++ أبشالوم ++

Messias

غالى عليك
عضو مبارك
إنضم
1 نوفمبر 2005
المشاركات
541
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
غريب انا فى الأرض لا تخفى عنى وصياك
أبشالوم



معناه أبي سلام . وهو الابن الثالث لداود من معكة بنت تلماي ملك جشـور ( 2 صم 3 : 3 ) . انتقل وهو صغير إلى العاصمة أورشليم حيث صرف أغلب حياته .

وكان محبوباً جداً عند أبيه و عند الشعب ، فتصرفاته اللبقة وجمالة الشخصي ودهاؤه الشديد مع ولعه الواضح بالأبهة والمظاهر الملكية ، كل هذا أسر قلوب الشعب منذ البداية . فكان يعيش عيشة مترفة وله مركبة فاخرة وخمسون رجلاًيجرون أمامه ، وقد أتى كل ذلك بالأثر المنشود في قلوب أشراف المدينة الملكية ( 2 صم 15 : 1 - 12 ) . وعندما أذل أمنون - أخو لأبيه - أخته ثامار وأغمض داود عينيه عن هذه الجريمة الشنيعة ، وأهمل توقيع القصاص المناسب ، اغتاظ أبشالوم بحق ، واختزن أبشالوم غضبه في نفسه ، وبعد مرور سنتين رسم أبشالوم خطة للإيقاع بأمنون ليثأر لاختـه . فعمل وليمة عظيمة لأبناء الملك في بعل حاصور ، وجاء أمنون بين من جاءوا ، وهناك لقى أمنون حتفه على أيدي عبيد أبشالوم ( 2 صم 13 : 1 - 29 ) ، وليتجنب أبيه هرب إلى بلاط جده لأمه في جشور حيث مكث ثلاث سنوات إلى أن تعزى داود ولان قلبه . وفي نهاية السنوات الثلاث ( 13 : 38 ) ، أتى يوآب بأمر الملك بأبشالوم إلى أورشليم ، ولكنه مكث سنتين لم ير فيهما وجه الملك ( 14 :28 ) . وعندما عاد أبشالوم إلى بيت أبيه ، لم يضع أي فرصة لاستعادة مركزه المفقود ، وليخلف أباه في الملك ، فجرفه التيار حتى نسي مركزه كابن ، وتصرف بدهاء وبخاصة مع كل صاحب دعوى صادقة أو كاذبة ، وكان هدفه واضحاً، وهو استمالة قلوب أكبر عدد من الشعب ، بعيداًعن أبيه ، فلا يعود له القدرة على اختيار خليفته ، لأنه كان من المؤكد أن يؤيد رجال البلاط - بتأثير بثشبع - استخلاف سليمان على العرش . وبذلك التملق وتلك المداهنة استرق أبشالوم قلوب رجـال إسرائيل ( 15 : 6 ) .


ولا ندري بالتحديد كم من الزمن مضى بين عودته من جشور وتمرده على أبيه . بعض الدارسين يرى أن الأصح أن نقرأ ( 2 صم 15 : 7 ) على أنها أربع سنوات كما جاءت في النسخ السريانية والسبعينية وليست أربعين سنة . وسواء أكانت أربع أو أربعين ، فقد سمح له الملك بزيارة حبرون العاصمة القديمة ، مدعياًأنه ذاهب ليوفي نذراًقطعه على نفسه عندما كان في جشور ، إن عاد إلى أورشليم سالماً، فانطلق إلى أورشليم ومعه مئتا رجل . وقبل العيد أرسل جواسيس إلى جميع أسباط إسرائيل لإثارة السخط ، واجتمع الشعب تحت لواء أبشالوم في حبرون . وفد استجابت أعداد كبيرة للنداء ، وكان من بينهم أخيتوفل أح مشيري داود وأكثرهم دهاء ( 15 : 7 الخ ) .


وسرعان ما وصلت أخبار المؤامرة في حبرون إلى داود فخاف وأسرع بمغادرة أورشليم وهرب في حماية حرسه الخاص الموالي له إلى جلعاد في شرق الأردن . واستقبل استقبالاًطيباًفي محنايم التي مكث فيها إلى أن مات ابنه المتمرد . وأراد صادوق وأبياثار الكاهنان أن يرافقاداود في محنته ، وأخذا تابوت عهد الله من أورشليم ( 15 : 24 ) ، ولكن داود أمر الكهنة واللاويين بإعادة التابوت إلى مكانه وأن يظلوا في حراسته . وكانت هذه خطة حكيمة ، لأن وجود رئيسي الكهنة في أورشليم ساعد داود على متابعة الأخبار بواسطة ابنيهما وبعض النسـوة ( 17 : 17 - 20 ) ، كما أعاد داود حوشاي الأركي إلى أورشليم ، فأظهر ولاء كاذباًلأبشالوم الذي كان قد دخل أورشليم واستولى على الحكم ( 15 : 32 - 37 ) . وقد قام حوشاي والكهنة وبعض الأشخاص القلائل بدورهم خير قيام ، فأبطلا مشورة أخيتوفل الذي أراد أن يفاجئ داود وهو متعب ومرتخي اليدين ( 17 : 1 - 14 ) كما ظل الجواسيس على اتصال مستمر بداود لاطلاعه على خطط أبشالوم ( 17 : 15 - 21 ) وكان تواني أبشالوم هو السبب في القضاء عليه ، فلو أنه نفذ مشورة أخيتوفل لكانت في ذلك هزيمة جيش أبيه من البداية .

وعندما وصلت أخيراً قوات أبشالوم بقيادة عماسا إلى جلعاد ، كانت الفرصة قد أتيحت لداود لتنظيم جيشه ، فقسمه إلى ثلاثة أقسام تحت قيادة قواد محنكين هو يوآب وابيشاي وإتاي ( 18 : 21 ) ونشبت معركة كبيرة في وعر أفرايم ، وقضي فيها على القوات المتمردة وقتل ما لا يقل عن عشرين ألفاً، كما زاد الذين أكلهم الوعر من جيش أبشالوم عن الذين أكلهم السيف في ذلك اليوم ( 18 : 7 و 8 ) ، وكان من بين أولئك أبشالوم نفسه إذ كان راكباًعلى بغل فدخل تحت أغصان البطمة العظيمة الملتفة ، فعلق بين السماء والأرض والبغل الذي تحته مر ( 18 : 9 ) ، فرآه رجل على هذه الصورة فجرى وأخبر يوآب ، الذي لم يتردد لحظة - رغم كل توصيات داود - بل أخذ ثلاثة سهام بيده وأنشبها في قلب أبشالوم ، وأحاط به عشرة غلمان من رجال يوآب وضربوا أبشالوم وأماتوه ( 18 : 15 ) ثم طرحوه في الجب العظيم بالقرب من المكان الذي قتل فيه وأقاموا عليه رجمة عظيمة جداً من الحجارة ( 18 : 17 ) حسب العادة المألوفة في تحقير المتمردين وكبار المجرمين ( يش 7 : 26 ، 8 : 29 ) .


وكان موت أبشالوم مصدر حزن عميق لأبيه الشيخ المحب الذي نسي وقار الملك وهو يبكي ابنه بعواطفه الأبوية . وكانت مرثاته لابنه عند باب محنايم مرثاة بليغة - رغم إيجازها - تعبر في لغة رقيقة عن مشاعر الآباء من نحو أولادهم في كل الأجيال ( 2 صم 18 : 33 ) .

لا نعرف سوى القليل عن حياة أبشالوم العائلية ، ولكننا نقرأ في ( 2 صم 14 : 27 ) إنه ولد له ثلاثة بنين وبنت واحدة اسمها ثامار ، ونفهم من ( 2 صم 18 : 18 ) أن أبناءه قد ماتوا صغاراًقبل ذلك .


قبر أبشالوم :
لما لم يكن لأبشالوم ابن يحفظ اسمه ، أقام لنفسه وهو حي النصب ( العمود ) الذي في وادي الملك الذي يقول عنه يوسيفوس إنه كان يبعد عن أورشليم بغلوتين . ولا نعلم على وجه اليقين شيئاًعن هذا النصب ولكن يوجد بين القبور الكثيرة الموجودة على الجانب الشرقي لوادي قدرون ، قبر يدعى قبر أبشالوم ، ولكن هذه القطعة الفخمة من فن المعمار ، بقبتها الرائعة وأعمدتها الإغريقية الجميلة ، لابد أنها ترجع إلى عصر أحدث كثيراً، ولعلها ليست أقدم من العصر الروماني .
 
أعلى