابقاً: [فأن قدمت قربانك إلى المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئاً عليك فاترك هُناك قُربانك قُدام المذبح واذهب أولاً اصطلح مع أخيك وحينئذٍ تعالى وقدم قُربانك] [1]
ويتضح هذا ويظهر بقوة بالنسبة لعلاقتنا معه وبالتالي مع القريب: [ومحبته (الله) من كل القلب ومن كل الفهم ومن كل النفس ومن كل القدرة، ومحبة القريب كالنفس هي أفضل من جميع المحرقات والذبائح] [2]
وبرجوعه للمفهوم الباطني الذي شُرح في العهد القديم لتوضيح الديانة الباطنية من القلب، يعدّ الأذهان لتفهم معنى ذبيحته الخاصة أي ذبيحة نفسه التي تفوقت على ذبائح العهد القديم كلها.
فنجد أنه من عهد لعهد يقوم استمرار وتفوق، فالاستمرار يبدو في انطباق عناصر الذبيحة – في العهد القديم – على موت المسيح له المجد في العهد الجديد، والتفوق يظهر بفضل طابع الأصالة المطلقة في تقدمة يسوع المسيح الله اللوغوس المتجسد:
+ [الذي هو رمز للوقت الحاضر الذي فيه تُقدَّم قرابين وذبائح لا يُمكن (مستحيل) من جهة الضمير أن تُكمل الذي يخدم (تجعله كامل)] [3]؛ [وليس بـدم تيوس وعجـول بل بـدم نفســه دخل مـــرة واحــدة إلى الأقداس فوجــد فـــداءً أبديـــاً][4]؛ [لأنه لا يمكن (مستحيل) أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا] [5]؛ [لأنه أن كان دم ثيران وتيوس ورماد عجلة مرشوش على المنجسين يقدس إلى طهارة الجسد، فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح أزلي قدم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي] [6]
والواقع أن هذا التفوق والتميز يُدخل في العالم حقيقة جديدة في ملئ جوهرها وطبعها الإلهي، وهي حقيقة الفداء والخلاص الأبدي الذي صُنع بدم عهداً جديداً، دم ابن الله الذي يطهر النفس والضمير والقلب، طُهراً كاملاً أبدياً يفوق كل حدود إمكانيات البشر وفكرهم الخاص: [في تقديـــس الــروح للطاعـــة ورش دم يســـوع المسيـــح لتكثـــر لكم النعمـــة والسلام] [7]؛ [ فإذ لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع ] [8]؛ [أن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية ] [9]
=========================
(2) معنى الذبيحة
على ضوء دراستنا في العهد القديم، نستطيع أن نتعرف على معنى الذبيحة، فالسبب الرئيسي لتقديم ذبيحة هو التقديس، فأولاً تُفرز الذبيحة، أي يتم انتقائها بدقة وتدقيق شديد بحيث تكون بلا عيب، ثم يتم وقفها على الله وحده، أي تكريسها وتخصيصها لغرض تقديمها لله القدوس الحي، ومن هنا تأتي صفة التكريس، تكريس أي تخصيص الشخص أو الشيء للرب، أي لتقريبه للرب، أو استخدامه لأغراض مقدسة، بمعنى إعطاء شيء أو شخص وضعاً مقدساً، أي أن يجعله مُقدساً، والمعنى أن يكون الشخص أو الشيء مفرزاً ليكون وقفاً على الله وحده، بمعنى استبعاده من حالة الاستخدام العادية أو الاستعمال الطبيعي ليُقدَّم لله الفائق النقاوة.

+ [وكلم الرب موسى قائلاً: وأنت تأخذ لك أفخر الأطياب، مُراً قاطراً خمس مئة شاقل، وقرفة عطرة نصف ذلك مئتين وخمسين، وقصب الذريرة مئتين وخمسين. وسليخة خمس مئة بشاقل القدس، ومن زيت الزيتون هينا. وتصنعه دهناً مُقدساً للمسحة، عطر عطارة صنعة العطار دهناً مقدساً للمسحة يكون. وتمسح به خيمة الاجتماع وتابوت الشهادة. والمائدة وكل آنيتها والمنارة وآنيتها ومذبح البخور. ومذبح المحرقة وكل آنيته والمرحضة وقاعدتها. وتُقدسها فتكون قُدس أقداس كل ما مسها يكون مقدساً. وتمسح هرون وبنيه وتُقدسهم ليكهنوا لي. وتكلم بني إسرائيل قائلاً: يكون هذا لي دهناً مُقدساً للمسحة في أجيالكم. على جسد إنسان لا يُسكب وعلى مقاديره لا تصنعوا مثله، مقدس هو ويكون مقدساً عندكم. كل من ركب مثله ومن جعل منه على أجنبي يُقطع من شعبه] [10]

عموماً كان التركيز الأساسي في الذبيحة على التقديس والتكريس للرب (تقدسوا، كونوا قديسين): [إني أنا الرب إلهكم فتتقدسون وتكونون قديسين لأني أنا قدوس، ولا تنجسوا أنفسكم بدبيب يدب على الأرض، إني أنا الرب الذي أصعدكم من أرض مصر ليكون لكم إلهاً فتكونون قديسين لأني أنا قدوس] [11]
وذلك – بالطبع – لكي يكون شعب إسرائيل شعب مُفرز ومخصص للرب وحده من بين جميع الشعوب، متطهراً من الخطية والإثم وكل طمع، لكي يدخل في شركة مقدسة خاصة مع الله، متوسطاً ما بين الشعوب كلها والله الحي، أي بصفته وسيط يعلن مجد الله الحقيقي الحي الواحد:

· [وقال يشوع للشعب تقدسوا لأن الرب يعمل غداً في وسطكم عجائب [12]؛ قم قدس الشعب وقل تقدسوا للغد لأنه هكذا قال الرب إله إسرائيل في وسطك حرام يا إسرائيل فلا تتمكن للثبوت أمام أعدائك حتى تنزعوا الحرام من وسطكم [13]؛ فقال سلام قد جئت لأذبح للرب، تقدسوا وتعالوا معي إلى الذبيحة وقدس يسى وبنيه ودعاهم إلى الذبيحة] [14]
================================
عموماً مُلَّخص معنى الذبائح كالآتي (كما جاء في القاموس اللاهوتي الألماني لكيتل):
v الذبيحة هي استحداث وَضع، من خلاله يُمكن أن يُستعلن الله نفسه بقصد تنظيم علاقة بينه وبين شعبه. فبواسطة نظام الذبائح – في العهد القديم – أراد الله أن يكون له علاقة وتعامل شخصي مع شعبه. وأول مثل لذلك – كما رأينا سابقاً – ما جاء في بداية تعامل الله مع إبراهيم أب الآباء: [فآمن بالرب فحسبه له براً. وقال له أنا الرب أخرجك من أور الكلدانيين ليعطيك هذه الأرض لترثها. فقال أيها السيد الرب بماذا أعلم أني أرثها. فقال له خُذ لي عجلة ثلاثية وعنزة ثلاثية وكبشاً ثلاثياً ويمامة وحمامه. فأخذ هذه كلها وشقها من الوسط وجعل شق كل واحد مقابل صاحبه.. ولما صارت الشمس إلى المغيب وقع على إبرام ثبات وإذا رعبه مظلمة عظيمة واقعة عليه.. في ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام ميثاقاً] [15]

كذلك حينما أراد الله أن يُجرب إبراهيم في محبته وطاعته لله أكثر من كل شيء آخر طلب منه أن يقدم ابنه وحيده الذي يحبه وقبل فيه المواعيد ذبيحة، فأطاع ولم يتردد، ومنعه الله في آخر لحظة والسكين على رقبة ابنه، وأعدَّ له كبشاً للذبيحة عوضاً عن ابنه.
وفي هذا كان الله يُعبَّر أعظم تعبير – من خلال ابراهيم – عن أن الذبيحة لله هي في عينيه أقوى تعبير عن الحب والطاعة اللذين ارتبط بهما الإنسان بالله، ورد فعل الذبيحة بهذا الشكل هو رد الله على إبراهيم بعد تقديم ابنه بمحبة لله وطاعة منقطعة النظير:
+ [بذاتي أقسمت يقول الرب، إني من أجل أنك فعلت هذا الأمر ولم تُمسك ابنك وحيدك أباركك مباركة.. ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض] [16]
وإذا أضفنا على شكل هذه الذبيحة الأشكال الأخرى التي وردت في الناموس، نستطيع القول إن الذبيحة دائماً ما تُعبَّر عن حضور الله ومعه نعمته وبره.

وإذا كان الأنبياء في أواخر الأيام – في العهد القديم – بدئوا يعلنون رفض الله لذبائح شعب إسرائيل، وكذلك المزامير – كما رأينا وشرحنا سابقاً – فلم تكن المعارضة على الذبائح في حد ذاتها، ولا حتى على الطقس بكل ما جاء فيه، ولكن لأن الشعب بكهنته أهملوا القصد الأساسي من الذبائح التي قامت عليه روحياً، وهو الوجود في حضرة الله لتكوين علاقة روحية حقيقية تنمو مع الأيام، مع التواضع والتقوى والإيمان والمحبة التي هي روح الطقس الذبائحي ومحوره كله، والتي كانت هي – بحد ذاتها – الذبائح الحقيقية. وهكذا حلَّت التقدمات المادية والشكلية عوض العلاقة الشخصية الروحية والتسبيح والشكر للخلاص في حضرة الله بالقداسة. وهذا كان بالنص، محور تبكيت الأنبياء والمزامير:
+ أسمـــع يا شعبي فأتكلم يا إسرائيل فأشهد عليك. الله إلهك أنا (إني أنا الله إلهك)، لا على ذبائحـك أوبخـك، فأن محرقاتك هي دائمــاً قدامي.. هل آكل لحـــم الثيـــران أو أشـــرب دم التيوس؛ أذبـــــح لله حمـــداً وأوفِ العلي نذورك، وادعني في يوم الضيق أُنقـــذك فتُمجدني [17]؛ إني أُريد رحمة لا ذبيحة، ومعرفة الله أكثر من محرقات (وهو تحول باطني صادق = ذبيحة حقيقية مقبولة وليس أدق من موقف أب الآباء إبراهيم للتعبير عنها)] [18]؛ بذبيحة وتقدمة لم تُسرّ (لم تشأ)، أُذنيَّ فتحت، محرقة وذبيحة خطية لم تطلب. حينئذٍ قلت هانذا جئت بدرج الكتاب مكتوب عني. أن أفعل مشيئتك يا إلهي سُررت (أعمل بمشيئتك يا الله، شريعتك في صميم أحشائي)] [19]

عموماً طلب الله للعلاقة الروحية والحياة حسب الوصية بتقوى ومحبة كاملة له لم يكن يتعارض مع الذبائح. ولكن بسبب التوقف عن القصد الأساسي من هذه الذبائح رفضها الله تماماً، لأن الله لا يرضى بشكل أو مظهر خارجي، لأنه لا يتعامل مع المرائي أو من له صورة التقوى وينكر قوتها:
+ [ومتى صليت فلا تكن كالمرائين فإنهم يحبون أن يُصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس، الحق أقول لكم أنهم قد استوفوا أجرهم] [20]
+ [يعترفون بأنهم يعرفون الله ولكنهم بالأعمال ينكرونه إذ هم رجسون غير طائعين ومن جهة كل عمل صالح مرفوضون] [21]
+ [واكتب إلى ملاك الكنيسة التي في ساردس هذا يقوله الذي له سبعة (الكمال) أرواح الله والسبعة الكواكب أنا عارف أعمالك أن لك اسماً إنك حي وأنت ميت] [22]
=====================
[1] (متى 5: 23 – 24)
[2] (مرقس 12: 13)
[3] (عبرانيين 9: 9)
[4] (عبرانيين 9: 12)
[5] (عبرانيين 10: 4)
[6] (عبرانيين 9: 13و 14)
[7] (1بطرس 1: 2)
[8] (عبرانيين 10: 19)
[9] (1يوحنا 1: 7)
[10] (خروج 30: 22 – 33)
[11] (لاويين 11: 44و 45)
[12] (يشوع 3: 5)
[13] (يشوع 7: 13)
[14] (1صموئيل 16: 5)
[15] (تكوين 15: 6 – 10 و12 و18)
[16] (تكوين 22: 16 – 18)
[17] (أنظر مزمور 50: 7 و15)
[18] (هوشع 6: 6)
[19] (مزمور 40: 6 – 8)
[20] (متى 6: 5)
[21] (تيطس 1: 16)
[22] (رؤيا 3: 1)
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,360
النقاط
0
[FONT=&quot](3) يسوع يقدم نفسه ذبيحـــــــــة
===================
[FONT=&quot]أ - تمهيــــــــد

[FONT=&quot]نجد في العهد الجديد أن يسوع عندما كان يُنبئ عن آلامه، يستخدم نفس ذات الكلمات والألفاظ التي كانت تتميز بها ذبيحة التكفيرية التي ذُكرت في سفر أشعياء النبي:[/FONT]
+ [FONT=&quot]إنه يأتي "ليخدم" [FONT=&quot]διακονηθηναι - to serve[/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot]"يبذل حياته – يبذل نفسه – يعطي حياته"[FONT=&quot]δοναι τήν ψυχήν – to give life[/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot]ويموت " فداءً " [FONT=&quot]λύτρον – ransom/atonement[/FONT][FONT=&quot] عن كثيرين (يفتدي أسير أو يحرر أسير – يكفر بالآلام حتى الموت)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]+[FONT=&quot] لأن ابن الإنسان أيضاً لم يأتِ ليُخدَّم، بل ليخدِّم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين [FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]+[FONT=&quot] لأني أقول لكم إنه ينبغي (يجب – يتحتم) أن يتم فيَّ أيضاً المكتوب وأُحصيَّ مع أثمه [FONT=&quot][2][/FONT][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]+[FONT=&quot] وأما الرب فسُرَّ بأن يسحقه بالحزن. إن جعل نفسه ذبيحة إثم.. من تعب نفسه يرى ويشبع، وعبدي البار بمعرفته يُبرر كثيرين، وآثامهم هو يحملها لذلك أقسم له بين الأعزاء.. من أجل أنه سكب للموت نفسه (بذل نفسه) وأُحصيَّ مع أثمه، وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين [FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]وفضلاً عن ذلك ففي العشاء الفصحي الأخير، يؤكد الرب يسوع المسيح على وجود علاقة مقصودة ومحدده بين موته وذبيحة الحمل الفصحي. ولنتتبع قول الرب في الأناجيل ونلاحظ ما قيل بترتيب عجيب مُذهل في الأناجيل:[/FONT]
· [FONT=&quot]1 – وكان فصح اليهود قريباً فصعد كثيرين من الكور إلى أورشليم قبل الفصح ليطهروا أنفسهم فكانوا يطلبون يسوع ويقولون فيما بينهم وهم واقفون في الهيكل ماذا تظنون هل هو لا يأتي إلى العيد وكان أيضاً رؤساء الكهنة والفريسيون قد أصدروا أمراً إن عرف أحد أين هو فليدل عليه لكي يمسكوه. [FONT=&quot][4][/FONT][/FONT]
· [FONT=&quot]2 – ثم قبل الفصح بستة أيام أتى يسوع إلى بيت عنيا حيث كان لعازر الميت الذي أقامه من الأموات فصنعوا له هناك عشاء. [FONT=&quot][5][/FONT][/FONT]
· [FONT=&quot]3 – تعلمون أنهُ بعد يومين يكون الفصح وابن الإنسان يُسّلَّم ليُصلب (صيغة مبني للمجهول، الآب يُسَلَّم، والابن يُسلَّم ذاته بإرادته وسلطانه). [FONT=&quot][6][/FONT][/FONT]
· [FONT=&quot]4 – وأما يسوع قبل عيد الفصح (الفصح يعني العبور، وهنا الإشارة إلى عبور المسيح الموت، وهذا هو الفصح الحقيقي، أي الانتقال من الوضع الحاضر إلى المشاركة في مجد الآب بالبشرية التي اتحد بها في سر تجسده) وهو عالم أن ساعته قد جاءت ((يعي الرب وعياً تاماً بمجيء ساعته وأهمية الأحداث التي ابتدأت ويستقبلها بملء حريته وإرادته)) لينتقل من هذا العالم إلى الآب إذ كان قد أحب خاصته الذين في العالم أحبهم إلى المنتهى[FONT=&quot][7][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]وأخيراً يرجع صراحة إلى خروج 34: 8، مبيناً الصورة التي استخدمها موسى (دم العهد):[/FONT]
· [FONT=&quot]وأخذ موسى الدم ورش على الشعب وقال: هوذا دم العهد [FONT=&quot]דַם־הַבְּרִת[/FONT][FONT=&quot] الذي قطعه الرب معكم على هذه الأقوال. [FONT=&quot][8][/FONT]؛ وقال لهم يسوع: هذا هو دمي الذي للعهد [/FONT][FONT=&quot]covenant[/FONT][FONT=&quot] الجديد [/FONT][FONT=&quot]αἷμά μου τῆς διαθήκς[/FONT][FONT=&quot] الذي يُسفك من أجل كثيرين. [FONT=&quot][9][/FONT][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]على أن الإشارة هنا إلى الحمل الذي يُخلّص بدمه الشعب، وإلى ضحايا سيناء التي تُثبت العهد القديم، وإلى موت العبد التكفيري، وهي إشارة تؤكد بوضوح طابع الذبيحة في موت الرب يسوع: فهذا الموت الذي يموته المسيح الرب ليس كذبائح العهد القديم تُفيد مُقدِّمها إلى طهارة الجسد وتعجز عن تطهير الضمير وتغيير القلب من الداخل، بل موته يُفيد الجميع فعلاً وعملاً على مستوى واقعي مُعاش، إذ يُعطي غفران الخطايا ويغسل الضمير من الداخل، فبذبيحته يكرس العهد النهائي لشعباً جديداً مولود من الله، وموته – لكل من يؤمن – يصبح ينبوعاً للحياة الأبدية.[/FONT]

[FONT=&quot]أما الإفخارستيا التي أُسست لتجعل قربان الصليب الواحد حاضراً كذكرى[FONT=&quot]άνάμνησις anamnesis[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot][10][/FONT] في إطار مائدة مقدسة، فهي تربط الطقس المسيحي الجديد بذبائح وحدة الاتحاد القديمة والتي كانت تحمل في طياتها رمز الذبيحة الجديدة والنهائية:[/FONT][/FONT]
+ [FONT=&quot][وتأخذ دقيقاً وتخبزه أثني عشر قُرصاً عُشرين يكون القرص الواحد، وتجعلها صفين، كل صف ستة على المائدة الطاهرة أمام الرب، وتجعل على كل صف لُباناً نقياً فيكون للخبز تذكاراً وقوداً للرب] [FONT=&quot][11][/FONT][/FONT]

[FONT=&quot]وعلى هذا النحو فإن تقدمة يسوع المسيح في واقع تقديمها اللاهوتي الذبائحي وتعبيرها السري، توجز وتُتمم تدبير الذبائح كلها معاً في العهد القديم: وذلك بصفتها ذبيحة واحدة كاملة مُقدَّمة في وقتٍ واحد، ليست منفصلة أو متصلة، لأن المسيح الرب الواحد الذي هو الكاهن والمذبح والذبيحة معاً قدَّم نفسه بالتمام ليصير ذبيحة أبدية وهي في ذات الوقت صارت – بسبب طبيعته – أزلية، وهذا ما سوف نوضحه بأكثر تفصيل فيما بعد، لأن الذبيحة هنا تتفوق على العهد القديم بكل رموزه التي هي ظل باهت ضعيف للغاية للحقيقة المسيانية التي تمت في ملء الزمان كالتدبير.[/FONT]

[FONT=&quot]ويلزمنا أن نفهم – بشكل مُحدد – معنى المحرقة والفرق بين التقدمة والذبيحة كالآتي:[/FONT]
[FONT=&quot]+ معنى المحرقة [FONT=&quot]ὁλοκαύτωμα[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]Holocaust – a whole burnt-offering[/FONT]
[FONT=&quot]وهي تقدمة (قربان = ذبيحة) صحيحة وسليمة لا عيب فيها، غير مكسورة أو مقسومة، تُقدَّم لتُحرق بالتمام، أي بتمامها وكاملها (وسوف نشرحها بالتفصيل الشديد حينما نتكلم عن ذبيحة المحرقة وطقس وسبب تقديمها)[/FONT]
[FONT=&quot]+ الفرق بين التقدمة [FONT=&quot]προσΦορά[/FONT][FONT=&quot] ؛ الذبيحة [/FONT][FONT=&quot]θύσια[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]الذبيحة = فعل التقدمة مضافاً إليه عنصر الألم حتى الموت. [/FONT]
+ [FONT=&quot]فالتقدمة تتم أولاً بالفرز والتخصيص، لأن الرب يسوع قدَّم نفسه أولاً بحريته وإرادته وسلطانه وحده كحمل طائع مشيئة الآب، ثم تُرفع كذبيحة أمام الله، وهذا ورد في التقليد الليتورچي الكنسي القديم، فأن القداس الإلهي يبدأ بتقديم الحمل، وهذا هو عمل ليتورچي قائم بذاته كفعل تقدمة مُقربة للآب بالطاعة وهذا يعبر عنه بمجيء المسيح الذي جاء في الجسد، ثم يليه قداس تقدمة المسيح كذبيحة، لأنه تجسد أولاً وعاش بيننا ثم قدَّم نفسه للموت، أي أن التقدمة قُدمت أولاً مُفرزة مُكرسه مُعينة من الله لتصل إلى الطاعة حتى الموت كذبيحة حمل رافع خطية العالم.[/FONT]
+ [FONT=&quot]ففي تقديم الحمل يُقدَّم مُهيأ للذبيحة [FONT=&quot]θύσια[/FONT][FONT=&quot]، وفي القداس الإلهي ندخل في سرّ الحمل المذبوح[FONT=&quot][12][/FONT]، وتُرفع الذبيحة بالتقدمة [/FONT][FONT=&quot]προσΦορά[/FONT][/FONT]
=================
[FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] (مرقس 10: 45)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] (لوقا 22: 37)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] (إشعياء 53: 10 – 12)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] (يوحنا 11: 55 – 57)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot] (يوحنا 12: 1و2)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot] (متى 26: 2)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot] (يوحنا 13: 1)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][8][/FONT][FONT=&quot] (خروج 24: 8)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][9][/FONT][FONT=&quot] (مرقس 14: 24)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot] هذه الكلمة ليست بالمعنى الدارج المشهور للجميع، مجرد ذكرى، ولكنها في الترجمة الأصلية تُستخدم في الأعمال التي تخص الله، وتُعَّبر عن حدوث "صلة شخصية" على وجه خاص بين الإنسان والله. ومعناها على وجه الخصوص – كما قصد الرب منها – استعلان وظهور عمل الرب إلى أن يُستعلَّن الرب نفسه في اليوم الأخير أي في المجيء الثاني، وعموماً هي ليست من الكلمات العادية التي تدخل ضمن الحديث العادي أو التعبير الشخصي، لكنها اصطلاح طقسي ليتورجي وذلك بحسب ورودها واستخدامها في الطقس القديم.[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][11][/FONT][FONT=&quot] (لاويين 24: 5 – 7)[/FONT][/FONT]
[FONT=&quot][12] [FONT=&quot]وينبغي أن نعلم بيقين ان هذا ليس معناه أننا نصلب المسيح الرب مرة أخرى على الإطلاق، لأنه قدَّم نفسه مرة واحدة ولن تعاد ذبيحة الصليب إطلاقاً، وفي القداس الإلهي نحن لا نصنع ذلك إطلاقاً ولا هذا إيماننا ولا هو عقيدتنا ولا هو غرض القداس أو هدفه لأن بعدم وعي أو فهم فأن كثيرين يتصورن هذا الأمر الخاطئ للغاية وسوف نضع الشرح السليم عن القداس الإلهي في موضوع آخر مستقلاً بذاته. [/FONT][/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
أعلى